q
إذا ما وجدت في العراق مدن تشتهر بمعالم السياحة والموروث الشعبي والصناعة، فإن بلدة بدرة الصغيرة الواقعة على الحدود العراقية الإيرانية، تقدم نفسها مدينة متخصصة بصناعة أبطال رفع الأثقال...

(أ ف ب) - إذا ما وجدت في العراق مدن تشتهر بمعالم السياحة والموروث الشعبي والصناعة، فإن بلدة بدرة الصغيرة الواقعة على الحدود العراقية الإيرانية، تقدم نفسها مدينة متخصصة بصناعة أبطال رفع الأثقال.

البلدة التي تتميز بزراعة النخيل والتي لا يتجاوز عدد سكانها 15 ألف نسمة، تخلو من كل أشكال الترفيه، ومركزها الرئيس شارع تمتد على جانبيه محال تجارية متواضعة ومقاه صغيرة. الحديث الدائم لرواد تلك المقاهي هو لعبة رفع الأثقال وما يحققه أبناء البلدة في ذلك المجال.

يقول مدرب المنتخب العراقي لرفع الأثقال خضير باشا لوكالة فرانس برس إن "أبناء هذه البلدة كانوا يتبارون في السابق على رفع القطع الحديدية الكبيرة كنوع من إظهار القوة والتحمل، وخصوصا قطع غيار المركبات".

يضيف باشا الذي يعلو صوته أثناء التدريبات على صوت ارتطام أقراص الحديد بالأرض وهو يحث رياضييه على عدم الاستسلام "وجد عدد من الشباب من أبناء المدينة مطلع سبعينيات القرن الماضي إمكانية ممارسة هذا النوع من الرياضة. شاركوا أول مرة في العام 1974 في بطولة العراق وأقيمت في محافظة الديوانية بجنوب البلاد"، وتابع أن "المشاركين آنذاك لم يعرفوا شيئا عن تلك البلدة الصغيرة، وحصدنا كل الجوائز فيها، ومن هنا بدأت علاقة رفع الاثقال" بدرة الواقعة على مسافة 200 كلم الى الشرق من بغداد.

جيل جديد

يتخذ نادي بدرة الرياضي، الوحيد في البلدة، من مبنى قديم يعود لأول مدرسة ثانوية فيها أسست عام 1945، مكانا لتدريبات الرياضيين، بعد دمج قاعات الدراسة لتكون قاعة كبيرة، وتخصيص أخرى لتدريبات فئة الأشبال.

الصور العملاقة المعلقة على جدران القاعة والتي تعود لأبطال مروا فيها، تشكل إلهاما للرياضيين خلال تدريباتهم، على غرار الرباع سلوان جاسم، يقول جاسم، المتخصص في منافسات وزن 105 كلغ، والحاصل على الميدالية الفضية في دورة الألعاب الآسيوية للصالات التي أقيمت في تركمانستان عام 2017، "نريد أن نعزز ما حققته هذه المدينة. علينا أن نواصل ما أنجزه السابقون وأن تبقى البلدة مصنعا لأبطال هذه الرياضة".

يضيف جاسم (27 عاما) الطامح لمشاركة مهمة في دورة الألعاب الآسيوية في أندونيسيا العام الحالي أن "أكثر ما نفخر به هو انتماؤنا لهذه المدينة وارتباطنا باسمها الشهير في هذا المجال"، محمد جاسم، شقيق سلوان، حصل بدوره على الميدالية الفضية في دورة الألعاب الآسيوية في الدوحة عام 2006.

الحفاظ على التاريخ

يعرب الرباع أحمد فاروق (28 عاما) عن فخره بأن تصبح البلدة "الصغيرة هذه عاصمة لرفع الأثقال في العراق، وعنوانا للإنجازات التي تحققت عربيا وآسيويا بفضل أسماء كبيرة مرت من هذا المكان"، يضيف "نتطلع إلى الحفاظ على هوية وإرث المدينة"، رغم ذلك، لم يتردد باشا في الحديث عن غياب اهتمام اللجنة الأولمبية العراقية بهؤلاء الرياضيين. يقول "نتدرب هنا بالاعتماد على جهود شخصية".

وفي هذا الصدد، يشير الرباع الدولي السابق محمد طاهر محمد كاظم (55 عاما) رئيس نادي بدرة الى ان "النادي يسير بعائدات مالية سنوية تقدر بـ30 مليون دينار عراقي من أموال تأجير بعض المحال التابعة له. لكن هل يكفي هذا المبلغ للانفاق على التجهيزات والمعدات في التدريب والمشاركة في المسابقات؟".

يلفت كاظم من جهة أخرى إلى أن حصول لاعبين صغار من مدرسة الموهوبين في بدرة على ميداليات في بطولة غرب آسيا في الأردن، ما يعكس سطوة هذه المدينة على اللعبة، ويضيف رئيس النادي أن هذا دليل على "ارتباطها روحيا بعالم رفع الاثقال، وهذا يعني أن هناك من يحافظ على تاريخها وسمعتها في هذا المجال".

اضف تعليق