q

لا يزال عنوان "حقوق الإنسان" في البحرين مكتوب بلون غير لونه الحقيقي، ولا تزال السلطات البحرينية تتعامل مع مناهضيها "السلميين" بأسلوب أقل ما يمكن وصفه بـ "الأحمق"، لأن أي نظام ينتهج سياسة الإلغاء والإقصاء مع معارضيه مصيره السقوط، لكن ليس قبل أن ينخر هذا "الحمق" كل أدوات الحكم ووسائل السيطرة.

أما أن تترك السلطات البحرينية داخلها المضطرب وتتجه للمشاركة في حرب عبثية على المدنيين في اليمن، فهذا ما لا يمكن أن نجد له تعبيراً ووصفاً يناسبه من بين كم كبير من المفردات التي لا يستسيغها العالم.

سحق الداخل

وفي الوقت الذي تشارك فيه البحرين بما يعرف بـ "التحالف الإسلامي العسكري" الذي بدأ عملياته في آذار/ مارس 2015 في اليمن دعما لحكومة عبد ربه منصور هادي، في مواجهة الحوثيين وحلفائهم الموالين للرئيس السابق علي عبد الله صالح؛ يقدم لنا الناشط البحريني المعارض المسجون حالياً، نبيل رجب، وصفاً لممارسات النظام البحريني في مقال رأي له نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأربعاء الماضي.

يصور لنا ما يجري على أنه بين "الخزي" و "سحق الداخل" في استقرار مضطرب بدعم أمريكي.

يقول رجب في مقاله: "يملؤني الخزي من أن بلدي البحرين يقصف اليمن بدعم من الولايات المتحدة. وبينما يوصل التحالف بقيادة السعودية هجومه الجوي على اليمن تحاول البحرين أيضا سحق المجتمع المدني في الداخل".

وهنا، كان يشير رجب إلى صفقة بيع واشنطن 19 مقاتلة من طراز إف-16 من إنتاج شركة لوكهيد مارتن والمعدات المتصلة للحكومة البحرينية بقيمة مئة مليار دولار، وإصرار الطرفين على المضي بهذه الصفقة رغم مخاوف العالم بشأن حقوق الإنسان، لكن إدارة ترامب تفصل بين الصفقة وقضايا حقوق الإنسان.

وإلى جانب المقاتلات تشمل الصفقة التي تبلغ قيمتها 4.867 مليار دولار 23 محركا وأجهزة رادار وأنظمة إلكترونية أخرى وأسلحة جو/جو وجو/أرض ومعدات متصلة بها.

واعتبر رجب أن ترامب "قرر بالفعل رفع كل قيود حقوق الإنسان عن مبيعات الأسلحة إلى بلدي البحرين المشاركة في التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن".

منع عائلة رجب من زيارته

وكانت السلطات البحرينية قد منعت عائلة رجب من زيارته في السجن بعد خضوعه لعملية جراحية.

وخضع رجب لعملية جراحية في معدته، ومنع بعد انتهائها من استقبال أفراد من عائلته حاولوا زيارته في السجن للاطمئنان على صحته.

ويحاكم نبيل رجب (52 عاما)، رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان، بتهمة "بث وإذاعة أخبار وبيانات وشائعات كاذبة ومغرضة حول الأوضاع الداخلية للبحرين" عبر وسائل إعلام غربية.

ووفقا لمركز البحرين لحقوق الإنسان الذي يرأسه الناشط، فإن الاتهامات في القضية الثانية تعود إلى تغريدات نشرها العام الماضي عبر حسابه على "تويتر"، تحدث فيها عن تعذيب في سجن جو بالبحرين، وانتقد عمليات التحالف العربي الذي تقوده السعودية ضد المتمردين في اليمن.

وتشمل القضية أيضا تهمتي "إهانة مؤسسة تابعة للدولة والإساءة للسعودية عبر مواقع التواصل".

وحثت لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة البحرين يوم الجمعة الماضي على إخراج رجب من الحبس الانفرادي الذي ظل فيه لأكثر من تسعة أشهر والتحقيق في مزاعم واسعة النطاق بسوء معاملة المحتجزين وتعذيبهم.

وتنفي البحرين أي انتهاكات ممنهجة على يد الشرطة أو في السجون وتقول إنها تواجه احتجاجات عنيفة تدعمها إيران.

انحدار جديد..

اعتقلت قوات الأمن البريطانية السبت الماي أفرادا من عائلات ثلاثة ناشطين يقيمون في بريطانيا بسبب احتجاجهم على حضور العاهل البحريني عرضا للفروسية في بريطانيا.

وكان الناشطون يحتجون على حضور الملك حمد بن عيسى آل خليفة لمهرجان ويندسور الملكي للفروسية، وأظهرت صور نشرتها وكالة أنباء البحرين الملك حمد مع الملكة اليزابيث الثانية.

وقال سيد أحمد الوداعي مدير معهد البحرين للحقوق والديمقراطية ومقره لندن إن شقيقته تلقت استدعاء هاتفيا إلى مركز شرطة المحرق للاستجواب صباح السبت.

ووصف هذا بأنه انحدار جديد للسلطات البحرينية يتمثل في ابتزاز الناشطين من خلال اعتقال أفراد عائلاتهم في البحرين.

وأبلغ والد وشقيقة اثنين من الناشطين الآخرين أفرادا من عائلاتهما بتعرضهما للاعتقال.

ورفض متحدث باسم وزارة الداخلية البحرينية التعليق.

وكان أفراد من عائلة الوداعي اعتقلوا في السابق في أكتوبر تشرين الأول بعد احتجاجه أمام سيارة تقل الملك حمد لدى اقترابها من مكتب رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي خلال زيارة.

مصير الشيخ علي السلمان

قال محامون ووسائل إعلام محلية إن أعلى محكمة بحرينية ألغت الاثنين حكما بالسجن تسع سنوات على زعيم حزب المعارضة الرئيسي المحظور وأيدت حكما سابقا بسجنه أربع سنوات فقط.

وقالوا إن محكمة التمييز برأت الشيخ علي سلمان من اتهامات بالدعوة لإسقاط نظام الحكم بالقوة.

وأيدت حكما سابقا أدانه بالتحريض على الكراهية وإهانة وزارة الداخلية وفق ما ذكرته صحيفة الوسط الناطقة بالعربية.

ونقلت وكالة رويترز عن محام لم تكشف هويته القول: "محكمة التمييز البحرينية ألغت حكم الاستئناف بالسجن تسع سنوات وعادت الآن للحكم الأول بالسجن أربع سنوات."

ودفع محامو سلمان بأن الادعاء عرض أجزاء من خطبه أخرجت عن سياقها وأوردها كدليل بعد اعتقاله في 2015.

ونقلت صحيفة الوسط عن محامي الدفاع قولهم إن الحكم نهائي.

مجموعات غير شرعية

أما الثلاثاء الماضي، فقد أعلن مصدر قضائي أن محكمة في البحرين أصدرت أحكاماً بسجن 36 شيعياً أدينوا بتشكيل مجموعة "إرهابية" لمهاجمة الشرطة، وجردتهم من جنسياتهم.

وقال المصدر إن ثلاثة من المدانين حكم عليهم بالسجن مدى الحياة، بينما سجن الآخرون مدداً تتراوح بين ثلاث وعشر سنوات.

وأضاف أن السلطات وجهت إليهم اتهامات عدة بينها "تشكيل مجموعة غير شرعية هدفها تعريض الدستور والقوانين للخطر، واستخدام الإرهاب وسيلة" كما اتهموا بـ"حيازة متفجرات بدون ترخيص".

وتابع المصدر القضائي أن المتهمين اعترفوا بالمشاركة في أعمال الشغب والتخريب.

من جهتها، اتهمت منظمة العفو الدولية السلطات في البحرين "بتصعيد" حملة القمع حيث استدعت النيابة العامة 32 شخصاً خلال خمسة أيام.

وقالت إن 24 شخصاً على الاقل اتهموا "بالتجمع غير القانوني".

وأوضح سماح حديد، المسؤول في مكتب المنظمة في بيروت إن "الحملة المكثفة ضد المنشقين البحرينيين في الأيام الأخيرة تثير المخاوف الشديدة" منتقداً السلطات البحرينية بسبب "إسكات الانتقادات لسجلها في حقوق الإنسان".

وقالت المنظمة إن بين الذين تم استدعاؤهم محامين ونشطاء سياسيين وأقارب "ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان".

وأكدت أن ثمانية منهم تم منعهم من السفر، في حين يسري أصلاً قرار المنع على أربعة آخرين منهم.

اضف تعليق