يمكن للتوافقات الاقتصادية المتعلقة بملف النفط أن تسهم في تقريب وجهات النظر حيال الملفات الأخرى كملف التطبيع، وملف مفاوضات البرنامج النووي الإيراني، وملف الأزمة اليمنية، لكن قد يصعب الوصول إلى اتفاقيات حقيقية ملزمة، نظراً لتعقد ملفات النقاش القائمة من جهة، ونظراً لتعقد الأوضاع وتسارع الأحداث من جهة أخرى...
بعد الإعلان عن موعد زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للشرق الأوسط خلال منتصف يونيو/حزيران أُجِّلت إلى مطلع الشهر المقبل نتيجة لاستمرار التوترات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، والتي تتطلب الإعداد الجيد لإدارتها.
تأتي هذه الزيارة في ظل زيادة التوتر في ملفات المنطقة المتعلقة بالحرب في اليمن، أو بالتصعيد الإيراني في مياه الخليج، كما تأتي مصاحبةً للظروف الدولية الاستثنائية التي فرضتها الحرب الروسية على أوكرانيا، والتي تسببت في حدوث اختلالات اقتصادية جمة، ومن ثم فإن المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية في مجال النفط والغاز دفعتها إلى إعادة التفكير في الموقف “المتشدد” الذي تعهد بايدن باتخاذه تجاه السعودية أثناء حملته الانتخابية، من جهة، وإلى إعادة النظر في موقف سياستها الخارجية تجاه ملفات الشرق الأوسط، من جهة ثانية.
يبحث هذا التقدير في السياقات التي دفعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى إعادة النظر في مواقفها تجاه الشرق الأوسط، وأبعاد هذه الزيارة المرتقبة.
السياقات
ثمة سياقات دولية وأخرى إقليمية أسهمت في دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى إعادة النظر في سياستها الخارجية، خصوصاً أن ابتعادها عن المنطقة، منذ تولي جو بايدن للرئاسة، أسهم في حدوث اختلالات أمنية دفعت دول المنطقة إلى البحث عن بدائل أمنية، لا سيما أن الموقف المتشدد للولايات المتحدة تضمن انسحابها من موقفها الاستراتيجي بحماية أمن دول الخليج، كما تضمن وقف العديد من صفقات الأسلحة النوعية، وهو ما دفع دول المنطقة إلى التقارب مع الصين وروسيا وتركيا من أجل تغطية الفراغ الأمني الذي خلفه غياب الدور الأمريكي عن المنطقة. غير أن التطورات الأمنية والاقتصادية التي فرضتها الحرب الروسية من جهة، واستمرار حالة الفوضى الأمنية والسياسية في منطقة الشرق الأوسط، من جهة أخرى، وصلت بمختلف الأطراف في المنطقة إلى تبني قناعة بضرورة إعادة تفعيل العلاقات السياسية والتنسيق الأمني بينها، وهو ما دفعها لاتخاذ خطوات تقارب بينها.
السياق الدولي
الحرب الأوكرانية وتبعاتها الاقتصادية والسياسية
ترتب على الغزو الروسي لأوكرانيا، في فبراير/ شباط 2022، كثير من التداعيات الاقتصادية والأمنية، وقد كانت هذه الزيارة من ضمن مساعي واشنطن إلى احتواء الصين، والتعامل مع التداعيات التي نجمت عن فرض الغرب عقوبات اقتصادية على روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا، وشملت قطاع الطاقة، وهو ما أدّى إلى ارتفاع كبير في أسعارها، وأسهم في تعميق أزمة التضخم الاقتصادي على مستوى العالم، الذي لم يتعافَ بعد من آثار جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19)، إذ وصلت نسبة التضخم في الولايات المتحدة إلى 8.6%، وهي أعلى نسبة خلال الأربعين عاماً الأخيرة، وقد أدّى ذلك إلى ارتفاع كبير في أسعار الغذاء والسلع الأساسية والكمالية، وهو ما قد يدفع ثمنه الديمقراطيون في الانتخابات النصفية المقرّرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
ومن هنا تحاول الولايات المتحدة الأمريكية تخفيف وطأة هذه العقوبات من خلال إيجاد بدائل تقتضي ضرورة تقاربها مع دول الخليج، خصوصاً السعودية التي تملك احتياطياً كافياً من النفط؛ من أجل تعويض الفاقد الروسي الذي تسببت به العقوبات الاقتصادية الدولية على روسيا.
ونظراً لأهمية ووزن السعودية في المنطقة وفي سوق النفط أعلن الرئيس الأمريكي عزمه لقاء مسؤولين سعوديين، ومن بينهم ولي العهد محمد بن سلمان، الذي كانت قطيعة الرئيس الأمريكي له أحد الأسباب الجوهرية التي أثرت سلباً في العلاقة بين البلدين، ومن ضمن خطوات التقارب وافقت إدارة بايدن، في مطلع يونيو/حزيران 2022، على تمديد الهدنة التي توسّطت بها الأمم المتحدة، مطلع أبريل/نيسان الماضي في اليمن، وأشادت بإعلان مجموعة “أوبك+”، التي تقودها السعودية، رفع إنتاجها من النفط في يوليو/تموز وأغسطس/آب، بنحو 250 ألف برميل، إضافة إلى الـ 400 ألف برميل المنصوص عليها في اتفاق رفع الإنتاج التدريجي.
كما تتضمن هذه الزيارة دوافع سياسية أبرزها تحقيق تقارب بين الولايات المتحدة الأمريكية وبين حلفائها في المنطقة، خصوصاً أن كثيراً منهم لديه شكوك في التزام الولايات المتحدة الأمريكية بأمنهم في ظل سياستها الاستراتيجية المتبعة في السنوات الأخيرة، حيث تخشى واشنطن من أن يؤدّي استمرار قطيعتها مع هذه الدول إلى تقاربها مع الصين وروسيا، وهو ما قد يسفر عن زيادة تعقيد التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة على مستوى عالمي.
وبالنسبة للسعودية تحاول الولايات المتحدة أن تعيد تفعيل علاقتها بها بعد جمود استمر عامين، أسفر عن إحداث تقارب بينها وبين الصين، إذ تضمنت خطوات التقارب بين الطرفين تصريحات سعودية تفيد بإمكانية تقاضي ثمن جزء من صادراتها النفطية إلى الصين باليوان، بالإضافة إلى إعلانها عن صفقة كبيرة لشراء الأسلحة من الصين، من بينها صواريخ باليستية، حاول رئيس المخابرات المركزية الأمريكية، وليام بيرنز، إقناع الرياض بإلغائها، في زيارته الأخيرة في أبريل/نيسان 2022، كخطوة تصحيحية لتدارك تدهور العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية.
السياق الإقليمي
في السياق الإقليمي يبرز ملف التطبيع وملف المفاوضات النووية وملف الأزمة اليمنية بوصفها أبرز الملفات التي ستناقشها زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن المرتقبة للمنطقة.
ملف التطبيع وانعكاساته الأمنية والسياسية
منذ الإعلان عن الموعد الأول لزيارة بايدن للمنطقة أشار إلى أن حماية أمن الكيان الإسرائيلي يأتي ضمن أولويات هذه الزيارة، وهو ما يتضمن بالضرورة استكمال عجلة التطبيع التي أطلقتها إدارة الرئيس السابق، دونالد ترامب، تحت عنوان “اتفاقات أبراهام” في 2017، حيث تم الإشارة ضمن أهداف هذه الاتفاقات إلى ضرورة زيادة التنسيق الأمني والسياسي والاقتصادي بين الكيان الإسرائيلي وبين دول المنطقة، بما يسفر عن تحقيق الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة؛ من إحلال السلام وتحقيق ازدهار في المنطقة. ورغم انخراط كل من الإمارات والبحرين في عمليات التطبيع فقد حافظت المملكة على موقفها، وهو ما يثير التكهن بإمكانية أن تغير السعودية موقفها بعد هذه الزيارة، خصوصاً في ظل استمرار التهديد الإيراني.
وتحاول زيارة بايدن أن تسهم في التخفيف من حدة التوتر بين الكيان الإسرائيلي وبين إيران، خصوصاً أن الأول استفاد من ملفات التطبيع من أجل نشر منظومة رادارات في الإمارات والبحرين، وهو ما قد يؤدي إلى حدوث مواجهة عسكرية في المنطقة. الجانب الثاني الذي ستركز عليه الزيارة هو تنسيق مواقف بعض الدول الخليجية مع الكيان الإسرائيلي في التعامل مع الاتفاق النووي، بحيث لا تتكرر تجربة اتفاق 2015 الذي لم يكن مقبولاً لا من قبل الكيان الإسرائيلي ولا من السعودية والإمارات والبحرين.
وتحاول هذه الزيارة كذلك أن تستعيد بعض التوازن في الموقف الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية، إذ انحاز الموقف الأمريكي للكيان الإسرائيلي طيلة حكم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، كما أن الموقف الأمريكي في عهد بايدن لم يتغير كثيراً، إذ لم تُتَّخذ خطوات لوقف انتهاكات الكيان بحق الفلسطينيين، ولم تبذل جهود حقيقية لوقف عمليات الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية، ولا يزال حصار قطاع غزة مستمراً حتى اللحظة.
مفاوضات الملف النووي
منذ عام عاودت القوى التي لا تزال منضوية في الاتفاق النووي- المبرم في 2015 – نقاشاتها ومباحثاتها حول تطوير الملف النووي الذي عاود نشاطه بعد انسحاب الولايات المتحدة منه في 2018.
حيث شاركت كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين في مباحثات بفيينا تشارك فيها بشكل غير مباشر الولايات المتحدة، ولم يتم التوصل إلى أي اتفاق، وتوقفت النقاشات منذ ثلاثة أشهر، غير أن هذا الملف شهد تغيرات جمة، وذلك عقب تكثيف أجهزة استخبارات الكيان الإسرائيلي لهجماتها السرية ضد علماء إيرانيين وأهداف نووية إيرانية، منها عملية اغتيال العقيد في الحرس الثوري الإيراني حسن صياد خدايي في طهران الشهر الماضي، بالإضافة إلى عالمين آخرين لقيا حتفهما أيضاً في أواخر مايو/أيار، وسط مزاعم بتسميمهما من قبل الكيان الإسرائيلي، وفي الفترة نفسها أدى هجوم بطائرات مسيرة على مجمع بارشين العسكري إلى مقتل مهندس إيراني.
عزز من هذا التوتر القرار الغربي الذي أطلقته الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإدانة طهران بأنها لم تقدم إيضاحات كافية بشأن العثور على آثار لمواد نووية في ثلاثة مواقع غير مصرّح عنها، وهو قرار عدَّته إيران بدورها إجراء سياسياً خاطئاً وغير بناء، فضلاً عن الحديث عن تحالف إقليمي ضد إيران بالتزامن مع الكشف عن نشر رادارات إسرائيلية في الإمارات والبحرين، بالإضافة إلى القصف الإسرائيلي على مطار دمشق الدولي في العاشر من يونيو/حزيران الجاري. توالي الضغوط الدولية والإقليمية على إيران دفعها لاتخاذ إجراءات تصعيدية، منها الإجراء الأخير الذي تم في 21 يونيو/حزيران باقتراب 3 زوارق تابعة للحرس الثوري الإيراني من سفينتين أمريكيتين من الأسطول الخامس قرب مضيق هرمز.
الملف اليمني وانعكاساته السياسية والأمنية
اعتبر ملف الحرب في اليمن أحد أبرز نقاط الخلاف التي أسهمت في توتر العلاقة بين واشنطن والرياض، حيث ترى السعودية مشاركتها في الحرب جزءاً لا يتجزأ من محاولاتها احتواء الأزمة اليمنية، وخطوة رئيسية في الدفاع عن أمنها الوطني، في حين ركزت الولايات المتحدة الأمريكية على ملف حقوق الإنسان في مقاربتها لمختلف ملفات المنطقة، ومنها ملف الأزمة اليمنية، ومن هنا اتخذت إجراءات متشددة من أجل وقف الحرب في اليمن، وهو ما اقتضى حدوث تغير جوهري في سياستها مع كل من السعودية والإمارات، أسهم في توتر العلاقة بينهم، خصوصاً بعد أن أوقفت دعمها لهما في حرب اليمن، فضلاً عن حظرها لحصولهما على أسلحة هجومية، رغم زيادة وتيرة الهجمات الصاروخية القادمة من اليمن.
وتأتي هذه الزيارة من أجل تعزيز الجهود السياسية القائمة لإنهاء الأزمة اليمنية، منها دعم الهدنة الهشة التي دخلت شهرها الثالث، ونظراً لاستمرار حالة التوتر الأمني والاقتصادي التي فرضتها الحرب الروسية على أوكرانيا، بالإضافة إلى التوترات القائمة على مستوى الشرق الأوسط، فمن الممكن أن تتوصل الأطراف إلى اتفاقات مشتركة نظراً إلى الحاجة إلى تفعيل الجهود المشتركة بين التحالفات القديمة من أجل تجاوز التحديات الجديدة.
أبعاد الزيارة المرتقبة
انطلاقاً من الأهداف التي أُعلنت، أو تلك التي تضمنتها السياقات التي أوجبت الزيارة، ستترتب على هذه الزيارة جملة من الأبعاد التي ستنعكس على واقع المنطقة في مختلف المجالات.
أبعاد أمنية وعسكرية
على الرغم من إعلان الجانب الأمريكي أولوية الكيان الإسرائيلي ضمن الزيارة المزمعة، سيتم تضمين الملفات -التي ذكرت سابقاً- في المحادثات التي ستعقد خلال الزيارة، وينبغي الإشارة إلى أن هذه الزيارة تأتي في ظل الإعلان عن إنشاء تحالف إقليمي أمني عسكري جديد يضم كلاً من الكيان الإسرائيلي والسعودية والإمارات والبحرين وقطر وعمان والكويت ومصر والأردن والعراق. ويأتي تشكيل هذا التحالف في سياق المخاوف المتزايدة لدول مجلس التعاون الخليجي من النشاط الإيراني في المنطقة، خصوصاً بعد زيادة الهجمات الصاروخية القادمة من اليمن. ويشير محللون إلى أن تخصيص زيارة للمملكة العربية السعودية ضمن هذه الزيارة يأتي من أجل دفعها لتطبيع علاقتها مع الكيان الإسرائيلي، وتشير تقارير إلى أن العلاقة بين الطرفين قد ابتدأت بالفعل منذ 2017 عندما حصلت المملكة على برامج إلكترونية هجومية إسرائيلية (NSO Pegasus) واستخدمتها، وهو ما يشير إلى وجود تعاون سري بينهما، غير أن تشكيل هذا التحالف سيحدث تغييرات جمة أبرزها تفعيل الجانب الأمني والعسكري في ملف التطبيع، وهو ما سيؤثر جوهرياً على ملف القضية الفلسطينية.
في حال تشكيل مثل هذا التحالف الأمني العسكري لن يتوقف التهديد الإيراني، بل سيتعقد الوضع الأمني والسياسي في المنطقة، كما أن إنشاء هذا التحالف يأتي في صلب عملية التطبيع، إذ يتم التعامل مع الكيان الإسرائيلي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من أمن المنطقة، وهذا ما يبرر مسألة التحالف معه من أجل تحقيق التعاون الأمني، دون النظر إلى طبيعته الدخيلة وانتهاكاته المستمرة بحق الفلسطينيين، وبتطبيع العلاقات الأمنية مع الكيان الإسرائيلي تفقد القضية الفلسطينية زخمها، خصوصاً أن خذلانها سيأتي من قبل العرب أنفسهم.
ورغم وجود تكهنات بإمكانية دفع السعودية لتطبيع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي على غرار دول خليجية أخرى، تنبغي الإشارة إلى أن المكانة الدينية للمملكة السعودية تصعب تحقق هذه المسألة، وفي حال تم التطبيع ستواجه المملكة إشكاليات جمة، أبرزها فقدانها لأهميتها وقدرتها على التأثير على المستويين العربي والإسلامي.
أبعاد اقتصادية سياسية
يأتي الجانب الاقتصادي ضمن الملفات الجوهرية التي ستتضمنها نقاشات الزيارة، إذ إن الهدف الحقيقي من تقارب واشنطن مع الرياض هو حاجتها إلى النفط الخليجي، ورغبتها في التأثير في السعودية، التي تقود أوبك+، من أجل زيادة الإنتاج بشكل يسهم في تعويض الفاقد الروسي، وفي تلبية احتياجات الطاقة للدول الأوروبية، وهو ما سيسهم في تفعيل دور العقوبات المفروضة على روسيا لدفعها لوقف حربها في أوكرانيا.
ونظراً للأوضاع الاقتصادية المتردية بسبب تداعيات الحرب الروسية، ومن قبلها تأثيرات جائحة كورونا في الاقتصاد العالمي، تملك دول الخليج قدرة منطق قوة للتأثير في الملفات التي تهمها؛ نظراً لقدرتها على التأثير في أسواق الطاقة، حيث يمكن للسعودية، التي تعد أكبر مصدر للنفط في العالم، والإمارات، التي تعد ثالث أكبر منتج للنفط الخام في منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك“، يمكنهما ضخ المزيد من إمدادات النفط، ومن ثم الإسهام في حل إشكالية التقليل من الاعتماد على النفط الروسي وزيادة الإنتاج دون التسبب في ارتفاع في أسعار الطاقة.
غير أن هذا الرفع لن يفيد كثيراً في حال فرض عقوبات موسعة على روسيا، لأن أسعار النفط منذ مايو/أيار 2020 في اتجاه متصاعد، ولن تتراجع في ظل عدم وجود أي عوامل تخفضها، خصوصاً في الظرف الحالي، حيث تواجه سوق النفط إشكالات عدة، منها ما يتعلق بسلاسل الإمداد، وكميات النفط المعروضة، ووجود مشاكل في بعض الدول المنتجة مثل إيران وفنزويلا وحتى ليبيا، فضلاً عن التوقعات بعودة الطلب النشط من الصين بعد عودة فتح الاقتصاد. ورغم استفادة المملكة من ارتفاع أسعار النفط، رحبت بقرار رفع الإنتاج، واعتبر موقفها هذا خطوة في طريق إذابة الجليد في العلاقات بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية.
من جانب سياسي أسهم غياب الولايات المتحدة الأمريكية عن ملفات المنطقة في حدوث تقارب بينها وبين الصين وروسيا، وهو ما مثل فرصة لخلق سياسة عربية متوازنة بين الشرق والغرب، تمكنت خلالها هذه الدول من بناء شبكة متنوعة من العلاقات ذات الأهداف المتفاوتة، ابتداءً بتحسين شروط التبادل التجاري، ومروراً بإمكانية تحسين قدراتها العسكرية والأمنية، لكن الزيارة المرتقبة قد تسهم في وقف هذه السياسة المتوازنة، حيث ستسعى الولايات المتحدة الأمريكية لملء الفراغ الذي خلفته من قبل، وهو ما يعني استمرار التأثير التبعي الغربي على واقع وملفات المنطقة بشكل ينعكس على مختلف الملفات الأمنية والسياسية والاقتصادية.
خاتمة
يمكن للتوافقات الاقتصادية المتعلقة بملف النفط أن تسهم في تقريب وجهات النظر حيال الملفات الأخرى كملف التطبيع، وملف مفاوضات البرنامج النووي الإيراني، وملف الأزمة اليمنية، لكن قد يصعب الوصول إلى اتفاقيات حقيقية ملزمة، نظراً لتعقد ملفات النقاش القائمة من جهة، ونظراً لتعقد الأوضاع وتسارع الأحداث من جهة أخرى، وتبقى مسألة تحقيق أهداف الزيارة مرهونة بمدى استعداد الولايات المتحدة الأمريكية للاستجابة لمطالب حلفائها القدامى، كما هو مرهون بحجم التنازلات والتوافقات التي يمكن لدول المنطقة أن تقدمها من أجل الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة، وينبغي التأكيد هنا على أن مسألتي إنشاء تحالف أمني يضم الكيان الإسرائيلي، وإمكانية انخراط المملكة السعودية في عملية التطبيع، سيكون لهما تأثير خطير في قضية الأمن والاستقرار المنشود للمنطقة.
اضف تعليق