يقوم النظام الدولة في العراق على أساس اتحادي كما ورد في المادة الاولى من دستور العراق لعام 2005 (جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة كاملة) ونوع الاتحاد هو اتحاد فدرالي، ويتفق كلا من القانون الدستوري والقانون الدولي على مجموعة من خصائص للنظام الاتحادي الفدرالي أو ما يطلق عليها مظاهر الوحدة في المجال الخارجي:
1- احتكار التعامل الخارجي: ان الدولة الاتحادية وحدها هي التي تتمتع –في الأصل– بحق التعامل الخارجي مع الدول الأجنبية أو المنظمات الدولية، بإبرام المعاهدات، وإقامة التمثيل الدبلوماسي، وإنشاء العلاقات التجارية والثقافية وغيرها من العلاقات الدولية، وكذلك مع دولة أو دول أجنبية.
2- وحدة جنسية الدولة: فالجنسية التي يتمتع بها مواطنو دولة الاتحاد واحدة بصرف النظر عن الدويلات التي ينتمون إليها. وذلك لتعلق الأمر بشعب دولة واحدة.
3- وحدة إقليم الدولة: يقوم الاتحاد المركزي على إقليم موحد يمثل الكيان الجغرافي، للدولة الاتحادية في مواجهة العالم الخارجي، ويتكون من مجموع أقاليم الدويلات المكونة للاتحاد.
ولكي يستقل أي جزء من اقليم الدولة لابد أن يتم ذلك إما نص دستوري يجيز الاستقلال كما في الدستور السوفيتي الذي كان يعطي الحق لأعضاء الاتحاد حق الانفصال منه، أو باتفاق رسمي مابين الحكومة المركزية والحكومة المحلية كما في جنوب السودان الذي حصل على الاستقلال بناء على استفتاء ناجح بالاتفاق مابين حكومة السودان وجنوب السودان.
وعلى ضوء ماتقدم يثار التساؤل التالي: هل هنالك اساس قانوني دستوري يستطيع اقليم كوردستان ان يستند اليه او يستمد منه حقه لإجراء الاستفتاء حول الاستقلال؟
بالنسبة للدستور العراقي لعام 2005 اقر إقليم كردستان العراق كإقليم قائم قبل وضع هذا الدستور وهو جزء من إقليم العراق، كما جاء في المادة (117):
اولاً: يقر هذا الدستور، عند نفاذه، اقليم كردستان وسلطاته القائمة، اقليماً اتحادياً.
ثانياً: يقر هذا الدستور، الاقاليم الجديدة التي تؤسس وفقاً لأحكامه.
ولم يشر الدستور إلى حق استقلال إي اقليم عن العراق بل على خلاف ذلك أكد في المادة الاولى منه على إن هذا الدستور ضامن لوحدة العراق المادة (1):
(جمهورية العراق دولةٌ اتحادية واحدة مستقلةٌ ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوريٌ نيابيٌ (برلماني) ديمقراطيٌ وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق).
تم وضع هذا الدستور من قبل لجنة ضمت اعضاء من قبل كل مكونات الشعب العراقي من ضمنهم خمسة عشر عضوا من التحالف الكردستاني بزعامة جلال الطالباني ومسعود البارزاني، وأقرّ الدستور باستفتاء وطني بموافقة 78% من المصوتين.
وعليه فان اي مخالفة لأحكام الدستور النافذ من قبل اي اقليم او محافظة يعد عصياناً وتمرداً على الشرعية التي اقرها أغلب ابناء العراق بمحض ارادتهم من دون اكراه.
وبعد نفاذ الدستور العراقي عام 2006 وضع إقليم كردستان العراق دستور الاقليم لعام 2008 والذي تضمن في الباب الأول والذي يحمل عنوان (المبادئ الأساسية) المادة: ١ (كردستان ــ العراق إقليم ضمن دولة العراق الاتحادية).
وأيضا أشار في المادة: ٧ منه إلى ممارسته لحق تقرير المصير واختياره الحر في الانضمام إلى الدولة العراقية الاتحادية (لشعب كردستان العراق الحق في تقرير مصيره بنفسه، وقد اختار بإرادته الحرة أن تكون كردستان العراق إقليماً اتحادياً ضمن العراق طالما التُزم بالنظام الاتحادي الديموقراطي البرلماني التعددي وحقوق الإنسان الفردية والجماعية وفق ما نص عليه الدستور الاتحادي).
إذا اشترط الشعب الكردي للاستمرار ضمن الدولة الاتحادية العراقية تحقق شرطين وهما الالتزام بالنظام الاتحادي الديموقراطي وحقوق الإنسان الفردية والجماعية، ولم يتم الاخلال بأي من هذين الشرطين من قبل الحكومة الاتحادية.
وبالتالي فإن الشعب الكردي قد مارس حقه في تقرير مصيره باستفتاء 15 تشرين الثاني لعام 2005 حول دستور العراق النافذ وأكد ذلك في نصوص دستوره ويعد هذا الاستفتاء غير دستوري.
الحلول:
من وجهة نظرنا نقترح مجموعة من الحلول لأنهاء الازمة مابين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم وهي:
1. تعزيز الهوية الوطنية للشعب الكردي والعربي والتأكيد على إنه مايميز الشعب العراقي هو تعدد الاديان والطوائف والمذاهب وهذا مصدر لقوة العراق، فلولا قوات الحشد الشعبي من وسط وجنوب العراق وقوات البشمركة من شمال العراق لما تمكنا من القضاء على تنظيم داعش الارهابي.
2. تفعيل المادة 140 من الدستور العراقي النافذ والمتعلقة بالمادة 58 من قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية والتي تتضمن الفقرات الاتية:
(إعادة المقيمين إلى منازلهم وممتلكاتهم، وإذا تعذر ذلك على الحكومة تعويضهم تعويضا عادلا - تصحيح القومية فعلى الحكومة إلغاء جميع القرارات ذات الصلة، والسماح للأشخاص المتضررين، بالحق في تقرير هويتهم الوطنية وانتمائهم العرقي بدون إكراه أو ضغط –إعادة تنظيم الحدود الإدارية- إجراء التسوية النهائية للأراضي المتنازع عليها، ومن ضمنها كركوك، إلى حين استكمال الإجراءات أعلاه، وإجراء إحصاء سكاني عادل وشفاف، آخذاً بنظر الاعتبار إرادة سكان تلك الأراضي).
3. تفعيل المادة (65) من الدستور والمتعلقة بإنشاء مجلس الاتحاد وهو أحد مجلسي السلطة التشريعية الاتحادية، ويضم ممثلين بشكل متساوي عن الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، حيث يعد وجود هذا المجلس من شروط تحقق النظام البرلماني، إضافة إلى إنه يعطي صلاحيات أكثر للأقاليم في اتخاذ القرار السياسي للدولة.
اضف تعليق