q
منوعات - علوم

الاستعداد للذكاء الاصطناعي

يستطيع الذكاء الاصطناعي إنجاز مهام ووضع تنبؤات ذات دقة عالية. بالإضافة لدوره في تقليص المهام المتكررة والتي لا تتطلب تفكير لحد كبير، فإنه يعطينا أفكار قد تساعدنا في عملية اتخاذ القرارات على جميع الأصعدة: وضع الميزانية وتخصيص الموارد، تبسيط سلاسل التوريد وإشراك العملاء باستخدام تحليل...
بقلم: ثيودوروس إفجنيو

يتوجب على الشركات التي تسعى للاستفادة من الإمكانات التحويلية للذكاء الاصطناعي، ألا تنسى أن الأشخاص هم الذين يحددون السياق الذي تزدهر فيه التكنولوجيا الجديدة.

يبدو أن الذكاء الاصطناعي يتعلم في كل أسبوع القيام بإحدى مهام البشر ولكنه يؤديها بشكل أسرع وأفضل. من اكتشاف أنواع السرطان وأمراض العين، إلى التنبؤ بالفيضانات أو تحليل اللغة ونبرة الصوت وتعابير الوجه للمرشحين خلال مقابلات التوظيف، أصبح الذكاء الاصطناعي في مرحلة متقدمة، فهو لا يدعم فقط آراء البشر بل يتخذ قرارات أكثر تعقيداً ودقة.

مع التقدم التكنولوجي وتعلمنا كيفية العمل والتعاون مع الذكاء الاصطناعي، سيساهم التفاعل بين البشر والكمبيوتر في تعزيز الابتكار عند كل من البشر والآلة.

تناولنا في هذا المقال الإبتكار العبقري، ووجدنا امكانيات وتطورات رائعة في عالم الفن والعلوم. حيث نجح الذكاء الاصطناعي بإنتاج لوحات وموسيقا وشعر ذات نوعية فريدة لا يمكن التغاضي عنها. بيعت لوحة تم رسمها بتقنية الذكاء الاصطناعي مؤخراً مقابل 432,500 دولار في معرض كريستي. وطورت شركتي آمبر وآيفا الناشئتين أساليب تعليمية لإنتاج الموسيقا بحسب الطلب، وقد تستطيع قريباً من صنع موسيقا شخصية. من المرجح أن يستحوذ الذكاء الاصطناعي في المستقبل القريب على العمليات الشاقة في التأليف والتنسيق لمواضيع موسيقية أو أغاني. كما لاحظنا قد يكون الذكاء الاصطناعي العبقري سمة الذكاء الاصطناعي العام الذي يغذي هندسة الوسائط المتعددة، ومؤسسات التعلم والتطوير للعمليات المشتركة بين الإنسان والذكاء الاصطناعي.

بهذه الاثناء وظف علماء الأعصاب والمهندسين مؤخراً خاصية مزج الكلام والذكاء الاصطناعي لتطوير نظام يترجم الأفكار إلى خطاب واضح، والذي قد يقود بدوره إلى أساليب جديدة في طريقة تواصل الكمبيوتر مع الدماغ بشكل مباشر، وربما الأهم من ذلك بالنسبة لنا، تحقيق فهم أفضل لكل من الإنسان والذكاء الاصطناعي.

ما هي فائدة الذكاء الاصطناعي في عملك؟ ومع الأحداث الكثيرة التي نشهدها مثل الإيقاع المتسارع بعالم الأعمال، كيف تستطيع الشركات الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لضمان إيجاد قيمة لصالحها؟

اختيار الحل الأمثل الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي

من خلال التعلم من البيانات بسرعة أكبر بكثير من البشر، يستطيع الذكاء الاصطناعي إنجاز مهام ووضع تنبؤات ذات دقة عالية. بالإضافة لدوره في تقليص المهام المتكررة والتي لا تتطلب تفكير لحد كبير، فإنه يعطينا أفكار قد تساعدنا في عملية اتخاذ القرارات على جميع الأصعدة: وضع الميزانية وتخصيص الموارد، تبسيط سلاسل التوريد وإشراك العملاء باستخدام تحليل المعنويات والذكاء التنبؤي. ومن جهة أخرى فإن الإمكانات التحويلية للذكاء الاصطناعي ستزيد على مدى السنوات المقبلة، مع تكييف القطاعات والمؤسسات لإجراءاتها وحتى نماذج عمليها في سبيل الاستفادة من قدراتها.

مع إدراكنا المتزايد لإمكانيات الذكاء الاصطناعي، أصبحت اليوم معظم المؤسسات في المراحل الأول من تطبيق هذه التكنولوجيا الغير مستكشفة. حتى أولئك ممن يمتلكون أحدث التقنيات، لا يزال يبحثون عن وسيلة لاستخدامه.

يتطلب استخدام الذكاء الاصطناعي إلى الوقت والجهد والمال. ومع التنوع التكنولوجي سيكون من السهل اختيار أكثرها شعبية. يتوجب على الشركات استنباط حل يناسب احتياجاتها الخاصة للحصول على أكبر فائدة،. كما يتوجب عليها فهم أنه لا يمكن تبني الذكاء الاصطناعي بعشوائية وتطبيق التكنولوجيا لتحل مكان البشر من دون تفكير. فالذكاء الاصطناعي يتمحور حول إضافة قيمة وفاعلية للعمليات، من خلال تبني عمليات أسرع وأكثر دقة.

يجب أن تأخذ الشركة بعين الاعتبار بعض الأساسيات عند قياسها للقيمة التي يجلبها الذكاء الاصطناعي للشركة، والنظر بمزايا وتكلفة التكنولوجيا حتى وإن كان من الصعب تقديرها. من الجيد أن نبدأ بالنظر في القرارات التي تتخذها التكنولوجيا تلقائياً ومقارنتها مع الطريقة التي تتم بها عملية صنع القرار الحالية. فمن خلال وضع دولار واحد عن كل قرار، تستطيع الشركات تقدير القيمة المحتملة التي تجلبها التكنولوجيا، مع الأخذ بعين الاعتبار أن القيمة غير قابلة للقياس.

فهم تكلفة تنفيذ حلول الذكاء الاصطناعي ليس بالأمر السهل. فإلى جانب تكلفة التكنولوجيا، هناك تكاليف خفية مثل المهارات المطلوبة لتطويرها، والتغييرات التنظيمية والتحديثات في نماذج العمل.

تطبيق تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى - المنهج الكلي

ينطبق القول المأثور "تقنية المعلومات مع مؤسسة قديمة عبارة عن مؤسسة قديمة مكلفة" على الاستثمار في الذكاء الاصطناعى. يتطلب الذكاء الاصطناعى نهجا شاملا أكثر من أي تكنولوجيا أخرى. فمن الضروري للقادة تعزيز المهارات التكنولوجية؛ البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والحوكمة؛ ومحو الأمية فيما يتعلق بالبيانات؛ والثقافة المبتكرة؛ والقواعد التي تلتزم بأفضل الممارسات؛ والقدرة على مواءمة قدرات التكنولوجيات الجديدة مع احتياجات العمل الأساسية. يجب على القادة أيضًا مراعاة المخاطر والالتزامات الجديدة التي قد تنجم عن الذكاء الاصطناعي (مثل التمييز والقرارات الغير العادلة والسلوك غير الأخلاقي للذكاء الاصطناعي، حتى المخاطر الصحية)، على أنها إثبات للتنفيذيين ومجالس الإدارة على دمج الذكاء الاصطناعي في إجراءات ومنتجات وخدمات الشركة. وفي حين تمتلك آلة التعلم القدرة على تعزيز أداء الشركات، إلا أنها تطرح أيضاً مخاوف أخلاقية وقانونية تحتاج للنظر فيها على مستوى مجلس الإدارة.

تحديد جودة الحل

قياس جودة الحل المطروح ليس بالأمر السهل. تقدم العديد من الشركات أموراً تبدو جيدة لدرجة لن تصدق معها أنها صحيحة. مع ذلك فإن بعض الأشياء التي تبدو غير قابلة للتصديق تكون صحيحة. فكيف نستطيع تقييم المطروح؟ من غير المحتمل أن تحتوي الشركة على مختصين للحكم على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. لكن بإمكانهم الحكم على مهارات الأشخاص الذين طوروها والإجراءات التي اتبعوها. يجب أن تضم قائمة المراجعة على: اجراءات جودة بيانات الصوت، الاستخدام الحذر لأساليب التعلم الآلي، أشخاص لديهم خبرة طويلة في تطوير حلول آلة التعلم، عمليات مراقبة مناسبة ومصممة لضمان استمرارية تطوير الذكاء الاصطناعي على أن تكون ضمن حدود الجودة المقبولة....

المهارة في معالجة البيانات

تكون حلول الذكاء الاصطناعى بنفس جودة البيانات التي تتلقاها. ففي حين تستطيع الشركات إحضار علماء البيانات وخبراء الإحصاء للتأكد من جودة البيانات وأهميتها عند تبني تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، من الضروري أن نتذكر أن البيانات التي قد تكون صحيحة اليوم قد تصبح خاطئة غدًا. ويجب أن يركز القادة ليس فقط على جودة البيانات وقت التنفيذ، بل أيضاً على جودة العمليات التي تم إنشائها في مؤسساتهم. يضمن ذلك أن تكون جودة البيانات المستخدمة وملائمتها على أعلى المستويات مستقبلاً.

التقدم الكبير في الذكاء الاصطناعي موجود لإحداث تغييرات نهائية من شأنها أن تعيد تشكيل قطاع الأعمال والمجتمع. فالأشخاص الذين اكتسبوا فهما عن كيفية عمل الذكاء الاصطناعي ودوره بإضافة قيمة وواجهوا صعوبات في دمجه كونه كان في بداياته، سيكونوا جاهزين لاغتنام الفرص كونها تتزايد. فهم الفرص والتحديات والإمكانات التي ينطوي عليها الذكاء الاصطناعي أمر متروك للقادة، كما يتعين عليهم إعادة توجيه عملهم لتطوير المهارات والإجراءات والممارسات التي تمكنهم من إدراك القيمة الكاملة للتكنولوجيا.

* ثيودوروس إفجنيو، أستاذ علوم القرار وإدارة التكنولوجيا بكلية إنسياد والمدير الأكاديمي لمخبر إنسياد الالكتروني
https://knowledge-arabia.insead.edu

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق