شهد زخم السباق الرئاسي تحوّلا كبيرا منذ أن انسحب منه الرئيس جو بايدن ودخلته هاريس في تطوّر حفّز القاعدة الانتخابية للحزب الديموقراطي. فهل باتت الولايات المتحدة مستعدة لانتخاب امرأة سوداء رئيسة لها؟ تراهن نائبة الرئيس كامالا هاريس على ذلك، وهي تتحضر لتسميتها رسميا مرشحة الحزب الديموقراطي...

تشهد ولاية بنسلفانيا في نهاية الأسبوع تجمّعات انتخابية للمرشحين الجمهوري دونالد ترامب والديموقرطية كامالا هاريس، في حين أظهرت نتائج استطلاع أجري مؤخرا تحقيق نائبة الرئيس تقدما كبيرا قبل أيام من انعقاد المؤتمر الوطني العام للحزب الديموقراطي الذي سيعلنها رسميا مرشحته إلى البيت الأبيض.

وينظّم المهرجان الانتخابي لترامب في بلدة ويلكس-باري الصغيرة، فيما تجري هاريس جولة انتخابية في الولاية تشمل محطات عدة الأحد قبل التوجه إلى مؤتمر الحزب الديموقراطي المقرّر عقده في شيكاغو.

وشهد زخم السباق الرئاسي تحوّلا كبيرا منذ أن انسحب منه الرئيس جو بايدن في 21 تموز/يوليو، ودخلته هاريس في تطوّر حفّز القاعدة الانتخابية للحزب الديموقراطي.

فهل باتت الولايات المتحدة مستعدة لانتخاب امرأة سوداء رئيسة لها؟ تراهن نائبة الرئيس كامالا هاريس على ذلك، وهي تتحضر لتسميتها رسميا مرشحة الحزب الديموقراطي للرئاسة الأميركية خلال مؤتمره في شيكاغو الأسبوع المقبل.

قالت هاريس (59 عاما) عندما ترشحت في الانتخابات التمهيدية للحزب سنة 2019 ضد جو بايدن “طوال مسيرتي المهنية، سمعت الناس يقولون عندما أترشح… إن الناس ليسوا مستعدين، لم يحن وقتك، لم يسبق لأحد مثلك أن فعل ذلك”.

وأضافت “لم أعِر ذلك أهمية، وأقترح ألا يستمع أحد لهذا النوع من المحادثات”.

لم يقدّر لهاريس يومها أن تخوض حملة رئاسية، اذ خرجت من سباق الانتخابات التمهيدية قبل أن يختارها بايدن نائبة له.

وفي حال تمكنت هاريس (59 عاما) من هزيمة دونالد ترامب في تشرين الثاني/نوفمبر، ستصبح أول امرأة وثاني شخص أسود يتولى مقاليد الحكم في البيت الأبيض بعد باراك أوباما.

تعد هاريس المولودة لأم هندية وأب جامايكي، رائدة فعلا في نواحٍ عدة.

كانت أول امرأة يتم انتخابها لمنصب المدعي العام في كاليفورنيا، وأول أمريكية من أصل إفريقي وآسيوي تشغل هذا المنصب. ثم أصبحت أول نائبة رئيس في تاريخ الولايات المتحدة.

 في استطلاع نُشر في أيلول/سبتمبر 2023، وجد مركز بيو للأبحاث في واشنطن، أن النوع الاجتماعي ليس له دور في اختيار الرئيس بالنسبة لغالبية الأمريكيين.

وقال ستون بالمئة من المستطلعة آراؤهم إن أي رئيسة ستتعامل مع الضغوط بذات كفاءة الرجل، بينما رأى 27% أنها ستؤدي العمل بشكل أفضل.

وترى سونيا جيبسون رانكين وهي استاذة القانون بجامعة نيو مكسيكو انه “بينما أصبحت القيادة النسائية – سواء كرئيسات أو ملكات أو رئيسات وزراء أو رئيسات دول – هي القاعدة في العديد من أجزاء العالم، بما في ذلك أوروبا وآسيا وأميركا الجنوبية والدول الإفريقية، فإن الولايات المتحدة لم تشهد هذه اللحظة بعد”.

ولفتت الى أن الديموقراطية هيلاري كلينتون، وعلى رغم خسارتها المجمع الانتخابي وبالتالي الرئاسة أمام ترامب في العام 2016، كانت الفائزة بالتصويت الشعبي.

تقول ريجينا باتيسون، أستاذة العلوم السياسية في جامعة كولورادو بولدر، إن تحيزات الناخبين ليست هي القضية في ذاتها. 

وأوضحت “المشكلة في الغالب لا تكمن في أن الناخبين منحازون بالفعل (..) بل تكمن في خشية المطلعين على الحزب والمندوبين والمانحين السياسيين من تحيز الناخبين”.

قد يؤدي ذلك إلى حجب الدعم عن مرشحة من أصول عرقية غير بيضاء، في ظاهرة تسميها باتيسون “التمييز الاستراتيجي”، وتتجلى عادة خلال الانتخابات التمهيدية عندما يتعين على المرشح أن يثبت قدرته على حشد العديد من مجموعات الناخبين.

وباتت هاريس مرشحة الديموقراطيين بعد انسحاب الرئيس جو بايدن (81 عاما) من السباق، ما جنّبه “عملية محاولة إقناع الناس بأنها قابلة للانتخاب” خلال الانتخابات التمهيدية، بحسب باتيسون.

واختارت حاكم ولاية مينيسوتا تيم والز نائبا لها، وهو رجل أبيض في الستين من العمر. وتأمل هاريس الآن في كسب ثقة جميع الأمريكيين، بغض النظر عن العرق أو النوع الاجتماعي.

اقتنع البعض بالفعل، مثل مجموعة “رجال بيض من أجل هاريس” والتي حشدت 200 ألف شخص لجمع التبرعات لهاريس عبر تطبيق زووم في أواخر تموز/يوليو، وجمعت أكثر من أربعة ملايين دولار.

شيوعية ومجنونة 

ولم ينتظر دونالد ترامب طويلا لمهاجمة هاريس على أساس خلفيتها العرقية.

وبحسب الملياردير الجمهوري فإن هاريس “أصبحت سوداء” مؤخرا بهدف حشد الدعم الانتخابي.

ولطالما تحدثت هاريس عن أصولها الآسيوية والسوداء بفخر. وانتقدت ترامب لـ”بث الفرقة وعدم الاحترام”.

وأثارت تعليقات أدلى بها مرشح نائب الرئيس الجمهوري جاي دي فانس غضبا مؤخرا عندما انتشر مقطع مصور له من عام 2021، انتقد فيه الحزب الديمقراطي قائلا إنه يدار من قبل “مجموعة من السيدات اللاتي يربين القطط دون أطفال، ويشعرن بالتعاسة في حياتهن الخاصة (..) وبالتالي يرغبن في جعل بقية البلاد بائسة أيضا”.

لم تنجب هاريس أطفالا. وهي متزوجة من دوغلاس إيمهوف، وساعدت في تنشئة طفليه.

وأثارت هذه التعليقات انتقادات واسعة واعتبرت بمثابة زلة سياسية في بلد تراجعت فيه معدلات الخصوبة الى أدنى مستوياتها تاريخيا. 

وسعى فانس إلى التراجع عن تصريحاته قائلا إنها أخرجت من سياقها. 

وفي بنسلفانيا، بدأ ترامب بإلقاء اللوم على هاريس لإطلاقها العنان لما قال إنه تضخم “مدمر” – وهو واحد من أكبر القضايا في الحملة الانتخابية. وسرعان ما سخر ترامب من ضحكة هاريس ووصفها بأنها “شيوعية” و “مجنونة”. كما انتقد صورة لهاريس على غلاف مجلة تايم، وأصر على أنه “يبدو أفضل منها بكثير”.

وأظهر استطلاع أجرته صحيفة نيويورك تايمز وجامعة سييينا ونشرت نتائجه السبت، أن هاريس أعادت الديموقراطيين للمنافسة بقوة في أربع ولايات كان ترامب متّجها للفوز فيها بسهولة على بايدن.

ويواجه الجمهوري صعوبة في إيجاد سبيل لكبح صعود هاريس، ومن المرجّح أن يثير الاستطلاع الجديد مزيدا من القلق لدى فريق حملته، مع تقدّم نائبة الرئيس في أريزونا وكارولاينا الشمالية، وتقليصها الفارق في نيفادا وجورجيا.

وسيتعيّن على ترامب إيجاد زخم جديد خلال تجمّعه الانتخابي السبت، بعد سلسلة تجمّعات بدت بلا زخم في دارته في فلوريدا وفي ناد للغولف يملكه في نيوجيرزي.

وتركز بيانات حملة ترامب على مسائل على غرار الهجرة والتضخّم، لكن المرشّح يخصّص حيزا كبيرا في خطاباته لتوجيه انتقادات شخصية لهاريس، وهو أمر قد لا يستسيغه ناخبون من المستقلين أو ممن لم يحسموا خيارهم بعد في الاستحقاق المقرر في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر.

وجاء في بيان لحملة ترامب قبيل التجمّع الانتخابي في ويلكس-باري أن “الأميركيين الكادحين يعانون بسبب سياسات إدارة هاريس-بايدن الليبرالية الخطيرة”.

وأضاف البيان “الأسعار مرتفعة بشكل مؤلم، وتكاليف المعيشة ازدادت بشكل كبير، والجريمة ارتفعت بشكل كبير، والمهاجرون غير الشرعيين يتدفقون إلى بلدنا”، علما بأن إجراءات مشددة فرضت مؤخرا على الحدود مع المكسيك أوقفت بشكل كبير تدفق العمال غير القانونيين وطالبي اللجوء.

وفي تصريح لصحافيين الخميس قال ترامب إنه يشعر بأن “من حقه” أن يواصل توجيه انتقادات شخصية لهاريس، أول امرأة وسوداء يرشّحها للرئاسة أحد الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة.

وتشمل انتقادات ترامب تشكيكا في ذكاء هاريس وفي هويتها العرقية ووصفها بأنها “شيوعية”.

وبينما تظهر استطلاعات الرأي احتدام المنافسة، فإن الولايات المتأرجحة وخصوصا بنسلفانيا، هي التي ستحسم النتيجة وفق نظام المجمع الانتخابي الأميركي. وقد خسر ترامب الولاية بفارق ضئيل أمام بايدن في 2020، لكنه يتمتع بدعم قوي في المناطق الريفية والبلدات الصغيرة.

والأسبوع الماضي أظهر استطلاع لنيويورك تايمز وجامعة سيينا تقدّما طفيفا لهاريس على ترامب في بنسلفانيا وميشيغن وويسكونسن.

وتأمل نائبة الرئيس بالحفاظ على زخمها قبل التوجه إلى المؤتمر الوطني العام للحزب الديموقراطي.

وسيتضمن المؤتمر الذي ينطلق الاثنين في شيكاغو، ثلاثة أيام من الخطابات لقادة الحزب، بينهم بايدن والرئيس الأسبق باراك أوباما، قبل أن تلقي هاريس كلمة قبول الترشيح الخميس.

معركة بشأن الاقتصاد

ومع اقتراب موعد الانتخابات في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر، تسعى هاريس للنأي بنفسها عن سياسات لبايدن لا تحظى بشعبية، متخطية محاولات ترامب وصفها بأنها ليبرالية متطرفة.

في الأسبوع الماضي ركز الجانبان على مخاوف الناخبين بشأن الاقتصاد. 

وهاجم ترامب هاريس الخميس قائلا إن لديها “ميولا قوية إلى الشيوعية” معتبرا أن من شأن ذلك أن “يقضي على الحلم الأميركي”.

من جهتها، شاركت هاريس في فعالية بكارولاينا الشمالية الجمعة، كشفت فيها مقترحات لتخفيف عبء التضخم بعد جائحة كوفيد.

وأشارت إلى أن الاقتصاد الأميركي مزدهر، وإن أقرت في الوقت عينه بأن “العديد من الأميركيين لا يشعرون بعد بهذا التقدم في حياتهم اليومية”.

وأضافت “ترامب يقاتل من أجل اصحاب الملايين والشركات الكبرى. سأقاتل لإعادة الأموال إلى الأميركيين العاملين والطبقة المتوسطة”.

معركة المناخ

بين الهجمات الشخصية وحرب الإعلانات والإعلانات المضادة وتعثر الحملات الانتخابية، لم يبق في السباق إلى البيت الأبيض سوى مساحة ضئيلة جدا للتطرق إلى مسألة التغير المناخي، رغم أن العالم يشهد حاليا درجات حرارة غير مسبوقة والعديد من الكوارث.

يواجه دونالد ترامب كامالا هاريس بدلا من جو بايدن، ولجأ المرشح الجمهوري في تجمعاته الانتخابية الأخيرة الى ترداد معلومات مضللة وميمات واردة على “اكس”، بهدف إحراج نائبة الرئيس الأميركي.

في هذا السياق، تحدث ترامب عن حظر غير موجود للحوم الحمراء ومواقد الغاز. وقال في 27 تموز/يوليو في تجمع انتخابي في ولاية منيسوتا “دعت كامالا إلى خفض استهلاك اللحوم الحمراء لمكافحة تغير المناخ”. 

وأضاف الرئيس السابق أن المرشحة الديموقراطية “ستتخلص من جميع الأبقار (..) وأعتقد أنه في مرحلة ما، سيلاحقون البشر”، مكررا نظريات المؤامرة حول “انخفاض عدد السكان” والتي تنسب إلى هاريس في المساحات اليمينية منذ تناولت قضية “القلق المناخي” بين الأجيال الأصغر سنا في مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض العام الماضي. 

وقال جاي دي فانس المرشّح لمنصب نائب الرئيس على بطاقة ترامب في 3 آب/اغسطس في اتلانتا إن هاريس “ترغب في أخذ مواقد الغاز خاصتكم، وتريد حتى حرمانكم القدرة على تناول اللحوم الحمراء”.

وأصبحت هذه الإدعاءات محط اهتمام عبر منصة “اكس” بتشجيع من المعلقين المحافظين في الولايات المتأرجحة والحسابات المؤيدة لترامب.

والواقع أن هاريس لم تعلن أي تعهد مماثل خلال حملتها الانتخابية.

فقد استخدمت موقد غاز للطهو، وقالت أمام لجنة بيئية عام 2019 أنها تحب تناول “البرغر بالجبن من وقت لآخر” على الرغم من دعمها لفكرة تحديث الإرشادات الغذائية. 

ويقول إدوارد مايباخ مدير مركز اتصالات تغير المناخ في جامعة جورج مايسون إن “التكتيك المعتمد في السياسة يقضي بتحريف مواقف الخصم لجعلها تبدو متطرفة وغير مقبولة. وهذا بالضبط ما يقوم به ترامب وفانس مع مواقف نائبة الرئيس هاريس بشأن العمل المناخي”. 

بالإضافة إلى ترداد الأخبار الكاذبة، ينتقد ترامب وفانس مواقف هاريس في قضايا مثل التكسير الهيدروليكي، وهي تقنية استخراج النفط والغاز تحت الأرض والتي تسبب اضطرابات عنيفة. 

وكانت هاريس دعت في 2019 الى حظر هذه الممارسة، قبل أن تترشح مع بايدن للانتخابات الرئاسية عام 2020.

وسعت مؤخرا إلى تجنب الأسئلة حولها، خصوصا في ولاية بنسيلفانيا المتأرجحة الحاسمة وحيث يعد التكسير الهيدروليكي عنوانا مهما.

من جهتهم، يشيد نشطاء المناخ غالبا بهاريس، وخصوصا انطلاقا من دعوتها الى ملاحقة شركات النفط عندما كانت تشغل منصب المدعية العامة لولاية كاليفورنيا.

ودفعت إدارة بايدن نحو التحول الى مجال الطاقة المتجددة عبر إمرار قانون خفض التضخم، وهو أكبر استثمار في الحد من تلوث الكربون في تاريخ الولايات المتحدة.

لكن ترامب عارض التشريع بشدة، وتبنى شعار “احفر يا عزيزي احفر” تلخيصا لنهجه الصديق للوقود الأحفوري.

وقالت رابطة الناخبين من أجل الحفاظ على البيئة لوكالة فرانس برس إن تضخيم حملة ترامب للمعلومات المضللة عن “الحظر الواسع النطاق” يشكل “تكتيك تخويف سخيفا”، هدفه تقويض ما أحرز من “تقدم” في الآونة الأخيرة.

وردا على طلب وكالة فرانس برس التعليق، لم تتطرق المتحدثة باسم هاريس، لورين هيت، إلى ادعاءات محددة لترامب وفانس، لكنها قالت إن المرشحة الديموقراطية “تركز على مستقبل يتمتع فيه جميع الأميركيين بهواء نظيف ومياه نظيفة وطاقة موثوقة وبأسعار معقولة”. 

في الوقت ذاته، رفض ترامب مرارا وتكرارا الاخطار الناجمة عن تغير المناخ.

وقال في مقابلة مع إيلون ماسك في منتصف آب/اغسطس بثت على موقع “اكس” إن “التهديد الأكبر ليس الاحتباس الحراري، لأن ارتفاع مستوى المحيطات لن يتجاوز ثمن بوصة على مدار الأربعمئة عام المقبلة”. وكان ماسك أعلن دعمه لترامب في هذه الانتخابات في تموز/يوليو الماضي.

ولكن بحسب استطلاع أجراه أخيرا برنامج يال للاتصالات حول تغير المناخ، فإن أكثر من ثلث الناخبين المسجلين لا يتفقون مع هذا الرأي، مؤكدين أن الاحتباس الحراري واحد من الموضوعات المهمة التي ستتحكم في خيارهم في انتخابات 2024.

ويؤكد مايباخ أن “هذا التكتيك سيأتي بنتائج عكسية لدى الناخبين غير الملتزمين، كون معظمهم قلقين بشأن تغير المناخ”. 

ويرى أن “هجوم ترامب وفانس على نائبة الرئيس هاريس بسبب مواقفها من ملف المناخ سيعود عليهما بالضرر ولن يفيدهما”.

الشركات في مرمى النيران

بينما بات المناخ السياسي أكثر استقطابا من أي وقت مضى في الولايات المتحدة، تجد الشركات الكبرى نفسها في بعض الأحيان في مرمى نيران الانتقادات والاتهامات بدعم مرشح ما، لتصبح بذلك هدفا لدعوات المقاطعة في خضم حملة الانتخابات الرئاسية.

ينعكس ذلك عبر المحنة الأخيرة التي واجهتها شركتا نتفليكس وغوغل، اللتين وقعتا ضحية لحملات تضليل تتهمهما بتمويل حملة المرشحة الديموقراطية كامالا هاريس، قبل أشهر من الانتخابات في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر.

وفي ما يشكّل امتدادا لهذه الاتهامات، تزايدت الدعوات للمقاطعة خصوصا على “إكس” المملوكة للملياردير إيلون ماسك الذي كان أعلن دعم المرشح الجمهوري دونالد ترامب ولا يتوانى عن محاولة التأثير على الناخبين عبر منصّته.

غير أنّ هذه الدعوات ضدّ نتفليكس انتشرت أيضا عبر منصات اجتماعية أخرى منها تيك توك وإنستغرام، حيث ظهرت الاتهامات ذاتها التي تقوم على أن الشركات تموّل حملة هاريس الانتخابية بما يصل إلى سبعة ملايين دولار.

لكن نتفليكس أوضحت أن ريد هاستينغ، المؤسس المشارك للشركة ومديرها التنفيذي، قدّم هذا التبرّع “بصفته الشخصية”، مؤكدة أنّ موقفه “ليست له أي صلة بنتفليكس”. 

ورغم ذلك، انتشرت الدعوات المطالِبة بـ”حذف نتفليكس” على شبكات التواصل الاجتماعي، وباتت اللقطات التي تُظهر إلغاء الاشتراك، شائعة التداول.

وفق شركة الأبحاث المتخصّصة بمكافحة التضليل “سيابرا” (Cyabra)، فإنّ حوالى ربع الدعوات للمقاطعة عبر إكس تأتي من حسابات وهمية كانت قد استُخدمت لدعم ترامب.

من جهته، يقول المدير العام لسيابرا دان براهمي إنّ “حملات التضليل ضدّ الشركات خلال المناخ المستقضب الحالي تحمل تأثيرا يتجاوز بكثير قضايا الصورة البسيطة”.

ويشدّد على أنّ “حالة نتفليكس تُظهر مدى سرعة انتشار هذه الحملات وإمكانية وصولها إلى مئات الملايين من الأشخاص… ولكن أيضا أنّه يمكن للمعلومات المضلّلة أن تتلاعب بالرأي العام وسلوك المستهلك”. 

يؤكد براهمي أنّه “يجب على الشركات أن تكون يقظة”. 

وكما نتفليكس، وجدت شركة غوغل نفسها هدفاً لحملة انتقادات واتهامات بفرض رقابة على محتوى معيّن يتعلّق بالانتخابات، إضافة إلى اتهامات أخرى بالتلاعب بخوارزمية محرّك البحث الخاص بها لإبراز المضامين المؤيدة لهاريس.

وفي هذا الإطار، برزت مئات الحسابات على منصة إكس دعت لمقاطعة العملاق الرقمي، بعدما كانت قد استُخدمت في السابق لدعم ترامب أيضا.

وأدى إيلون ماسك الذي ينتقد غوغل بانتظام “دورا مهما في تضخيم المحتوى السلبي” ضد الشركة، وفقا لتقرير صادر عن “سيابرا”.

من جهتها، رفضت شركة غوغل التعليق ردا على سؤال وكالة فرانس برس.

مع ذلك، لا تعدّ مقاطعة الشركات لأسباب سياسية أمرا جديدا، فبحسب استطلاع أجرته منصة Sitejabber في أوئل آب/أغسطس، مارس 30 في المئة من الأشخاص هذه المقاطعة خلال الأشهر الـ12 الأخيرة، بينما أعرب 41 في المئة من المستطلَعين عن رغبتهم في ألا تعبّر الشركات عن موقف سياسي.

ويقول المدير العام لـSitjabber مايكل لاي لفرانس برس إنّه ينبغي على الشركات “إيجاد توازن دقيق خلال هذا العام الانتخابي”. ويضيف “إذا كان الظهور على أنّها محايدة سياسيا يبدو أقل خطورة، فمن المهم للشركات أن تفهم أنّ الحياد حتى يمكن أن يُنظر إليه على أنّه موقف”.

مع ذلك، ليس لدى المستهلكين رأي واضح بشأن ما إذا كان على الشركات أن تتخذ موقفا بشأن قضية سياسية معينة، وفقا لتحقيق أجرته شركة Certus Insight.

غير أنّ الخشية من التأثير السلبي على العلامة التجارية دفعت بعض الشركات إلى التوقف عن التصريح عبر منصة إكس، خصوصا بعد شراء إيلون ماسك للمنصة في نهاية العام 2022 والتخلي شبه الكامل عن أي سياسة للإشراف على المحتوى. 

وفي بداية آب/أغسطس، قدّمت إكس شكوى ضد العديد من الشركات، متهمة إياها بمقاطعة الشبكة الاجتماعية والتسبب في خسارتها إيرادات بمليارات الدولارات.

وتقول كلير اتكين المديرة العامة لمرصد المعلومات المضلّلة Check My Ads إنّ “التضليل يغذّي الفوضى وعدم الثقة. تستفيد العلامات التجارية عموما من مجتمع مطّلع بشكل جيد”.

* المصدر: وكالات+ فرانس برس

اضف تعليق