الرئيس الامريكي باراك اوباما في تصريح له عقب قمة عقدت في البيت الأبيض الأميركي حول «مكافحة التطرف العنيف»، اختتم فعالياتها بخطاب شدد من خلاله على إيمانه المعلن بأن «الحرب التي تخوضها الولايات المتحدة راهنا ليست ضد الإسلام، بل ضد أناس أقدموا على تحريف الإسلام».، حيث رفض ربط ماتقوم به داعش بالاسلام وتحميله وزر جرائمها، لانهم مهما بلغت اعدادهم او اعداد المتعاطفين معهم، فانهم يشكلون اقلية قليلة جدا في المحيط الاسلامي الكبير والواسع.
مثل اوباما من فاعليات سياسية او ثقافية في الغرب، ينهجون هذا النهج، ومثلهم ايضا من نفس الفاعليات المسلمة في جميع جهات الارض الاربع.
الجمهوريون في امريكا، ومثلهم فاعليات سياسية وفكرية اخرى، وايضا عدد من المسلمين، لهم رأي اخر في ماتقوم به داعش، فهؤلاء يحمّلون الاسلام وزر تلك الجرائم، وجرائم اخرى لجماعات مماثلة كالقاعدة او النصرة، ويعتبرون ان الاسلام يحض اتباعه على التطرف والعنف.
ربما مايمثل وجهة النظر تلك هو ما خرجت به صحيفة «ذي آتلانتيك» في مقالة غلاف كتبها غرايم وود. ومن خلال مقابلات أجريت مع عدد من مناصري تنظيم داعش وغيرهم من المتعاطفين معه، أرسى وود دعائم قصته حيال «لماذا ينبغي علينا التعامل مع النظرة الدينية العالمية لمن يصفون أنفسهم بـ(الجهاديين) بمنتهى الجدية؟».
وود يقول صراحة: «الحقيقة أن تنظيم داعش تنظيم إسلامي. بل إسلامي للغاية»، ويتابع مجادلا: «صحيح أن التنظيم استقطب جماعات العصابيين والمرضى النفسيين والباحثين عن المغامرات وجمهرة من الساخطين على الأوضاع العامة في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا، كل هذا صحيح، لكن «الخطاب الديني» الذي يستخدمه غلاة دعاة التنظيم يستقي مصطلحاته وتعابيره من تفاسير متماسكة بل وعلمائية للإسلام».
يرى كثيرون من النقاد، أن الإفراط في التركيز على «النسخة الداعشية» من الإسلام يحجب عددا من الحقائق المهمة الأخرى حول الإسلام و«الجهاد» والجماعات التي تدّعي الانتساب إليه. أحد هؤلاء النقاد شادي حامد، الباحث لدى معهد بروكينغز في واشنطن، الذي قال ضمن سلسلة من التعليقات الجديرة بالتمعن والتأمل إن المقالة أخذت الدوافع الدينية لـ«داعش» بجدية «مبالغ فيها» مقابل تجاهلها أو تحديها الطرق الكثيرة التي تناسى بها منظرو التنظيم أو تحدوا تقاليد الفكر الإسلامي عبر تاريخه. وهذا ما أكد عليه أيضا روس دوثات من صحيفة «نيويورك تايمز».
في المقابل، يرى آخرون أن وود تقبل من دون تردد النظرة العالمية لأتباع «داعش». من هؤلاء هارون مغول الذي كتب في مجلة «صالون» قائلا: «على الرغم من أن خطاب (داعش) الدعوي يحوي جملة مقتطفات ومقتطعات من الدين الإسلامي، فإن علاقته بالإسلام ليست أكثر من علاقة فرانكشتاين بالإنسانية، أو الغيلان الموتى بالأحياء من البشر».
وفي هذا الإطار أدلى فريد زكريا، في صحيفة «واشنطن بوست» بدلوه قائلا: أن السؤال الحقيقي هو: لماذا برزت هذه الآيديولوجية في هذا التوقيت تحديدا؟ ولماذا تحمل ذلك القدر من الجاذبية لمجموعة ما – في واقع الأمر، هي مجموعة صغيرة جدا – من المسلمين الذكور؟».
الاجابة حول ذلك السؤال هي ربما في تقدير الحجم الحقيقي لتحديات الحاضر، ومنها:
- الأنظمة السلطوية العربية التي أنتجت «التطرف الإسلامي».
- كوارث السياسات الخارجية الغربية والتي في جزء منها منحت جرعات من الغذاء الحيوي للمتطرفين.
- العوائق الكثيرة التي ما زالت تعترض سبل التنمية والإصلاح السياسي في منطقة الشرق الأوسط.
يؤكد أستاذ اللاهوت والفلسفة والقاضي الألماني ريشارد شرود ماذهب اليه الرئيس الامريكي واخرون كثيرون غيره تلك الحقيقة، في اجابته عن سؤال طرح عليه، وكان السؤال هو:
يلعب العنف دورا كبيرا في كل الكتب المقدسة للديانات العالمية الكبرى، كـ"الحرب ضد الكافرين" أو "الجهاد"، أو ما شابه ذلك. ما هو مدى "الطاقة العدوانية" للأديان في الوقت الحالي؟
يجيب شرودر عن ذلك بقوله:
هذا الجدل حول الدين والعنف الذي سببته هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 قصير النّفَس ويغلب عليه التعميم. ويبدو أن البعض بدأ يعتقد أن البشرية من الممكن أن تعيش في سلام بدون ديانة. ولكن كبار مجرمي القرن العشرين أمثال هتلر وستالين وماو وبول بوت لم يثبتوا شخصياتهم من خلال الديانة ولكن من خلال علوم زائفة (مثل نظرية القومية ونظرية المسار التاريخي الحتمية). كما أن العمليات الارهابية التي تقوم بها منظمة الجيش الأحمر الألماني لا تمت للديانة بصلة.
اضف تعليق