الأرواح هي الأغلى، والدفاع عنها وحمايتها هي أقدس المهمات، وأسوأ الأعمال وأخطرها هو الاعتداء على روح إنسان -بالقتل- دون وجه حق، ولهذا ليس مستغربا أن يقف الأحرار والشرفاء في العالم، والمؤسسات الحقوقية العالمية، ورؤساء الدول، والبرلمانات الدولية كما فعل البرلمان الأوربي الذي صوت بأغلبية ساحقة بموافقة 656 من 750، برفض أحكام الإعدام والاعتقالات التعسفية الجائرة في السعودية كالحكم ضد الشاب علي النمر الذي أعتقل وعمره 17 سنة، والأصغر منه المحكوم بالإعدام داود المرهون، وكذلك عبدالله الزاهر. ومن أهم أسباب تضامن العالم مع المحكوم عليهم بالإعدام مثل علي النمر، وتحول ملفه إلى قضية عالمية:
أولا: ما حدث هو إنتهاك صارخ للقوانين السماوية والوضعية وحقوق الإنسان، وإعتداء على الأرواح.
ثانيا: يوجد قلق جدي أن تقوم السلطات السعودية بقتل وقطع رؤوس المحكوم عليهم بالإعدام بالسيف، بشكل مفاجئ في أي وقت، بعد التأكد من نقل كل من علي النمر وداود المرهون وعبدالله الزاهر، إلى سجون إنفرادية وانقطاع التواصل معهم.
ثالثا: المحكوم عليهم بالإعدام اعتقلوا وهم في سن الطفولة.
رابعا: إن هؤلاء المعتقلين -صغار السن- تعرضوا لأبشع أساليب التعذيب الوحشية، واجبارهم على التوقيع على أقوال كاذبة بالإكراه، ثم عرضوا على محكمة تفتقد لأركان العدالة والشفافية، بل هي في خدمة وزارة الداخلية -أي المُدَعِي والقاضي واحد-، كما لم يسمح للمحاميين الالتقاء بهم كما صرح محامي علي النمر الدكتور صادق الجبران، وعدم التمكن من الدفاع عنهم، بالإضافة إلى عدم إستماع القاضي لأقوالهم وشكاويهم منها التعرض للتعذيب وإجبارهم على التوقيع على أقوال كاذبة، وعدم اكتراث القاضي لمشاهدة آثار التعذيب الظاهرة عليهم!!.
ثالثا: تخبط الروايات الأمنية البعيدة عن الحقائق ضد المحكوم عليهم بالإعدام، إذ لم تستطع السلطات السعودية تقديم اي أدلة لغاية اليوم سوى الكلام، كما ان الإتهامات الملفقة الموجهة ضدهم لا تستحق اصدار حكم القتل ضدهم، إنه حكم سياسي!!.
على أي أساس يحكم على هؤلاء -المعتقلين منذ كانوا صغارا- بالإعدام، رغم انهم لم يقتلوا أي إنسان، ولم يسعوا للقتل، ولم يستخدموا اي سلاح، بل كانوا ضمن مظاهرات شعبية تطالب بالإصلاح والتغيير، وإذا الجهات الامنية تدعي إرتكابهم عملية قتل فمن هو المقتول وما موقع وتاريخ عملية القتل؟!.
وللمعلومية هؤلاء أعتقلوا قبل إعتقال الشيخ نمر النمر، -اي قبل التصعيد-، وإذا هؤلاء كما جاء في الإتهامات بان لهم علاقة بجهة إرهابية -في محاولة لتشويه سمعة هؤلاء الأطفال وركوب موجة الإرهاب والإرهابيين، للحصول على تأييد الشارع المحلي وتعاطف العالم،- فما اسم تلك الجهة الإرهابية؟.
هل الخروج في مظاهرات شعبية للمطالبة بالإصلاح والتغيير ونقد السلطة، هي الجريمة الكبرى والإرهاب؟.
نعم إن التعبير عن الرأي وإنتقاد السلطة والمظاهرات السلمية حسب رأي السلطة السعودية جريمة وحرام لأنه داخل أراضيها، بينما هو حلال وتدعمه في خارج حدودها، وإن من يسرق الأراضي والثروة الوطنية ليس مجرما!!. والأكثر غرابة ان السلطة السعودية تجوز حكم القتل على كل من ينتقدها كما جاء في جريدة مكة في شهر أكتوبر 2015. تحت عنوان: "مثيرو الفتن في توتير معرضون لعقوبة القتل"!.
نشر الصحف المحلية لخبر عقوبة القتل لمن ينتقد السلطة الحاكمة بشكل صريح ومباشر، دليل على اصرار السعودية على التعامل بالسيف والدم والقتل، مع كل من ينتقد سياستها ويرفض الظلم والفساد،.. وان كان طفلا!!.
من المؤسف ان السعودية رغم التحديات الداخلية والخارجية التي تهدد الوطن والمنطقة، مازالت ترفض حل الازمات الداخلية ومنها الإصلاح حسب إرادة الشعب، والإفراج عن المعتقلين بسبب التعبير عن الرأي، عبر الحوار الداخلي والحلول السلمية دون اللجوء إلى الإعتقالات التعسفية والتعذيب، واحكام السجن لسنوات طويلة والإعدام!!.
هذه السياسة الغريبة والدموية البعيدة عن قوانين الدولة الحديثة في عالم اليوم، تجعل العالم الحر، والأحرار والشرفاء والنشطاء والمؤسسات الحقوقية، يصرخون بصوت عالي في وجه السعودية بـ: لا لسياسة الإعدام والتعذيب والإعتقالات التعسفية للأطفال، وللنشطاء والحقوقيين، وللمتظاهرين السلميين، ولمن ينتقد سياستها. ويأتي تصويت البرلمان الأوروبي بأغلبية ساحقة برفض سياسة الإعدام والقمع في السعودية، ضمن الحملة العالمية الرافضة لحكم الإعدام ضد الشاب علي النمر، وعلى بقية المحكوم عليهم بالإعدام والسجن، والمطالبة بإلغائها والإفراج عنهم، بل المطالبة بالتحقيق في وقوع التعذيب.
أهالي المعتقلين والأحرار والشرفاء في العالم، يأملون من السلطة السعودية، وهي تتجسد في الحاكم الملك، المبادرة بإلغاء الأحكام الجائرة الإعدامات والسجن والإعتقالات التعسفية بحق المعتقلين بسبب التعبير عن الرأي والتظاهر، وإنهاء هذا الملف عبر الافراج عنهم، وسرعة تحقيق الإصلاح الشامل حسب إرادة الشعب لبناء دولة حديثة ووطن يمثل الجميع.
كما ان المعتقلين ومنهم من حكموا بالإعدام لديهم أمل بالتغيير والافراج كما قال الشاب علي النمر: "عندي أمل بالحياة وعدم الإعدام، وأمنيتي أن أكون محاميا أو ناشطا حقوقيا للدفاع عن المظلومين". انها كلمات تعبر عن آماله وتطلعاته وإيمانه ومستوى وعيه، وحبه للحياة الكريمة والعدالة والحرية، والبناء والإعمار للأرض والوطن، وحماية الأرواح والدفاع عن المظلومين.
علي النمر اعتقل منذ كان طفلا عمره 17 سنة، وتعرض خلال سنوات الاعتقال لأبشع أساليب التعذيب، ثم صدر الحكم الجائر بإعدامه، وكل ذلك بسبب مطالبته للإصلاح والتعبير عن الرأي والمشاركة في المظاهرات!.
علي النمر يمثل آلاف المعتقلين منهم من صدر بحقهم أحكام بالسجن لسنوات طويلة والبعض بالإعدام.. بسبب التعبير عن الرأي، أوقفوا الإعدامات والإعتقالات التعسفية للأبرياء، فالقلق يزداد مع وضع كل من المحكوم عليهم بالإعدام في سجن إنفرادي،.. الإعدام للإبرياء خطوة جنونية.
اضف تعليق