بعد الاعلان الذي فاجأ الكثيرين في الهند وغيرها، كان وضع كشمير حساسا للغاية، اذ ان نسبة المسلمين فيها 60 بالمائة، وكان من غير الصعب معرفة ميولهم، لكن حاكم الولاية الهندوسي، اعلن البقاء مع الهند، فكان هذا الاعلان بداية المشكلة التي يرى كلا الطرفين، انه على حق فيها
في القرن الهجري الاول، دخل الاسلام الهند، وكان تبشيريا، لكن دخوله الاقوى، كان على يد القائد الاموي محمد بن القاسم الثقفي، ثم تغلغل عن طريق التجار والدعاة والرحالة، الاّ ان فتح الهند بالكامل تم على يد السلطان محمود بن سبكتكين، حاكم الدولة الغزنوية، في عهد الخلافة العباسية، الذي استولى على كشمير وكوجارات التي وصلها في العام 407 هجرية.
لم يركن جميع الهنود للدين الجديد، وكانوا يرونه دخيلا على ثقافتهم الموروثة، واخذ الشعور بالعداء للاسلام، ينمو تدريجيا، بعد ان تكرس في نفوس اعداد كبيرة من مواطنيهم، وبات يمثل وجدانهم العميق، وجدارهم الثقافي بوجه الآخرين، ممن كانوا اخوانهم في ديانتهم السابقة، الهندوسية وغيرها!
استمر حكم المسلمين لكشمير، بوصفها اقليما هنديا، بأغلبية مسلمة، حتى العام 1255 هجرية الموافق 1839م، بعدها حصلت واقعة غريبة في العام 1846، تمثلت باقدام (شركة الهند الشرقية) البريطانية، التي دخلت تلك البلاد بعد غزو بريطانيا للهند في العام 1819، على عقد صفقة مع اسرة (الدواغرا) الهندوسية، اذ باعتها كشمير لمدة مائة عام، بمبلغ سبعة ملايين ونصف الميلون روبية، وتم هذا في معاهدة عرفت بمعاهدة امريتسار، ولعل من غريب المصادفات، ان تلك المعاهدة انتهت مدتها قبل عام واحد من استقلال الهند في العام 1947!
وبينما كان غاندي ونهرو يفاوضان البريطانيين من اجل الاستقلال، كانت تجري وبسرية مفاوضات اخرى مع البريطانيين، يقودها رجل مسلم طموح، يقف معه مثقفون بارزون امثال الشاعر محمد اقبال، وشخصيات اخرى، الهدف منها استقلال المسلمين عن الهند، واقامة دولة خاصة بهم .. لم تكن هذه المفاوضات بدوافع الطموح الشخصي فقط، وانما كانت هناك مسوغات موضوعية، كما يرى المسلمون، تمثلت بالاضطهاد الذي لاقوه، نتيجة سياسات التنكيل والترهيب والترغيب، التي مارستها منظمة هندوسية متطرفة تدعى (شدهي)، هدفها اعادة المسلمين الى ديانتهم القديمة، الهندوسية، فجاءت هذه السياسة بنتائج عكسية، لاسيما بعد ان حانت فرصة الاستقلال، وايضا فرصة الطموحين، ممن لهم تطلعاتهم في الرياسة. اذ تذكر المصادر، انه ومنذ ان باتت كشمير تحت سيطرة اسرة (الدواغرا) الهندوسية، توالى على حكمها 28 حاكما، لم يكن بينهم مسلما واحدا، بالإضافة الى فرض الثقافة الهندوسية المتمثلة بمعاقبة من يذبح بقرة، وكذلك منع المسلمين من حمل السلاح، وغيرها من السياسات القمعية.
بعد ان اعلن محمد علي جناح، في العام 1947 عن اقامة دولة باكستان الاسلامية، بشطريها، الشرقي المتمثل ببنغلادش، والغربي المتمثل بباكستان الحالية، قبل انفصالهما في سبعينيات القرن الماضي، تحت ضغط المشاعر القومية المختلفة!.
نقول، بعد هذا الاعلان الذي فاجأ الكثيرين في الهند وغيرها، كان وضع كشمير حساسا للغاية، اذ ان نسبة المسلمين فيها 60 بالمائة، وكان من غير الصعب معرفة ميولهم، لكن حاكم الولاية الهندوسي، اعلن البقاء مع الهند، فكان هذا الاعلان بداية المشكلة التي يرى كلا الطرفين، انه على حق فيها، فالهنود يرون ان سكان كشمير ليسوا كلهم مسلمين، وانها مسقط راس زعيمهم الكبير جواهر لال نهرو، بما تمثله هذه المسالة من رمزية عالية. اما الباكستانيين، فيرون انها اقليم مسلم فرضت عليه بريطانيا حكاما هندوسا بطريقة غير اخلاقية. وهكذا علق الاقليم وسط هذه التجاذبات التي تخفي ايضا طموحات الجانبين في السيطرة على هذه المنطقة الغنية بثرواتها الطبيعية.
لعل الحل الامثل للمشكلة التي تسببت بثلاث حروب في الاعوام 1947 و1965 و1971، يتمثل باستفتاء حر للسكان ليقرروا مصيرهم، او تعزيز الحكم الذاتي، بما يضمن للجميع حقوقهم السياسية والثقافية، والاّ فالمشكلة ستبقى قائمة.
اضف تعليق