قد يكون إخبار شخص ما بأن أداءه دون المستوى، أو طلب العلاوة، أو حتى الاختلاف في الرأي مع زميل في العمل أمرًا ضروريًا يتعين القيام به، ولكنه نادرًا ما يكون أمرًا ممتعًا، فهو يجعلنا نشعر بأحاسيس نفضل تجنبها، وبالتالي تجنب إجراء المحادثات. كما يعد اختلاف...
داون ميتكالف، محرر متعاون
إذا كنت مثل معظم الناس فأنت تحاول تجنب المناقشات الصعبة، خصوصًا عندما تكون مضطرًا للتحدث بشأن الأمور الحساسة مثل الأموال أو النظافة الشخصية أو السلوك “السيئ”.
دُفع لي ثماني مرات لأخبر بعض الناس بأن لهم رائحة كريهة، هذا حدث بالفعل، فقد استأجرتني ثماني منظمات مختلفة لأنها لم تكن متأكدة من كيفية التعامل مع هذه المحادثة.
مع وجود ما يزيد عن 90% من الأشخاص الذين لاحظنا معاناتهم من سلوك غير صحيح أو غير مناسب – بحسب اعتقادهم – في العمل، يبدو أن الأمر غير مثمر للأعمال فيما يتعلق بتجنبنا لهذه المحادثات الصعبة في هذه المنطقة. ونظرًا للقوى العاملة متعددة الثقافات التي تقود معظم اقتصاديات مجلس التعاون الخليجي، فلا عجب من زيادة صعوبة هذه المحادثات الجريئة أو المباشرة.
قد يكون إخبار شخص ما بأن أداءه دون المستوى، أو طلب العلاوة، أو حتى الاختلاف في الرأي مع زميل في العمل أمرًا ضروريًا يتعين القيام به، ولكنه نادرًا ما يكون أمرًا ممتعًا، فهو يجعلنا نشعر بأحاسيس نفضل تجنبها، وبالتالي تجنب إجراء المحادثات. كما يعد اختلاف الثقافات عاملًا مهمًا له تأثير كبير في القوى العاملة المتنوعة، مما يزيد من صعوبة إجراء هذا النوع من المحادثات.
عملتُ مؤخرًا مع إدارة إحدى الشركات القائمة في مجلس التعاون الخليجي، والمكونة من العمال الوافدين من الذكور، لإدارة فريق مكون من النساء المحليات. وقد علِموا أنه ينبغي عليهم تقديم تعليقات نقدية لهن، ولكنهم شعروا بالخوف من الظهور كعديمي الاحترام، ولم تتلق النساء التعليقات التي أردنا الحصول عليها، والتي طلبنها، وبالتالي شعرن بالانزعاج.
تكمن المشكلة في أن إجراء المحادثات الصعبة يجعلك تشعر بالراحة فقط على المدى المتوسط والمدى الطويل، لأنه يمكن من رؤية النتائج، ولكننا نفضل العيش في الوقت الراهن أو المدى القصير. فنفضل تجنب ما يجعلنا نشعر بالخجل أو السخافة أو عدم الراحة عن المجازفة بإهانة أحدهم، ولكن ما ينبغي علينا فعله هو أن نتخذ هذا القرار الصعب لنقوم بإجراء المحادثة اللازمة.
نحن نعلم إن شيئا لن يتغير دون التحدث بشأنه، ولكننا في تلك لحظة، نفضل عدم الخوض في المشاعر السلبية، فتبين لنا عقليتنا المتشائمة العواقب السلبية المحتملة التي قد تنتج عن التحدث، وبوجود 5% فقط من الناس الذين لديهم الشجاعة على فعل شيء حيال ذلك، أليس من المحتمل أن تتحسن الأمور إذا كان فقط لدينا الشجاعة للتحدث؟
إن التشاؤم يكلفنا الكثير، ونحن نعلم أن الشكوى والتذمر لزملائنا في العمل أو انتظار حدوث أعجوبة لن يفيد بشيء، ولكننا – بطريقة ما ومع مرور الوقت – نبدأ بالتعوّد على هذا الوضع الطبيعي الجديد، وتبدأ الأمور في التعقد بشكل أكبر.
ومن المثير للسخرية، أنه من خلال تجنبنا للألم قصير الأجل نقع ضحايا للألم طويل الأجل، وأفضل دليل على ذلك يتمثل في تعيين مدير جديد ليترأس شركة خدمات تمويلية وقد تم تعيينه لأن المؤسسة بحاجة للتغيير، وقد وافق فريق القيادة العليا على العمل بنهجة الجديد بشكل ظاهري، ولكن عندما جاء وقت التنفيذ، لم يتعاونوا معه، بل وقاموا بإفساد عمله وتخريبه بشكل أساسي، ولكنه كان حذرًا، حيث شعر بعدم إمكانية التحدث معهم بشأن ذلك مباشرة، لأنه لم يكن هناك من يدعمه، وبالتالي، لم يستطع الحصول على دعم أكبر، ولكنه استطاع تجنب الشعور بعدم الراحة أو المجازفة على المدى القصير، ثم فقد وظيفته في نهاية الأمر.
يتمثل خطر الوقوع ضحية للألم طويل الأجل الآخر في نتائج الأعمال المترتبة والمزمنة، تلك النتائج المؤلمة، والتي نتعلم التعايش معها، ما يخلق ثقافة الرداءة بالمؤسسات، في أفضل الحالات، والخوف في أسوأها. وتظهر الرداءة لأن أصحاب أفضل المواهب لن يستمروا في مؤسسة حيث لا يمكنهم القيام بأي تغيير، فتتجه أفضل المواهب إلى حيث يمكنهم النمو والمساهمة في النمو، ليس فقط فيما يتعلق بنمو المؤسسة بل أيضًا نمو الأفراد العاملين بها.
عادة يكون الخوف هو ما يمنعنا من التحدث، ولكن ما هو الشيء الذي نخاف منه؟ أنخاف من أن نبدو بمظهر الغبي؟ من الشعور بالسوء؟ من جعل الشخص الذي نتحدث معه يشعر بالسوء؟ ولكن إذا لم نتحدث فلن نستطيع القيام بأي تغيير.
إن التنوع جيد لصالح الأعمال – هذه حقيقة مثبتة – ولكن في بعض الأحيان، يجعلنا العيش أو العمل في بيئة متنوعة الثقافات نشعر بالخوف بشكل أكبر، فحيث توجد الاختلافات، نشعر بالحذر بشكل طبيعي، ولا نرغب في أن نخطئ، ولذلك لا نقول شيئًا.
ربما يكون ذلك صعبًا، ولكن دون هذه المحادثات لن نحصل على النتائج.
اضف تعليق