بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، بارئ الخلائق أجمعين، باعث الأنبياء والمرسلين، ثم الصلاة والسلام على سيدنا ونبينا وحبيب قلوبنا أبي القاسم المصطفى، محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين الأبرار المنتجبين، سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم إلى يوم الدين، ولا حول ولا قوه إلا بالله العلي العظيم.
يقول تعالى:
(قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا)([1])
الحديث يدور حول الأخسرين أعمالا ـ والعياذ بالله تعالى ـ في الحياة الدنيا والملامح والمعالم لهؤلاء، ومناشئ ضلالاتهم وانحرافهم وسبل الحل والمواجهة وقد مضى شطر من الحديث في المحاضرات السابقة
وسوف نبدأ حديثنا ببعض البصائر القرآنية التي ترتبط بصلب الحديث عن ذلك:
البصيرة الأولى: الصور الخمسة للإيمان أو الكفر بآيات الله
يقول تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ) من هذه الفقرة الواحدة ـ التي تتحدث بالدلالة المطابقية عن صورة واحدة ـ نستكشف وجود صورٍ اربعٍ أخرى، فتكون الصور والحالات خمسة، والناجي منها هو فرقة واحدة في دائرة صورة واحدة فقط، واما البقية فليسوا بناجين فان الذي يكفر بآيات ربه ليس بناجٍ وليس على منجاة ولا على طريق نجاة وهذه هي الدلالة المطابقية للآية الكريمة، إلا ان في هذه الفقرة من الآية الشريفة دلالة التزامية على صور اخرى علينا ان نحذر من ثلاثة منها أشد الحذر كما علينا ان نكون من الصنف الرابع فقط.
توضيح ذلك: ان مدلول هذه الآية له نقيض وله أضداد، والأضداد ثلاثة اما النقيض فواحد:
الذين لم يكفروا بآيات ربهم ولقائه
اما نقيضها فهو (لم يكفروا بآيات ربهم ولقاءه) وهذا النقيض بما هو هو ليس بمنجاة بمعنى انه لا يكفي الانسان ان (لايكفر) بآيات الله ولقاءه فقط، بل عليه ان (يؤمن) بآيات الله ايضا، ذلك انه يوجد ههنا ضدان([2]) ونقيض، والضدان هما ان يكفر الانسان بآيات الله أي (ان يرفضها)، او ان يؤمن بها أي (ان يقبلها)، أما ان (لا يؤمن ولا يكفر) فهذه حالة ثالثة بمعنى ان لا يعقد قلبه لا على هذا ولا على هذا ([3]) ولا شك ان مثل هذا ليس بناجٍ قطعا.
وهذه الصورة تدخل في دائرة الشك وأحكامه، ولا ريب ان الشاك ليس بمؤمن اكيدا، وهو منزل منزلة الكافر حكما كما لايخفى، إلا انه بحسب الظاهر يقال عنه، او هو يقول عن نفسه: انه غير مؤمن وغير كافر !!وكلامنا في التشخيص الموضوعي الدقي.
وبالنتيجة ان الصورة الثانية: هي من لم يكفر بآيات الله تعالى من غير أن يؤمن بها.
الغرب ونظرية الشك طريق المعرفة
وهنا أذّكر بأمر هام جداً وأدعو الأفاضل ممن يكون بمقدوره ان يؤلف كتابا او يكتب دراسة او بحثا عن عنوان ومنطلق يعتمد عليه الغرب في المعرفة ويعتبرونه منهجا علميا أساسياً، وكان علينا ان نبدي رأينا فيه كدراسة علمية مستوعبة ومركزة، ولكن في حدود معلوماتي لم أجد دراسة مستوفية في هذا الحقل المعرفي الكبير:
وموجز الكلام عن ذلك: إن الغرب بَنى على نظرية مفادها: ان الشك هو طريق المعرفة بمعنى ان أي نظرية تطرح عليك او أي دين تسمع به او غير ذلك فعليك ان تنظر إليه بعين التشكيك وبنظرة حيادية منصفة ـ حسب تعبيرهم ـ وعليك ان تبدأ بالشك اولا، واعتبر هذا الامر المطروح امامك يمكن ان يكون صحيحا ويمكن ان يكون باطلا ثم ابدأ البحث!
وهذه النظرية مهمة جدا سواء قبلنا بها او رفضناها او فصّلنا فيها كما هو رأينا في المسالة، وسنشير لاحقاً إلى احد جوانب التفصيل كما سياتي
احدى مناقشات نظرية الشك
لكن في المقابل يقول أمير المؤمنين ع (إن الشكوك لواقح الفتن، ومكدرة صفو المنائح والمنن)، كما أن أي تردي في الهاوية فإن بدايته الشك، بينما نجد أن الغرب يعتبر ان الشك طريق للمعرفة كحقيقة مسلمة لا ريب فيها.
لكن الصحيح ان نقول ـ وهذا هو جانب من التفصيل ـ:
الشك القاتل والشك الموصل
كما ان الشك قد يكون طريقاً للمعرفة فانه قد يكون طريقا للضلال وإنكار البديهيات العلمية او الفلسفية او العقلية او غير ذلك.
وبالتالي فنظرية الغرب في الشك ليست صحيحة على إطلاقها بل في صورة دون أخرى.
وما نريد ان نؤكد عليه هو ضرورة ان نبلور ونطرح رأينا التفصيلي في المسالة ـ نحن كمتدينين وكعقلاء وكعلماء ـ فهل نشجع الناس على التشكيك ثم البحث؟ او نشجعهم على الإيمان الابتدائي أو الانطلاق من منطلق قوي صلب ثم البحث؟ او هناك حل اخر؟ وههنا بحث مفصل ليس هذا محله، لكن نشير اشارة الى احدى مفرداته فنقول:
ان الشك على قسمين: شك بناء وشك هدام، او فقل هناك شك قاتل وهناك شك موصل، ويجب التمييز بينهما بدقة.
فمثلا: لو ان جماعة ضلوا الطريق في الصحراء وكان فيهم خبير فاهتدى بالنجوم أو البوصلة ثم قال ان هذا هو مثلاً الطريق الصحيح فان قوله كثيراً ما لا يورث العلم لكنه حجة عقلائية ولا يصح ان يقول من لا خبرة له انني أشك في صحة ذلك! وما دمنا شاكين فعلينا ان لا نتبع هذا الخبير بل علينا ان نقوم بالتحقيق والفحص بأنفسنا – وهم مثله غير خبراء -! ومن الواضح ان تشكيكه هذا قد يورث الهلاك؛ لان التأخير في الصحراء الى حين الانتهاء من التحقيق أو إلى حين وصول غير أهل الخبرة إلى نتائج أخرى غير ما قاله الخبير، سيكون السبب الأساس في الهلاك في الصحراء القاحلة اما بعطش قاتل او بافتراس السباع والأسود او غير ذلك، فبالتالي ليس الشك دائما طريق النجاة بل الشك في ضمن ضوابط وأطر.
ومن هنا جاءت دعوتنا الى كتابة دراسة معمقة حول الشك، وماهي القيمة العلمية له؟ وما هي ضوابط الشك الموصل؟ وماهي ضوابط الشك القاتل؟
وعوداً على بدأ نقول:
اذن الصور الممكنة هي:
أ- الذين كفروا بآيات ربهم
1) ما صرحت به الآية الشريفة (أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ). ولاشك انهم الذين عبرّت عنهم الآية الشريفة بـ (الْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا).
ب- الذين لم يكفروا بها
2) نقيض الصورة الأولى أي: الذين لم يكفروا بآيات الله تعالى([4])، وهؤلاء هم حكماً، كفار وليسوا بمؤمنين.
والصور الثلاثة الأخيرة هي الأضداد، والضد: هو الأمر الوجودي في مقابل أمر وجودي أخر يزاحمه وجودا ويضاده مفهوما:
ج- الذين آمنوا بآيات ربهم
3) الذين امنوا بآيات ربهم قال تعالى (الم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ)([5]) هؤلاء هم المؤمنون فقط وليس من يشكك بالغيب كما ان هؤلاء (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) هم من يكون القرآن الكريم هدى لهم وقال تعالى: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآَبٍ)([6]) فهؤلاء لهم الجنة والسعادة الأبدية أي الذين امنوا وليس من شككوا. وهذه هي الصورة الوحيدة المطلوبة من بين الصور الخمس المحتملة، كما ان هذه هي الصورة المنتجة؛ ألا ترى ان المهندس مثلا اذا بقي شاكا ومترددا فانه لا يستطيع ان ينجز أي عمل؛ لان الإنجاز والبناء هو وليد اليقين والإقدام وليس وليد الشك والإحجام.
د- الذين آمنوا بآيات غير ربهم
4) الذين آمنوا بآيات غير ربهم، أي الذين امنوا بآيات معينة إلا انها لم تكن آيات ربهم الحق، كمن يؤمن بآيات الكهنة والسحرة قال تعالى (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ) فالشيطان ايضا يوحي، فمن يؤمن بأية غير ربه كالسحر او الكهانة وهو كلام الجن والشياطين الموحى الى البشر، فانه لم يؤمن بآيات ربه ولقاءه، وعلى منوال السحر والكهانة كل طرق الضلال والانحراف التي سمعناها او نشاهدها في هذه العصور من دعاوي السفارة والنيابة الخاصة في زمن الغيبة الكبرى وغير ذلك.
هـ- الذين آمنوا بغير آيات ربهم
5) أن يؤمنوا بغير آيات ربهم كمن يؤمن بالأحلام مثلاً.
وفرق هذه الصورة عن الصورة السابقة ان السابقة كانت عمن يؤمن بآية عن غير الله تعالى كالشياطين والجن وذلك هو ما يقوم به الكاهن اما في هذه الصورة فقد يكون الانسان يؤمن بالله تعالى وبالأئمة (عليهم السلام) الا انه يؤمن بما لم يعتبرها الله تعالى آيات ودوالّ على الحقائق الاعتقادية أو العلمية.
الأحلام والاستخارة
ومن أمثلة (غير آيات ربهم) الأحلام والمنامات كمن يعتقد بان هذا الشخص سفير من قبل الامام (عليه السلام) او من قبل الله تعالى مستنداً إلى أحلام رووها له أو شاهدها فرضاً بنفسه! فانه يعتقد بعلامة لم يجعلها الله دليلاً وعلامة في أصول الدين ولا في فروع الدين ولا في الأحكام الشرعية وليست بطريق موصل حتى في الحقائق العلمية، وهكذا الاستخارة في اصول الدين او القضايا العلمية فانها ليست بحجة ولا علامة أبداً.
لا حجية للاستخارة في شؤون الدين
والغريب ان من يقبل ان الاستخارة حجة في شؤون العقائد – وهي أخطر الأمور التي تتعلق بها السعادة أو الشقاوة الأبدية كيف لا يستخير على ان يلقي نفسه من شاهق فإذا خرجت جيدة فليلق نفسه مطمئناً بانه لا يصيبه مكروه! أو يستخير على إلقاء نقوده في النار وقد جمعها بتعب ووقت كبيرين؟ ومن فعل ذلك فانه لا يعد من العقلاء ولا من المتشرعة بشيء.
ان الاستخارة ليست حجة في دائرة المحرمات ولا الواجبات فهل يصح ان يستخير شخص على أداء صلاة الصبح او الظهر لهذا اليوم او لا؟ أو أن يستخير على ان صلاة الصبح هل هي واجبة أو لا؟ او ان يستخير على ان يكذب أو لا؟ او هل يشرب الخمر او لا؟
ان الاستخارة انما تكون في الموضوعات الصرفة وفي خصوص حالة الحيرة فقط كمن يتحير بين المتاجرة في القمح او الزيت مثلا وقد صرح الفقهاء بان الخيرة عند الحيرة لذا لا مجال للاستخارة حتى في الموضوعات الصرفة اذا لم يكن الشخص متحيرا. لذا لا تصح الاستخارة على الذهاب الى هذا الدرس او ذاك او الشراء من هذا المحل او ذاك إذا كان غير متحير، اذ لا موضوع لها عندئذٍ اصلا، بل عليه ان يستشير ويفحص ويحقق فان أوصله التحقيق أو المشورة إلى احد الطرفين اختاره وبنى عليه من دون استخارة، وإن تكافأ الطرفان وتحير حقاً فله ان يستخير، فلو كان متحيرا في أمر كالبيع أو الزواج من امرأتين مختلفتين في بعض المواصفات والكمالات، فهنا عليه ان يستشير ويتفكر ويتدبر فان تحير رغم المشورة فهنا يمكن ان يستخير ولا بأس بذلك.
فالصورة الخامسة هي: أولئك الذين آمنوا بالله ورسله وأوصيائهم ونوابهم من حيث المبدأ إلا أنهم أخطأوا الطريق ولم يعتمدوا على آيات ربهم التي جاءتهم حتى توصلهم الى الحقيقة بل اعتمدوا على آيات غيره كالأحلام والاستخارة.
وهذا الطريق واضح البطلان ومن البديهيات، ومن المؤسف ان عقول طوائف من الناس اسفّت وانحطت ووصل بها الحال الى اعتماد مثل هذه الامور كطرق موصلة الى اعظم حقيقة عرفها الوجود! ونحن مضطرون الى مناقشة مثل هذه الأمور رغم بداهة بطلانها وذلك لان بعض المساكين علميا ومعرفيا ابتلوا بها وصدقوها فعلينا ان نناقشهم ونبين لهم الحقيقة.
من أدلة الأدعياء: (التحدي)
ومن أدلة أدعياء الضلالة: (التحدي) بمناسبة وغير مناسبة، والتحدي من حيث المبدأ منهج صحيح اذا كان الشخص محقا وعلى مستوى التحدي للآخرين، وليس التحدي سلاحا يلوح به كل شخص حتى إذا كان مبطلاً! فكيف إذا كان مبطلاً جاهلاً؟
من ضوابط التحدي
ان من الواضح ان العقلاء لا يعيرون أية أهمية للعامي الجاهل إذا تحدى استاذا في الجامعة ودعاه للمناظرة في علم الرياضيات أو سائر التخصصات، لمجرد انه رفع عقيرته هنا وهناك وأين ما حلّ: انه تحدى هذا الاستاذ الجامعي وانه حيث لم يستجب ذلك الأستاذ الشهير للتحدي، فانه – أي العامي الجاهل – هو الغالب وهو على الحق وإلا لماذا جُبن الأساتذة عن مناظرته! ان مثل هذا الجاهل هو مثل ذاك الضال الذي تحدى – بزعمه - كل علماء النجف الاشرف وقم المقدسة ودعاهم إلى مناظرته!
ان هذا التحدي لا يصيّر هذا الشخص – أو أي شخص مشابه - جديرا بالمناظرة والمناقشة او حتى الاهتمام به إذ للتحدي ضوابط وشروط ولابد من معرفة مستوى هذا الطرف العلمي ومستوى حججه معرفياً؟ وما هو حجمه؟ ومن هم اساتذته أو تلامذته؟ أما ان ينبع من بين الركام والجهالات شخص يدعي انه اعلم الاولين والاخرين او انه سفير الامام الحجة (عليه السلام) فان هذا الكلام لايعدوا ان يكون تخريصا او لغوا لا يعتني به العقل والعقلاء ولا يعيرون له أهمية ابدا. وهل هو إلا كجاهل ادعى انه نبي ثم تحدى العلماء الكبار لمناظرته؟ أو هو كجاهل أحمق ادعى انه الله تعالى – تعالى الله عن ذلك – ثم تحدى العلماء للمباهلة!
نعم لو كان التحدي صادرا من شخص عالم معروف له مستواه العلمي المعروف فهنا قد تصح الاستجابة الى مثل هذا التحدي.
ان تحدي الشخص الجاهل للعلماء ودعوتهم للمناظرة أو المباهلة لا ينبغي الاستجابة لها؛ لان ذلك يعد إهانة للعلم والعلماء إذ كيف يصح ان يستجيبوا الى تحدي جاهل مغرور او مدفوع من جهات خارجية او داخلية لإثارة البلابل والقلاقل في المجتمع الإسلامي بل انه يعد استخفافاً بالعقل البشري وإهانة للكرامة الإنسانية!
ومع ذلك تواضع العلماء وتنازلوا تسامحا واجابوا وكتبوا كتبا تضمنت براهين ساطعة تتكفل بالرد العلمي الشامل عن ادعاءات المفترين والمدعين([7]).
القادياني وادعاء النبوة واستنساخ مدّعي السفارة للتجربة!
قبل أكثر من قرن ظهر شخص اسمه ميرزا غلام احمد القادياني وقد ولد عام 1839 في مدينة (بنجاب) في الهند وقد توفي في (لاهور) الباكستانية عام 1908م وكان في بداية أمره داعية الى الاسلام الا انه بعد ان اشتهر وعرف من قبل الناس، تحكم الشيطان في قلبه فادعى أول الأمر انه مُلهم!! فرأى ان هذا الطريق جعله اكثر شهرة واتباعا.. فادعى ثانيةً انه شبيه المسيح!! واذا به يفاجأ ان بعض الجهلاء ايضا صدقوا به... فادعى ثالثةً انه هو المسيح بنفسه!!... ثم ادعى النبوة في نهاية المطاف!! وراج أمره ولا زال الى اليوم له بعض الاتباع!.
ان دعاوى السفارة والنيابة الخاصة واليمانية وشبهها التي ظهرت أخيراً على السطح تشابه الى حد كبير ادعاءات احمد القادياني فبادئ ذي بدأ تجدهم يدّعون شيئا بسيطا ثم يتطور الأمر الى ان يدعوا المهدوية او السفارة أو حتى النبوة، وقد يدّعون حلول الإله فيهم! وكل ذلك بإيحاء من الشيطان ومن دول إقليمية وجهات محلية ودولية وبخطوات مدروسة متتالية.
واللطيف في الأمر: ان من يلاحظ كتاباتهم او أقوالهم يجد انها مليئة بالأخطاء العلمية المنطقية او النحوية او الصرفية أو غيرها.
تحدي القادياني – على جهله – للعلماء!
يقول القادياني: (...اعلموا رحمكم الله ورزقكم رزقا حسنا من التفضلات الجلية والالطاف الخفية هذه رسالتي قد تمت بالعناية الإلهية محفوفة بالأسرار الأنيقة الربانية.... فنحن نقبل ألان على زمر تلك([8]) المنكرين ولقد وعيت أسمائهم فيما سبق من ذكر المكفرين والمكذبين فليناضلوني بهذا ([9]) ولو متظاهرين بأمثالهم وليبرهنوا على كمالهم وإلا كشفت عن سبّهم وأخزيتهم في أعين جهالهم. ومن يكتب منهم كتابا كمثل هذه الرسالة ثلاثة أشهر أو إلى الأربعة فقد كذبني صدقا وعدلا واثبت أنى لست من الحضرة الاحدية(!)، فهل في الحي حيٌ يقضي هذه الخطة وينجي من التفرقة الأمة، وليستظهر بالادباء ([10]) ان كان جاهلا لا يعرف طريق الانشاء وليعلم انه من المغلوبين وسيذهب الله ببصره ببرق من السماء ([11]) فيعشيه كما يُعشي الهجير عين الحرباء ويطفئ وطيس المفترين. أيها المكذبون الكذابون مالكم لا تجيئون ولا تناضلون وتدعون ثم لا تبارزون ويل لكم ولما تفعلون يا معشر الجاهلين)([12])
فهذا غاية دليل الطرف الأخر وهو التحدي الفارغ لكل العلماء والمختصين، كما انه اضافة الى ذلك يستدل بالأحلام والمنامات والنبوءات والاستخارة،(!!).
ألفا رؤيا شاهدها!
فقد ذكر القادياني في بعض كتبه انه شاهد في فترة وجيزة الفي منام ورؤيا !! تدل على انه من قبل الله تعالى وانه الملهم وانه نبي، ويعتبر ذلك حجة.
قال (ولمّا بلغت أشدّ عمري وبلغت أربعين سنة جاءتني (!!) نسيم الوحي برَيَّا عنايات ربي، ليزيد معرفتي ويقيني، ويرتفع حجبي، وأكون من المستيقنين، فأوّل ما فُتِحَ عليَّ بابه هو الرؤيا الصالحة، فكنت لا أرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، وإنّي رأيت في تلك الأيام رؤيا (!!) صالحة صادقة قريباً من ألفين أو أكثر من ذلك، منها محفوظ في حافظتي وكثير منها نسيتها، ولعلَّ الله يكرّرها في وقت آخر ونحن من الآملين)([13])
كان المسيح الموعود لكنه لم يدرِ!
ومن اللطيف انه يقول: من الغريب أنني وصلت الى مقامات عجيبة منذ اثنتي عشرة سنة إلا أنني كنت غافلا عنها ولذا لم ادع سابقا ما ادعيته الان لكن الله تعالى لم يشأ لي ان استمر في هذه الغفلة فنبهني الى انني المسيح الموعود(!!) من خلال الوحي (!!)
ونص عبارته (فممَّا يدلُّ على بساطتي المتناهية وذهولي البالغ أنَّ الوحي الإلهي كان يَعُدُّني مسيحاً موعوداً، ولكنَّني مع ذلك سجَّلت في (البراهين الأحمدية) تلك العقيدة التقليدية نفسها. إنَّني لأستغرب بنفسي كيف كتبت هذه العقيدة التقليدية في (البراهين الأحمدية) مع أنَّ الوحي الإلهي البيِّن المذكور في الكتاب نفسه كان يعتبرني مسيحاً موعوداً!
ثمّ ضللتُ غافلاً وذاهلاً تماماً إلى اثني عشر عاماً – وهي مدَّة طويلة – عن حقيقة أنَّ الله تعالى كان قد عدَّني بوضوح تامّ وفي راحة متناهية مسيحاً موعوداً في (البراهين الأحمدية)، وظللتُ متمسِّكاً بالاعتقاد التقليدي عن المجيء الثاني لعيسى (عليه السلام)، وبعد مرور اثني عشر عاماً حان الأوان لتُكتشف الحقيقة عليَّ، فبدأت الإلهامات تنزل عليَّ بالتواتر قائلة بأنَّك أنت المسيح الموعود، فحين بلغ الوحي الإلهي بهذا الشأن منتهاه، وأُمرت: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ)، وأُعطيت آيات كثيرة، وأُلقي في روعي يقين قوي وبوضوح تامّ كوضح النهار، بلَّغتُ هذه الرسالة للناس)([14]).
استدلاله بانباءاته الغيبية
كما استدل بانباءاته الغيبية!، فقال مثلاً (ومن آياتي التي ظهرت في هذه السنوات هو أنّي أشعتُ قبل الوقت أنَّ الطاعون ينتشر في جميع الجهات، ولا يبقى خطّة من هذه الخطط المبتلاة بالآفات، إلا ويدخلها كالغضبان، ويعيث فيها كالسرحان، وقلت: قد كُشِفَ عليَّ من ربيّ سرّ مكنون، وهو أنَّ أرضاً من الأرضين لا تخلو من شجرة الطاعون، وثمرة المنون...، فانتشر الطاعون بعد ذلك في البلاد، وجعل ذوي الأرواح كالجماد...، فإن شئت فاقرأ ما أشعت في جميع هذه البلاد، ثمّ استحي واتَّق الله رب العباد.
ومن آياتي التي ظهرت في هذه المدَّة، موت رجال عادوني وآذوني وعزوني إلى الكفرة، وسبّوني على المنابر، وجرّوني إلى الحكومة، فاعلم أنَّ الله كان خاطبني، وقال: يا أحمدي أنت مرادي ومعي، اخترتك لنفسي، وسرّك سرّي، وأنت معي وأنا معك، وأنت منّي بمنزلة لا يعلمها الخلق، إذا غضبتَ عضبتُ، وكلّ ما أحببتَ أحببت، إنّي مهينٌ من أراد إهانتك، وإنّي معين من أراد إعانتك، إنّي أنا الصاعقة تخرج الصدور إلى القبور، إنّا تجالدنا فانقطع العدوّ وأسبابه)([15]).
وبالاستخارة!
كما ان القادياني استدل أيضاً بالاستخارة (!) فقال مثلاً (إنّي دعوتُ قومي ليلاً ونهاراً، فلم يزدهم دعائي إلا فراراً، ثمّ إنّي دعوتهم جهاراً، ثمّ إنّي أعلنت لهم وأسررت لهم إسراراً، فقلت: استغفروا ربّكم واستخيروا واستخبروا، وادعوا الله في أمري يمددكم بإلهامات، ويُظهر عليكم أخباراً، فما سمعوا كلمتي، وأعرضوا عتوَّاً واستكباراً، ورضوا بأن يكونوا لإخوانهم مكفِّرين، وما كان حجَّتهم إلا أن قالوا: ائتوا بأحاديث شاهدة على ذلك إن كنتم صادقين)([16])
ان هذه الأساليب والحيل التي إستخدمها القادياني في الزمن السابق يستخدمها الان المدّعون للسفارة والنيابة الجدد، وقد اعلنوا مثلاً تحديهم للعلماء والفقهاء مع انهم لا يملكون حظا من العلم والمعرفة، ومع ذلك اجاب العلماء في كتب ومقالات كثيرة عن مدعياتهم كما ان بعض المختصين ناظرهم وكشف عن زيفهم وجهلهم إلا أنهم لازالوا مصرين على غيهم وضلالاتهم([17]).
وقد تحداهم عدد من الأفاضل وأعلنوا: إن اراد ذلك المدعي ان يباهل فليأت الى حرم العباس (عليه السلام) وعلى منظر ومسمع من العلماء والطلبة الأفاضل الموجودين هناك، ولتجري المباهلة في هذا الحرم الطاهر ولازال هذا التحدي قائما الى اليوم لكن هؤلاء المدّعين أكثر جبناً من ان يستجيبوا للتحدي! ذلك ان المبطلين يعلمون انهم مغلوبون على أمرهم، ولذا لا ينصتون الى هذا التحدي الواضح والصريح.
سُبُل الحل والعلاج
الى الان وصفنا الداء وعرفنا ان هاهنا داءا ولهذا الداء دعاة ولهم سبل وأساليب وحيل وأكاذيب، لكن ما هو العلاج والحل؟
وقد مضت الإشارة إلى بعض السبل والحلول، واستكمالاً لها نضيف سبيلاً اخر فنقول:
الأواني المستطرقة والعقول الفارغة
هناك نظرية معروفة لنا ان نستفيد منها في هذا البحث وهي نظرية الاواني المستطرقة: فاذا كانت هناك مجموعة اواني مختلفة الاحجام والاشكال فبعضها عريض وبعضها ضيق وبعضها طويل وبعضها قصير وغير ذلك، وكانت متصلة من أسفلها أو وسطها بانبوب فاذا صببنا الماء النظيف او الآسن المتعفن في احداها فانه سيجري عبر الأنبوب الى بقية الاواني الاخرى وسيكون مستوى الماء واحدا في جميع الأواني، وذلك يعني ان كل اناء من هذه الواني لا يتحمل الفراغ مادام متصلا بالأنبوب من الاسفل وما دامت هناك مادة تمده وترفده. وهذا مر واضح وبين.
هذه هي قاعدة الاواني المستطرقة ومن خلالها نأتي الى معادلة تشبهها في منطقة القلب والى العقل فنلاحظ ان القلب من طبيعته انه لا يتحمل الفراغ العاطفي، كما ان من طبيعة العقل ان لا يتحمل الفراغ الفكري والاعتقادي فلا بد ان يُملأ اما بالحق او يملأ بالباطل فمادام هناك فراغ ومادامت هناك مادة من محق أو مبطِل فانها ستصب فيه سواءً اكانت عفنة ام كانت نظيفة.
ان العقل لا يتحمل الفراغ فالإنسان إما أن يؤمن بالحق او ان يكون مصيدة للشياطين، كما ان العاطفة كذلك ايضا، فعاطفة الإنسان اما ان تكون موجهة الى اهل البيت (عليهم السلام) والصالحين والقدوات الإيمانية أو إلى غيرهم، فاذا لم تُملأ عواطفُه واحاسيسه بالقدوات الصالحة فسيتخذ – عادة - لنفسه قدوات من نوع اخر: كالظلمة الاقوياء او نجوم السينما او نجوم الرياضة والالعاب وغير ذلك.
والخلاصة: ان الفراغ لا يبقى فراغا والفارغ لا يبقى فارغا بل لا بد ان يُملأ طبيعيا بأية مادة سواء اكانت صالحة ام طالحة. وهنا تاتي مهمة العلماء والصالحين في ملأ الفراغ فلا يصح أبداً ان يترك الامر للفاسدين والمدعين كي يعيثوا في الارض الفساد
مشكلتان: الفراغ الفكري والحاجات المتنوعة
ومن ذلك كله نعرف ان المشكلة في الحقيقة مشكلتان وليست مشكلة واحدة:
1) الفراغ الفكري: وهذا ما تحدثنا عنه في البحوث الماضية وانه لابد من إقامة دورات مكثفة تربوية توعوية توضح الحقائق ولا بد من انشاء مراكز دراسات تحليلية وإرشادية ولا بد من مدارس تخصصية لتربية المبلغين والوعاظ الصالحين الأكفاء الذين يتصدون لهذه الضلالات ويفندونها ويغذّون عقول الناس بالعلم والمعرفة.
2) سد منافذ المفاسد: فإن هناك منافذ كثيرة للفساد والإفساد في الأرض وهي ليست فكرية بالضرورة بل انها تهيء الأنفس لتقبل الأفكار المنحرفة وهذه المنافذ ينبغي أن تُسد قدر الامكان والا تحولت الى ادوات بأيدي المدعين المتنفذين يعبرون من خلالها الى ماربهم ومدعياتهم.
سدّ منافذ المفاسد
ان المبطلين عرفوا هذه الحقيقة المزدوجة تماما أي عرفوا أن المشكلة ليست في الفراغ الفكري عند عامة الناس فقط بل ان هناك ايضا منافذ وممهدات يجري استدراج الناس من خلالها الى ما يريدون.
والسبب الأساس في فاعلية هذه المنافذ ومؤثريتها هو ان الانسان قطعة من الحاجات: بدءاً من الحاجات الجسدية ومروراً بالحاجات الروحية ووصولاً إلى الحاجات الفكرية، ولذا نجد ان الانسان يحتاج الى المال والدار والسيارة والزوجة، كما انه يحتاج الى الفكر الذي يملأ عقله والى العاطفة الصحيحة التي تملك جوانحه.
فالحل ليس بالأجوبة النظرية العلمية فقط بل لابد من سد منافذ المفاسد بمختلف انواعها الجسدية والعاطفية وشبهها فانها ممهدات للانحراف والضلال.
ان الناس عندما يعانون من مشكلة البطالة أو الفقر مثلاً فانه لا يكفي ان نبين لهم نظريا ان البلد لا يستوعب كل اعدادهم الكبيرة وان الميزانية المالية للبلد لا تكفي لتوظيف الجميع دفعة واحدة في سنة واحدة او حتى سنتين – حتى وإن صح ذلك فرضاً -، بل لابد من ايجاد فرص عمل لهم للتغلب على مشكلة البطالة والفراغ في المجتمع وإلا يكون الأمر كما قال الشاعر:
إنَّ الشَبابَ وَ الفَراغَ وَ الجِدَة
مَفسَدَةٌ لِلمَرءِ أَيُّ مَفسَدَة
لقد أسسوا 17 ألفاً مؤسسة للاستقطاب!
احدى الفرق الضالة التي تأسست قبل قرنين تقريباً والتي ادعت انها دين بعد ذلك عندما نبحث في معتقداتها وافكارها نجد العجب العجاب من الضحالة الفكرية وقد نستغرب لاستمكانهم من عقول أولئك الذين يتبعونهم.
ولكن عندما تتبعت أحوالهم اكتشفت ان احدى عوامل قوتهم الظاهرية هي انهم عرفوا هذه المعادلة وهي ان هناك منافذ عملية للسيطرة على أفكار الناس وقد عبروا من خلالها الى تأسيس مذهبهم المزيف ثم دينهم المحرف، وأهم هذه المنافذ هي حاجات الناس إذ ههنا معادلة طبيعية: انك متى ما لبيت حاجات الناس فانهم – أي الكثير منهم - سيتبعونك ويسيرون خلفك!
وقد اشار امير المؤمنين (عليه السلام) الى مبدأ الاحسان اذ يقول: ((امْنُنْ عَلَى مَنْ شِئْتَ تَكُنْ أَمِيرَهُ وَاحْتَجْ إِلَى مَنْ شِئْتَ تَكُنْ أَسِيرَهُ وَاسْتَغْنِ عَمَّنْ شِئْتَ تَكُنْ نَظِيرَهُ))([18]) وذلك بغضّ النظر عن احقية المحسن او بطلانه، ومن المشهود انه ليس كل انسان يهرب من احسان المبطلين بل ان الكثيرين اذا رأوا احسانا فانهم يُسلِسون قيادهم الى من احسن اليهم، وقد قَالَ (صلى الله عليه وآله) ((جُبِلَتِ الْقُلُوبُ عَلَى حُبِّ مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهَا وَبُغْضِ مَنْ أَسَاءَ إِلَيْهَا))([19])
وكنت قد قرات تقريرا عنها عام 2001م وقد جاء فيه: انهم أسسوا 17 ألف مؤسسة في العالم حتى سنة 2001م([20]) وهو رقم مهول؛ لأن تأسيس ميتم واحد يكلف الكثير من المال والجهد فكيف بتأسيس مستشفيات ومياتم ومراكز عبادة بزعمهم وغير ذلك؟!
ان الطفل الذي يتربى بمدراسهم او الشاب الذي يكمل دراسته في معاهدهم او ذاك المريض الذي يعالج في مستشفياتهم او تلك الأرملة التي توفرت حاجاتها من خلال مصارفهم وبنوكهم، من الطبيعي ان يكون أولئك أقرب لتقبل أفكارهم ومعتقداتهم وان يسهل عليهم ان يملأوا عقولهم وعواطفهم بما شاءوا من ضلالاتهم وانحرافاتهم.
اذن ليس العلاج بالأجوبة والمناقشة العلمية فقط؛ لان كثيراً من المنحرفين يعلمون انهم على ضلال لكن المشكلة انهم اصبحوا اسرى شباك حاجاتهم الدنيوية.
ولذا تقول الاية (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ)([21])
وإذا كان الله تعالى يقول ما مفاده ومؤداه: انني وفرت لكم العقيدة السليمة، فانه رب هذا البيت كما انني وفرت لكم الحاجات المهمة والضرورية: الطعام وهو حاجة الجسد والأمن وهو حاجة الروح، فاعبدوني إذاً، فما بالك بالمؤسسة الدينية؟!
ان المؤسسة الدينية اذا لم توفر للناس حاجاتهم ـ قدر المستطاع ـ فانها قد لا تستطيع ان تكون الحصن الحصين بالشكل المتكامل الشامل للدين وأهله.
ليؤسس كل رجل دين خمس مؤسسات
ختاماً: كان السيد الوالد (قدس سره) يقترح اقتراحا لطيفا، ولو ان كل رجل دين عمل به فان الوضع سيتغير كثيرا نحو الأحسن فالأحسن فالأحسن وهو:
ان كل رجل دين عندما ينتقل الى منطقة ما أو يرجع إلى منطقته، فعليه ان يؤسس في السنوات الخمس الاولى خمس مؤسسات مختلفة: فيؤسس مسجدا في السنة الاولى، ثم حسينية ومكتبة ومستوصفاً وميتماً في السنين اللاحقة، ومن الطبيعي انه لو أسس في البداية لجنة من الشباب وأهل الخير لكان من السهل تطبيق ذلك وأكثر.
وكذلك كل طبيب ومهندس ومحام و...
وأتوسع في الوصية هذه وأضيف: بان هذه الوصية صالحة للتعميم وهي جارية في كل الاصناف الاخرى من المؤمنين كل حسب اختصاصه: كالطبيب المتدين والمهندس المتدين وغيرهما، فكما ان الطبيب المتخرج يفكر بان يفتتح مطبا (عيادة) له في المدينة، فليفكر ايضا في ان يؤسس – إلى جوار ذلك - ميتما او مسجدا او مكتبة او غير ذلك من وجوه البر والخير والاحسان.
فلو غُرست هذه الفكرة في اذهان المؤمنين من مختلف الاختصاصات فان النسيج الاجتماعي سيكون متماسكاً وستكون شبكة المجتمع شبكة متكاملة لا تتخللها الثغرات والنواقص ولا تستطيع عندئذٍ فرق الضلال من العبور عبر منافذ المفاسد. والله ولي التوفيق وهو الناصر المعين.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين
اضف تعليق