q

بعد أن أعلن سيناتور تكساس تيد كروز، انسحابه من سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تبعه جون كاسيك حاكم أوهايو آخر منافس لدونالد ترامب ليعلن رسميا انسحابه من السباق أيضا، ليصبح بذلك دونالد ترامب المرشح الوحيد رسميا للجمهوريين للانتخابات الرئاسية الأمريكية المزمع إجراؤها في تشرين الثاني/نوفمبر 2016 لخلافة الرئيس الحالي باراك أوباما. وفي غياب منافس، لاشيء بات يمنع ترامب من الحصول على 1237 مندوبا وهو العدد المطلوب للحصول آليا على ترشيح مؤتمر الحزب الجمهوري في تموز/يوليو.

وقال كاسيك "في الوقت الذي أعلق فيه حملتي، لدي قناعة مرة أخرى بأن الله سيبقيني على الطريق السوي" مؤكدا بذلك معلومات نشرت في وسائل إعلام أمريكية في وقت سابق. ولم يعلن كاسيك انضمامه لحملة ترامب. ويأتي انسحابه بعد 24 ساعة من انسحاب سيناتور تكساس تيد كروز بعد الفوز الكبير لترامب في الانتخابات التمهيدية في إنديانا. وبات الملياردير الجمهوري وحيدا في السباق الذي شارك فيه 17 مرشحا.

وبعد حملة استثنائية استمرت عشرة أشهر ونصف فاز ترامب على 16 منافسا من العيار الثقيل بينهم حكام وأعضاء في مجلس الشيوخ ورجال أعمال، لكن جميعهم لم يتمكنوا من مجاراة ميزة وسر نجاح ترامب وهو الغياب التام للخبرة السياسية. ولم يسبق لهذا النيويوركي (69 عاما) أن انتخب.

وبعد تاكيدات استطاعات الراي بانحسار المنافسة للوصول الى البيت الابيض بين المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون والمرشح الجمهوري دونالد ترامب؛ أظهر استطلاع لرويترز/إبسوس أن هيلاري كلينتون المرشحة المحتملة عن الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية تتقدم على منافسها المرشح الجمهوري المفترض دونالد ترامب بفارق يزيد عن عشر نقاط مما يشير إلى استعادتها للمقدمة بعد أن تغلب عليها ترامب لفترة وجيزة الشهر الماضي.

وأظهر الاستطلاع الذي شمل 1421 شخصا وأجري في الفترة من 30 مايو أيار إلى الثالث من يونيو حزيران أن نحو 46 بالمئة من الناخبين المحتملين قالوا إنهم يؤيدون كلينتون بينما قال 35 بالمئة إنهم يؤيدون ترامب وقال 19 بالمئة إنهم لن يؤيدوا أيا من المرشحين.

وكان ترامب قد تقدم على كلينتون في التأييد بين الناخبين الأمريكيين المحتملين لفترة وجيزة في مايو أيار مما رفع التوقعات بأن السباق بينهما سيكون متقاربا في الانتخابات الرئاسية التي تجرى في نوفمبر تشرين الثاني.

الى ذلك قال موقع (بريديكت إت) للتوقعات السياسية على الإنترنت إن هيلاري كلينتون التي تتصدر السباق للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي بانتخابات الرئاسة الأمريكية تملك فرصة أكبر من غريمها المرشح الجمهوري دونالد ترامب للفوز بالمنصب لكن الفجوة بينهما.

وأظهر الموقع أن التوقعات بفوز كلينتون بلغت 61 بالمئة نزولا من 65 بالمئة. ويسمح الموقع لمستخدميه بالمراهنة بمبالغ ضئيلة على التوقعات بنعم أو لا على أحداث مستقبلية. وزادت التوقعات بفوز ترامب في الانتخابات الرئاسية المقررة في الثامن من نوفمبر تشرين الثاني المقبل من 34 بالمئة إلى 40 بالمئة.

ودفع الانتصار الكاسح لترامب في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري بولاية إنديانا منافسيه تيد كروز وجون كيسيك للانسحاب ليعزز وضعه كمرشح مفترض للحزب. ويدرس ترامب أفكارا لاستخدامها ضد كلينتون في محاولته لإقناع أنصار الحزب الغاضبين بالاصطفاف وراء حملته. وانتقد ترامب استخدام كلينتون لبريد إلكتروني خاص حين كانت وزيرة للخارجية.

ويدار موقع (بريديكت إت) من قبل شركة أريستوتل للاستشارات السياسية في واشنطن وجامعة فيكتوريا في ولنجتون بنيوزيلندا. وجميع مستخدميه مسجلون كناخبين في الولايات المتحدة. ومثلما يحدث في استطلاعات الرأي فإن المواقع التي تتوقع النتائج مثل (بريديكت إت) لا تقدم نتيجة دقيقة دائما. وقبل نحو 90 يوما بلغت نسبة توقعات مستخدمي الموقع لفوز ترامب بالرئاسة 20 بالمئة وهو تقدير يدل على مدى التقليل من شأن قوة الدفع التي كان يتمتع بها الملياردير.

صعوبات من نوع اخر

ورغم تفوق هيلاري كلينتون حسب ما اظهرته اخر استطلاعات الراي الا ان هناك مشكلة من نوع اخر تتمثل بتدني شعبية المرشحان الجمهوري والديمقراطي. إذ اظهر استطلاع للرأي اجرته صحيفة "وول ستريت جورنال" وشبكة "ان بي سي" في الاونة الاخيرة ان ثلثي الناخبين (65%) لا يعبرون عن رأي ايجابي بالملياردير الجمهوري وان ربع الناخبين فقط (25%) يؤيدونه. وافاد الاستطلاع ان 56% من الناخبين لا يؤيدون هيلاري كلينتون ايضا وان 32% فقط يدعمونها. واظهر استطلاع اخر بثته شبكة "سي ان ان" ان نسبة عدم التاييد بلغت 56% لترامب و49% لكلينتون.

وقالت جان زاينو الخبيرة السياسية في ايونا كوليدج لوكالة فرانس برس "تاريخيا لم نشهد مثل هذا الامر ابدا". واضافت "ان يكون هناك مرشح لا يحظى بشعبية شيء، لكن في هذه الحالة هما الاثنان معا".

وتمكن دونالد ترامب (69 عاما) الدخيل على الساحة السياسية الذي لم يشغل في السابق اي منصب منتخب، من استمالة قسم كبير من الناخبين بتصريحاته حول النساء والمكسيكيين والمسلمين. اما هيلاري كلينتون (68 عاما) المحنكة سياسيا والحذرة جدا، فتسعى بجهد لنيل ثقة العديد من الناخبين الذين يواجهون صعوبة في تحديد مواقفها.

ويقول روبرت شابيرو الخبير في جامعة كولومبيا في نيويورك ان الطريقة التي نختار فيها المرشحين هي التي ادت الى صعود هذين المرشحين. ففي العام 2012 شارك حوالى 16% من الاميركيين الذين هم في سن التصويت في الانتخابات التمهيدية. ويضيف شابيرو "هؤلاء الذين يصوتون هم ناشطون او متطرفون. ليسوا مواطنين اميركيين عاديين".

وتابع الخبير انه نظرا للمرشحين الجمهوريين ال17 الذين خاضوا الانتخابات التمهيدية لم يكن على دونالد ترامب سوى الحصول على اصوات "شريحة صغيرة فقط من الناخبين الاميركيين" لكي يصبح المرشح المرجح للحزب الجمهوري.

استفادت هيلاري كلينتون من عدم وجود منافس باستثناء بيرني ساندرز. وقال شابيرو ان "المرشحين الديموقراطيين المؤهلين الاخرين فضلوا عدم خوض السباق لانها سنة سيئة لديموقراطي لكي يترشح الى البيت الابيض" في اشارة الى تراجع شعبية ادارة اوباما.

وقالت جان زاينو انه اذا كان دونالد ترامب وهيلاري كلينتون لا يحظيان بشعبية فذلك لانهما "معروفان كثيرا" مضيفة "الناس لديهم آراء قاطعة من الجانبين". فحياتهما ونجاحاتهما وحتى ضعفهما كلها امور معروفة للاميركيين. فهيلاري كلينتون التي تحلم بان تصبح اول رئيسة للولايات المتحدة، متواجدة على الساحة العامة منذ اكثر من عشرين عاما حيث كانت السيدة الاولى اثناء تولي زوجها بيل كلينتون الرئاسة لولايتين (1993-2001) ثم شغلت منصب وزيرة الخارجية (2009-2013). اما دونالد ترامب فهو معروف منذ سنوات بثروته وناطحات السحاب التي يملكها وطلاقه مرتين وبرنامج تلفزيون الواقع "ذي ابرينتس" الذي يقدمه منذ اكثر من عشر سنوات.

ويقول سام ابرامز الخبير في معهد ساره لورنس ايضا "الكثير من الديموقراطيين لديهم الانطباع بان الحزب الديموقراطي اصبح حزب عائلة كلينتون وهذا الامر لا يروق لهم". ويضيف "الكثير من طلابي لم يعرفوا ابدا فترة لم يكن فيها شخص من عائلة كلينتون او عائلة بوش رئيسا او مهيمنا على الساحة السياسية الوطنية".

مازق الحزب الجمهوري

ويبدو ان تصريحات ترامب القاسية الهجومة قد القت بضلالها ليس على الامريكيين فحسب بل ادت الى حدوث خلافات بين صفوف الحزب الجمهور نفسه وهو ما دفع المرشح الجمهوري دونالد ترامب الى البدأ بمحاولات لتوحيد صفوف معسكره لخوض معركة الرئاسة في مواجهة هيلاري كلينتون المرشحة الاوفر حظا للديموقراطيين، في حين يواجه معارضة قسم كبير من المحافظين.

ورغم ترجيح فوزه بترشيح الحزب الجمهوري بعد حملة صاخبة وانسحاب آخر منافسيه تيد كروز وجون كاسيك، فانه لم يضمن بعد الانتصار، اذ ان قسما من الجمهوريين سواء من المعتدلين او المحافظين يرفضون تماما الالتفاف حوله الامر الذي يطرح مشكلة بالنسبة اليه في حال رفضوا المشاركة في التصويت في تشرين الثاني/نوفمبر.

واكد ترامب في خطاب اتخذ طابعا تصالحيا في برج ترامب في نيويورك رغبته في طي صفحة الانتخابات التمهيدية والتصالح مع حزبه رغم الصراعات السابقة، وذلك بعد فوزه بولاية انديانا الثلاثاء. وقال لشبكة "فوكس نيوز" "نريد توحيد الحزب الجمهوري وسنجمع الناس"، لكن ادراكا منه لوجود معارضين شرسين له بين المحافظين اضاف، "لاكون نزيها لا اريد بالضرورة (ولاء) الجميع".

بعض معارضيه الجمهوريين استسلموا للامر مثل حاكم لويزيانا السابق بوبي جندال الذي وصف ترامب العام الماضي بانه نرجسي ولا يفكر الا في نفسه. واعلنت السناتورة الجمهورية المعتدلة سوزان كولينز انها ستؤيده لكنها دعته الى "رأب التصدعات" والكف عن توجيه الاهانات في كل الاتجاهات. وقال الرئيسان السابقان جورج دبليو بوش ووالده جورج بوش الشخصيتان الجمهوريتان المميزتان عبر المتحدث باسمهما انهما سيبقيان على هامش الحملة الرئاسية.

وقال المتحدث فريدي فورد في صحيفة "تكساس تريبيون" ان جورج دبليو بوش "لا ينوي المشاركة او الادلاء بتعليقات على الحملة الانتخابية". لكن شخصيات جمهورية اخرى رفضت اتخاذ دور محايد وقررت معارضة دونالد ترامب الى النهاية حتى وان اضطرهم الامر الى التصويت لصالح هيلاري كلينتون.

اما مارك سالتر المستشار السابق للسناتور جون ماكين فكتب في تغريدة انتشرت على نطاق واسع ان "الحزب الجمهوري سيختار شخصا يقرأ صحيفة +ناشونال انكوايرر+ ويعتقد انها بمستواه". و"ناشونال انكوايرر" صحيفة شعبية تنشر اخبار الفضائح. واضاف "أنا معها"، مستعيدا العبارة التي يتداولها انصار كلينتون.

ومنذ انسحاب اخر منافسي ترامب اغرق جمهوريون تويتر بتغريدات توعدوا فيها بانهم لن يصوتوا لصالح ترامب، وذهب بعضهم الى حد احراق بطاقته الانتخابية مثل الصحافي المحافظ لاكلان ماركي. وقال رئيس تحرير نشرة "واشنطن اكزامينر" المحافظة فيليب كلاين "انسحبت رسميا من لوائح الانتخابات بوصفي جمهوريا".

وهاجم الكاتب المحافظ الواسع التأثير اريك اريكسون دونالد ترامب على "تاييده للقوميين البيض ومروجي العنصرية" ولأنه بحسبه اساء معاملة العاملين لديه وتباهى بماضيه في مطاردة النساء. ولكنه هاجم كذلك الحزب الذي قال انه لم ينجح في "وضع حد" لتصريحات المرشح المعارضة للتسامح الاجتماعي. وكتب على موقع "ذي ريسرجنت"، "لماذا لم يعلن الحزب الجمهوري ان هذا الامر غير مقبول؟" واضاف انه لن يساعد "الناخبين في ارتكاب انتحار على المستوى الوطني".

و يواجه الحزب الجمهوري بذلك معضلة تاييد مرشحه الى الانتخابات الرئاسية مع الحاجة الى تهدئة حركة "اي كان إلا ترامب". واعترف المتحدث باسم الحزب شون سبايسر على قناة "ام اس ان بي سي" بان "الكثير من الناس يشعرون بالغضب". واحصت نشرة "ذا هيل" نحو مئة شخصية جمهورية اعلنت رسميا انها لن تصوت لصالح ترامب من بينهم عضوا مجلس الشيوخ لندسي غراهام وبن ساس والنائب جستين اماش وميت رومني المرشح الرئاسي للعام 2012 الذي هزم امام باراك اوباما.

واعلنت حركة "لا نقبل ابدا بترامب" (نيفر ترامب) انها ستواصل تحركها ولا سيما لمساعدة المرشحين الجمهوريين الذين يريدون تمييز انفسهم عنه خلال مؤتمر الحزب. وفي حال خفف دونالد ترامب لهجته ليصبح كما يقول ملائما اكثر للرئاسة، فمن المرجح ان يعود بعض الجمهوريين المشككين الى حظيرة الحزب خلال الاشهر الستة المقبلة. ولكن البعض يؤكدون انهم لن يغيروا موقفهم.

خارج اسوار الحزب الجمهوري

واذا كان ترامب لا يحظى بذلك الدعم من حزبه لمواقفه المتشددة فليس مستبعدا ان يهاجمه خصومه الديمقراطيين وخاصة المرشحة الاوفر حظا هيلاري كلينتون التي انتقدت برنامج السياسة الخارجية لمنافسها الجمهوري دونالد ترامب ووصفته بأنه "مفكك بشكل خطير" في خطاب ألقته وصفت فيه منافسها الجمهوري بأنه شخصية مخيفة وتدعو للسخرية في ذات الوقت.

وهاجمت كلينتون سياسات ترامب وشخصيته وأشارت إلى أنه في حال انتخابه رئيسا للولايات المتحدة فقد يتسبب بكل بساطة في بدء حرب نووية "لأن أحدا أثار غضبه". وقالت أمام مؤيديها في سان دييجو بولاية كاليفورنيا "أفكار دونالد ترامب ليست مختلفة فحسب لكنها مفككة بشكل خطير... إنها حتى ليست أفكارا في واقع الأمر بل سلسلة من الأحاديث الفارغة الغريبة والعداءات الشخصية والأكاذيب الواضحة."

وقالت كلينتون "إنه يقول إن لديه خبرة في السياسة الخارجية لأنه أدار مسابقة ملكة جمال الكون في روسيا" مما دفع الحضور للضحك وأضافت أن ترامب سيدير الاقتصاد الأمريكي "مثل أحد ملاهيه الليلية". وتوقعت كلينتون خلال خطابها أن يستخدم ترامب -الذي انتقد بشدة سياساتها الخارجية- حسابه على تويتر لتوجيه إهانات لها وهو ما فعله. وخلال أحد التغريدات أثناء خطابها قال ترامب "أداء سيء من هيلاري كلينتون المخادعة... تقرأ بطريقة ركيكة من على الشاشة إنها حتى لا تبدو رئاسية!"

وبين السطور الساخرة استخدمت كلينتون الخطاب لتسليط الضوء على خبرتها كوزيرة للخارجية خاصة دورها في تقديم المشورة للرئيس باراك أوباما خلال مهمة قتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن للتأكيد على أن نهجها للسياسة الخارجية هو الأكثر جدية. وقالت كلينتون "إنه (ترامب) يشيد بشخصيات دكتاتورية مثل فلاديمير بوتين ويختلق المشكلات مع أصدقائنا ومنهم رئيس الوزراء البريطاني ورئيس بلدية لندن والمستشارة الألمانية ورئيس المكسيك والبابا" في ذكر لعدد من الحلفاء الذين وجه لهم ترامب انتقادات لفظية خلال عام مضى.

ووعدت كلينتون بأنها ستقوم بأداء أفضل للحفاظ على أمن الولايات المتحدة ووصفت الانتخابات بأنها خيار بين "وجهتي نظر شديدتي الاختلاف". وقالت إن الأولى هي "وجهة نظر غاضبة وخائفة ومبنية على فكرة أن أمريكا ضعيفة من الأساس وفي تدهور" وهي وجهة نظر ترامب "والأخرى مليئة بالأمل وسخية وواثقة في فكرة أن أمريكا عظيمة كما كانت دائما."

وفي ذات الانتقاد اللاذع حذر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري من أن السياسات الانعزالية ستؤثر على البلاد. وقال كيري مازحا لخريجي 2016 من جامعة نورث إيسترن في بوسطن "أنتم أكثر الدفعات تنوعا في تاريخ نورث إيسترن. بعبارة أخرى .. أنتم أكبر كوابيس دونالد ترامب." ولم يذكر كيري اسم الملياردير ترامب مرة أخرى إلا أنه ألمح إلى أحد مقترحات ترامب وهي دعوته إلى بناء جدار على طول الحدود الأمريكية مع المكسيك.

وقال السناتور السابق عن ولاية ماساتشوستس والذي كان المرشح الديمقراطي للرئاسة بانتخابات 2004 "لن نبلغ القمة أبدا إذا قبلنا النصيحة من بائعي التصريحات ... الذين يدعون أن أقوى دولة في العالم يمكن أن تظل عظيمة عبر الانزواء إلى الداخل والاختباء وراء الأسوار في الوقت الذي جعلت فيه التكنولوجيا ذلك مستحيلا وليس من الحكمة مجرد محاولة القيام به".

مرشح ثالث

والى جانب المرشحين المرجحين الديموقراطية هيلاري كلينتون والجمهوري دونالد ترامب امام الاميركيين في 8 تشرين الثاني/نوفمبر خيار ثالث في الانتخابات الرئاسية، هو مرشح حزب الحريات الفردية الذي يرجح ان يكون الجمهوري السابق غاري جونسون.

وسبق ان ترشح هذا الحاكم الجمهوري السابق لولاية نيو مكسيكو تحت راية الحريات الفردية عام 2012 غير انه بالكاد حصد 1% من الاصوات. وهو يراهن هذه السنة على الفوضى الناتجة عن فوز دونالد ترامب في الانتخابات التمهيدية الجمهورية، وعلى المشكلات التي تواجهها هيلاري كلينتون على صعيد صورتها، ليتخطى هذه النسبة الضعيفة.وما زال عليه الفوز بترشيح حزبه في نهاية ايار/مايو، في مواجهة 16 منافسا.

وقال غاري جونسون في مقابلة مع وكالة فرانس برس خلال زيارة الى واشنطن "انني المرشح الذي يختزل كل المطلوب في شخصه" موضحا "انني الى يسار هيلاري في المسائل الاجتماعية، ومحافظ اكثر من تيد كروز في المسائل الاقتصادية. انني امثل افضل ما في هذين العالمين".

والتيار "الليبرتاري" المؤيد للحريات الفردية في الولايات المتحدة صغير غير انه حيوي، وهو يدعو الى اطلاق الحريات الفردية والحد من دور الدولة الفدرالية في الاقتصاد، وكان من ابرز وجوهه رون بول العضو الجمهوري السابق في الكونغرس.

لكن من الصعب حمل هذه الرسالة في انتخابات رئاسية في ظل نظام يقوم على حزبين. فمن اجل الترشح للسباق الى البيت الابيض، ينبغي التسجل في كل من الولايات الـ50 على حدة، وفق اجراءات محلية مختلفة، وهو ما يتطلب وسائل كبرى لم تتوافر حتى الان سوى لدى قلة من الاحزاب الثالثة.

ففي 2012، كان غاري جونسون مدرجا على قوائم التصويت في 48 من الولايات الـ50، غير ان الحزب يطمح هذه السنة الى تسجيل مرشحه على قوائم الولايات الخمسين جمعها. كما يسعى حزب الخضر المناصر للبيئة ايضا الى التواجد في جميع الولايات. والمشكلة الاكثر الحاحا في وجه غاري جونسون هي عدم طرح اسمه في استطلاعات الراي. وهو ذكره تحقيق نادر اجرته جامعة "مونماوث" في اذار/مارس ضمن سيناريو منافسة ثلاثية مستبعدة الى البيت الابيض، ومنحه 11% من نوايا الاصوات، مقابل 42% لهيلاري كلينتون و34% لدونالد ترامب، مع هامش خطأ قدره 3,4 نقاط. وقال لفرانس برس "ان عدم ورود اسمي في استطلاعات الراي يظهر الى اي مدى اللعبة محسومة مسبقا".

ورفع المرشح شكوى في الخريف الى اللجنة التي تنظم المناظرات التلفزيونية، محتجا على اقتصار الدعوات الى المرشحين الذين يحصلون على اكثر من 15% من نوايا الاصوات. وتعود اخر مرة شارك مرشح ثالث في المناظرات التلفزيونية للانتخابات الرئاسية الى العام 1992، وكان حينها المرشح المستقل الملياردير روس بيرو.

اضف تعليق