ان التقدم والتطور هما الحالة الطبيعية للمجتمعات البشرية، وهذا يتوافق مع الرغبة الأساسية للبشر في تحسين ظروفهم المعيشية واستغلال البيئة من حولهم لتطوير تكنولوجيا ومعارف جديدة ولكن، كما هو الحال مع أي قاعدة، هناك استثناءات، يمكن تقسيم الأسباب إلى داخلية وخارجية...
التقدم هو القاعدة العامة لسير حركة التاريخ الانساني. لكن لكل قاعدة استثناء.
المقولة أعلاه تشير إلى أن التقدم والتطور هما الحالة الطبيعية للمجتمعات البشرية، وهذا يتوافق مع الرغبة الأساسية للبشر في تحسين ظروفهم المعيشية واستغلال البيئة من حولهم لتطوير تكنولوجيا ومعارف جديدة.
ولكن، كما هو الحال مع أي قاعدة، هناك استثناءات.
تُشير الاستثناءات إلى تلك المجتمعات التي تتوقف – لسبب ما – عن التقدم والابتكار. يمكن تقسيم الأسباب إلى داخلية وخارجية:
1. الأسباب الداخلية: تتعلق هذه الأسباب بالعوامل التي تحدث داخل المجتمع نفسه، مثل:
- الخلل الحاد في المركب الحضاري: يمكن أن يعني هذا وجود مشكلات أساسية في النسيج الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للمجتمع، والتي يمكن أن تؤدي إلى الجمود أو تراجع الحضارة.
- قصور النظم التعليمية والبحثية: النظم التي لا تشجع على الإبداع والنقد البناء ولا توفر الدعم الكافي للابتكار.
- الفساد وغياب الشفافية: عوامل يمكن أن تعطل التوزيع العادل للموارد وتُفسد الأنظمة الإدارية والمالية، مما يخلق معوقات أمام التقدم.
- الصراعات وعدم الاستقرار السياسي: هذه الحالات تستهلك الموارد التي كان من الممكن استغلالها في عمليات التنمية والابتكار.
2. الأسباب الخارجية: هي العوامل القادمة من خارج المجتمع والتي يمكن أن تؤثر على قدرته على التقدم، مثل:
- الاستعمار: من المعروف أن الاستعمار يؤدي إلى استنزاف موارد المجتمعات المستعمرة وتقويض بنيتها الاجتماعية والاقتصادية، مما يعوق تقدمها.
- التدخلات السياسية والحروب: التي قد تؤدي إلى تدمير البنية التحتية وخسارة الأرواح وتبديد الموارد.
- العزلة الاقتصادية أو العقوبات: التي قد تحرم المجتمع من الوصول إلى الأسواق والتكنولوجيات الجديدة.
إذًا، هذه المقولة تعترف بأنه على الرغم من التوجه الطبيعي للمجتمعات باتجاه التقدم، هناك جملة من العوامل الداخلية والخارجية التي يمكن أن تكسر هذه القاعدة وتؤدي إلى توقف المجتمعات عن التطور والابتكار.
والاستثناء الذي اتحدث عنه ظهر ويظهر في حالتين. الاولى في مجتمعات توقفت عن التطور ونزلت من قطار التقدم البشري، واطلق عليها علماء الأنثروبولوجيا اسم "المجتمعات البدائية "، وما زالت بقاياها موجودة في بعض بقاع الارض في افريقيا واميركا الجنوبية واستراليا.
والحالة الثانية تشمل مجتمعات موجودة في قطار التقدم لكنها حركة تقدمها تباطأت او تراجعت بعض الشي فتخلفت عن ركب الحضارة البشرية والحداثة والتقدم العلمي والتكنولوجي، مثل عموم المجتمعات الاسلامية التي خسرت سباق الريادة رغم انها كانت المتقدمة على غيرها من المجتمعات وبخاصة المجتمعات الاوروبية. وصرنا نطلق على هذه المجتمعات عنوان "المجتمعات المتخلفة".
واذا كان التقدم هو الحالة الاصيلة في المجتمعات البشرية، فان التخلف هو الحالة الطارئة والاستثنائية.
داخليا، تبدأ الاصابة بالتخلف حين تتعرض القيم العليا الحافة بالمركب الحضاري للخلل جراء حدث معين، داخلي او خارجي.
يتالف المركب الحضاري من العناصر الخمسة (الانسان والارض والزمن والعلم والعمل) اضافة الى القيم العليا الحافة بهذه العناصر.
الخلل الواحد في المركب الحضاري يؤدي الى احداث حالات خلل اخرى الى ان يعم ويتوقف المركب الحضاري عن الاشتغال. في المجتمعات الاسلامية، وبخاصة المجتمع العربي، بدأ الخلل الحاد يتسلل الى المركب الحضاري للمجتمع منذ الانقلاب السياسي الذي حول الحكم الشوروي للخلافة الاسلامية الى حكم ملكي وراثي مستبد على يد معاوية بن ابي سفيان .
ومع ان الطاقة الحضارية التي اوجدها الاسلام في المجتمع العربي بقيت متقدة لفترة من الزمن، الا ان مضاعفات الخلل السياسي المذكور انفا استمرت في التراكم بشكل كان اقوى من التراكم في المسار الحضاري التقدمي للمجتمع.
اضف تعليق