بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، بارئ الخلائق أجمعين، باعث الأنبياء والمرسلين، ثم الصلاة والسلام على سيدنا وحبيب قلوبنا أبي القاسم المصطفى محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين الأبرار المنتجبين، سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم إلى يوم الدين، ولا حول ولاقوه إلا بالله العلي العظيم.
آيات متعددة ذات جوامع متحدة:
(إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)
(وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ)([2])
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)([3])
وقال جل اسمه: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)([4])
ويقول أيضاً: (ثُمَّ ليَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)([5])
ويقول سبحانه وتعالى: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ)([6])
ويقول جل اسمه (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ)
وسيأتي البحث حول الجامع لهذه الآيات إذ انها تبدو من بادئ النظر بمحاور مختلفة لا جامع اعتباري بينها، وسيأتي ان شاء الله تعالى.
عوالم الأشياء والأشخاص والأفكار
سبق ان ذكرنا بان الانسان تارة يعيش في عالم الاشياء فتبهره المساكن الفارهة والسيارات الفاخرة والسفن والطائرات والشوارع والأبنية ومختلف ألوان المظاهر المادية الخلابة والجمال الظاهري الصوري.
وتارة أخرى ينتقل إلى مرحلة أسمى فيعيش في عالم الأشخاص، لكن المعضلة التي يواجهها أكثر الناس هي أن هذه الأشخاص تتحول إلى أصنام معبوده من دون الحق تعالى من حيث يدري أو لا يدري، وتارة ثالثة يعيش الانسان في عالم الأفكار وهو الأسمى من ذينك العالمين وهذا ما ذكره بعض المفكرين.
العالم الرابع الأسمى: عالم القيم
ولكن التأمل يقودنا إلى أن هذا التصنيف الثلاثي ناقص غير تام؛ إذ العوالم أكثر من ذلك، إذ أن هنالك عالماً، أسمى وأعلى من عالم الأفكار وهو عالم القيم؛ حيث أن الأفكار لابد أن تكون تحت مظلة القيم وفي إطارها بل أن تصب في الاتجاه العام لها، ولو أنها تمردت على ذلك العالم العلوي القيمي لكانت نفس هذه الأفكار هي المعول الهدام للإنسانية والأمم والحضارات بل وحتى الأحزاب والعشائر والجماعات والعائلات.
العالم الخامس: عالم الأفعال
كما يوجد ايضا عالم خامس هو عالم الأفعال، وهذا العالم هو الوسيط بين عالم الأشياء وعالم الاشخاص بل والوسيط إلى عالم الأفكار أيضاً إما بتفعيلها أو حتى في مرتبة سابقة باكتشافها وبلورتها فإن لبعض الأفعال تأثيراً كبيراً على اكتشاف الأفكار الإبداعية أو تطويرها وبلورتها.
سير الطفل في العوالم الثلاثة
وعودا على المثال السابق وهو الطفل فإننا نجد أنه لا يدرك، أول ما يخلق في الدنيا، إلا عالم الأشياء كالحليب الذي يرتضعه أو الحضن الذي يحتضنه، ثم بمرور الزمن يتطور فيدرك عالم الأشخاص بالتدريج: أمه أولاً ثم أباه مثلاً وهكذا، وهنا يبرز دور الوسيط المغفول عنه في التقسيم الثلاثي وهو عالم الأفعال فإن الطفل يدرك سلسلة متدرجة من الأفعال البسيطة والتي تتحول إلى أفعال معقدة بمرور الزمن إذ انه يدرك (لمسة الأم) و(احتضانها) و(القبلة) ويكتشف ما يكمن وراء ذلك من الحنان والعطف والاهتمام كما انه يدرك عملية الارتضاع وعبره، وبشعور أولي بسيط بدائي، عامل الوقت وانه متى يبدأ ومتى يتوقف عنها.
اذن: الافعال هي الوسيط بين الاشخاص والاشياء وهذا ما سنتوقف عنده أكثر في بحث الامم ان شاء الله تعالى.
حركة الأمم في العوالم الخمسة، في امتداد الزمن
ومحور حديثنا يدور حول الامم والمراحل والعوالم التي تمر بها في حركتها في عمق التاريخ وفي امتداد الزمن؛ فإن الأمم حالها حال الطفل الرضيع الذي يحبو ثم ينمو ليصبح شابا فشيخا ثم ليصل إلى أرذل العمر، حيث نجد الأمم تمر بتلك المراحل ومنها عالم الافعال، وهو العالم المتعلق بالتكاليف الشرعية أي الواجبات والمحرمات وغيرها كما أن التقنينات المتنوعة في مجلس الأمة أو النواب والتي تسن في الدول المختلفة مصبها الأفعال ومحورها (أفعل أو لا تفعل) والتي تعم كافة الحقول والأنشطة من التدريس والتعليم والسفر والإقامة والزراعة والتجارة والاستثمار وغيرها من حيث الاذن أو المنع أو الحدود أو الآليات أو غيرها، نعم: بعض التشريعات تتعلق بالجواهر لكنها الأقل كما في الأحكام الوضعية التي معروضها الجواهر بأنفسها كطهارة الحديد والمعادن ومطلق الأرض أو نجاسة الدم والكلب والخنزير والخمر بناء على المشهور المنصور من ان النجاسة حكم وضعي وليس مآله إلى التكليفي.
وتبرز أهمية عالم الأفعال أكثر عندما نعرف أن عالم الأفعال هو السر وراء تقدم الأمم او انحدارها فإن أعظم الأفكار بدون أفعال تتناسب معها لا تحقق شيئاً وكذلك العكس إلى حد كبير.
ومن هنا نلاحظ أيضاً أن الشخص الناجح تميّز بأفعال نوعية بلغ بها ما بلغ من الكمال والنجاح بل يمكن من خلال سيرته وأعماله اكتشاف سر نجاحه، وفي قباله تماماً يقع الشخص الفاشل في طريقة حياته وكيفية أعماله.
خطورة الأفكار بدون حاكمية القيم
ومن أبلغ الشواهد على أهمية حاكمية عالم القيم على عالم الأفكار بل وخطورة عالم الأفكار إذا تجردت عن عالم القيم، هو الفكر الرهيب الذي سجله السياسي المفكر الشهير ميكافيلي([7]) الذي عاش قبل حوالي 500 سنة، في كتابه، فقد كتب ميكافيلي كتابا غيّر وجهة العالم أو ترك واحداً من أعظم التأثيرات عليه حتى أننا نجد دولاً كثيرة كأمريكا وبريطانيا وروسيا وغيرها يعملون على ضوء تعاليم هذا الكتاب ويهندسون خططهم بالاستناد إليه كما أن هذا الكتاب يعتبر الأساس البنيوي للدول الاستبدادية وهو مصدر وحي وإلهام لهم وللدول الاستعمارية – الديمقراطية، على حد سواء ولعل هذا الكتاب هو من نوادر الكتب التي تركت بصماتها المشوهة على التاريخ بشكل رهيب.
وهذا الكتاب هو (الأمير) وكان الأولى به أن يسميه (الأمير الوحش)! أو (الدراكولا)!([8]).
هتلر وموسوليني و(الأمير) ورسالة الدكتوراه:
وينقل المؤرخون أن هتلر كان ممن يداوم على قراء هذا الكتاب حتى انه كان يضعه تحت مخدته ويطالعه كل ليلة! إذ يعتبره كتابه الجامع وقرآنه المانع!!
وأما موسوليني وهو ذلك الحاكم المستبد المعروف فقد كتب رسالة الدكتوراه له على ضوء هذا الكتاب مستلهماً منه أفكاره وتنظيراته، والمهم أن هذا الكتاب في البعد الفكري متميز نادر ورهيب؛ إذ أنه استطاع ولمدة 500 عام من التأثير على مسار العالم بشكل نادر.
إن ميكافيلي تميز في كتابه (الأمير) بأفكار في غاية الفاعلية بل وبأفكار إبداعية للوصول إلى السلطة والمحافظة عليها بشتى الطرق وبذلك حط في واحدة من أعلى محطات عالم الأفكار إلا أنه في هذا العالم حيث افتقد بوصلة القيم، انحدر بفكره وعقله وذهنه إلى الحضيض فكان من أخطر مَن أسس أساس الفساد والجور والظلم وعلّم الحكام سبل الاضطهاد الفاعلة في عالم الإنسان وما ذلك إلا لأنه تجرد في أفكاره تلك عن القيم والإنسانية والفطرة الربانية، وإن من الواضح أن الانسان إذا تجرد من قيم الوفاء والصفاء والنبل وسمو النفس والأمانة انتقل إلى ساحة الخيانة والدناءة ومحورية الأنا ولا شك أن هكذا إنسان سيكون وحشا ضاريا وسبعا فتاكا مخيفا يدمر الدنيا والاخرة
نماذج من تعاليم كتاب (الأمير) الفاشية
ولنستعرض الآن بعض الاقتباسات من بعض صفحات هذا الكتاب:
قال مؤسساً لقاعدة من أهم قواعد الحكم: (القوة فوق القانون) وهذا مبدأ أساس في منهج الطواغيت كهتلر وفرعون وصدام وغيرهم إذ لا قيمة عندهم للقانون الإلهي أو البشري أو الفطري، بل القوة هي التي لابد أن تهيمن على كل القوانين وأن تدوس بقدمها – وبكل قسوة ووحشية، على كافة منظومات القيم العليا والأخلاق الفضلى.
ميكافيلي مصغر في الكثير من البيوت!
وإننا إذ نستبشع مثل هذه الفكرة الخطيرة إذا أريد لها أن تكون أساساً لعمل الحكام، علينا أن نتذكر أنها خطيرة وهدامة وبشعة في أي نطاق استعملت وفي أي مجتمع كبير أو صغير حصلت، فالإنسان في بيته حينما يستعمل القوة ويدوس بها القانون الإنساني والإسلامي الأسري فيضرب زوجته أو أبنه ظلما لأنه الأقوى في البيت، او يتسلط بتصرف هنا او هناك او يكون مجحفا بمعاملاته البيتية وغيرها، فانه يكون نسخة مصغرة عن ميكافيلي وهتلر وموسوليني وفرعون.
ومن ذلك يظهر أن المجتمع الذي يعيش في عالم الأشياء والأشخاص والأفكار إذا لم يكن محكوما بالقيم فإنه سيكون غابة للوحوش المفترسة والكلاب النابحة.
إن قاعدة (القوة فوق القانون) كطريق من اجل الحصول على كيان قوي، ليست إلا فكرة هدامة وقاعدة شيطانية لا تجر للمجتمع إلا الوبال والدمار والتخلف ثم الانهيار.
قوانين أساسية للحكم الناجح عند ميكافيلي: الشحّ والقسوة والنذالة و...!
وهناك مجموعة من القوانين الفكرية الخطرة التي سطرها ميكافيل في كتابه:
القانون الأول: (قانون الشحّ) وهو أحد القوانين التي اعتبرها أساسية للحكم الناجح! وحسب رأيه فإن على الحاكم أن يكون بخيلاً جشعاً ينزل الأموال في جيبه ولا ينفق على الشعب إلا بالقطّارة ومن هنا نجد أكثر الحكام والدكتاتورين يكادون ينفجرن من الثراء الفاحش والأموال اللامحدودة!.
القانون الثاني: (قانون القسوة) فالواجب، حسب رأي ميكافيلي، أن يكون الحاكم قاسيا بل كلما كان اشد قسوة كلما كان انجح في الحكم!!.
القانون الثالث: (قانون نكث العهود) وهو قانون آخر يؤكد عليه كتاب (الأمير) داعياً إلى نكث العهود وسحقها تحت الأقدام، وهو يعتبر الحاكم الناجح هو ذلك الذي يتميز بنقض العهد وذلك على العكس تماماً مما قاله أمير المؤمنين (عليه السلام): "وَإِنْ عَقَدْتَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ [عَدُوٍّ لَكَ] عَدُوِّكَ عُقْدَةً أَوْ أَلْبَسْتَهُ مِنْكَ ذِمَّةً فَحُطْ عَهْدَكَ بِالْوَفَاءِ وَ ارْعَ ذِمَّتَكَ بِالْأَمَانَةِ وَ اجْعَلْ نَفْسَكَ جُنَّةً دُونَ مَا أَعْطَيْتَ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ شَيْءٌ النَّاسُ أَشَدُّ عَلَيْهِ اجْتِمَاعاً مَعَ تَفَرُّقِ أَهْوَائِهِمْ وَ تَشَتُّتِ آرَائِهِمْ مِنْ تَعْظِيمِ الْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ وَ قَدْ لَزِمَ ذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ دُونَ الْمُسْلِمِينَ لِمَا اسْتَوْبَلُوا مِنْ عَوَاقِبِ الْغَدْرِ فَلَا تَغْدِرَنَّ بِذِمَّتِكَ وَ لَا تَخِيسَنَّ بِعَهْدِك"([9])
القانون الرابع: (قانون النذالة) وهذا قانون آخر غريب جداً إذ أن ميكافيلي يعتبر النذالة شرطاً أساسياً في نجاح الحاكم، وحسب رأيه فانه كلما كان الحاكم نذلاً كانت أنجح في إدارة الحكم.
القانون الخامس: (تحطيم مراكز القوى) فلقد كان من الأهداف الاستراتيجية لدى ميكافيلي تحطيم طبقة النبلاء والشرفاء في المجتمع، وذلك لأنهم يشكلون الموازن الاستراتيجي لقوة الحاكم، ومع القضاء عليهم يخلو الجو للحاكم ليمارس أي نوع من أنواع الظلم دون أية معارضة! وذلك أيضاً على الطرف النقيض مما كان يدعو إليه سيد الإنسانية والمحبة والفطرة أمير المؤمنين (عليه السلام) إذ أوصى مالك الاشتر بعهده المعروف بالبيوتات الصالحة ذات الشرافة قال (عليه السلام): "فَوَلِّ مِنْ جُنُودِكَ أَنْصَحَهُمْ فِي نَفْسِكَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِإِمَامِكَ وَأَنْقَاهُمْ جَيْباً وَأَفْضَلَهُمْ حِلْماً وَأَجْمَعَهُمْ عِلْماً وَسِيَاسَةً مِمَّنْ يُبْطِئُ عَنِ الْغَضَبِ وَيُسْرِعُ إِلَى الْعُذْرِ وَيَرْأَفُ بِالضُّعَفَاءِ وَيَنْبُو عَلَى الْأَقْوِيَاءِ مِمَّنْ لَا يُثِيرُهُ الْعُنْفُ وَلَا يَقْعُدُ بِهِ الضَّعْفُ ثُمَّ الْصَقْ بِذَوِي الْأَحْسَابِ وَأَهْلِ الْبُيُوتَاتِ الصَّالِحَةِ وَالسَّوَابِقِ الْحَسَنَةِ ثُمَّ أَهْلِ النَّجْدَةِ وَالشَّجَاعَةِ وَالسَّخَاءِ وَالسَّمَاحَةِ فَإِنَّهُمْ جِمَاعٌ مِنَ الْكَرَمِ وَشُعَبٌ مِنَ العُرْفِ يَهْدُونَ إِلَى حُسْنِ الظَّنِّ بِاللَّهِ وَالْإِيمَانِ بِقَدَرِه"([10])، وطبيعي أنه ليس المقصود من البيوتات الصالحة النبلاء المصطلح المعروف بل المراد النبلاء بالمعنى الحقيقي للكلمة.
والمهم: أن البيوتات الصالحة والنبيلة هي مراكز قوة ومحور مهم للدفاع عن قيم المجتمع، وتفرد الحاكم المستبد المطلق بالحكم لا يكون إلا بتحطيم هذه المراكز من أجل أن تستوسق له الأمور ويتمهد له الطريق للمزيد من الجور والظلم والاستبداد.
احذر الطيبة وكن كالثعلب!
كما يحذر ميكافيلي الحاكم من ان يكون طيب القلب فان الطيبة كما يدّعي هي خطر على الحكومات!!، بل اللازم على الحاكم الناجح ان يكون خبيثا ومن هنا فعلى الامير تدمير كل من يلحق به الاذى وليس مجرد سجنه او قصقصة اظافره واجنحته بل ان استعمال اسلحة التدمير الكامل له هو المطلوب والمحبّذ!.
ومن نصائح (الأمير) أيضاً (يجب أن يكون الأمير كالأسد الفتاك في قتل الناس وكالثعلب في المكر) ومن الواضح أن كل مستبد جائر وظالم غاشم يأنس بهذه القوانين البهيمية؛ إذ أن القوة الشهوية والغضبية لو انحرفت عن المسار المستقيم في بناء العائلة والدفاع عن الوطن مقابل الأعداء لتحولت إلى أخطر سلاح يتسلح بمثل هذه النصائح والقوانين!
قانون إشعال الفتن وإثارة الحروب
وأما عن الحرب فيقول ميكافيلي أنه لابد على الأمير من أن يكون تفكيره بل كل تفكيره في الحرب، ويقول: انها الفن الوحيد الذي يحتاج إليه من يتولى القيادة!.
والسبب واضح في موعظته هذا! إذ أن إشعال الحروب والمعارك داخلياً وخارجياً يبقي السلطة بيد المستبد ليستفرد بكرسي السلطنة أبداً –فيما يتوهم!- وذلك لأن ظرف الحرب يعد أفضل مسوغ لسحق المعارضة وكل من يطالب بالحقوق.
وهذا المبدأ –كنظائره- نجده أيضاً عند من سبق ميكافيلي تنظيراً وتطبيقاً له كالأول والثاني والثالث في غصبهم الحكم من أمير المؤمنين (عليه السلام)؛ إذ كانت القسوة والنذالة ونكث العهود هي الأساس الذي بنوا عليه حكمهم (السقيفة وحرق دار السيدة الزهراء مثالاً، والغدر بمالك بن نويرة وقتله والزنا بزوجته مثالاً آخر) بل كانت الحروب التي أقاموها، والتي سميت بالفتوحات، في واقع الأمر قنوات لأرسال الناس والجنود الى جبهات القتال وإشغالهم بذلك وبالتالي تفريغ عاصمة الحكم منهم حتى لا يفكر أحد منهم في التصدي للحكومة والمطالبة بإحقاق الحق إذ مع وجود جبهات قتال مشتعلة، فان الكل ينادي، في مثل تلك الظروف، بأن الأولوية هي لجبهات القتال وفي قتال العدو فلا تثيروا خلافات داخلية! بل لا يبقى مجال لذلك أصلاً!.
والعجيب أن الكثير من الباحثين كتبوا عن صفات الحاكم الناجح فجعلوا عمادها إشعال الحروب مع الدول الأخرى لإشغال الناس بها ولتكون حجة لسحق المعارضة!
والمشكلة الرئيسة التي تعصف بالعالم اليوم هي أن منظومة القيم المتعالية تركت وراء الظهر وأصبح الفكر الميكافيلي هو منهج الحكم والحياة!!.
تقييم بعض الباحثين للفكر الميكافيلي!
والغريب وليس بغريب ان الكثير من المفكرين السياسيين وغيرهم يعتبرون نموذج ميكافيلي هو الأنموذج السليم والصحيح!!.
بل قال بعضهم عنه انه اسيء فهم ما نظّر له وما ابدعه في كتابه من قوانين!
قال أحدهم: ان كتاب (الأمير) تعرض لسوء فهم كبير وسوء استقبال خصوصا من الادباء والساسة الانجيليين وغيرهم بل انه تعرض للقدح في المسارح ولم يبزغ نجمه إلا مع فلاسفة كراسل([11]) وهيغل([12]) وما أشبه فهؤلاء المفكرون العمالقة عندما جاؤوا نهض كتاب الأمير من جديد وعرف العالم حينذاك قدر هذا الكتاب!.
الحضارة الغربية والحلقة المفقودة: (منظومة القيم)!
وعوداً على بدء أن كل إنسان قد يمر بالعوالم الثلاثة، كما أن كل جماعة بل كل أمة وحضارة قد تمر بالعوالم الثلاثة، ولكن تبقى منظومة القيم الانسانية هي المرجع الاساس في كل ذلك، والنموذج البارز الحضارة الغربية فقد تطورت ظاهريا في عالم الأفكار إلا أنها تعاني من الانسلاخ عن عالم القيم والذي يبقى الحلقة المفقودة عندهم وهي التي توفر الطمأنينة والرخاء للإنسان في الدنيا قبل الآخرة.
رجل الدين والطالب الجامعي والمهمة الكبرى:
تأسيساً على ذلك نقول: أن كل رجل دين بل وكل طالب جامعي واعٍ ومتربٍ في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) لابد أن يكون داعيا – بعمله قبل أقواله - إلى المنظومة القيمية السماوية التي دعا إليها الدين الحنيف والتي هي قمة الأخلاق والشرافة والنبل والمعنوية والروحانية مما يفتقده أكثر الغربيين، فإن العالم الغربي برغم ما فيه من تطور رهيب في عالم الأشياء إلا أن واقعه خواء وجوهره ظلام ولا نور فيه، ولعل غالب الناس هناك لهم استعداد كبير لاحتضان أنوار القرآن والعترة ونظراً لافتقادهم منظومة القيم السماوية، لو تحسس الناس هناك هذه الاشراقات المعنوية والروحية والأخلاقية عبر المتدين الواعي لدخلوا في دين الله أفواجا، فحسب الإحصاء الرسمي فإن إحدى دول الخليج وحدها لها أكثر من 100 ألف مبتعث([13]) وزمالة دراسية لشبابهم الذين يدرسون في الولايات المتحدة، ولو ان نصف هؤلاء كانوا يحملون قيم الاسلام وقيم الدين الحنيف معهم الى الجامعات الغربية بالقول والعمل لتغير وجه أوربا وأمريكا، ولكن المشكلة أن كثيراً من الطلبة فقدوا قيمهم وإنسانيتهم وراحوا يلهثون وراء الشهوات والجاه والأموال والمناصب!.
التوازن والتكامل بين العوالم الأربعة
بعد ذلك كله ننتقل إلى قضية أخرى في أقصى درجات الأهمية وهي ضرورة إقرار التوازن وإيجاد التكامل بين العوالم الأربعة فانه هو سر التطور والتقدم والإبداع، فلنتصور أن لدينا مدرسة لكن بدون مدير أو بدون معلم؟ أو مسجداً من غير إمام الجماعة أو بدون مصلين؟ أو حسينية بدون خطيب أو بدون قراءة القران الكريم؟ هل كان يجدي ذلك شيئاً؟ كلا فإن الأشياء بدون الأشخاص لا قيمة كبيرة لها كما أن الأشخاص بدون الأشياء قليلة الفاعلية فإن رجل الدين الفاضل لو كان في منطقة ما بدون مسجد يصلي فيه ولا حسينية يخطب فيها يكون تأثيره قليلا فإن رجل الدين بدون مدرسة أو حسينية أو مدرسة أو مكتبة لا يستطع أن يتواصل مع الناس، نعم يمكن استثمار مواقع التواصل الاجتماعي وهو أمر مهم جدا لكنه لا يكفي بمفرده.
ولذلك كان السيد الوالد رحمه الله يوصي أي رجل الدين يذهب إلى الى منطقة ما بأن يشيّد في السنوات الأولى من وجوده خمس مؤسسات من خلالها يخدم الناس ويوطد العلاقة بهم ويهديهم ويرشدهم إلى خير دنياهم واخرتهم عبر هذه المؤسسات ففي السنة الاولى يبني مسجدا وفي الثانية ينبي مدرسة وفي السنة الثالثة يبني حسينية وفي السنة الرابعة يشيّد مستوصفا وفي السنة الخامسة يؤسس صندوقا للإقراض الخيري، ولو كان الأمر كذلك لوجدنا رجال الدين متميزين على مستوى العالم كله.
فقدان التوازن بين العوالم هو سر تأخرنا
ومن ذلك كله نكتشف سراً من أسرار ضعفنا وهو فقدان التوازن والتكامل بين عالمي الأشخاص والأشياء فإما أن يكون هناك أشخاص بدون مؤسسات كافية أو تكون هناك مؤسسات بدون كفاءات، ويكفي أن نستشهد هنا ببعض الأديان المخترعة المبتدعة والتي تأسست قبل حوالي مائتي سنة إلا أننا نجد ان هؤلاء انطلقوا وأسسوا المؤسسات والمؤسسات، وحسب استقراء جرى قبل 15 عاماً قرأته في إحدى الكتب الصادرة من إحدى الجهات المعروفة فان أرباب هذا الدين المبتدع الباطل أسسوا أكثر من 17 ألف مؤسسة وفرعاً حول العالم، وقد رأيت شخصيا بعض هذه المؤسسات في إحدى الدول الغربية وكانت حقاً كما يبدو من خارجها مؤسسات ضخمة، كما ربّوا كفاءات ومحاورين وأساتذة جامعيين مع أن أتباعهم وبحسب بعض الإحصاءات لا يتجاوزون الـ (5) مليون شخص.
وقد نقل لي أحد الأشخاص من ذوي الخبرة بانه في البلد الفلاني توجد 26 فضائية ناطقة بلغة معينة قامت بتأسيسها وإدارتها جهات شتى إلا أن أتباع هذا الدين المنحرف يسيطرون بكفاءاتهم على أربعة وعشرين منها فقد يكون المتحدث الرئيس (نجم الفضائية) واحداً منهم أو قد يكون المدير أو مساعده منهم أو شبه ذلك.
ويرى بعض المطلعين أن هذه الجماعة تقع بالمرتبة الثانية بعد اللوبي الصهيوني كثاني أكبر مؤثر في الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية الأخرى مع ان اليهود يتراوح عددهم بين 14- 17 مليون وهؤلاء هم فقط خمسة ملايين لكنهم لهم تأثير كبير في عالم الأشخاص وعالم الأشياء.
إن علينا كرجال دين أن يكون لنا موقع الصدارة في العوالم الأربعة وفي إيجاد التدرج القيمي السليم بينها بأن يكون عالم الأشياء خاضعاً لعالم الاشخاص إذ أن الإنسان لابد ان يكون هو الحاكم بخلاف المنطق الميكافيلي الذي يرى المنطق للقوة وأنها هي الحاكمة على الإنسان.
كما لابد ان يكون عالم الافكار هو المسيطر على عالم الأشخاص وعالم الأشياء، ويجب أن يقع الكل تحت مظلة عالم القيم، والتوازن الدقيق بين هذه العوالم الأربع وهو المطلوب، ولو وصلنا إلى هذه المرحلة من التطور والنجاح فإننا سنعود في هذه الدنيا السادة والقادة كما كنا سابقا وإلا سنبقى – والعياذ بالله – اذلاء تابعين
وهنا لابد من أن نطلق آهة من الآهات وزفرة من الزفرات المؤلمة؛ إذ أليس من المفروض أن يكون الشيعي هو القدوة الأسمى والأرقى في مجال الحضارة وفي ميدان المعرفة وفي سباق الفكر؟، ولكن وللأسف صرنا أسوء من هؤلاء الذين لم يتنفسوا عبق أهل البيت (عليهم السلام) فخسرنا – أي الكثير منا – آخرتنا وخسرنا دنيانا أيضاً.
من البصائر في آية الحج: العوالم الخمس مجتمعة
قال تعالى في كتابه الحكيم: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)([14])
إن هذه الآية المباركة تجمع العوالم الخمس التي أشرنا إليها:
أ- فإن البيت الحرام من (عالم الأشياء) وعالم الأشياء لها قيمة وقد تكون لها قيمة عظمى، كالكعبة المشرفة، على عكس ما يتوهمه الوهابيون فانهم يتحدثون عن المشاهد المشرفة ويعتبرون زيارتها والتبرك بها شركا، ولو كان الأمر كذلك فكيف جعل الله عبادته بالطواف حول هذه الأحجار والتبرك بالحجر الأسعد؟؟!! اذ يقولون ان المشاهد المشرفة أحجار وليس أكثر، فنقول: والكعبة أيضا أحجار وهي بدورها مخلوقة لله فكيف يلوذ المخلوق بمخلوق آخر؟!
ب- كما ان (الحج) هو من (عالم الأفعال)، فإنه عبارة عن سلسلة من الأفعال والحركات والسكنات كالطواف والرمي والسعي والمبيت وغير ذلك.
والحاصل: أن الحج عبارة عن مجموعة من الأفعال التي تتمحور حول مجموعة من الأشياء كرمي الجمرات والطواف والسعي بين الصفا والمروة فإن كل ذلك عبارة عن مجموعة من الأفعال التي تنبثق من فكرة الطاعة والعبودية وتقود نحو سلسلة من التكامل في عالم القيم الفضلى، وكذلك أيضاً الوقوف في عرفة فان الوقوف في عرفة هو التواجد في ذلك المكان وهذا فعل من الأفعال أيضاً له قيمة عليا، وكذلك المبيت في المشعر الحرام، فكل ذلك عبارة عن سلسلة من اللآلئ العبادية المنضودة المتكاملة والتي تقود الأنسان لتحقيق الغاية العظمى من الخلقة وهي العبادة والمعرفة (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ)([15])
إشارة مهمة.. يأتوك رجالا:
ومما يفتح مجالا للتفكير الأعمق في عالم الأفعال، ما نستلهمه من الآية الشريفة من قوله تعالى: (يَأْتُوكَ رِجَالاً) ذلك انه من الطبيعي ان الانسان إذا جاء إلى الحج أو إلى أي مكان آخر فانه يأتي ماشيا أو راكبا وهذا من البديهيات فلماذا أشارت إليه الآية الكريمة وما هو الهدف من ذكر ذلك؟ قد يقال: أنه توجد إشارة مهمة في الآية الكريمة وهي تركيز الأضواء على عالم الأفعال وبعض أبعاده وألوانه فإن الفعل بنفسه قد لا تكون له قيمة ولا يكون له لون ولكنه لو وقع على نحو الطريقية فانه سوف يتلون بلون الغاية فيصبح ذا قيمة كبرى وفائدة عظمى ولعل ذلك من جهات قوله تعالى: (يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ).
ج- وهناك (فكرة) وراء كل ذلك وهي: الخضوع للرب جل اسمه وإرجاع الحاكمية لله تعالى.
د – كما أن الحج بدوره عبادة وهي (قيمة) من القيم بل هي أعلى القيم وأسماها.
الوسيط الإلهي:
هـ - وأما (عالم الأشخاص) فإننا نلاحظ أن الآية الكريمة تصرح بـ(وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ)([16]) فهناك شخص داعية مكلف من قبل الله تعالى بالدعوة للحج فلا يصح أن تلغى الوسائط بين الخلق والحق حسب الوهم القاصر لبعض البعيدين عن جادة الكمال العقلي، ومن هنا نستكشف أهمية الشخص – النبي أو الوصي - كواسطة الى الحق جل وعلا.
والحاصل: أنه لابد ان يكون هناك شخص داعية يؤذن في الناس بالحج ويكون هو القائد والموجّه.
بل نجد في الآية الشريفة إشارة هامة أخرى حيث قال تعالى: (يَأْتُوكَ) فما هو موقع الضمير هنا؟ مع أن المفروض أن يقول (يأتون البيت أو الحج)؟ ما ذلك إلا لمحورية عالم الأشخاص المطلقين في المعادلة الإلهية كما فصلناه في بحث سابق([17]).
خطبة الوسيلة للإمام (عليه السلام) واشارات إلى عالم الأفكار والقيم والأشخاص
ولو راجعنا خطبة الوسيلة لأمير المؤمنين سنجد اشارات قوية الى عالم الافكار من جهة والى عالم القيم من جهة اخرى وايضا الى عالم الاشخاص المطلقين او الاستثنائيين من جهة أخرى، فلنقتطف بعض جواهر الحكم منها:
"وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُه شَهَادَتَانِ تَرْفَعَانِ الْقَوْلَ وَتُضَاعِفَان الْعَمَل"([18]) فهذه الشهادة لله بالوحدانية وللرسول (صلى الله عليه وآله) بالرسالة والعبودية هي التي ترفع الأقوال إلى مصاف القبول الإلهي وهي التي تضاعف العمل موصلة له إلى منتهى مدرج سلسلة القيم.
وقال (عليه السلام): "خَفَّ مِيزَانٌ تُرْفَعَانِ مِنْهُ وَثَقُلَ مِيزَانٌ تُوضَعَانِ فِيهِ" وكما نرى فإن ذلك كله مرتهن بعالم الأشخاص المطلقين أي المعصومين المنزهين عن العوالم الدنيا وعن الأخطاء والنواقص، وأيضا يقول "وَبِهِمَا الْفَوْزُ بِالْجَنَّةِ وَ النَّجَاةُ مِنَ النَّارِ وَ الْجَوَازُ عَلَى الصِّرَاطِ وَ بِالشَّهَادَةِ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَ بِالصَّلَاةِ تَنَالُونَ الرَّحْمَةَ، أَكْثِرُوا مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّكُمْ (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)([19])".
ثم يقول الأمير (عليه السلام):
"فَاتِّبَاعُهُ (صلى الله عليه وآله) مَحَبَّةُ اللَّهِ وَرِضَاهُ غُفْرَانُ الذُّنُوبِ" وهكذا نجد مرة أخرى أن هذا الشخص المطلق هو واسطة الفيض الإلهي فإن إتباعه محبة الله ورضاه غفران للذنوب وكمال في الجنة فالمدار إذن على النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) كشخص ذي قيمة مطلقة ولذا يقول الأمير أيضاً: " وَ فِي التَّوَلِّي عَنْهُ وَ الْإِعْرَاضِ مُحَادَّةُ اللَّهِ وَ غَضَبُهُ وَ سَخَطُهُ وَ الْبُعْدُ مِنْهُ مُسْكِنُ النَّار..." الخ
ثم يتحدث (عليه السلام) عن الوصي بعد الرسول (صلى الله عليه وآله) كمقياس للحق والباطل، إذ يقول (عليه السلام) في خطبته "فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ اسْمُهُ امْتَحَنَ بِي عِبَادَهُ وَقَتَلَ بِيَدِي أَضْدَادَهُ وَأَفْنَى بِسَيْفِي جُحَّادَهُ وَجَعَلَنِي زُلْفَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَحِيَاضَ مَوْتٍ عَلَى الْجَبَّارِينَ وَسَيْفَهُ عَلَى الْمُجْرِمِينَ وَشَدَّ بِي أَزْرَ رَسُولِهِ وَأَكْرَمَنِي بِنَصْرِهِ وَشَرَّفَنِي بِعِلْمِهِ وَحَبَانِي بِأَحْكَامِهِ وَاخْتَصَّنِي بِوَصِيَّتِهِ وَاصْطَفَانِي بِخِلَافَتِهِ فِي أُمَّتِهِ"
وتفصيل الكلام حول ذلك سيأتي ان شاء الله تعالى
وزبدة المقال:
ان عالم الأشياء وعالم الأشخاص وعالم الأفكار وعالم القيم كلها ضرورية ولازمة لتكامل الأمم إلا أنه لا بد من التوازن الدقيق بينها والتكامل بين أركانها ولا بد لتحقيق ذلك من (القائد المطلق السماوي) الذي ينظم العملية ويسوقها كي تكون أكثر انتاجاً وعطاءً، بل وبدون قيادة السماء سيكون الانتاج صفرا على الشمال بل سيكون على العكس مما ينتج النقيض لا سمح الله.
واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
وصلى الله على محمد واله الطاهرين
اضف تعليق