يحيي العالم اليوم الدولي للمرأة في وقت عصيب تفاقمه جائحة كوفيد شهد خلالها زيادة العنف ضد النساء، وانحدار عشرات الملايين من النساء إلى الفقر المدقع مع خسارتهن لوظائفهن بمعدلات أسرع من الرجال. يلقي ذلك بظلال ثقيلة على الجهود المبذولة لتحقيق المساواة في التعليم والعمل والأجور...
يحيي العالم اليوم الدولي للمرأة في وقت عصيب تفاقمه جائحة كوفيد-19، شهد خلالها زيادة العنف ضد النساء والفتيات، وانحدار عشرات الملايين من النساء إلى الفقر المدقع مع خسارتهن لوظائفهن بمعدلات أسرع من الرجال. يلقي ذلك بظلال ثقيلة على الجهود المبذولة لتحقيق المساواة في التعليم والعمل والأجور، وغيرها من المجالات.
فقد نظمت تظاهرات في إسبانيا وفرنسا وآسيا وشكلت لجنة في تركيا في إطار مبادرات في مختلف أنحاء العالم بمناسبة اليوم العالمي لحقوق المرأة رغم انتشار فيروس كورونا وفي مواجهة عدم المساواة المستمر الذي تتعرض له المرأة إلى جانب التمييز والعنف.
في إسبانيا، حظرت تظاهرات 8 آذار/مارس في مدريد في اليوم العالمي لحقوق المرأة والتي كانت تجمع عادة مئات آلاف الأشخاص بسبب الوضع الصحي لكنها نظمت في عدة مدن إسبانية أخرى.
ورغم الوباء جرت تظاهرات في برشلونة وإشبيلية وفالنسيا وعشرات المدن الأخرى بألوان البنفسجي التي ترمز الى نضال المرأة الاثنين. وقال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز خلال مراسم أقيمت في وزارة المساواة، "لا يزال أمامنا الكثير من العمل من أجل وقف الأحكام المسبقة التي لا تزال قائمة". بحسب فرانس برس.
وتظاهر عشرات آلاف الأشخاص الاثنين في باريس وعدة مدن كبرى في فرنسا للتنديد باستمرار انعدام المساواة الذي تعاني منه المرأة والذي زادت منه الأزمة الصحية واجراءات الإغلاق.
دعيت النساء العاملات في الصفوف الأمامية الى "إضراب نسوي" كما كتب على لافتة في مقدمة موكب التظاهرة في باريس والتي جمعت نحو 30 ألف شخص بحسب المنظمين.
في ستراسبورغ (شرق)، سار نحو 350 شخصا تحت شعار تحقيق المساواة بين المرأة والرجل. في بيزانسون (شرق) وقف ما بين 150 و 200 شخص دقيقة صمت.
وتظاهرت آلاف النساء من رانغون وصولا الى نيودلهي الثنين. انضم حشد من النساء ارتدين الساري بمختلف الألوان قرب نيودلهي الى المزارعين الذين يحتجون على الإصلاح الزراعي منذ عدة أشهر. وقال كويندر كور من ولاية البنجاب لوكالة فرانس برس "كل نسائنا، كل شقيقاتنا سيشاركن في هذه التظاهرة".
في بورما، نزلت ناشطات ومعلمات ومزارعات وعاملات وطالبات الى الشوارع بأعداد كبرى للمطالبة "بعودة أونغ سان سو تشي" التي أطاح بها الجيش في 1 شباط/فبراير. في رانغون حملت المتظاهرون لافتات كتب عليها "معا يمكننا تغيير العالم" الى جانب اعلام متعددة الألوان مصنوعة من لباسهن التقليدي.
جرت تظاهرات أيضا في باكستان المحافظة جدا من مدينة لاهور الى اقليم بالوشستان قرب الحدود مع افغانستان.
كذلك، تظاهر مئات الاشخاص وخصوصا من النساء في عاصمة الفيليبين مانيلا.
وتظاهرت مئات النسوة الاثنين في العاصمة الجزائرية للمطالبة بإلغاء قانون الأسرة بمناسبة إحياء اليوم العالمي للمرأة ولكن أيضا استمرارا لتظاهرات الحراك الذي استعاد نشاطه.
وبدأت مسيرة النساء من شارع ديدوش مراد، أكبر شوارع وسط العاصمة، مع حمل لافتة كتب عليها "8 مارس 2021: خرجنا من أجل التغيير لا من أجل الاحتفال" وسرن نحو ساحة البريد المركزي حيث تُقام تجمعات الحراك، بحسب مراسل وكالة فرانس برس.
وندّدت المتظاهرات بقانون الأسرة (قانون الأحوال الشخصية) الذي يجعل منهن "قاصرات مدى الحياة" بحسب المناضلات من أجل حقوق المرأة. وحملن لافتات كُتب عليها "إلغاء قانون الأسرة" و"المساواة بين الرجل والمرأة".
وتظاهرت مئات النساء في اليونان فيما تشهد البلاد الكشف عن سلسلة من الاعتداءات الجنسية في أوساط الرياضة والثقافة.
وقالت الممثلة ماريلينا كافازي في ساحة سينتاغما في أثينا لوكالة فرانس برس "الأمر أهم اليوم من السنوات الماضية وتحديدا لاننا نشهد حركة #مي تو في اليونان".
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الإثنين أن بلاده ستشكل لجنة برلمانية لمكافحة العنف ضد النساء، بشكل أفضل.
ويأتي هذا الإعلان بعد أيام على اعتداء عنيف أثار صدمة في البلاد، تعرضت له امرأة على أيدي زوجها السابق في وسط الشارع أمام أنظار ابنتهما في شمال تركيا.
من جانب آخر، تظاهرت مئات من النساء الاويغور الاثنين أمام القنصلية العامة الصينية في اسطنبول احتجاجا على سوء معاملة بكين لهذه الأقلية المسلمة.
في أفغانستان، اضطرت النساء الموظفات في شبكة التلفزيون "انيكاس تي في" لوقف العمل الاثنين بعد اغتيال ثلاث من زميلاتهن الأسبوع الماضي في جلال أباد (شرق).
وبسبب أعمال عنف كهذه، تراجع وجود النساء في وسائل الإعلام الافغانية بنسبة 18% في الأشهر الستة الماضية بحسب بيان صادر عن لجنة حماية الصحافيين الأفغان.
لجأت مجموعة "ماك-الحقوق" الى المدافعة عن الحقوق الفرنسية، بعد اتهامها مطعم ماكدونالدز للوجبات السريعة باعتماد سياسة تمييز جنسي "منهجي" في فرنسا.
وقالت الجمعية "نعتقد أن هذه ليست سلوكيات منعزلة لكنها نتيجة لثقافة مؤسساتية مسيئة".
من رانغون الى نيودلهي
وتظاهرت آلاف النساء من رانغون وصولا الى نيودلهي الإثنين في تحد لسلطة الجنرالات والحكومات مع انطلاق مسيرات في مختلف أنحاء آسيا في مناسبة اليوم العالمي للمرأة.
ونزلت حشود من النساء يرتدين الساري الملون الى ضواحي العاصمة الهندية حيث انضممن الى المتظاهرين ضد الاصلاحات الزراعية والذين يحتشدون منذ أشهر في البلاد.
الكثير منهن وضعن كمامات لكن بدون الالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي رغم ان الهند بين الدول التي تسجل أعلى معدل اصابات ووفيات بفيروس كورونا.
وقالت كولويندر كاور من ولاية البنجاب الشمالية لوكالة فرانس برس "نساؤنا وأخواتنا، سيكون الجميع أكبر المساهمين في هذا الاحتجاج" بينما تحدثت المزارعات في المسيرة من منصات أقيمت مؤقتا.
لعبت النساء دورا محوريا في التظاهرات منذ انطلاقها في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر في ما بات يعتبر أحد أكبر التحديات التي تواجه حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي.
في بورما المجاورة، الدولة التي تشهد توترا منذ أن أطاح الجيش بالسلطة المدنية الشهر الماضي، وقفت نساء بفخر على خط المواجهة في الاحتجاجات المناهضة للانقلاب، لكنهن أعربن عن أسفهن لاستمرار التمييز.
بعضهن لوحن باللباس التقليدي خلال تظاهرة في منطقة سانشونغ في العاصمة التجارية للبلاد رانغون حيث يتصادم المتظاهرون بانتظام مع السلطات في الشوارع.
في مختلف أنحاء البلاد، ردت الشرطة والجيش على المتظاهرين بقمع وحشي للتظاهرات حيث قتل أكثر من 50 شخصا واعتقال نحو 1800 شخص.
وقالت كورا وهي متظاهرة في الثالثة والثلاثين من العمر إن "القضية السياسية لنا جميعا، رجال ونساء".
وأضاف "بشكل عام، يبدو أن القيادة للرجال فقط. في هذه الانتفاضة، خرجت النساء إلى الشوارع وتقدمن الاحتجاجات".
ونظمت مسيرات ايضا في باكستان المحافظة جدا من مدينة لاهور الى اقليم بالوشستان قرب الحدود مع افغانستان.
تجمع المئات أيضا في عاصمة الفيليبين مانيلا للتظاهر احتجاجا على قتل عدة ناشطين الأحد.
والمتظاهرون ومعظم من أعضاء الجمعية النسائية "غابرييلا" جابوا شوارع العاصمة قرب القصر الرئاسي ونظموا تجمعا لانتقاد جهود الحكومة خلال إدارة أزمة الوباء وكذلك القمع الدموي.
والأحد قتل تسعة أشخاص في سلسلة عمليات دهم قامت بها قوات الأمن واستهدفت أشخاصا يشتبه انهم متمردون شيوعيون. وقالت مجموعات يسارية إن الذين قتلوا كانوا ناشطين عزل.
وقالت النائبة ساره ايلاجو لوكالة فرانس برس في موقع التظاهرة انه ليس من السهل للنساء أن يفرضن أنفسهن في المعترك السياسي.
وأضافت أن "كوفيد-19 زاد من عدم المساواة وهذا أقر أيضا على الطريقة التي تنظم فيها النساء أنفسهن".
وتابعت "لقد أصبح أمرا أكثر صعوبة الآن لانهن يتعرضن لهجمات لمجرد رفع الصوت".
حظر التظاهرات وعنف في اسبانيا
حظرت تظاهرات 8 آذار/مارس في مدريد في اليوم العالمي لحقوق المرأة والتي كانت تجمع عادة مئات آلاف الأشخاص بسبب الوضع الصحي لكنها نظمت في عدة مدن إسبانية أخرى.
ورغم الوباء جرت تظاهرات في برشلونة وإشبيلية وفالنسيا وعشرات المدن الأخرى بألوان البنفسجي التي ترمز الى نضال المرأة الاثنين لكن التظاهرة الكبرى التي عادة تشهد مسيرات ضخمة في العاصمة الاسبانية حظرها ممثل الحكومة خشية زيادة انتشار فيروس كورونا.
السنة الماضية وقبل ايام من بدء الإغلاق المشدد، ضمت التظاهرة أكثر من مئة الف شخص في مدريد وبعد ذلك جاءت نتائج ثلاثة من أعضاء الحكومة الذين شاركوا فيها إيجابية.
والاثنين تحدى عشرات الأشخاص الحظر ونزلوا الى ساحة بويرتا ديل سول الشهيرة.
من جانب آخر، تم رش العديد من الجداريات التي تكرّم النساء بالطلاء أو تم تخريبها ليل الاحد الاثنين في عدة مدن بينها مدريد مع كتابات مثل "أوقفوا نازية المرأة"، و"العنف ليس له جنس" و"نحن أحرار".
وقال رئيس الوزراء الاسباني بيدرو سانشيز خلال حفل أقيم في وزارة المساواة، "لا يزال أمامنا الكثير من العمل من أجل وقف الأحكام المسبقة التي لا تزال قائمة".
وأضاف "إذا كان هناك شيء واحد لا يمكننا أن نخيب آماله، فهو نضال المرأة. ما هو على المحك هنا هو التقدم وأخلاقيات بلادنا والنمو الاقتصادي".
في إشارة إلى الإغلاق في البلاد وتداعياته، تحدث سانشيز عن "حالة جديدة من العنف ضد المرأة" وقعت الاثنين وهي حالة امرأة طعنها زوجها السابق ما تسبب باصابتها بجروح بالغة في فالنسيا شرق البلاد.
وأكد انه سيتم اعتماد مشروع قانون قريبا يعرف باسم "فقط نعم هي نعم" وهو نص يتعلق بالعنف الجنسي يدخل مفهوم الموافقة الصريحة.
منذ عام 2003، عندما بدأ عدد حالات قتل النساء في إسبانيا، قتلت 1082 امرأة في البلاد على يد أزواجهن أو أزواجهن السابقين، بما في ذلك 45 في عام 2020 وأربع منذ بداية العام.
تعتبر إسبانيا رائدة منذ اعتماد قانون 2004 بشأن العنف ضد المرأة، وهي تضم حركة نسائية قوية ولديها أيضا مرصد عام لعمليات قتل النساء.
أصبح الثامن من آذار/مارس محطة أساسية بالنسبة للنساء في اسبانيا منذ 2018 حين أعقب اضراب عام، نزول مئات آلاف الاشخاص الى الشوارع.
التكافؤ في المناصب العليا قد لا يتحقق قبل 30 عاما
موضوع اليوم الدولي للمرأة لعام 2021 هو "النساء ودورهن القيادي: تحقيق مستقبل متساو في عالم تسوده جائحة كوفيد-19". ويحتفي اليوم الدولي بالجهود الكبيرة التي بذلتها، ولا تزال تبذلها، النساء والفتيات حول العالم للتعافي من جائحة كـوفيد-19، ومن أجل رسم مستقبل يتسم بمساواة أكبر.
وفي حدث افتراضي لإحياء هذا اليوم، قالت المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، بومزيلي ملامبو-نوكا، إن ثمّة إنجازات ينبغي الاحتفاء بها، حيث تولت النساء مناصب عدّة، مثل رئاسة منظمة التجارة الدولية وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي.
لكنّها أضافت قائلة: "إلا أن هذا ليس الوضع المعتاد، فقد شغلت النساء في عام 2020، كمتوسط عالمي، نسبة 4.4% من رؤساء مجالس الإدارة، و16.9% فقط من مقاعد مجالس الإدارة، وشكّلن 25% فقط من البرلمانات الوطنية، و13% فقط من مفاوضي التوسط في محادثات السلام".
وإلى جانب ذلك، ثمّة 22 بلدا فقط في الوقت الحالي تشغل فيه امرأة منصب رئيسة دولة أو حكومة و119 بلدا لم يسبق أن كان فيه سيّدة قائدة. وقالت المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة: "وفقا للمسار الحالي، لن نشهد تكافؤ الجنسين في المناصب العليا قبل عام 2050".
ومن أجل تغيير المسار، دعت السيّدة ملامبو- نوكا إلى إرادة سياسية لدعم تمثيل النساء بصورة نشطة ومتعمدة، على أن يضع الزعماء غايات نحو تحقيق التكافؤ بين الجنسين بما في ذلك التعيينات بالنسبة لجميع المناصب التنفيذية على جميع مستويات الحكومة، كما حدث في البلدان القليلة التي حققت المساواة بين الجنسين في مجالس الوزراء.
وقالت: "لا يحقق أي بلد الرخاء دون إشراك النساء. ونحتاج إلى تمثيل للمرأة يشمل جميع النساء والفتيات بكامل تباينهن وقدراتهن، وعبر جميع الأوضاع الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية".
فتيات يبدعن في أفغانستان
وشاركت في الحدث الافتراضي سمية فاروقي، عضوة فريق روبوتات الفتيات الأفغانيات، حيث كانت تبلغ من العمر 17 عاما في 2020 عندما طوّرت هي وفريقها نموذجا أوليا لجهاز تنفس صناعي منخفض التكاليف لدعم النظام الصحي في بلدهنّ.
وأشارت سمية فاروقي أن المهمة لم تكن سهلة، إذ لم يتوفر المال الكافي وكانت هناك عوائق أمام الحصول على القطع اللازمة للمشروع. ولذلك استخدمن قطعا من السيارات.
وأوضحت أن الفتيات لسن بحاجة لأن يكنّ عبقريات إذا أردن النجاح كمهندسات أو طبيبات أو باحثات أو خبيرات في الرياضيات. "ما تحتاج إليه الفتيات هو الفرصة المتساوية في الدراسة. نحتاج إلى حرية التجربة والتعلم لكي نكون مبتكرات".
وأضافت قائلة: "في هذا اليوم، أود أن أقول لكل فتاة أن تؤمن بنفسها، وتثق بقدراتها في التعليم والعلم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وألا تستسلم وتفعل كل ما بوسعها".
وفي كلمته المسجلة، أشار الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى أن البلدان التي لديها قيادات نسائية، كانت على مدار العام الماضي من بين الدول التي عانت من عدد أقل من الوفيات ووضعت نفسها على المسار الصحيح للتعافي.
وأوضح أن 70% من العاملين في المجال الصحي والرعاية في الخطوط الأمامية نساء – وكثيرات منهن من الفئات المهمشة عرقيا وإثنيا، وفي أسفل السلم الاقتصادي.
وقال: "ومع ذلك، رغم أن النساء لعبن دورا مهما خلال الجائحة، شهدنا تراجعا في التقدم الذي تحقق بشق الأنفس في مجال حقوق المرأة. هذا التراجع يضرّ بالنساء والفتيات قبل كل شيء، ولكنّه أيضا يضرّ بالجميع، وبكل عملنا من أجل السلام والازدهار".
وحثّ على أن يكون للنساء حق متساو في التحدث مع السلطة بشأن القرارات التي تؤثر على حياتهن. "هذه هي الطريقة التي سنضمن بها أن تكون القرارات شاملة وتعكس احتياجات جميع السكان".
وشدد الأمين العام على أن المساواة في القوة لن تتحقق من تلقاء نفسها. إذ لا يزال هذا العالم يهيمن عليه الذكور، وتابع يقول: "نحن بحاجة إلى العمل معا برؤية وتصميم لتحقيق المساواة. يجب أن نضع قوانين وسياسات لدعم النساء في المراكز القيادية، بما في ذلك وضع تدابير خاصة وحصص ذات غايات طموحة، وبذل المزيد من الجهود لتعيين النساء في المناصب العليا".
قوانين تمييزية تؤثر على النساء والفتيات
من جانبه، ركز رئيس الجمعية العامة، فولكان بوزكير، على حقيقة أن ثلثيّ الأميين البالغين في العالم في عام 2021 هم نساء، وأن الفجوة الرقمية تهدد بتخلف المزيد من النساء عن الركب.
وقال: "النساء يتحملن العبء غير المتناسب للرعاية غير مدفوعة الأجر، وما يسمّى بالمناوبة الثانية للكثير من النساء اللائي يعملن في المنزل بسبب الجائحة".
وقال إن 2.5 مليار فتاة وسيدة يتأثرن بالقوانين التمييزية، ولذا ينبغي منح الفرصة لقادة المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق المرأة للمشاركة في صنع القرار على جميع المستويات وإنهاء العنف ضد النساء في السياسة والحياة العامة.
ودعا جميع الدول الأعضاء إلى ضمان الاستقلالية الشخصية للنساء، وضمان المشاركة المتساوية للمرأة في صنع القرار والسياسة، وضمان سياسات مراعية للمنظور الجنساني للمرأة، والمساواة في الأجور والوصول إلى سوق العمل، ووضع حدّ لإفلات مرتكبي العنف القائم على النوع الاجتماعي من العقاب.
هوة شاسعة بين القوانين والممارسة في تونس
تؤكد السلطات التونسية أن عدد الشكاوى المتعلقة بالعنف الجسدي واللفظي ضد النساء تضاعف خمس مرات خلال فترة الحجر بين آذار/مارس وحزيران/يونيو 2020. ولا يزال المنحى التصاعدي مستمراً.
وتلقى مركز الإصغاء الخاص بـ"الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات" في تونس العاصمة، في الأشهر الأخيرة عددا كبيرا من الشهادات لنساء تعرّضن للعنف الأسري يفوق بكثير تلك المسجلة في الفترة عينها من العام الفائت. بحسب فرانس برس.
وأقرّ البرلمان التونسي في العام 2017 قانونا طموحا لمكافحة العنف ضد المرأة، ودعمه سياسيون ومنظمات من المجتمع المدني تعمل على أن تكون "المرأة التونسية" تقدمية ومتحرّرة من كل القيود الاجتماعية.
يوسع هذا النص القانوني الذي لقي إشادات كثيرة، نطاق التجاوزات التي تعرّض مرتكبيها للعقاب على صعيد العنف ضد النساء، ويؤكد جليّاً ريادة تونس في المنطقة في مجال حقوق المرأة ويكفل حماية قانونية ومادية لضحايا العنف.
لكن في المقابل، يبقى إحقاق الحق للضحايا مساراً صعباً في ظل غياب الإرادة السياسية ونقص الموارد.
كادت نادية "تخسر كل شيء" حتى طفلتها، عندما تقدمت خلال فترة الإغلاق السنة الماضية بشكوى قضائية ضد زوجها العنيف، في ظل صعوبة تطبيق المؤسسات التونسية للقوانين الرائدة في البلاد على صعيد مكافحة العنف ضد المرأة.
تحمّلت نادية الأربعينية سوء معاملة زوجها وتهديداته سنوات عدة ولم تدّع عليه أمام القضاء في غياب أي مورد مالي مستقل لها.
وتقول لوكالة فرانس برس "كان يفعل ذلك (التعنيف) عندما يكون في حالة سكر ثم يعتذر، وكان يسافر شهورا عدة سنويا للعمل خارج البلاد لذلك فضّلت ألا أفعل شيئا".
وتتابع بتأثر ظاهر "لكن وخلال فترة الحجر المنزلي وجد نفسه عالقا في البيت وكان متوترا ويسرف في الشرب. وفي يوم من الأيام، أفشت لي طفلتي أنه يلمسها بطريقة غير لائقة".
إثر ذلك سارعت نادية لطلب الشرطة التي استدعته بعد أيّام للتحقيق معه.
لم تفض جلسات الاستماع لزوجها إلى نتائج ملموسة. ولم تتمكن نادية من تأكيد التهمة عليه إذ تمكّن من خلال موارده المالية من الاستعانة بمحام فيما هي تفتقر للإمكانيات وتخشى إمكان دفعه رشى لتبرئته في القضية.
وطلبت الشرطة من نادية جمع كلّ الأدلة والبراهين المتوافرة لديها في قرص مدمج، وهو ما فعلته الزوجة المعنَّفة.
وبعد أسابيع طويلة من دون تحقيق نتيجة، وخوفا من فقدان حضانة ابنتها في حال الانفصال عن زوجها، اختارت نادية اللجوء إلى "الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات".
وكلفت الجمعية محاميا اكتشف عند فتحه ملف القضية أن الشرطة لم ترسل القرص الذي يحتوي الأدلة إلى القضاء.
وتقول نادية "من حسن الحظ أني حظيت بدعم، كنت سأخسر كل شيء بما في ذلك طفلتي".
وجرى تحويل ملفها الى قاض آخر وبعد أيّام قليلة أوقفت الشرطة زوجها.
وللتكفل بالنساء الباحثات عن حماية الشرطة، أنشأت وزارة الداخلية التونسية 130 فرقة متخصصة في هذا المجال منذ العام 2018.
وكُلّف المئات من عناصر الشرطة المدرّبين خصيصا لهذه المهمات، من بينهم نساء، التحقيق في حالات العنف الأسري وتنفيذ الأوامر القضائية لإبعاد الخطر عن الضحايا.
وباتت مدارس الشرطة تقدّم تعليماً خاصاً لعناصرها بشأن التعامل مع هذه القضايا، كما أن العناصر الذين يحاولون ثني النساء عن ملاحقة أزواجهن المعنّفين يواجهون احتمال السجن.
غير أن حماية النساء ضحايا العنف الأسري تتطلب الكثير من الصبر والجهد، وفق منظمات المجتمع المدني.
وتقول رئيسة "الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات" يسرى فراوس لوكالة فرانس برس إنّ "هناك تبايناً كبيراً بين قانون 2017 والممارسات المؤسساتية والاجتماعية والتي لا تواكب هذا المنحى التحرّري".
ويلحظ القانون سبل الوقاية والحماية من العنف الأسري ومعاقبة مرتكبيه والتعويض عن ضحاياه، و"هذا يتطلب بنى تحتية ومراكز إصغاء وملاجئ، لكن الدولة لم تخصص ميزانية" لذلك، وفق فراوس.
يُضاف الى ذلك "غياب النقاش العام بشأن قضايا النساء" منذ انتخابات 2019 التي تقدّم فيها المحافظون.
الى ذلك، خمد الجدل حول مسألة المساواة في الميراث بعد ان أطلق الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي في العام 2018 مبادرة قانونية من أجل التساوي في عملية توزيع الإرث بين الرجل والمرأة.
وفي تقدير فراوس "يجب أن نخوض معركتين بشكل متواز تشملان القوانين والعقليات" من خلال تدريب قضاة ومحامين والشرطة والأطباء "ليتولوا المساواة".
اضف تعليق