وردت المرويات في تفاسير المدرستين عن السيدة فاطمة الزهراء على الرغم من قلتها؛ إلا أنّها أثرت التفسير في الآية الوارد فيها تفسير عن سيدة نساء العالمين، وهي التي قال فيها رسول الله: ((فاطمة صديقة شهيدة))، فقد صدقها رسول الله بتصديق من الله تعالى، فكلامها صدق، وبهذا علينا...
المقدِّمة
الحمد لله الذي نزَّل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً، وجعله سراجاً يرشد به من أضل سبيلا، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين؛ النبي الأميين وصادق اليقين وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين الذين حفظوا عهده وتبعوا رُشده وعبَّدوا منهجه بلسانهم وأيديهم.
وبعد..
إنَّ مكانة أهل البيت (عليهم السلام) من الدين بمثابة عِدْل القرآن الكريم؛ كتاب الله المنزل على سيدنا وحبيب قلوبنا محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله)، وقد أرشد الناس ـــ بنص حديث الثقلين المبارك ـــ إلى التمسك بكتاب الله والعترة الطاهرة معاً، وأشار إلى أنّهما لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض يوم القيامة، ومن تمسك بأحدها وترك الآخر؛ خسر وضل وهوى، فيجب التمسُك بهما معاً، فأراد البحث ان يُسلط الضوء على المرويات التي وردت من طريق أصل الثقل الأصغر وأم أبيها وسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام)، من خلال الإحصاء والدراسة فوجدنا المرويات عنها قليلة جدّاً إذا ما قارناها بمرويات الصحابيات اللواتي عاصرن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث بلغت الروايات الواردة عنها إثني عشر رواية فقط في تفاسير المدرستين (مدرسة أهل البيت ومدرسة الصحابة) ولا ندري السبب هل هو جفاء الناس عنها؟ أم أنَّها لم تُحدِّث عن أبيها؟!!، وقد واجه البحث من المشكلات الكبيرة؛ أهمُّها: تناثر الروايات في كتب التفاسير مما أتعبنا البحث والتنقيب عنها واستخراجها، وكذلك اختصار الكلام في الروايات من قبل المفسرين واقتطاع بعض الكلام الوارد من السيدة الزهراء بالخصوص في تفاسير مدرسة الصحابة، هذا وجمعنا ما استطعنا جمعه بقدر استطاعتنا وما وقع بأيدينا من التفاسير المعتبرة في المدرستين، فكان العنوان (مرويات السيدة الزهراء (عليها السلام) في تفسير القرآن الكريم، وكانت أبرز روافد البحث من التفاسير، من مدرسة أهل البيت: التبيان للشيخ الطوسي، مجمع البيان للشيخ الطبرسي، الميزان للسيد الطباطبائي، ومن مدرسة الصحابة: الكشاف للزمخشري، المحرر الوجيز لابن عطية، روح المعاني للآلوسي.
هذا ما وفقنا الله لتقديمه، فإن كنّا مصيبين؛ فبفضل من الله ومنٍّ من سيدة نساء العالمين، وإن أخطأنا؛ فمن عند أنفسنا الأمّارة بالسوء، آملين ان يفيد غيرنا من صوابه ويعمد إلينا من يرى عيوبه لتصحيحها في قابل الأيام، والحمد لله رب العالمين.
مرويات السيدة الزهراء (عليها السلام) في تفسير القرآن الكريم
توطئة
وردت المرويات في تفاسير المدرستين عن السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) على الرغم من قلتها؛ إلا أنّها أثرت التفسير في الآية الوارد فيها تفسير عن سيدة نساء العالمين، وهي التي قال فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله): ((فاطمة صديقة شهيدة))، وهذا القول صادر من الذي قال فيه الحق سبحانه وتعالى: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) النجم3/4، فقد صدقها رسول الله بتصديق من الله تعالى، فكلامها صدق، وبهذا علينا أن نؤمن أنّ ما تقوله السيدة الزهراء (عليها السلام) هو الحقّ ولا نأخذ بتفسير غيرها، أي: إذا جاء تفسير مروي عنها يجب أن لا نتعداه لغيره، وإلّا فسنقع بشبهة الظن، والظن لا يغني من الحق شيئاً، ولقلَّة ما روي عن سيدة نساء العالمين (عليها السلام) في تفسير القرآن الكريم سنجعل البحث يعتمد على موضوعات الآيات المفسَّرة بروايات السيدة الزهراء ذاكرين الروايات الأخرى وبيان أحقِّيتها في التفسير.
المطلب الأول.. المغفرة
المغفرة والغفران والاستغفار من الألفاظ التي وردت كثيراً في كتاب الله المجيد، وأصلها الفعل (غَفَرَ) الثلاثي فـــــفي اللغة؛ يقول ابن فارس: ((الغين والفاء والراء عُظْمُ بابه الستر،ثُمّ يشذ عنه ما يُذكر... فالغَفْرُ: السَّتْرُ، والغفران والغَفْرُ بمعنى، يُقال: غفر الله ذنبه غفراً ومغفرة وغفراناً))(1)، فهو: الستر، وكل شيء سترته؛ فقد غفرته.
أمَّا في الاستعمال القرآني: فإنَّ المغفرة تعني التجاوز عن أفعال الناس من قبل القادر على المعاقبة، وقد وردت هذه الكلمة في القرآن الكريم في (79) آية مباركة.
الفرق بين المغفرة والعفو: العفو والمغفرة متتاليان، وقد يسبق العفو المغفرةَ، وقد يكون العكس، وهذا يكون بحسب المورد أو المقام الذي يتطلب العفو أو المغفرة.
فالعفو: يعني: التجاوز عن الذنب دون التأنيب أو المعاقبة في ما بعد، فهو تجاوز عن الذنب ومحو ما في القلب.
أمَّا المغفرة: فهي ((التجاوز عن الذنب في الظاهر، وقد يبقى منه شيء في الباطن ويُحاسب عليه يوم القيامة فقد يغفر الله تعالى للعبد ذنوبه في الظاهر ويحكم له بالجنة؛ ثم تأتي مرحلة يُسأل فيها عن الرحم والأمانة...))(2)، أمَّا مشتقات الفعل (غفر)؛ فهي كثيرة في القرآن الكريم كــ (الاستغفار والمغفرة والغفران، ويغفرون، ومستغفرين، وغافرين، وغفَّار، والغفور) وغيرها، وقد أوردنا هذا الموضوع لأنَّ السيدة الزهراء (عليها السلام) فسَّرت إحدى آيات المغفرة.
ففي تفسير قوله تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)(الزمر/53)، تقول السيدة الزهراء (عليها السلام): ((إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً وَلَا يُبَالِي))(3)، أي لا يُبالي بالعذاب أو التأنيب أو المحاسبة، وهذا خلاف ما جاء بالفرق بين العفو والمغفرة عند أهل اللغة، إذ إنَّ السيدة الزهراء (عليها السلام) بيَّنت أنَّ الله تعالى لمَّا يغفر لعبده ذنباً؛ يشتمل غفرانه على المسح وعدم المحاسبة له على الذنب المغفور. وبذلك يتضح أنَّ مغفرة الله تعالى تختلف عن مغفرة الناس من خلال المحو التام للذنب من دون الذكر له أو التأنيب بسببه أو التقليل من الدرجة التي يستحقها الإنسان بعد المغفرة الإلهية، وهذا جاء على لسان السيدة الزهراء (عليها السلام) في سبيل التفسير والبيان والإيضاح.
في حين ذكر بعض المفسرين هذا التفسير على سبيل القراءة، من ذلك ما جاء في تفسير الثعلبي في قوله: ((أخبرنا عبد الله بن حامد أخبرنا حامد بن محمّد بن عبد الله حدثنا محمّد بن صالح الأشج حدثنا داود بن إبراهيم حدثنا حماد بن سلمة حدثنا ثابت بن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد قالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: «قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لاتقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً ولا يبالي». وفي مصحف عبد الله: (إن الله يغفر الذنوب جميعاً لمن يشاء).))(4) وذكر هذه الرواية مجموعة من مفسري مدرسة الصحابة(5) وجعلوها من المسلمات دون مناقشة، إلا أنّ السيدة الزهراء (عليها السلام) بيَّنت أنه تفسير للآية المباركة لا قراءة، وهذا خاضع لقوانين القراءات إذ إنّ أسماء بنت زيد لم تكن تعلم هل أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان بصدد قراءة الآية أم بصدد شرحها؟
بينما أوضحت السيدة الزهراء (عليها السلام) المعنى العام للآية المباركة، ويبقى أنَّها تكلَّمت ببيان المعنى على قدر ما يستقبله ويتحمله عقل المقابل، لأنَّها من الذين أُمِروا أن يُكلِّموا الناس على قدر عقولهم.
المطلب الثاني.. الصلاة
في اللغة: هي من صَلَوَ و((الصاد واللام والحرف المعتل أصلان، أحدهما جنس من العبادة.. فالصلاة وهي الدعاء... والصلاة هي التي جاء بها الشرع من الركوع والسجود وسائر حدود الصلاة.. فأمَّا الصلاة من الله (سبحانه وتعالى) فالرحمة))(6)، والتشريف، كما في الصلاة على محمد وآل محمد فهي تشريف لمحمد وآل محمد ورحمة للعباد الذين يُصلُّون عليهم. جمعها: صلوات. ففي اللغة: هي الدعاء والمتابعة.
في الإصطلاح: انتقل لفظ الصلاة من المعنى اللغوي وهو الدعاء والإتباع؛ إلى معنى آخر وحركات أخرى جاء بها التشريع الإسلامي بعد فرض شعيرة الصلاة، فأصبحت ((ذات الركوع والسجود... وهي من افضل الطاعات بعد المعرفة وأهم العبادات في نظر الشرع))(7)، وهذا الانتقال ليس انتقالاً ذات بونٍ شاسع بين المعنيين اللغوي والاصطلاحي؛ وإنَّما يربطهما المعنى العام للفظ الصلاة وهو: الصلة بين العبد وربه، إذ إنَّ هذا المعنى يدل على الدعاء والمتابعة والركوع والسجود جميعاً ومن ذلك الصلاة على محمد وآل محمد وصلاة الميت، ففي الإطار العام لا يوجد ثمَّة خلاف كبير بيِّن.
ففي تفسير قوله تعالى: (وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ)(البقرة:43)، بيَّنت السيدة الزهراء (عليها السلام) علَّة فرض الصلاة، فقالت: ((فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ تَنْزِيهاً مِنَ الْكِبْرِ))(8)، وذكر الشيخ الصدوق رواية عن هشام بن الحكم عن الإمام الصادق (عليه السلام) اذ سأله عن علة وجوب فرض الصلاة فقال: ((فيها علل وذلك إنَّ الناس لو تُركوا بغير تنبيه ولا تذكر للنبي (صلى الله عليه وآله) بأكثر من الخبر الأول وبقاء الكتاب في أيديهم فقط لكانوا على ما كان عليه الأولون فإنهم قد كانوا اتخذوا ديناً ووضعوا كتباً ودعوا اناساً إلى ما هم عليه وقتلوهم على ذلك فدرس أمرهم وذهب حين ذهبوا وأراد الله تبارك وتعالى أن لا يُنسيهم أمر محمد (صلى الله عليه وآله) ففرض عليهم الصلاة يذكرونه في اليوم خمس مرات ينادون باسمه وتعبدوا بالصلاة وذكر الله لكيلا يغفلوا عنه وينسوه فيندرس ذكره))(9)، فقول الزهراء (عليها السلام) يُبين إنّ فرض الصلاة هو شعور الإنسان بحجمه دائما امام الخالق العظيم، فمهما بلغ الإنسان من العظمة مبلغاً تُشعره الصلاة بانَّه مخلوق وعليه أن لا يتكبر، في حين كان قول الإمام الصادق (عليه السلام) تفسيرا لقول الزهراء (عليها السلام) لأنَّ الإنسان لو لم يتذكر دائماً يصل إلى التكبر والطغيان والتزمت وركوب الباطل، فالتذكر الدائم يجعل من الإنسان غير متكبرٍ.
المطلب الثالث.. بيان مكانتها (عليها السلام)
لا يخفى على أدنى طالب علم من هي فاطمة بنت رسول الله (صلوات ربي وسلامه عليها وعلى بعلها وأبيها وبنيها والسر الذي استودعه الله فيها، إلّا أنّ مكانتها القرآنية وقربها الإلهي أخبرت عنه هي بنفسها عن رسول الله حتى لا تكون للناس على الله من حُجَّة.
في تفسير قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ)(آل عمران/42)، قالت السيدة الزهراء (عليها السلام): ((قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أنت سيدة نساء أهل الجنة لا مريم البتول.))(10)، وهذه المكانة التي حظيت بها سيدة نساء العالمين تفتقر لها جميع نساء المسلمين على الإطلاق، وبهذا تكون السيدة الزهراء حصلت على صك الدخول إلى الجنّة من جهة؛ وستكون سيدة نسائها من جهة ثانية، فضلاً عن رضا الله ورسوله عنها.
المطلب الرابع.. الدعاء قبل النوم
من الروايات الخاصّة بالسيدة الزهراء (عليها السلام) ما جاء عنها في رواية الدعاء وكيفيته قبل النوم، وجاء ذلك في ذيل تفسير قوله تعالى: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا)(الإسراء/111)، إذ روي عن ((ابن السني والديلمي، عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه[وآله] وسلم قال لها: إذا أخذت مضجعك فقولي:« الحمد لله الكافي سبحان الله الأعلى حسبي الله وكفى ما شاء الله قضى سمع الله لمن دعا ليس من الله ملجأ ولا وراء الله ملتجي توكلت على ربي وربكم ما من دابة إلا هو وآخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم، (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا) ثم قال صلى الله عليه [وآله] وسلم: ما من مسلم يقرأها عند منامه ثم ينام وسط الشياطين والهوام فتضره»))(11)، وهذه الآداب الدعائية؛ سُنَّة نبوية وردت عن سيدة نساء العالمين (عليها السلام)، وفيه من التوحيد العقائدي الشيء الكثير، من الحمد والتسبيح والتسليم لله تسليماً منقطعاً وتفويض الأمر له سبحانه، والتوكل عليه، والتسليم لقدرته والاقرار بها، وكل فقرات الدعاء جاءت بأسلوب الخبر الذي يخرج إلى الداء، وبعد ذلك أرشد النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) الناس في هذا الدعاء لبيان مكانته عند الله واختتامه بآخر الإسراء يُحصِّن الناس من كيد الشياطين وإن كان مضطجعاً بينهم لا يستطيعون مسه بسبب الحصانة الإلهية التي حصَّنه بها الدعاء المبارك، أمَّا تعليمه للسيدة فاطمة (عليها السلام) بوصفها سيدة نساء العالمين وهي الحُجَّة على جميع الحُجج؛ فتعليمها إرشاد لها وتحفيزاً لباقي المسلمين لأن يرتقوا إلى مقامها المبارك، فإرشادها يوجب إلزام المسلمين به أيضاً.
المطلب الخامس.. آداب دخول المسجد
أيضا وردت هذه الآداب خصوصاً عن الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وذلك في ذيل تفسير قوله تعالى: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ)(النور/36)، إذ جاء عن ((ابن أبي شيبة والترمذي وابن ماجة عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه[وآله] وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم إذا دخل المسجد يقول: « بسم الله والسلام على رسول الله. اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك ». وإذا خرج قال: « بسم الله والسلام على رسول الله. اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب فضلك ».))(12)، في فقرات دعاء المسجد جاء أسلوب الأمر الذي خرج إلى الدعاء، وهو من أساليب الإنشاء الطلبي الذي يخرج عن حقيقة الأمر الواجب التنفيذ إلى الدعاء، وهذا من شروط خروج الامر إلى المجاز لأنَّ الداعي يتمتع برتبة أدنى من المدعو، فيكون في سبيل الدعاء لا على سبيل وجوب التنفيذ.
المطلب السادس.. تفسير سورة الزلزلة المباركة
ورد تفسير سورة الزلزلة عن السيد فاطمة الزهراء (عليها السلام) لا بالمعنى الحرفي للتفسير ــ يعني: من أوَّلها إلى آخرها ـــ وإنَّما أوردت حادثة من خلالها هلع المسلمون يتوسلون بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ذيل تفسير قوله تعالى: (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ(6) فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)(الزلزلة/8)، ذكر المفسرون ((عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ رَوْحِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ رَفَعَهُ عَنْ فَاطِمَةَ ع قَالَتْ أَصَابَ النَّاسَ زَلْزَلَةٌ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ فَفَزِعَ النَّاسُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَ عُمَرَ فَوَجَدُوهُمَا قَدْ خَرَجَا فَزِعَيْنِ إِلَى عَلِيٍّ ع فَتَبِعَهُمَا النَّاسُ إِلَى أَنِ انْتَهَوْا إِلَى بَابِ عَلِيٍّ ع فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ عَلِيٌّ ع غَيْرَ مُكْتَرِثٍ لِمَا هُمْ فِيهِ فَمَضَى وَ اتَّبَعَهُ النَّاسُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى تَلْعَةٍ فَقَعَدَ عَلَيْهَا وَ قَعَدُوا حَوْلَهُ وَ هُمْ يَنْظُرُونَ إِلَى حِيطَانِ الْمَدِينَةِ تَرْتَجُّ جَائِيَةً وَ ذَاهِبَةً فَقَالَ لَهُمْ عَلِيٌّ ع كَأَنَّكُمْ قَدْ هَالَكُمْ مَا تَرَوْنَ قَالُوا وَ كَيْفَ لَا يَهُولُنَا وَ لَمْ نَرَ مِثْلَهَا قَطُّ قَالَتْ فَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ ثُمَّ ضَرَبَ الْأَرْضَ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ مَا لَكِ اسْكُنِي فَسَكَنَتْ فَعَجِبُوا مِنْ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ تَعَجُّبِهِمْ أَوَّلًا حَيْثُ خَرَجَ إِلَيْهِمْ قَالَ لَهُمْ فَإِنَّكُمْ قَدْ عَجِبْتُمْ مِنْ صَنْعَتِي قَالُوا نَعَمْ قَالَ أَنَا الرَّجُلُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها وَ قالَ الْإِنْسانُ ما لَها) فَأَنَا الْإِنْسَانُ الَّذِي يَقُولُ لَهَا مَا لَكِ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها إِيَّايَ تُحَدِّث))(13)، يتبيَّن من هذه الرواية المباركة أنّ سورة الزلزلة خاصة في أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو المسؤول في حدوثها وهو الآمر الناهي للأرض، وهذا يثبت لخلفائه من بعده من الإمام الحسن الزكي وحتى القائم المهدي (صلوات ربي وسلامهه عليهم أجمعين)، فيجب الاعتصام بهم إذا نابت نوائب الدنيا لأنَّهم كهف الورى وأعلام الهدى ومصابيح الدجى، بهم فتح الله وبهم يختم، وبهم ينزِّل الغيث، وبهم يُمسك السماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه(14).
المطلب السابع.. فضل قراءة سورة الحديد والواقعة والرحمن
جاء في الدر المنثور نقلاً عن سنن البيهقي أنّ السيدة الزهراء (عليها السلام) روت فضل قراءة سورة الحديد والواقعة والرحمن، وذلك في قول السيوطي: ((أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ [وآله] وَسلم: قارىء الْحَدِيد و (إِذا وَقعت الْوَاقِعَة) والرحمن يدعى فِي ملكوت السَّمَوَات وَالْأَرْض سَاكن الفردوس))(15)، بقي علينا أن نفهم: هل المقصود قراءتها فقط؟ أم يجب التدبر والتطبيق على الواقع، أم المداومة على قرائتها؟
كل هذه التساؤلات واردة، ولكنّ الرواية تُشير إلى القراءة فقط، وعلينا أن نُسلِّم للرواية بالقراءة وعدم تحميلها ما لا تطلبه منَّا، لأنَّنا لم نُكلَّف إلّا وسعنا، والرواية جاءت في سبيل الخبر الإرشادي والتحفيزي لقراءة هذه السور المباركات الثلاث.
المطلب الثامن.. عرض القرآن على رسول الله (صلى الله عليه وآله)
ورد في مقدمات التفاسير موضوع عرض القرآن من جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والرواية من طريق السيدة الزهراء (عليها السلام)، يقول ابن رجب الحنبلي: ((عن فاطمة - عليها السلام -: فقد أسرَّ إليَّ النبيُّ - صلى الله عليه [وآله] وسلم -: "أن جبريل يعارِضُني بالقرآنِ كلَّ سنةٍ، وإنَّه عارضني العامَ مرتينِ ولا أراه إلا حضرَ أجلي ". وكان النبيُّ - صلى الله عليه [وآله] وسلم - أجودَ الناسِ بالخيرِ، وأجودَ ما يكونُ في شهرِ رمضانَ، لأنَّ جبريلَ كان يلقاهُ كلَّ ليلةٍ في شهرِ رمضانَ حتى ينسلخَ، يعرضُ عليه رسولُ اللَّه - صلى الله عليه [وآله] وسلم - القرآنَ فإذا لقيهُ جبريلُ كان أجودَ بالخير من الرِّيح المرسلةِ. وكان القرآنُ يُعرضُ على النبيِّ - صلى الله عليه [وآله] وسلم - مرتين في العامِ الذي قُبضَ وكان يعتكفُ كلَّ عامٍ عشرًا فاعتكفَ عشرينَ في العامِ الذي قُبِضَ.))(16)، وهذا يُشير إلى استشراف رسول الله للمستقبل من خلال عرض جبرائيل (عليه السلام) القرآن عليه مرتين، وهو من أنباء الغيب أوحاها الله إليه وخصَّه بها، لذا ضاعف عمله (صلى الله عليه وآله) من خلال العطاء والاعتكاف في المسجد.
المطلب التاسع.. ختان الولد
من خصائص الدين الإسلامي؛ ختان الأبناء الذكور، ولم تكن لشريعة من الشرائع السماوية هذه الخصيصة غير الإسلام، والطفل الذكر أوجب الإسلام ختانه حفاظاً عليه وعلى نسله، لأنَّ في عدمه يتعرض الإنسان إلى الإلتهاب الدائم في المجاري البولية، لذلك كان الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) يحثّ المسلمين على ختان أطفالهم حفاظاً عليهم.
ففي تفسير قوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)(البقرة/124)، يقول القرطبي: ((إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ ولد مَخْتُونًا. الثَّامِنَةُ- وَاخْتَلَفُوا مَتَى يُخْتَنُ الصَّبِيُّ، فَثَبَتَ فِي الْأَخْبَارِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُمْ قالوا: ختن إبراهيم إسماعيل لثلاث عثرة سَنَةً. وَخَتَنَ ابْنَهُ إِسْحَاقَ لِسَبْعَةِ أَيَّامٍ. وَرُوِيَ عَنْ فَاطِمَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَخْتِنُ وَلَدَهَا يَوْمَ السَّابِعِ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ مَالِكٌ وَقَالَ ذَلِكَ مِنْ عَمَلِ الْيَهُودِ.))(17)، ولا ندري أنَّ اليهود كانوا يختنون أولادهم!.
وعمل السيدة الزهراء (عليها السلام) سُنَّة يجب الاقتداء بها، وإذا كان عملها في ختن أولادها في السابع من عمل اليهود؛ فلماذا لم ينهاها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو الأعلم بشؤون العرب والديانات من غيره؟، فلا نرى ذلك إلّا افتراء، في حين إنَّ الختان في اليوم السابع فيه من المصلحة الكثير، منها أنَّ الطفل يتماثل للشفاء مبكراً، وكذلك لم يكن الألم ذا أهمية لدى الطفل، فيجب الالتزام بسنَّة الزهراء (عليها السلام) لأنَّها الوجه الآخر لفعل وقول وتقرير رسول الله (صلى الله عليه وآله).
المطلب العاشر.. أولاد فاطمة هم أولاد رسول الله
كما هو معروف عُرفاً: إنَّ أبناء الرجل ينتمون إليه ما داموا من صُلبه، إلّا أنّ ذلك لم يكن حتميَّا على أولاد السيدة الزهراء (عليها السلام)، فقد ذكر ذلك الآلوسي في تفسيره لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)(الحجرات/13)، فيقول: ((عن فاطمة رضي الله تعالى عنها قالت: " قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم كل بني آدم ينتمون إلى عصبة إلا ولد فاطمة فأنا وليهم وأنا عصبتهم " وفي رواية له عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه « كل ابن أنثى كان عصبتهم لأبيهم ما خلا ولد فاطمة فأنا عصبتهم وأنا أبوهم»))(18)، وبهذا تكون العصبة والإبوَّة القرآنية تختلف عن العصبة العرفية المتواطأ عليها والتي درج عليها السياق العشائري العربي، أو لا على الأقل يكون ذا خصوصية خاصة أشار إليها النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وهذا من باب التفسير بالرواية أو التفسير بالمأثور عن النبي الأمين، ومن طريق الصديقة الطاهرة (عليها وعلى أبها وبعلها وبنيها) أفضل الصلاة وأتم السلام.
المطلب الحادي عشر.. رواية الإسراء والمعراج
جاءت راواية الإسراء والمعراج في تفسير فرات الكوفي بشكل مختصر جدّاً على اعتبار أنَّها ذُكرت في موضع آخر، وجاءت الرواية عن السيدة الزهراء في ذيل تفسير قوله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ)(الإسراء/1)، يقول فرات الكوفي: ((حدثني علي بن عتاب معنعنا: عن فاطمة الزهراء بنت محمد عليها السلام قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لما عرج بي إلى السماء صرت إلى سدرة المنتهى (فكان قاب قوب قوسين أو أدنى) [9 / النجم] فأبصرته بقلبي ولم أره بعيني، فسمعت أذانا مثنى مثنى وترا وترا وإقامة... فسمعت مناديا ينادي: يا ملائكتي وسكان سماواتي وأرضي وحملة عرشي اشهدوا أني لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي، قالوا: شهدنا وأقررنا، قال: اشهدوا يا ملائكتي وسكان سماواتي وأرضي وحملة عرشي بأن محمدا عبدي ورسولي، قالوا: شهدنا وأقررنا، قال: اشهدوا يا ملائكتي وسكان سماواتي وأرضي وحملة عرشي بأن عليا وليي وولي رسولي وولي المؤمنين بعد رسولي، قالوا: شهدنا وأقررنا.))(19)، وهذا الحديث مروي بطرق أخرى(20) ولكن من طريق السيدة الزهراء جاء في هذا المورد فقط، وبهذه العبارات يُثبت تنصيب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) والياً على المسلمين في ليلة الإسراء والمعراج المباركة، وهذا التنصيب إلهي بإمتياز؛ ولا دخل للناس فيه، وبه تتشتت أمور التنصيب الأخرى، إذن: هذه الرواية من مختصات السيدة الزهراء (عليها السلام) في هذا المضمون من شؤون النبوَّة وبيان مكانة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبيان عدل الثقل الأكبر الإمام أمير المؤمنين وما حصل من تنصيب له في السماء قبل يوم الغدير بأكثر ثمان عشرة سنة.
المطلب الثاني عشر.. المنزلة الخصيصة للسيدة الزهراء من أبيها (صلوات الله وسلامه عليهما)
تتبيَّن المنزلة التي تتمتع بها السيدة الزهراء (عليها السلام) عن سائر المسلمين في القرآن الكريم من خلال ما أمرها به رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمناداته ودعائه، وذلك ما جاء على لسانها (عليها السلام) في بيان تفسير قوله تعالى: (لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)(النور/63)، تقول السيدة الزهراء (عليها السلام): ((عن الصادق عليه السلام قالت فاطمة عليها السلام: لما نزلت: " لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا " هبت رسول الله أن اقول له: يا أبة، فكنت أقول: يا رسول الله فأعرض عنى مرة أو ثنتين أو ثلاثا، ثم أقبل على فقال: يا فاطمة إنَّها لم تنزل فيك ولا في أهلك ولا في نسلك، أنت منى وانا منك، انما نزلت في أهل الجفاء والغلظة من قريش، أصحاب البذخ والكبر قولى: يا أبة فإنَّها احيى للقلب وأرضى للرب.))(21)، فكانت كلمة الزهراء (عليها السلام): (يا أبه) تُحيي قلب رسول الله وترضي الله تعالى، فكم كان يشتاق لها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولكلمتها التي يُشعر أنَّها تُحيي قلبه؟، وكيف لها وهي أمُّ أبيها وامتداده الطبيعي، حتى أنَّه كان يُعرض عنها إن نادته أو دعته بغير كلمة (يا أبه)، فالسلام على الزهراء وعلى أبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد نجوم السماء وحصى الأرض وقطرات المطر، ونسأل الله أن لا يحرمنا شفاعتها وشفاعتهم في الآخرة إنَّه سميع مجيب.
الخاتمة
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا وحبيب قلوبنا محمد وعلى آله الغر الميامين إلى قيام يوم الدين.
وبعد
بعد هذه الرحلة الممتعة بين تفاسير كتاب الله المجيد توصَّلنا إلى النتائج التالية:
1ــ قلَّة الروايات الواردة عن السيدة الزهراء (عليها السلام) في التفاسير مما يُدلل على جفاء القوم عنها ولم يسمعوا منها.
2ــ على قلَّة الروايات الواردة من طريق سيدة نساء العالمين إلَّا أنها أثرت المعنى وجابت الموارد الدلالية القطعية للآيات التي بيَّنتها.
3ـ في موضوع المغفرة؛ بيَّنت السيدة الزهراء أنَّ المعنى في الاستعمال القرآني أكبر وأوسع من المعنى اللغوي، حيث شمل المعنى اللغوي وزيادة.
4ـ أوضحت أم الحسنين (عليها السلام) الغرض من فرض الصلاة وأوجزتها في كلمات قليلة ذات معاني كبيرة وهي تنزيه الناس من الكبر.
5ــ أشارت بطريقة الحجاج اللغوي لمكانتها بين نساء العالمين فكانت قد فسَّرت آية الإصطفاء لمريم إبنة عمران (عليها السلام) بالتفسير الروائي ومن خلاله أثبتت أنّها سيدة لجميع نساء العالمين من الأولين والآخرين وسيدة نساء أهل الجنّة.
6ــ خصَّها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ببعض تفسير الآيات مثل الدعاء قبل النوم والدعاء عند دخول المسجد وكذلك بالشرح المفصل لليلة الإسراء والمعراج المباركة.
7ــ بيَّنت (عليها السلام) مكانة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) من بين الصحابة؛ وأنّهم يهرعون إليه في النوائب من خلال تفسيرها لسورة الزلزلة المباركة.
8ـ كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يختصَّها بأسراره؛ من ذلك ما أسرَّها بخصوص دنو أجله (صلى الله عليه وآله).
9ــ لها سُنَّة خاصَّة في ختان الأطفال؛ حيث أنَّها كانت تختن أولادها في اليوم السابع من عمره.
10ــ قطعت الطريق أمام المشككين في إمتداد نسل رسول الله من خلال روايتها عن أبيها أنَّ أولادها هم عصبته ونسله (صلوات ربي وسلامه عليهم أجمعين).
هذا ما وفقنا الله لتقديمه، فإن كنّا مصيبين؛ فبفضل من الله ومنٍّ من سيدة نساء العالمين، وإن أخطأنا؛ فمن عند أنفسنا الأمّارة بالسوء، آملين أن يفيد غيرنا من صوابه ويعمد إلينا من يرى عيوبه لتصحيحها في قابل الأيام، والحمد لله رب العالمين.
اضف تعليق