في ظل تعقيدات المشهد الضريبي القائم اليوم في العراق وحجم الاختلالات التي تطال هذا المحور الذي يحاول البعض ان يجعله رافدا أساسيا للاقتصاد العراقي، عقد مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات حلقته النقاشية الشهرية وحملت عنوان، (الإيراد الضريبي بين قدسية النص والضرورة الاقتصادية) والتي حضرها عدد من الباحثين والأكاديميين المتخصصين في الشأن الحقوقي.

 هذا وقد أدار الحلقة النقاشية الدكتور علاء الحسيني التدريسي وأستاذ القانون الإداري في جامعة كربلاء- كلية القانون والباحث في مركز آدم "حيث أكد على أن الدستور العراقي هو سيد القوانين واسماها منزلة، وهو ينص في المادة (28) على انه لا تفرض الضرائب ولا تجبى ولا يعفى منها إلا بقانون، أي أن الإدارة أو السلطة التنفيذية لا تملك اليوم إن تفرض ضريبة أو رسم أيا كان اسمه إلا بتخويل من المشرع، ولذا في العراق هناك جملة من القوانين تتعلق بالضرائب على رأسها قانون ضريبة الدخل (113) لسنة (81) المعدل وقانون ضريبة العقار وغيرها، ودأب المشرع في السنتين الأخيرتين لعام (2016 و2017) على تخويل الحكومة العراقية على فرض بعض الرسوم والأجور على شاكلة ما ورد في المواد (25 و26) من موازنتي السنتين الأخيرتين على الخدمات التي تقدمها الحكومة".

"في الجانب الشرعي القران الكريم وهو سيد القوانين في الكرة الأرضية، أيضا أشار إلى مسألة الإيرادات في أكثر من مورد حيث قرن الزكاة بالصلاة (َوَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ۚ)، وكذلك أشار إلى الخمس (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ)، وأشار أيضا في بعض الأحاديث النبوية، وبالتالي نريد هذه النصوص أن نضعها على الطاولة سوء منها النصوص القانونية أو النصوص الشرعية، ونرى مدى انعكاسها على حقوق المواطن العراقي وحرياته، ففي الوقت الذي يكون فيه الوعاء الضريبي يكاد يكون ثابتا أو متناقصا، بسبب تناقص الأجور والرواتب وكثرة الرسوم والضرائب المفروضة على شريحة الموظفين وهي الشريحة الأكبر، نجد المشرع يتوسع أكثر وأكثر في ادارة الضرائب وفي سياسة الرسوم، هذا مما انعكس فعلا على دخل المواطن العراقي وعلى حصته من الخدمات والبضائع، التي كان متمكنا من شرائها فيما سبق".

 ولمتابعة هذا الموضوع ومناقشة أثاره وأساسه القانوني والشرعي تمت استضافة الأستاذ المساعد الدكتور غسان المعموري تدريسي في كلية القانون جامعة كربلاء.

نظريات الضريبة وأسسها الشرعية

أشار المعموري "إلى أن موضوعة الضريبة أثارت وتثير جدلا واسعا وعلى المستويات كافة لاسيما في البلدان الإسلامية على وجه التحديد، وذلك لأن هناك من يرى بأن هناك تعارض مع النص القرآني، الذي كان واضحا في فرض الحقوق أو التشريعات المالية التي يكلف بها المكلفين، ومن خلال ذلك لابد أن ننطلق أولا ونستفسر عن الاصطلاح اللغوي لأصل كلمة الضريبة، وهي اسم لأحد العرب وأن الصوف يضرب وبالتالي فأن هذا الضرب على كل جزئية من جزئيات القطن أو الصوف، وإذا ما أسقطنا هذا التعريف على الأفراد فان كل فرد هو يجب أن يدفع ضريبة، إلى جانب ذلك فهناك تسميات كثيرة للضريبة بحكم تطور اللغة العربية، وهي تسمى (الدواهي أو الوظائف أو الوزائع أو الجباية أو الكلف السلطانية أو النوائب أو الحطائط)".

 "ولكن مجمل القول الضريبة هي مبلغ مالي نقدي أو عيني يلزم المكلفون بدفعه للسلطة بهدف تغطية أعباء عامة، الضريبة هي نتاج للدول والإمبراطوريات التي سبقتنا كالإمبراطورية الرومانية والفارسية، وبالتالي يؤشر تشكل هذا القانون إلى وجود نوعان من الضرائب وهي الضرائب المباشرة والضرائب غير المباشرة، فالضرائب المباشرة تفرض الضرائب على الأرض وعلى الأفراد وعلى المنازل المشغولة وعلى المواشي وعلى المهن، إما غير المباشرة فهي على المبيعات وعلى تجارة الرقيق وعلى تسجيل العقود وعلى المعادن كالذهب والفضة والنحاس وعلى التركات، وحصرا كانت إدارة وجباية الضريبة والتصرف بها بيد السلطة المركزية".

 "ومن ثمة تراجعت الضريبة بسبب الخلط الحاصل في الملكية العامة والملكية الخاصة، ولكن في القرنين الثاني عشر والثالث عشر بدأه تنضج وتتبلور أفكار جديدة وعلى وجه التحديد في بريطانيا وفي فرنسا، وعندها ظهرت حاجة لوجود الأموال لذا اقر العهد والميثاق الأعظم في عام (1215)، علما أن ممثلو الشعب في فرنسا لأول مرة (1314) أشاروا بشكل صريح إلى الضريبة، وعلى هذا الأساس فعندما نتجه نحو الشرق نجد الضريبة في بلاد فارس أنهكت المزارعين، هذا مما دعا كسرى إلى تنظيم الضرائب وخففها عن الفلاحيين، بيد أن ذلك لا يمنع من أن يكون للجانب السياسي معلم واضح للضريبة".

 "إلى جانب ذلك فمع وجود فكرة الدولة فان الضريبة فرضت نفسها كإيراد هام وربما هي تتصدر الكثير من التشريعات، والى جانب الفكر السياسي هناك فكر اقتصادي يحاكيه وبالتالي فإن الفقه عرف الضريبة، (على أنها اقتطاع نقدي جبري تجريه الدولة أو إحدى هيئاتها العامة على وفق المقدرة التكلفية للأفراد قصد تغطية الأعباء العامة).

الأساس الشرعي للضريبة

 وهنا يمكن إن يتشكل سؤال عن ما هو الأساس الشرعي بالمنظور الإسلامي للضريبة، هناك أربع نظريات بهذا الشأن.

 النظرية الأولى: نظرية الاستخلاف هي وجاءت من مسند قرآني (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)، والاستخلاف هو بمعنى النيابة أو القوامة بحسب مدركات البشر، وأيضا هناك نص أخر (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا).

 النظرية الثانية: نظرية التكليف وهي على اعتبار أن الإنسان لابد إن يكلف ببعض المهام الشرعية والعبادية والمعاملاتية، ومنها المالية وعليه يجب أن يقتطع جزء من ماله لمصلحة المجموع.

 النظرية الثالثة: نظرية التكافل أو التضامن الاجتماعي بين الفرد والمجتمع، وعلى هذا الأساس يتنازل الفرد عن جزء من حصته وبالتالي هذه النظرية لاقت رواجا واسعا عند المجتمع، فأن أصحاب هذه النظرية يستندوا إلى الحقيقة القرآنية التالية (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا)، وهناك نص أخر للعلي القدير (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ)، وقوله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى)، وأيضا (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ)، وكذلك الحديث النبوي الشريف(مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائر الجسد بالسهر والحمى).

 النظرية الرابعة: نظرية الإخاء لها دلائل ربانية كما ورد في النص القرآني القائل (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)، وأيضا قوله تعالى (والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون).

نظريات الوضع

"وحقيقية هذه النظريات ربما تأثرت بها بعض التشريعات الإسلامية، وهذا ما أورده كتاب اقتصادنا للسيد الصدر حيث أكد على انه لابد أن تفرض فرائض ثابتة عملا بالإخاء الإنساني، وبالتالي ونتيجة التطورات الطبيعية للواقع الإنساني والحياتي، أضحت الضريبة في عالم اليوم موردا سياديا وهذا المورد يختلف في تنظيمه من دول لأخرى، وبالتالي فإن أصحاب الوضع يؤسسون نظريتهم على إن الدولة لها الحق، بأن تفرض الضريبة على الأفراد، وذلك من خلال وجود نظريتين وهما..

- نظرية العقد المالي وهي تقوم بالأساس على العقد المالي والعقد الاجتماعي، وبالتالي فان أصحاب الفكر الاقتصادي يرون تلك النظرية لم تأتي أوكلها بل فشلت، وهناك من دعا إلى وجود عقد شركة بين الأفراد والدولة وبالتالي يمكن إن تقتطع حصة معينة من الفرد، بعضهم دعا أيضا إلى عقد تامين كحماية أو خدمات وهذا العقد لم يلقى المقبولية اللازمة لدى الاقتصادين.

- النظرية الأخرى هي نظرية التضامن الاجتماعي وهي أقرب للواقع بل ربما هي تلتقي مع الفكر الإسلامي، من كون يجب إن يتضامن وان يتكافل الأفراد وان تكون هناك عدالة اجتماعية، وهذا ما يبيح للدولة بأن تفرض ضرائب على مكلفيها بشكل دوري وسنوي ونقدي.

"الضريبة أول ما فرضت في العراق كانت أيام الوالي العثماني (عبد المجيد باشا) وكانت الضريبة مجحفة، إلا انه وبعد تشكل الدولة العراقية الحديثة أيام الملك فيصل الأول في العام(1921)، وكان حضور الإدارة البريطانية واضحا بصفة مستشارين في كل الوزارات وشرع أول قانون للضريبة في العراق برقم (52) لسنة (1927)، واستمر العمل به حتى سنة (1982) بتشريع قانون ضريبة الدخل رقم (113) وتعديلاته وعدل لأكثر من عشر مرات".

 "علما إننا نعاني في بلداننا من الوعي الضريبي ونفتقر أيضا إلى الاستقرار الضريبي وكذلك نفتقر إلى القانون الضريبي الواضح، لان هناك ثمة قواعد يجب إن تكون راسخة في إعداد الضريبة وهي اليقين، وان يكون الجميع يعرف ما له وما عليه والملائمة في الدفع والاقتصاد بالتحصيل وان نتجاوز البيروقراطية الإدارية وأيضا العدالة في الضريبة، خاصة وان الضريبة في العراق هي ضريبة متخلفة وهي نسبية تصاعدية، وكذلك من القوانين النافذة في العراق هو قانون ضريبة العقار".

 "الشيء الأخر هناك شيء من الضبابية في موضوع الضريبة كوننا نحن من البلدان الريعية، وهذا خطئ كإرثي وقع به العراق لاسيما بعد تهاوي أسعار النفط، وبالتالي حاول الاقتصاديون بشكل أو بآخر تلافي هذا الصدع، من خلال تعظيم الإيرادات الأخرى كالضريبة والرسوم، وبالتالي فإن الضريبة سيف ذو حدين فممكن إن يؤدي إلى اختلالات اجتماعية أو اقتصادية أو ربما حتى سياسية، وعلى هذا الأساس كلفت الوكالة الأمريكية للتنمية لإعداد دراسة تخص الواقع الضريبي في العراق، وبالتالي أوجدت رؤية ثاقبة للمشرع العراقي من اجل إصلاح الواقع الضريبي في العراق، الشيء الأخر إن أهم دول العالم في اقتطاع الضريبة من الأفراد هي الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك وكوريا الجنوبية وسويسرا واليابان وكندا وأستراليا والمملكة المتحدة وألمانيا، علما إن هناك أقسام للضرائب كضريبة التضامن وضريبة الكنيسة وضريبة للتأمين الصحي ولتأمين التقاعد وللبطالة وللرعاية التمريضية وضريبة للدخل وللتجارة وللمبيعات وللسيارات ولملكية الأرض ولشراء الأرض ناهيك عن ضريبة التركات".

 "وقبل أن نختم لابد إن نستعرض وصية الإمام علي (ع) لعماله حول الضريبة، وهي تزخر بحنان الحاكم الأب على أبناءه وتصلح ان تدخل في دستور الدولة المثالية التي يحلم بها البشر، (انطلق على تقوى الله وحده لا شريك له، ولا تروعن مسلما، ولا تجتازن عليه كارها، ولا تأخذن منه أكثر من حق الله في ماله، فإذا قدمت على الحي فأنزل بمائهم من غير أن تخالط أبياتهم، ثم امضي إليهم بالسكينة والوقار حتى تقوم بينهم فتسلم عليهم، ولا تخدج التحية (أي لا تسلم سلاما ناقصا وسلام كبرياء، وإنما سلام تواضع) ثم تقول: عباد الله أرسلني إليكم ولي الله وخليفته لآخذ منكم حق الله في أموالكم فهل في أموالكم من حق تؤدوه إلى وليه؟ فإن قال قائل: لا، فلا تراجعه، وان أنعم لك منعم فانطلق معه من غير أن تخيفه أو توعده أو تعسفه أو ترهقه، فخذ ما آتاك من ذهب أو فضة، فإن كانت له ماشية أو إبل فلا تدخلها إلا بإذنه، فإن أكثرها له، فإذا أتيتها فلا تدخلها دخول متسلط عليه ولا عنف به، ولا تمصّرن بهيمة ولا تفزعنها ولا تسوئن صاحبها فيها، ثم اصدع المال صدعين، ثم خيره، فإن اختار فلا تعرضن إلى اختياره، ثم اصدع الباقي صدعين ثم خيره فإن اختار فلا تعرضن لما اختار، ولا تزل كذلك حتى يبقى ما فيه وفاء لحق الله في ماله فاقبل حق الله منه، فإن استقلاك فأقله ثم اخلطهما ثم اصنع مثل الذي صنعت أولا حتى تأخذ حق الله في ماله".

المداخلات

الدكتور حسين السرحان: موثوقية النظام السياسي

الدكتور حسين السرحان رئيس قسم الدراسات الدولية في مركز الدراسات الإستراتيجية جامعة كربلاء وباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية "يعتقد أن موضوعة الضرائب موضوعة مهمة وهي تمس جوانب اقتصادية لكنها بطبيعة الحال لا تخلو من الجوانب السياسية والاجتماعية، وبالتالي فإن الضرائب تعتمد في بعض البلدان كإيرادات رئيسية وإيرادات سيادية، وتبعا لذلك فكل الخدمات المقدمة للمواطنين هي تعتمد على الضرائب، لذا فهذه الإبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية تتوضح كثيرا في البلدان التي تجبى بها الضرائب وتنعكس إيجابيا على المجتمع".

 أضاف السرحان "وفي نفس الوقت هي لها إبعاد سياسية سلبية في حال وجود بعض الأنظمة الديكتاتورية، وبالتالي هم يحاولون التلاعب بالسياسات الاقتصادية لأغراض سياسية وانتخابية وهذه مشكلة تعنى منها الدول المتخلفة، أيضا الضرائب ترتبط بالعدالة الاجتماعية وقبلها بالعدالة الاقتصادية، ولكن طبيعة الجباية وإرادة الإنسان في سداد الضرائب هي تعتمد على درجة موثوقية الفرد بالنظام السياسي، لذلك فبلداننا لاسيما العراق ومنذ تأسيس الدولة العراقية ولغاية اليوم تعاني من ضعف موثوقية الجمهور بالنظام السياسي".

 يكمل السرحان "وهذا مما انعكس على المجال الضريبي وأيضا انعكس في ابتعاد الأفراد في رسم السياسات العامة بشكل غير مباشر، الشيء الأخر أن النظم السياسية في العراق لم تستطع بناء ثقافة اقتصادية معينة، لذلك بقي اطار الدولة الريعية وهي تتكفل بكل شيء وبالتالي لابد إن نعيد ترتيب الأوراق من جديد، وأن يدرك المواطن أن هناك خدمات تقدم له ويقابل تلك الخدمات أموال لابد أن تعطى للدولة بصفة ضرائب".

حامد الجبوري: الوعي الضريبي

حامد عبد الحسين الجبوري باحث في مركز الفرات "يرى إن تعريف الضريبة في النظام الوضعي (هي فريضة مالية تقطع جبرا من الأفراد لتحقيق أهداف نابعة من فلسفة الدولة)، وبالتالي هناك ثمة فروقات بين النظام الوضعي والنظام الإسلامي، ففي النظام الوضعي تفرض الضرائب بالإكراه في حين النظام الإسلامي يعمل على تربية المجتمع من اجل الإحساس بالحاجات العامة، أيضا إحدى الأسباب التي أدت إلى زيادة فرض الضرائب هو تطور دور الدولة".

أضاف الجبوري "الشيء الأخر الوعي الضريبي لا يتوفر ما لم نخلق فرص عمل ونذيب حالة الاعتماد على الاقتصاد الريعي".

عدنان الصالحي: جيوب المفسدين

عدنان الصالحي مدير مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية "يرى أن أغلب الدول التي تشهد تقدم اقتصادي هي من أفضل الدول التي تلتزم بقانون الضرائب، ولكن بشكل طردي حيث تقدم خدمة جيدة وتأخذ ضريبة مقابل ذلك، بالإضافة إلى ذلك فإن الحكومات ليست قادرة على إدارة البلاد بالشكل الأمثل ما لم تكن هناك مصادر دخل ثابتة".

 أضاف الصالحي "لكن المشكلة التي لابد التركيز عليها في الواقع العراقي هو أن الناس فقدت الثقة بالجهاز السياسي، فالمواطن لا توجد لديه مشكلة في تقديم الضريبة إذا وجد خدمة جيدة، بيد أن ذلك لا يحصل فالضرائب عادة ما تذهب إلى جيوب المفسدين وتتحول إلى عقارات وأرصدة خارج البلاد، بالنتيجة هذا المشهد يعزز ضعف الثقة بالجهاز التنفيذي والسياسي، ولذلك هو لا يستطيع تقديم أمواله قربانا لهؤلاء".

 يكمل الصالحي "وبالتالي فإن الدولة العراقية في هذا الوقت ركزت على الإيراد الضريبي بشكل واسع، إلا أن ذلك لا يتم حتى يكون هناك تدرج ضريبي ويقابله على الطرف الأخر تصاعد ملحوظ في مستوى الخدمات، وخير شاهد على ذلك هي فضيحة شركات الاتصالات التي أقدمت على زيادة تسعيرة كارتات الشحن، وبالتالي اكتشفوا أن هذه الزيادة لا تذهب نحو الإيراد الضريبي بل في جيوب تلك الشركات وهي لم تتحاسب منذ خمس سنوات، سؤال هنا كيفية إيجاد برنامج يقنع المواطن بان الحكومة ستتحول إلى الضريبة المدورة".

الشيخ مرتضى معاش: التغطية على فشل السلطة

 الشيخ مرتضى معاش رئيس مجلس إدارة مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام "يرى في عنوان هذه الحلقة جانبين أولا الجانب الشرعي والغاية الاقتصادية، ففي الجانب الشرعي الضرائب بشكل عام هي غير شرعية، والسبب لان الشرع يقول (لا يحل مال أمرئ إلا بطيب نفسه) وكذلك (الناس مسلطون على أموالهم وأنفسهم)، فأي شيء يأخذ من الفرد بقوة وتعسف وإجبار وإكراه فهذا باطل".

 أضاف معاش "إلا إذا كان هناك عقد اجتماعي بين الحاكم والمحكوم كي يتنازل الفرد عن جزء من ماله، الشيء الآخر الجدوى الاقتصادية فالضرائب بشكل عام وتاريخيا هي سيئة وتضر جوهر الاقتصاد، فعلى سبيل المثال الدول التي تزداد فيها الضرائب يقل فيها الاستثمار ودخول رؤوس الأموال، وكذلك الدول التي تبحث عن الاستثمار وعن وجود حركة اقتصادية تقل الضرائب أو تنعدم".

 يكمل معاش "وبالتالي ففي بعض الاقتصادات فإن الضرائب تعد مرضا سياسيا واقتصاديا وأيضا ثقافيا حيث تسبب بهجرة العقول والأموال بسبب مستوى الضرائب العالي، كما ان الضرائب تفرض بقدر أكبر على الفقراء وليس الأغنياء، خاصة وأن الأغنياء لديهم قدرة على التهرب الضريبي وإيجاد ملاذات ضريبية، وأيضا فإن التعسف في استخدام الضرائب هو الظاهرة الاقوى".

 يضيف أيضا "لذا فإن جوهر الضريبة هو بسبب فشل السلطة وهي تحاول أن تغطي على فشلها من خلال فرض المزيد من الضرائب، إلى جانب ذلك فإن تضخم السلطة والدولة والفساد البيروقراطي هذا يؤدي إلى المزيد من فرض الضرائب، وذلك حتى تغطى على التضخم الوظيفي فهناك رسوم تدفع لسد نفقات الموظفين الذين يعتاشون على الدولة الريعية أو دولة القطاع العام، وبالتالي فإن الضريبة تتحول الى ابتزاز رسمي وعلى الدولة في مثل تلك الظروف أن تشجع القطاع الخاص كي يتبني قطاع الخدمات وبأسعار تنافسية، أضف إلى ذلك فإن التهرب الضريبي يشجع على غسيل الأموال وعلى الاستثمار في المشاريع القذرة، وعنداك فإن الضرائب تتحول إلى مرض خبيث لاستهداف الغاية الاقتصادية التي تقوم عليها، والحل الأساس والأنسب كما يمكن استنباطه من حديث الإمام علي(ع) الذي ذكره الباحث هو تنمية حس المواطنة".

الدكتور خالد العرداوي: دولة المواطن أم الحاكم

 الدكتور خالد العرداوي مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية "يدعو إلى التوسع في فلسفة القانون وفلسفة الدولة وفلسفة الفرد، فالمواطن عندما يقتطع جزء من ماله فيعطيه لجهة أخرى هل يفعل ذلك لوجه الله، خاصة وان الضريبة تشكل مشكلة في البلاد المسلمة وهذا لب المشكلة، فعندما نتحدث عن بلاد إسلامية وعن مرجعيات إسلامية وعن تعدد في المنظومة القانونية التي يخضع لها المواطن، فالمواطن مرة يقال له انت مسلم وضريبة المسلم هي الخمس والزكاة وبالتالي ما عدى ذلك يعتبر سرقة".

 أضاف العرداوي "وهذا يعني من جهة أخرى أن الضرائب تتقاطع مع الشريعة، وهي مخالفة دستورية حيث تتقاطع مع النص الدستوري وتأتي بضرائب لم تنص عليها الشريعة، الشيء الأخر لمن تعطى هذه الأموال لرجل الدين أم للدولة وهذا الأمر يزيد الطين بله ويورط المشرع أكثر، فإذا أعطيت هذه الأموال لرجل الدين فمعنى ذلك انه يعطي الأموال للجهة التي يجد فيها الرضي والشرعية وبالتالي الدولة لا تمتلك هذه الشرعية، وإذا ما وافق على إعطاء الضريبة للدولة فمطالب منه أن يتخلى عن الضريبة التي تعطى لرجل الدين".

يكمل العرداوي "وبالتالي فالدولة الإسلامية التي يكون فيها الدستور لا يتعارض مع الشريعة ومع ثوابت الإسلام كالدستور الموجود في العراق، فعليها عندما تريد فرض ضرائب على المواطن المسلم عليها ان تتخلى عن الإسلام، باعتبارها تقلد المنظومة القانونية الموجودة في كل دول العالم فبالتالي لماذا تتكلم عن نصوص الشريعة وعن الإسلام، وواقعا هذا صراع جدا كبير وهو صراع بين شرعية ومشروعية الضريبة في نظر المواطن".

 يضيف أيضا "الشيء الأخر ما هي فلسفة الدولة وهل نحن فعلا متعلمون في مجال السياسية والقانون والتشريع، وهل لدينا دولة حقيقية وهل هي دولة المواطن أم الحاكم، اليوم المواطن يعطي أمواله لدولة تمثله أم يعطيها لحاكم يتسلط عليه، فالمشكلة هنا تكمن المواطن لا يشعر بأنه يعطي أمواله لدولة تمثله بل لحاكم، والدليل على ذلك (ألف مليار دولار) ضاعت في العراق ولا توجد مساءلة للحاكم وكأنما الأموال تخصه هو، فمتى ما حس المواطن بان المسؤول يحاسب عندها يعطي أمواله برضى، إلى ذلك فان القانون لا يطبق إلا بحدود معينة وعلى الفقراء فقط، وبالتالي كون المواطن يمتلك وعي كافي لذلك لا يحرص على إعطاء الضريبة بالشكل المقبول، إلى جانب ذلك إلا يكفي المواطن العراقي ضريبة الدم التي يدفعها منذ سنوات وسنوات طويلة".

التعليق على المداخلات

 "وأخيرا يرد الدكتور المعموري على جميع الاستفسارات والتساؤلات المطروحة بشكل دقيق وتفصيلي حيث يدعم فكرة وجود علاقة مباشرة بين الحصيلة الضريبية ووجوه إنفاقها وهناك علاقة واضحة بين شكل النظام السياسي والحصيلة الضريبية، أيضا البعض يرى إن فرض الضرائب يدخل في باب المصالح المرسلة وأن الحاكم يمكن أن يفرضها فيما بعد، وأن الضرائب يمكن أن تنظم بقانون والسعودية على سبيل المثال لديها قاعدة ضريبية واسعة بهذا الخصوص، ناهيك عن ذلك لا يوجد تقاطع بين الضريبة والحقوق الشرعية، علما إن الضريبة لا تنفر الاستثمار وهناك ثمة ضمانات مالية كبيرة للاستثمار، أيضا هناك توجه نحو إشراك القطاع الخاص وهو يحتاج إلى تشريعات والى رقابة دقيقة، بالإضافة إلى ذلك لا يمكن إنكار عدم وجود ترهل وظيفي في العراق، والكلمة الفصل لابد إن يكون هناك نظام ضريبي مفصل ومتكامل وغير عشوائي ومبوب وواضح ويراعي العدالة الاجتماعية وان يكون هناك قضاء ضريبي مختص".

والجدير بالذكر ان، مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات هو أحد منظمات المجتمع المدني المستقلة غير الربحية مهمته الدفاع عن الحقوق والحريات في مختلف دول العالم، ونشر الوعي والثقافة الحقوقية في المجتمع وتقديم المشورة والدعم القانوني، والتشجيع على استعمال الحقوق والحريات بواسطة الطرق السلمية، ورصد الانتهاكات والخروقات التي يتعرض لها الأشخاص والجماعات، ويدعو الحكومات ذات العلاقة إلى تطبيق معايير حقوق الإنسان في مختلف الاتجاهات...

للتواصل مع المركز
هـ/7712421188+964
http://ademrights.org
ademrights@gmail.com

اضف تعليق