العيش بمحاذاة طريق مزدحم قد يسبب للكثيرين الإزعاج بسبب ضوضاء المرور، لكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، وفق ما كشفت عنه آخر الدراسات، ضجيج الشارع قد يتسبب للإنسان في عواقبه صحية لا تخطر على البال منها ما قد يكون نتيجته الموت...

منذ فجر الحضارة، كان الصوت جزءاً لا يتجزأ من وجود الإنسان، من أصوات الطبيعة الهادئة في البراري والغابات، إلى همسات الرياح وتغريد الطيور، استمتع البشر للأصوات الطبيعية المتناغمة مع البيئة المحيطة. إلا أن هذا التوازن الصوتي بدأ يتغير بشكل جذري مع تقدم الإنسان في الثورة الصناعية والتكنولوجية، مما أدى إلى ظهور ظاهرة مزعجة وشاملة تعرف اليوم بـ "الضوضاء".

بأنها أي صوت غير مرغوب فيه أو مزعج، ينجم عن مصادر متنوعة سواء كانت طبيعية أولنا من صنع الإنسان. يمكن أن تتراوح هذه الأصوات من الضجيج الناجم عن حركة المرور الكثيفة في المدن الكبيرة، إلى الضوضاء الصناعية القادمة من المصانع ورش العمل، علاوة على الأصوات الصادرة من الأجهزة الكهربائية والإلكترونية التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية. على النقيض من الاصوات النغمية أو الحديث البشري الطبيعي، الضوضاء غالباً ما تفتقر إلى النمط والتناغم، مما يجعلها مزعجة وحتى ضارة.

تاريخ الضوضاء

لم تكن الضوضاء دائماً جزءاً من حياة الإنسان بهذه الكثافة التي نراها اليوم. مع بزوغ فجر الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر، بدأت المجتمعات تنتقل من أنماط الحياة الزراعية إلى الحياة الحضرية والصناعية. هذا التحول صاحبته زيادة في مصادر الضوضاء، بدءًا من الآلات الصناعية الثقيلة إلى وسائل النقل الحديثة كسيارات والقطارات والطائرات. مع التوسع الحضري والنمو السكاني المتزايد، أصبحت الضوضاء جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية في المدن الكبرى.

تزيد من خطر الإصابة بالسمنة

اكتشف علماء جامعتي بوسطن وأوريغون في الولايات المتحدة أن الأشخاص الذين يتعرضون لمستويات عالية من ضجيج الطائرات يزداد خطر إصابتهم بالسمنة وأمراض القلب.

وتشير مجلة Environment International، إلى أن الدراسة شملت حوالي 75 ألف شخص يعيشون بالقرب من المطارات الأمريكية الكبيرة.

قاس الباحثون في هذه الدراسة مستوى الضوضاء في أماكن إقامة هؤلاء الأشخاص وجمعوا معلومات عن صحتهم. واتضح لهم أن الأشخاص الذين تعرضوا لمستوى ضوضاء الطائرات

الذي أعلى بكثير من 45 ديسيبل كانوا أكثر عرضة للمعاناة من أمراض القلب والأوعية الدموية مثل السمنة وزيادة مؤشر كتلة الجسم.

ووفقا للعلماء يبلغ مستوى صوت الهمس 30 ديسيبل، ومستوى صوت المحادثة العادية 50 ديسيبل.

ويشير الباحثون، إلى أن ضجيج الطائرات أكثر إزعاجا للناس من الضوضاء الصادرة عن وسائل النقل الأخرى. ويعتقدون أن ضجيج الطائرة قد يزيد من الاستجابة للتوتر واضطراب النوم، ما يؤدي إلى ارتفاع مستوى ضغط الدم، وبالتالي خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. نقلًا عن موقع “RT”.

خطر على الإنسان

العيش بمحاذاة طريق مزدحم قد يسبب للكثيرين الإزعاج بسبب ضوضاء المرور. لكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، وفق ما كشفت عنه آخر الدراسات. ضجيج الشارع قد يتسبب للإنسان في عواقبه صحية لا تخطر على البال.

كشف دراسة سابقة أجريت على الطرق الرئيسية التي تسير عليها أكثر من ثلاثة ملايين مركبة سنوياً بعدة مدن ألمانية، أن عدد الأشخاص المعرضين للضوضاء في مدن مثل إرفورت ويينا وفايمار مرتفع بشكل خاص.

ولا تتوقف أضرار هذه الضوضاء عند الإزعاج ولكن لها عواقب صحية خطيرة، وفق ما كشف عن الخبراء المشرفون على الدراسة التي نشرت نتائجها صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية. هذه العواقب قد تبدأ باضطرابات النوم وتصل إلى أمراض القلب والأوعية الدموية أو الاكتئاب.

في المقابل كشفت دراسة جديدة شارك فيها خبراء من جامعة أكسفورد وجامعة بكين العلاقة بين الانزعاج طويل الأمد من ضوضاء الشوارع وارتفاع ضغط الدم. نتائج الدراسة نشرت في مجلة "JACC Advances" الصادرة باللغة الإنجليزية.

وأجرى الفريق تحليلًا شاملاً بالاعتماد على بينات السكان على الطرق المزدحمة مثل عنوان السكن، كما تم تحديد وتيرة ارتفاع ضغط الدم بين المشاركين من خلال تقييم السجلات الطبية.

بعد ذلك قام الباحثون بتقدير العلاقة بين ارتفاع ضغط الدم وضجيج الشارع في عينة تحليلية لأكثر من 240 ألف مشارك لم يعانوا من ارتفاع ضغط الدم في بداية الدراسة.

خلال فترة المتابعة التي دامت لأكثر من ثماني سنوات، تم تسجيل 21.140 حالة من ارتفاع ضغط الدم الأولي بين المشاركين في الدراسة، حسبما أفاد الفريق. وهو ما يدل على أن الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من ضوضاء المرور على الطرق السريعة، قد يعانون من ارتفاع ضغط الدم كما أن خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم قد يزداد مع زيادة التعرض للضوضاء.

حتى بعد أن أخذ الفريق في الاعتبار التعرض للمواد الجسيمية وثاني أكسيد النيتروجين، ظلت العلاقة قائمة. وأضاف الباحثون أن المشاركين الذين تعرضوا في الوقت الواحد للضوضاء وتلوث الهواء كانوا أكثر عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم، لأن تلوث الهواء يلعب أيضاً دوراً في الإصابة بارتفاع ضغط الدم، وهو ما أثبتته نتائج دراسات سابقة مختلفة.

فعلى سبيل المثال، وجدت ورقة بحثية عام 2021 أن الشباب معرضون بشكل خاص لخطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم من تلوث الهواء.

ويأمل الباحثون أن تؤدي نتائج هذه الدراسة إلى إرشادات أكثر صرامة من أجل حماية الضوضاء، وتحسين ظروف الطرق، وتخطيط حضري مدروس بشكل أفضل، وتطوير تقنيات جديدة للمركبات الأقل ضجيجاً.

ويقول مؤلف الدراسة، جياندونغ تشانغ من جامعة نورث كارولينا إنّ "البيانات المقدمة في هذه المقالة تقدم دليلاً أفضل على أن التقليل من ضوضاء المرور على الطرق وتلوث الهواء يمكن أن يحسن من صحة القلب والأوعية الدموية على المستويين الفردي والمجتمعي". نقلًا عن موقع “DW”.

كيف تؤثر الضوضاء على صحة القلب؟

في عام 2011، أزاح مطار فرانكفورت، أكثر مطارات ألمانيا ازدحاما، الستار عن المدرج الرابع. لكن هذه الإضافة الجديدة ما لبثت أن أثارت احتجاجات واسعة، وظل المحتجون يعودون إلى المطار للتظاهر يوم الاثنين من كل أسبوع لعدة سنوات. وقال أحدهم لوكالة رويترز: "هذا المدرج يدمر حياتي. ففي كل مرة أدخل إلى حديقتي، لا أسمع ولا أرى سوى طائرات تحلق فوق منزلي".

وبسبب هذا المدرج الجديد، أصبحت الطائرات تحلق فوق منزل توماس مونزل، طبيب القلب بالمركز الطبي بجامعة ماينز، مباشرة. ويقول مونزل: "لقد سكنت بالقرب من الطرق السريعة وخطوط السكك الحديدية الداخلية، لكن ضجيج الطائرات هو الأكثر إزعاجا بمراحل".

وقرأ مونزل تقرير منظمة الصحة العالمية لعام 2009، الذي يربط بين الضوضاء وبين أمراض القلب، لكن الأدلة كانت هزيلة آنذاك. وقرر في عام 2011، مدفوعا بقلقه على صحته الشخصية، أن يجري أبحاثا لاستكشاف العلاقة بين أمراض القلب وبين الضوضاء.

وقد ارتبط التعرض للضوضاء منذ سنوات طويلة بفقدان السمع، لكن ضجيج الطائرات والسيارات لا يلحق أضرارا بالأذن فحسب، إذ صنفت دراسة نشرت في دورية القلب الأوروبية ضوضاء حركة المرور بأنها ثاني أكبر مسببات الضغط النفسي التي تسبب تغيرات فسيولوجية، بعد تلوث الهواء مباشرة. وذكر الباحثون أن تأثير الضوضاء على الصحة يعادل تقريبا تأثير التدخين السلبي أو التعرض لغاز الرادون.

وربطت دراسات عديدة على مدى العقد الماضي، بين ضوضاء الطائرات ووسائل المواصلات والطرق وبين مضاعفة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. وقد شرع العلماء في الكشف عن العوامل وراء هذه العلاقة بين أمراض القلب وبين الضوضاء.

وتشير التقديرات إلى أن ثلث سكان أوروبا والولايات المتحدة تقريبا يتعرضون بانتظام لمستويات غير صحية من الضوضاء، تبدأ عادة من نحو 70 أو 80 ديسيبل. ولتوضيح مستوى شدة هذا الصوت مقارنة بالأصوات الأخرى، فإن الأحاديث العادية تبلغ شدتها 60 ديسيبل عادة،

أما السيارات والشاحنات فتتراوح شدتها بين نحو 70 و90 ديسيبل، وقد تصل شدة صوت صافرات الإنذار والطائرات إلى 120 ديسيبل أو أكثر.

وربطت دراسات عديدة بين التعرض المستمر للضوضاء البيئية وبين ارتفاع مخاطر الإصابة بالاضطرابات ذات الصلة بالقلب. وخلصت دراسة في عام 2018 بحثت في البيانات الصحية لأكثر من مليون شخص، إلى أن السكان الذين يعيشون بالقرب من مطار فرانكفورت أكثر عرضة بنسبة سبعة في المئة للإصابة بالسكتة الدماغية مقارنة بنظرائهم الذين يعيشون في أحياء أكثر هدوءً.

وأشار تحليل لنحو 25 ألف حالة وفاة ناجمة عن أمراض القلب والأوعية الدموية في الفترة من عام 2000 إلى 2015، بين السكان الذين يعيشون بالقرب من مطار زيورخ في سويسرا، إلى وجود ارتفاع ملحوظ في الوفيات الناجمة عن أمراض القلب أثناء الليل، ولا سيما بين النساء، بعد التعرض لضوضاء الطائرات.

وعندما سبر الباحثون أغوار العوامل الفسيولوجية وراء تأثير الضوضاء على القلب والأوعية الدموية، أشاروا بأصابع الاتهام إلى التغيرات الكبيرة التي تطرأ على الإندوثيليوم، وهو الغشاء المبطن للشرايين والأوعية الدموية. فهذه البطانة قد تتهيج وتلتهب وتسبب تبعات خطيرة.

وفسروا تأثير الضوضاء على الأوعية الدموية بأن الصوت عندما يصل إلى الدماغ، تنشط منطقتان مهمتان من الدماغ؛ القشرة السمعية التي تفسر الضوضاء، واللوزة الدماغية، التي تتحكم في الاستجابات الانفعالية للضوضاء. وإذا ارتفع الضجيج، ولا سيما أثناء النوم، تثير اللوزة الدماغية استجابة المواجهة أو الهروب، التي تجعل الجسم في حالة تأهب، رغم أن الشخص نفسه قد لا يشعر بأي شيء.

وتطلق هذه الاستجابة للضغوط النفسية هرمونات مثل الأدرينالين والكورتيزول في الجسم. ثم تنقبض بعض الشرايين، وتتمدد أخرى، ويرتفع ضغط الدم، ويتباطأ الهضم ثم تتدفق السكريات والدهون في مجرى الدم لكي تستخدمها العضلات سريعا.

وتحفز استجابة الجسم للضغط النفسي أيضا إنتاج جزيئات مضرة تسبب الإجهاد التأكسدي - أي اختلال التوازن في الجسم بين الجذور الحرة ومضادات الأكسدة - والالتهابات في بطانة الأوعية الدموية. وهذا الخلل في وظيفة بطانة الأوعية الدموية قد يؤثر على تدفق الدم وله تبعات أخرى على عمليات عديدة في الجسم، قد يؤدي توقفها أو تراجع كفاءتها إلى الإصابة بأمراض عديدة، مثل ارتفاع ضغط الدم وتراكم الترسبات الدهنية أو اللويحات على جدران الشرايين والسمنة وداء السكري.

وأثبت دراسات أجريت على البشر والفئران أن التعرض لضوضاء الطائرات ليلا لبضعة أيام يؤدي إلى اختلال وظائف الخلايا المبطنة للأوعية الدموية لدى الأصحاء، وهذا يدل على أن الضجيج لا يؤثر سلبا على الأشخاص المعرضين للإصابة بأمراض القلب واضطرابات التمثيل الغذائي دون غيرهم.

وأشارت دراسة أجراها مونزل وفريق من الباحثين في عام 2019، إلى أن التعرض لضوضاء القطارات المسجلة أثناء النوم أثر على الفور على وظيفة بطانة الأوعية الدموية لدى الأصحاء البالغين.

ويقول مونزل: "فوجئنا بحدوث خلل وظيفي في بطانة الأوعية الدموية لدى الشباب بعد التعرض لهذه الأصوات في ليلة واحدة، فقد كنا نعتقد أن هذه التغيرات في بطانة الأوعية الدموية تطرأ على مدى سنوات".

غير أن فك التشابك بين السبب والأثر ليس بالأمر الهين، لأنه ليس من السهل إجراء تجارب أثناء النوم على المدى الطويل أو التمييز بين آثار الضوضاء على النوم أثناء النهار وبين آثارها على النوم أثناء الليل أو آثار الضوضاء بمعزل عن غيرها من الملوثات مثل تلوث الهواء، فكثيرا ما يترافق تلوث الهواء مع التلوث الصوتي أو التلوث الضوضائي.

ويشير أندريا زيريكيس، أخصائي خدمات الرعاية الصحية بجامعة كينغز كوليدج بلندن، إلى أن تأثير الضوضاء البيئية يتفاوت من شخص لآخر. ودرس زيريكيس، تأثير أصوات رنين الهاتف أو احتكاك الأطباق على المرضى في غرف العناية المركزة، ولاحظ أنه بينما كانت هذه الأصوات تطمئن البعض، فإنها كانت تعوق تعافي آخرين. ويقول زيريكيس: "نحن نحاول التمييز بين مستويات شدة الصوت وبين استجابة المريض للضوضاء".

لكن رغم هذه التساؤلات التي لا تزال معلقة، تؤكد دراسات متزايدة الصلة بين الضوضاء البيئية وبين تردي الصحة البدنية. وأشار تقرير لمنظمة الصحة العالمية في عام 2018، إلى أن ضوضاء حركة المرور في بلدان غرب أوروبا تقلص عدد السنوات التي من المتوقع أن يعيشها سكانها بصحة جيدة بأكثر من 1.6 مليون سنة. وللتوصل لهذه النتيجة، أخذت المنظمة في الحسبان عدد الوفيات المبكرة الناجمة عن التعرض للضوضاء وعدد السنوات التي يعيشها الأشخاص الذين أصيبوا بإعاقات أو أمراض بعد التعرض للضوضاء.

ومن المتوقع أن يواصل هذا الرقم الارتفاع، إذ تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 70 في المئة من الناس سيعيشون في المدن بحلول 2050.

وقد استجابت بعض الحكومات للاحتجاجات وبحثت عن حلول لمكافحة الضجيج في شوارع المدن، مثل حظر الرحلات الجوية ليلا، وتحفيز الناس على استخدام الأجهزة التي لا تصدر صوتا مرتفعا، وفرض غرامات مالية في حالة تلقي شكاوى من الضوضاء.

وبإمكان الناس أيضا إدخال بعض التعديلات لحماية أنفسهم من الآثار السلبية للضوضاء، مثل تركيب عوازل الصوت على النوافذ أو تعليق ستائر تحد من الضجيج أو الانتقال إلى أحياء أكثر هدوءً، إن استطاعوا.

ويقترح ماثياس باسنر، الطبيب النفسي وأخصائي الأوبئة بجامعة بنسلفانيا ورئيس اللجنة الدولة المعنية بالآثار البيولوجية للضوضاء، بعض الحلول الأقل تكلفة، مثل وضع سدادات الأذن أثناء الليل أو تحويل الجزء الأكثر هدوءً في المنزل إلى غرف نوم. ويرى أن هذه الخطوات ينبغي أن يتخذها جميع الناس حتى لو لم تزعجهم الضوضاء.

ويقول: "إذا كنت تعيش في حي مانهاتن، ستألف الضجيج بعد فترة من الوقت حتى تشعر أنه أمر طبيعي، لكن التعود على الضوضاء لا يعني بالضرورة أنها لا تؤثر سلبا على صحتك". نقلًا عن موقع “BBC NEWS”.

هل تسكن بجانب طريق مزدحم؟ 

قال الخبراء إن التلوث الضوضائي يرتبط بحالات تهدد الحياة، بما في ذلك مشاكل القلب والأوعية الدموية والسكري من النوع الثاني والخرف.

وتقول شارلوت كلارك، أستاذة علم الأوبئة في جامعة "سانت جورج" في لندن: "الكثير منا لا يعتقد أن الضوضاء ضارة، ولكن لها تأثير كبير على صحة السكان".

كما تربط العديد من الدراسات بين سوء الحالة الصحية والتلوث الضوضائي واضطرابات النوم.

وتوضح كلارك: "تستمر أذناك في الاستماع إلى الأصوات حتى عندما تكون نائما، وإذا كان هناك ضجيج، فقد يوقظك من نومك، وهو أمر غير جيد لصحتك ويرتبط بالعديد من المشكلات الصحية، بما في ذلك أمراض القلب والسمنة ومشاكل الصحة العقلية".

وبهذا الصدد، تكشف كلارك عمّا يمكن أن تفعله الضوضاء العالية بجسمك:

فقدان السمع

يعد التعرض للضوضاء الشديدة ثاني أكبر سبب لفقدان السمع (بعد الشيخوخة)، وقد لا تلاحظ التأثيرات إلا بعد مرور سنوات على تعرضك للضوضاء لأول مرة.

وتقول كلارك: "يحدث الضرر طوال حياتك. ومن الممكن أن يتضرر سمعك بسبب حدث واحد فقط من الضوضاء الشديدة".

صحة القلب

وجد علماء "إمبريال كوليدج لندن" أن الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من مطار هيثرو، أكثر عرضة لدخول المستشفى بسبب مشاكل في القلب.

ويُعتقد أن الضوضاء - حتى أثناء الليل - يمكن أن ترفع مستويات التوتر، ما يؤثر على القلب.

وتوضح كلارك: "إذا حدث شيء صاخب أثناء نومك، تحدث تغيرات في ضغط الدم ويرتفع معدل ضربات القلب. بالنسبة لشخص يعيش في منزل يطل على طريق مزدحم لمدة 10 إلى 20 سنة، قد يكون التأثير شديدا".

الدماغ

وجدت دراسة دنماركية، نُشرت في المجلة الطبية BMJ، أن الأشخاص الذين يتعرضون لضوضاء مرورية عالية يزداد لديهم خطر الإصابة بمرض ألزهايمر بنسبة 27%.

وتقول كلارك: "الضوضاء العالية تؤدي إلى تضييق الأوعية الدموية المؤدية إلى الدماغ، وهو ما نعلم أنه عامل خطر للإصابة بالخرف. بدأنا أيضا في افتراض ما إذا كانت الضوضاء قد تسبب التهابا في الجسم وتؤدي إلى الإجهاد التأكسدي، وهي أيضا عوامل خطر الإصابة بالخرف". كما يرتبط فقدان السمع بالخرف.

القاتل الصامت (السكري)

قد يكون للتلوث الضوضائي دورا أيضا في تطور مرض السكري من النوع الثاني.

وكشفت مراجعة بحثية أن الأشخاص الذين تعرضوا للضوضاء العالية، كانوا أكثر عرضة بنسبة 22% للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.

كما وجدت الدراسات، التي أجريت على الفئران، أن التعرض للضوضاء المزمنة يمكن أن يؤدي إلى مقاومة الأنسولين، وهو مقدمة أو سبب لمرض السكري من النوع الثاني.

السمنة

وجدت دراسة مشتركة بين جامعتي أكسفورد وليستر، وجود صلة بين الضوضاء المرورية العالية والسمنة.

وتبين أن الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من طريق مزدحم، تزداد فرص إصابتهم بالسمنة.

وتقول كلارك: "الضوضاء غير المرغوب فيها يمكن أن تؤثر على نوعية الحياة وتضر بالنوم، وقد تزيد من مستويات التوتر، وهذا بدوره يمكن أن يؤدي إلى زيادة الوزن".

وتبين أن الحرمان من النوم يزيد من عدد السعرات الحرارية التي يتناولها الشخص في اليوم التالي.

الصحة النفسية

يمكن أن تؤدي الضوضاء غير المرغوب فيها أيضا إلى زيادة خطر الإصابة بمشاكل الصحة العقلية.

ووجدت مراجعة أجريت عام 2019 لعشر دراسات، أن احتمالات الإصابة بالاكتئاب تزداد في ظروف التعرض لضوضاء حركة المرور على الطرق.

وتقول كلارك: "نحن نعلم أن التعرض لضوضاء الطائرات والطرق والسكك الحديدية يرتبط بمستويات أعلى من الاكتئاب والقلق. إذا شعرت بالانزعاج بسبب الضوضاء، فهذه استجابة للتوتر، حيث يبدأ جسمك في إطلاق هرمونات التوتر التي تؤدي إلى تدهور الصحة العقلية". نقلًا عن “RT”.

تهديد مميت غير مرئي

تعتبر الأصوات أو الضوضاء التي يُنظر إليها على أنها مزعجة للغاية لدى البعض، سواء أثناء النهار أو في الليل، أحد عوامل التوتر، وبذلك تلعب دوراً شديد الأهمية.

فإذا كان الجو صاخباً باستمرار، سواء بسبب حركة المرور على الطرق أو القطارات أو المقاهي المتواجدة أسفل المنازل أو على مدارج الطائرات، فإن الجسم يتعرض بسببها لضغط مستمر.

في أوروبا وحدها، يتعرض ما لا يقل عن 20 في المئة من السكان حالياً لضوضاء الطرق، إلى حد يمكن أن يضر بالصحة. وقد تؤدي الضوضاء الزائدة إلى الإصابة بأمراض التمثيل الغذائي أو ارتفاع ضغط الدم أو السكري أو حتى الإصابة بنوبة قلبية. وتُعزى 48 ألف حالة من أمراض القلب و12 ألف حالة وفاة مبكرة سنوياً إلى التعرض المستمر للضوضاء العالية.

تنتشر الضوضاء الشديدة في جميع المدن الكبرى حول العالم، من لندن إلى دكا أو الجزائر العاصمة أو برشلونة أو برلين. في نيويورك، على سبيل المثال، يتعرض 90 بالمائة من مستخدمي وسائل النقل العام لمستويات من الضوضاء تتجاوز الحدود الآمنة بشكل كبير ويمكن أن تؤدي إلى تلف سمعي غير قابل للعلاج.

ضوضاء أعلى .. إيجار أقل

في هونغ كونغ والمدن الرئيسية حول العالم، تتعرض الفئات المهمشة على وجه الخصوص لخطر التعرض للضوضاء الشديدة.

بالنسبة لتوماس مايك، خبير الضوضاء في وكالة البيئة الاتحادية الألمانية (UBA)، يعتبر التلوث الضوضائي مثالاً رئيسياً على الظلم البيئي: "إذا كانت شقة أو منزل يقع على طريق رئيسي، فإنك تدفع مقابل ذلك إيجاراً أقل. وهذا يعني أن الأشخاص محدودي الدخل هم أكثر عرضة للعيش في أماكن صاخبة."

وفي جميع أنحاء العالم، من المرجح أن يعيش أصحاب الدخل المنخفض بالقرب من المصانع أو مقالب القمامة أو الطرق المرورية الرئيسية، وهو ما يجعلهم يتعرضون لضوضاء أكثر من أصحاب الدخل المرتفع. ووفقاً لتقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فغالباً ما تسري تلك اللامساواة على الجماعات العرقية.

الحيوانات والبيئة تتأثر سلباً

ليس الإنسان هو الكائن الوحيد الذي ينزعج عندما يتعرض للكثير من الضوضاء. فقد وجدت الدراسات أن جميع أنواع الحيوانات تتفاعل مع الضوضاء بل ويتغير سلوكها إلى حد ما.

غالبًا ما تغرد الطيور في المناطق الحضرية بصوت أعلى. تطلق الثدييات في المناطق الحضرية الكبيرة في أوروبا أو اليابان أو المملكة المتحدة أصواتاً أعلى من نظيراتها في الغابات. كما لوحظت تغيرات في صوت الحشرات والجنادب والضفادع التي تعيش بالقرب من الطرق السريعة.

نتيجة لذلك، أصبح سوء الفهم في التواصل بين الكائنات أكثر شيوعاً. وعلى المستوى العلمي، لم تعد الأصوات التي تطلقها الكائنات بهدف جذب الشريك من النوع الآخر بهدف التكاثر تلقى استحساناً دائماً من قبل الشركاء الجنسيين المحتملين، بل يمكن أن يكون لها تأثير سلبي على نجاح عملية التزاوج. وتصدر الضفادع في بوغوتا الآن أصواتاً أعلى بشكل كبير لكي تُسمع حتى أثناء فترات انقطاع الضوضاء.

يقول مايك إن المرء يجب أن يدرك "أن التزاوج أو تربية النسل أصبحت عمليات يشوبها الاضطراب، وأن موقع الفريسة كذلك لم يعد محدداً بشكل دقيق بسبب الضوضاء. وبعبارة أخرى، قد يتأثر موطن الحيوانات بالكامل سلباً وبشدة بالضوضاء".

في الولايات المتحدة، تضاعف التلوث الضوضائي في أكثر من نصف الحدائق الوطنية في السنوات الأخيرة. وبالإضافة إلى الطرق، فإن السبب الرئيسي للتلوث الضوضائي في المحميات الطبيعية هو الضوضاء الصادرة عن مشاريع التعدين أو استخراج الغاز والنفط أو صناعة الأخشاب.

هذه الأنشطة أيضاً لها تأثير مباشر على الغطاء النباتي، حيث يمكن أن تهاجر أنواع الطيور لتوزيع بذور النباتات وإذا لم تفعل بسبب مغادرتها لمكان ما بسبب الضوضاء الشديدة قد يؤثر ذلك بشدة على معدل القيام بتلك العملية.

هل يمكن أن يصبح "الهدوء" أكثر "هدوءً"؟

وفقًا لتقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNEP)، فإن زيادة أعداد الأشجار والشجيرات في المدن يمكن أن يكبج جماح المشكلة. تعمل النباتات على تشتيت وتخفيف الضوضاء كما أنها تساهم في خلق مناخ أفضل وإضافة مناظر بديعة للمدينة.

لكن توماس مايك لا يعتقد أن هذا الأمر سيفيد كثيراً "لأن الضوضاء عملياً تمر عبر النباتات، ما يجعل مسألة العزل الصوتي هي الحل الوحيد". في المقابل، يعتقد أنه سيكون فعالا أكثر لو تم تقليل حركة المرور في المدن قدر الإمكان، ووضع حد للسرعة يبلغ 30 كم/ساعة في مزيد من الشوارع، وتعزيز وسائل النقل العام وزيادة مناطق تهدئة حركة المرور، وكذلك الترويج للتنقل الإلكتروني وتوسيع مسارات دورة التنقل.

في فرنسا، يتم حالياً اختبار "كاميرا سرعة الضوضاء"، وهو جهاز مُصمم لاكتشاف المركبات التي تصدر عنها أصوات عالية بشكل غير قانوني. لا ينصب التركيز فقط على العواصم الصاخبة، ولكن أيضاً على الوجهات التي يقصدها راكبو الدراجات النارية في الريف. ومن المتوقع أن يعاقب انتهاك الحدود الآمنة للضوضاء بغرامات في المستقبل.

ومع وجود عدد أقل من ممرات السيارات وتقليل حركة المرور في المدن، يمكن تحويل تلك المساحات المكتسبة إلى مسارات للدراجات الهوائية أو مساحات خضراء وحدائق من خلال التخطيط الحضري الصديق للمناخ، وبالتالي تعزيز المناخ الحضري والتنوع البيولوجي وتحسين جودة الحياة.

يذكر أن العلماء تمكنوا من إثبات أن الأصوات الطبيعية مثل تغريد الطيور أو خرير المياه أو حفيف أوراق الأشجار عندما تهب الرياح تقلل من التوتر، كما أن لها تأثيرا إيجابيا على صحة الإنسان. بحسب موقع “DW”.

كيف تؤثر الضوضاء على الأطفال؟

العالم مكان صاخب، ونحن نتعرض باستمرار لمستويات الضوضاء المفرطة، وخاصة الأطفال، الذين يمكن أن يكون التعرض المفرط للضوضاء ضارا بصحتهم أكثر مما نعتقد.

ويعرف العديد من الآباء أن الضوضاء العالية يمكن أن تؤذي سمع الطفل. يمكن للأصوات العالية جدا، أن تسبب أضرارا فورية. كما يمكن أن يؤدي استخدام أجهزة الاستماع الشخصية للمقاطع الفيديو والفصول الدراسية أيضا إلى حدوث ضرر إذا كانت صاخبة جدا.

ويمكن للبيئات الصاخبة للغاية أن يكون لها تأثيرات ضارة تتجاوز السمع.

والضوضاء البيئية، المعروفة أيضا باسم "التلوث الضوضائي"، تأتي من مصادر حولنا، وتشمل: حركة المرور على الطرق والطائرات والمطارات والقطارات، ويمكن أيضا أن تكون مصادر الضوضاء داخلية، مثل أجهزة التلفاز وغيرها.

ومن غير المرجح أن تسبب الضوضاء البيئية مشاكل في السمع مقارنة بالضوضاء العالية الصادرة عن الأجهزة والأنشطة الشخصية، مثل الحفلات الموسيقية. ومع ذلك، يمكن أن يكون للضوضاء البيئية آثار ضارة على تعلم الأطفال وسلوكهم ونومهم.

وبالمقارنة مع البالغين، قد يكون الأطفال أكثر عرضة لتأثيرات الضوضاء لأنهم يستمرون في النمو والتطور. وقد يكون لديهم أيضا سيطرة أقل على المكان الذي يقضون فيه الوقت.

والأطفال الذين يعيشون في بيئات أقل ثراء هم أكثر عرضة للتعرض لمستويات أعلى من الضوضاء البيئية.

ويمكن أن تؤثر الضوضاء البيئية على تعلم الأطفال، كما هو الحال في الفصول الدراسية الصاخبة جدا وأماكن رعاية الأطفال.

وقد تكون القراءة والتذكر والأداء الجيد في الاختبارات أمرا صعبا عندما يكون هناك الكثير من الضوضاء في الخلفية أو المحادثات الصاخبة.

ويمكن للطائرات التي تحلق في سماء منطقة ما أن تجعل من الصعب فهم ما يقوله المعلم. قد يحتاج المعلمون إلى مقاطعة الدروس لانتظار مرور الطائرات. يمكن أن يؤدي الشعور بالانزعاج من الضوضاء إلى فقدان الأطفال التركيز في الدروس.

وبالنسبة للرضع والأطفال الذين يتعلمون كيفية التحدث، فإن البيئة الصاخبة يمكن أن تجعل من الصعب عليهم فهم الكلام.

ويمكن أن تؤثر الضوضاء البيئية أيضا على طريقة لعب الأطفال، وهو أمر مهم لنموهم. ويتعرض العديد من الأطفال للضوضاء الخلفية الناتجة عن ترك أجهزة التلفاز قيد التشغيل حتى لو لم يكن الطفل يشاهدها بشكل نشط.

وعندما يتم ترك أجهزة التلفاز قيد التشغيل، لا يركز الأطفال الرضع والأطفال الصغار كثيرا أو لفترة طويلة على اللعب بالألعاب.

وغالبا ما تتداخل الضوضاء مع النوم. ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، يعاني الملايين من الناس من نوم أسوأ بسبب الضوضاء الليلية الناجمة عن حركة المرور على الطرق وغيرها من المصادر.

وتظهر الأبحاث التي أجريت بشكل رئيسي على البالغين أنه حتى المستويات المنخفضة من الضوضاء البيئية الليلية تسبب المزيد من حركات الجسم والاستيقاظ واضطرابات النوم الأخرى.

وتحدث هذه الأمور على الرغم من عدم علم النائم بها. وقلة النوم يمكن أن تسبب النعاس أثناء النهار وتؤثر على تعلم الأطفال.

وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدي الكثير من الضوضاء إلى استجابة الجسم للضغط النفسي. ويمكننا أن نرى ذلك عند الأطفال الخدج في وحدات العناية المركزة لحديثي الولادة (NICUs). على سبيل المثال، عندما يتعرض هؤلاء الأطفال لأجهزة الإنذار والهواتف وأجهزة التهوية والمضخات وأجهزة المراقبة والحاضنات، يمكن أن تكون هناك تغييرات في التنفس ومعدل ضربات القلب ومستويات الأكسجين. ويمكن للضوضاء أن تزيد من ضغط الدم لدى الأطفال، كما أن التعرض للضوضاء على المدى الطويل يزيد من خطر الإصابة بنوبة قلبية لدى البالغين.

وقد ينزعج بعض الأطفال الذين يعانون من حساسيات خاصة، مثل اضطراب طيف التوحد (ASD)، أو اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD)، أو اضطرابات المعالجة الحسية

أو اختلافات التعلم، من الأصوات أو الضوضاء التي لا تزعج الأطفال الذين لا يعانون من هذه الحالات عادة.

وهناك حاجة إلى مزيد من البحث لمعرفة المزيد حول كيفية تراكم تأثيرات الضوضاء على مدى الحياة. وفي غضون ذلك، نحن نعرف ما يكفي لاتخاذ الخطوات اللازمة لتقليل تعرض الأطفال للضوضاء. نقلًا عن موقع “ار تي”.

هل يعاني أطفالك صعوبات في التعلم، قد يكون السبب البيئة المحيطة، فالأصوات والضوضاء التي تصدر من أجهزة التلفزيون أو الراديو تجعل الأطفال يجدون صعوبة في تعلم كلمات جديدة، فكيف من الممكن التغلب على هذه المشكلة؟

تشير الدراسات إلى أن الأطفال الصغار الذين يقضون وقتا طويلا في بيئة صاخبة ربما يجدون صعوبة في تعلم الكلام. وقالت بريانا مكميلان، التي شاركت في إعداد الدراسة وهي من جامعة ويسكونسن-مايسون، إنه بسبب الضجيج خاصة الأصوات التي تصدر من أجهزة التلفزيون أو الراديو قد يجد الصغار صعوبة في تعلم كلمات جديدة.

وتوضح الخبيرة الأمريكية "إغلاق التلفزيون والراديو أو خفض الصوت قد يساعد في تطور اللغة. علاوة على ذلك، شجع التعرف على مدى الضوضاء الآباء على الاستفادة من أي وقت هادئ لديهم. فاللحظات الهادئة قد تكون فرصة عظيمة للحديث مع الأطفال وتشجيعهم على الاكتشاف والتعلم".

ولفهم كيف يمكن أن تؤثر الضوضاء على تطور اللغة عند الأطفال أجرت مكميلان وزملاؤها ثلاث تجارب على 106 أطفال تتراوح أعمارهم بين 22 و30 شهرا. وفي التجارب الثلاثة استمع الصغار إلى جمل تضم كلمتين جديدتين. ثم عرضت عليهم الأشياء التي تصفها الكلمات. وبعدها أجرى الباحثون اختبارا للأطفال لمعرفة إن كانوا يتذكرون الكلمات الجديدة.

وفي التجربة الأولى استمع 40 طفلا تتراوح أعمارهم بين 22 و24 شهرا إلى الكلمات الجديدة وسط ضوضاء عالية أو منخفضة. وكرر الباحثون التجربة مع مجموعة أخرى من 40 طفلا أكبر قليلا إذ تراوحت أعمارهم بين 28 و30 شهرا. ومرة أخرى نجح الأطفال في استيعاب الكلمات الجديدة عندما قل الضجيج. وفي التجربة الثالثة استمع الأطفال إلى كلمتين جديدتين في أجواء هادئة. ثم تعلموا معناهما فضلا عن كلمتين إضافيتين استمعوا إليهما وسط ضوضاء من نفس المستوى الذي تعرضت له المجموعتان الأولى والثانية.

ولم يتعلم الأطفال في هذه المجموعة إلا الكلمات التي استمعوا إليها في أجواء هادئة. وهو ما يعني أن الاستماع إلى الكلمات في جو هادئ دون تشتت بسبب الضجيج قد يساعد الأطفال على التعلم. وقال الباحثون إن أحد عيوب الدراسة إنهم عرضوا الأطفال لنوع واحد من الضجيج مما يعني أن النتائج قد تختلف في بيئات أخرى.

لكن مع ذلك قالت ريناتا فيليبي الباحثة في جامعة ساو باولو بالبرازيل، التي لم تشارك في البحث، إن النتائج تتفق مع أبحاث أخرى عن تطور اللغة التي توصلت إلى أن الضوضاء يمكن أن تحول دون تطور اللغة. نقلًا عن “DW”.

اضف تعليق