على خلفية اعلان وزارة الداخلية السعودية بتنفيذها جريمة الاعدام بحق 47 شخصا صباح يوم السبت 2/1/2016 والذي كان بينهم الشيخ نمر النمر بعد محاكمتهم بتهمة اثارة الفتنة في البلاد، طرح مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية في ملتقى النبأ الاسبوعي، قضية الاعدامات المتكررة في السعودية وتعاملها الوحشي تجاه المواطنين وتداعيات اعدام الشيخ نمر باقر النمر، بمشاركة عدد من الأكاديميين الباحثين والناشطين الحقوقيين.
فقد اشار مدير مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية الباحث والكاتب السياسي عدنان الصالحي الى ان اعدام الشيخ النمر سيمثل انعطافة خطرة في المنطقة، حيث اطلقت رصاصة الرحمة على الداخل السعودي، كون المصالحة ستكون اشبه بالخيال في هذه الدولة، والمنطقة ستكون مثارة طائفيا تزداد حدتها بشكل كبير، موضحا ان الحديث عن مساحة من الحرية في هذه المملكة ومراعاة حقوق الانسان قد اصبح في خبر كان، أيضا فان اعدام الشيخ نمر النمر سيجعل من العربية السعودية عنوانا لتأجيج الكراهية في منطقة تشهد شحنا طائفيا كبيرا.
طارحا بعد ذلك عدة تساؤلات امام الحضور المشاركين كان منها:
السؤال الاول: لماذا جاء تنفيذ حكم الاعدام بحق الشيخ النمر في هذا التوقيت بالتحديد؟
اعتبر الشيخ مرتضى معاش، اقدام السلطات السعودية الحاكمة بإعدام الشيخ النمر كنوع من تصعيد الازمات التي تعيشها المنطقة، موضحا ان المنطقة واقعة في ايدي قادة لا تفقه التعامل مع مواطنيها، فبدل قيامهم بنشر الاسلام والمحبة والتعايش السلمي يقدمون على تأجيج الازمات، مؤكدا ان النظام السعودي هو مدعاة للفتن والحروب ومختلق للازمات وهذا الدور يشهد له التاريخ المعاصر في كثير من البلدان العربية.
واشار معاش ان السعودية متجهة نحو التصعيد بصورة عامة ولا تريد الدخول الى عالم الصفقات بسبب تولي جيل الصبيان من الاسرة الحاكمة مقاليد الحكم داخل المملكة، معتقدا وجود تداعيات وراء توقيت اعدام الشيخ النمر تؤدي الى خلق ازمات متعددة منها احراج ايران في الرد الحاسم، او استثارتها من اجل زجها في حروب جديدة في المنطقة، ومحاولة من الحكم السعودي لاعادة بناء الصفقات السياسية من جديد حسب شروطهم.
اشار مدير مركز الامام الشيرازي حيدر الجراح، الى ان مسألة التوقيت في هذه القضية هو غير مهم بقدر ضرورة الاهتمام بشخصية الحادث، مؤكدا ان الشيخ النمر كان محكوما عليه بالاعدام لأكثر من سنة ولم تكن هناك ردود افعال قوية وصريحة دولية للتخفيف من الحكم بحق المغدور، معتقدا ان التوقيتات غير مهمة بوجود ازمات محلية تتعامل معها دول اقليمية متأزمة.
بدوره اوضح الكاتب والباحث السياسي الدكتور لطيف القصاب، ان قضية الاعدام هي من الامور المتوقعة وخصوصا بعد تزامنها مع الاقتراب الشديد بين السعودية وتركيا، والرجل قد اعدم بحسب التوقيت القضائي للحكم، مشيرا الى ان هناك عدة رسائل تحملها قضية الاعدام منها رسائل موجهة الى الشيعة في السعودية بالتهديد الواضح والمعلن لهم وان كبيرهم قد اعدم فلا نخشى اعدام اي شخص في الوقت الذي تخوض فيه حربها مع اليمن، او رسائل موجهة الى المتشددين المتواجدين في السعودية وهي تعتبر بمثابة رسائل غزل وتقارب لهم لان هناك توافق فكري كبير بين الدواعش والسعوديين، معتقدا انه تم التشاور مع اطراف دولية متحالفة للخروج بقضية الاعدام وهذا ينبأ عن تشكيل تحالف جديد على الساحة بين السعودية وتركيا في مقابل التحالف الايراني الروسي.
من جهته قال مدير مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام علي الطالقاني، أن ما هو مطلوب اليوم اقناع القيادات الدينية، والمنظمات الحقوقية بأن حملة الاعدامات والانتهاكات ضد الشخصيات التي تنادي بالحريات انما هو أمر خطير ويجب الوقوف ضده لأن ما يقوم به النظام السعودي من خلط للأوراق فأنه لا يميز بين من هو ارهابي ومن هو غير ارهابي، لذلك نحن نرى ان موضوع اعدام الشيخ النمر إنما جاء بسبب الطائفية المقيتة التي ينتهجها النظام المتشدد في السعودية، وبسبب الخذلان له من قبل بعض القيادات في المجتمع. وبسبب الصراعات التي تدور في المنطقة.
من جانبه اوضح الاستاذ حمد جاسم الباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية، ان حكم الاعدام بحق الشيخ النمر صادر من المحاكم المختصة قبل اكثر من سنة ولم يبق سوى مصادقة الملك، ولكن تنفيذه في هذا الوقت المحرج لم يكن مناسبا اطلاقا، وجاء تنفيذه نتيجة صراع بين شخصين مهمين في المملكة وهم ولي العهد ووزير الداخلية محمد بن نايف وولي ولي العهد محمد بن سلمان ما سبب ضربة للحكم السعودي، او كان نتيجة الصراع الدائر بين السعودية وايران وارتفاع حدته من اجل اثارة الاخير على افشال المفاوضات المنادية بالسلام، مؤكدا ان السعودية دائما تحاول الاضرار بمصالح ايران من خلال تصفية الشخصيات المحسوبة على النظام الايراني.
بدروه قال مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات خلال مداخلته ان التوقيت في قضية الاعدام في السعودية لا ترتبط بالشيخ النمر، وانما تمس اي شخص يقف بوجه النظام السعودي مما تحاول ابعاده عن طريقها من وجهة نظرها، مشيرا الى ان السعودية تعاني من ازمتين، على المستوى الخارجي امام عدو ستراتيجي وهي ايران، وتعتبر نفسها المنافس القوي لإيران وتحاول اثارة الاخيرة لإستدراجها في حرب مباشرة معها في الخليج، في الوقت الذي كانت تشن حروبا غير مباشرة عبر حلفائها مع ايران، وعلى المستوى الداخلي تعاني من ازمة صراع بين افراد الاسرة الحاكمة، مؤكدا افتعال ازمات داخلية في الوقت الحالي هو لفرض حالة الطوارئ وتسهيل ضرب اي شخص سواء من الاسرة الحاكمة او غيرها كونها تعيش ازمة وحرب خارجية وداخلية.
كما اكد الدكتور احمد المسعودي الباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية، على ان اقدام السلطات السعودية بإعدام الشيخ النمر بسبب الحالة الهستيرية التي يعيشها النظام السعودي لاسيما بعد فشله في منطقة الشرق الاوسط وخصوصا في الحرب على سوريا وخسائره في حرب اليمن، موضحا اعدام الشخصيات الشيعية في السعودية ربما تكون بمثابة رسائل غزل للمتشددين الدواعش والوفاء لهم بعد تلقيهم تهديدات مباشرة من البغدادي بنقل الحروب على اراضيهم، وجاء الاعدام للحد من التطرف الوهابي ضدهم، معتقدا ان ماحدث في مصر بعد مقتل الشيخ حسن شحاته سيتكرر في السعودية بعد مقتل الشيخ النمر.
واشار الشاعر والاديب عادل الصويري، الى ان طريقة التعامل بهذه الوحشية والقساوة لا تخلو من طائفية مقيتة سواءا وفقا لتوقيتات معينة او بدونها، معتقدا ان المجتمع السعودي تحكمه الحالة المذهبية وهو بعيد جدا عن الاثارة والثورة والتنظيم لضربات تكون ردا على اعدام الشيخ النمر.
واوضح الكاتب الاعلامي كمال عبيد مدير التحرير في شبكة النبأ، ان توقيت الاعدام جاء وفقا لصفقات دولية ابرمت من اجل الحصول على مكاسب ومغانم على المستوى الدولي، وقد عملت السلطات السعودية في ترويج قضية الاعدام بعد اعتقاله مباشرة وحاولت ان تعكس الخطاب الاعلامي لصالحها بأنه من المروجين والمحرضين ضد النظام السعودي، ومن خلال هذا الترويج استطاعت كسب ود اغلب الدول الاقليمية من اجل السيطرة على الازمة ان خرجت عن دائرتها.
من جهته اعتقد التدريسي الدكتور قحطان الحسيني، لولا الاهتمام الدولي بالتحديد في قضية اعدام الشيخ النمر لكان اعدامه قبل هذا الوقت بكثير، لان السعودية ارادت استخدامه كورقة ضغط على جهات خارجية وخصوصا ايران، وايضا خوفهم من فقدان السيطرة وظهور اكثر من النمر في السعودية، موضحا ان هناك عدة رسائل منها لجم كل نفس معارض للعائلة الحاكمة في السعودية ولجم كل من يراهن حسب زعمها على عدم الاستقرار داخل ارض المملكة.
السؤال الثاني: هل هناك تداعيات وردود افعال مختلفة من قبل مؤيدي ومناصري الشيخ النمر؟.
يرى الشيخ مرتضى معاش، انه محليا انه ستندلع حربا داخلية حول السلطة في المملكة، اما اقليميا فسيكون الرد الايراني عن طريق اليمن او عن طريق سوريا، واما على الصعيد الدولي فسيكون هناك تذمر يؤدي الى ضغط كبير على السعودية بمطالبتها بسبب السياسات السعودية الهوجاء التي تهدد الامن العالمي.
واستبعد الدكتور لطيف القصاب العمل على الجانب العسكري، معتقدا تنشيط تفعيل النشاط المدني والحقوقي للوقوف مع الاقلية الشيعية بوجه السلطات السعودية من باب حقوق الانسان بعيدا عن المذهبية والعرقية.
وبين كمال عبيد، ان سيناريو الحرب على السعودية وتغيير النظام فيها وفقا للمتغيرات الحالية امر مستبعد للغاية، ولكن اذا استمرت السعودية في تخبطها ووحشيتها ربما تحدث عمليات امنية داخلية مما تزعزع امن المملكة، معتقدا ربما ستكون هناك مواجهة كبيرة بين ايران والسعودية في الجانب الاقتصادي.
واوضح الاستاذ حمد جاسم، ان مسألة الاعدامات في السعودية بدأت تزداد حدتها بعد الاثارة الطائفية عام 2011 واخرها كان الشيخ النمر باعتباره شخصية دينية موالية الى ايران، مؤكدا ان المنظومة الخليجية غير موحدة في قراراتها مع النظام السعودي.
واكد الدكتور قحطان الحسيني، على ان التحالف السعودي الغربي الاوربي يعيش اليوم في اسوء حالاته، بسبب الاعتقاد ان السعودية وراء كل ماجرى في اوربا من تفجيرات وزعزعة للأمن في البلدان الاوربية، مشيرا ان السعودية بدأت تستبعد عن اللعبة السياسية الدولية وخصوصا بعد فشلها في حرب سوريا وتراجعها امام اليمنيين، معتقدان ان اعدام الشيخ النمر لا يخلو من جنبه سياسية دولية وهي مدعاة للتحريض الطائفي وعدم الاستقرار الدولي.
اما الدكتور احمد المسعودي، ذهب برأيه الى ان شعوب دول الخليج تعيش اليوم تقدم في التيارات المدنية مما يولد ظهور تيارات جديدة تقف بالضد امام السلطات السعودية، مشيرا الى ان الازمات في المنطقة هي عبارة عن سكين خاصرة في جسد السعودية وليست رصاصة قاتلة لهم.
التوصيات
في ختام الجلسة الفكرية اتفق جميع الحاضرين على عدة توصيات كان منها:
1- يجب ان تكون ردود الافعال عقلانية وبعيدة عن العنف والسلاح لكسب الرأي العام.
2- الاعتصام بشكل مستمر امام السفارات السعودية في البلدان.
3- مطالبة دول العالم وبشكل رسمي بالرد الواضح على الانتهاكات لحقوق الانسان في السعودية وارسال الموفدين للدول المؤثرة في القرار العالمي والمؤثرة.
4- الضغط على الحكومات وأصحاب الاموال والشركات بالمقاطعة الاقتصادية للبضائع السعودية وبشكل جدي لا اعلامي.
5- التركيز على فتح قنوات مع الخطوط المعتدلة من المذاهب الاخرى وطلب موقف واضح منهم بهذا الخصوص.
6- مطالبة المنظمات الدولية بالتحرك الفوري لرصد انتهاكات حقوق الانسان والحرية المدنية في هذه المملكة.
7- تشكيل تحالف مع جهات متعددة وانشاء علاقات قوية مع جهات اخرى مثل التيارات المدنية لتشكيل راي عام ضاغط.
8- توحيد الخطاب امام السلطات السعودية.
9- الابتعاد عن الخطاب الطائفي والاستناد على الخطاب الحقوقي.
10- التحرك بشكل واضح من اجل تدويل القضية دوليا وتشكيل فرق قانونية من اجل هذا الهدف والدفع باتجاه تجريم الحكم السعودي على قضايا تأجيج الطائفية والكراهية ورعاية الارهاب والتشدد.
11- التحرك من قبل المؤسسات الشيعية الموجودة في العالم الغربي للقيام بنشاطات اعلامية ومظاهرات لكشف جرائم هذه الحكومة الحاضنة والداعمة والممولة للارهاب والكراهية والتشدد، واستخدام علاقاتهم مع المنظمات الدولية لتشكيل لوبي ضاغط على حكومات تلك الدول لموقف حاسم من حكومة العربية السعودية.
اضف تعليق