تعج الأسواق والمكتبات مع بدء العام الدراسي الجديد، ينشغل الأهالي بتجهيز أبنائهم من طلبة المدارس بالتجهيزات الضرورية والقرطاسية، بينما تأخذ المبادرات الإنسانية طريقها الى الكثير من الاسر المتعففة، اما الحكومة فهي متفرجة وسط حيرة الأهالي، حتى ساد العرف بترك الأهالي يواجهون مصيرهم المحتوم...
تعج الأسواق والمكتبات مع بدء العام الدراسي الجديد، ينشغل الأهالي بتجهيز أبنائهم من طلبة المدارس بالتجهيزات الضرورية والقرطاسية، بينما تأخذ المبادرات الإنسانية طريقها الى الكثير من الاسر المتعففة، اما الحكومة فهي متفرجة وسط حيرة الأهالي، حتى ساد العرف بترك الأهالي يواجهون مصيرهم المحتوم.
هنا ليس بصدد المقارنة بين عهدين من الزمن، ولكن مجرد استعراض لوضعين يتعلقان بحال الطالب، ففي السابق، أي بزمن النظام القديم كان يجهز الطالب بالكتب والقرطاسية بما يكفيه الموسم الدراسي او قد يحتاج الى شراء الشيء البسيط من الأسواق.
وفي السابق كانت المدرسة تجهز الطالب بالزي الموحد الذي يقلل الفوارق الطبقية بين الطلبة، ويعطي شعور بالصبغة التنظيمية التي تتبعها وزارة التربية في مدارسها ومؤسساتها المنتشرة في ربوع البلاد، فضلا عن مساهمة هذا الاجراء في التخفيف عن كاهل الاسر المعوزة التي لا تمكن من توفير قوت يومها نظرا لصعوبة الظروف المعاشية ودخول البلاد بالحروب العبثية.
اما في الوقت الحاضر ومع التغييرات الكبيرة التي طرأت على جميع الأنظمة ومنها النظام التعليمي، الا ان وزارة التربية لا تزال عاجزة عن توفير الجزء اليسير من احتياجات الطلبة والمدارس.
نأتي أولا الى موضوعة غياب الزي الموحد المفروض في السابق، وترك الأهالي وحدهم يكفلون بهذه المهمة الصعبة والمكلفة الى حد كبير، لا سيما في ظل التراجع الاقتصادي التي تعيشها اغلب الاسر العراقية، نتيجة ارتفاع الأسعار وعدم حماية السوق المحلية من جشع التجار وفي المحصلة النهائية حدوث الفقر المدقع.
بينما لو تمكنت الوزارة من توفير هذه الجزئية لخففت عن كاهل المواطن الكثير من الهم، والحيرة الدورية مع اقتراب كل موسم دراسي، وقد يضطر البعض من الأهالي الى الإبقاء على الملابس القديمة مع استبدال العتيق منها او الذي اختلف قياسه عن السنة الماضية، بحكم النمو الطبيعي الذي يشهده الفرد ويجبره على التخلي على مضض.
اما القرطاسية وإمكانية تجهيزها للطلبة، فهي تعد من المعضلات التي يصعب حلها في الوقت الحاضر، ولا نعرف اين الخلل او العرقلة التي تمنع وزارة التربية او الحكومة من الشروع بحملة التجهيز السنوية، مع وجود الإمكانات المادية الوفيرة والاحتياج الاسري لهذه المستلزمات الدراسية.
وقد يوجد من يرجع هذا الطرح علينا ويقول ان اغلب او جميع دول العالم تتجه بتجاه التعليم المدفوع بصورة كلية من قبل الأهالي او بشكل جزئي، ومن هذا على الأهالي ان يتحملوا قسطا كبيرا من النفقات على أبنائهم، ذلك ان المسؤولية تشاركية بين الطرفين، وليس من الصحيح ان يحمل طرف أكثر من غيره.
هذا الرد يرتدي بظاهره رداء المنطق والمعقول، ولا يخرج عن الواقعية، لكن ومع وجود خلل او ضعف في أحد الأركان، يصبح غير منطقي مطلقا.
في الدول او المدارس التي تتبع نظام الدفع مقابل التعليم، تتوفر بيئة تعليمية قادرة على تحفيز الطلبة نحو الاجتهاد والتفوق، فمثلا لا تجد فيها فصل دراسي يضم في جوفه أربعين او خمسين طالب، يجلس جزء كبير منهم على الأرض، نظرا لقلة المقاعد الدراسية مقابل الكثافة العددية.
وفي هذه المدارس أيضا تكون المجاميع الصحية ملبية لحاجات الطلبة، من ناحية توفر المياه الساخنة في فصل الشتاء، الى جانب الغسولات والمواد المطهرة، وغيرها من المستلزمات التي تشعر الطالب بنظافة البيئة المدرسية وملائمتها.
وزارة التربية فرضت على المدارس الاهلية العديد من النقاط لتوفير بيئة علمية جاذبة للطلبة، منها الاهتمام بالقاعات الدراسية، وإدخال التكنولوجيا في مجالات العليم وإيصال المادة العلمية، ووضعت العقوبات الصارمة على المخالفين، وتركت مدارسها في أسوأ احوالها، ولا نعرف ما الهدف او الغاية من كل ذلك؟
تخلي الحكومة متمثلة بوزارة التربية عن ابسط مسؤوليتها تجاه الطلبة عبر عدم توفيرها القرطاسية والتجهيزات المدرسية الأخرى، يجعلنا نذهب الى حالة من المقارنة الاجبارية بين عهدين من الزمن اختلف فيهما النظام التعليمي اشد اختلاف، ولم يعد الطالب هو محور الاهتمام.
اضف تعليق