شهد العراق خلال العام 2014-2015 أسوء تطبيق بقيام الجماعات الإرهابية بالإتجار بالفتيات والنساء الإيزيديات وغيرهن بعد سيطرة التنظيم المتطرف على أجزاء واسعة من العراق، بيد أننا لم نشهد تسارع في خطوات المنظمات العالمية والدول لإقرار إجراءات رادعة تجاه الجناة تجرم هذا الفعل وتفرض العقوبات الرادعة...
أضحت ظاهرة الإتجار بالبشر كجريمة منظمة تتنامى بشكل كبير وملحوظ على المستوى العالمي، وأخذت هذه الجريمة صوراً متعددة، لذا كان من الواجب تضافر كل الجهود الوطنية والدولية للحد من مخاطر هذه الظاهرة الإجرامية الخطيرة التي تعد آثارها مدمرة للتعايش الإنساني، ولقد شهد العراق خلال العام 2014-2015 أسوء تطبيق بقيام الجماعات الإرهابية بالإتجار بالفتيات والنساء الإيزيديات وغيرهن بعد سيطرة التنظيم المتطرف على أجزاء واسعة من العراق، بيد أننا لم نشهد تسارع في خطوات المنظمات العالمية والدول لإقرار إجراءات رادعة تجاه الجناة تجرم هذا الفعل وتفرض العقوبات الرادعة بحق الجناة أو تقوم بالتعاون مع العراق لتسليم الجناة والكشف عن مصير الضحايا.
وليس هذا وفقط، بل تشهد البلد الآن أسوء حملات المتاجرة بالأعضاء البشرية بالتعاون مع بعض المؤسسات الصحية الخاصة والأهلية في إقليم كردستان وبعض المؤسسات في المحافظات الأخرى، أضف لذلك تتم المتاجرة بالعمالة الأسيوية غير الشرعية بشكل ينذر بخطر محدق، كما انتشرت في العاصمة بغداد وبعض المحافظات في إقليم كردستان على وجه الخصوص ظاهرة لا تقل خطورة عما تقدم وهي تعاطي الدعارة أو الاستغلال الجنسي بصور مختلفة من خلال الملاهي والمسابح ومراكز المساج وبعض صالونات التجميل وغيرها كثير.
وفي وقت سابق بادر المشرع العراقي العام 2012 إلى إصدار قانون مكافحة الإتجار بالبشر رقم (28) لسنة 2012 استجابة لمصادقة العراق على اتفاقية الأمم المتحدة لحظر الإتجار بالأشخاص واستغلال بغاء الآخرين التي صادقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة بالقرار 317 في 2-كانون الأول-1949 بالقانون رقم (74) لسنة 1955، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة عبر الوطنية والبروتوكولين الملحقين بها بالقانون رقم (20) لسنة 2007 والتي اعتمدت من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها (55/25) في 15/تشرين الثاني 2000، وان أحد البروتوكولات الملحقة عنون بمنع وقمع الإتجار بالبشر وبخاصة النساء والفتيات والذي يعرف ببروتوكول باليرمو، وورد في الأسباب الموجبة لقانون مكافحة الإتجار بالبشر.
هذا القانون شرع لمكافحة جرائم الإتجار بالبشر والحد منها ومعالجة آثارها ومعاقبة مرتكبيها لكونها تشكل خطورة بالغة على الفرد والمجتمع، وتمثل إهانة لكرامة الإنسان، ومن قبل كان القانون العراقي يعرف تجريم هذا السلوك الإجرامي الشاذ والخطير في العديد من القوانين ومنها على سبيل المثال:
1- قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 المعدل في المادة (13) التي تنص على (تسري أحكام هذا القانون على كل من وجد في العراق بعد ان ارتكب في الخارج بوصفه فاعلاً أو شريكاً جريمة من الجرائم التالية...تخريب أو تعطيل وسائل المخابرات والمواصلات الدولية والإتجار بالنساء والصغار أو بالرقيق...) والمادة (399) التي تنص على أنه (يعاقب بالحبس كل من حرض ذكراً أو أنثى لم يبلغ ثماني عشر سنة كاملة على الفجور أو اتخاذ الفسق حرفة أو سهل لهما سبيل ذلك... وإذا كان الجاني من أقارب المجني عليه إلى الدرجة الثالثة أو كان من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن له سلطة عليه أو إذا كان خادماً عنه أو عند أحد ممن تقدم ذكرهم أو قصد الربح من فعله أو تقاضى أجراً عليه فيعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنين أو بالحبس) كما ورد بقانون العقوبات العديد من النصوص التي تحمي الأسرة (المواد 377 وما بعدها ) أو التي تجرم الاعتداء على الأعراض أو الشرف وتجرم الزنا واللواط في المواد (393-404) وغيرها كثير.
2- وورد في قانون مكافحة البغاء في العراق رقم (8) لسنة 1988 في المادة الأولى والثالثة والخامسة ما نصه (السمسرة هي الوساطة بين شخصين بقصد تسهيل فعل البغاء بأية طريقة كانت ويشمل ذلك التحريض ولو بموافقة أحد الشخصين أو طلبه كما يشمل استغلال بغاء شخص بالرضاء أو بالإكراه)، (يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات...كل مستغل أو مدير لمحل عام أو أي محل أخر يسمح لدخول الجمهور فيه استخدم أشخاصاً يمارسون البغاء لغرض استغلالهم في التشويق لمحله) ونص كذلك على أنه (من استبقى ذكراً أو أنثى للبغاء أو اللواطة في محل ما بالخداع أو بالإكراه والقوة والتهديد وكان عمر المجني عليه أو عليها أكثر من ثماني عشر سنة يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات...وتكون العقوبة مدة لا تزيد على خمسة عشر سنة إذا كان عمر المجني عليه دون الثامنة عشرة سنة).
وسبق للعراق أن صادق على اتفاقية الأمم المتحدة التكميلية لإبطال الرق وتجارة الرقيق والأعراف والممارسات الشبيهة التي صدرت عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي بقراره المرقم (608/د-21) في 30 نيسان 1956 والتي صادق عليها العراق بالقانون رقم (72) لسنة 1966، إذ تحرم الممارسات التي تحط من شأن الإنسان ومنها الرق والقنان وأي ممارسة تنتج الوعد بتزويج امرأة أو تزويجها فعلاً دون أن تملك حق الرفض، أو لقاء بدل مالي أو عيني يدفع لذويها، أو منح الزوج أو أسرته أو قبيلته حق التنازل عن الزوجة لشخص آخر لقاء ثمن أو عوض، أو اعتبار المرأة بعد وفاة زوجها أرثاً.....
كما صادق العراق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية للعام 1966 بالقانون رقم (193) لسنة 1970 وبالتالي أضحى العهد ملزماً للعراق والمادة (8) منه تنص على أنه لا يجوز استرقاق أحد ويحظر الرق والإتجار بالرقيق بجميع صورها.... ولا يجوز إخضاع أحد للعبودية..و لا السخرة والعمل الإلزامي).
ولقد عرف قانون مكافحة الإتجار بالبشر في العراق رقم (28) لسنة 2012 الإتجار لأغراض هذا القانون بأنه (تجنيد أشخاص أو نقلهم أو إيوائهم أو استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سلطة أو ولاية على شخص آخر بهدف بيعهم أو استغلالهم في أعمال الدعارة أو الاستغلال الجنسي أو السخرة أو العمل القسري أو الاسترقاق أو التسول أو المتاجرة بأعضائهم البشرية أو لأغراض التجارب الطبية).
ويبدو أن المشرع العراقي استلهم التعريف السابق من بروتوكول باليرمو الملحق بالاتفاقية الأممية الخاصة بمكافحة الجريمة عبر الوطنية الذي عرف الجريمة بأنها "تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو استغلال حالة استضعاف، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال، ويشمل الاستغلال كحد أدنى استغلال دعارة الغير أو سائر أشكال الاستغلال الجنسي أو السخرة أو الخدمة قسراً، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق والاستعباد أو نزع الأعضاء"، ولو أن المشرع العراقي فصل الجريمة بشكل تجزئة مكوناتها لكان أفضل فهي تتخذ صور متعددة كلها تعد سلوكيات إجرامية لا فرق بينها إلا من حيث التفريد حين تتباين الظروف المحيطة بالفعل الجرمي إذ يمكن أن نحدد بعض الخصائص المميزة لهذا السلوك غير الأخلاقي الوارد في النص أعلاه في:
1- إن الصورة الرئيسة للفعل الجرمي تتمثل في تجنيد الأشخاص أو نقلهم أو إيواءهم أو استقبالهم باللجوء إلى القوة أو التهديد أو غير ذلك من وسائل القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سلطة أو ولاية على شخص آخر.
2- تكون الغاية من الأفعال الجرمية السابقة هي بيع الشخص أو استغلاله في أعمال الدعارة والاستغلال الجنسي أو السخرة والعمل القسري أو الاسترقاق أو التسول أو المتاجرة بالأعضاء البشرية أو لأغراض التجارب الطبية.
3- يكون لهذه الجريمة محل أو موضوع يتمثل في مصلحة معتبرة ينالها العدوان هي (مصلحة المجني عليه في الحياة الحرة الكريمة) إذ تطال الشيخ الكبير والطفل الصغير على حد سواء الذكر والأنثى بل غالبية المجني عليهم من النساء والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة.
4- في الغالب تنطوي هذه الجريمة على خطورة مضاعفة نتيجة استعمال الجناة في أغلب الجرائم وسائل تنطوي على الإكراه المادي أو المعنوي والاحتيال والتدليس واستغلال حالة نقص الإدراك أو انعدامها لدى المجني عليهم لاسيما الأطفال ما يعكس خطورة مضاعفة للجناة.
5- يقوم الجناة في الغالب بتغيير محل سكن أو تواجد المجني عليهم قسراً.
6- تتميز هذه الجريمة بطابع السرية والكتمان.
7- تتسبب هذه الجريمة بآثار اجتماعية وأسرية خطيرة جداً فهي سبب من أسباب الانتهاك الخطير لحقوق الإنسان على نطاق واسع، وتتسبب بتفكك الأسر وإفساد الشباب، وهي مقدمة لشيوع ظاهرة الجريمة بكل صورها.
8- افتقاد الأفراد للأمن الاجتماعي بسبب تمادي المجرمين طمعاً بالمكاسب المادية الكبيرة التي يحصلون عليها.
9- لهذه الجريمة أضرار نفسية وجسدية خطيرة على المجني عليهم في المدى القصير والمتوسط يصعب التخلص منها.
وان قيام المشرع العراقي بتجريم الإتجار بالبشر ينبغي أن يأخذ مسارات متوازية لابد منها ونعرض لها فيما يلي:
أولاً: التجريم الوقائي: وهو سياسة تشريعية تهدف إلى تجريم بعض السلوكيات التي تشكل خطورة بالغة، بعبارة أخرى هو إسباغ الحماية الجنائية على مصالح معتبرة (فردية أو اجتماعية) قبل وقوع الضرر، كون هذه السلوكيات تمثل مقدمة لارتكاب أفعال جرمية خطيرة تؤدي إلى الإتجار بالبشر بأي صورة كانت وفي أي مرحلة من مراحل ارتكاب الجريمة، كتجريم الاتفاق بين عصابة من الأشخاص لامتهان تهريب الأشخاص فلو وصل العلم للسلطات المختصة ينبغي اتخاذ الإجراءات الأصولية بحق المتهمين وتتمثل الحماية الجنائية الوقائية في قانون رقم (28) لسنة 2012 في عدة مواضع منها المادة (7) التي تعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات من أنشأ أو أدار موقعا على شبكة الإنترنيت بقصد الإتجار بالبشر فالضرر لم يقع بعد لكن هذا السلوك ينم عن خطورة بالغة في المستقبل على مصلحة الفرد والمجتمع العراقي إزاء جريمة الإتجار وما تحمله من سلبيات خطيرة جداً.
ثانياً: التجريم والعقاب العلاجي: وهو الهادف إلى معالجة الآثار التي خلفتها الجريمة عند وقوعها بمعاقبة الجاني ليتحقق الزجر بالنسبة له والردع لبقية أفراد المجتمع وهذا ما تضمنته المادة (7) ذاتها في البند الثاني الذي يعاقب بالحبس من تعاقد على صفقة تتعلق بالإتجار بالبشر باستخدام شبكة المعلومات ففي هذه الحالة الجريمة وقعت بالفعل فلابد من إيقاع العقوبة.
وتقييمنا الشخصي لسياسة المشرع العراقي في قانون رقم (28) أنه يفتقد إلى الرؤية التشريعية المانعة والجامعة فيبدو أنه قانون تمت صياغته على عجل ولنا عليه ملاحظات عدة بعضها شكلي والأخر موضوعي ومنها:
1- إن المشرع العراقي لم يكن موفقاً في صياغة تعريف الجريمة الوارد في المادة الأولى فيما لو قارناه بالتعريف الوارد في بروتوكول باليرمو من عدة جهات إذ رفع المشرع العراقي كلمة (التنقيل) الذي يعطي معنى غير معنى كلمة النقل لكونه ينصرف إلى اشتراك أكثر من شخص في عملية النقل على مراحل وبالتالي يكون شريكاً بالجريمة مالك واسطة النقل -كالسيارة والطائرة والقطار وغيرها-التي يتم استعمالها لنقل الأشخاص المتاجر بهم ومالك المنزل المؤقت الذي يستعمل للاختباء ومن ثم استئناف عملية النقل ومن يساهم في المراقبة أو المساعدة على النقل بأي كيفية كانت.
كما نلحظ رفع عبارة (استغلال حالة الاستضعاف) وهي تشير إلى معنى أعمق من معنى طرق الإجبار بالتهديد بالقوة أو استعمالها التي أشار إليها المشرع العراقي فمن يجد والديه بحاجة إلى الدواء وهو يعجز عن توفيره لهم فيضطر إلى بيع أعضاء جسمه أو القبول بامتهان الدعارة هذا هو من استغلت حالة ضعفه والنص العراقي قاصر عن استيعاب مثل هذا التطبيق، كما لم يرد في النص العراقي عبارات (الاستعباد والممارسة الشبيه بالرق) رغم إنها شائعة في العراق في أجزائه الجنوبية والغربية الممثلة بالقوانين العشائرية المتخلفة الممثلة بمنح بعض النساء والفتيات كدية لأهل القتيل دون موافقتها، كما أشار المشرع العراقي إلى عبارة المتاجرة بالأعضاء البشرية كنمط من الجرائم التي تطال الأشخاص، بينما أشار المشرع الدولي إلى عبارة نزع الأعضاء ويبدو لي ان المشرع الدولي كان موفقاً لكون الجناة قد يأخذوا أحد أجزاء جسم الإنسان ليس لغرض المتاجرة بل لعمل السحر فنلاحظ إن المسؤولين على المقابر يجدون بين الحين والأخر أشخاصاً ينبشون قبوراً لغرض انتزاع عضو معين لعمل السحر أو للتشفي والانتقام ما يعني إن النص العراقي لن يستوعب مثل هذه الجريمة التي ستدخل تحت طائلة قانون العقوبات بجريمة انتهاك حرمة جثث الموتى في الوقت الذي يراد تشديد العقوبة على الجناة وفق قانون رقم (28) لسنة 2012.
2- نجد إن برتوكول باليرمو جعل من نقل الأطفال أو تنقيلهم أو تجنيدهم أو إيواؤهم..الخ جريمة إتجار بالبشر وفق المادة (3) ذاتها، ولو لم يكن الجاني استعمل طرقاً تنطوي على الإكراه أو الاحتيال وهذه النقطة بالتحديد أغفلها النص العراقي ما جعل القانون غير مستوعب، فماذا عن الأطفال الذين يتم بيعهم أو استبدالهم في المستشفيات العراقية من قبل ضعاف النفوس وماذا عن الأطفال الذين يجري استغلالهم من قبل ذويهم في أعمال التسول من غير حاجة حقيقية؟
3- نصت المادة (2) من القانون على تشكيل لجنة في وزارة الداخلية تسمى (اللجنة المركزية لمكافحة الإتجار بالبشر) من ممثلي الأقاليم والمحافظات والوزارات والجهات ذوات العلاقة. وكان الأولى بالمشرع ان يسمي هذه الجهات بالاسم كوزارة الصحة والعمل والشؤون الاجتماعية والخارجية، لا أن يطلق العبارة بلا مسوغ معقول.
4- في المادة (3) وضع المشرع واجبات اللجنة العليا إلا أنه لم يكن موفقاً في صياغتها للأسباب الآتية:
أ- ففي الفقرة الأولى الزم اللجنة بوضع الخطط والبرامج لمكافحة ظاهرة الإتجار بالبشر والحد منها، بيد أنه وفي الفقرة الثانية ناقض ذلك بان منح اللجنة إمكانية تقديم التوصيات اللازمة لمكافحة الإتجار بالبشر ونحن نعلم إن التوصيات غير ملزمة هذا يعني إمكانية تمرد الأقاليم والمحافظات على تلك التوصيات ومن جهة أخرى كيف للجنة أن تضع خطط وبرامج تكافح ظاهرة ثم تقدم توصيات بشأن تنفيذها؟ إذ كان الأولى ان تمنح اللجنة مكنة مراقبة ومتابعة تنفيذ خططها وبرامجها من قبل الجهات المركزية والمحلية.
ب- في الفقرة الثالثة تقوم اللجنة بإعداد تقارير وفق الاتفاقيات الدولية ذات الصلة وبالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، المشرع يعني بذلك وزارة التعليم والخارجية وكان الأولى أن يرسم القانون أطر العلاقة بشيء من التحديد والابتعاد عن العموميات لخطورة الأمر.
ت- في الفقرة الرابعة منح اللجنة إمكانية التعاون والتنسيق مع الجهات المعنية لمساعدة ضحايا الإتجار بالبشر وتبادل المعلومات والخبرات مع الدول المجاورة والمنظمات الدولية المختصة وهل يمكن للجنة مشكلة في وزارة الداخلية أن تقوم بهذا الدور الذي يحتاج إلى تدخل دبلوماسي بمستوى رفيع ولماذا لم تتشكل اللجنة من وكلاء لوزراء ليكون منهم وكيل وزير الخارجية الذي يمكنه الإطلاع بمثل هذه المهمة؟ ثم لماذا أغفل المشرع تحديد المساعدة التي بينها البروتوكول في المادة (6) بشكل دقيق.
ث- في البند السادس تقوم اللجنة بالحملات اللازمة للتوعية والتثقيف من مخاطر الإتجار بالبشر بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الأكاديمية والدينية ومراكز الأبحاث، وهذا الدور لم نشهد له حضور في الساحة العراقية رغم مرور ستة أعوام على صدور القانون كما ان من المعيب على المشرع العراقي أن لا يوحد المصطلحات القانونية ففي العام 2010 أصدر البرلمان العراقي قانون المنظمات غير الحكومية رقم (12) ليعود في العام 2012 ويسميها مؤسسات المجتمع المدني والسبب في هذا التضارب نتيجة إهمال دور مجلس الدولة في توحيد المصطلحات القانونية.
5- العقوبات الوارد بالقانون عموماً غير رادعة.
وبناء على ما تقدم ندعو المشرع العراقي إلى تجنب كل الهفوات التي رافقت صياغة القانون الخاص بمنع الإتجار بالبشر في العراق من خلال:
1- التوسع في بيان السلوكيات الإجرامية، لشمول كل فعل من شأنه أن يسهم في إتمام جريمة الإتجار أو يتصل بها من قريب أو بعيد.
2- أن يعاد النظر بتحديد الأفعال الجرمية على سبيل الحصر، بل تكون صياغتها على سبيل المثال لتستوعب كل فعل من شأنه المساس بكرامة الإنسان، ما يفتح الباب واسعاً أمام القضاء لمعاقبة الجناة الحقيقيون ممن أسهموا في ارتكاب الجريمة.
3- توفير حماية وضمان أكبر للضحايا بالتوسع في مفهوم المجني عليه فالضحية هو الشخص الذي تعرض للضرر سواء أكان مادياً نال منه جسدياً أو عقلياً أو مالياً أو تعلق بشرفه واعتباره نتيجة تعرضه لأحد الأفعال المجرمة بقانون مكافحة الإتجار بالبشر بشكل مباشر أو غير مباشر، ليكون النص مستوعب للأسرة والأشخاص المتضررين جميعاً على أن تتحدد أسس حماية الضحايا وتعويضهم بشكل كامل عما كابدوه من أذى وما لحق بهم من أضرار مادية أو معنوية.
4- تشديد العقوبات الواردة في القانون، ويتمثل ذلك بزيادة عدد سنوات السجن أو الحبس ومبالغ الغرامات.
5- إقرار نظام قانوني للعقوبات التكميلية الخاصة بالجناة تكون مبتكرة لمعالجتهم بزجهم في برامج خاصة لمعالجة الدوافع النفسية التي تحدو بهم للاستهانة بكرامة الإنسان، وإدماجهم في برامج إصلاحية خاصة لضمان عودتهم للمجتمع أفرادً صالحين.
....................................
اضف تعليق