في أهم حسابات البيت الأبيض هو التأثير المحتمل الذي قد تتركه على حظوظ بايدن في الانتخابات النصفية الأمريكية في تشرين الثاني. لكن من الصعب جداً توقّع ما قد يحصل. فالكثير من الأمور قد تتغير، وستكتسي استطلاعات الرأي القادمة أهمية في هذا المجال. شهر حزيران سيكون مهماً للغاية...
بقلم: سايمون هندرسون
تسعى إدارة بايدن إلى كسر الجمود مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، لكن تحركات روسيا وإيران ستؤثر أيضاً على مسار أسواق الطاقة.
يبدو أن سوق النفط سيشهد تقلبات كبيرة هذا الأسبوع أيضاً. ففي حين كان الأمريكيون يحيون يوم الذكرى ويحتفلون ببداية الصيف بشكل غير رسمي، كانت أسعار النفط تتخطى ١٢٠ دولاراً للبرميل.
ووفقاً لبعض التقارير، لم تؤدِ أسعار البنزين المرتفعة الى انخفاض ملحوظ في عدد الرحلات البرية، ولكن سيكون من المبالغة الاعتقاد بأن سائقي السيارات الأمريكيين لم تزعجهم الأسعار في محطات البنزين و/أو يشعرون بأنهم يملكون ما يكفي من المال كي لا يكترثوا لها. وهناك عوامل متعددة تؤثر في أسعار النفط، وعليه لا يمكننا أن نتسرّع بالقول بأنه من غير المرجح أن يكون المنحى تصاعدياً.
وسيكون جزء من أهمية الأيام المقبلة هو عقد اجتماعات رفيعة المستوى. فخلال الأسبوع الماضي، اجتمع وزراء الطاقة والبيئة ضمن مجموعة الدول السبع (الدول الصناعية الغربية) في ألمانيا وأوصوا بأن "تقوم منظمة أوبك بضخ المزيد من النفط". وفي الثاني والثالث من حزيران/يونيو الجاري، ستجتمع المنظمة مع مجموعة "أوبك بلس" بقيادة روسيا. أما تعريفهم لضخّ المزيد من النفط، فيتمثل في الزيادة الزهيدة المتفق عليها مسبقاً والتي تناهز 400 ألف برميل أو نحو ذلك في اليوم.
إلا أن هذا لا يكفي لإحداث تأثير كبير في الأسعار، إن لم يكن معدوماً. ومن المرجح أن تعتبر "أوبك" أن السوق ليس بحاجة إلى كميات إضافية من النفط، ولن يكون ذلك مفاجئاً لأن أعضاء "أوبك" يفضلون بلوغ سعر البرميل 120 دولاراً. كما أن السعودية التي تقود الكارتل النفطي على أرض الواقع، لم تعد تعتبر أنه ثمة ترتيب يجمعها بالولايات المتحدة يقضي بضخ النفط مقابل توفير الأمن من قبل واشنطن. وعلى الرغم من زيارة أخرى إلى الرياض يقوم بها منسّق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغوريك وشريكه في شؤون الطاقة، عاموس هوكستين، يبدو الحاكم الفعلي في السعودية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مصمماً على عدم الرضوخ لمطالب واشنطن.
ولكن هذا عامل آخر قد يتغيّر. فالمسؤولون في إدارة بايدن يعملون على تنظيم رحلة للرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط، من شأنها إنهاء هذا الجمود (في العلاقات)، على الرغم من استياء البيت الأبيض من المواقف المتصلبة لولي العهد السعودي وغيره. فهل سيساوم محمد بن سلمان على إنتاج النفط مقابل مصافحة يد الرئيس بايدن والاعتراف به كالسلطة الفعلية في المملكة بدلاً من العاهل السعودي المريض الملك سلمان؟ لا تتحمسوا كثيراً، لكن الأدلة المتزايدة على أن السعودية وإسرائيل قد تكونا على عتبة اعتراف متبادل وتاريخي ببعضهما البعض، ربما تُسهم في تغيير هذه المواقف المتعصلبة.
هناك عاملان يلوحان في الأفق في اجتماعات الأيام القليلة المقبلة هما أوكرانيا وإيران. فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يعتبر أنه قريب من تحقيق نصر تكتيكي، إن لم يكن استراتيجي، في دونباس، الأمر الذي قد يساعده على رفض الضغوط التي تمارسها أوروبا عليه في مجال الطاقة. أما إيران، فتبدو مصممة أكثر من أي وقت مضى على عدم الموافقة على إعادة فرض القيود على برنامجها النووي.
وصحيح أن هذا التحليل لا يشمل المفاجآت، لكنها حدث فعلاً. فلا يمكن أن ننسى إقدام إيران على احتجاز ناقلتيْ نفط يونانيتين في الخليج رداً على احتجاز البحرية الأمريكية لناقلة روسية محملة بالنفط الإيراني بالقرب من اليونان. وعلى الرغم من أن هذه النتيجة للتحرك الأمريكي بحق إيران كانت متوقعة بشكل واضح، إلّا أنها تعكّر صفو المحادثات الدبلوماسية رفيعة المستوى.
وعند النظر في حل هذه المعضلة، ربما قد يدخل في أهم حسابات البيت الأبيض هو التأثير المحتمل الذي قد تتركه على حظوظ بايدن في الانتخابات النصفية الأمريكية في تشرين الثاني/نوفمبر. لكن من الصعب جداً توقّع ما قد يحصل. فالكثير من الأمور قد تتغير، وستكتسي استطلاعات الرأي القادمة أهمية في هذا المجال.
يبدو أن شهر حزيران/يونيو سيكون مهماً للغاية من حيث الدور الذي ستلعبه واشنطن في العالم وما يتوقعه العالم منها.
اضف تعليق