ليو سندرويكز، الاندبندنت البريطانية
ترجمة حجي الحائري، مؤسسة الحكمة الشيعية
لماذا أصبحت بلجيكا مرتعا للإسلام الراديكالي، هناك العديد من الأسباب، بعض الإجابات قد تكمن في زرع الدعاة السلفيين السعوديين في البلاد منذ ستينات القرن الماضي.
حرصا على تأمين عقود النفط، قدم ملك بلجيكيا بودوان عرضا لملك السعودية فيصل، الذي كان قد زار بروكسل في عام ١٩٦٧ وبلجيكا كانت ستقيم مسجدا في العاصمة، وتوظف رجال الدين المدربين من الخليج.
في ذلك الوقت، كانت بلجيكا تشجع العمال المغربيين والعمال الأتراك أن يأتوا إلى البلاد كعمالة رخيصة. ان الاتفاق بين الملكين جعل من المسجد مكانا رئيسيا لعبادتهم.
بروكسل كان لديها المكان المثالي بالفعل. لقد بني البناء على الجناح الشرقي من حديقة سنكوانتاري الذي صممه المهندس المعماري البلجيكي ارنست فان هومبيك في العاصمة في عام ١٨٧٩، لكنها كانت مهجورة. أعطى اتفاق عام ١٩٦٧ المكان للسعوديين لمدة ٩٩ عاما، بدون دفع الإيجار. تم تشكيل الجناح من قبل السعوديين، وفتح في عام ١٩٧٨ باسم المسجد الكبير في بروكسل، فضلا عن كونها مقر المركز الإسلامي والثقافي في بلجيكا.
وعلى الرغم من تعامل المسجد باعتباره الصوت الرسمي للمسلمين في بلجيكا، أثرت تعاليمه السلفية المتشددة على تقاليد مختلفة جدا وعلى إسلام المهاجرين الجدد. اليوم، هناك حوالي ستمائة ألف شخص من الأصول المغربية والتركية في بلجيكا التي يبلغ عدد سكانها ١١ مليون.
إن المجتمع المغربي يأتي من المناطق الجبلية والوديان، وليس الصحراء. انهم يأتون من المذهب المالكي من الإسلام، وهم أكثر تسامحا وانفتاحا من المسلمين من مناطق أخرى مثل المملكة العربية السعودية "، كما يقول جورج داليمان عضو البرلمان البلجيكي وهو في حزب المعارضة. "والعديد منهم تم غسل أدمغتهم من قبل رجال الدين السلفية والمعلمين في الجامع الكبير. حتى أعطيت لبعض المغاربة منح للدراسة في المدينة في المملكة العربية السعودية".
يقول السيد داليمان "حاول رجال الدين السلفيين تقويض محاولات المهاجرين المغاربة على الاندماج في بلجيكا". وأضاف "نريد أن نفكر أن المملكة العربية السعودية هي حليف وصديق، ولكن حديث السعوديين دائما مزدوج، انهم يريدون التحالف مع الغرب عندما يتعلق الأمر بمحاربة الشيعة في إيران، ولكن مع ذلك لديهم أيديولوجية التعدي عندما يتعلق الأمر بدينهم في بقية العالم".
رعى السيد داليمان العديد من القرارات في البرلمان البلجيكي التي تهدف إلى تخفيف العلاقات مع المملكة العربية السعودية، والحد من نفوذ السلفيين في بلجيكا. ويقول: "لا يمكن أن يكون لنا حوار مع الدول التي تريد زعزعتنا، المشكلة هي أنه مؤخرا فقط السلطات بدأت أخيرا بفتح أعينها على ذلك."
سعى المسجد لإرسال رسالة قوية معارضة للهجمات الأخيرة، عندما أصدر محمد ندياي، واحد من أئمة المركز، بيانا في أعقاب الهجمات: "نحن نود أن نعرب عن حزننا العميق إزاء هجمات باريس. قلوبنا مع شعب باريس وعائلات الضحايا". ويكرر مسؤولون آخرون نفس الرسالة على أن الإسلام هو دين السلام وليس له اي علاقة مع إرهابيي مولينبيك بشيء.
ولكن المسجد لا يزال مصدر قلق للحكومة البلجيكية: في أغسطس، كشفت برقية ويكيليكس أن أحد موظفي السفارة السعودية في بلجيكا طرد قبل عدة سنوات لدوره الفعال في نشر بما يسمى عقيدة التطرّف التكفيري. البرقية -بين العاهل السعودي ووزير الداخلية له- أشار إلى مطلب البلجيك للمدير السعودي للمحكمة الجنائية الدولية، خالد العبري، بأنه يجب ان يغادر البلاد، معتبرا أن رسائله كانت متطرفة جدا، وأن وضعه كمدير يعني أنه لا ينبغي أن يتم وعظه على أي حال.
اضف تعليق