ليون آرون باحث مقيم ومدير الدراسات الروسية في معهد امريكان انتربرايز
الناشر: معهد امريكان انتربرايز/ترجمة: هبه عباس
عرض وتحليل: حمد جاسم محمد الخزرجي
نشر معهد امريكان انتربرايز الامريكي في الثلاثين من حزيران –يونيو الماضي مقالا لافتا للكاتب (ليون آرون) مدير الدراسات الروسية في المعهد ذكر في نصه "نعلم الان ان الانتحاريين الذين هاجموا مطار اتاتورك في مدينة اسطنبول وتسببوا بقتل ٤٣ شخص وجرح ما لايقل عن ٢٣٩ شخص، جاءوا من روسيا والاتحاد السوفيتي السابق. وهذا ليس مفاجئا"، فما اسماه الكاتب بالجهاد الروسي "أصبح أكثر قوة منذ عقد تقريباً، اذ أصبح المواطنون الروس ومواطنو بلدان الاتحاد السوفيتي السابق أكثر اهتماماً بالإرهاب الاسلامي الدولي. وقد تحول مركز ثقل المتشددين الاسلاميين الى قلب المناطق الحضرية الروسية الاوروبية، وبدأوا بتجنيد وتهميش أكبر الاقليات المسلمة في روسيا كالتتار والباشكير (الذين يبلغ عددهم حوالي ٨ مليون شخص) فضلا على ٦ مليون ونصف من المهاجرين من اسيا الوسطى واذربيجان التي تعد من أكبر المدن الروسية، وتم تجنيد العديد من مقاتلي "داعش" ان لم يكن اغلبهم عندما كانوا يعملون (بصورة غير قانونية) في روسيا.
ويضيف "يواجه نظام بوتين مشكلة تلوح بالأفق، الا وهي عودة الارهابيين الاسلاميين الناطقين بالروسية الى روسيا امثال "احمد شاتييف" العقل المدبر للهجوم الارهابي على مطار اتاتورك في العاصمة التركية اسطنبول، وزعيم الحرب الشيشاني الذي أنظم الى صفوف "داعش" وتحت إمرته أكثر من ١٠٠مسلح، وتمت معاقبته من قبل الامم المتحدة بسبب قيامه بتدريب واعادة مسلحين ناطقين باللغة الروسية من سوريا والعراق الى روسيا بهدف انشاء خلايا تابعة للتنظيم المتطرف والقيام بإعمال ارهابية. وهنا عدد من الحالات في هذا الاتجاه:
- يبلغ عدد السجناء الروس في سجن غوانتانامو حوالي ٩ اشخاص اي أكثر من عدد سجناء اي دولة اوروبية ما عدا بريطانيا التي يبلغ عدد السجناء التابعين لها ٩ اشخاص ايضاً.
- قائد طالبان الاول والشخص الوحيد الذي تم الحكم عليه في المحكمة الاتحادية الامريكية بالسجن مدى الحياة هو مواطن روسي.
- بوصول عدد مقاتليها مع "داعش" الى ٢٤٠٠ شخص، تجاوزت روسيا المملكة العربية السعودية وتونس بعدد الاشخاص الذين التحقوا بصفوف الجماعات المتطرفة، اذ اصبحت على رأس الموردين الاربعة الاوروبيين لجنود " داعش" ومنهم فرنسا بحوالي ١٨٠٠ مقاتل والمملكة المتحدة والمانيا ٧٦٠ مفاتل لكل منهما وبلجيكا بحوالي ٤٧٠ مقاتل.
- يبلغ عدد الجهاديين الناطقين باللغة الروسية حوالي ٥٠٠٠-٧٠٠٠ شخص، يشكلون ثاني أكبر مجموعة من الاجانب بعد الناطقين باللغة العربية من المغرب العربي والشرق الأوسط، كما وجدت الكثير من الكتابات باللغة الروسية في مدينة داريا السورية. ولهذا فأن نقطة ضعف روسيا هي الدول الفقيرة اليائسة التي تعاني من الفساد في اسيا الوسطى مثل طاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان المعرضة بشكل متزايد للأصولية المتشددة. وهي على وشك ان تصبح الدولة الاوروبية ذات الأغلبية المسلمة الأكبر خارج تركيا وأحد جبهات القتال الرئيسة مع الحركات الاسلامية المتشددة".
نظرة تحليلية
يحاول الكاتب إن يربط بين المجموعات الجهادية الإرهابية وبين الدولة الروسية، إذ يستشهد بان من فجر مطار أتاتورك في تركيا هم من مواطني روسيا، وهنا يعطي إيحاء بان روسيا أصبحت من ممولي الإرهاب العالمي، وهو يحاول إن يخفي حقيقة وهي إن روسيا نفسها تضررت من الإرهاب قبل أحداث الربيع العربي وسيطرة داعش على أجزاء من سوريا والعراق، مع العلم إن روسيا ساعدت على سفر الإرهابيين من أراضيها إلى الشرق الأوسط للتخلص منهم، كما إن اتهام الكاتب بان مسلمي روسيا أكثر اهتماما بالإرهاب الدولي هو الأخر لم يستند إلى حقيقة، فقد جاء الإرهابيون من بلدان تعد قبلة الديمقراطية في العالم مثل أمريكا وفرنسا وانكلترا وبلجيكا، لهذا فان الكاتب يحاول الابتعاد عن حقيقة إن اغلب دول العالم بدأت بالتخلص من ما لديها من مجاميع متطرفة بإرسالهم خارج أراضيها.
كذلك يؤكد الكاتب أن روسيا ونظامها السياسي يواجهان أزمة ومشكلة تلوح بالأفق، إلا وهي عودة الإرهابيين الإسلاميين الناطقين بالروسية إلى روسيا أمثال "احمد شاتييف" العقل المدبر للهجوم الإرهابي على مطار أتاتورك في العاصمة التركية اسطنبول، وهنا فان الكاتب يبتعد عن حقيقة إن روسيا واجهت وتواجه حركة من شعوب إسلامية تطالب بحقوقها، فقد خاض الشيشان ثلاث حروب مع روسيا من اجل الحصول على الاستقلال، لهذا فان تحذير الكاتب من عودة المسلحين إلى روسيا هو محاولة رمي اللوم عليها، واعتبار إن الأوضاع السياسية فيها والمعاملة مع الأقليات فيها هي سبب الإرهاب الدولي، مع العلم إن وكالات المخابرات الأمريكية والدعم المالي السعودي هو من جلب المسلحين من روسيا وجمهوريات أسيا الوسطى إلى الشرق الأوسط.
كذلك يحاول الكاتب عقد مقارنة بعدد المسجونين في غوانتنامو، لكون روسيا تمتلك أكبر عدد من المحتجزين مقارنة بالدول الأوربية الأخرى، هنا مرة أخرى يحاول الكاتب لفت انتباه القاري إلى إن روسيا داعمة للإرهاب الدولي، مع العلم إن اغلب المحتجزين في غوانتنامو هم القاعدة ومن الذين عملوا في أفغانستان، وهم يعملون ضد مصالح أمريكا.
ويذكر الكاتب أيضا إن أعداد الروس مع داعش بلغ 2400 وهو عدد يفوق السعوديين والتونسيين، وهنا يحاول وبالأرقام اعتبار روسيا هي السبب في نشأة داعش في المنطقة، كتجاهل لحقيقة إن الدعم السعودي البشري والمادي يفوق كل التوقعات، كما إن عدد أنصار داعش في السعودية والمؤيدين لها أكثر بكثير من مما ذكره الكاتب، كما إن الكاتب لم يبين عدد الأمريكان العاملين مع داعش أو المؤيدين لها، وهذا يظهر حقيقة السياسة الأمريكية التي تحاول خلق الأعداء وتقويتهم، ثم تقوم بمحاربتهم، وتحاول ضرب دول واتهامها بأنها داعمة للإرهاب.
إن الكاتب حاول إن يعطي إيحاءات من إن جبهات القتال القادمة ستكون في روسيا وتركيا، من خلال المجموعات المسلحة والمتشددة فيهما، وهو إعطاء مبرر لأي عمليات إرهابية في روسيا قد تقوم بها المخابرات الأمريكية على أنها من صنع المتشددين الروس، كذلك محاولة ضرب العلاقات الروسية مع دول جوارها مثل تركيا من خلال التركيز على العمليات الإرهابية التي نفذها إرهابيون من جنسيات روسية.
اضف تعليق