يعود ترامب إلى البيت الأبيض ستكون زاخرة بالمفاجآت ومتفلتة من القيود، واعدا بـعصر ذهبي جديد لبلاده وبملاحقة معارضيه وواقفا بالمرصاد لمن يسمّيه العدوّ الداخلي. الملياردير الأميركي نجح في تحقيق عودة ظافرة غير متوقعة إلى المعترك السياسي، فليس لأنّه بدّل أسلوبه بل بالعكس هو حافظ على أفكار بسيطة أعاد...
دخل الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب البيت الأبيض للمرة الثانية، الإثنين، بعد نهاية فترته الأولى عام 2021، وأُقيم حفل تنصيبه بين الكابيتول والبيت الأبيض بحضور مئات الشخصيات من حول العالم، حيث أدى ترامب القسم كرئيس لأمريكا.
وأشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال أول خطاب له عقب أداء اليمين الرئاسي، الاثنين، إلى محاولة الاغتيال الفاشلة والتحديات القانونية غير المسبوقة، منذ ترك منصبه، واستعرض عددا من الأوامر التنفيذية التي يعتزم التوقيع عليها.
وقال ترامب أمام حضور حفل التنصيب في قاعة الكابيتول: "على مدى السنوات الماضية، تعرضت للكثير من الاختبارات والتحديات أكثر من أي رئيس في تاريخنا الممتد على مدار 250 عامًا، وتعلمت الكثير على طول الطريق".
وأردف الرئيس الأمريكي قائلا: "إن رحلة استعادة جمهوريتنا لم تكن سهلة، هذا ما يمكنني قوله لكم. أولئك الذين يرغبون في إيقاف قضيتنا حاولوا أن يأخذوا حريتي، بل وأن يأخذوا حياتي. قبل بضعة أشهر فقط، في إحدى ساحات ولاية بنسلفانيا الجميلة، اخترقت رصاصة أذني. لكنني شعرت آنذاك، والآن بشكل أكبر، أن حياتي أُنقذت لسبب ما. لقد أنقذني الرب لأجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى".
ونجا ترامب من محاولة اغتيال في بتلر بولاية بنسلفانيا في يوليو/تموز من العام الماضي، قبل أيام قليلة من انعقاد المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في ميلووكي. وقال لمؤيديه بعد قبول ترشيح حزبه في الليلة الأخيرة من المؤتمر: "كان يمكن ألا أكون هنا الليلة... وأقول لكم إنني أقف أمامكم في هذه الساحة بفضل الرب".
وبعد لحظات من أدائه اليمين الدستورية باعتباره الرئيس السابع والأربعين للبلاد، قال ترامب إنه يأمل أن يتم تذكر انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني باعتبارها الانتخابات الأعظم والأكثر أهمية في تاريخ بلادنا.
وقدم الرئيس الأمريكي خططًا لتغيير اسم خليج المكسيك إلى خليج أمريكا، وإعادة تسمية جبل دينالي إلى "جبل ماكينلي".
كما صور الرئيس نفسه على أنه "صانع سلام وموحد للشعب"، حتى عندما تضمنت أجزاء من خطاب تنصيبه نبرة مثيرة للانقسام وقاتمة.
واستعرض ترامب عددا من الأوامر التنفيذية التي سيوقعها ومن ضمنها "فرض حالة الطوارئ على الحدود الجنوبية"، وأضاف قائلا: " سيتم على الفور إيقاف جميع عمليات الدخول غير القانوني وسنبدأ عملية إعادة الملايين والملايين من الأجانب المجرمين إلى الأماكن التي أتوا منها. سوف نعيد سياسة ابق في المكسيك".
وأكد ترامب أيضًا تفعيل قانون "الأعداء الأجانب" لعام 1798، وهو أمر قال إنه سيوقعه خلال هذه الحملة. ما سيسمح للحكومة الفيدرالية بتسريع عمليات ترحيل مواطني "الدول المعادية" في أوقات الحرب أو عندما يحاول العدو القيام بـ"غزو أو توغل" داخل الولايات المتحدة.
وناقش الرئيس الجديد الذي أدى اليمين الدستورية أيضًا خططه بشأن الاقتصاد والطاقة، قائلاً إنه سيعلن جزئيا "حالة طوارئ وطنية بشأن الطاقة" بشكل جزئي الاثنين، وهو أول يوم له في منصبه.
كما أوضح ترامب أنه يخطط لإنشاء "خدمة الإيرادات الخارجية" - وهو موضوع آخر أثاره خلال حملته الانتخابية - والتي من شأنها جمع الإيرادات من الرسوم الجمركية الشاملة التي وعد بفرضها.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني، وعد ترامب بزيادات هائلة في التعريفات الجمركية على البضائع القادمة من المكسيك وكندا والصين ابتداء من اليوم الأول لإدارته - وهي سياسة يمكن أن تزيد التكاليف بشكل حاد على الشركات والمستهلكين الأمريكيين.
وأعلن ترامب عزمه السيطرة على قناة بنما قائلا إن الصين تنشط في هذه القناة ومشتكيا من "المعاملة غير العادلة" للسفن الأمريكية التجارية والحربية، وقال عن ذلك: "نحن أعطينا القناة لبنما وليس للصين".
وانتقد ترامب، إدارة الرئيس السابق جو بايدن في خطاب تنصيبه - بينما كان بايدن يجلس على بعد خطوات- لفشلها في "إدارة أزمة بسيطة في الداخل".
وقال ترامب، في خطابه بعد أدائه اليمين: "لدينا الآن إدارة لا تستطيع إدارة أزمة بسيطة في الداخل بينما تتعثر في نفس الوقت في أحداث كارثية بالخارج".
كما تطرق الرئيس الجديد إلى قضية الهجرة، التي تعد محورا رئيسيا لإدارته الجديدة، قائلاً إن الإدارة "تفشل في حماية مواطنينا الرائعين الملتزمين بالقانون ولكنها أتاحت ملاذًا وحماية للمجرمين الخطرين".
وتابع: "لدينا إدارة قدمت تمويلًا غير محدود للدفاع عن الحدود الأجنبية لكنها ترفض الدفاع عن الحدود الأمريكية أو الأهم من ذلك، شعبها".
يعود إلى البيت الأبيض أقوى من ذي قبل
وبالرغم من البرد القارس وتدابير الأمن المشدّدة، بدأ أنصار ترامب يصطفون منذ الليل أمام قاعة من المرتقب أن يطلّ فيها الرئيس الأميركي بعد خطاب القسم.
وقالت ريتشل بيترز (28 عاما) “يسوع مخلّصي ودونالد ترامب رئيسي”.
ووعد دونالد ترامب بإصدار عدد غير مسبوق من المراسيم اعتبارا من الإثنين، ولا سيما لوقف ما يصفه بـ”غزو” المهاجرين غير القانونيين للبلاد.
ويعتزم ترامب الذي أطلق للتو عملة رقمية خاصة به ستضاعف ثروته الشخصية، التصدي لـ”جنون التحول الجنسي” والبرامج المدرسية للتوعية على العنصرية.
كما تعهد بالعفو عن المشاركين في الهجوم على الكابيتول الذين أدانهم القضاء، ورفع التدابير المتخذة لحماية البيئة من أجل تعزيز إنتاج النفط، وتشديد الرسوم الجمركية.
ومن ضمن برنامجه أيضا، يعتزم ترامب وضع حد للحرب في أوكرانيا و”الانتقام” من خصومه السياسيين و”ضبط” الصحافة، كما يعتزم تطبيق اقتطاعات حادة من الإنفاق العام، واختار مستشارا له في هذا المجال رجل الأعمال الملياردير إيلون ماسك الذي بات شخصية محورية في الإدارة الجديدة.
وأعلن ترامب الأحد لأنصاره خلال تجمع أخير في واشنطن “غدا الظهر، سيُسدل الستار على أربع سنوات طويلة من الانحطاط الأميركي”.
وفي ظلّ هذه التهديدات، أصدر جو بايدن قبل ساعات من انتهاء ولايته عفوا طال مجموعة من الشخصيات التي قد تتعرّض في رأيه “لملاحقات قضائية غير مبرّرة”، من بينها مارك ميلي الرئيس السابق لهيئة أركان الجيش الأميركي المعروف بانتقاده اللاذع لترامب وأنتوني فاوتشي المستشار الخاص السابق للبيت الأبيض لشؤون كوفيد-19، فضلا عن برلمانيين شاركوا في التحقيقات بشأن هجوم الكابيتول.
وبعد المراسم الدينية في الكنيسة القريبة من البيت الأبيض، استقبل بايدن وزوجته ترامب وزوجته لتناول الشاي، وفق التقاليد.
نظم بايدن الذي يختتم مسارا سياسيا استمر نصف قرن عملية انتقالية في غاية السلاسة، في حين لم يعترف ترامب بهزيمته أمامه قبل أربع سنوات وخرج من البيت الأبيض من غير أن يحضر حفل تنصيب خلفه.
وسيحضر مراسم التنصيب نائب الرئيس الصيني هان تشنغ وكبار أثرياء القطاع التكنولوجي، كما سيشارك فيها الرؤساء السابقون بيل كلينتون وجورج بوش وباراك أوباما إلى جانب قادة وشخصيات من أقصى اليمين.
أحيطت المراسم بتدابير أمنية استثنائية بعد تعرض ترامب لمحاولتي اغتيال هذا الصيف، فنصبت سواتر عالية على امتداد 48 كلم وتم نشر 25 ألف شرطي.
ويحظى ترامب بغالبية ضئيلة في الكونغرس، وبمحكمة عليا باتت يمينية بعد التعيينات التي أجراها في ولايته الأولى، ويسيطر بشكل تام على الحزب الجمهوري، واختار وزراءه ومستشاريه بناء على معيار جوهري هو ولاؤهم له.
لكنه إذ وصل إلى ذروة نفوذه، يفتتح أيضا مع ولايته الثانية بداية نهايته في السياسة، إذ يترتب عليه التسليم بأنه لن يكون بوسعه الترشح من جديد في ظل دستور يفرض سقف ولايتين رئاسيتين.
وقبل ساعات من انطلاق مراسم التنصيب، هنّأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الرئيس الأميركي المنتخب معربا عن “انفتاح على الحوار” بشأن أوكرانيا للتوصّل إلى “سلام دائم” بعد قرابة ثلاث سنوات من الاجتياح الروسي.
أما رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايروـ فهو حذّر من أن فرنسا والاتحاد الأوروبي قد “يُسحقان” بسبب السياسة المعلنة لدونالد ترامب، إذا لم يتحركا.
وبعد الصدمة التي أحدثها انتخابه لأول مرة في الولايات المتحدة والعالم، يعود ترامب في ولايته الثانية وسط ما يشبه الإذعان، بدون خروج تظاهرات حاشدة منددة به في الداخل، فيما تجهد الدول الحليفة باستثناءات نادرة لإبداء حسن نية تجاه رئيس يتكلم صراحة عن ضمّ كندا.
وتوقّعت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن يكون خطاب ترامب الإثنين أقلّ قتامة ويتعهد “بحقبة نجاح”.
ولاية ثانية جامحة ومتفلتة من القيود
ويعود ترامب إلى البيت الأبيض لولاية رئاسية ثانية لا شكّ في أنها ستكون زاخرة بالمفاجآت ومتفلتة من القيود، واعدا بـ”عصر ذهبي” جديد لبلاده وبملاحقة معارضيه وواقفا بالمرصاد لمن يسمّيه “العدوّ الداخلي”.
وذا كان الملياردير الأميركي نجح في تحقيق عودة ظافرة غير متوقعة إلى المعترك السياسي، فليس لأنّه بدّل أسلوبه بل بالعكس هو حافظ على أفكار بسيطة أعاد طرحها باستمرار من دون التقيّد بالأعراف السائدة.
ويقول ديفيد غرينبرغ الأستاذ المحاضر في تاريخ الصحافة في جامعة راتغرز “بقيت أطباع ترامب هي نفسها” كما في ولايته الأولى، واصفا الرئيس الأميركي المنتخب بأنه “متقلّب وعنيد وذو أسلوب عشوائي”.
ويؤكّد الأستاذ الجامعي “ما يمكننا توقّعه هو المزيد من الصعوبة في توقع ما سيحدث”.
ويعتبر بيتر لودج الأستاذ المحاضر في جامعة جورج واشنطن أنه “إذا ما أحببتم ترامب بولايته الأولى، فستحبونه بولايته الثانية”.
لكن خلافا لما كان عليه الحال خلال ولايته الرئاسية الأولى بين 2017 و2021، يبدو أن الضوابط باتت أكثر تفلّتا.
فالحزب الجمهوري يحظى بالغالبية في الكونغرس والإعلام يشهد أزمة اقتصادية وأزمة هويّة والشريحة المحافظة في البلد تعتنق أفكار الرئيس المنتخب.
ويلفت جون روغوفسكي إلى أن “ترامب أعاد هيكلة الحزب الجمهوري على صورته”.
وقد نجح قطب الأعمال بعد حوالى 10 سنوات من خوضه المعترك السياسي في حشد مؤيّدين يكنّون له الولاء وكمّ الأصوات المعارضة له في المعسكر المحافظ.
وخلال العام 2016، “لن تكون الخلافات الداخلية في الحزب عائقا”، بحسب جون روغوفسكي.
وهو تخلّص من صورة الزعيم المنبوذ، وبات مدراء شركات التكنولوجيا وزعماء أجانب يتقاطرون إلى دارته الفخمة في مارالاغو لخطب ودّه.
وجعل فوز ترامب في تشرين الثاني/نوفمبر مقارنة بخسارته في العام 2020، منه “شخصا أكثر قبولا في نظر مروحة سياسية أوسع”.
وفي ظلّ تراجع الثقة في مؤسسات الحكم، يخشى ديفيد غرينبرغ اختلال التوازن بين السلطات في السنوات الأربع المقبلة في سياق “حرب على البيروقراطية” توعّد بها ترامب وحلفاؤها من أمثال إيلون ماسك.
وحتّى قبل عودته إلى المكتب البيضوي، كشف الرئيس المنتخب عن ملامح سياسته.
فقد صرح أنه ينوي طرد أكثر من 10 ملايين مهاجر غير نظامي وتوسيع نطاق الرسوم الجمركية وضمّ قناة بنما وغرينلاند. وتطول لائحة التصريحات الصادمة يوما بعد يوم.
لكن ما من تأكيدات بعد على نيّته تطبيق هذا البرنامج بحذافيره.
غير أن ديفيد غرينبرغ يقول إنه لا بدّ من “أخذ ترامب على محمل الجدّ بدرجة كبيرة” حتّى لو كان “يصعب أحيانا التمييز بين ما ينبغي التعامل معه بجدّية وما لا يستدعي ذلك”.
ولا شكّ في أن بعض التصريحات هي “مجرّد استفزاز كلامي”، لكن أخرى هي “مؤشّرات فعلية إلى خواطر سياسية”.
وبالإضافة إلى هذه التصريحات الطنّانة في مجال السياسة العامة، يركّز ترامب على مسألة شخصية أكثر، تقضي بالانتقام من خصومه.
وقد ندّد الملياردير الجمهوري ببعض المعارضين، معتبرا أنه “ينبغي زجّهم في السجن”. واستنكر “عدوّا داخليا” لم يحدّد معالمه بوضوح ينبغي للجيش أن يتولّى أمره. كذلك، هدّد بملاحقة صحافيين ووسائل إعلام أمام القضاء.
فالرئيس السابق لم يتقبّل يوما هزيمته في انتخابات 2020 وما انفكّ يردّد بلا أيّ أساس أن ذاك الاستحقاق سُرق منه.
والثلاثاء الماضي، صدر تقرير عن المدعي الخاص جاك سميث جاء فيه أن ترامب كان ليدان على خلفية سعيه المفترض لتغيير نتيجة انتخابات العام 2020، لو أنه لم يُنتخب رئيسا العام الماضي.
وقد أثار التقرير سخط ترامب الذي نعت المدّعي الخاص بأنه “مختل عقليا”.
ولوحق الملياردير الجمهوري في أربع قضايا في المجموع أمام القضاء الجنائي وأدين في واحدة منها ويشتبه في أنه بات يسعى إلى استغلال القضاء لمصالحه الخاصة.
ويؤكد جون روغوفسكي “لن يفاجئني تكليف بعض الأعضاء في إدارته الكشف عن الأعداء”،لكنه لا يرى أن هذه القضية ستعطى الأولوية المطلقة.
لكن حتّى الساعة لم تتضّح بعد ملامح الولاية الثانية لدونالد ترامب.
ويشير بيتر لودج “ما زلنا في المرحلة التي تسبق انطلاق الموسم. وعندما ينطلق الموسم فعلا، ستتبدّل قواعد اللعبة”.
والأمر الوحيد الأكيد هو أن دونالد ترامب سيكون في الثامنة والسبعين من العمر الرئيس الأكبر سنّا الذي يؤدّي اليمين، متقدّما على جو بايدن ببضعة أشهر.
وبموجب الدستور، ينبغي أن تكون هذه الولاية الثانية الأخيرة للرئيس للجمهوري، إلا في حال حدوث مفاجئة مدويّة. وينبغي للمعسكر الجمهوري أن يجد خلفا له، وهي ليست بالمهمّة اليسيرة.
سأتصرف بسرعة وقوة غير مسبوقتين
وعد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الأحد خلال تجمع جماهيري أخير عشية أدائه اليمين الدستورية، بالتحرك “بسرعة وقوة غير مسبوقة” لـ”وقف الغزو عند حدود الولايات المتحدة” وتعزيز إنتاج النفط وقطع الطريق على “أيديولوجيات اليسار الراديكالي”.
وقال الرئيس الجمهوري المنتخب أمام آلاف من مؤيديه الذين تجمعوا في قاعة للرياضة والحفلات “لقد انتصرنا!”، مضيفا “نحن نحب الانتصار، أليس كذلك؟”.
وقبل أن يتسلم منصبه الاثنين، أراد قطب العقارات ورجل الأعمال السابق الذي يمنعه الدستور من الترشح لإعادة انتخابه بعد أكثر من ولايتين له في منصبه، أن يستمتع للمرة الأخيرة بالأجواء المفعمة بالحماس لحملته المنتصرة.
ووعد الملياردير البالغ 78 عاما بموجة من المراسيم في أول يوم له في منصبه، مع التركيز خصوصا على مكافحة الهجرة غير النظامية، وهو أحد المحاور الرئيسية لحملته الانتخابية.
من جهته، حذّر البابا فرنسيس الأحد من أنّ عمليات الترحيل الواسعة النطاق التي توعّد بها ترامب المهاجرين غير النظاميين ستكون “كارثية”.
وفقا لصحيفة وول ستريت جورنال، سيعلن ترامب الاثنين حال الطوارئ على الحدود مع المكسيك. ويُتوقع أيضا أن يلغي بعض البرامج الهادفة إلى تعزيز التنوع في الإدارة الفدرالية، ويرفع القيود المفروضة على إنتاج النفط.
وثمة إجراء آخر متوقع هو العفو عن أشخاص دينوا باقتحام مبنى الكابيتول في 6 كانون الثاني/يناير 2021 في محاولة لمنع التصديق على انتخاب جو بايدن. وفي خطاب مطول، أكد ترامب لأنصاره أنهم سيكونون “سعداء جدا” بالقرار الذي سيتخذه في هذا الشأن الاثنين.
ووسط التصفيق، شدّد ترامب الأحد أيضا على ضرورة “إنقاذ تيك توك”، بعد ساعات قليلة على وعده بأن يُعلِّق تطبيق قانونٍ يُحظّر هذه المنصّة التي تعذّر الوصول إليها موقتا لساعات عدة خلال عطلة نهاية الأسبوع. وقال ترامب “صراحة، ليس لدينا خيار سوى إنقاذه”.
من جهته، وعد إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم وحليف ترامب، الأحد بجعل الولايات المتحدة “قوية لقرون”.
وقال ماسك على المنصة إلى جانب ترامب “هذا الانتصار هو حقا البداية. ما يهم هو إحداث تغييرات كبيرة (…) وإرساء أسس لتكون أميركا قوية لقرن من الزمن، لقرون وإلى الأبد”.
وكان ترامب وصل إلى واشنطن السبت عشية تنصيبه الاثنين، برفقة زوجته ميلانيا وأفراد آخرين من عائلته.
وقال ترامب الذي سيصبح الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة إن لا عدد دقيقا في ذهنه، لكنه يتوقع أن يوقع عددا “قياسيا” من المراسيم اعتبارا من بعد ظهر الاثنين.
وعندما سألته صحافية في شبكة إن بي سي نيوز “أكثر من مئة؟”، أجاب الرئيس الجمهوري: “في هذه الحدود على الأقل”. وكان تعهد خلال حملته الانتخابية ومنذ انتخابه التراجع عن سياسات إدارة جو بايدن.
وسبق أن قال ترامب في أحد تجمعاته الانتخابية “بمجرد أن أقسم اليمين سأطلق أكبر برنامج ترحيل في تاريخ أميركا”.
وأكد السبت أن طرد المهاجرين غير النظاميين – الذين يبلغ عددهم نحو 11 مليون شخص في الولايات المتحدة – “سيبدأ سريعا جدا”.
وأضاف “لا أستطيع أن أقول في أي مدن، لأن الأمور تتغير”، وذلك بعد أن تحدث مسؤول في إدارته المقبلة عن مدينة شيكاغو ذات الغالبية الديموقراطية.
ووضع ترامب إكليلا من الزهور في مقبرة أرلينغتون الوطنية الأحد قبل حضوره تجمع مؤيديه في واشنطن.
وخرج آلاف المتظاهرين في شوارع واشنطن السبت احتجاجا على سياسات ترامب.
وحتى قبل أن يتسلم مهمات منصبه الاثنين، تثير عودة ترامب ضجة عالمية. فقد أشاد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الذي أصبح هدفا مفضلا لهجمات إيلون ماسك، الأحد بـ”الأسس الثابتة” للتحالف “التاريخي” بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
وفي كندا، قالت نائبة رئيس الوزراء السابقة كريستيا فريلاند التي تخوض حملة انتخابية لتولي رئاسة الحكومة، إنها مستعدة للرد “دولار مقابل دولار” على تهديدات الرئيس المنتخب.
الى ذلك أعرب السفير الألماني لدى الولايات المتحدة الذي سيمثل بلاده في حفل تنصيب ترامب، عن قلقه من “الخطط الانتقامية” للرئيس المنتخب، ورأى أن برنامجه قد يقوض الديموقراطية في أميركا، وذلك في وثيقة سرية نشرتها الأحد صحيفة “بيلد”.
وَرَدت تصريحات أندرياس ميكايليس في برقية دبلوماسية أرسلت الثلاثاء إلى وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، دان فيها “استراتيجية التعطيل القصوى” التي يتبعها الرئيس الأميركي الجديد “لإعادة ترسيم النظام الدستوري” لبلاده بحسب الصحيفة.
ويأتي تسريب هذه البرقية الدبلوماسية في توقيت غير مؤات بالنسبة لبرلين، خصوصا أن هذا السفير البالغ 65 عاما سيمثل الحكومة الألمانية الاثنين خلال حفل تنصيب الرئيس الأميركي الجديد.
وعود ترامب الانتخابية الكبرى
في ما يلي لمحة عن وعوده الصادمة والغامضة في كثير من الأحيان لولايته الثانية. ومن المرجح أن يتم الايفاء بكثير منها عبر إصدار أوامر تنفيذية.
– الهجرة
وعد ترامب باتخاذ موقف صارم ضد ما يقدر بنحو 11 مليون مهاجر غير شرعي في الولايات المتحدة.
وقال الملياردير الجمهوري خلال حملته الانتخابية “عندما يعاد انتخابي، سنبدأ… أكبر عملية ترحيل في تاريخ أميركا”.
كما تعهد إنهاء حق المواطنة بالولادة، ووصفه بأنه “سخيف”.
لتحقيق هذه الأهداف، يدرس ترامب إعلان حالة الطوارئ الوطنية، ما من شأنه أن يسمح له بتسخير موارد البنتاغون.
ويتوقع المحللون أيضا أن يصدر أوامر تنفيذية بالنسبة الى جوانب أخرى من سياسة الهجرة، بما في ذلك إمكان إنهاء تطبيق يستخدمه المهاجرون الذين يأملون في تقديم التماسات للحصول على اللجوء.
ومع ذلك، فإن حق المواطنة بالولادة مضمون بموجب الدستور الأميركي، وسوف يواجه أي برنامج ترحيل تحديات قانونية فضلا عن الرفض المحتمل من جانب بعض البلدان لقبول المرحلين.
– حروب تجارية
تعهد ترامب فرض تعريفات جمركية بنسبة 25 في المئة على السلع المستوردة من المكسيك وكندا – أكبر شريكين تجاريين للولايات المتحدة – كعقاب على ما يعتبر انه فشل البلدين في وقف تدفق المخدرات والمهاجرين غير المسجلين إلى الولايات المتحدة.
لكن هل ترامب مستعد حقا لإطلاق العنان لحرب تجارية مع جارتي الولايات المتحدة، وتمزيق اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية؟
يرى البعض ذلك مع اقتراح أكثر استفزازا أن يتم ضم كندا الى الولايات المتحدة، في ما يشكل تهديدا مسبقا للمفاوضات.
كما على الصين أيضا أن تستعد.
فقد هدد ترامب بفرض تعريفات جمركية بنسبة 10 في المئة على المنتجات الصينية، إضافة الى التعريفات الجمركية الحالية التي تعود إلى ولايته الأولى.
ويتهم ترامب الصين بالسماح بالمكونات الكيميائية المستخدمة في صنع الفنتانيل بدخول الولايات المتحدة.
– عفو عن المشاركين في اقتحام الكابيتول
أشار الرئيس المنتخب إلى أنه قد يعفو عن بعض أو كل الأشخاص المتورطين في أعمال الشغب التي وقعت في السادس من كانون الثاني/يناير 2021 في مبنى الكابيتول، عندما حاول أنصاره الإطاحة بنتائج انتخابات 2020 التي خسرها أمام الديموقراطي جو بايدن.
وصف ترامب هؤلاء بأنهم “رهائن” و”سجناء سياسيون” وقال إنه سيصدر “عفوا كبيرا” عنهم، ولكن لا يزال من غير الواضح كيف سيميز الحالات التي مورس فيها العنف ضد ضباط الشرطة.
تم توجيه اتهامات إلى أكثر من 1500 شخص بارتكاب جرائم فدرالية في الهجوم الدامي، وحُكم على أكثر من 1100 منهم.
– الشرق الأوسط وأوكرانيا
حذر ترامب من أن “جحيما سوف يندلع في الشرق الأوسط” إذا لم تطلق حركة حماس سراح الرهائن الإسرائيليين لديها قبل تنصيبه.
وسرعان ما نسب لنفسه الفضل عندما تم الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن والذي تفاوضت عليه إدارة بايدن.
ويقول ترامب أيضا إنه ينوي إنهاء حرب روسيا على أوكرانيا بسرعة، رغم أنه من غير الواضح متى أو كيف يخطط للقيام بذلك.
وبعد أن وعد خلال الصيف بإنهاء الصراع المستمر منذ نحو ثلاث سنوات “في 24 ساعة”، اقترح ترامب مؤخرا جدولا زمنيا يمتد عدة أشهر.
– المناخ
وعد ترامب المتشكك في المناخ “بالحفر، يا عزيزي، الحفر” للتنقيب عن النفط والغاز.
يخطط الرئيس المنتخب لإلغاء بعض سياسات المناخ الرئيسية التي تبنتها ادارة بايدن، مثل الإعفاءات الضريبية للسيارات الكهربائية والتي تهدف إلى تشجيع الانتقال إلى اقتصاد أخضر.
يريد ترامب أيضا تعزيز الحفر البحري، على الرغم من أنه قد يحتاج إلى تأمين دعم الكونغرس للقيام بذلك.
وكانت ادارة بايدن اختارت مساحات من المحيط كمناطق محمية لا يجوز الحفر فيها.
– حقوق المتحولين جنسيا والعرق
قال ترامب في كانون الأول/ديسمبر “بجرة قلمي في اليوم الأول، سنوقف جنون المتحولين جنسيا”، متعهدا “إنهاء تشويه الأطفال جنسيا، وإخراج المتحولين جنسيا من الجيش ومن مدارسنا الابتدائية والمتوسطة والثانوية”.
وأعلن أن حكومة الولايات المتحدة ستعترف بجنسين فقط، الذكر والأنثى.
ومن بين خططه أيضا خفض التمويل الفدرالي للمدارس التي تبنت “نظرية العرق النقدية”، وهو نهج ينظر إلى تاريخ الولايات المتحدة من زاوية عنصرية.
– إنقاذ تيك توك
تعهّد ترامب إنقاذ تطبيق مشاركة التسجيلات المصورة الصيني واسع الانتشار تيك توك من قانون يحظره لمبررات تتعلق بالأمن القومي.
أُغلق تيك توك لمدة وجيزة في الولايات المتحدة مع اقتراب المهلة النهائية لمجموعة “بايت دانس” الصينية المالكة له لبيع فرعه في الولايات المتحدة إلى جهات غير صينية.
لكن أعيد تشغيله بعدما تعهّد ترامب الذي يُرجع الفضل إلى التطبيق في إيصال صوته للناخبين الشباب، بإصدار أمر تنفيذي يؤجل الحظر لإفساح المجال “لإبرام اتفاق”.
وأفاد بأنه يرغب بأن تملك “الولايات المتحدة حصة نسبتها 50 في المئة من الملكية ضمن مشروع مشترك”.
اضف تعليق