الأطراف المهمة والمؤثرة في المنطقة اعتبرت على نطاق واسع أن هذا الإنجاز الدبلوماسي هو نتيجة لتحذيرات ترامب من أن أبواب الجحيم ستنفتح على مصراعيها إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن بحلول وقت تنصيبه، وهو التهديد الذي شبهه مصدر مقرب من محادثات غزة بأنه يشبه تأثير السيف المصلت بالنسبة للمفاوضين...
وصف جيك سوليفان مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي جو بايدن الشرق الأوسط في أواخر سبتمبر أيلول 2023 بأنه “أكثر هدوءا” مما كان عليه قبل عقدين من الزمان.
لكن هذا التقييم لم يصمد أمام الزمن.
فبعد ثمانية أيام فقط، شنت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) هجوما مفاجئا من غزة على إسرائيل، مما أدى إلى اندلاع حرب دمرت القطاع الفلسطيني ونشرت الاضطرابات في شتى أنحاء المنطقة. واندلعت سلسلة من الأزمات التي تلقي بظلالها على إرث بايدن في السياسة الخارجية في الوقت الذي يستعد فيه لمغادرة البيت الأبيض في 20 يناير كانون الثاني.
وبالرغم من الدور الرئيسي الذي لعبه مساعدو بايدن في التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة لإطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حماس، والذي أُعلن عنه يوم الأربعاء، يقول المحللون إن من المرجح ألا يبقى سجل بايدن في الشرق الأوسط مرتبطا في الأذهان بانتهاء الصراعات في عهده، بل سيظل مرتبطا بشكل أساسي بتطور هذه الصراعات وعدم قدرته على احتوائها.
ويعني هذا أيضا أنه ستكون هناك الكثير من الأمور والملفات التي سيتم تسليمها، غير مكتملة، للرئيس المنتخب دونالد ترامب وإدارته القادمة.
الأمر المرجح هو أن سجل بايدن على المسرح العالمي سيرسم معالمه إلى حد كبير طريقة تعامله مع الحرب التي استمرت 15 شهرا في غزة، وهو جزء مما يصفه ترامب وزملاؤه الجمهوريون بأنه “عالم مشتعل” في ولاية الرئيس الديمقراطي. ويتهم ترامب وزملاؤه بايدن بضعف العزيمة الذي شجع الأعداء على إثارة الفوضى في أنحاء المنطقة.
ويزعم حلفاء بايدن أنه وجد نفسه في مواجهة مجموعة من التحديات في الشرق الأوسط التي لم يصنعها بنفسه وأنه تعامل معها بمهارة، مما أدى إلى إضعاف إيران وحلفائها الإقليميين بينما عمل على الحد من الخسائر المدنية في غزة ولبنان.
لكن دعم بايدن الشديد لإسرائيل في الرد الذي دمر حماس لكنه قتل أيضا عشرات الآلاف من المدنيين في غزة كان له ثمن باهظ وتبعات جسيمة على مصداقية الولايات المتحدة على المستوى العالمي. كما أدى إلى انقسام حزبه الديمقراطي، وهو أحد العوامل العديدة التي تسببت في هزيمة نائبة الرئيس كامالا هاريس أمام ترامب في انتخابات نوفمبر تشرين الثاني.
قال آرون ديفيد ميلر، وهو مستشار سابق في شؤون الشرق الأوسط لإدارات ديمقراطية وجمهورية “الجانب الإيجابي هو أن بايدن جاء للدفاع عن إسرائيل كحليف موثوق به. الجانب السلبي هو أنه لم يحقق نجاحا كبيرا في كبح (رئيس الوزراء بنيامين) نتنياهو في غزة، وقد ألحق ذلك ضررا خطيرا بسمعة الولايات المتحدة”.
وخطة وقف إطلاق النار في غزة، التي تم التوصل إليها في الأيام الأخيرة من ولاية بايدن بعد أشهر من المفاوضات المتقطعة، تستند إلى مقترحات أعلن عنها في منتصف عام 2024 واستلزمت إصرارا ومثابرة إلى جانب الوسطاء القطريين والمصريين حتى الوصول أخيرا إلى الاتفاق.
لكن الأطراف المهمة والمؤثرة في المنطقة اعتبرت على نطاق واسع أن هذا الإنجاز الدبلوماسي الذي تم التوصل إليه في الدوحة هو نتيجة لتحذيرات ترامب من أن “أبواب الجحيم ستنفتح على مصراعيها” إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن بحلول وقت تنصيبه يوم الاثنين، وهو التهديد الذي شبهه مصدر في الشرق الأوسط مقرب من محادثات غزة بأنه يشبه تأثير “السيف” المصلت بالنسبة للمفاوضين.
وأرسل ترامب مبعوثه القادم إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف للتعاون مع كبير مفاوضي بايدن بريت ماكجورك، وقال مسؤول إسرائيلي إن وجود ويتكوف أضاف زخما للمحادثات.
وقال مسؤول مطلع “تمكن ويتكوف من الضغط على نتنياهو لقبول الاتفاق والتحرك بسرعة”، في إشارة إلى اجتماع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي أقام علاقة وثيقة مع ترامب خلال فترة ولايته الأولى.
وقال مسؤول حكومي إسرائيلي لرويترز إن حكومة نتنياهو ستصوت على الاتفاق يوم الخميس، ومن المتوقع أن يوافق عليه معظم الوزراء.
ورغم أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن طرح يوم الثلاثاء اقتراحا بشأن غزة بعد الحرب، فسوف يكون الأمر متروكا لإدارة ترامب لضمان التنفيذ الكامل لخطة وقف إطلاق النار وتحديد حجم الدور الذي ستلعبه في “اليوم التالي” بعد انتهاء الحرب.
بايدن بين الإشادة والنقد
في عامه الأخير في منصبه، يُنسب إلى بايدن الفضل في تشكيل تحالف دولي ساعد في حماية إسرائيل من الهجمات الصاروخية الإيرانية والموافقة على الضربات المضادة الإسرائيلية على الدفاعات الجوية لطهران، لكنه حذر أيضا من ضرب المواقع النووية والنفطية الإيرانية.
وعلى الرغم من دعوات الولايات المتحدة لضبط النفس في لبنان، وجهت إسرائيل في العام الماضي ضربة تلو الأخرى لمقاتلي حزب الله، غالبا بدون إخطار مسبق لواشنطن. واعتُبر ذلك الدافع الرئيسي وراء موافقة الجماعة المدعومة من إيران على وقف إطلاق النار الذي أيدته الولايات المتحدة في نوفمبر تشرين الثاني.
بعد ذلك، فوجئت إدارة بايدن بهجوم خاطف شنته المعارضة السورية وأطاح بحكم بشار الأسد، وهو حليف رئيسي آخر لإيران، في أوائل ديسمبر كانون الأول. ومنذ ذلك الحين، تسعى واشنطن جاهدة لإقناع الحكام الإسلاميين الجدد بتشكيل حكومة شاملة، ومنع عودة تنظيم الدولة الإسلامية، وهي من المهام التي سيرثها ترامب الآن.
قال إليوت أبرامز، الذي كان مبعوث ترامب الخاص بشأن إيران خلال فترة ولايته الأولى “أعظم إنجاز لبايدن هو أنه لم يقف في طريق إسرائيل، لكنه كان ينصح باستمرار ’لا تفعلوا هذا، ولا تفعلوا ذاك’” مضيفا أنه يعطي لسجل بايدن في الشرق الأوسط تقييم “متوسط”.
ومضى قائلا “لا أعتقد أنه يستحق الكثير من الإشادة في لبنان أو سوريا”.
ودافع بايدن في خطاب الوداع حول السياسة الخارجية، والذي أدلى به في مقر وزارة الخارجية يوم الاثنين، عن نهجه وأصر على أن الولايات المتحدة ساهمت بشكل كبير في أن تصبح إيران الآن “أضعف مما كانت عليه منذ عقود”.
كما أشاد به بعض الخبراء لمساعدته في تجنب حرب إقليمية شاملة.
لكن بايدن مع ذلك يترك لترامب ما يراه معظم المحللين أكبر تحد له في الشرق الأوسط وهو البرنامج النووي الإيراني الذي تقدم على مدى السنوات الأربع الماضية ويمكن الإسراع فيه باتجاه تطوير سلاح نووي إذا اتُّخذ القرار بذلك.
كان قرار ترامب التخلي عن الاتفاق النووي بين القوى العالمية وإيران في عام 2018 هو، حسبما يقول منتقدون، ما فتح الطريق أمام تحركات طهران النووية. واعتبر بلينكن يوم الثلاثاء أن ردع طهران عن الحصول على قنبلة نووية كان أحد نجاحات بايدن.
وبمجرد عودته إلى منصبه، سيتعين على ترامب أن يقرر ما إذا كان سيسعى إلى اتفاق نووي جديد مع إيران أو سيمنح نتنياهو الضوء الأخضر لضرب المنشآت النووية الإيرانية.
قال جوناثان بانيكوف النائب السابق للمسؤول المعني بشؤون الشرق الأوسط في المخابرات الوطنية الأمريكية “القرار بشأن كيفية التعامل مع إيران في نهاية المطاف سيكون محركا للكثير من عمليات صنع القرار التي يتخذها ترامب فيما يتعلق بالمنطقة ككل”.
وسيتعين على ترامب أيضا الرد على جماعة أخرى متحالفة مع إيران، وهم الحوثيون في اليمن، الذين أطلقوا لأكثر من عام صواريخ على سفن الشحن في البحر الأحمر وعلى إسرائيل. وفشل العمل العسكري الذي أمر به بايدن وتم بالتنسيق مع حلفاء الولايات المتحدة في إنهاء التهديد الحوثي.
وفي حين أقر بأن الشرق الأوسط لا يزال “مليئا بالمخاطر”، استشهد بلينكن في خطابه السياسي الأخير بإنجازات قال إن من بينها مساعدة الأمم المتحدة في التوسط لوقف إطلاق النار في الحرب الأهلية في اليمن، وتعزيز التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية وتعزيز التكامل الإقليمي.
تعثر جهود التطبيع بين السعودية وإسرائيل
سخر منتقدو بايدن على نطاق واسع من سوليفان بعد هجوم حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 بسبب تعليقاته قبل الهجوم بما يزيد قليلا عن أسبوع بأن الشرق الأوسط أصبح “أكثر هدوءا اليوم مما كان عليه قبل عقدين من الزمان” حتى رغم اعترافه باستمرار التحديات.
وعلى الرغم من أن سوليفان دافع لاحقا عن تصريحاته، قائلا لشبكة إن.بي.سي نيوز إنها كانت في سياق التطورات الإقليمية في السنوات القليلة الماضية وإن الإدارة لم تكن في غفلة من أمرها، إلا أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ عقود قلب جدول أعمال بايدن العالمي.
وبعد وقت قصير من الهجوم الذي شنه مسلحو حماس الذين قتلوا 1200 شخص في إسرائيل وأسروا أكثر من 250 رهينة، وفقا لإحصاءات إسرائيلية، أصبح بايدن الذي يصف نفسه بأنه “صهيوني” أول رئيس أمريكي يزور إسرائيل في وقت الحرب.
ثم واصل تدفق الأسلحة بثبات إلى إسرائيل لدعم جهودها المعلنة لتدمير حماس المدعومة من إيران، على الرغم من الرفض المتكرر من جانب نتنياهو للمطالب الأمريكية بالحد من الخسائر في صفوف المدنيين وتخفيف الأزمة الإنسانية في غزة.
وأدى رفض بايدن لاستخدام نفوذ الولايات المتحدة، كمورد رئيسي للأسلحة لإسرائيل، إلى نفور العديد من الناخبين العرب الأمريكيين وتسبب في صدمات على صعيد السلك الدبلوماسي.
قال مايك كيسي، المسؤول السابق في وزارة الخارجية والذي كان من بين الذين استقالوا احتجاجا، “ستكون غزة هي الإرث.. سيجدون جثثا بين الأنقاض. سيظل الناس يموتون بسبب المرض… سينسب ذلك دائما إليه”.
ولم يرد البيت الأبيض على طلب للرد على انتقادات لسياسته تجاه غزة.
وفي الوقت نفسه، عرقلت حرب غزة جهود بايدن للتوسط في تطبيع تاريخي بين إسرائيل والسعودية مع تقديم ضمانات أمنية أمريكية للمملكة.
وتنتظر بعض الحكومات العربية الآن لمعرفة ما إذا كان ترامب، الذي رتب في ولايته الأولى علاقات دبلوماسية بين إسرائيل وعدد من الدول العربية بموجب اتفاقيات إبراهيم، سيعيد إحياء جهود التطبيع ويتخذ موقفا أكثر صرامة ضد إيران.
وداخل معسكر ترامب، هناك شعور بأن الاتفاق الإسرائيلي السعودي لا يزال ممكنا، وفقا لمصدر مطلع على الأمر.
لكن بالرغم من أن بعض الحلفاء العرب كانت لديهم علاقات باردة نسبيا مع بايدن، إلا أنهم ما زالوا يتوخون الحذر إزاء ترامب، نظرا لأنه لم يبد رغبة في الماضي في الضغط على نتنياهو للموافقة على مسار باتجاه إقامة دولة فلسطينية، وهو ما يمثل منذ فترة طويلة شرطا سعوديا للتطبيع مع إسرائيل.
وقال أحد الدبلوماسيين من الشرق الأوسط في واشنطن “لم يُنظر إلى بايدن على أنه أفضل صديق للعالم العربي.. ولكننا ما زلنا لا نعرف أيضا بالضبط ماذا نتوقع من ترامب” في ولايته الثانية.
انتصار بطعم المرارة
يمثل اتفاق الهدنة في قطاع غزة انتصارا بطعم المرارة للرئيس الأميركي جو بايدن قبل أيام من انتهاء ولايته وتنصيب خصمه دونالد ترامب الذي سارع إلى نسب الفضل في هذا الإنجاز لنفسه، بحسب محللين.
وأوضح الرئيس الديموقراطي المنتهية ولايته أنه عمل “كفريق” مع ترامب الذي سيصبح الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة الاثنين، فيما “شكر” رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ترامب وبايدن لمساهمتهما في الجهود من اجل “إطلاق سراح الرهائن” المحتجزين لدى حماس.
ويعتمد الاتفاق بين إسرائيل وحركة حماس الإسلامية الفلسطينية، والذي من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ الأحد عشية تنصيب دونالد ترامب، المبادئ والأفكار التي طرحها جو بايدن نهاية أيار/مايو والتي تطلب التوافق عليها ثمانية أشهر من الجهود الدبلوماسية.
ويعيد هذا الانجاز التاريخي الذي أعلنته قطر والولايات المتحدة إلى الأذهان الأزمة بين طهران وواشنطن قبل 45 عاما حين تم إطلاق سراح الرهائن الذين احتجزتهم إيران في السفارة الأميركية لمدة 444 يوما في 20 كانون الثاني/يناير 1981، وبعد حوالى عشر دقائق تم تنصيب الجمهوري رونالد ريغان الذي انتصر على الديموقراطي جيمي كارتر آنذاك.
هذه المرة، عملت إدارة بايدن وفريق ترامب يدا بيد.
وتجلى ذلك خصوصا في لقاء الاثنين جمع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ووفدا من حماس ومبعوث الشرق الأوسط للرئيس الأميركي المنتهية ولايته بريت ماكغورك وخلفه ستيف ويتكوف.
حتى أن ويتكوف قطع على نتانياهو عطلة السبت اليهودي للاسراع في بلوغ الاتفاق.
وسارع دونالد ترامب بالتفاخر على الفور بأن “لدينا اتفاق رهائن”، وأنه “لم يكن ليرى النور لولا فوزنا التاريخي في تشرين الثاني/نوفمبر”.
وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير من جانبها بأن “الرئيس (بايدن) فعل ما يجب القيام به”.
وفي وزارة الخارجية، أقرّ المتحدث ماثيو ميلر بأن دونالد ترامب أظهر “استمرارية” في السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط، لكنه أكد في المقابل أنه لم يمارس ضغوطا حقيقية على أطراف النزاع.
وكان جو بايدن، الداعم الثابت لإسرائيل والذي قدم لها أسلحة بمليارات الدولارات منذ هجوم حماس على الأراضي الإسرائيلية في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، هدفا متواصلا للجناح اليساري للحزب الديموقراطي والناخبين الأميركيين المسلمين والعرب.
وقال “مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية” في بيان لاذع إنه “يشكر الرئيس المنتخب ترامب على ممارسة الضغط على جميع الأطراف، بمن فيهم نتانياهو، للتوصل إلى اتفاق، ويدين الرئيس بايدن لعدم توظيفه النفوذ الأميركي للوصول لاتفاق منذ أشهر، مما تسبب في آلاف القتلى من دون سبب”.
وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة فرع لمنظمة حقوقية اميركية في الشرق الأوسط، إنه في بلد يضم أكبر عدد من اليهود في العالم (حوالي ستة ملايين) “كانت إدارة بايدن جد خائفة من التكلفة السياسية للضغط على إسرائيل”.
وتقدر ويتسن أن ترامب، الذي كان مؤيدا لإسرائيل بشكل خاص خلال فترة ولايته الأولى (2017-2021)، أكد بوضوح لنتانياهو أنه “لا يريد أن يرث” الصراع في غزة.
وقال ديفيد خلفا من مؤسسة “جان جوريس” في باريس “كان هناك بلا شك تأثير واضح لترامب”.
واضاف “من جانب حماس، كانت هناك تهديدات من ترامب والأطراف في المنطقة تشعر بالقلق لأنه لا يمكن التنبؤ بما سيفعل. وعلى الجانب الإسرائيلي، هناك تطابق أيديولوجي بين اليمين الأميركي الشعبوي ورئيس الوزراء الإسرائيلي”.
وخلص إلى أن “الهامش السياسي (لنتانياهو) ضد ترامب كان صغيرا جدا”.
من جهته، لم يعتبر بريان كاتوليس المحلل في “معهد الشرق الأوسط” في واشنطن أن “تهديدات ترامب لعبت دورا كبيرا لدى أي من الجانبين”.
وقال “قد تكون الأسئلة الكبيرة حول ما سيحدث” خلال رئاسة ترامب هي التي “حفزت أولئك الذين كانوا يرفضون” أي اتفاق.
بدوره قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية للصحفيين يوم الأربعاء إن التزام الوزارة بمواصلة التحقيق في بعض الأفعال الإسرائيلية في حرب غزة سينتقل إلى الإدارة المقبلة للرئيس الجمهوري المنتخب دونالد ترامب حينما ينصب رئيسا في 20 يناير كانون الثاني.
وواصلت واشنطن الدعم العسكري والدبلوماسي لحليفتها رغم انتقادات من جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان بعد إعلان وزارة الصحة في قطاع غزة إلى أن حرب إسرائيل تسببت في مقتل أكثر من 46 ألف شخص في القطاع. كما أدى الهجوم العسكري الإسرائيلي إلى اتهامات بالإبادة الجماعية وجرائم حرب تنفيها إسرائيل.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية عند سؤاله عن الأفعال الإسرائيلية التي تحقق فيها الحكومة الأمريكية “نواصل العمل للوصول إلى إجابات قاطعة فيما يتعلق بعدد من الوقائع التي نحقق فيها”.
من صاحب الفضل في اتفاق غزة بايدن ام ترامب!
قال الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب يوم الأربعاء إنه سيستخدم اتفاق وقف إطلاق النار في غزة كقوة للدفع باتجاه توسيع اتفاقيات إبراهيم، وهي اتفاقيات مدعومة من الولايات المتحدة تم التوصل إليها خلال فترة ولايته الأولى وأدت إلى تطبيع علاقات إسرائيل مع عدد من الدول العربية.
ويتضمن الاتفاق الإفراج التدريجي عن الرهائن الذين أسرهم مسلحون بقيادة حماس خلال هجومهم على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023، مقابل سجناء فلسطينيين في سجون إسرائيل.
وقال ترامب، الذي هدد مرارا بعواقب وخيمة إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير كانون الثاني، إنه “سعيد بعودة الرهائن الأمريكيين والإسرائيليين إلى ديارهم”.
وكتب ترامب على منصته تروث سوشال “مع وضع هذه الاتفاق موضع التنفيذ، سيواصل فريقي للأمن القومي، من خلال جهود المبعوث الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف العمل بشكل وثيق مع إسرائيل وحلفائنا للتأكد من أن غزة لن تصبح مرة أخرى ملاذا آمنا للإرهابيين”.
وقال إنه سيستغل زخم وقف إطلاق النار لتوسيع اتفاقيات إبراهيم، التي أدت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات والبحرين والمغرب والسودان.
لكن الرئيس الأمريكي جو بايدن قال يوم الأربعاء إن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة اعتمد على إطار العمل الذي طرحه في السابق، بينما قال الرئيس المنتخب دونالد ترامب إنه لولا نجاحه في الانتخابات ما كان للاتفاق أن يتم.
وفي إعلانه عن وقف إطلاق النار، أشار بايدن إلى أن الاتفاق النهائي يعكس إلى حد كبير إطار الاقتراح الذي طرحه في مايو أيار الماضي. وابتسم عندما سأله أحد المراسلين عمن ينسب له الفضل في إعلان الاتفاق قائلا “هل هذه مزحة؟”.
وقال بايدن في خطاب الوداع الذي ألقاه مساء الأربعاء من المكتب البيضاوي في البيت الأبيض “طور فريقي هذه الخطة وتفاوض عليها، وسيتم تنفيذها إلى حد كبير من قبل الإدارة القادمة. لهذا السبب طلبت من فريقي إبقاء الإدارة القادمة على اطلاع كامل”.
وسارع ترامب، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، بالإعلان عن أنه هو صاحب الفضل في الانفراجة التي جاءت بعد أشهر من المفاوضات.
وكان قد حذر مرارا من “جحيم” إذا لم يجر التوصل إلى اتفاق قبل تنصيبه المقرر يوم الاثنين.
وقال ترامب “هذا الاتفاق الملحمي لوقف إطلاق النار ما كان ليتم لولا انتصارنا التاريخي في نوفمبر تشرين الثاني، إذ أشار ذلك للعالم أجمع أن إدارتي ستسعى إلى السلام والتفاوض على الصفقات لضمان سلامة جميع الأمريكيين وحلفائنا”.
وأرسل ترامب مبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف للمشاركة في المحادثات في الدوحة حيث ظل هناك خلال آخر 96 ساعة من المفاوضات التي أفضت إلى إعلان الاتفاق.
وفي إفادة للصحفيين، أشاد مسؤول كبير في إدارة بايدن بمبعوث ترامب لمساعدته في التوصل إلى الاتفاق، مشيرا إلى أنه عمل جنبا إلى جنب مع مبعوث بايدن، بريت ماكجورك، الذي كان في الدوحة منذ الخامس من يناير كانون الثاني.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير للصحفيين إن بايدن أراد مشاركة فريق ترامب لأن الرئيس المنتخب هو من سيتولى مهمة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.
وقال بايدن “خلال الأيام القليلة الماضية، كنا نتحدث كفريق واحد”.
ولم يقدم بايدن تفاصيل خارج الخطوط العريضة المعروفة للاتفاق، لكنه أشار إلى أنه يعتقد أنه قد يمهد الطريق لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وقال “بالنسبة للشعب الفلسطيني، مسار موثوق به لدولة خاصة بهم. وبالنسبة للمنطقة، مستقبل من التطبيع والتكامل بين إسرائيل وجميع جيرانها العرب، ومنهم السعودية”.
وقال جاك لو السفير الأمريكي المنتهية ولايته لدى إسرائيل لرويترز إن تقدما كبيرا تحقق على صعيد التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في قطاع غزة بمجرد أن بدأ التعاون بين الرئيس جو بايدن والرئيس المنتخب دونالد ترامب.
وقال لو، الذي ينتمي للحزب الديمقراطي، إن التعاون بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري بدأ بعد انتخاب ترامب مباشرة قبل شهرين. وأضاف أن أفضل ما يخدم المصالح الوطنية هو ما سماه “التسليم الودي” ونقل السلطة بطريقة بناءة.
وتوخى لو، الذي يفضل مثل بايدن التوصل لاتفاق سلام يتضمن قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، الحذر في تقييم علاقته مع نتنياهو الذي يعارض بشدة قيام دولة فلسطينية.
وقال “شعرت بارتياح كبير وأنا أبدي رأيي عندما أختلف وأطرح وجهات النظر التي أعتقد أنها في صالح تحقيق الهدف المشترك. لا أعرف ما يقولون عندما أغادر الغرفة لكن لم يكن أي طرف مزعجا بالنسبة لي”.
اضف تعليق