منطقة الشرق الاوسط التي لم تشهد استقرارا ولو نسبيا منذ قرون عديدة، تعيش اليوم حالة من الهستيريا في الحرب المتصارعة بين الدول العالمية، فكل دولة تكاد تخلق حربا مع دولة اخرى سواءا عسكرية او اقتصادية او سياسية، وكل هذه التدخلات والحروب اوجدت تحالفات جديدة وتحت مسميات عديدة بين دول جمعت اعداء الامس ليصبحوا اصدقاء اليوم، هدفهم في كل التحالفات المعلنة هو تغيير خارطة منطقة الشرق الاوسط.
ومن اجل تسليط الضوء على جمع التناقضات والتحالفات الجديدة وتأثيراتها في منطقة الشرق الاوسط، عقد مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية حلقته النقاشية الشهرية تحت عنوان (الحروب في الشرق الاوسط لعبة التحالفات وجمع التناقضات)، على قاعة جمعية المودة والازدهار بحضور جمع من الباحثين الاكاديميين وناشطين حقوقيين.
حيث ادار الحلقة النقاشية مدير مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية الاستاذ عدنان الصالحي مرحبا بالضيوف الباحثين، بادئا حديثه بمقدمة عن الازمات التي تمر على منطقة الشرق الاوسط وكثرة التحالفات وسط الخلافات بين دول المنطقة، تاركا الوقت الى صاحب الورقة النقاشية الاستاذ في العلوم السياسية الدكتور ماجد الفتلاوي.
من جانبه أوضح الدكتور ماجد الفتلاوي خلال فتحه ملف الحروب في منطقة الشرق الاوسط ولعبة التحالفات الى ان الاحلاف احيانا يرتبطون بشكل عقائدي ويختلفون اجتماعيا او اقتصاديا او سياسيا وهو ما يجمع المتناقضات في اطار المصلحة.
مشيرا الى عدة تحالفات تشكلت في المنطقة جراء تعدي جارة على اخرى او على اساس طائفي او لدفع خطر كبير عن الدول الاوربية.
في الوقت نفسه كشف صاحب الورقة البحثية عن طبيعة التحالفات في المنطقة والتي تشكل اما صريحة وواضحة او تحمل خفايا قد تكون حاملة لهدف معين، اضافة الى تشكيل تحالفات على أنقاض اختلافات بين الدول المتحالفة.
بعد ذلك فتح مدير الجلسة النقاشية الباب امام الحاضرين ليشاركوا بمداخلاتهم وطرح اسئلتهم واشكالياتهم التي اجاب عنها بوضوح تام صاحب الورقة النقاشية.
المداخلات:
الشيخ مرتضى معاش، يرى ان الشرق الاوسط يشهد اليوم الكثير من التحالفات الدولية التي ترفع عدة شعارات، منها ضد الارهاب ومنها تحالفات اسلامية ومنها تحالف رباعي وغيرها من التحالفات التي تعبر عن نتيجة اساسية وهي وجود المتناقضات الكثيرة في المنطقة، والمشكلة الاساسية في هذه التناقضات هي اعادة العمل بالماضي وجعله من المستقبل.
هناك فكرة تقول على اعادة تشكيل المنطقة حسب ماهو مخطط له في اتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور واضافة بعض التعديلات عليه ليصاغ بصياغة الحاضر، من اجل ضمان الدول العالمية الكبرى حصتها من المنطقة.
وللتخلص من كل التناقضات التي تحصل في المنطقة لابد من امرين اما الذهاب الى مزيد من الاستنزاف والحرب الصفرية وهو امر يخافه الجميع، او الرضوخ الى التوافقات الشاملة وهو مايستحيل العمل به في الوقت الحاضر، لذا اعتقد ان العالم سيشهد انبثاق نظام عالمي جديد بقيادة روسيا وامريكا في مقابل اضمحلال الدول الاوربية.
الدكتور قحطان حسين الباحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية، يرى ان موضوع التحالفات وجمع التناقضات ينطوي على الكثير من الملاحظات، منها وصف مايجري على ارض الواقع، فأغلب التحالفات عند تشكيلها هو لدواع امنية بشكل اساس كالتحالفات التي جرت في الحرب العالمية، اما اليوم في العصر الراهن فأننا نلاحظ وجود تحالفات بنيت على اساس طائفي كتحالف السعودية وتشكيل عاصفة الحزم ضد اليمن وهذه التحالفات هي من اخطر التحالفات لأنها تنطلق وتؤسس بناءا على مشاعر دينية وعقائدية والاخيرة ليس من السهولة تفكيكها لأنها تكون في داخل كينونة الانسان.
ماتشهده المنطقة من حروب وازمات تؤشر على حالة غريبة وغير مسبوقة من الجمع بين المتناقضات والتفريق بين المتوافقات، كما هو الحال في تحالفات السعودية ومصر وتركيا والولايات المتحدة بشأن سوريا، فكل واحد منهم لديه رأي يختلف عن الآخر.
الاستاذ احمد المسعودي الباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية، يعتقد انه ينبغي التركيز على نقطتين اساسيتين، الاولى واقع منطقة الشرق الاوسط داخليا، والثانية ادوات التحريك الخارجية لهذه المنطقة، واذا لم يتم العمل وفق النقطتين اعلاه، ستظهر عناصر تحفيز التناقض والتنافر ممثلة بالطائفة والعرقية وغيرها، اضف الى ان الانظمة العربية تتحكم بها انظمة عالمية وهي تحاول وضع حلول لخلافاتها الدولية في منطقة الشرق الاوسط.
لا تزال الانظمة الاوربية وعلى رأسها بريطانيا تحرك وتثير التناقضات والازمات في منطقة الشرق الاوسط لأنها انظمة مستبدة تحاول العودة للعمل بالموروث التأريخي بفرض سيطرتها على دول المنطقة.
اعتقد ان المنطقة تسير نحو مشروع جديد وهو مشروع قيادة روسيا في المنطقة لأنها تبحث عن مصالح إستراتيجية دائما بعيدة المدى في منطقة البحر المتوسط، وامريكا في الوقت نفسه تبحث عن مشروع قيادي ريادي في منطقة الشرق الاوسط، والمشروعان يهدفان الى خلق التناقضات والازمات في المنطقة.
الدكتور بشير المقرم ناشط مدني ومدرب تنمية بشرية، طرح تساؤلا امام صاحب الورقة قائلا: ماهي اسباب الاضطرابات السياسية التي تعيشها المملكة السعودية في تشكيل التحالفات، واولها تحالف عاصفة الحزم ضد اليمن، والتحالف الاسلامي الجديد؟.
جاسم الشمري باحث قانوني في مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية، طرح عدة تساؤلات بغية الحصول على اجوبة واضحة وهي: هل التحالف الاسلامي الذي تقوده السعودية يعتبر بديلا عن التحالفات الموجودة مسبقا؟، وما هي الاسباب التي ادت الى تشكيل هذا التحالف الذي تقوده المملكة تحت مسمى الاسلام؟.
هذا وقد خرجت الحلقة النقاشية التي ادارها مدير مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية عدنان الصالحي بعدة توصيات ليتم وضعها امام الرأي العام والعمل وفقا لها.
يذكر ان مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية هو احد المراكز البحثية التي تقيم حلقات نقاشية ومطابخ الفكرية لانضاج الرؤى السياسية والواقع الفكري وايصالها الى اصحاب القرار السياسي والتي يمكنها ان تسهم في البناء الاستراتيجي للدولة والمجتمع.
اضف تعليق