يبدو من المرجح العودة إلى إستراتيجية الضغوط القصوى، أي فرض عقوبات أقسى، وإنفاذها على نحو أكثر تشدداً، والعمل العسكري ضد حلفاء إيران غير الحكوميين، لكن لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الهدف الضغط على إيران حتى تتخلى عن أشياء معينة أو زعزعة النظام بحد ذاته. في...
مع رؤية تقلُّص نفوذ إيران، يرغب الصقور بتوجيه ضربة حاسمة إليها، لكن المفاوضات ستكون خياراً أفضل. في هذا المقتطف من قائمة التطورات الجديرة بالمراقبة لعام 2025، تُبيِّن مجموعة الأزمات ما يمكن للاتحاد الأوروبي فعله لإبقاء الحوار على المسار الصحيح في سيناريوهات مختلفة.
لقد دفعت أحداث نصف السنة الماضية إيران إلى موقع دفاعي؛ إذ ضربت إسرائيل شركاء الجمهورية الإسلامية غير الحكوميين، حزب الله وحماس، وألحقت الضرر بدفاعات إيران نفسها؛ وبسقوط نظام الأسد في سوريا، فقدت طهران حليفاً وثيقاً. لا يزال مستوى الاستياء مرتفعاً داخلياً ويمكن أن يفضي إلى احتجاجات جماهيرية. لا تزال إيران تمتلك آلاف الصواريخ البالستية التي يمكن أن تصل إلى أماكن في جميع أنحاء المنطقة، وحلفاء غير حكوميين أقوياء في اليمن والعراق، وبرنامجها النووي الذي بات أكثر تقدماً من أي وقت مضى، كما وثَّقت علاقاتها بروسيا والصين. لكن بشكل عام، باتت الجمهورية الإسلامية أكثر انكشافاً من أي وقت مضى على مدى العقود الماضية.
السؤال الكبير يتعلق بما ستفعله الإدارة الأميركية الجديدة. يصطدم اعتقاد متشددي الإدارة حيال إيران بأن الوقت مناسب الآن للتعامل مع البرنامج النووي الإيراني، أو حتى النظام نفسه، مع تصميم الرئيس دونالد ترامب على ألَّا يُجرَّ إلى حرب شرق أوسطية أخرى. ولذلك يبدو من المرجح العودة إلى إستراتيجية “الضغوط القصوى“، أي فرض عقوبات أقسى، وإنفاذها على نحو أكثر تشدداً، والعمل العسكري ضد حلفاء إيران غير الحكوميين، لكن لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الهدف الضغط على إيران حتى تتخلى عن أشياء معينة أو زعزعة النظام بحد ذاته. في الوقت نفسه، يبدو ترامب منفتحاً على احتمال التوصل إلى اتفاق مع الجمهورية الإسلامية - أو على الأقل لم يستبعد ذلك – بينما تشير طهران أيضاً إلى اهتمامها بالحوار الدبلوماسي. يوفر ذلك فرصة للقوى الغربية لاختبار استعداد إيران لتقديم تنازلات، ليس على الجبهة النووية فحسب، بل طبقاً لأجندة موسَّعة تشمل نقل الأسلحة إلى روسيا وخفض التصعيد الإقليمي.
لقد تردَّت علاقات أوروبا بإيران إلى مستوى منخفض. ويتمثل سبب ذلك الرئيسي، لكن ليس الوحيد، في دعم طهران للمجهود الحربي الروسي في أوكرانيا. لكن الدبلوماسيين الأوروبيين يتواصلون مع نظرائهم الإيرانيين، ولدى أوروبا الكثير مما تخسره من حدوث تصعيد في الشرق الأوسط وانهيار الدبلوماسية النووية. ولذلك ينبغي على الاتحاد الأوروبي، والدول الأعضاء فيه، والمملكة المتحدة، وفرنسا وألمانيا (المعروفة في الدبلوماسية المتعلقة بإيران بمجموعة الثلاث) أن تفعل ما يلي:
- استعمال قنواتها مع طهران وواشنطن على حد سواء لوضع الخطوط العريضة للمفاوضات حول القضايا النووية وغير النووية، وفي الوقت نفسه التعبير عن استعدادها “لإعادة فرض العقوبات” بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231، الذي رفع العقوبات متعددة الأطراف في عام 2015 عن إيران مقابل وضع قيود على برنامجها النووي، أو فرض عقوبات محددة إضافية، إذا لم تنخرط الجمهورية الإسلامية على نحو حقيقي في مثل تلك المفاوضات؛
- إذا تحركت الإدارة الأميركية الجديدة نحو فرض عقوبات أكثر عدوانية، وإنفاذ العقوبات وفرض ضغوط عسكرية على إيران، تشجيعها على ربط تلك الإستراتيجية بأهداف واقعية محددة؛
- البناء على انخراطها مع دول مجلس التعاون الخليجي، بما في ذلك من خلال الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي لمنطقة الخليج، لدعم التعاون المتزايد بين إيران وجيرانها لخفض مخاطر التصعيد في تلك المنطقة الفرعية.
ضعف إيران الإقليمي والرهانات النووية المرتفعة
لقد دفعت الشهور القليلة الماضية إيران إلى اتخاذ موقف دفاعي، إذ تقلصت قدرتها على فرض قوتها وردع خصومها على نحو حاد في جميع أنحاء الشرق الأوسط. لقد أدت حملة إسرائيل ضد حزب الله، الحليف غير الحكومي الرئيسي لإيران، إلى مقتل القيادات العليا للحزب اللبناني المتشدد وعدد كبير من أفراده. لا تزال حماس قوة في قطاع غزة، لكن جزءاً كبيراً من أصولها العسكرية دُمِّر. يحرم إسقاط المتمردين السوريين لنظام الأسد طهران من دولة حليفة ومَمرٍ لنقل الأسلحة إلى حزب الله. كما ألحقت التبادلات العسكرية المباشرة مع إسرائيل، أولاً في نيسان/أبريل 2024 ومن ثم في تشرين الأول/أكتوبر، عندما شنَّت إسرائيل ضربات جوية رئيسية، ضرراً بـأنظمة الدفاع الجوي الإيراني نفسها وأنظمة إنتاج الأسلحة. لقد بات “محور المقاومة” التابع لإيران، والتي رأت فيه رادعاً ضد الضربات الإسرائيلية أو الأميركية على الجمهورية الإسلامية نفسها، مدمَّراً حالياً، وباتت طهران في أكثر حالاتها هشاشة منذ بعض الوقت.
لكن إيران ليست عديمة القوة. فهي تحتفظ بآلاف الصواريخ (على الأقل اخترقت بعض صلياتها التي أُطلقت على إسرائيل في نيسان/أبريل وتشرين الأول/أكتوبر الدفاعات الإسرائيلية). وما يزال الحوثيون في اليمن قوة يُعتدُّ بها، تُعطِّل الشحن في البحر الأحمر وتنتزع الرسوم من شركات الشحن مقابل المرور الآمن. وما تزال الميليشيات الحليفة لإيران في العراق صاحبة نفوذ. لقد عززت إيران علاقاتها مع الصين وروسيا، بما في ذلك من خلال معاهدة شراكة وُقِّعت أخيراً مع موسكو، وأصلحت علاقاتها مع الأنظمة الملكية العربية في الخليج، وعلى نحو خاص السعودية والإمارات العربية المتحدة.
إضافة إلى ذلك، فإن برنامج إيران النووي يزداد قوة. في عام 2022 انهارت الدبلوماسية متعددة الأطراف حول تقليص قدرات التخصيب وتعزيز الشفافية استناداً إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، أو الاتفاق النووي الإيراني، لعام 2015. عرضت طهران ظاهرياً اتخاذ خطوات أصغر لاحتواء قدرتها على التخصيب، لكن ذلك لم يحقق شيئاً. وتستمر في مراكمة مخزون من اليورانيوم المخصب، وتخفيض الوقت اللازم لتجميع مادة انشطارية تكفي لصناعة سلاح نووي إلى الصفر عملياً، رغم أن تجميع سلاح ووضعه على منظومة توصله إلى هدفه يمكن أن يستغرق بضعة أشهر أخرى.
تخضع الكيفية التي ينبغي أن يردَّ فيها النظام على الخسائر التي تلقاها على مدى العام الماضي والضغوط المحلية إلى مناظرة مكثفة داخل منظومة حكمه. تُقدِّم حكومة الرئيس مسعود بازشكيان نفسها على أنها إصلاحية، لكنها تواجه تحديات تطلق تحولات رئيسية في السياسات من شأنها أن تهدئ الإيرانيين الساخطين. لا يرغب المحافظون الذين يهيمنون على البرلمان ويحتفظون بصلاحية الإشراف على هيئات الحكم غير المنتخبة تقديم تنازلات بشأن القيود الثقافية التي يعدُّونها في جوهر الأخلاق الثورية للنظام، ولا سيما فيما يتعلق بحقوق المرأة. يؤدي الفساد وسوء الإدارة إلى خنق اقتصاد أنهكته العقوبات الأميركية، في الوقت الذي أبرزت فيه الأضرار التي لحقت بـشركائها في “محور المقاومة” التكاليف المرتفعة التي فُرضت على طهران بسبب رؤيتها الإقليمية التي أُفرغت من محتواها.
يُعبِّر بعض المسؤولين داخل فريق بازشكيان، الذين يدركون أن المسار الذي تتخذه البلاد غير مستدام، عن اهتمامهم بالانخراط في حوار مع العواصم الغربية ويبدو أنهم يحظون بمباركة القائد الأعلى على القيام بمثل تلك الدبلوماسية إذا أتيحت الفرصة. رغم التقدم النووي الذي تحققه إيران، يبدو القائد الأعلى حتى الآن متمسكاً بالأمل بأن يشكل برنامج إيران النووي طريقة للوصول إلى رفع العقوبات المفروضة من العواصم الغربية، ويفضل عدم السعي للحصول على قنبلة نووية. كما أنه قد يخشى أيضاً من أنه إذا اندفعت إيران للحصول على سلاح نووي، فإن الاستخبارات الإسرائيلية أو الأميركية ستكشف هذا المجهود وتتخذ عملاً عسكرياً ضد المنشآت النووية الإيرانية أو ضد النظام نفسه. على وجه الإجمال، بالنسبة للمعسكر الأكثر اعتدالاً في إيران، فإن علاقات إيران الأعمق مع القوى غير الغربية قيِّمة، لكنها لا تمثل بديلاً للمزايا الاقتصادية التي يحققها تحسين العلاقات مع الغرب، ولا سيما أن العائدات من الصين وروسيا لم تتطابق دائماً مع التوقعات المرتفعة.
رغم ذلك، فإن كثيراً من الأشخاص داخل المنظومة الحاكمة يجادلون ضد المساومة، سواء مع الغرب أو مع المنتقدين المحليين؛ وتعلو الدعوات المطالبة بأن تطوِّر إيران أسلحة نووية. إن المحافظة على الالتزام العقائدي المتشدد بالقيم الثورية، بدلاً من اعتناق أفكار الإصلاح الاجتماعي والسياسي والانفراج الدولي، يُعدُّ مبدأً راسخاً للمتشددين. بالنسبة لهم، فإن الحصول على سلاح نووي يعد طريقة جذابة على نحو متزايد لإعادة بناء الردع بعد الضربات التي تعرضت لها إيران. كما يعتقدون أن إستراتيجية إيران الدبلوماسية والاقتصادية بعيدة المدى ينبغي أن تتخلى عن أوروبا والولايات المتحدة، وأن تركز بدلاً من ذلك على المزيد من تحسين العلاقات مع القوى غير الغربية.
إن التوجه الذي ستتبناه إدارة ترامب غير واضح. من المؤكد أن البعض داخل الحلقة المحيطة به – وبعض القادة الإسرائيليين – يرون في ضعف إيران فرصة لتوجيه ضربة حاسمة إلى برنامج إيران النووي أو حتى للنظام نفسه. قد تنطوي مثل تلك الضربة على غارات جوية على المنشآت النووية الإيرانية المخبأة عميقاً في الجبال (والتي لا تستطيع إسرائيل القيام بها دون قنابل أميركية ثقيلة) أو جهود لزعزعة استقرار الجمهورية الإسلامية.
من شبه المؤكد أن تدفع مثل تلك الجهود طهران، التي سترى فيها خطراً وجودياً، إلى الرد بما تملكه سواء كان صليات صاروخية تستهدف إسرائيل، أو مزيد من الهجمات من قبل الحوثيين والميليشيات العاملة في العراق أو حتى ضربات جوية لمنشآت النفط الخليجية، التي يمكن أن تشنها، رغم تحسن علاقات طهران بالأنظمة الملكية في الخليج، كملاذ أخير، والتي يمكن أن تسبب ارتفاعاً كبيراً في أسعار النفط العالمية. قادة دول الخليج العربية، الذين دعموا إستراتيجية “الضغوط القصوى” المرة الماضية، يحذرون منها هذه المرة، خشية أن ينتهي الأمر بهم على خط النار.
لحسن الحظ، ليس هناك ما يشير حتى الآن إلى أن ترامب يدعم اتخاذ عمل عسكري مباشر ضد إيران ما لم تكشف المعلومات الاستخبارية أنها تتحرك فعلاً للحصول على سلاح نووي. الأمر الأكثر ترجيحاً هو تقوية “الضغوط القصوى” – وتشديد العقوبات وربما عمل عسكري ما ضد حلفاء إيران غير الحكوميين. ستعتمد مثل تلك المخاطر التصعيدية على مستلزماتها وعلى ماهية أهدافها. إذا كان الهدف يتمثل في الضغط على إيران لتقديم تنازلات تتجاوز ما يستطيع قادتها تقديمه، مثل وقف تخصيب اليورانيوم كلياً، فإن ذلك أيضاً يمكن أن يخاطر بدفع إيران إلى الرد، لا سيما وأن طهران سترغب بتجنب أن يُنظَر إليها على أنها أضعف مما هي عليه.
الأفضل هو اختبار الدبلوماسية أولاً، حتى لو تطلَّب الأمر التهديد بزيادة الضغط إذا أخفقت. يبدو البعض على الأقل داخل حلقة ترامب منفتحاً على مثل هذه المقاربة. بالنظر إلى ضعفها، قد تكون طهران مستعدة للتفكير بتقديم تنازلات لم تكن على الطاولة خلال المحادثات السابقة، بما في ذلك إمداداتها من الأسلحة لروسيا، بل حتى دعمها لحزب الله ومقاتلين متشددين آخرين، وأيضاً فرض ضوابط صارمة على برنامجها النووي. رغم نجاحات إسرائيل ضد إيران على مدى الأشهر الستة الماضية، فإن محاولة إضعاف الجمهورية الإسلامية أكثر دون اختبار الدبلوماسية أولاً على الأقل سيخاطر برد فعل وقد يغلق نافذة الدبلوماسية المفتوحة الآن.
خيارات أوروبا
خلال فترة ترامب الرئاسية الأولى، قاوم القادة الأوروبيون مقاربته الصدامية حيال إيران، وسعوا إلى تخفيف تداعيات ما رأوا فيه قراراً أميركياً غير حكيم بالانسحاب من خطة العمل الشاملة المشتركة. هذه المرة، العداء الأوروبي للجمهورية الإسلامية أكثر شراسة، بالنظر إلى تدهور العلاقات الأوروبية–الإيرانية منذ عام 2022. لا يقتصر الأمر على تحميل الحكومات الأوروبية المسؤولية لطهران عن انهيار المحادثات النووية، بل إنها غاضبة جداً أيضاً من تزويد إيران لروسيا بالمسيَّرات والصواريخ. ويعبرون عن غضبهم الشديد أيضاً من انتهاكات إيران لحقوق الإنسان داخلياً، واحتجازها لحاملي جنسيات أوروبية، ودعمها لـ “محور المقاومة” ومؤامراتها ضد معارضيها على الأراضي الأوروبية.
رغم ذلك فإن أوروبا لن تكسب الكثير من حدوث تصعيد آخر في الشرق الأوسط، ولا سيما في وقت يتسم بانعدام اليقين في المنطقة. قد يكون موقف إيران قد بات أضعف، لكنها ما تزال تمتلك أصولاً هائلة تعتمد عليها. ليس لدى الاتحاد الأوروبي والحكومات الأوروبية، بمفردها، حوافز كثيرة تقدمها لطهران. لكنها يمكن أن تمكِّن كبار دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي الضليعين في القضايا الإقليمية وأيضاً بقضايا حظر الانتشار النووي من استعمال قنوات في الولايات المتحدة وإيران لتقدير استعداد الطرفين للانخراط في الدبلوماسية. يمكن لمسؤولي الاتحاد الأوروبي العاملين مع نظراء من دول الخليج العربية، على نحو خاص، أن يختبروا ما إذا كان انفتاح طهران المعلن على تجديد الحوار صادقاً وما يمكن أن يوضع على الطاولة – سواء فيما يتعلق ببرنامج إيران النووي أو بسياستها الخارجية بشكل عام – ونقل استنتاجاتهم لواشنطن.
عقارب الساعة الدبلوماسية تدور. ستتطلع مجموعة الثلاث إلى تحقيق تقدم كبير في أي مفاوضات لعكس توسيع إيران لبرنامجها النووي بحلول منتصف العام كي تقرر ما إذا كانت ستعيد “فرض العقوبات” من خلال قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231، الذي رفع في عام 2015 العقوبات متعددة الأطراف على إيران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي. يمكن إعادة تفعيل تلك الفقرة قبل تشرين الأول/أكتوبر في حال حدوث “عدم التزام كبير” فيما يتعلق بأحكام الاتفاق، وبذلك يعاد فرض عقوبات الأمم المتحدة (بعد تشرين الأول/أكتوبر، لا تعود القوى الغربية قادرة على استعادة العقوبات دون دعم صيني وروسي). لقد هددت إيران بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي إذا أعيد فرض العقوبات، الأمر الذي سيأخذ برنامجها النووي في اتجاه غير معروف وربما وضع حد لفرض الشفافية الدولية على أنشطته.
إذا كانت إيران والولايات المتحدة مستعدتان لدخول المحادثات، ينبغي أن يكون الهدف ليس فقط تهدئة المخاوف النووية – في الحد الأدنى تخفيض التخصيب ومخزون اليورانيوم الذي اقترب من الدرجة الكافية لصنع الأسلحة، ومنح مفتشي الأمم المتحدة وصولاً أفضل إلى برنامجها – بل أيضاً دعم إيران لحزب الله، والحوثيين والمجموعات المتشددة الأخرى وإمداد روسيا بالأسلحة، على الأرجح مقابل ليس رفع العقوبات فحسب بل تعهدات أميركية بأنها لن تسعى إلى زعزعة استقرار النظام. يمكن أن تعارض إسرائيل مثل ذلك الاتفاق، لكنها ستستفيد منه. قد تبدو صفقة على هذا الأساس خيالية، لكن من غير المحتمل أن تظهر لحظة أفضل من هذه اللحظة بالنسبة للدبلوماسية في أي وقت قريب. إضافة إلى ذلك، إذا كانت الفجوة بين ما تعرضه إيران وما تَعدُّه إدارة ترامب كافياً للدخول في محادثات أوسع مما ينبغي، لن يكون هناك خسارة في المحاولة.
إذا صعَّد ترامب “الضغوط القصوى“، ينبغي أن تتركز الجهود الأوروبية على الضغط على الإدارة الأميركية كي ترى تلك الضغوط جزءاً من إستراتيجية تهدف إلى تحقيق مكاسب دبلوماسية، بدلاً من اعتبارها غاية بحد ذاتها. بعبارة أخرى، سيفعل القادة الأوروبيون ما بوسعهم لدفع واشنطن لتحديد ما تريده من إيران، وحثها على أن تكون مطالبها ضمن حدود ما هو قابل للتحقق وما يمكن أن يشكل أساساً للمفاوضات.
مهما حدث، فإن مزيداً من الانخراط الأوروبي مع دول مجلس التعاون الخليجي، الذي تبرزه القمة الأولى بين الاتحاد الأوروبي والمجلس المزمع عقدها في تشرين الأول/أكتوبر، يوفر فرصة للتعاون المفيد للجميع في الخليج. يمكن للاتحاد الأوروبي أن يساعد في تعزيز التحسن البنَّاء في علاقات طهران بالرياض وأبو ظبي على حد سواء بتقديم الدعم والخبرة التقنية للمبادرات الإقليمية في قضايا مثل التعاون البيئي، ومن ثم المساعدة في تعزيز الانتقال من التنافس إلى التقارب.
اضف تعليق