متى سينتهى كل هذا؟! ربما يكون هذا هو السؤال الوحيد الذي اخترق كل جماجم سكان المدينة القديمة في الموصل في آن واحد وهم يتلقفون آلاف المنشورات التي ألقتها عليهم القوات العراقية لحثهم على مغادرة المكان والفرار إلى معابر آمنة باتجاههم.
يسأل أحدهم.. هل يعني هذا أن الهجوم على آخر ما تبقى من مسلحي تنظيم داعش الإرهابي بات وشيكاً؟.. ربما!! وينهي دهشة السؤال بتفحص المنشورات بشكل أدق.
الأمر لا يقف عند هذا الحد، فالمنشورات طالبت أهالي الموصل بالكف عن "استخدام أي سيارة فوراً" لتفادي اعتبارهم على سبيل الخطأ من مسلحي التنظيم الإرهابي الذين يقاتلون الجنود العراقيين بشن الهجمات الانتحارية بسيارات ودراجات نارية ملغومة، وهذا يعني أن المعركة أصبحت في غاية التعقيد ومن الصعب تمييز السكان عن المسلحين.
ويأتي ذلك في الوقت الذي دخلت فيه حرب استعادة ثاني أكبر مدن العراق شهرها الثامن، وهي فترة أطول مما هو مخطط له بسبب احتماء عناصر تنظيم داعش الإرهابي بين المدنيين ومقاومتهم الهجوم بشراك خداعية وسيارات ودراجات نارية ملغومة وقناصة وقذائف المورتر.
مدنيون محاصرون
ويواجه المدنيون المحاصرون داخل مناطق الموصل وضعاً مروعاً في ظل ندرة الغذاء والماء وانقطاع الكهرباء وخدمات طبية محدودة.
ويقول شهود إن مقاتلي تنظيم داعش يزرعون ألغاما قرب أبواب المنازل في الموصل لمنع المدنيين من الرحيل.
بينما تقول منظمة (أنقذوا الأطفال) في بيان لها، "نشعر بقلق عميق من أي دعوات لمغادرة غرب الموصل لأنها ستعني أن المدنيين، وخصوصا الأطفال، في خطر كبير بأن يحاصروا وسط إطلاق النيران".
وقالت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي إن ما يصل إلى 200 ألف شخص آخرين قد يفرون من الموصل مع اقتراب القتال من المدينة القديمة.
فيما قالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في العراق ليز جراندي إن "أعداد الأشخاص الذين يتحركون حاليا كبيرة للغاية.. وستزيد صعوبة ضمان حصول المدنيين على المساعدة والحماية التي يحتاجونها".
وقال العميد علي الشريفي من قوات الشرطة الاتحادية، التي تقاتل في حي 17 تموز، إن "النزوح يعقد أيضا تقدم القوات العراقية".
وأضاف أن القوات لم تكن تتوقع تدفق آلاف الأسر الهاربة باتجاهها فقللت الاشتباكات لتتيح لهذه الأسر ممرات آمنة وأعدت مئات الشاحنات لإجلائهم ووصف الوضع بأنه ليس سهلاً.
وفر ما يقرب من 700 ألف شخص من الموصل منذ بدء حملة استعادة المدينة في شهر أكتوبر تشرين الأول وسعوا للحصول على مأوى لدى أصدقاء أو أقارب أو في مخيمات.
داعش محاصر أيضاً!
ويخفف وطأة ما يمر به أهالي الموصل من مآسي، هو أن المساحة التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش الإرهابي في الموصل تقلصت إلى 12 كيلومترا مربعاً فقط، وهذا يعني أن المعركة بدأت تقترب من نهاياتها، وأن خلاص الأهالي بات قريباً.
وفقد التنظيم الإرهابي المتشدد أجزاء كبيرة جداً من مناطقه ولم يتبق له إلا عدد قليل من الأحياء في النصف الغربي من الموصل بما في ذلك المدينة القديمة التي من المتوقع أن يجعلها التنظيم آخر نقطة مقاومة له، لكن لا يزال محاصر تماماً وتم تدمير الكثير من موارده.
كما يقول قادة عسكريون إن "العدو على وشك الهزيمة التامة" في الموصل، بعد أن حققت القوات العراقية مكاسب سريعة منذ فتح جبهة جديدة في شمال غرب الموصل هذا الشهر واقتربت من المدينة القديمة.
غير أن ما يعيق حركة القوات العراقية والقضاء على التنظيم الإرهابي سريعاً هو أن المدينة القديمة مكتظة بالمنازل والأزقة وهي أكثر ساحات المعركة تعقيداً وتضم جامع النوري الكبير الذي أعلن من على منبره أبو بكر البغدادي ما يعرف بـ "دولة الخلافة" في أجزاء من العراق وسوريا عام 2014.
ويرافق هذا التعقيد تطمينات القيادات العسكرية بأن القضاء على تنظيم داعش الإرهابي "ما هي إلا مسألة وقت ووقت قريب جداً و سيعلن تحرير وتطهير الساحل الأيمن ونرفع العلم العراقي في سماء... مدينة الموصل القديمة"، وفقاً للمتحدث باسم الجيش العراقي العميد يحيى رسول.
ويحاول عناصر تنظيم الدولة الاسلامية الهرب من الموت او الاعتقال الذي ينتظرهم بعد دخول القوات العراقية الى مناطقهم، عبر الاختباء بين المدنيين الفارين الذين يتواصل تدفقهم دون توقف. وتجد السلطات الامنية أحيانا صعوبات في التدقيق الامني بسبب هذا العدد الكبير.
ويقول جندي "تركَت أمس امرأة كيسا بلاستيكيا في الشارع. عندما فتشناه، وجدنا فيه ملابس لداعش ومسدسا وسكينا". ويتابع "ربما لم تكن امرأة".
الحشد الشعبي والسيطرة على القيروان
وفي غضون ذلك وبينما تؤدي القوات العراقية دورها، نحجت القوات الحشد الشعبي، المرتبطة رسمياً بالقائد العام للقوات المسلحة، باستعادة "بلدة القيروان" القريبة من الحدود السورية بعد معركة دامت سبع ساعات فقط لتحرير مركزها.
وقال الحشد الشعبي في بيان رسمي إن "العلم العراقي فوق مبانيها" في إشارة إلى تحرير البلدة بالكامل التي تبعد 95 كيلومترا غربي الموصل.، وسبق وأن تقدمت قوات الحشد الشعبي من خمسة محاور باتجاه تحرير القرى قبل ناحية القيروان.
اضف تعليق