ولعل أكثر ما يقلق الباحثين من نتائج الدراسة هو أن انشغال الأطفال بهذه الأجهزة يبعدهم عن ألعابهم، الأمر الذي قد يحد من قدراتهم على التفكير وتطوير مهاراتهم المختلفة، فضلاً عن أن هذه الأجهزة تؤثر على النظر وعلى قدرة الأطفال على النوم...

قبل أن يتعلم الطفل النطق أو حتى المشي، أصبح بإمكانه التعامل مع الهواتف الذكية واستعمال شاشات اللمس. ورغم اختلاف الأسباب التي تدفع الأهل للسماح لأطفالهم بالعبث بهذه الأجهزة، إلا أن لذلك أضراراً خطيرة يحذر الباحثون منها.

الهاتف الذكي والحواسيب اللوحية والشاشات التي تعمل باللمس وغيرها من الأجهزة الإلكترونية أصبحت جزءً أساسياً في حياة الأطفال. فأطفال "الجيل الرقمي" بإمكانهم استخدام الهواتف الذكية والعبث بالشاشات التي تعمل بالمس قبل المشي أو حتى النطق أحياناً.

إلا أن دراسة قام بها مركز الأبحاث الطبية بمدينة فيلادلفيا الأمريكية توصلت إلى نتائج مقلقة مفاداها أن الأطفال الذين بلغوا ستة أشهر من العمر يستخدمون هذه الأجهزة لفترات تصل إلى أكثر من نصف ساعة في اليوم. وتوصل الباحثون إلى هذه النتائج بعد سؤال حوالي 900 عائلة لديها أطفال تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر وأربع سنوات عن مدى استعمال أطفالهم لهذه الوسائل التقنية الحديثة.

وتبين أن 52 في المئة من الأطفال الذين لم يبلغوا عامهم الأول تابعوا برامج تلفزيونية، فيما طوّر 15 في المئة منهم القدرة على استعمال تطبيقات الهواتف الذكية. كما أن 36 في المئة من الأطفال بات بإمكانهم التعامل مع الشاشات التي تعمل باللمس.

وغالباً ما يكون انشغال الأهل بالأعمال المنزلية هو الدافع الأساسي للسماح لأطفالهم باستخدام هذه الأجهزة، إضافة إلى أن كثيراً من الأهل يجدون أن هذه الأجهزة تساعد على تهدئة الأطفال، ما يدفعهم لإعطائها لهم قبل النوم، وهو ما أكدته نتائج الدراسة ذاتها، التي نقلها موقع "فوكوس" الألماني.

التأثير على نمو الدماغ

ولعل أكثر ما يقلق الباحثين من نتائج الدراسة هو أن انشغال الأطفال بهذه الأجهزة يبعدهم عن ألعابهم، الأمر الذي قد يحد من قدراتهم على التفكير وتطوير مهاراتهم المختلفة، فضلاً عن أن هذه الأجهزة تؤثر على النظر وعلى قدرة الأطفال على النوم.

وحتى الآن، لم يتمكن الباحثون من معرفة تأثير هذه الأجهزة الرقمية الحديثة على سلوك الأطفال وتطور دماغهم. لذلك، ينصح أطباء الأطفال وعلماء النفس بإبعاد الأطفال عن جميع الأجهزة التقنية الحديثة، وخاصة أولئك الذين لم يبلغوا عامهم الأول. كما يحذرون أيضاً من خطورة ألعاب الكمبيوتر، فحتى الآن لم يتمكن العلماء من إثبات أن تطبيقات الألعاب تعزز قدرات الأطفال على التعلم. وفق ما نقله موقع “DW”.

التأثير على مهارات أطفالهم اللغوية

أصبحت الأجهزة اللوحية والهواتف جزءا أساسيا من حياتنا اليومية، ما يعني أنها أصبحت أيضا جزءا من حياة الأطفال. فما تأثير ذلك على أدمغة الأطفال النامية، وخاصة مهارات اللغة؟

بهذا الصدد، أجرى فريق من العلماء في إستونيا استطلاعا بين أهالي أكثر من 400 طفل (تتراوح أعمارهم بين عامين ونصف و4 أعوام) حول استخدامهم للهواتف الذكية، واستخدام أطفالهم لها، بالإضافة إلى المهارات اللغوية لدى الصغار.

وطلب الاستطلاع من الأهالي تقدير المدة التي سيقضيها كل فرد من أفراد الأسرة في استخدام أجهزة ذكية مختلفة لأغراض مختلفة، في يوم عطلة نهاية الأسبوع النموذجي. كم طُلب منهم ملء استبيان لتقييم قدرة أطفالهم اللغوية.

وتبين أن استخدام الآباء والأمهات للهواتف بمعدل مرتفع نسبيا، أدى إلى سلوك مماثل لدى الأطفال أيضا، ما أثر سلبا على مهاراتهم اللغوية.

ووجد فريق البحث أن الأطفال الذين يستخدمون الشاشات بشكل أقل، سجلوا درجات أعلى في كل من القواعد والمفردات. ولم يكن لأي شكل من أشكال استخدام الأجهزة الذكية تأثير إيجابي على مهارات اللغة لدى الأطفال.

وكان لاستخدام أجهزة ألعاب الفيديو تأثير سلبي ملحوظ على مهارات اللغة لدى الأطفال.

وقالت الدكتورة تيا تولفيست، من جامعة Tartu، المعدة الرئيسية للدراسة: "تكشف دراستنا أن أنماط استخدام الأطفال للهواتف والأجهزة اللوحية تشبه أنماط آبائهم وأمهاتهم. ويؤكد باحثو لغة الأطفال على أهمية التفاعلات اليومية مع البالغين في التطور اللغوي المبكر".

وأوضحت الدراسة أنه في العديد من الثقافات، تتطور لغة الأطفال عندما يتحدثون إلى البالغين، فالمحادثات تزيد من المفردات اللغوية لديهم. ويمكن أن يؤدي وجود الهواتف إلى تعطيل ذلك، خاصة إذا كان الشخص البالغ يتلقى رسائل نصية أو إشعارات باستمرار.

يذكر أن بيانات الدراسة جُمعت قبل جائحة "كوفيد-19"، لذا سيكون من المثير للاهتمام النظر في نتائج الأبحاث المستقبلية التي تتناول تطور اللغة وتأثير استخدام الهواتف أثناء الجائحة. وفق ما نقله “RT”.

 تهدئة الأطفال يهدد مهاراتهم العاطفية

أظهرت دراسة أُجريت في جامعة أوتفوش لوراند بالمجر أن استخدام الأجهزة الرقمية مثل الهواتف الذكية بوصفها وسيلة لتهدئة الأطفال أثناء نوبات الغضب قد يؤدي إلى صعوبات في تنظيم مشاعرهم في المستقبل.

وشدد الباحثون على أهمية السماح للأطفال بتجربة المشاعر السلبية ودور الآباء الحاسم في هذه العملية، وفق النتائج المنشورة، الخميس، في دورية (Frontiers in Child and Adolescent Psychiatry).

وتعد نوبات الغضب جزءاً طبيعياً من نمو الأطفال، ولكن كيفية التعامل مع هذه النوبات قد تؤثر بشكل كبير على تطورهم العاطفي. وأجرى الفريق دراسته لرصد كيفية تأثير استخدام الأجهزة الرقمية مثل الأجهزة اللوحية على مهارات إدارة الغضب لدى الأطفال.

ووجدت الدراسة التي شملت أكثر من 300 والد ووالدة لأطفال تتراوح أعمارهم بين سنتين و5 سنوات أن استخدام الأجهزة الرقمية وسيلةً لتنظيم المشاعر يرتبط بسوء إدارة الغضب عند الأطفال في حياتهم لاحقاً.

ويمكن لعدم تعلم الطفل مهارات تنظيم مشاعره أن يؤدي لمجموعة من الأضرار النفسية والاجتماعية والسلوكية، مثل القلق والاكتئاب، وصعوبات في بناء العلاقات الصحية والحفاظ عليها، وتدني الأداء الأكاديمي، والسلوكيات العدوانية. كما يمكن أن يشعر الطفل بالعجز وانخفاض الثقة بالنفس ويواجه صعوبة في التعامل مع التوتر اليومي. في المقابل، فإن تعلم تنظيم المشاعر بشكل جيد يساعد الأطفال على التفاعل مع العالم من حولهم، ما يعزز من رفاهيتهم النفسية والاجتماعية.

وأشارت الدراسة إلى أن «نوبات الغضب لا يمكن علاجها بواسطة الأجهزة الرقمية، بل يجب على الأطفال تعلم كيفية إدارة مشاعرهم السلبية بأنفسهم بمساعدة ودعم آبائهم». وقالت الباحثة الرئيسية للدراسة بجامعة أوتفوش لوراند الدكتورة فيرونيكا كونك: «إذا قدّم الآباء بانتظام جهازاً رقمياً لطفلهم لتهدئته في أثناء غضبه، فلن يتعلم الطفل كيفية تنظيم مشاعره». وأضافت عبر موقع الجامعة أن «التوعية بأهمية عدم استخدام هذه الأجهزة أداة لتهدئة الأطفال يمكن أن يعزز الصحة النفسية للأطفال ورفاهيتهم».

وأكدت ضرورة دعم الآباء لأطفالهم في تعلم كيفية التعامل مع مشاعرهم بدلاً من الاعتماد على الأجهزة الرقمية، لذلك من المهم أن يحصل الآباء على الدعم اللازم لتعليم أطفالهم كيفية إدارة مشاعرهم بطرق صحية، عبر تطوير طرق جديدة للتدريب والإرشاد للآباء، لزيادة الوعي بأهمية هذا الأمر وتعزيز التفاعل الصحي بين الآباء وأطفالهم. بحسب صحيفة “الشرق الأوسط”.

ما المخاطر الجسدية التي تسببها الأجهزة الذكية؟

الاستخدام المفرط للهواتف المحمولة أمر شائع أثناء الليل، مما يؤدي إلى اضطرابات النوم والإرهاق، كما أن الاعتماد على الهواتف المحمولة يمكن أن يكون له آثار سلبية على نمط الحياة، مثل العادات الغذائية والعلاقات الاجتماعية، مما يؤدي إلى زيادة الوزن.

كما أشارت دراسات إلى وجود علاقة محتملة بين الاعتماد على الهاتف المحمول والسمنة لدى الأطفال، إضافة إلى ارتفاع في معدل حدوث مشاكل في العضلات والعظام والعيون والرقبة المفرطة ومفاصل اليد والأصابع.

من جهته يقول الأستاذ والتربوي عايش السبول -الخبير في المكتبات والباحث في إدمان الأطفال على الأجهزة الإلكترونية- إن الأجهزة الإلكترونية تؤثر على الأطفال من عدة جوانب، منها نفسية وعاطفية واجتماعية، مثل:

ـ القلق والتوتر.

ـ العصبية.

ـ الانعزالية.

ـ اكتئاب المراهقين.

ـ مشاكل في تطور اللغة.

ـ زيادة الوزن.

ـ آلام الرقبة والظهر.

ـ عدم التركيز.

ـ ضعف ملكة التفاعل لدى الطفل لأنه يقضي معظم وقته متلقيا فقط.

ـ ألم في العينين بسبب طول وقت النظر في الهاتف، خصوصا في العتمة.

ـ الإدمان والهوس والخوف من فقدان الهاتف.

متى يسمح للطفل باستخدام الهاتف؟

يقول السبول إنه يجب التمييز في الاستخدام، فمثلا قد يمكن الاعتماد على الهاتف في أغراض البحث والتعلم، مؤكدا أن الدراسة والقراءة من الكتاب الورقي أفضل.

أما استخدام الهاتف لتزجية وقت الفراغ وقضاء ساعات طويلة في تصفحه فإنه يشكل خطرا على الطفل.

وبخصوص السن المناسبة لاستخدام الطفل الهاتف فيشير بعض الاختصاصيين إلى أنها من 12 إلى 13 سنة، مع التأكيد على عدم الإفراط. ويوصي السبول بتحديد وقت لا يزيد على ساعتين في اليوم.

كيف يمكن إشغال الأطفال بعيدا عن أجهزة الهاتف؟

ويؤكد السبول أن هناك العديد من الطرق يمكن أن نشغل بها أوقات فراغ الطفل بشكل صحيح وسليم، ومنها:

ـ قراءة القصص والروايات.

ـ الاشتراك في النوادي الرياضية وممارسة الهوايات.

ـ تنمية موهبة الرسم والتلوين، أو أي مواهب أخرى.

ـ اللعب ومشاركة أقرانه.

ـ تخصيص الوقت للحديث معه.

ـ مشاهدة البرامج والمسلسلات والأفلام الهادفة.

ـ تكليف الطفل ببعض المهام البسيطة. بحسب موقع “الجزيرة نت”.

اضف تعليق