لابد من التأكيد على أهمية الأمن في دولة القانون والنظام واحترام إرادة الشعب والتعددية والتنوع لكافة المواطنين، وأن تكون أجهزة الدولة وبالخصوص الأمنية في خدمة الشعب وحمايته.
في الدول المحترمة الحضارية التي تحكم باسم الشعب، وبحسب دستور شعبي يحدد حقوق وواجبات الحاكم والمحكوم، تكون الأجهزة الحكومية في خدمة الشعب - وبالخصوص الأمنية -، وكنا نتمنى أن يتحقق ذلك على أرض الواقع كحقيقة في بلداننا؛ ونشاهد التعاون الحقيقي والثقة بين أفراد الشعب المدنيين من جهة وأفراد المؤسسة العسكرية من جهة أخرى، للمساهمة في بناء وطن للجميع، وطن حضاري تحترم فيه حقوق الإنسان.
ولكن للأسف الشديد فان الواقع عكس ذلك، لإن المؤسسة الأمنية بأنواعها مثل بقية مؤسسات السلطة - ومنها القضاء - في خدمة الحاكم فقط، فالمؤسسة الأمنية من خلال سياستها وتعامل بعض رجالها، تؤكد انها مؤسسة بعيدة عن رسالة تحقيق الأمن والامان، وهناك دراسة صادرة من المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية عنوانها: مقياس قطاع الأمن العربي وتوجهات المواطنين 2015. قد أشار إليها الكاتب أ. جعفر الشايب في مقال له بـ عنوان " الأمن وتوجهات المواطنين" جاء فيها: « توضح الدراسة ان نصف الجمهور لا يثق بالقطاع الأمني وليس راضيا عن أدائه،.. والاعتقاد بانتشار الفساد في الأجهزة الأمنية وضعف الإطلاع والمعرفة باختصاص ومهام مختلف الأجهزة،.. وأن الانتماءات السياسية والطائفية للمواطنين لها علاقة قوية جدا في الشعور بتوفر الأمن؛ فالمواطنون المنتمون لإحزاب أو طوائف تقف خارج الحكم يشعرون بغياب الأمن أكبر من المنتمين لأحزاب أو طوائف حاكمة. الدراسة تؤكد على الأهمية الملحّة للإسراع في إصلاح القطاع الأمني...، والمساءلة ومكافحة الفساد ويحترم حقوق الإنسان ويحدد مهام ومسؤوليات أجهزة الأمن وتسلسلها القيادي».
ارتكاب بعض أفراد الأجهزة الأمنية جرائم فظيعة جدا تتنافى مع رسالة رجل الأمن، بحق المواطنين والمقيمين، امر غير مخفي على الجميع فهو موثق بمقاطع التصوير على مستوى الوطن العربي، وقد اندلعت شرارة الربيع الوطني، بسبب اعتداء شرطية تونسية على المواطن بوعزيزي الذي احرق نفسه، بل المثير والغريب ان يلجأ بعض أفراد رجال الأمن، كفرقة صقور نايف في السعودية إلى استخدام مدرعة رسمية لأغراض غير إخلاقية والإعتداء على الأعراض والتلفظ بكلام طائفي بغيض والإساءة للنساء والنيل من سمعتهن ومجتمعهن، وهذه التصرفات للحادثة الإجرامية المؤلمة موثقة ومسجلة بالصوت والصورة، ويمكن الإطلاع عليه عبر الرابط التالي:
https://www.youtube.com/watch?v=QNqUVOKnzc0.
كما فعل بعض الجنود في شهر رمضان الموافق 5/7/2015. بإهانة والإعتداء على بعض الشباب على كورنيش القطيف كما شاهد الجميع بالصوت والصورة حسب مقطع الفيديو المنشور، وهذا ليس جديدا على بعض أفراد هذا الجهاز الأمني، فقبل أشهر قام عدد من العسكر العاملين في مطار جدة بالتحرش بعدد من المراهقين القادمين لأداء العمرة، وزيارة الرسول الاكرم محمد (ص)!!.
وفي 21-4-2015م. وبحسب مقطع فيديو مصور، يظهر جندي باللباس العسكري يطلق النار مباشرة على مجموعة من الشباب في ساحة الاستعراض بالسيارات، حيث سقط عدد من الجرحى، وقتل الشاب عبدالله ال رمضان، سبب الوفاة طلق ناري برصاص انشطاري أخترق بطنه وخرج من ظهره، ولغاية اليوم لم يتم فتح الملف للتحقيق، والقبض على العسكري القاتل!!. وقد شاهد العالم على الهواء مباشرة قيام عدد من الجنود بالإعتداء الوحشي والبشع الخالي من الإنسانية على أحد الشباب حتى الأغماء، والتهمة الدخول إلى أرض الأستاذ الرياضي بالرياض فقط،.. !!.
والإعتداءات الوحشية من أفراد الأجهزة الأمنية على كل من تظاهر للمطالبة بالإصلاح والتغيير ولو بشكل سلمي، واضحة.. هذه جرائم مرصودة بالصوت والصورة، وما يحدث بعيدا عن الكاميرا أعظم وأدهى!!.
الدور الطبيعي لرجل الأمن يجب أن يكون في خدمة الشعب، وأن يبذل كل ما يستطيع لتقديم المساعدة للمواطنين والمقيمين، لينعم مجتمعه ووطنه بالأمن والأمان، فهو يستلم راتبا من ثروة الشعب، على أن يقوم بمهمته لخدمة الشعب بشكل صحيح وحسب القانون، بلا إهانة وإذلال وتمييز ومزاجية كما يحدث عند نقاط التفتيش، وإنتقام وكراهية وبنفس طائفي بغيض!!.
الفجوة بين المجتمع المدني والمؤسسة الأمنية بالخصوص في الوطن والدول العربية واضحة للعيان، بسسبب سياسة تلك المؤسسة التي تحولت إلى مصدر إرهاب وتخويف للشعب، - من جلد وإعتقال وسجن للنشطاء السلميين الإصلاحيين -، وجهاز لحماية الظلم والفساد والمفسدين ومن يستغلون السلطة في الوطن -.
وإزدادت الفجوة بسبب لجوء الأنظمة إلى جلب جنود من الخارج للدفاع عن نظامهم ضد الشعب كما يفعل النظام في البحرين، بالإضافة إلى سوء تعامل وتصرفات أفراد المؤسسة الأمنية، البعيدة عن الأخلاق والتعامل الإنساني والوطني وخدمة ومساعدة الشعب، بل تخدم مصلحة العوائل والاحزاب والتيارات الحاكمة.
الأمن الحقيقي يتحقق بحصول أفراد المجتمع على حقوقهم في ظل القانون وتطبيق العدالة والحرية والكرامة من دون قهر، فهذه تؤدي إلى تحقيق الأمن الاجتماعي الحقيقي، وعبر تعاون أفراد الشعب كروح واحدة وإصلاح العلاقة بين المؤسسة العسكرية من جهة وبقية المواطنين المدنيين من جهة اخرى، وبسواعد رجال الأمن المخلصين من أبناء الوطن.
تحية لكل مواطن مخلص لوطنه مدني أو عسكري يرفض الظلم والفساد والإعتداء على كرامة وحرية الاخرين. وتحية لكل رجل أمن مخلص لوطنه وشعبه، يعمل بلا طائفية ولا استغلال للوظيفة ولا إنتقام شخصي ولا لخدمة كبار المفسدين في المؤسسة الأمنية والسلطة.
وتحية لكل شخص يعمل من أجل التأكيد على أهمية تطبيق مبدأ العدالة والمساءلة والمحاكمة للمعتدين والمقصرين والمستهترين، وبالخصوص من يعمل في الجهات الحكومية ومنها الأمنية للكبير قبل الصغير.
...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية
اضف تعليق