موقف العراق والمجتمع الدولي فهناك ارادة بعدم الرغبة في توسيع نطاق الحرب، لأن ذلك يسبب تبعات أبرزها الطاقة والتجارة الدولية، والمخاوف من أن تتحول هذه الحرب إلى صراع عالمي، فأن أي دولة بإمكانها أن تبدأ حربا، لكن إنهاء هذا الصراع لن يكون بيدها، فالحرب تبدأ بإرادة معينة لكن الظروف...

عقد مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية جلسته الحوارية الشهرية تحت عنوان (سيناريوهات الحرب الشاملة في الشرق الاوسط.. التحديات والمخاطر)، بمشاركة عدد من مدراء المراكز البحثية، وبعض الشخصيات الحقوقية والأكاديمية والإعلامية والصحفية في ملتقى النبأ الأسبوعي الذي يعقد بمقر مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام، قدم الورقة البحثية وأدار الجلسة الحوارية الباحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية الاستاذ حيدر الاجودي، وابتدأ حديثه قائلا:

"تتسارع الاحداث وتزداد توترا يوما بعد اخر في منطقة الشرق الاوسط، حيث تعلو اصوات الصواريخ والقذائف وتشتعل السماء بوميض الانفجارات، وتكثر استعمال مصطلحات غير معتادة، فمنذ العدوان الصهيوني على غزة استعمل مصطلح الحرب الشاملة والتي تعني صراع عسكري يكون فيه اطراف النزاع مستعدين لتقديم كل التضحيات اللازمة من ارواح وموارد لتحقيق النصر المطلق، وهي على عكس الحرب المحدودة التي يستخدم بها اجزاء من قوة المتحاربين وشعوبهم ومواردهم المادية، حيث تؤدي بسبب شموليتها الى التعبئة العامة الكاملة للقوى البشرية وموارد الحرب، وقد استعمل هذا المصطلح لأول مرة في القرن التاسع عشر وصنفت الكثير من الحروب تاريخيا كحرب شاملة مثل الغزو المغولي الذي اجتاح مناطق بأكملها ودمر حضارتها وقتل سكانها العزل، والحروب النابليونية والحربان العالميتان الاولى والثانية مثالا دامغا في التاريخ عن فظاعة وهول الحرب الشاملة، وهكذا بقيت خيارا متاحا للدول ولكن في اقصى درجات النزاع لما تسببه من هلاك للانسانية ان لم تحكمها ضوابط وقوانين رادعة.

فعلى الرغم من الغموض الذي يكتنف الفوارق بين نوعي الحرب الشاملة والمحدودة الا ان المؤرخين والقادة العسكريين وصناع السياسات دأبوا على استعمال المصطلحين لأغراض تقسيم التاريخ الى عصور، وايضا كوسيلة للترويج للحرب الشاملة باعتبارها اقصى اشكال النزاع.

ان الحرب الشاملة التي تنخرط بها (حاليا) معظم دول الشرق الاوسط بصورة مباشرة او بالوكالة تعكس حالة الازمة المستعصية الناجمة عن وضع غير طبيعي لمنظومة الأمن والاستقرار، من شأنها أن تبدأ بمعالجة التناقضات في المصالح القومية للدول، وتساعد في حل قضايا تاريخية عالقة بشكل منصف، وأبرزها القضية الفلسطينية، لان في هذه الحرب ربما يكون من الصعب التنبؤ بفصولها المقبلة، من حيث المكان والزمان والسيناريوهات المحتملة لها، ليست فقط نتيجة ديناميات داخلية لصراعات المنطقة، فما تشكّله منطقة الشرق الاوسط من أهمية متعددة المستويات على مستوى سوق العمل الدولي، وبالتالي العلاقات الدولية، تجعلها ساحة حرب مثالية للدول الكبرى، التي تعاني هي الأخرى من أزمات، بعضها يكاد يصل إلى مستوى المأزق، وبالتالي هناك حاجة ملحة لتصريف تلك الأزمات في ساحات ذات كلفة منخفضة.

ان العدوان الذي تقوم به قوات اسرائيلية على اراضي فلسطينية ولبنانية وسورية يعد بالغ الخطورة والدلالات، فهل تعني رسائلها بأن إسرائيل قررت استدعاء إيران إلى حرب لا تستطيع الولايات المتحدة إلا الانخراط فيها؟، ام هل يعتقد بنيامين نتنياهو أن لا مخرج من المأزق الحالي غير توسيع النزاع على رغم مخاطره وأثمانه؟.

فأما إيران التي اعتمدت على مدى العقود الماضية استراتيجية أطلق عليها (الحروب غير المتناظرة)، سعت من خلالها لامتلاك قوات مسلحة وصواريخ وطائرات مسيرة، كرد على التفوق التكنولوجي العسكري لإسرائيل والولايات المتحدة، فهي الداعم الاستراتيجي لكل قوى المقاومة سواء بالدعم العسكري المباشر بالأسلحة والتقنيات أو بالتدريب العسكري وبذلك هي لا تريد الحرب الواسعة، وتفضّل خوضها بالتقسيط وعلى دفعات عبر الحلفاء والوكلاء، وقد تجد إيران نفسها أمام خيار مصيري: إما الاستمرار في نهجها الردعي الدفاعي الحالي، أو التحول نحو استراتيجية جديدة قد تتضمن السعي لامتلاك السلاح النووي.

كما ان الولايات المتحدة تجاهد منذ شهور لمنع توسع الحرب، لكن الحرب اتَّسعت ولو بوتيرة منخفضة، فهناك الحرب الهجومية التي شنتها حماس في غزة وهناك الحرب الدفاعية لحزب الله عبر جنوب لبنان بجرعات تزيد وتنقص، وهناك عمليات اغتيال وتصفية جسدية على اراضي ايرانية واسرائيلية متبادلة، وهناك حرب الصواريخ والمسيّرات الحوثية في البحر الأحمر، وهناك أيضاً حرب طرد القوات الأمريكية من العراق على أيدي فصائل عراقية، وجاءت الضربات الجوية العدوانية الاسرائيلية في الضاحية اللبنانية ودمشق السورية لتضاعف تسخين جبهة الحرب المحتملة، فالحرب الشاملة قائمة إذاً، ليس منذ اليوم، ولكن منذ بداية ربيع الصهاينة، كما هو الحال في الحرب العسكرية والاقتصادية والالكترونية على سوريا واليمن والعراق وفلسطين ولبنان.

اما موقف واشنطن، فمع اقتراب موعد الانتخابات التاريخية التي تشهدها الولايات المتحدة الشهر المقبل بين نائبة الرئيس كامالا هاريس والرئيس السابق دونالد ترمب، دفع الرئيس بايدن الذي شارف عهده على الانتهاء، بقوة نحو إرسال مزيد من القوات والعتاد الحربي إلى منطقة الشرق الاوسط لتقديم المساعدات لإسرائيل سعياً منها إلى تفكيك البنية التحتية لحركة حماس وحزب الله، بعد أشهر من العمليات العسكرية التي أدت إلى اغتيال عدد كبير من القيادات في الحزب، وعلى رأسهم أمينه العام السيد حسن نصر الله، فضلاً عن الهجمات التي تنفذها جماعة الحوثي في اليمن ضد إسرائيل، والملاحة في البحر الأحمر والمضائق الدولية القريبة، وغيرها من الجماعات الموالية لإيران في كل من سوريا والعراق، وصولاً إلى الضربات الصاروخية التي نفّذتها إيران بشكل مباشر ضد إسرائيل، مما أوصل التصعيد إلى مستويات لا سابق لها منذ حرب حزيران 1967، لينذر باشتعال حريق إقليمي من الصعب التكهن بعواقبه في المنطقة.

اضافة الى ان الولايات المتحدة تدعم نشاط الاستعدادات للدفاع عن إسرائيل، وتحذر من الهجوم المباشر على إسرائيل الذي سيحمل عواقب وخيمة على إيران، وإلى الدعم الذي قدمته السفن الحربية الأمريكية لإسرائيل في إسقاط الصواريخ الإيرانية، كما استعدت وزارة الدفاع الامريكية لإرسال آلاف الجنود الأمريكيين إلى الشرق الأوسط.

ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أنهم قادرون على إقناع نتنياهو بإثبات وجهة نظره من دون إشعال حرب شاملة، لكنهم يعترفون بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي قد يرى الأسابيع المقبلة حتى الانتخابات الرئاسية الأمريكية بمثابة لحظة حاسمة لمحاولة تأخير هذا البرنامج لسنوات، وبعدها لن يشكو الرئيس السابق دونالد ترامب من هجوم كبير على البنية التحتية العسكرية الإيرانية، ولا يستطيع الديمقراطيون أن يتحملوا اتهامهم بكبح جماح إسرائيل بعد الهجوم الصاروخي.

من جانب اسرائيل فإنها تعتمد في استراتيجيتها للتعامل مع جبهة الشمال على مبدأ (التصعيد لخفض التصعيد)، وهي استراتيجية تهدف إلى فرض حل دبلوماسي عبر تكثيف الهجمات الجوية على مواقع حزب الله والاستهداف المباشر لقادته، مما يعني أن الاستراتيجية الإسرائيلية ستعمل على تغيير التوازن الأمني في شمال إسرائيل، هذا التوجه يعتمد على فرضيات بأن الحزب الذي أُنهك في الحرب السورية وفقد جزءا من قوته العسكرية، لن يكون قادرا على الرد بنفس القوة التي أظهرها في الماضي، لكن التحليل العسكري يظهر أن حزب الله قد يلجأ إلى تصعيد الهجمات الصاروخية كرد فعل أخير، مما قد يزيد من تعقيد الوضع ويؤدي إلى انفجار أوسع نطاقًا في المنطقة.

اما موقف العراق والمجتمع الدولي فهناك ارادة بعدم الرغبة في توسيع نطاق الحرب، لأن ذلك يسبب تبعات أبرزها الطاقة والتجارة الدولية، والمخاوف من أن تتحول هذه الحرب إلى صراع عالمي، فأن أي دولة بإمكانها أن تبدأ حربا، لكن إنهاء هذا الصراع لن يكون بيدها، فالحرب تبدأ بإرادة معينة لكن الظروف هي التي ترسم نهايتها، ولا أحد يرغب في حرب شاملة في منطقة الشرق الأوسط والتي هي منذ فترة طويلة على فوهة بركان بوجود الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية وغريزة التصعيد التي تبقي المستقبل غامضا، والتوتر في المنطقة مرشح للزيادة، وما لم يتم التوصل إلى حل سياسي يرضي جميع الأطراف، فإن شبح الحرب سيظل يلوح في الأفق.

وللاستفادة القيمة من اراء الحضور واصحاب الاختصاص والتعليق على الورقة البحثية تم طرح السؤالين الآتيين:

السؤال الاول: هل ستقود الاحداث الاخيرة في المنطقة الى حرب اقليمية شاملة ام الى تهدئة دائمة؟.

السؤال الثاني: ما هو موقف العراق من الاحداث الاخيرة والحرب المحتملة؟.

المداخلات

اكثر من سلطة قرار

- الدكتور لطيف القصاب، كاتب وباحث أكاديمي:

الوضع الذي تعيشه منطقة الشرق الاوسط لا يحتمل ابدا مبدأ الحرب الشاملة فالكل سيخسر بالتأكيد على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، أما اذا كانت التهدئة الدائمة معناها سلام دائم وهذا أيضا احتمال ربما لا يكون وارد بشكل أو بآخر، ويبدو أن القضية تتراوح بين التصعيد والتخفيض كما يقولون.

بصراحة العراق هو أكثر من عراق يعني أكثر من سلطة القرار فهل المقصود هو العراق الرسمي، فالعراق الرسمي تارة تجده مع ادامة الصراع وتارة مع التهدئة، اما العراق غير الرسمي فهو عبارة عن انتماءات ربما عابرة للحدود وتخضع الى أجندات واملاءات خارجية.

تغيير التوازنات في المنطقة

- الدكتور خالد العرداوي، مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية:

المحللون السياسيون في الغالب عندما يذكرون قضية الحرب الشاملة يقولون أن ما يحصل في المنطقة حاليا ليس حرب شاملة لأنه هو حرب بين دولة إسرائيل ومليشيات، وبالنتيجة يعتبرون أن الحرب الشاملة هي التي تحصل بين الدول ولا يمكن أن تحصل الحرب الشاملة إلا إذا دخلت إيران بشكل مباشر على خط المواجهة أو مثلا دخل العراق الرسمي على خط المواجهة وبهذه الحالة اعتقد ان الحرب الشاملة ليست قريبة ومستبعدة في الوقت الحاضر لأسباب عديدة منها: اولا/ ان الدول المواجهة لإسرائيل غير راغبة ان تدخل الحرب لا الأردن ولا سوريا ولا حتى لبنان الرسمية ولا حتى مصر، ثانيا/ ايران ليست لديها حدود مباشرة مع اسرائيل حتى تكون حربا مباشرة بين الطرفين وتقود الى حرب الشاملة، ثالثا/ الأطراف المتصارعة لا تريد الحرب الشاملة وإنما تريد إعادة ضبط التوازنات في الشرق الأوسط وهذا الأمر مطروح من أيام سقوط بغداد 2003 عندما كانوا يتكلمون عن الشرق الأوسط الجديد، ولكن هذا الشرق الأوسط الجديد لم يظهر بصورة كاملة وهذا كان متوقع بسبب البيئة الإقليمية والبيئة الدولية، ولذلك أعتقد أن هذا المشروع تم تهدئته ولكن لم يلغى وموجود على الطاولة وعلى أجندة القوى الإقليمية والقوى الدولية، ولذلك لا أقول تهدئة دائمة وإنما أقول هناك توازنات جديدة سوف تشمل دور إسرائيل في المنطقة وتشمل دور المليشيات الموجودة في المنطقة وتشمل أيضا نفوذ إيران في المنطقة، لأنه القوى الإقليمية والدولية لم تتحمل سلوك إيران في الشرق الأوسط وهي تعتقد أن إيران حالياً تلعب دور معرقل لاستقرار منطقة الشرق الأوسط وليس فقط للمنطقة وإنما حتى المشاريع الدولية التي ترسم بهذه المنطقة وهذا الأمر طبعاً للأسف إن إيران لم تقرأ بصورة دقيقة وتكرر نفس الأخطاء التي ارتكبها صدام حسين في المرحلة السابقة فلذلك لن تكون هناك حرب شاملة وانما سوف تكون هناك ضغوط معينة لإقناع الأطراف الإقليمية وخصوصاً المحور الإيراني.

الزمن يتغير وتأتي صفقة جديدة للمرحلة القادمة الأحداث في العراق للأسف لدينا عراق رسمي وعراق غير رسمي فواعل حكومية وفواعل غير حكومية العراق الرسمي هو عراق يبحث عن السلام ويبحث عن التهدئة ويبحث عن عدم الدخول في التخندقات الإقليمية والدولية ولكن هو الطرف الأضعف في المعادلة، اما الطرف الأقوى هو العراق غير الرسمي فواعل غير حكومية وهذه الفواعل يبدو أنها تفتقر إلى منظور استراتيجي في التعامل مع الصراعات يعني هي كأنما بلا وعي منها أو بوعي تقبل أنها تكون صدى لاستراتيجيات الآخرين ولا ترسم منظور استراتيجي للعراق، ولو كان العراق غير الرسمي لديه وعي كامل وإدراك لنفسه ولدوره لم يقارن نفسه بالحوثي الذي لا توجد لديه موازنة مليارين دولار بالسنة، ولا يقارن نفسه بحزب الله الذي هو أصلاً لحد الان شبه دولة في لبنان، العراق اليوم ببعده الاستراتيجي هو خامس دولة في انتاج النفط في العالم ولربما الثانية في المخزون النفطي وموقعه الاستراتيجي وتعداد شعبه أكثر من 42 مليون مواطن بمعنى يمتلك ثقل كبير استراتيجي المفروض يرتقون به ويتعاملون معه ليس على أساس إن العراق تقوده مليشيات وإنما العراق على أنه هو يبنى قرار دولة، حتى إذا كانوا يقررون قرار الحرب والسلام عليهم أن يبنونه على أساس أن الدولة تقرر وليس الفصيل الفلاني يقرر أو المليشيا الفلانية تقرر، والعراق غير الرسمي طبعا أضعف من العراق الرسمي وبالنتيجة سوف يبقى إذا ظل الحال على ما هو عليه أن العراق خاضع لردود الأفعال وللآخرين، وبالنتيجة إذا ما وضع ضبط وسيطرة لهذا الموضوع سيكون هو الطرف الأكثر خسارة في المعادلة، لأنه لا في حالة الاتفاق سيكون من الرابحين بحيث أنه يستطيع أنه يجلس على طاولة المفاوضات ويتفاوض على المكاسب، ولا في حالة الخسارة أيضاً يكون هو أقلهم خسارة بل إنه سوف يكون الأكثر خسارة في هذه المعادلة، وهذا يذكرني في حرب 1973 عندما اندلعت الحرب ودخلت سوريا ومصر بحرب مع اسرائيل لم يتم استشارة العراق في الدخول بقرار الحرب والعراق عندما سمع بطبول الحرب وان دمشق والقاهرة ستسقطان ارسل قواته الى سوريا بالنتيجة وصلت القوات ودخلت لحماية دمشق، لكن الحكومة السورية ذهبت واتفقت وعقدت الهدنة مع إسرائيل بدون علم القيادة العراقية وحتى لم يطلبوا من القوات العراقية ان تبقى في مواقعها قال أحمد حسن البكر في وقتها مقولته المشهورة "احنا لم نذهب الى هناك حتى نحمي هدنة السلام ارجعوا الى العراق"، لذا للأسف أخشى إن هذه المليشيات العراقية ستزجنا بنفس الحالة لا في الانتصار هم يجلسون على طاولة الحوار ولا في حالة الهزيمة أيضا يكون لهم ضرر أقل في هذه المعادلة ونسأل الله إنه يبعد الشر عن العراق وأهله.

مهزلة سياسية

- الدكتور حميد الهلالي، باحث سياسي:

الحروب الشاملة ترعاها دول ولم تكن بإرادة دولنا أو دولهم، وانما يوجد دول عسكرية هدفها تجارة السلاح، اليوم المعسكر الروسي مشغول بأوكرانية وامريكا امامها انتخابات مهمة ولذلك الحرب الشاملة لا تحدث في الوقت الحاضر، العالم تفاجأ بعد 2003 ان ايران تغولت وهذا كان شيء خارج الحسابات الامريكية والدولية ان ايران تتمدد لذلك اصبح هناك عدم رضا في كل دول المنطقة والعالم وحتى على مستوى الداخل الايراني بهذه السعة الإيرانية وهذا التوظيف للمليشيات والأذرع الإيرانية فكل المطلوب الآن من هذه المعارك هو قصقصة هذه الأذرع، وجاءت غزة بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير حيث وجدتها إسرائيل حجة ووجدتها أمريكا حجة فبالتأكيد هم يتجهون بهذا الاتجاه أنه كيف يتم قصقصة الأذرع الإيرانية وهذا سيجعل المعارك تستمر بهذا الحجم واعادة ايران الى حجمها الطبيعي لا اكثر ولا اقل، فالايرانيون لن يدخلوا حرب شاملة لانهم الآن غير ايران الثمانينات الان تبحث عن تجارة عن صناعة عن رقي وكذلك عن منجزات كبيرة حققها الاقتصاد الايراني والشعب الايراني وطبعاً لا يضحون بها ولا يضحون بشعبهم من أجل الدول العربية، وثانياً بالنسبة للعراق في مهزلة يعني لا أقول مستلب رأيه بل أن العراق في مهزلة سياسية والا كيف ميلشيات تأخذ راتبها من الدولة وسلاحها من الدولة ولا تأتمر بأمر الدولة هذا لم يحدث في كل العالم وامرها وسلطتها أعلى من الدولة وهي التي تقرر متى تضرب يعني هي من تتخذ قراراتها من خارج الحدود، فلذلك العراق مجرد كبش فداء والايام القادمة ستثبت ذلك.

اتخاذ العبرة من التاريخ

- الشيخ مرتضى معاش، باحث وكاتب:

التاريخ السياسي المثخن بالأزمات والمشاكل ممتلئ بالعواطف والانفعالات التي يستخدمها السياسي من أجل تحقيق مصالح خاصة فيقودها للسقوط نحو الهاوية، ففي الحرب العالمية الثانية كانت العاطفة القومية هي التي دفعت هتلر الى ضحايا تتجاوز الـ 70 مليون إنسان، وحروب اخرى كالحروب الطائفية والدينية والقومية التي تعتمد على العواطف ولا يبقى فيها للعقل منطق، فالعقل هنا يزحف جانبا وينأى بنفسه عن الدخول في هذه العواطف لانه بالنتيجة سوف يكون محرقة لهذه العواطف، ما يحدث اليوم من انفعالات تثير التعجب وسط غياب العبر من التجارب السابقة من حروب شرسة أدت الى مقتل زهرة الشباب في هذه الحروب التي لا معنى لها بسبب استثارة العواطف، فلذلك لابد من التنوير والبحث عن منطق السلام واللاعنف في حياتنا، فديننا اساسه منطق العلم القائم على التنوير لا على ثورة العنف والسلاح، وسيرة أهل البيت عليهم السلام تعبر عن مبدأ اللاعنف والرحمة، لذا علينا ان ندعو لمنطق العقل والتعقل حفاظاً على شبابنا فكل قطرة دم انسان تهدر لها قيمة فكيف إذا كانوا بالمئات أو بالآلاف وخصوصا ان هناك اختلال في موازين القوى.

المنطقة الآن تعيش حالة حرب شاملة ولكن من طرف واحد عندما تبقى متشبث بالشعارات وبمنطق المواجهة المطلقة، وهذا يخالف العقل ولابد على الإنسان ان يحافظ على نفسه ويحافظ على بلده والا أصبح ذليلا مثل ما حدث مع صدام بعد غزو الكويت خسر كل شيء وأصبح ذليلا وأذل العراقيين بسبب الحروب العبثية التي خاضها.

لا بد أن نلاحظ المتغيرات الموجودة في الساحة، ومعرفة المتغير تعطينا القدرة على التنبؤ بالنتائج، والمتغير الذي يمكن ملاحظته ان هناك رئيسان في العالم وقد انتهى دورهما الرئاسي مما يعطيهم قوة كبيرة في اتخاذ القرارات دون رادع، فهم سواء ربحوا أو خسروا فهم مستمرون في طريقتهم، فالاول بايدن لا يمانع ان يثبت نفسه في آخر شهر أو شهرين من رئاسته ويعطي مساحة لنتنياهو ان يفعل ما يشاء لان هذا سوف يكون انتقام من هؤلاء الذين خذلوه في الحزب الديمقراطي، فتصريحات بايدن الاخيرة غريبة حيث اعطى اجازة لضرب المنشآت النفطية في ايران مع العلم ان هذه الضربات قد هذه تمس الاقتصاد الامريكي الذي الان هو على حافة السقوط في الركود والخروج من حالة التضخم، والثاني نتنياهو الذي يقامر من أجل إثبات نفسه وإثبات رئاسته وتغيير موازين القوى في داخل اسرائيل وعنده استعداد بأن يحارب بشدة ولو كانت حرب شاملة ليس المهم عنده تحرير الرهائن فالمهم تدمير غزة ولبنان وسوريا والعراق وحتى إيران لأنه يريد أن يثبت لليهود أنه هو القوة العظمى التي تنقذ بني إسرائيل من سطوة هؤلاء، ومن ذلك حصل على الفرص من المخاطر التي دخل فيها ومن ضمنها تغيير موازين القوى في الشرق الأوسط، وبالنتيجة السيطرة على مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي طرحه في الأمم المتحدة، فالكثير من الأمور قد تغيرت لصالح مشروع الشرق الأوسط الكبير وان كان بحدود معينة.

والمتغير الآخر عبور الخطوط الحمراء والجرأة الكبيرة التي تجاوزت قواعد الاشتباك المتفق عليها بالضرب القاسي العنيف، وهذه الجرأة قد تمهد الى الحرب الشاملة، والمتغير الآخر تغير مفهوم الحرب نحو الحرب التدميرية المطلقة عبر الحرب الذكية التي تستخدم فيها التكنولوجيا الحديثة المتطورة وهي ليست فقط تكنولوجيا إسرائيلية بل هي تكنولوجيا أمريكية وغربية من أجل تحقيق مكاسب كبيرة جدا بأقل الخسائر التي يمكن ان تحصل في حروب المواجهة، بتحقيق الردع والتفوق في موازين القوى.

العراق لابد ان يعتبر من التجارب السابقة وهو بلد ريعي قائم على النفط وعلى موارد محدودة جدا وهو في حالة تعافي من آلام الماضي، فهل العراق مستعد أن يدخل في معاناة جديدة؟ هذا السؤال موجه للجميع بدون ان تأخذهم العواطف وتجرهم إلى حرب تدميرية شاملة لا مخرج منها.

ردة فعل انتقامية

- الاستاذ صادق الطائي، كاتب وباحث:

لا تقود الاحداث في منطقة الشرق الاوسط الى حرب شاملة او هدوء دائم، بل الى صراع اقليمي لان ايران وامريكا لا تريد الحرب الواسعة على عكس إسرائيل التي تريد ان تكون المواجهة بين امريكا وايران بسبب فشلها في مواجهة ايران لوحدها، والنقطة الثانية المهمة هي كانت تعتقد ان تصفية السيد حسن نصرالله وقيادات الخط الاول في حزب الله سوف تنزل حالة من الانهيار والسقوط النفسي، ولكن حولت الساحة الى حالة من التجمهر والانتقام عند الحدود الجنوبية، وعلينا ان نتذكر الحملات الجوية العنيفة في عام ٢٠٠٦ وبقاء الحملات الجوية ٢٢ يوم بدون نتيجة، عندها انسحب الجيش الاسرائيلي.

موقف الحياد العسكري

- الاستاذ احمد جويد، مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات: 

الجميع يعرف مدى استهتار اسرائيل في منطقة الشرق الاوسط من خلال عدوانها تحاول أن تكون هي الدولة المتفردة بالقوة في المنطقة ورأينا عدوانها السافر على العراق في عام 1981 على مفاعل تموز في حينها العراق لم يكن داخل خصومة مع اسرائيل أو حرب مع اسرائيل مجرد أنه لا توجد علاقات بين الطرفين لكن بمجرد أن اسرائيل لاحظت أن العراق استورد المفاعل من فرنسا وحاول أن يبني قوته على الاقل شيء نووي كونتها المفاعل على اساس لأغراض سلمية بمجرد أن نواة هذا المفاعل وصل للعراق قامت إسرائيل بضربه وهذا كان وقتها خرق للقانون الدولي وإعلان حالة حرب على العراق ولم تعيرها اهمية دول عالم ولم تقدم إسرائيل تعويضات للعراق والقرارات الدولية التي صدرت ضد إسرائيل من مجلس الأمن الدولي كلها ضربت بها عرض الجدار ولا رادع لإسرائيل التي تعد جبهة متقدمة للغرب وللولايات المتحدة.

ما يحدث الان في الشرق الأوسط أعتقد هي طموحات وأحلام طموحات تقودها إيران والمحور بأن تتوسع وتصدير الثورة واثبات وجودها ونفوذها على مستوى المنطقة، وإسرائيل الطموحة كان أعلى طموح لها أن تعيد علاقات مع مثلا دول الجوار سوريا ولبنان مثل ما عملت مع مصر والأردن وإذا بدول الخليج تأتي واحدة تلو الأخرى والسودان وبالتالي أي جهة تقف في وجه مشروع التطبيع معها تكون دولة معادية وهي أعلنت هذا الشيء الدول التي طبعت بالمنطقة مع اسرائيل بمصلحتها أن تضرب إيران أو الحلف الذي مع إيران وبالتالي قوة اسرائيل التي تستمدها في المنطقة من وجود دول في المنطقة هي تحاول ضرب هذا المحور زائداً أنه السند يعني الامداد الغربي والمعونة الغربية لإسرائيل وبالتالي إسرائيل لو في يوم من الأيام أي دولة ممكن أوروبية توقف عنها أسلحة مثل ألمانيا بريطانيا أمريكا وغيرها لمدة شهر واحد يمكن إسرائيل تردع او تتراجع مثل ما صار الهجوم الإيراني على إسرائيل كل دول الغربية هي تقف لإسقاط صواريخ والمسيرات وغيرها يعني إسرائيل تريد من يقف معها ومن يعينها في المحافل الدولية سواء كانت على المستوى السياسي أو على المستوى العسكري أو على المستوى الاقتصادي، اضافة إلى الدول الآن تدفع بها وقوة من داخل الدول المنطقة وهي دول إسلامية وبالتالي أنطاها دفع أكبر وزخم أكبر إلى تعدي الخطوط الحمر.

العراق لو اخذ موقف الحياد العسكري وحاول يبني قوته الاقتصادية وقوته التكنولوجية ويبني نفسه كدولة ممكن أن ينفع هذا المحور سياسياً واقتصادياً أفضل ما ينفعه عسكرياً، يعني عسكرياً العراق هو منهك من هذه وليس عنده آلة عسكرية حتى يستطيع مجابه إسرائيل والغرب، فالعراق الرسمي يقف على الحياد أو يبتعد عن المشروع يكون أفضل له لكن المشكلة أن القوات التي تمثل محور المقاومة هي مرتبطة بالدولة العراقية مباشرة بما أنها تعود الناس أو الدول إلى عقلها وإلا حرب شاملة هي ليست في مصلحة الكل، ومفهوم الحرب الشاملة مرتبط بالدول العالمية وبمصالح الدول العالمية وليس مصالح اقليمية فقط إذا كان هناك قرار خارجي يعني عالمي في دخول الحرب الشاملة ولكن الآن تقريبا من كل الإرادات الدولية أو أغلب الإرادات الدولية هي تحاول تكبح جماح الدول المتصارعة في الشرق الأوسط.

حكومة همجية غير منضبطة

- الدكتور محمد مسلم الحسيني- كاتب وباحث أكاديمي:

من يراقب السلوك السياسي والتصعيد العسكري الإسرائيلي المبرمج بنهج حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة يرأسها مخضرم سياسي عنيد مؤمن بطموحات استعمارية في تحقيق حدود إسرائيل الكبرى، لا يمكن أن يساوره شك بأن مفردات السلام والهدنة والتصالح مع هذا التجمع اليميني المتطرف المستحوذ على السلطة في هذا الكيان هي مفردات ليس لها وجود ومعنى في قاموس هذه الحكومة وادبياتها المعلنة وغير المعلنة.

فشلت جميع محاولات التفاهم والوساطة في وقف إطلاق النار في قطاع غزة رغم كل الضغوطات التي سلطها العالم على الحكومة الإسرائيلية منذ ما يقارب العام، حيث لم ينجح اي جهد جدي وصادق في إقناع رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو في إنهاء هذه المحرقة التي راح ضحيتها أكثر من أربعين ألف بريء فلسطيني!، هذه الروح الانتقامية الشرسة وهذا السلوك الحاقد المنبعث عن نفسية مريضة ستبقى وسيبقى نهج لهذه الحكومة في كل تصرفاتها وفي كل أفعالها وردود أفعالها حتى اشعار آخر!.

ردود أفعال هذه الحكومة لا تتناسب ولا تتقارن مع طبيعة الفعل وشدته ومقداره، كما لا تمتلك هذه الحكومة أي معايير أخلاقية أو إنسانية أو دبلوماسية، بل ليس لديها هواجس او تحسبات فهي لا تميز بين ما يمكن وما لا يمكن فعله. لا تتردد هذه الحكومة باستخدام كل وسائل القوة المفرطة المتاحة لها وكل الأساليب الملتوية الأخرى في تبرير وصولها لأهدافها واراداتها، بمعنى مختصر هي حكومة همجية غير منضبطة، تستهتر بقيم الإنسان وحقوقه، لا تخشى ولا تعتبر بل تستخدم قوتها الذاتية الفائقة بل وتستعين بالقوى الحليفة لها والتي تقف خلفها في سحق وتدمير كل من يقف أمامها ويتصدى لها.

استدلالا بهذا التعريف المختصر لطبيعة السياسة الإسرائيلية الحالية، فلا ضير من ذكر بعض السيناريوهات محتملة الوقوع في قابل الايام بما يخص تصرفات الحكومة الإسرائيلية في ظل الأوضاع والوقائع الجارية الآن وهي باختصار كالآتي:

أولا: لن تكون هناك هدنة أو سلام أو تهدئة عسكرية بين هذه الحكومة الإسرائيلية الحالية واي كيان أو طرف أو قوة تناهضها أو ترفع السلاح بوجهها، حتى وإن جنحت هذه الأطراف للسلام والهدنة، طالما تبقى هذه الحكومة شاعرة باحتمالية وصولها للنصر وبقدرتها على الفوز واستطاعتها تدمير الطرف الآخر والخلاص منه نهائيا.

ثانيا: لابد أن يكون لهذه الحكومة قرار بردة فعل عسكرية عنيفة إزاء الهجوم الصاروخي الإيراني الأخير على إسرائيل المتوقع منها أن تقوم بهجوم عسكري قاسي وكبير ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا تتناسب أضراره مع الأضرار العسكرية التي احدثها الهجوم الإيراني عليها، بل يفوقه بأضعاف مضاعفة!. أهدافهم هذه المرة ستتركز في أحداث أضرار حقيقية في البنية التحتية الإيرانية الهامة ولا يقتصر الأمر بضرب الأهداف العسكرية الإيرانية فقط وكما حصل سابقا.

ثالثا: ان نجحت إسرائيل في تحقيق أهدافها المرجوة من خلال هجومها المتوقع على إيران، فهذا يعني حصول دمار ملموس ومؤثر في البنية التحتية الإيرانية وبالأخص المنشآت النووية الإيرانية او المنشآت النفطية ومنشآت الطاقة ومصانع السلاح ومراكز صنع القرار وغيرها، في هذه الحالة لابد لإيران أن تنتقم لنفسها وترد بزخم اقوى من السابق مما يعجل من وقوع ما نخشاه ويخشاه العالم كله في نشوب صراع مرير ومدمر وشامل بين الأطراف المتنازعة الذي قد يمتد لغيرها من الأطراف الاخرى.

رابعاً: فشل إسرائيل في هجومها المتوقع على إيران في تحقيق أهدافها الاستراتيجية المرجوة، قد يقنع الإيرانيين بعدم الرد من أجل إيقاف عجلة التصعيد الخطير الذي لن يكون في صالحها في نتائجه النهائية في الوقت الحالي، هذا السيناريو أن حصل ولم يتطور فهو السيناريو الأسلم والافضل لجميع الأطراف المتنازعة بشكل خاص وللمنطقة بأكملها والعالم بشكل عام.

خامساً: في حالة عدم الانزلاق في صراع شامل بين الأطراف طبقا للسيناريوهات المطروحة، فسوف تبقى التشنجات السياسية والعسكرية قائمة بين الأطراف المتنازعة دون هوادة ولكن دون تصعيد ساخن مهدد لحالة التوازن والاستقرار في هذه الفترة الحرجة والاستثنائية التي تقوم فيها الانتخابات الرئاسية الأمريكية المزمع إجراؤها في الرابع من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر القادم.

بعد حسم هذه الانتخابات ووضوح نتائجها ستتحدد المواقف طبقا للسياسات الأمريكية الجديدة على الساحة والأحداث المناطة بها، أما فيما يخص المواقف والوضع العام في العراق والمتعلق بالأحداث الحالية، فبدون شك سيرتبط الوضع ارتباطا وثيقا بطبيعة السيناريوهات المذكورة آنفا والمتحققة مستقبلا، لا يمكننا أن نتصور أن يبقى العراق في معزل تام عما يدور حوله، حتى وإن تخالفت الآراء والرؤى بين مكونات النسيج العراقي بما يخص المواقف وردود الأفعال، فسيبقى العراق ضمن ما سماه البعض سابقا بالهلال الشيعي، فله ما له وعليه ما عليه طوعا أو كرها!.

ومهما يكن من أمر، فالنهج المتوقع للحكومة العراقية الحالية لا يمكن أن يكون نهجا أحادي اللون طالما كان التكوين المجتمعي في العراق (قوس قزحي) بألوانه، فلا يمكن للون واحد أن يطغي على تأثيرات واشعاعات باقي الألوان، اللون الأبيض هو الضامن والمحصلة النهائية التي فيه تتوافق الرؤى المختلفة في صنع القرار، إذ يجب أن يكون الموقف المتزن في الطرح والتصرف مقبول من جميع الأطراف المهتمة من أجل حماية التوافق دون الانزلاق في هاوية الخلافات، فرض الإرادات أحادية اللون ينذر بنشوب صراعات داخلية محتملة نتيجة للتباين في ردود أفعال الأطراف على ضوء ما يحصل من أحداث في محيط العراق، العودة إلى حلبة الصراع الداخلي في ظل صراع خارجي خطير قد يجعل العراق رهينة صراعات داخلية وخارجية في نفس الوقت وفريسة سهلة للمتصيدين في الماء العكر يوم يكون الخيار الصحيح صعبا!.

غياب الحكمة والتعقل

- الاستاذ علي حسين عبيد، كاتب وباحث:

لو تم توجيه هذا السؤال بشكل شخصي انا أعطي نسبة كبيرة لاشتعال المنطقة قد تفوق حتى 60% إلى 70%، ففرص التفاهم وحل المشكلة بطريقة مقبولة وعقلانية وعادلة قليلة جدا، بسبب شخصية نتنياهو بالدرجة الأولى فهو شخص ليس طبيعي بل انسان مريض بمعنى الكلمة وكل هذه الأمراض الموجودة في شخصيته يريد ان يعكسها على الوضع، بالنسبة للمنطقة فقد غابت الحكمة والتعقل والدبلوماسية في حلحلة الامور وظهرت لغة السلاح والعنف والدماء واصبحت بديلا عن الكلمة والحوار الدبلوماسي فأما ان تخضع لكل شيء تريده اسرائيل وأمريكا وتوقع على ورقة بيضاء او الذهاب نحو المواجهة العسكرية والقضاء على البشرية.

الحرب تحدث عندما يريدونها

- الدكتور خالد الاسدي، باحث في مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث:

من الممكن أن تقوم حرب شاملة ولكن إذا اعتقد بايدن لأنه عندما سألوه قال: "لا أعتقد ستقوم حرب" والبنتاغون قال لا أعتقد وكاميلا أيضا قالت لا أعتقد، ولذلك لا يمكن أن تقوم إلا أن يعتقد هؤلاء لأن الأمور كلها بأيديهم حقيقة شئنا ام ابينا إذا أرادوا أن تقوم الحرب تقوم ولكن استدرك قائلاً ولكننا ندعم إسرائيل فهذا دليل على أن يضع الحبل بيد إسرائيل ويقول لهم اضربوا أي مكان شئتم وأي مكان تريدون ونحن في ظهركم حقيقة، أما التهدئة الدائمة لا يمكن لهذه المنطقة التي فيها اسرائيل ان ترى نور الهدوء ولو على نحو الأيام على قدر الإصابة ما ممكن فيها تكون تهدئة أبدا، دائماً العراق هو يتلقى الضربات ولا يستطيع الرد إلا من خلال الميليشيات المسلحة لأنه لدينا حكومتان الحكومة الأولى تميل إلى التهدئة والحكومة الثانية منتمية إلى جهات خارجية.

محرقة الصراعات 

- الاستاذ باسم الزيدي، مدير مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث:

ان هذه الحروب الدائرة بين الطرفين اتصور انها حروب دينية في عالم السياسة يطلق عليها حروب دينية او حروب عقائدية كل طرف مدعوم بأدلة وانه سينتصر في يوم من الأيام على الطرف الآخر وسوف يدمره تدميرا، فطبيعة هذه الحروب هي التي تشتغل بالعاطفة لأن لها محركات عقدية والفواعل عندها هي فواعل دينية، والتاريخ أخبرنا عن حروب دينية لا تهدأ ولن تنتهي إلا بكسر الطرف الآخر على مر التاريخ، الحقيقة إسرائيل لا تريد سلاما والعرب لا يريدون حربا وبين هذه وتلك الضحية هو الشعوب العربية الذين هم دائما يكونون محرقة الصراعات، السؤال الجوهري أنه هل تم تدوير المصالح أو الأمور الدينية في خدمة مصالح الأطراف المتصارع أم العكس أنه تم العمل على الحروب الدينية من أجل المصالح أو العكس هذا هو السؤال الجوهري يعني هل هي فعلا حروب دينية بعيدة عن المصالح أم هي مصالح بواجهة دينية، عبارة لطيفة ذكرها أحد قادة الفتوحات العربية عندما سأله قائد من الطرف الآخر وكانت المعركة حول القدس سأله ماذا تعني لكم القدس فأجاب بعبارة قد تلخص هذا الوضع قال القدس بالنسبة لنا كل شيء ولا شيء.

مشكلة ملف الطاقة

- الاستاذ حامد الجبوري، باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية:

العراق بشكل عام رسميا وشعبيا رافض لمسألة الحرب الشاملة وحتى الحرب غير شاملة رافضها لكن تبقى الفصائل المسلحة المنتمية لمحور المقاومة هو المسألة هنا السؤال يطرح نفسه لو دخل ملف الطاقة او مثل ما سموه ورقة الطاقة ودخول المقاومة وضرب بمواقع الطاقة وقطع مسارات الطاقة ما الذي سيحدث؟، العراق سيواجه مشكلة كبيرة خصوصا نحن نعرف ان العراق يعتمد على النفط بنسبة 90% في الموازنة وبحدود 50% في الناتج المحلي الإجمالي وبنسبة 99% من حيث تصدير النفطي والجواب بالحقيقة هنا من يريد أن يذهب باتجاه الحرب الشاملة ينظر إلى المشكلة المعقدة التي سيخلفها ويواجهها العراق وإذا لم ينظر الى هذه المشكلة معناها نحن ذاهبون كما يحدث في لبنان.

صراع ثقافي

- الاستاذ حسن كاظم السباعي، كاتب وباحث:

كما يبدو أن القوى الكبرى لا تسمح باندلاع حرب واسعة في المنطقة؛ ففي الحرب الروسية الأوكرانية كفاية في استنزاف موارد الطاقة والتهديد الذي شعرت به أوروبا في موسم الشتاء من برد قارس جراء ذلك.

وبغض النظر عما سينتج عن هذه الأحداث الشرق أوسطية وهل ستؤدي إلى حرب شاملة أم تهدئة دائمة، وكذلك بغض النظر عن الأطروحات والنظريات حول الصراع في الشرق الأوسط، فإنها حقيقة قد فرضت نفسها على أمر الواقع حتى وإن هدأت المنطقة حسب الظاهر فهي نار تحت الرماد تنفجر بين الفينة والأخرى.

هذه الحقيقة كانت غائبة في نظرية صدام الحضارات التي طرحها صاموئل هنتنجتون في تسعينيات القرن الماضي، وربما كان غيابها هو لشدة ظهورها، فبالرغم من تنبؤاته المستقبلية عن احتدام الصراع بين مختلف الحضارات المتنافسة أو المتخاصمة في جميع قارات العالم من كونفوشية وإسلامية وحتى شرقية وغربية، بل وحتى فيما يرتبط بالمجال الاقتصادي من صراع بين الدول الفقيرة والنامية، بل لم يغفل عن احتمال نشوب صراع بين روسيا وأوكرانيا بسبب اختلاف مذهبي بسيط حيث ينتمي أحدهما إلى الكنيسة الأرثوذوكسية والآخر إلى الكنيسة الشرقية وذلك رغم كل الاشتراك القائم بينهما، إلا انه غفل أو تغافل عن النزاع الطويل بين إسرائيل والمسلمين وعمرها بقدم وجود كلا الطرفين، فهو لم يذكره إلا بإشارة عابرة حينما يتحدث حول تزايد نفوس المسلمين وذلك لأنه يرى أن هذا الأمر هو جزء من أجزاء الحضارة الغربية.

من هنا وبناء على ان الصراع المذكور صراع متجذر وقديم، فإنه فيما يخص الجانب المقابل لـإسرائيل؛ هو الجبهة الرمزية في من يمثلها من دول الإقليم، فهي تتداول بتداول القوة والوزن؛ من مصر وسوريا وحتى العراق وإيران، وتقلّب الأنظمة والحكومات لا يغير من الأمر شيئا، ذلك لأنه صراع حضاري أو ثقافي حسب نظرية هنتنجتون قبل أن يكون سياسيا أو عسكريا، فيظهر تارة بصبغة قومية وتارة بصبغة دينية وأخرى حضارية أو تاريخية، ويبدو أن العالم والقوى الكبرى قد وصل إلى إجماع أو اتفاق أن إيران وأذرعها هي من تمثل اليوم ذلك طرف الصراع في مواجهة الطرف الآخر، ويبدو أيضا أنها تحاول أن تُغيّر هذا التمثيل فقط، ذلك لأنها غير قادرة على استئصاله من الأساس فتكتفي في تغيير الجهة دون النظر في من سيمثله فيما بعد.

أما العراق فحسب التقسيم الذي وضعه صاحب نظرية صدام الحضارات في خرائط كتابه فإنها تقع ضمن محور الغرب وهو حليف الطرف الإسرائيلي، ويبدو أن تنبؤه هذا قد تحقق في بداية القرن الجديد، إلا إنه حتى وإن صح هذا التقسيم فالعامل الثقافي هو الأقوى من كل العوامل، وسيُظهر نفسه بشكل من الأشكال حتى وإن سلَّمت إيران وأذرعها (ومنها في العراق) تلك المهمة إلى قوة أخرى.

حل سياسي مرضي

- الاستاذ حسين علي حسين، باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية:

الاوضاع حاليا لا تقود لا إلى حرب شاملة ولا الى تهدئة دائمة إنما سوف تكون هناك مواجهات مستمرة لحين وجود حل سياسي يرضي جميع الأطراف وفي حال لم يكن هناك حل سياسي يرضي جميع الأطراف لم نتوصل إلى هدنة، وأن موقف العراق هو ما يكون من جانب المليشيات من ناحية الأفكار والمعتقدات والأمور الأخرى.

حرب ايديولوجيات

الدكتور حسين السرحان، باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية:

الحرب الحالية هي حرب بين فصائل مسلحة وبين ايديولوجية معينة ودولة لها مصلحة وفكر استراتيجي وفلسفتها الأمنية الخاصة بمنطقة الشرق الاوسط، فبعد 7 اكتوبر أصبحت لها اهداف استراتيجية بعيدة جداً مقارنةً بالأهداف الاستراتيجية للدول المحيطة بها، اما بالنسبة للحرب الشاملة فلها تداعيات كبيرة ليس من مصلحة الأمريكان ولا مصلحة الغرب ولا مصلحة إسرائيل ولا مصلحة إيران أن تذهب المنطقة باتجاه الحرب الشاملة لأنه لا يمكن للدولة الإسرائيلية أن تغضب حلفائها على مستوى العالم بشأن حروب شاملة على أكثر من ساحة والسبب في ذلك لا زال الاقتصاد العالمي يعاني كثيرا من مسألة التضخم نتيجة وباء كورونا ونتيجة الحرب الأوكرانية.

اضافة الى ان الرئيس الأمريكي يكون عادة بالسنوات الانتخابية الشغل الشاغل له هو الحملة الانتخابية وبالتالي موضوع الأصوات يعتمد على اللوبيات اليهودية واصحاب رؤوس الأموال والشركات ومراكز البحث والقوة الاجتماعية والسياسية اليهودية الموجودة في واشنطن، فتكون هي صاحبة القرار لذا دائماً يسعى لإرضاء هذه اللوبيات وبالتالي يمكن أن يشار أو يوصف الرئيس الأمريكي في هذه المرحلة يكون في مرحلة تقريباً نوع من السبات في موضوع الصلاحيات والقرارات الاستراتيجية فهذا توفرت له فرصة بهذا الموضوع، كما ان الحاكم في اسرائيل هو يمين متطرف حكومة راديكالية يمينية ولم تستطع طوال 4 انتخابات مبكرة ان تشكل حكومة ائتلافية وبالتالي وفرت لها فرصة لان تبني حكومة مصغرة حكومة أمنية اليوم تتزايد شعبيتها يوم بعد آخر للدفاع عن أمن اسرائيل رغم وجود المختطفين.

حالياً إسرائيل بقضية اغتيال قيادة حزب الله أبلغت سكان جنوب لبنان أنه من يغادر بيته لا يفكر بالعودة لمنطقة جنوب لبنان والهدف من هذا على المدى البعيد أنه أفرغ حزب الله من حاضنته الشعبية في هذه المنطقة وسيبقون مهجرين ونازحين بين العراق وسوريا، وسيستمر الضغط العسكري على حزب الله لحين تحقيق الهدف الاستراتيجي بالنسبة لإسرائيل، صانع القرار وفق رؤيته الاستراتيجية الأمنية بالنسبة للإسرائيل هي تطبيق قرار 1701 بأن يسلم حزب الله سلاحه للحكومة اللبنانية وينهي نشاط العسكري في جنوب لبنان ووقتها وافقت الحكومة اللبنانية بالإجماع ووافق حزب الله بالإجماع، وربما سيستمر الضغط العسكري الاسرائيلي على جنوب لبنان لحين تحقيق الهدف وهو ازالة التهديد الامني على شمال اسرائيل وأعتقد هذا الموضوع مفروغ منه لكن ليس معبئ باتجاه الحرب الشاملة.

اليوم صانع القرار الأمني على مستوى العالم ينظر الى منطقة الشرق الأوسط على أن هناك تطور خطير جدا في بيئة النظام الدولي أو في بيئة العلاقات الدولية، وهذا التطور الخطير لم يعد مقبولا لفواعل من غير الحكومات أن تكون فاعلة ومحركة ومهددة أو ناشطة بطبيعة النظام الدولي أو ديناميكيات النظام الدولي في منطقة الشرق الأوسط، خطورة هذه المنطقة تكمن في أن هناك فواعل من غير الحكومات تمارس دور أكثر شراسة وأكثر قوة من الحكومات وبالتالي لابد من قصقصت هذه الأذرع وهذه الفواعل من غير الحكومات لأنه ذلك ممكن أن يؤسس لفواعل من غير الحكومات ببيئات أخرى بالنظام الدولي وهذه البيئات تشكل تهديد كبير للاقتصاد العالمي تشكل تهديد كبير للولايات المتحدة الأمريكية التي ترى نفسها كمتربع على هيكلية أو هرمية النظام الدولي قد يكون في جنوب آسيا أو في أفريقيا أو في شمال أفريقيا أو حتى في اوروبا الشرقية.

العالم قائم على التنمية الاقتصادية

- الاستاذ محمد علي جواد، كاتب وباحث:

الحرب كما نعرف هي أداء للسياسة فكما أن السياسة تقول إنه لا صديق دائم ولا عدو دائم وهناك مصالح دائمة، فالحرب أيضاً لا هي حرب شاملة ولا هدنة دائمة، هي مواجهة مستمرة وهي صنع حالة من المواجهة يفترض ان تعيشها تحديدا الشرق الأوسط وهي بؤرة الصراع السياسي، الآن إسرائيل هي القائمة أمام هذه الحرب وهي قوة عالمية كبرى ويقف خلفها الغرب، العالم اليوم لا يريد الحرب بل قائم على التنمية الاقتصادية وعلى الاستثمارات وعلى التطور التكنولوجي لكن هذا الاستقرار غير مسموح للدول العربية والإسلامية فعندما تحاول دولة ان تكون متقدمة ومتطورة بغض النظر عن فشلها او عجزها أو غير واقعيتها أو نواياها سيكون الرد قاسي وزجها في حروب لا طائل منها.

وفي ختام الملتقى الفكري تقدم مدير الجلسة الاستاذ حيدر الاجودي بالشكر الجزيل والامتنان إلى جميع من شارك برأيه حول الموضوع سواء بالحضور او من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، كما توجه بالشكر الى الدعم الفني الخاص بالملتقى الفكري الاسبوعي.

* مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية / 2001 – 2024 Ⓒ

http://mcsr.net

اضف تعليق