q

الاعتراف بالمشكلة أول الحلول، يوجد في البلد أزمات ومشاكل وليس أزمة واحدة، وهذه تتفاقم مع الأيام لدرجة مخيفة جدا، وأساسها غياب العدالة والحرية والتعددية والحقوق والإصلاح والتغيير وحق المشاركة في الوطن واحترام إرادة الشعب عبر دستوري شعبي، ولكن نتيجة عدم اعتراف السلطة بالمشكلة والمبادرة بتحقيق رغبة الشعب، واصرارها على مواجهة النشطاء والحقوقيين والمتظاهرين بالحديد والنار ووصفهم بالإرهابيين، وبالاعتقال التعسفي والتعذيب والسجن والاعدام (بسبب التعبير عن الرأي)، ورفضها لصوت العقل وتخوين كل من يريد التدخل بنفس وطني لحل الأزمة، أدى إلى دخول الوطن في مستنقع الدم، والدم يجر الدم. بالإضافة إلى أزمة الحقوق ووجود الآلاف من المعتقلين والمعتقلات، هناك أزمة فقر وبطالة وسكن وافلاس لخزينة البلاد، والدخول في صراعات وحروب مباشرة.

احترام القانون وإرادة الشعب

لا يوجد عاقل شريف يؤيد العنف والاعتداء والقتل من مدني أو عسكري، فالأرواح غالية جدا. كما لا يوجد دولة محترمة تستخدم أبشع الأساليب للانتقام من الشعب بالاعتقالات التعسفية والتعذيب والقتل إذا عبر عن آرائه المعارضة وطالب بالإصلاح والتغيير لسياستها الفاشلة والغارقة في الإستبداد والفساد ونهب الثروات. وفي دولة القانون والمؤسسات ينبغي أن تكون الأجهزة الأمنية المخلصة الشريفة في خدمة الشعب وحماية الأرواح والممتلكات وحفظ النظام من المعتدين والمفسدين، بعيدا عن المناطقية والطائفية والعرقية والقبلية والتجييش.

ومن الطبيعي ان يقف العقلاء ضد العنف والاعتداء والقتل والعدوان وإستخدام السلاح والرصاص من قبل أي جهة، وإدانة الإستبداد والفساد والاعتقالات التعسفية والتعذيب، وسنبقى نطالب بدولة القانون والمؤسسات وفق دستور يمثل إرادة الشعب، دولة ينعم فيها المواطن بالكرامة والعزة والحرية والعدالة الإجتماعية والحياة الكريمة والتوزيع العادل للثروة.

المظاهرات والاحتجاجات حق للجميع

الوطن يعاني من أزمات ومشاكل اقتصادية (فقر وبطالة وسكن) ومشاكل إجتماعية وسياسية وحقوقية ويعاني من ازمات خارجية (ويخوض حاليا حربا مباشرة على اليمن)، وللأسف هذه الازمات تتفاقم مع مرور الأيام، نتيجة سياسة السلطة الحاكمة، مما جعل الشعب في أغلب المناطق يغضب ويخرج بعفوية للمطالبة بالإصلاح والتغيير الشامل لإنقاذ الوطن وبناء دولة حضارية.

المظاهرات والاحتجاجات تقع في كل دول العالم، والدولة المدنية المحترمة التي تمثل الشعب لا تقمع تلك المظاهرات الشعبية، ولا تحرمُّها باسم الدين ولا تصنف المتظاهرين والمحتجين بالخونة والارهابيين و لا تستخدم ضدهم أبشع وسائلها الأمنية القمعية من اعتقال وتعذيب وقتل.

والسلطات التي تبادر إلى الإصلاح والتغيير والتعامل بالحكمة والحوار بعيدا عن وسائل القتل، تحافظ على الوطن والمواطنين وتحميه من تدخل الأعداء ومن الفوضى والدمار، وللأسف يوجد أنظمة لغاية اليوم مصرة على تكرار العنجهية والغرور والاخطاء لبعض الحكام الذين اصبحوا في مزبلة التاريخ.

السلمية والعنف

الشعب الحر الشريف هو من يطالب بالإصلاح والتغيير ويرفض الظلم والإستبداد والفساد والعدوان عبر الطرق السلمية من مظاهرات واحتجاجات وغيرها، ويبتعد عن العنف والاعتداء والسلاح، ويحافظ على مكتسبات الوطن ويرفض تدخل أي جهة خارجية، فالتسلح والرصاص والقتل سيحول البلاد إلى مستنقع من الدم والكل خاسر، وعندما تلجأ السلطة للسلاح والرصاص وقتل الابرياء فهي لا تستحق البقاء إذ إن حياة "المواطن" هي الأعظم قيمة وينبغي على السلطة الحاكمة خصوصا، وعلى الجميع العمل لحمايتها.

ان إصرار السلطة على استخدام القوة الوحشية الدموية وكافة أدوات القتل في الأزمات الوطنية كالعوامية شرق البلاد والتي أصبحت تهدد المنطقة الغنية بالنفط، هو دليل على غياب الحكمة والتعقل، وهو أحد الأسباب التي ساهمت في استمرار الأزمة واتساع رقعتها لغاية اليوم، ومع سقوط المزيد من الضحايا الأبرياء يزداد الوضع تعقيدا وسيكون له تداعيات في المستقبل لان هناك ضحايا وأبناء للضحايا الذين قد قتلوا ظلما، وهذا سيؤدي إلى نفق مظلم من الدماء فالدم يجر الدم، ولا يوجد عاقل يريد ذلك.

الشعب الغاضب والأخطاء

يوجد حتما أخطاء كثيرة أدت إلى تفاقم أزمة ملف العوامية إلى هذا المستوى الخطير من قبل الجميع، لقد وقعت المظاهرات والاحتجاجات في فترة استثنائية ليس فقط على مستوى المنطقة والبلاد بل شملت دول العالم العربي، فالشعب العربي في حالة غضب وتمرد ضد السلطات الحاكمة، ومتعطش للحرية والكرامة والتغيير، ولأنها حركة شعبوية جماهيرية نتيجة ردة فعل وليست خاضعة لتيار أو تنظيم فقد وقعت اخطاء كثيرة وهناك من استغلها بشكل عدائي.

وعادة عندما تحدث المظاهرات والاحتجاجات يصاحبها بعض الاعمال الخارجة عن القانون كما يوجد اشخاص سيستغلون الوضع لتحقيق مآرب خاصة أو من اجل التخريب والفوضى، فمن الصعب في مثل هذه الحالات ضبط كل من يشارك، وهذا يحدث في كل مكان، وكان ينبغي على السلطة ان تتعامل بحكمة ليكون الوضع تحت السيطرة لحماية المتظاهرين وغيرهم ومنع استغلال ذلك -ولديها القدرة وبهدوء اذا ارادت-، وان يتسع صدر السلطة لا ان تقوم بالتهديد والوعيد والتحريم، وتصنيف كل من يشارك في المظاهرات والاحتجاجات بانه إرهابي ومطلوب للعدالة (ويتم وضع اسمه ونشر صورته على لوائح الارهابيين بجانب بعض من لهم سوابق اجرامية) وقيام الاجهزة الامنية بالملاحقة والتصفية، ونشر روايات مزيفة وكاذبة ضد من يقتل برصاص السلطة.

هذه اخطاء أكبر وأعظم بل جريمة سببت تدهور الأوضاع وسببت حالة من التمرد والتحدي. كان ينبغي على السلطة منذ بداية الأزمة تجنب الدماء والإعدامات وبالخصوص لرموز لهم مكانتهم كالشهيد الشيخ نمر النمر، واعتقال شخصيات كبيرة ونساء وأطفال لم يرتكبوا اي اعتداء على احد وانما مجرد تعبير عن الرأي.

العنف والسلاح خطر على الجميع

لقد كنا وسنبقى ضد اي عنف واعتداء وعدوان، وضد استخدام السلاح في المظاهرات والاحتجاجات الشعبية المطالبية، فالسلاح والتسلح هو الأخطر على الحركات الشعبية المطلبية، ويمثل أفضل فرصة للنظام الإستبدادي الدموي الحاكم للانتقام وتصفية المتظاهرين باسم الرد وبوصف المحتجيين بالارهاب، (ولو كان كافة المتظاهرين ضد العنف والسلاح)، وربما من استخدم السلاح والرصاص شخص غير معروف. فالهدف من الحراك والتظاهر الشعبي السلمي هو رفض سياسة السلطات المستبدة المفسدة الدموية، ورفض الاعتقالات التعسفية والتعذيب والقتل، وللمطالبة بالعدالة والحرية والتعددية ليعيش كافة المواطنين بكرامة وعزة. فاستخدام العنف والسلاح سيبقى خطرا على الجميع.

لماذا سلطة الرياض اختارت هذا الوقت للتصعيد المسلح الدموي غير المسبوق مع ملف ازمة العوامية، وهل هناك أجندة وصراع داخل الاسرة الحاكمة؟.

أزمة حقوق

أزمة العوامية –وأزمة الاف المعتقلين والمعتقلات وكذلك في البحرين وبقية دول الخليج- سببها المطالبة بالحقوق والإصلاح والتغيير، يمكن معالجتها عبر تفهم مطالب الشعب، بعيدا عن التصعيد، والحل بيد السلطة.

الإصرار على استخدام القوة الوحشية الدموية في العوامية، دليل على غياب الحكمة، مما سيساهم في بقاء الأزمة وستزداد تعقيدا مع سقوط المزيد من الضحايا الأبرياء. الدم يجر الدم، وطالما حذرنا من سفك الدم. نعم للحلول السلمية تحت المظلة الوطنية بالحوار واحترام إرادة الشعب لتشييد وطنا للجميع قائما على دستور يضمن الحرية والعدالة والكرامة لكافة المواطنين.

اضف تعليق