تعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية القادمة معركة مفصلية تختلط فيها الأهداف السياسية بالاجتماعية والتاريخية وغيرها. إذ يحاول كل طرف فيها امتلاك أكبر قدر من نقاط القوة، وتجنب أي أمر يضعف مركزه في الانتخابات المقبلة. ويبقى تحديد مصير التحالفات والأحزاب المختلفة على الساحة التركية متروكاً للناخب التركي...
أصدر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مرسوماً رئاسياً حدد فيه موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بتاريخ 14 مايو/أيار القادم، على أن تتلقى الهيئة العليا للانتخابات طلبات الترشح للانتخابات الرئاسية ما بين 21 و26 مارس/آذار، وتنشر القائمة المؤقتة لمرشحي الرئاسة في 30 مارس/آذار، والقائمة النهائية في 2 أبريل/نيسان.
تبعاً لذلك أعلن عدد من الأحزاب والتحالفات عن مرشحيهم، وكذلك أعلنت أحزاب أخرى انضمامها إلى تحالف الجمهور الحاكم أو تحالفات أخرى، وهو ما يشير إلى أن الحراك السياسي الانتخابي والاستقطاب الداخلي قد يتضاعف في الأيام القادمة، على اعتبار أن تركيا مقبلة على انتخابات مصيرية تُحدد فيها طريقة إدارة حكم البلاد ومسار الاقتصاد، والمصير السياسي للأحزاب المشاركة، فضلاً عن دور تركيا الخارجي.
وفي إطار المشهد الانتخابي الفريد من نوعه نتيجة التنوع الفكري الذي تتمتع به التحالفات المتنافسة التي تجاوزت كثيراً من التباينات الفكرية والأيديولوجية، سيخوض المنافسة الانتخابية تحالفان رئيسيان، هما كتلة تحالف الجمهور، التي يقودها حزب العدالة والتنمية الحاكم، وكتلة الطاولة السداسية المعارضة، بالإضافة إلى تحالفات وأحزاب أخرى أبدت رغبة في المنافسة بعيداً عن التحالفين المركزيين.
يحاول تقدير الموقف البحث في مؤشرات الربح والخسارة لهذه المكونات، بالإضافة إلى قراءة السيناريوهات المتوقعة بشأن النتائج المستقبلية للعملية الانتخابية.
أولاً: كتلة تحالف الجمهور.. مؤشرات القوة والضعف
يتألف تحالف الجمهور من حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، وحزب الاتحاد الكبير. وأُعلن في 11 مارس/آذار انضمام حزب “الهدى” الإسلامي الكردي إلى التحالف، ويدور الحديث عن مباحثات مستمرة بشأن انضمام أحزاب أخرى مثل حزب الطريق القويم وحزب اليسار الديمقراطي وحزب الوطن الأم إلى التحالف.
ويتميز تحالف الجمهور بعدد من نقاط القوة كما أن لديه نقاط ضعف، من أهمها:
1. نقاط قوة تحالف الجمهور
– شخصية أردوغان
يتمتع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بكاريزما القائد السياسي، فشخصية أردوغان حاضرة لدى مختلف أطياف المجتمع التركي، وهو ما يكسبه نقاط قوة في مواجهة منافسيه. ولعل الفئة المترددة في الانتخابات المقبلة والتي لديها تخوف من المجهول قد تتمسك بأردوغان رئيساً لها.
– منجزات الحزب الحاكم
طوال العشرين سنة الماضية حقق حزب العدالة والتنمية الحاكم العديد من المنجزات في البنية التحتية للبلاد وفي مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والأمنية والصناعات الدفاعية، كما مكن تركيا من أداء دور نشط على الساحة الإقليمية والدولية، متجاوزاً كثيراً من المشاكل والخلافات الخارجية. وكل هذا يضاف إلى رصيد تحالف الجمهور.
– سياسة الحكومة في التعامل مع تداعيات الزلزال
أظهر الحزب الحاكم قدرة على إدارة كارثة الزلزال، التي لم تشهد تركيا مثلها في العصر الحديث، حيث صرح أردوغان في أكثر من مناسبة أن حكومته تعد من أسرع الحكومات داخلياً وخارجياً في مواجهة مثل هذه الفاجعة. ويحاول أردوغان أيضاً أن يظهر تحالفه بأنه الوحيد القادر على إعادة الإعمار في المناطق المنكوبة، وهو يسعى لضمان توجه الأصوات في المناطق المنكوبة (التي تعد في أغلبها مناطق تابعة لحزب العدالة والتنمية) لصالح تحالف الجمهور.
– تغيير إدارة المعركة الانتخابية
يدخل الحزب الحاكم المعركة الانتخابية بروح مغايرة لما سبقها من أحداث انتخابية، فالخُطا التي يتعمدها خُطا حريصة على ضمان أكبر عدد من الأصوات، فقد شدد أردوغان، في خطابه بتاريخ ١١ مارس/آذار، على أنه “يجب العمل بشكل جيد خلال الانتخابات، والوصول لأكبر عدد من الناس وكسب محبتهم، وإلا فإن البلاد والشعب سيواجهان فاجعة كبيرة وسيكونان تحت وبال كبير“.
كما أن قرار التحالف إلغاء المهرجانات الكبيرة والحملات الضخمة، تقديراً للكارثة الإنسانية الكبرى التي حلت بتركيا، والاكتفاء بلقاء التشكيلات المصغرة في مختلف المحافظات، منح التحالف الانتخابي احتراماً جماهيرياً، ربما يؤثر حتى على بقية المكونات السياسية، ويدفعها إلى تقليد ذات الأسلوب الدعائي حتى لا يتعارض مع المناخ الدعائي العام.
– انسجام التحالف وتماسك قاعدته الشعبية
مقارنة بالتباينات التي ظهرت في تحالف الطاولة، يُلاحظ أن تحالف الجمهور أكثر انسجاماً منذ تأسيسه، وهو ما يساعد الناخبين على التصويت للائحة التحالف، كما تتمتع قاعدة حزب العدالة والتنمية الشعبية بالتماسك الانتخابي منذ أن وصل إلى الحكم عام 2002، وهو ما يشكل نقاط قوة للحزب للاستمرار في قيادة البلاد لمرحلة قادمة.
2. مؤشرات الضعف
– تأثير الأزمة الاقتصادية وملف اللاجئين على الحكومة التركية
يعاني الواقع التركي من مشاكل اقتصادية وانخفاض سعر صرف الليرة التركية، بالإضافة إلى أزمات ملف اللاجئين، وغير ذلك من الملفات الثقيلة التي تشكل تحدياً أمام تحالف الجمهور، وقد تنحت من أصوات الناخبين.
– التشكيلات المستحدثة للتحالف
إن اتجاه تحالف الجمهور إلى تعزيز تحالفه الانتخابي بضم أحزاب لها خلفيات مختلفة، قد يجعل من التركيبة المعقدة للتحالف نقطة ضعف. فمثلاً حزب الهدى بار، الذي أعلن انضمامه إلى تحالف الجمهور، وإن كان يحقق للتحالف ضم صوت بعض الأكراد بعيداً عن حزب الشعوب الديمقراطي الكردي (HDP) المتهم بصلاته مع حزب العمال الكردستاني (PKK)، فإنه في المقابل قد يؤثر في كسب بعض الأصوات ذات الخلفية القومية.
– طول مدة حكم العدالة والتنمية
إن وجود حزب العدالة والتنمية في سدة الحكم أكثر من 20 سنة متتالية هو مما تستثمره الطاولة السداسية، على اعتبار أن تركيا بلد ديمقراطي، وأن استمرار الحزب لهذه المدة قد لا ينسجم مع الديمقراطية التي يستند إليها الحكم في تركيا.
ثانياً: كتلة الطاولة السداسية.. مؤشرات القوة والضعف
تتكون كتلة الطاولة السداسية من حزب الشعب الجمهوري بزعامة كمال كليتشدار أوغلو، وحزب الجيد بزعامة ميرال أكشنار، وحزب السعادة بزعامة تمل كرم الله أوغلو، وحزب الديمقراطية والتقدم بزعامة علي باباجان، وحزب المستقبل بزعامة أحمد داود أوغلو، والحزب الديمقراطي بزعامة غول تكين أويصال.
ويتميز تحالف الطاولة بعدد من نقاط القوة والضعف، من أهمها:
1. مؤشرات القوة
– التنوع داخل تحالف الطاولة
إن طبيعة تحالف الطاولة والتنوع الفكري والشعبي القادر على مخاطبة شرائح مختلفة من الشعب التركي تشكل نقطة قوة له، إذ يساعد هذا التنوع (في حال استمراره دون نزاعات داخلية) على إرسال رسالة مشتركة تعبر عن أطياف مختلفة من المجتمع التركي.
– انعكاسات الفوز بنتائج انتخابات البلدية عام 2019
مثل فوز حزب الشعب الجمهوري في انتخابات البلدية (مارس/آذار 2019) في عدد من البلديات الكبرى، مثل إسطنبول وأنقرة وأزمير وأنطاكيا وأضنة، فارقاً كبيراً بالنسبة له، ومن ثم يحاول الحزب حالياً بقيادته للطاولة السداسية الاستفادة من إمكانات ذلك في التأثير الشعبي لتعزيز موقفه في الانتخابات القادمة.
2. مؤشرات الضعف
– شخصية كليتشدار أوغلو
لا يتمتع كليتشدار أوغلو (المرشح الرئاسي باسم الطاولة) بكاريزما القائد السياسي، كما أنه يعد شخصية مختلفاً عليها كثيراً، بل إنها في الوعي الانتخابي التركي شخصية لم تتمكن من النجاح في أي انتخابات أمام أردوغان وحزب “العدالة والتنمية” الحاكم، منذ ترشحه لانتخابات إسطنبول المحلية وتوليه رئاسة الحزب منذ العام 2010، سوى فوز محدود لحزبه في انتخابات البلدية عام 2019. كما أن لانتمائه العلوي أثراً في خفض حظوظ الشخص الرئاسية، وإن كان لا ينعكس ذلك على الفرص البرلمانية للتحالف.
– التناقضات الداخلية للطاولة
مثلما تمثل حالة التنوع الفكري داخل الطاولة نقطة قوة، فإنها قد تؤثر على مستقبل التحالف، نظراً لحجم الملفات التي لم تُحسم بعد، وحالة التباين بين قواعد هذه الأحزاب، نتيجة التناقضات الفكرية مثلاً بين حزب السعادة “الإسلامي” وحزبي الشعب “العلماني” والجيد “القومي”، كما أن تعيين سبعة نواب لرئيس الجمهورية (حسب خارطة طريق الطاولة) يعني أن هناك رئيس جمهورية مقيد الصلاحيات، إضافة إلى التنافس في قوائم البرلمانيات، وإن بدت متفقة بشأن مرشح الرئاسة.
– غموض البرنامج الانتخابي للطاولة
على الرغم من إعلان الطاولة خارطة الطريق المكونة من 12 بنداً، فليس هناك حتى الآن تفاصيل واضحة لهذه الخارطة، كما أن الطاولة لم تأت إلى الآن بأي برنامج اقتصادي يطمئن الناخب التركي، عدا البرنامج الاقتصادي لباباجان الذي أعلنه عن حزبه فقط، وإنما اكتفت بالتركيز على إسقاط أردوغان وإسقاط كل سياساته، سواء المتعلقة بالبنك المركزي أو النظام الرئاسي أو غير ذلك. وبعد الخلافات الحادة التي شهدها ترشيح “كليتشدار” عن الطاولة فإن عدم توحد الطاولة- في حال فوزها- على رأي واحد بشأن قضايا عديدة يبدو أمراً مطروحاً، وهو ما يثير المخاوف.
كذلك، من نقاط الضعف التي يمكن إضافتها إعلان مرشح الطاولة السداسية طلب القروض النقدية من المؤسسات الدولية، وكذلك عدم وضوح برنامج التحالف بشأن استقلالية تركيا وقضايا الأمن القومي الخاصة بها.
– التواصل مع حزب الشعوب الديمقراطي
التواصل مع حزب الشعوب الديمقراطي، وبحث إمكانية انضمامه، وإن بدا خياراً آمناً للمرشح الرئاسي، إذ يمكن أن يكسبه أصواتاً من حزب الشعوب والأحزاب الصغيرة القريبة منه، فإنه في الوقت نفسه يواجه اعتراضاً من الكتلة القومية التابعة للطاولة، وبناء عليه يمكن أن يؤثر في حال انضمامه على القاعدة الأصلية للتحالف، نظراً لتأثيرات البعد القومي والمحافظ.
ثالثاً: المرشحون الآخرون.. الحضور والتأثير
هناك عدد من التحالفات والشخصيات الحزبية التي أعلنت نيتها خوض الانتخابات والتنافس على منصب رئيس الجمهورية وعلى مقاعد البرلمان، ومن أبرز هذه الشخصيات والمكونات:
1. محرم إنجه (رئيس حزب الوطن)
نافس إنجه أردوغان في الانتخابات الرئاسية السابقة في يونيو/حزيران 2018 عن حزب الشعب الجمهوري، وحصل على 30% من أصوات الناخبين، ثم استقال من الحزب بعد الانتخابات نتيجة خلافاته مع كمال كليتشدار أوغلو، رئيس الحزب آنذاك، بسبب اتهامه قيادة الحزب بـ”عدم دعمه الجدي والحقيقي حتى لا ينجح بالانتخابات“.
وفي تصريحات أمام الصحافة، في 12 مارس/آذار، ذكر إنجه، بعد سؤاله عن إمكانية الانضمام إلى تحالف الشعب أو الطاولة السداسية، أن هدفه الأول هو إسقاط أردوغان، ومن ثم هدف الوصول إلى السلطة، وذكر أيضاً أنه قد يخوض الانتخابات وقد لا يشارك فيها، حسب الوضع في ذلك الوقت، ولكنه أكد أنه لن يتخذ أي قرار يضر بتركيا.
وعلى الرغم من تصريحات نائب حزب الشعب الجمهوري، غورسيل إرول، أن “هناك توقعات بأن ينسحب محرم إنجه من الترشح لصالح كليتشدار أوغلو“، فإنه حتى الآن ما من جديد عن تقارب بين إنجه وتحالف الطاولة السداسية، لا سيما أن إنجه يهاجم كل القرارات والإجراءات التي تتخذها الطاولة السداسية، وهو ما يترك نسبة من تصويت الناخبين لإنجه في المنطقة الرمادية -في حال ما قرر ترك الانتخابات- بين الذهاب للتصويت لمرشح آخر أو الامتناع عن التصويت، وفي حال استمر في ترشحه فإن ذلك قد ينحت من شعبية كمال وتحالفه.
2. تحالف آتا (السلف)
أعلن التحالف المكون من أربعة أحزاب بقيادة حزب الظفر (بالإضافة إلى حزب العدالة، وحزب التحالف التركي، وحزب دولتي) عن مرشحهم للرئاسة سنان أوغان، الذي لا يُبدي حتى الآن أي دعم لمرشح الطاولة السداسية، وذلك بقول “أوغان” إن قاعدة التصويت لديهم تبلغ حوالي 16%، وإن هذه القاعدة مستمدة من القومية الكمالية التي لا تريد أن تدعم تحالفات تسعى إلى إشراك حزب الهدى بار أو حزب الشعوب الديمقراطي.
3. حزب الرفاه من جديد
أعلن حزب الرفاه في 20 مارس/آذار خوضه الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بشكل منفصل دون الانضمام لأي تحالف، وذلك بعد إجراءه مباحثات للانضمام إلى تحالف الشعب، لكنها لم تفضي إلى اتفاق بينهما. وتبلغ معدلات التصويت للحزب حسب بيانات اخر انتخابات حوالي 1.5% وكحد أقصى 2.5%، ويُتوقع أن يستمد الحزب أصواته من الرافضين لمشاركة حزب السعادة مع تحالف الطاولة السداسية.
4. مرشحون آخرون
هناك عدد من الشخصيات التركية أعلنت كذلك رغبتها في المنافسة، مثل أحمد أوزال، نجل الرئيس الراحل تورغوت أوزال. بالإضافة إلى عدد من الأسماء التي أعلنت ترشحها، مثل رئيس حزب الشباب السابق جيم أوزان، ورئيس حزب الابتكار أوزتورك يلماز، ومدير معهد (Gentest) سردار سافاش، ويتوقع ألا ينعكس ترشحهم على نتائج الانتخابات الرئاسية بسبب تمثيلهم المحدود جداً.
رابعاً: السيناريوهات المتوقعة
قد تشهد الساحة التركية الداخلية في الأيام الستين القادمة مزيداً من الاستقطاب الداخلي، وهو ما قد يجعل الباب مفتوحاً لمزيد من المفاجآت على مستوى التحالفات أو على مستوى قرار الناخب التركي في تحديد مرشحه، وفي ضوء المعطيات الحالية فإن نتائج الانتخابات قد تتراوح بين ثلاثة سيناريوهات مركزية:
1. سيناريو نجاح تحالف الجمهور في الرئاسية وخسارة البرلمانية
يرجح هذا السيناريو أن يتمكن الرئيس أردوغان من تحقيق فوز رئاسي جديد، يمكنه من الحصول على ولاية ثالثة، وعدم تمكن تحالفه من تحقيق أغلبية برلمانية.
ويدعم هذا السيناريو:
– شخصية أردوغان حتى الآن هي الشخصية الأكثر نفوذاً وقوة من بين الشخصيات المترشحة الأخرى، وهذا ما تؤكده الإحصائيات المختلفة حتى الآن، ويدعم هذا إمكانية تصويت البعض لشخصه دون التصويت لأعضاء حزبه في البرلمان، لا سيما أن الناخب التركي لديه إرادة مزدوجة ظهرت في انتخابات البلدية الأخيرة.
– في ظل الأجواء الإقليمية والدولية المحتقنة يبدو أن المجتمع الدولي لا يتجه نحو الإطاحة بأردوغان، أو بدرجة أقل ليس مستعداً للتعامل مع وضع سياسي جديد في تركيا (رئيس بسبعة نواب).
– تشكيلات تحالف الطاولة السداسية المتنوعة تمنح قوائمها فرصة أعلى بالفوز البرلماني.
ويضعف هذا السيناريو:
– تراكم المشاكل داخل تركيا، وزيادة تأثير الأزمة الاقتصادية على الشعب.
– توسع دائرة الأحزاب التركية المعارضة لحزب العدالة الحاكم، وأصبح عدد من الأحزاب- المؤثرة في جزء منها على الساحة الداخلية- تحمل أجندة إسقاط أردوغان بدرجة أولى أكثر من أي أهداف انتخابية أخرى.
2. سيناريو نجاح الطاولة السداسية في الرئاسية وخسارة البرلمانية
يتوقع هذا السيناريو فوز مرشح للطاولة السداسية في الانتخابات الرئاسية على ألا تتمكن الطاولة من تحقيق نجاح في مقاعد البرلمان.
ويدعم هذا السيناريو:
– سعي كليتشدار أوغلو إلى انضمام قوى حزبية أخرى لمصلحته، وهو ما قد يؤثر في نتائج الانتخابات الرئاسية.
– إعلان الطاولة السداسية رغبتها في تغيير النظام السياسي وإنشاء إدارة اقتصادية مختلفة جذرياً عن إدارة أردوغان، وتبني نهج مختلف كلياً عنه في السياسة الخارجية قد يمنحها ثقلاً سياسياً يساعدها على جذب الأصوات المعارضة لتلك السياسات.
ويضعف هذا السيناريو:
– ضعف شخصية “كليتشدار أوغلو” لدى الأوساط الشعبية (الداعمة للمعارضة).
– التخوف المرتبط بمصير الاستقرار السياسي الذي يمكن أن يرافق فوز الطاولة بالرئاسة.
– عدم تقديم برنامج يطمئن الناخب البسيط بشأن المستقبل الاقتصادي، وهي شريحة كبيرة في تركيا.
3. سيناريو نجاح تحالف الجمهور في الرئاسية والبرلمانية
يتوقع هذا السيناريو أن يتمكن تحالف الجمهور الحاكم من تحقيق فوز انتخابي رئاسي وبرلماني في آن واحد، وهو ما سيشكل حدثاً فارقاً في تاريخ الحزب الحاكم السياسي.
ويدعم هذا السيناريو:
– توسيع قاعدة التحالفات التي يجريها التحالف الحاكم، ربما تؤدي إلى سحب أصوات من تحالف المعارضة، وهو ما قد يوسع قاعدة أصواته في البرلمان.
-عدم وجود أي منافس قوي “منفرد” لأردوغان حتى الآن، وأغلب الاستطلاعات تشير إلى فجوة بينه وبين منافسيه.
– إمكانية توجه بعض قواعد الطاولة، وخصوصاً المحافظة والقومية، لاختيار أردوغان نتيجة عدم قناعتهم بشخصية كليتشدار أوغلو.
ويضعف هذا السيناريو:
– تحديات الأزمة الاقتصادية، ورغبة بعض الأصوات في التغيير، وتوسع دائرة المعارضة، وحرصها على استقطاب أحزاب أخرى تشاركها الهدف ذاته المتمثل في إسقاط أردوغان.
الخاتمة
تعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية القادمة معركة مفصلية تختلط فيها الأهداف السياسية بالاجتماعية والتاريخية وغيرها. إذ يحاول كل طرف فيها امتلاك أكبر قدر من نقاط القوة، وتجنب أي أمر يضعف مركزه في الانتخابات المقبلة. ويبقى تحديد مصير التحالفات والأحزاب المختلفة على الساحة التركية متروكاً للناخب التركي، الذي يملك تحديد مصير نتائج الانتخابات، إلا أن قراره يرتهن بعدد من العوامل الداخلية والخارجية، وهو ما يترك توقع نتائج الانتخابات إلى حين إجرائها دون أي ترجيح مسبق. وبالنسبة لإمكانية إجراء جولة ثانية في الانتخابات الرئاسية فإن تقديرها قد يرجع إلى ما ستؤول إليه الأحداث في الأيام القادمة بعد إعلان القائمة النهائية للمرشحين الرئاسيين.
اضف تعليق