يعد العنف ضد المرأة امتهانا للكرامة الانسانية وخروجا وخرقا لكل المواثيق الدولية والشرائع السماوية، فهو هدر لحقوق الانسان التي ضمنتها الكثير من الشرائع والسنن، ودافع عنها الانسان وضمنها في مدوناته القانونية، الا ان هناك بعض الظروف السياسية والاجتماعية والسياسية افرزت بعض العوامل التي صعدت من وتيرة العنف بشكل العام...
يعد العنف ضد المرأة امتهانا للكرامة الانسانية وخروجا وخرقا لكل المواثيق الدولية والشرائع السماوية، فهو هدر لحقوق الانسان التي ضمنتها الكثير من الشرائع والسنن، ودافع عنها الانسان وضمنها في مدوناته القانونية، الا ان هناك بعض الظروف السياسية والاجتماعية والسياسية افرزت بعض العوامل التي صعدت من وتيرة العنف بشكل العام لاسيما العنف الموجه ضد المرأة، رغم سعي المرأة وجهادها ووقوفها الى جانب الرجل وحاجة المجتمع الى دورها في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
ويظهر العنف ضد المرأة في مختلف قطاعات المجتمع بغض النظر عن الطبقة والدين والثقافة او البلد وتخلفه وتقدمه، وكثيرا ما تتنوع دوافع العنف ولا يمنع حدوثه تقدم البلد او انخفاض نموه او كون المجتمع من المجتمعات المتحضرة او المتخلفة، وان تعددت تعاريف العنف الا انها تعني معنى واحد هو استخدام القوة المادي او المعنوية ضد الاخر.
وتشير الموسوعة العلمية (Universals) أن مفهوم العنف يعني كل فعل يمارس من طرف جماعة أو فرد ضد أفراد آخرين عن طريق التعنيف قولاً أو فعلاً وهو فعل عنيف يجسد القوة المادية أو المعنوية.• ذكر قاموس (Webster) أن من معاني العنف ممارسة القوة الجسدية بغرض الإضرار بالغير وتعني بمفهوم العنف هنا تهمد الإضرار بالمرأة أو الطفل، وقد يكون شكل هذا الضرر مادي من خلال ممارسة القوة الجسدية بالضرب أو معنوي من خلال تعمد الإهانة المعنوية للمرأة والطفل بالسباب أو التجريح أو الإهانة.•
وهو سلوك أو فعل يتسم بالعدوانية يصدر عن طرف قد يكون فرداً أو جماعة أو طبقة اجتماعية أو دولة بهدف استغلال وإخضاع طرف آخر في إطار علاقة قوة غير متكافئة اقتصاديا وسياسياً مما يتسبب في إحداث أضرار مادية أو معنوية أو نفسية لفرد أو جماعة أو طبقة اجتماعية أو دولة أخرى.
الجهد الدولي في مواجهة العنف
أعتبَر ميثاق الأمم المتحدة الذي اعتُمِد في سان فرنسيسكو في العام 1945 أول معاهدة دولية تشير، في عبارات محددة، إلى تساوي الرجال والنساء في الحقوق. وانطلاقاً من إيمان المنظمة الدولية بالمساواة في الحقوق بين الجنسين، واكد الاعلان العالمي لحقوق الانسان (1948) رفضه التمييز على اساس الجنس في مادته الثانية ورفضه للاسترقاق والاستعباد في المادة الرابعة، والتعذيب والمعاملة او العقوبة القاسية في المادة الخامسة، واشار في المادة (16) على سن الزواج الذي هو سن البلوغ، والتساوي في الحقوق لدى التزوج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله. ونصت المادة الثانية عشر من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: لا يعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو لحملات على شرفه وسمعته، ولكل شخص الحق في حماية القانون من مثل هذا التدخل أو تلك الحملات.
فقد بدأت المنظمة الدولية ومنذ وقت مبكر، أنشطتها من أجل القضاء على التمييز ضد المرأة، فأنشأت لجنة مركز المرأة في العام 1946 لمراقبة أوضاع المرأة ونشر حقوقها. وفي إثر شيوع مبدأ المساواة في العالم وفق ما نصت عليه الشرعة الدولية لحقوق الإنسان واستمر الجهد الدولي ثابر من اجل إنصاف المرأة ورفعها من حالة الدونية والارتقاء بها الى مستوى المساواة وعدم التمييز، عبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948) والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (1966) واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (1979) والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966).
فأصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة اعلانا بشأن حماية النساء والاطفال في حالات الطوارئ والنزاعات المسلحة بموجب قرارها المرقم 3318 في 14 كانون الاول 1974 دعت فيه جميع الدول والاعضاء الى الالتزام بمبادئ القانون الدولي: المرأة المنتمية للأقليات وحقوقها: منظمة العمل الدولية اسهمت بتحسين مستويات العمل وعلى جميع الصعد، فأبرمت الاتفاقية رقم 19 لسنة 1952 بشأن المساواة بالمعاملات (حوادث العمل) والاتفاقية رقم 10 لسنة 1951 بشأن المساواة بالأجور.
عدم اجراء الزواج تحت السن القانونية وعدم الاجبار على الزواج، واصدرت الجمعية العامة لهيئة الامم المتحدة في قرارها المرقم (106/52) لسنة 1995 اتفاقية الطفل، ومن حقوق الطفلة: الحق في الحياة وفي عدم تمييزها عن الذكور وفي التعليم والسلامة البدنية والحماية من الاعتداءات.
وفي 18ـ كانون الأول / ديسمبر 1979، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو CEDAW"، ودخلت الاتفاقية حيّز التنفيذ في 3 أيلول / سبتمبر 1981 كاتفاقية دولية بعد أن صادقت عليها الدولة العشرون.
وبحلول الذكرى السنوية العاشرة للاتفاقية عام 1989، كان ما يقرب من مائة دولة قد وافقت على الالتزام بأحكامها. وبلغ عدد الدول التي انضمت إلى الاتفاقية 171 حتى تاريخ 28 تشرين الثاني 2002.أعلنت الجمعية العامة يوم 25 تشرين الثاني/نوفمبر اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، ودعت الحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية إلى تنظيم أنشطة في ذلك اليوم تهدف إلى زيادة الوعي العام لتلك.
العنف ضد المرأة
يعرف العنف في الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة والذي وقعته الأمم المتحدة سنة 1993 بأنه (أي فعل عنيف قائم على أساس الجنس ينجم عنه أو يحتمل ان ينجم عنه أذى أو معاناة جسمية أو جنسية أو نفسية للمرأة، بما في ذلك التهديد باقتراف مثل هذا الفعل أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحريـة، سواء أوقع ذلك في الحياة العامة أو الخاصة).
وتشير الوثيقة الصادرة عن المؤتمر العالمي الرابع للمرأة في بكين 1995 "أن العنف ضد النساء هو أي عنف مرتبط بنوع الجنس، يؤدي على الأرجح إلى وقوع ضرر جسدي أو جنسي أو نفسي أو معاناة للمرأة بما في ذلك التهديد بمثل تلك الأفعال، والحرمان من الحرية قسراً أو تعسفاً سواء حدث ذلك في مكان عام أو في الحياة الخاصة.
وربط المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان والذي صدر عنه ما يعرف بإعلان وبرنامج عمل فينا (1993) بين العنف والتمييز ضد المرأة، الفقرة (38) على أن مظاهر العنف تشمل المضايقة الجنسية والاستغلال الجنسي والتمييز القائم على الجنس والتعصب والتطرف وقد جاءت الفقرة ما يلي" يشدد المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان بصفة خاصة على أهمية العمل من أجل القضاء على العنف ضد المرأة في الحياة العامة والخاصة والقضاء على جميع أشكال المضايقة الجنسية والاستغلال والاتجار بالمرأة والقضاء على التحيز القائم على الجنس في إقامة العدل وإزالة أي تضارب يمكن أن ينشأ بين حقوق المرأة والآثار الضارة لبعض الممارسات التقليدية أو المتصلة بالعادات والتعصب الثقافي والتطرف الديني". ان التعذيب يتغذى على ثقافة عالمية ترفض فكرة المساواة في الحقوق مع الرجال والتي تبيح العنف ضد النساء.
أظهر تقرير أصدرته الأمم المتحدة في عام 2001 أن واحدة من بين كل ثلاث نساء في العالم تعرضت للضرب أو الإكراه على ممارسة الجنس أو إساءة المعاملة بصورة أو بأخرى، وغالباً ما تتم هذه الانتهاكات لحقوق المرأة بواسطة إنسان يعرفنه.
أشارت العديد من الدراسات الميدانية لمنظمات إنسانية غير حكومية أن امرأة واحدة على الأقل من كل ثلاث، تتعرض للضرب أو للإكراه والإهانة في كل يوم من أيام حياتها. كما ذكرت منظمة الصحة العالمية بأن قرابة 70% من ضحايا جرائم القتل من الإناث يُقتلن على أيدي رفاقهن الذكور. وتمثل النساء والأطفال قرابة 80% من القتلى والجرحى من جراء استخدام الأدوات الجارحة والأسلحة، حسبما ذكر الأمين العام للأمم المتحدة. وفي كل عام تتعرض ملايين النساء والفتيات للاغتصاب على أيدي رفقائهن الذكور، أو أقاربهن، أو أصدقائهن أو أشخاص غرباء، أو على أيدي أرباب العمل أو الزملاء، أو الجنود، أو أفراد الجماعات المسلحة.
اشكال العنف ضد المرأة
وتصنف الاتفاقيات الدولية العنف الى:
أــ العنف البدني والجنسي والنفسي الذي يحدث في إطار الأسرة بما في ذلك الضرب والتعدي الجنسي على أطفال الأسرة الإناث، وختان الإناث وغيره من الممارسات التقليدية المؤذية للمرأة، والعنف غير الزوجي والعنف المرتبط بالاستغلال.
ب- العنف البدني والجنسي والنفسي الذي يحدث في إطار المجتمع العام بما في ذلك الاغتصاب والتعدي الجنسي والمضايقة الجنسية والتخويف في مكان العمل وفي المؤسسات التعليمية وأي مكان آخر ، والاتجار بالنساء وإجبارهن على البغاء.
ج- العنف البدني والجنسي والنفسي الذي ترتكبه الدولة أو تتغاضى عنه، أينما وقع.
ويدعو صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى الأخذ بنهج ذي أربعة فروع يتمثل فيما يلي: ـ تعزيز القوانين والسياسات العامة بما يتمشى مع الاتفاقات الدولية.
مواجهة العنف
ولمواجهة العنف والحد منه وضعت عدت اليات:
ـ تفعيل دور القضاء والحد من ظاهرة الإفلات من العقاب، والتسليم باحتياجات الضحايا والتجاوب معها، وتعزيز التعبئة الاجتماعية والتحول الثقافي.
ـ يجب إنفاذ القوانين والسياسات وتطبيقها، وتخصيص الميزانيات، وتتغير الاتجاهات والممارسات الضارة، وتعليم الأطفال وهم ما زالوا في كنف أمهاتهم أن العنف ضد المرأة والفتاة خطأ، وتلعب المدارس دورا في تعزيز المساواة بين جميع البشر، ذكوراً أو إناثاً، في القيمة والكرامة الأصيلة.
ـ تنشط وترويج ثقافة عدم التسامح مع العنف ضد المرأة في الاسرة والمدرسة وفي المجتمع.
ـ عدم جواز أن تتذرع دولة أو سلطة تحت أي ظرف من الظروف بدواعي العرف أو الدين أو التقاليد تبريراً للعنف المرتكب ضد المرأة.
آثار العنف ضد المرأة
تترتب على العنف الممارس ضد المرأة آثار جسمية ونفسية واجتماعية، تصيب المرأة وتكون لها اثارها على الاسرة والمجتمع:
- أضرار جسدية ونفسية
- شعور المرأة بالخوف وانعدام الأمان
- الحد من إمكانية حصولها على الموارد
- منعها من التمتع بحقوقها كإنسان
- يعرقل مساهمتها في التنمية
- تضخم الشعور بالذنب والخجل والانطواء والعزلة وفقدان الثقة بالنفس واحترام الذات.
اضف تعليق