تختلف أهمية القراءة لدى الأشخاص باختلاف ميولهم واهتماماتهم، فمنهم من يعتبرها وسيلة جيدة ومفيدة للاستمتاع بوقت الفراغ، ومنهم من يعتبرها ضرورة ومنهجاً للحياة إلا أن القراءة تتجاوز حدود المتعة والمعرفة لما لها من فوائد عديدة تعود على الصحة العقلية والقدرات الذهنية...
تختلف أهمية القراءة لدى الأشخاص باختلاف ميولهم واهتمامتهم، فمنهم من يعتبرها وسيلة جيدة ومفيدة للاستمتاع بوقت الفراغ، ومنهم من يعتبرها ضرورة ومنهجاً للحياة إلا أن القراءة تتجاوز حدود المتعة والمعرفة لما لها من فوائد عديدة تعود على الصحة العقلية والقدرات الذهنية، سواء كنت ذاك القارئ لمج أم العادي؛ الحريص على شراء الكتب الأكثر مبيعاً أو كتاب اقترحه صديق فهذا معناه أنك تنفق وقتك بشكل جيد، لأن أحد مزايا قراءة الكتب والروايات أنها توفر المتعة، بالتالي يمكن أن توفر هروباً من الضجر أو الإجهاد، اذن فكيف تساعدنا قراءة الكتب على فهم الآخرين والتفاعل معهم بشكل أفضل؟ وكيف تساهم القراءة في المحافظة على صحتنا النفسية؟ كيف توسع المطالعة من وجهات نظرنا وتساهم في نمونا كأفراد؟ كل هذه الفوائد وغيرها مما تحمله القراءة؟
أثبتت الدراسات أن "الضياع في الكتب يحمل مزايا قوية بشكل غير متوقع لنمونا العقلي ومشاعر الانتماء لدينا أيضاً، كذلك لتنمية المهارات الاجتماعية وطول العمر وإدارة المزاج"، وتقول أستاذة علم الاتصال في جامعة أوهايو الأمريكية الدكتورة ميلاني جرين (Melanie Green)، "من المحتمل أن تتوه في عالم كتاب تقرأه إذا كان عالي الجودة، ويختلف تقدير ذلك من قارئ إلى آخر"، فالقراءة كوسيلة انتقال! تعتمد فيها جودة القراءة على القارئ نفسه، بغض النظر عما إذا كانت قراءة سريعة أو شعرية أو قصة رومانسية أو كتاب مغامرات تشويقي، فإذا شعرنا بالاندماج إلى حدّ الضياع في عالم النص "ننتقل"، حيث لا يتوقف ذلك على استيعاب المحتويات المكتوبة في الكتاب، بل تقدم لنا القراءة الفوائد.
وُصفت القراءة بميزان العقل للنشاط العقلي والإدراك البصري الذي يمارسه القارئ من خلال اكتشافه ومحاكاته لتجارب الآخرين عبر كتبهم، فهي رحلة تحرير من قيود الزمان والمكان لإثراء عوالم الإنسان الداخلية والخارجية، هي مَلَكة والبعض يصنفها مَهارة، نشاط عقلي وإدراك بصري ومحاكاة لتجارب الآخرين ومعاركهم، حتى تصبح مساحة الفهم والتفكير بلا حدود.
فالقراءة تؤثر على الصدغ الأيسر من الدماغ، المنطقة المرتبطة باللغة والإحساس لدى الإنسان، ترتبط بالخلايا العصبية وتحفز عملها في ظاهرة تعرف بالإدراك المتجسد، هذا الاكتشاف، الذي يبدأ من الصغر ويستمر لباقي العمر، قد يكون مكتشفوها من الصغار أكثر ذكاء من غيرهم بنسبة 50% عندما يكبرون، بحسب الدراسات الحديثة، وعند الكبر تقيهم من الإصابة بمرض الزهايمر، القراءة تتسلل إلى الروح وتغني النفس بالعلم، وتثير الخيال والصورة، وتجيب عن الأسئلة وتطرح المئات منها في الوقت نفسه، فهي قوة أرعبت السلطات، وجمهورها لطالما حظوا بنظرة إعجاب ولو خاطفة، هي سياحة فكرية مختلفة، تتبع لوجهات النظر وتحليل للأفكار وما وراءها، هي كما قالوا عنها "أكثر من حياة".
القراءة والدماغ
أثر القراءة في تنمية العقل أثر القراءة على الفرد أهمية القراءة للطفل تحفيز الدماغ وتحسين الذاكرة اضافة لتطوير قدرة التركيز والمراجع تحفيز الدماغ إنّ الدماغ كغيره من أعضاء الجسم يحتاج لتمرين للحفاظ على صحّته ولياقته، وخير تمرين للدماغ ممارسة القراءة فهي بمثابة رياضة الدماغ التي تبقيه لائقاً متحفّزاً، وقد أظهرت الدراسات العلمية الحديثة أنّ ممارسة القراءة تعمل على حماية الدماغ من أمراض الشيخوخة كمرض ألزهايمر والخرف، لأنّ ممارسة الرياضة تحمي الدماغ وتبقيه يقظاً ونشطاً باستمرار وتمنعه من فقدان قدراته، كما يُنصح أيضاً بممارسة بعد الألعاب الذهنية كالألغاز والشطرنج للحفاظ على صحة الدماغ وسلامته. Volume 0% تحسين الذاكرة غالباً ما يحتاج القارئ أثناء قرائته لكتاب أو مقال لتذكر مجموعة من الشخصيات والأحداث والتواريخ والتفاصيل الدقيقة والفرعية الواردة في ما يقرأ وربطها معاً للوصول للفهم السليم لما تمّت قرائته، ويعد هذا النشاط من أفضل التمارين التي تساعد الفرد على تحسين ذاكرته وتطويره، ووُجد أنّ كل ذاكرة جديدة يتمّ إنشاؤها في الدماغ تقوم بتشكيل نقاط تشابكية مترابطة مع مسارات الدماغ، تعمل على تقوية الذاكرة وتساعد في استحضار الذاكرة على المدى القصير.
تطوير قدرة التركيز أغلب النشاطات التي يمارسها الناس على الإنترنت وخصوصاً في مواقع التواصل الاجتماعي تعمل على تشتيت انتباهه في اتجاهات مختلفة في آن واحد، فخلال دقائق معدودة يقسم الشخص العادي وقته في إنجاز عمل ما وتفقّد بريده الإلكتروني واستخدام تطبيقات المحادثة وتفقّد صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي والتفاعل مع من حوله، وكل ذلك يؤدي إلى رفع مستويات التوتر وتقليل الإنتاجية وانعدام التركيز، لكنّ القراءة ما يميّزها أنها ترفع مستوى التركيز لأقصى مستوياته وأحياناً ما يشعر الفرد بانغماسه تماماً في تفاصيل ما يقرأ، لذا يُنصح بمحاولة القراءة لمدة تترواح ما بين 15-20 دقيقة يومياً قبل العمل مما يجعل الفرد في قمة تركيزه في ذلك اليوم.
قراءة الكتب والصحة الذهنية
قد يبدو الأمر غير بديهي، لكن الجلوس ومطالعة عمل أدبي جيد قد يكون أفضل وسيلة يلجأ إليه الفرد، والسؤال كيف تساعدك قراءة الكتب في إعادة التوازن لنفسك؟ بداية، إنها توفر شكلا من أشكال الهروب أكثر بكثير مقارنة بأي عمل فني آخر، وفي تجربة أجرتها بي بي سي بناء على لجنة تضم "خبراء العلاج بالقراءة"، وهم معالجون يستخدمون الكتب كجزء من العلاج، وهي من ضمن أهم توصياتهم لتهدئة أي نفس مضطربة.
فالاختيار الصحيح لنوع من الأعمال الأدبية يجعل الفرد سعيدا كما يجدد نظرته تجاه العالم، بماذا أوصت إيلا بيرثود، خبيرة العلاج بالقراءة، تيريزا ماي، رئيسة الوزراء البريطانية السابقة؟ تقول بيرثود، وهي مؤلفة وخبيرة في تأثير قراءة الأعمال الأدبية على الفرد كما تقدم نصائح شخصية لرواد مؤسسة "مدرسة الحياة" التعليمية في لندن : "بدأت برواية كلاسيكية من تأليف الكاتب الأمريكي هوبير سيلبي وهي (مرثية حلم) كتبها عام 1978".
وتضيف أن حكاية الأشخاص الأربعة الذين يكافحون أشكالا مختلفة من إدمان المخدرات، والتي تحولت لاحقا إلى فيلم سينمائي في مطلع الألفية، ربما تكون "كئيبة للغاية، لكنني أعتقد أنها ستجد نفسها في أحداث الرواية"، وتقول "الرسالة العامة لهذا الكتاب هي الدأب على المحاولة والتمسك بالمباديء، وأن يسعى المرء لاغتنام الفرصة باستمرار، لذا أتمنى أن تقرأها"، وأن تشعر بأنها (الرواية) تنقيها وتجددها.
ويمكن أن تقوم برحلة حول العالم وأنت تجلس مكانك في المنزل، السؤال كيف يمكن للكتاب أن يعيد التوازن للنفس؟ حسنا، "بداية، تتيح الأعمال الأدبية شكلا من أشكال الهروب أكثر بكثير من أي أعمال فنية أخرى.، وتقول بيرثود : "إنك ترى الصورة جاهزة عندما تشاهد فيلما أو برنامجا تلفزيونيا، بينما الرواية تجعلك تختلق بنفسك المشاهد، لذا هي أقوى تأثيرا، لأنك مشارك فيها"، ويتحدث أليكس ويتل، الروائي الناجح الذي لم تكن بدايته سهلة في الحياة، كيف اكتشف مارك توين في رواية "هكلبيري فين" أثناء إقامته في منزل لرعاية الأطفال في جنوبي لندن.
ويقول إن تجربة تلك القصة الخيالية في ذلك الوقت كان لها تأثير "انتقالي قوي" عليه، ويضيف : "كان منزل رعاية الأطفال بشعا للغاية، لذا كانت رواية هكليبري فين ملاذا أهرب إليه من اضطراباتي اليومية"،
ويقول : "كان بمقدوري على الأقل، في الساعة التاسعة أو التاسعة والنصف مساء، الاختباء تحت الغطاء ومعي كشاف إنارة صغير وأتصفح تلك الصفحات، كنت أتخيل أنني أطفو على نهر المسيسيبي، وأصادف قوارب بخارية وأتخذ قراراتي الخاصة بشأن المكان الذي أذهب إليه من أجل الأكل والاستمتاع بالراحة".
إن كنت تعاني من حالة يأس فالقراءة تساعدك في التغلب على مصاعبك النفسية، وتتفق بيرثود وويتل وبورتون أيضا في الاعتقاد بأن الخيال التصالحي ليس بالضرورة أن يكون سعيدا، إذ يمكن أن يكون كئيبا وبشكل إيجابي، ويتذكر ويتل، أثناء مراحل عمره، كيف كان والده يحدثه عن طفولته في جامايكا، وعندما "ينتقل رواة القصص من قرية إلى أخرى، خاصة في وقت الحصاد، ويرون قصص العبودية وأشياء من هذا القبيل"، ويقول : "إنها أشياء كئيبة للغاية، لكنها تبرز كفاح الناس"، وبالنسبة لأليكس، يكمن جزء من جاذبية الأدب البائس في تعزية غير متوقع الحصول عليها وأنه "يتعلق بكيفية تعرض أشخاص لاختبار، وكيف تغلبوا عليها".
وإذا أولينا الاهتمام بصغار السن، نرى أن الأدب المقروء يلعب دورا مهما في معالجة أزمة الصحة العقلية لدى صغار السن، والتي أصبحت جزءا من نقاش على الساحة الدولية، وتزداد روايات تستهدف صغار السن وتساعد المراهقين في التعامل مع مشكلات يواجهونها في حياتهم اليومية، من التنمر إلى المخدرات إلى قضايا المتحولين جنسيا وقضايا الاقصاء من المجتمع، وتشير بيرثود إلى روائيين أمثال جونو داوسون وملفين بورغيس ومالوري بلاكمان تحسبهم أكثر فائدة في حث الأطفال على الحديث عن "قضايا قد تواجههم في حياتهم، لكنهم يعجزون عن التعبير عنها"، وتقول : "أعتقد أن الكتاب، كما قال كافكا، يمكن أن يمثل الفأس التي تهشم البحر المتجمد بداخلنا، وهي مقولة تصدق في أي عمر".
فوائد القراءة الصحية
1- من فوائد القراءة تقوية الوصلات العصبية: تُعد القراءة من أكثر الانشطة التي تحفّز الدماغ للقيام بمهامه وتُطّور القدرات الدماغية التواصلية والتحليلية، خصوصاً لدى الأطفال واليافعين كما وتقوّي عمل الوصلات العصبية الموجودة في الدماغ.
2- من فوائد القراءة وأهمية القراءة أنها تعزّز التركيز: إن العمليات التي يقوم بها الدماغ أثناء قراءة النصوص وتحليلها تتنوع بين التأمل والتفكير والتخيّل والتحليل وربط الظواهر مع مفاهيمها؛ ما يؤدي إلى تنمية القدرات التأملية والتعبيرية الكتابية منها والشفوية، وتطوير القدرات التحليلية، ورفع مستوى التركيز.
3- من فوائد القراءة تطوير القدرات الإبداعية: تتناسب القدرات الإبداعية طردياً مع معدلات القراءة، إذ أن القراءة تمكّن الفرد من التفكير بشكل غير مألوف، وتمكنّه أيضاً من الإتيان بما هو غير مسبوق نظراً لتجدد أفقه الثقافي والفكري المستمر نتيجة القراءة والاطلاع.
4- من فوائد القراءة تنشيط الذاكرة: إذا كان السؤال "ما هي أهمية القراءة؟" فإنَّ القراءة المنتظمة بكونها واحدة من الأنشطة الدماغية ومصدراً لتعزيز المهارات العقلية تقلل من فقدان الذاكرة وتَحِدُ من الإصابة بمرض الزهايمر؛ فقد أظهرت بعض الدراسات أن القرّاء بمرضى الزهايمر ظهرت عليهم أعراض الإصابة بالمرض في وقت متأخّر مقارنةً بغيرهم من غير القرّاء، المطالعة المستمرة تضمن لصاحبها نشاطاً أفضل على مستوى الذهن والذاكرة.
5- من فوائد القراءة مقاومة الاكتئاب والتوتر: تلعب القراءة دوراً في تقليل معدلات الاكتئاب والتوتر العصبي، لأن القارئ يكتسب أبعاداً فكرية جديدة قد تقلل من سلبية أفكار معينة اكتسبها بفعل بعض التجارب الاجتماعية والشخصية وتعد القراءة أحد مقاومات الأمراض العصبية البسيطة مثل الصداع والأرق، يمكنك تطوير استراتيجية في مقاومة الاكتئاب من خلال خطة قراءة تنتقي فيها عناوين محددة قد تكون هذه الكتب في مجال الرواية أو التنمية البشرية وربما السيرة الذاتية التي تحكي قصص أشخاص آخرين.
6- تحفيز الذهن من فوائد القراءة والمطالعة: يحتاج العقل إلى تحفيز دائم، وقد تختلف هذه المحفزات من شخص إلى آخر ومن عقل إلى آخر لكن بلا شك فإن القراءة على رأس هذه الأمور المحفزة بالإضافة إلى القراءة قد يكون السفر وتعلّم اللغات أو ألعاب الذكاء والألغاز وألعاب الذهن وغيرها من المحفزات الجيّدة للذهن والعقل.
غني عن التعريف هو موضوع القرأة وفوائد المطالعة وتنكية الجوانب المعرفية لدى الافراد وخاصة في المجال الذي يقرأ فيه وهذا ما يزيد خبراته ومعارفه فضلاً عن أغناء حصيلة الفرد اللغوية ويسكبنا رصيداً من المفردات والتراكيب التي تعيننا في التعبير عن أنفسنا في الكتابة والتاليف والتعبير في الاحاديث العامة.
اضف تعليق