البطاطا محصول يستهلكه مليارات الناس بصورة منتظمة. ويشّكل البطاطا محصولا رئيسًيا في النظم الزراعية والغذائية في مختلف أنحاء العالم، بدًء من أصحاب الحيازات الصغيرة الذين ينتجون يدوًيا الأصناف الموروثة في جبال الانديز وصولا إلى المزارع التجارية الشاسعة التي تستخدم المكننة في قارات مختلفة. وباعتبار البطاطا...

تعد البطاطا غذاءً أساسيًا لسكان العالم، فهي غنية بالكربوهيدرات، مما يوفر مصدرًا أساسيًا للطاقة. كما أنها تحتوي على العديد من المغذيات الدقيقة بما في ذلك فيتامينات ب وفيتامين ج والفولات والبوتاسيوم والفوسفور والمغنيسيوم. وتمثل البطاطا جزءًا حيويًا من النظام الغذائي العالمي وتلعب دورًا حاسمًا في تعزيز الأمن الغذائي العالمي وتخفيف حدة الفقر.

يمكن أن يساهم الإنتاج المستدام للبطاطا في تحقيق الركائز الأربع للأمن الغذائي: التوافر، والحصول، والاستخدام، والاستقرار. ونظرًا لتنوعها الوراثي الكبير وزراعتها والطلب الحالي عليها، يمكن لأبحاث البطاطا وابتكارها أن تساهم في نظم الأغذية الزراعية المستدامة وتساعد في القضاء على الجوع وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

كانت السنة الدولية للبطاطا في عام 2008 بمثابة احتفال بواحد من أهم الأطعمة الأساسية التي يحبها البشر على مستوى العالم. وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، أيدت الجمعية العامة للأمم المتحدة الاقتراح الذي قدمته بيرو بشأن الاحتفال السنوي باليوم الدولي للبطاطا في 30 مايو/أيار.

ويساهم هذا المحصول، من خلال زراعته واستهلاكه على نطاق واسع، في المقاصد الرئيسية لأهداف التنمية المستدامة، مثل القضاء على الجوع، وتعزيز الزراعة المستدامة، والنهوض بالفرص الاقتصادية. فالبطاطا ليس مجرد غذاء أساسي في الأنماط الغذائية للعديد من الأشخاص، بل يوفر أيًضًا فرًصًا للعمل وللنمو الاقتصادي المستدام على امتداد سلاسل القيمة.

البطاطا محصول يستهلكه مليارات الناس بصورة منتظمة. ويشّكل البطاطا محصولا رئيسًيا في النظم الزراعية والغذائية في مختلف أنحاء العالم، بدًء من أصحاب الحيازات الصغيرة الذين ينتجون يدوًيا الأصناف الموروثة في جبال الانديز وصولا إلى المزارع التجارية الشاسعة التي تستخدم المكننة في قارات مختلفة.

 وباعتبار البطاطا المحصول الغذائي الثالث الأكثر استهلاكا في العالم، فهو يساهم في الأمن الغذائي، وسبل العيش وعمالة الأشخاص في المناطق الريفية والحضرية حول العالم.

من جهتها رحّبت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) اليوم بقرار الأمم المتحدة تحديد يوم 30 مايو /أيار يومًا دوليًا للبطاطا، فيكون فرصة للتوعية بمحصول يستهلكه مليارات الأشخاص بصورة منتظمة ويكتسي أهمية عالمية بالنسبة إلى الأمن الغذائي والتغذية.

وقالت السيدة Beth Bechdol، نائب المدير العام للمنظمة: "سوف يسلّط هذا اليوم الدولي الضوء على القيمة الكبيرة للبطاطا من النواحي التغذوية والاقتصادية والبيئية والثقافية. وسيُبرز كذلك مساهمة البطاطا في الأمن الغذائي العالمي وفي الحد من الفقر وتأمين سبل العيش لملايين الأشخاص، مع التأكيد على الدور الرئيسي لمعارف السكّان الأصليين وممارساتهم".

وتوجّه سعادة السيد Víctor García Toma، الممثل الدائم لبيرو لدى الأمم المتحدة، إلى الجمعية العامة اليوم قائلًا: "سيتيح لنا هذا اليوم "لفت الانتباه إلى أهمية هذا المحصول الذي ورثناه عن أجدادنا في إدامة الجهود الرامية إلى خفض الجوع وسوء التغذية والفقر؛ فضلًا عن تشجيع التنمية الزراعية والأمن الغذائي وصون التنوع البيولوجي ووظائف النظام الإيكولوجي".

محصول واحد غني بالإمكانات

تعود جذور البطاطا، وهي غذاء موجود منذ آلاف السنين، إلى منطقة جبال الأنديز في أمريكا الجنوبية، شق طريقه إلى أوروبا في القرن السادس عشر لينتشر بعد ذلك في جميع أنحاء العالم. والبطاطا ليست مجرد مصدر للتغذية.

وتعدّ البطاطا عنصرًا هامًا في الاستراتيجيات الرامية إلى توفير أغذية مغذية يسهل الحصول عليها وتحسين سبل العيش في المناطق الريفية وغيرها من المناطق التي تكون فيها الموارد الطبيعية، خاصة الأراضي الصالحة للزراعة والمياه، محدودة والمدخلات باهظة الثمن. وإنّ تعدد استخدامات هذا المحصول وقدرته على النمو في ظروف متنوّعة يجعله خيارًا مجديًا بالنسبة إلى المحاصيل.

والبطاطا هي أيضًا من المحاصيل المراعية للمناخ لأنها تنتج مستويات منخفضة من انبعاثات الاحتباس الحراري مقارنةً بالمحاصيل الأخرى.

وخلال العقد الماضي، زاد الإنتاج العالمي من البطاطا بنسبة 10 في المائة، ما أدّى إلى تنامي فرص العمل والدخل، ولكن ينبغي بذل المزيد من الجهود لتسخير الإمكانات الكاملة التي ينطوي عليها هذا المحصول في إطار السعي إلى القضاء على الجوع وسوء التغذية على المستوى العالمي.

وبالإضافة إلى ذلك، ثمة تنوّع واسع في البطاطا، مع وجود أكثر من 5 000 من الأنواع المحسّنة ومن الأصناف/ السلالات الأصلية للمزارعين، وكثير منها مرتبط فقط بموقعها الأصلي في أمريكا اللاتينية. ويلاحظ في 150 من الأقارب البريّة للبطاطا المزروعة تباين وراثي واسع ينطوي على مجموعة من السمات منها القدرة على التكيف مع مختلف بيئات الإنتاج، ومقاومة الآفات والأمراض، وخصائص مختلفة للدرنات. وهي كذلك مخزنٌ للسمات الوراثية بغرض مواصلة تحسين هذا المحصول وراثيًا ليتكمّن من الاستجابة للظروف البيئية المتغيرة باستمرار، والأنماط الحيوية الجديدة للآفات والأمراض، وتفضيلات المستهلكين.

التحديات والتهديدات

يواجه إنتاج البطاطا تهديدات وتحديات عدّة، خاصةً الآفات والأمراض، مثل مرض اللفحة المتأخرة للبطاطا الخطير وأشكاله المختلفة، بالإضافة إلى الذبول الجرثومي ومرض الساق السوداء، وخنفساء كولورادو، ولفحة الأوراق الخفيفة، وديدان الجذور، والكثير من الأمراض الأخرى. ويواجه التوسع المنشود لزراعة البطاطا واستهلاكها، لا سيما في البلدان النامية، قيودًا بفعل أوجه الضعف على امتداد سلسلة قيمة هذا المحصول، بدءًا من قلّة توافر البذور العالية الجودة والعمليات الزراعية دون المستوى الأمثل، وعدم ملاءمة مرافق التخزين والتجهيز، وصولاً إلى محدودية الوصول إلى الأسواق.

رحلة البطاطـا المميزة

تعود جذور البطاطا، التي نشأت في جبال الأنديز، إلى حضارة الإنكا وتُعتبر "زهرة الحضارة الهندية القديمة".

وقد دعمت البطاطا، التي جُلبت إلى أوروبا في القرن السادس عشر، صعود التحضر وأشعلت الثورة الصناعية.

خلال عهد أسرة تشينغ، خففت البطاطا من حدة المجاعة في الصين، مما ضمن مكانتها كمحصول أساسي.

وفي الحرب العالمية الثانية والصراعات اللاحقة، وفرت غلة البطاطا العالية وقدرتها على الصمود الأمن الغذائي أثناء فترات النقص.

تعد المجاعة الكبرى في أيرلندا في أربعينيات القرن التاسع عشر مثالاً صارخاً على كيف يمكن أن يؤدي الافتقار إلى التنوع في القاعدة الجينية وأنظمة المحاصيل إلى نتائج كارثية.

واليوم، تقف البطاطا كمنارة للأمن الغذائي وركيزة للزراعة المستدامة: حيث يوفر أكثر من 5000 نوع من البطاطس ثروة وراثية لمكافحة الآفات والأمراض وتأثيرات تغير المناخ، وتوجيه الممارسات الزراعية المستدامة.

تتميّز البطاطا بتاريخها العريق الذي يرقى إلى جبال الأنديز في أمريكا الجنوبية منذ حوالي 000 8 سنة عندما بدأت مجتمعات الصيادين وجامعي الثمار المحليين في استئناس نبتات البطاطا البرية التي كانت تنمو حول بحيرة تيتيكاكا. وبعد ذلك بوقت طويل، في القرن السادس عشر تقريبًا، أتى الإسبان بالبطاطا إلى أوروبا من بيرو، وبدأوا في زراعتها في بلادهم. ثم أُرسلت هذه الدرنات المزروعة في إسبانيا إلى جميع أنحاء أوروبا كهدايا نادرة لعلماء النبات، وحتى لشخصيات بارزة مثل قداسة البابا.

وسرعان ما اكتسبت البطاطا تقدير البحّارة الذين تناولوها خلال رحلاتهم البحرية الطويلة. وهذه هي عمومًا الطريقة التي انتشرت من خلالها البطاطا إلى سائر أنحاء العالم، وبدأت زراعتها على نطاق واسع.

واليوم، أصبحت البطاطا ثالث أكثر غذاء استهلاكًا في العالم وعنصرًا حاسمًا في الأنماط الغذائية للأشخاص على مستوى العالم، ويرجع ذلك في الغالب إلى قدرتها على النمو في مساحة أقلّ من أي محصول رئيسي آخر.

ولكن على مرّ عقود من الزمن، اعتمدت أوروبا على عدد قليل للغاية من أصناف البطاطا، رغم وجود عدد كبير منها. وهذا النقص في التنوع الوراثي للبطاطا المزروعة في أوروبا جعل محصول البطاطا الأساسي معرضًا بشدة للأمراض. ومن الأمثلة الصارخة على ذلك مرض اللفحة المتأخرة الذي قضى على محاصيل البطاطا في أيرلندا وأدّى إلى المجاعة الكبرى في عام 1840.

وقد جعلت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) الحفاظ على تنوع محاصيل البطاطا من الأولويات لضمان استمرار هذا العنصر الأساسي كركيزة للزراعة المستدامة والأمن الغذائي. ويدعم هذه المبادرة برنامج نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية التابع للمنظمة. ويتم اختيار نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية كأماكن لحماية تقاليد المزارعين الثمينة والنظم الزراعية والغذائية المستدامة التي تحمي الأصناف المحلية المتنوعة بيولوجيًا للمحاصيل الحيوية مثل البطاطا.

وترد في ما يلي أربعة نظم مبتكرة للتراث الزراعي ذات الأهمية العالمية تحتفي بالبطاطا:

شيلوي، شيلي: موطن البطاطا التجارية

يُعتبر أرخبيل شيلوي، وهو أحد نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية في شيلي، من الأماكن الأساسية للحفاظ على التنوع البيولوجي للبطاطا. وفي الواقع، تشير أدلة الحمض النووي الحديثة إلى أن الأصناف المزروعة حول العالم اليوم ترتبط ارتباطًا وثيقًا بمحاصيل البطاطا القادمة من شيلي.

وقبل حقبة التحديث الزراعي، كانت المجتمعات المحلية للسكان الأصليين في شيلوي تزرع ما بين 800 إلى 000 1 صنف محلي من البطاطا. ولكن، مع ظهور الأمراض وانتشار البذور التجارية، انخفض هذا العدد إلى 91 صنفًا. وتؤدي النساء الريفيات دورًا حاسمًا في الحفاظ على هذا التنوع الوراثي وتنفيذ أنشطة الصون في مزارعها.

وتُعدّ البطاطا اليوم المحصول الرئيسي المزروع في جزر شيلوي النائية، وتكتسي أهمية أساسية بالنسبة إلى سُبل عيش المجتمعات المحلية. بيد أنّ قيمتها تمتدّ إلى ما هو أبعد من شيلوي، إذ تساهم الأصناف المزروعة في الأرخبيل بشكل كبير في الأمن الغذائي العالمي.

آلاف الأصناف في جبال الأنديز، بيرو

في نظام آخر من نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية في جبال الأنديز، تشكّل محاصيل البطاطا المزروعة على التلال مصدرًا رئيسيًا لتغذية سكان المنطقة. وتعتمد زراعتها على المعرفة التقليدية والممارسات المستدامة التي يتوارثها المزارعون والمجتمعات المحلية للشعوب الأصلية. وبفضلهم، ينمو أكثر من 000 4 نوع من البطاطا، بما في ذلك البطاطا البرية، في منطقة جبال الأنديز.

وتعدّ الزراعة في منطقة جبال الأنديز أحد أفضل الأمثلة على تكيّف المزارعين مع بيئتهم، حيث تعلّموا استئناس أنواع البطاطا المتوطنة وزراعة هذه المحاصيل على ارتفاع يتراوح بين 300 3 و800 3 متر. وتُستهلك المحاصيل الأصلية على المستوى المحلي بشكل رئيسي. كما أن البطاطا المجفّفة، والتي تسمى تشونيو (chuño)، تُحفظ لسنوات وتُستخدم كمصدر أساسي للغذاء خلال فترات الجفاف.

ولسوء الحظ، تتسبّب هجرة الشباب إلى المدن في خسارة فادحة للمعرفة والتنوّع البيولوجي؛ ولكن بفضل المعايير والطقوس الثقافية للمجتمعات المحلية للشعوب الأصلية، يحافظ النظام على هويته الزراعية ويصون آلاف أصناف البطاطا.

البطاطا تنمو في الرمال في نظام الزراعة الرملية، تونس

في غار الملح، وهو أحد نُظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية في تونس، يستخدم المزارعون تقنية فريدة تُسمى الرملي، وتتكوّن من زراعة الأغذية في الرمال.

وتنمو محاصيل الرملي في أحواض رملية تُروى بالمياه العذبة بواسطة حركة المد والجزر. وهو نظام هشّ للغاية يعتمد على المعارف والخبرات التي توارثها المزارعون من جيل إلى آخر من أجل ضمان عدم غمر المحاصيل بالمياه المالحة، ما قد يؤدي إلى تلفها.

وفي بحيرات غار الملح، تعتبر البطاطا عنصرًا أساسيًا في إنتاج الأغذية المحلية ومصدرًا رئيسيًا لسُبل العيش لسكان المنطقة، نظرًا إلى ارتفاع الطلب في السوق.

الذهب الأبيض في باروسو، البرتغال

إنّ المناخ المعتدل لنظام التراث الزراعي ذي الأهمية العالمية في منطقة باروسو في البرتغال جعله موقعًا مثاليًا لزراعة البطاطا.

وأصبحت زراعة البطاطا من الأصول الأعلى قيمة بالنسبة إلى المزارعين، الذين أطلقوا على هذا المحصول اسم "الذهب الأبيض" للمنطقة. وقد مكّن ازدهار إنتاج البطاطا هذا الأسر من تحسين ظروفها المعيشية، وشراء ملابس أفضل، وتحسين حال منازلها.

ومنذ القرن الثامن عشر، كتب الخبراء عن البطاطا الشهيرة من منطقة "Tras-os-Montes"، ممّا يثبت الأهمية الاجتماعية والثقافية لهذا المنتج وقدمه. وبفضل ما لهذا المحصول من سمعة وقيمة، أصبح أحد المؤشرات الجغرافية المحمية، وهي شهادة تثبت جودة المنتج في ما يخص الموقع الجغرافي الذي نشأ فيه.

وقد قطعت البطاطا رحلة طويلة عبر الأرض والزمان، وهي تساهم الآن في الأمن الغذائي لمليارات البشر وسُبل عيشهم. ولهذا السبب، حدّدت الأمم المتحدة يوم 30 مايو/أيار باعتباره اليوم الدولي للبطاطا. فاحتفلوا به من خلال التعرّف على أصناف البطاطا المتوفرة محليًا والطرق المختلفة لطهيها. وشاركوا معارفكم الجديدة مع الأصدقاء وتعلموا كيفية تقدير هذه الدرنة الموجودة في كل مكان بطريقة جديدة تمامًا!

اقتصاد البطاطا

يستهلك حوالي ثلثا سكان العالم البطاطا بوصفها غذاء أساسي؛ ويُستخدم ما يقرب من 50% من البطاطس في إطار التغذية المنزلية الأساسية.

البطاطا مقاومة للجفاف والبرد والأراضي القاحلة مع قدرة واسعة على التكيف.

بحلول عام 2030 سيصل إجمالي إنتاج البطاطا إلى 750 مليون طن، أي زيادة 112%، منها زيادة في إنتاج آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية بمقدرا 440 مليون طن (بنسبة زيادة 100%) مما يشكل حوالي 59% من الانتاج العالمي.

وفي العقد الماضي، زاد الإنتاج العالمي من البطاطا بنسبة 10 في المئة، مما أدى إلى نمو في فرص العمل وفي المداخيل. مع ذلك، لم يزل هناك المزيد من العمل الذي يتعين القيام به لتسخير الإمكانات الكاملة لهذا المحصول في إطار السعي للقضاء على الجوع وسوء التغذية على مستوى العالم.

وفضلا عن ذلك، يوجد نطاق واسع من التنوع في محاصيل البطاطا، بوجود أكثر من 5000 صنف محسّن وأصناف/سلالات أصلية للمزارعين، وعديد منها فريد من نوعه بسبب موقعه الأصلي في أمريكا اللاتينية. وتُظهر الأنواع النباتية البرية القريبة من البطاطا —البالغ عددها 150 نوعا— تنوعًا وراثيًا واسعًا مع مجموعة من السمات، بما في ذلك القدرة على التكيف مع بيئات الإنتاج المختلفة، ومقاومة الآفات والأمراض. فهي مستودع للصفات الموروثة للتحسين الوراثي المستمر للمحصول للاستجابة للظروف البيئية المتغيرة باستمرار، والأنماط الحيوية الجديدة للآفات والأمراض وتفضيلات المستهلكين.

وتسير سوق البطاط العالمية على نهج سليم نحو التوسع، ويتوقع نموها بمعدل سنوي مركب يبلغ 3.47 في المئة في الفترة من 2023 إلى 2028، وفقاً لبيانات 360 ماركت آبديتس، التي رجّحت أيضاً وصول السوق إلى 118.15 مليار دولار بعد أربعة أعوام فقط من الآن.

وتكتسب البطاط مكانة مميزة كسلعة عالمية، علماً أنها سادس أكثر السلع إنتاجاً في العالم بمتوسط 333.1 مليون طن سنوياً، إذ تأتي بعد السكر والذرة والأرز والقمح وحليب الماشية، وفقاً لبيانات الفاو.

وعلى الرغم من هذا الزخم، والتأكيدات من إمكانية تصدي محاصيل البطاطس لتغيّر المناخ، فإن حجم حصاد البطاطس لم يعد إلى ذروته منذ أكثر من عقدين، عندما بلغ 19.8 مليون طن من أصل 322.7 مليون طن مزروع عام 2000، لكن تكمن نقطة التفاؤل في ارتفاع حجم الإنتاج السنوي بصفة مطردة.

فمنذ عام 2011، شهد إنتاج البطاطس طفرة ليرتفع من 328.4 مليون طن عام 2010 إلى 368.7 مليون طن، ويواصل ارتفاعه سنوياً حتى بلغ 374.7 مليون طن عام 2022، حسب أحدث بيانات فاوستات.

أخذت القارة الآسيوية نصيب الأسد من إنتاج البطاطس في العالم بنسبة 43.9 في المئة، بينما جاءت أوروبا في المركز الثاني بنسبة 36.8 في المئة، والأميركيتين بنسبة 12.8 في المئة، بينما تنتج القارة الإفريقية 6 في المئة فقط من الإنتاج العالمي للبطاطا.

تتصدر الصين قائمة أكبر الدول المنتجة للبطاطا بنحو 73.47 مليون طن سنوياً، تليها الهند بنحو 34.79 مليون طن سنوياً، في إشارة إلى هيمنة آسيا على الإنتاج العالمي.

كما جاءت روسيا في المركز الثالث بنحو 28.07 مليون طن، بينما حلّت الولايات المتحدة الأميركية رابعاً بنحو 20.22 مليون طن، وأوكرانيا في المركز الخامس بنحو 19.5 مليون طن، وفقاً لبيانات فاوستات.

وتسيطر الدول الأوروبية على باقي القائمة، فكل من بولندا وألمانيا وفرنسا وهولندا تنتج متوسط يتراوح بين 7 ملايين طن و13 مليون طن من البطاطا سنوياً.

وتشهد سوق البطاطا في الولايات المتحدة اهتماماً بالغاً من العديد من الدول، إذ تصدر أميركا البطاطا سواء طازجة أو مجففة أو مجمدة أو على هيئة رقائق.

تزدهر صادرات البطاطا الأميركية المجمدة على وجه الخصوص، إذ تُقدّر بنحو 1.43 مليار دولار في الفترة ذاتها، وتصدرت اليابان الدول المستوردة لها النوع بنحو 380 مليون دولار، تليها المكسيك بنحو 287.2 مليون دولار في الفترة من يوليو تموز 2022 حتى يونيو حزيران 2023، وفقاً لأحدث بيانات وزارة التجارة الأميركية.

برزت العديد من الدول العربية ضمن أكثر الدول استيراداً لرقائق البطاطا الأميركية، من الإمارات والسعودية إلى قطر والكويت، علماً أن إجمالي صادرات رقائق البطاطا الأميركية بلغ أكثر من 219 مليون دولار خلال الفترة من يوليو تموز 2022 حتى يونيو حزيران 2023.

وعلى الرغم من الإقبال على البطاطا الطازجة، فإنها تعتبر سوقاً صغيرة في الولايات المتحدة، وتُقدّر صادرتها عام بنحو 310.3 مليون دولار، بينما تُقدّر صادرات البطاطا المجففة بنحو 257 مليون دولار خلال الفترة ذاتها.

اضف تعليق