شبكة النبأ: الثورة العلمية والتكنولوجية الكبيرة التي يشهدها العالم اليوم، أثرت وبشكل كبير على حياة الفرد والمجتمع، فقد اصبحت تكنولوجيا الحديثة وما تقدمة من ابتكارات واجهزة وخدمات في مجال الاتصالات وغيرها من الصناعات الاخرى، احدى اهم المتطلبات الاساسية التي لا يمكن الاستغناء، خصوصا وانها قد شملت مختلف مجالات الحياة، سواء كانت شخصية او علمية او اقتصادية او صحية كما يقول بعض الخبراء، الذين اكدوا على ان هذه الثورة تكنولوجية على الرغم من فوائدها المتعددة، كان لها ايضا العديد من الاضرار والسلبيات الخطيرة التي كانت سببا في تغيرت علاقنا الشخصية والاسرية.
كما انها قد تسببت في تفاقم وحدوث بعض الأمراض والمشكلات النفسية والعضوية الناتجة عن إدمان الوسائل الحديثة والإنترنت، التي اصبحت اليوم في متناول الجميع خصوصاً شريحة الأطفال والمراهقين، وهو ما اثار قلق ومخاوف العديد من أولياء الأمور الذين يخشون من تأثير تأثيرها الكبير على مستقبل وسلوك اطفالهم، تلك المخاوف دفعت بعض المؤسسات والشركات المتخصصة الى التنافس من اجل ايجاد تطبيقات وسبل جديدة تتيح للآباء المراقبة والاشراف على الاجهزة الخاصة بأطفالهم.
مخاطر تواجه الاطفال
وفي هذا الشأن فقد أفاد استطلاع للرأي أن الآباء لا يدركون حجم المخاطر التي يتعرض لها الأبناء أثناء استخدام الحاسبات اللوحية والهواتف الذكية في تصفح الإنترنت دون رقابة. وأظهر الاستطلاع أن طفلا تقريبا من كل خمسة أطفال قالوا إنهم شاهدوا أشياء أزعجتهم أثناء تصفح الإنترنت على أجهزتهم. وتوصلت دراسة مستقلة إلى أن ما يربو على عشرين في المئة من الآباء لا يراقبون ما يتصفحه أطفالهم على الإنترنت.
ووفقا المسح ، فإن 90 في المئة من الآباء في انجلترا تحدثوا إلى أطفالهم بشأن الاستخدام الآمن للإنترنت على الحاسبات اللوحية أو الهواتف الذكية، غير أن معظمهم قال إنهم يسمحون لأطفالهم باستخدام أجهزتهم دون رقابة. وقال توني نيت، المدير التنفيذي لموقع "Get Safe Online" المعني بتقديم خدمات استشارية بشأن أمان الإنترنت، "جميعنا للأسف ، مهما تفاوتت أعمارنا، غير محصنين من مواجهة مشكلات على الإنترنت."
وأضاف "بدون استخدام رقابة مثل تفعيل خواص التأمين وحماية الخصوصية تلقائيا على الأجهزة وكذا استخدام مرشحات محركات البحث على الإنترنت، من دون شك سيتعرض الأطفال لأشياء لا تناسب أعمارهم أو أي عمر." ووجدت الدراسة أن الأطفال المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 إلى 16 عاما هم الفئة العمرية الأكثر عرضة للتهديدات على شبكة الإنترنت مقارنة بالفئة العمرية الأصغر من سن 8 إلى 12 عاما.
وقال ديفيد إم، كبير الباحثين الأمنيين بمعمل (كاسبرسكاي)، إن الآباء لا يدركون أن هناك مخاطر من استخدام الإنترنت على الحاسبات اللوحية والهواتف الذكية كما هو الحال بالنسبة لاستخدام الحاسبات الشخصية. وأضاف "عندما يستخدم الأطفال الهواتف المحمولة لتصفح الإنترنت، فهم يستخدمون نفس الإنترنت بنفس قدر المخاطر." ويؤكد إم "ثمة اعتقاد خاطئ بأن الهواتف الذكية والحاسبات اللوحية لا تحتاج إلى نفس مستوى الحماية اللازم مقارنة باستخدام الحاسبات الشخصية."
توفر أجهزة (آي فون) و (آي باد) التي تنتجها شركة آبل ما يعرف بخاصية رقابة الآباء وذلك من خلال استخدام كلمات سر. وتوفر هذه الخاصية إمكانية حجب كاملة لتطبيقات أو مواقع معينة أو تقييد استخدامها بموجب المحتوى المناسب للفئة العمرية.
وقال ما يزيد على خمسين في المئة من الآباء الذي شاركوا في استطلاع الرأي إنهم عمدوا إلى تفعيل خاصية رقابة الآباء ومرشحات الحماية على حاسباتهم اللوحية، في حين قال أربعون في المئة منهم فقط إنهم فعلوا الشيء نفسه على الهواتف الذكية الخاصة بأطفالهم. وكشف مسح أجراه معمل (كاسبرسكاي) أن 18 في المئة من الآباء يخسرون أموالا وبيانات من على هواتفهم نتيجة استخدام أطفالهم لها بدون رقابة.
ويشير الآباء إلى أن عمليات الشراء التي يجريها الأطفال أثناء ممارستهم اللعب على هواتفهم تسبب إهدار الأموال. وكان قد طلب من شركة آبل في الآونة الأخيرة رد أموال بقيمة 32.5 مليون دولار لآباء أجرى أبناؤهم عمليات شراء دون موافقتهم. كما حذرت شركة مايكروسوفت من خلال بحثها السنوي حول حماية المستهلك على الإنترنت من الحفاظ على الإنترنت الآمن. بحسب بي بي سي.
وقالت إن خمسة في المئة من العملاء في بريطانيا سقطوا ضحايا عمليات احتيال على الإنترنت. في حين قال ثلاثة في المئة إنهم تعرضوا لسرقة هويتهم، الأمر الذي كلفهم نحو مئة جنيه استرليني في المتوسط. وأوصت مايكروسوفت العملاء باستخدام كلمات مرور لحساباتهم الشخصية على الإنترنت يصعب اختراقها.
تطبيقات و اجهزة جديدة
من جانب اخر أصبح بمقدور الأباء والأمهات الذين يواجهون صعوبة في ابعاد أطفالهم عن الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر اللوحية لتناول الوجبات الغذائية أو تأدية الواجبات المدرسية أو القيام ببعض التدريبات الرياضية والأنشطة الأخرى ان يسلحوا أنفسهم بتطبيقات جديدة للتحكم في استخدام الأجهزة الالكترونية عن بعد. وتقول كومن سنس ميديا -وهي مؤسسة غير ربحية تتخذ من سان فرانسيسكو مقرا وتعنى بدراسة تأثير وسائل الإعلام والتكنولوجيا على المستخدمين الصغار- إن استخدام الأطفال للهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر اللوحية تزايد ثلاثة أمثال منذ 2011 .
ويتيح تطبيق جديد يحمل اسم دينر تايم بارنتل كونترول -يصلح للاستخدام مع أجهزة آي فون والهواتف الذكية التي تعمل بنظام اندرويد- للاباء والأمهات تحديد الأوقات التي يستخدم فيها أطفالهم الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر اللوحية. وقال ريتشارد ساه المؤسس المشارك لتطبيق تايم دينر "تكلفة الحصول على الشريحة الأولى من أجهزة الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية أصبحت منخفضة كثيرا ونتيجة لذلك أصبح لدى كثير من الأطفال أجهزتهم الشخصية."
وبمساعدة التطبيق المجاني يستطيع الأباء والأمهات وقف نشاط الطفل بشكل مؤقت على جهاز هاتف ذكي أو جهاز لوحي يعمل بنظام اندرويد حتى يركز الأولاد على أمور مثل تأدية الواجبات المدرسية أو التدريب البدني وقضاء وقت مع الأسرة. وفور ايقاف الجهاز بشكل مؤقت يتم غلق كافة المهام التي يؤديها بما في ذلك القدرة على ارسال الرسائل النصية والتحكم في التطبيقات.
ولاستخدام هذا التطبيق يقوم الأباء والأمهات بتحميله على جهاز الطفل وادخال رقم هواتفهم لربط الجهازين معا. وبعد ذلك يمكن للوالدين ضبط أوقاتا محددة لوقف أجهزة الأبناء تتراوح بين 30 دقيقة إلى ثلاث ساعات. ويبدأ في الظهور على الشاشة عد تازلي يعرف الطفل من خلاله متى يعود جهازه للعمل. وقال ساه إنه استلهم فكرة التطبيق من عادة تناول العشاء الأسري والتي يعتقد انها فقدت في عصر التكنولوجيا.
على صعيد متصل يتنافس المصنعون في معرض الالكترونيات في لاس فيغاس لجذب الاطفال مع اجهزة لوحية وهواتف ذكية مصممة خصيصا لهم تسمح للاهل بالاشراف على استخدامها. وقدمت استديوهات "دريموووركس" الهوليوودية في معرض "سي اي اس" ، جهاز "دريم تاب" اللوحي المخصص للاطفال الذي انجزته بالشراكة مع مؤسسة "فوهو" الكاليفورنية. ويتنافس هذا الجهاز مباشرة مع الاجهزة اللوحية للشركة الفرنسية "كوريو" التي تقدم ايضا هواتف ذكية للصغار الشغوفين بالتكنولوجيات الجديدة.
وتنتج "فوهو" من الان جهازا لوحيا للاطفال باسم "نابي" وبفضل الشراكة مع "دريمووركس" ستعمل مع المصممين الذين يقفون وراء "شريك" و "كونغ فو باندا". وسيسمح" دريم تاب" للاطفال خصوصا بتعلم رسم الشخصيات المفضلة لديهم وسيحترم القواعد التي فرضها القانون الاميركي "تشيلدرنز اونلاين برايفسي بروتيكشن آكت" الذي يحد من جمع البيانات عبر الانترنت من الاطفال. بحسب فرانس برس.
ويفترض ان يطرح الجهاز للبيع في السوق خلال العام المقبل وسيعمل بنظام اندرويد مع تعديلات اجرتها "فوهو". وسيتمكن المستخدمون من الوصول الى متجر تطبيقات للاطفال واهلهم. وعلى غرار "دريم تاب" فان اجهزة "كوريو" اللوحية تسمح بمراقبة من قبل الاهل. وقال الناطق باسم المجموعة اريك لوفان "يمكنكم اختيار اي تطبيق وتحديد استخدامه. يمكن مثلا ان تقرروا ان الطفل لن يستخدم فيسبوك بعد الساعة التاسعة مساء". واطلقت كوريو ايضا هاتفا ذكيا يعمل بالتقنيات نفسها بما في ذلك نظام يسمح للاهل بمعرفة متى يغادر طفلهم منطقة معينة مسبقا. وسيباع هذا الجهاز بسعر مئة دولار في الولايات المتحدة.
الهواتف والخيانة
الى جانب ذلك كشفت دراسة جديدة، أن نصف البريطانيين المشاركين فيها اعترفوا بأنهم أقدموا على خيانة نصفهم الآخر، بسبب اهتمامهم بهواتفهم الذكية النقّالة أكثر منهم. ووجدت الدراسة، التي نشرتها صحيفة "ديلي ميل"، أن بعض الذين مارسوا الخيانة من الجنسين أقرّوا بأن نصفهم الآخر يفضّل هواتفه النقّالة عليهم، ويستخدمها أثناء وجبات الطعام ومشاهدة التلفزيون وفي منتصف محادثة هامة وقبل النوم، وأثناء الاسترخاء على السرير.
وقالت إن تجاهل النصف الآخر للتركيز على الهاتف الذكي أصبح ممارسة شائعة جداً إلى درجة أنها صارت تحمل مصطلحاً خاصاً هو "فوبينغ"، بسبب تأثيرها السلبي على العلاقات بين الجنسين. وأضافت الدراسة، التي شملت 6000 بريطاني وبريطانية، أن 45 في المئة من هؤلاء اعترفوا بأنهم خانوا نصفهم الآخر لأنهم شعروا بأنهم أولوا المزيد من الاهتمام لهواتفهم الذكية وأكثر مما فعلوا حيالهم. وأشارت إلى أن النساء من الفئة العمرية 30 إلى 50 عاماً كنّ الأكثر إقداماً على خيانة رجالهن بسبب الهواتف الذكية.
وقالت الدراسة إن الذين يقدمون على خيانة نصفهم الآخر بسبب تفضيله الأجهزة الذكية عليهم، يستخدمون هواتفهم النقّالة للتعرّف على شخص جديد. ووجدت أيضاً أن 66 في المئة من المشاركين والمشاركات أقرّوا بأن التكنولوجيات الجديدة، وخاصة شبكة الإنترنت، تساعدهم على خيانة نصفهم الآخر لاعتقادهم بأنها أصبحت الآن سيفاً ذي حدّين.
من جهة اخرى مع الهواتف الذكية، بات بالإمكان تحديد موقع حامل الجهاز وهو نبأ سار للتطبيقات النقالة الخاصة بالتعارف مثل الاميركي "نيتدر" و الالماني "لوفو"، التي تراهن على المواعدة بطريقة ممتعة وغريزية اكثر من تلك التي توفرها مواقع التعارف التقليدية. فبنظرة واحدة يأتي الحكم سريعا. بإصبعها الموضوع على شاشة هاتفها ترسل ماري الى اليسار او اليمين صورة الرجال العازبين المسجلين لدى "تيندر" والمقيمين على مسافة كيلومترين من منزلها كحد اقصى. فتضع الى اليسار الشخص الذي تستبعده والى اليمين الشخص الذي يعجبها. وفي حال كان حكم الشخص المقابل مماثلا يفتح التطبيق نافذة للسماح لهما بالدردشة.
ماري باريسية في الثانية والثلاثين تستخدم منذ شهرين هذا التطبيق المجاني وهي قد حصلت حتى الان على اربعة مواعيد "لشرب كأس والدردشة". وتقول "لا احب ان امضي ساعات وان اتفحص سيرة كل واحد على مواقع التعارف. فبعد فترة تشعر بان الجميع متشابهون. لكن هنا لدينا هذا الجانب الممتع والفوري". وتضيف ماري "سريعا يعرف المرء ان كان الامر سينجح ام لا.
وهذا يبسط المراحل ويكون الضغط اقل" لكنها تحذر من ان هذا الامر "قد يؤدي الى الادمان" موضحة "فالصديقات يعشقن كثيرا اللعب على تيندر ويمكن تمضية فترة بعد ظهر كاملة في انتقاء مرشحين في سبيل التسلية فقط". وتطبيق "تيندر" اطلقه شاب اميركي في نهاية العام 2012 وهو لا يكشف عن عدد مستخدميه ويطمح الى ان يكون قاعدة بيانات (العمر والمدينة والاذواق والاصدقاء المشتركون) من خلال حساب فيسبوك للمستخدم لدى تسجله.
ويقول ستيفان بوليسيير مسؤول "لوفو" في فرنسا وهو تطبيق الماني مجاني في شكله الاساسي "عبر الانترنت يجب ان يتحلى المرء بالصبر للقاء شخص اخر. اما هنا فثمة عفوية كبيرة في الطابع الفوري وهو امر يتناسب جيدا مع هذا الجيل الذي يريد الحصول على كل شيء بسرعة".
ومنذ اطلاقه في فرنسا في ايلول/سبتمبر يقول ان عدد المستخدمين النشيطين تجاوز المئتي الف (واكثر من ستة ملايين في العالم).
ومن اجل التركيز على تحديد الموقع الجغرافي يأتي لوفو على شكل رادار يحدد موقع العازبين في المنطقة المعنية. ويكفي الضغط على نقاط ملونة لبدء الدردشة. ويعتبر باسكال لارديلييه استاذ علوم المعلومات "هذه التطبيقات تعمل بشكل حذق جدا. وهي نوع من يانصيب وتجعلنا تحت الضغط لانه قد يتم الاتصال بنا في اي وقت". ويضيف "هناك جانب ادماني ايضا لان المرء يشعر بالرغبة بالاطلاع على التطبيق على الدوام وهذا نوع من اعادة اعتبار للغريزة الجنسية اذ ينبغي البقاء على استعداد طوال الوقت".
وهذه الادوات الجديدة للمواعدة الرقمية تسرع وتيرة اللقاءات. ويقول عالم الاجتماع جان-كلود كوفمان صاحب كتاب حول التغييرات الكبيرة في اللقاءات الغرامية عبر الانترنت "خلافا لمواقع التعارف فان هذه التطبيقات لا تسمح فعلا بالتعارف عبر الانترنت. هي اداة تساعد على الاتصال. وتسمح بتحديد موعد لاحتساء شراب". لكنه يحذر من "الاستهلاك المفرط "الذي قد يترك اثارا. بحسب فرانس برس.
ويوضح "يسمح الانترنت بنسج علاقات براحة معينة لانه يمكن للمرء ان يتوقف ساعة يشاء من دون ان يعتذر حتى. لكن الشخص المنبوذ قد يمر بازمة جراء ذلك. وهو الثمن الذي ينبغي دفعه للشخص الذي يريد ان يقيم علاقة مستقرة على المدى الطويل. لكن هذا العالم اللامتناهي من العلاقات الممكنة يجعل من هذا الارتباط اكثر صعوبة". وفي مؤشر الى الحماسة التي تثيرها هذه التطبيقات، ستتضمن النسخة الجديدة من التطبيق النقال "ادوبت ان ميك" وظيفة تحمل عنوان "حولي". فموقع التعارف الفرنسي هذا الذي يعطي المبادرة للنساء، ينوي ادخال هذه الوظيفة في الربع الاول من العام 2014.
ادمان متواصل
على صعيد متصل قالت مكتب تنظيم الاتصالات في بريطانيا إن البريطانيين يقضون اوقاتا في استخدام الهواتف الذكية واجهزة الكمبيوتر اللوحي والاستماع للاذاعة اطول مما ينامون بفضل توفر الاتصالات في المنزل واثناء السفر. وقال المكتب إن متابعة وسائل الاعلام واستخدام الاتصالات تستغرق 11 ساعة و7 دقائق في المتوسط يوميا من حياة البريطانيين بزيادة اكثر من ساعتين منذ عام 2010 عندما كانت المدة 8 ساعات و 48 دقيقة.
وقال المكتب إن الهواتف الذكية -التي يستخدمها الان 61 بالمئة من البريطانيين- واجهزة الكمبيوتر اللوحي هي السبب في هذه الزيادة حيث تتيح للناس استخدام الانترنت اثناء التنقل. وقال المكتب ان التقنيات الجديدة هي ايضا مسؤولة عن طغيان العمل اكثر فاكثر على الاوقات الشخصية للناس حيث ينجز ستة من بين كل عشرة اشخاص عملهم خارج الساعات المحددة للعمل فيما يقوم 10 بالمئة بقراءة رسائل مرتبطة بالعمل وارسالها بالبريد الالكتروني أو في رسائل نصية وهم في الفراش. بحسب رويترز.
وعلى العكس يستخدم البريطانيون البريد الالكتروني في اماكن العمل لاغراض شخصية حيث يتسوق واحد من بين كل خمسة عبر الانترنت اثناء العمل. وقال المكتب في تقريره حول سوق الاتصالات لعام 2014 إن الكثيرين من البريطانيين يجرون مكالمات هاتفية ويتصفحون الانترنت في نفس الوقت الذي يشاهدون فيه التلفزيون أو يستمعون للاذاعة مما يجعل الوقت الاجمالي الفعلي الذي يقضونه في القيام بهذا ينخفض إلى ثماني ساعات و41 دقيقة او ما يزيد بعشرين دقيقة على اوقات نومهم. وقال التقرير إن مشاهدة التلفزيون ظلت النشاط الشخصي الاكثر شيوعا حيث تستهلك في المتوسط حوالي ثلاث ساعات من يوم البالغين.
العزلة الرقمية
في السياق ذاته رغم تزايد المخاوف حول الشعور بالانطوائية بين الشباب في المجتمعات الحديثة، في ظل الانشغال بمتابعة مواقع التواصل الاجتماعي والتقنيات الرقمية، إلا أن بعض الخبراء وجدوا أن العزلة التقنية، لا تزيد من شعور الشباب الأمريكي بالوحدة، مقارنة بآبائهم في سن المراهقة. وكشفت الدراسة التي نشرت، في نشرة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي انخفاضاً بسيطاً في الشعور بالوحدة بين طلاب المدارس الثانوية والجامعات الأمريكية بين العامين 1978 و2009.
وتوصل الباحثون إلى تلك النتيجة من خلال النظر إلى بيانات دراسات عديدة سابقة حول طلاب المدارس الثانوية وطلاب الجامعة، لاختبار سلوكيات ومواقف وأنشطة الفئة العمرية خلال فترة المراهقة. ووجدت الدراسة أنّ المراهقين في يومنا الحالي لديهم ميل عاطفي أقل، وحماسة منخفضة للمشاركة في الأنشطة والأندية، فضلاً عن تكوين صداقات أقل مقارنة بالأجيال السابقة.
وفي المقابل، أفادت الدراسة أن الشباب في يومنا الحالي، لديهم ثقة بالنفس واستقلالية أكبر، وليس لديهم حاجة كبيرة للانخراط في علاقات اجتماعية، والارتباط بالأصدقاء. واقترح باحثون في جامعتي كوينزلاند وغريفيث أنّ الشعور باحترام الذات والانفتاح يزيد مع مرور الوقت، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض الشعور بالوحدة.
وقال الباحث الرئيسي ديفيد كلارك أن "الناس على مر التاريخ أصبحوا أقل اعتماداً على الأسرة، إذ تكمن حاجاتهم في بناء المهارات المتخصصة التي تؤدي إلى عدم الاعتماد على الدعم الاجتماعي، وقدرتهم على الاكتفاء الذاتي،" مضيفاً أن "الأشخاص يصبحون أكثر فردية وانفتاحاً على العالم الخارجي، ويتمتعون بشعور تقدير الذات." بحسب CNN.
وأظهرت البيانات مستويات أقل بالشعور بالوحدة بين طالبات الجامعات أمام نظرائهن من الذكور، فيما أوضحت النتائج أنّ طلاب المدارس الثانوية من ذوي البشرة البيضاء لديهم شعور أقل بالوحدة مقارنة بالطلاب الأمريكيين الأفارقة وذوي الأصول الاسبانية، فضلاً عن غيرهم من أصول أخرى. ويذكر أن التكنولوجيا أصبحت تأخذ مكان التواصل الإنساني والتفاعل البشري، بسبب سهولة التواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي واستخدام الأجهزة الإلكترونية.
مملكة بوتان التقليدية
من جانب اخر يعمل كيران في العاصمة تيمفو، وتقيم عائلته في الريف، وهم باتوا على اتصال يومي بفضل الهاتف الخلوي، هذا الأمر الذي بات يعد عاديا في مختلف انحاء العالم ينظر اليه في مملكة بوتان في جبال الهيملايا على انه ثورة من شأنها ان تغير المجتمع التقليدي المحافظ هناك. ولطالما كانت أبواب مملكة بوتان الواقعة في منطقة الهيملايا بين الصين والهند مغلقة في وجه التكنولوجيات الجديدة، غير أن السماح بالتلفاز والانترنت في البلاد سنة 1999 سرع وتيرة التغيرات.
وصرح تنزينغ لامسانغ رئيس تحرير مجلة "ذي بوتانيز" أن "البوتان انتقلت من العصر الاقطاعي إلى الحداثة من دون المرور بالعصر الصناعي". وفي وسع هذا الصحافي الشاب الذي يتقن الإنكليزية ان يتامل من مكاتب هذه المجلة الأسبوعية جمال الجبال المحيطة بالعاصمة، لكنه يركز أكثر على الأخبار المنشورة على الشاشة. و توقع ان يحقق البلد في خلال 30 أو 40 عاما تطورا يستغرق عادة قرنا من الزمن.
وفي شوارع تيمفو المكتظة بالمارين حيث تتمازج الملابس التقليدية بالأزياء الغربية، بات المراهقون والمراهقات يتنقلون مع هواتفهم الخلوية. وتستخدم الأغلبية نماذج بسيطة، لكن البعض منهم يمتلك هواتف ذكية موصولة بالانترنت من علامات صينية أو هندية غير معروفة جدا في الغرب، فضلا عن هواتف مجموعة "سامسونغ" الكورية الجنوبية. وشرح كيران راسايلي البالغ من العمر 32 عاما أنه "يتعذر علي العمل من الصباح حتى المساء من دون هاتف ذكي، إذ أنني أدير أعمالي بواسطته".
ويعيش أهل كيران في منطقة ريفية في جنوب بوتان لا تزال تفتقر إلى الطرقات المعبدة. وهما باتا يملكان هاتفا خلويا. وأخبر كيران مبتسما "لم يرتدا المدرسة كثيرا في صغرهما، لكنهما يعرفان كيف يستخدمان الهاتف وهما جد سعيدين". وكان كيران يعمل قبل بضع سنوات دليلا سياحيا في النيبال، وهو لا يفهم كيف يمكن للبعض الاستغناء عن هواتفهم الخلوية.
فبالنسبة إلى الجيل الحالي من أبناء بوتان، يندرج الهاتف الخلوي والانترنت في سياق إجراءات الانفتاح على العالم التي أطلقها النظام الملكي في نهاية القرن الماضي وسرعت وتيرتها بفضل اعتماد نظام برلماني قبل أن تشهد البلاد العام الماضي أول تداول ديموقراطي على السلطة في تاريخها. وقال ئيس الوزراء تشيرينغ توبغاي إن "الهواتف الخلوية بدأت تفرض نفسها قبل حوالى 10 سنوات. وهي قد اعتمدت في المجتمع بنجاح. وكل مواطن تقريبا لديه اليوم هاتف ذكي".
وتكشف الإحصاءات الرسمية أن أكثر من 550 ألف شخص هم مشتركون في خدمات مشغلي الهواتف الخلوية في البلاد، أي ثلاثة أرباع السكان البالغ عددهم الإجمالي 750 ألف نسمة. وشرح رئيس الوزراء الذي وصل إلى السلطة إثر عملية انتقالية سلمية أن استخدام التكنولوجيات الجديدة يندرج في مشروع بوتان القاضي "بالحفاظ على أفضل ما قدم من التقاليد والحاضر والمستقبل". وهو يعزز بالتالي مؤشر "إجمالي السعادة الوطنية" وهو مؤشر تنمية يشمل نواحي ثقافية وبيئية اشتهرت بفضله المملكة على الساحة الدولية. بحسب فرانس برس.
ورئيس الحكومة ناشط جدا على "فيسبوك" حيث يتتبعه أكثر من 25 ألف مستخدم. وهو ينشر معلومات وصور عن نشاطاته الرسمية، من تدريب عسكري إلى قائمة العام في مطعم قروي، مرورا بلقائه بآونغ سان سو تشي. واستخدام "فيسبوك" شائع في بوتان مع 80 ألف حساب محلي لصفحات شخصية ومنصات لمناقشة المواضيع السياسية أو الثقافية وأخرى للبحث عن وظائف.
وهو يقدم للشباب في الريف فرصة لتوسيع آفاقهم والخروج من عزلتهم.
اضف تعليق