تشهد بنجلاديش أعمال عنف منذ احتجاجات طلابية ضد نظام الحصص الذي يحتفظ ببعض الوظائف في القطاع العام للمحاربين القدامى في حرب استقلال بنجلاديش عام 1971، والتي ينظر إليها باعتبارها محاباة لحلفاء الحزب الحاكم. وتطورت الاحتجاجات إلى حملة تهدف إلى الإطاحة بحسينة، التي فازت بولاية رابعة على...
استقالت رئيسة وزراء بنجلادش الشيخة حسينة يوم الاثنين وفرت من البلاد بعد سقوط نحو 250 قتيلا في حملة لقمع مظاهرات بدأت باحتجاجات على نظام الحصص في الوظائف الحكومية وتحولت إلى حركة طالبت باستقالتها.
واقتحمت حشود مبتهجة مقر الإقامة الرئاسي دون أن تجد من يعترض طريقها، ونهب بعضهم أثاثا وأجهزة تلفزيون. وظهر رجل وهو يحمل كرسيا على رأسه وخرج آخر بمجموعة من المزهريات.
وفي موقع آخر في العاصمة داكا، تسلق متظاهرون تمثالا كبيرا لزعيم الاستقلال الشيخ مجيب الرحمن، والد حسينة، وشرعوا في قطع رأس التمثال بفأس.
وأنهت رحلة حسينة إلى المنفى الفترة الثانية لها في السلطة التي امتدت 15 عاما. وعلى مدار 20 عاما ظلت حسينة زعيمة للحركة السياسية التي ورثتها عن والدها الذي اغتيل مع معظم أفراد أسرته في انقلاب عام 1975.
وأعلن قائد جيش بنجلادش الجنرال واكر الزمان يوم الاثنين في خطاب بثه التلفزيون استقالة رئيسة الوزراء قائلا إنه سيجري تشكيل حكومة مؤقتة لإدارة شؤون البلاد.
ودعا قائد الجيش إلى السلام وتعهد بالعدالة للقتلى الذين سقطوا خلال اضطرابات دامت أسابيع.
وأوضح أنه أجرى محادثات مع زعماء جميع الأحزاب السياسية الرئيسية، باستثناء حزب رابطة عوامي الذي تتزعمه حسينة، وأنه سيلتقي قريبا بالرئيس محمد شهاب الدين لمناقشة الخطوات المقبلة.
وقالت وكالة (إيه.إن.آي) الهندية للأنباء إن الطائرة التي تقل حسينة (76 عاما) هبطت في مطار عسكري بالقرب من دلهي. ولم يتسن لرويترز التحقق من ذلك حتى الآن لكن خدمات تتبع الرحلات الجوية أظهرت مغادرة طائرة تابعة لسلاح الجو في بنجلادش البلاد وتحليقها غربا قبل أن تختفي.
وقال الزمان (58 عاما) الذي تولى قيادة الجيش في 23 يونيو حزيران "البلاد تمر بفترة ثورية".
وأضاف "أعدكم جميعا بتحقيق العدالة في جميع جرائم القتل والظلم. ونطلب منكم أن تثقوا في جيش البلاد. أتحمل المسؤولية كاملة وأؤكد لكم أن أملكم لن يخيب".
وتابع القول "أطلب منكم جميعا أن تتحلوا بالصبر قليلا وأن تمنحونا بعض الوقت وسوف نتمكن معا من حل جميع المشاكل... من فضلكم لا تعودوا إلى مسار العنف وعودوا إلى الوسائل السلمية غير العنيفة".
وقُتل نحو 250 شخصا وأصيب الآلاف في أعمال العنف.
وتشهد بنجلاديش أعمال عنف منذ احتجاجات طلابية الشهر الماضي ضد نظام الحصص الذي يحتفظ ببعض الوظائف في القطاع العام للمحاربين القدامى في حرب استقلال بنجلاديش عام 1971، والتي ينظر إليها باعتبارها محاباة لحلفاء الحزب الحاكم.
وتطورت الاحتجاجات إلى حملة تهدف إلى الإطاحة بحسينة، التي فازت بولاية رابعة على التوالي في يناير كانون الثاني، في انتخابات قاطعتها المعارضة.
وكان طلاب محتجون في بنجلادش قد دعوا إلى مسيرة نحو العاصمة داكا يوم الاثنين، في تحد لحظر التجول الشامل للضغط على رئيسة الوزراء الشيخة حسينة للاستقالة.
وذكرت صحيفة ديلي ستار أن ستة أشخاص على الأقل قُتلوا يوم الاثنين في اشتباكات مع الشرطة. ولم يتسن لرويترز التحقق من صحة التقرير حتى الآن.
وعدد القتلى يوم الأحد، الذي شمل ما لا يقل عن 13 شرطيا، كان الأعلى في تاريخ بنجلادش الحديث بالنسبة ليوم واحد من الاحتجاجات، إذ تجاوز 67 حالة وفاة مسجلة في 19 يوليو تموز عندما نزل الطلاب إلى الشوارع احتجاجا على نظام الحصص.
وأعلنت الحكومة حظر التجول الشامل بدءا من الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي (1200 بتوقيت جرينتش) يوم الأحد، وكذلك عطلة عامة لثلاثة أيام تبدأ من يوم الاثنين.
وقالت وسائل إعلام محلية إن الهجمات وأعمال التخريب والحرق العمد استهدفت مبان حكومية ومكاتب حزب رابطة عوامي الحاكم ومراكز الشرطة ومنازل الممثلين العموميين مطلع الأسبوع.
وعلقت السكك الحديدية خدماتها وتوقف نشاط صناعة الملابس الضخم في البلاد.
وبرز دور جيش بنجلادش في معالجة العنف بعد أن حث مجموعة من العسكريين المتقاعدين حسينة على سحب القوات من الشوارع وتبني "مبادرات سياسية" لحل الأزمة.
تشكيل حكومة انتقالية
وسعت حسينة منذ أوائل تموز/يوليو لإخماد تظاهرات واسعة منددة بحكومتها، لكنها فرت غداة يوم سجل أكبر عدد من الضحايا مع مقتل نحو 100 شخص.
وأعلن قائد الجيش الجنرال وقر الزمان في خطاب على التلفزيون الحكومي الإثنين أن حسينة استقالت مؤكدا أن الجيش سيشكل حكومة انتقالية.
وقال إن “البلد عانى كثيرا والاقتصاد تضرر وعدد كبير من الناس قتلوا، حان الوقت لوقف العنف … آمل بعد خطابي أن يتحسن الوضع”.
وحذر مايكل كوغلمان، مدير معهد جنوب آسيا في مركز ويلسون في واشنطن، من أن رحيل حسينة “سيترك فراغا كبيرا”.
وقال “إذا كان الانتقال سلميا، مع تشكيل حكومة مؤقتة تتولى السلطة حتى إجراء الانتخابات، فإن مخاطر الاستقرار ستكون متواضعة والعواقب ستكون محدودة … لكن إذا كان هناك انتقال عنيف أو فترة من عدم اليقين، فقد يؤدي ذلك إلى مزيد من زعزعة الاستقرار والمشاكل في الداخل والخارج”.
قبل مغادرتها المقر دعا نجل حسينة قوات الأمن إلى منع أي انقلاب على حكمها.
وقال سجيب واجد جوي المقيم في الولايات المتحدة في منشور على فيسبوك “واجبكم هو الحفاظ على سلامة شعبنا وبلدنا والحفاظ على الدستور”.
أضاف “هذا يعني عدم السماح لأي حكومة غير منتخبة بالوصول إلى السلطة لدقيقة واحدة، هذا واجبكم”.
دعمت قوات الأمن حكومة حسينة خلال فترة الاضطرابات التي بدأت الشهر الماضي احتجاجا على تخصيص أكثر من نصف الوظائف الحكومية لشرائح معينة قبل أن تتصاعد الدعوات المطالبة باستقالتها.
وأعلن الجيش حالة طوارئ في كانون الثاني/يناير 2007 عقب اضطرابات سياسية واسعة وشكل حكومة تصريف أعمال مدعومة من الجيش لعامين.
ثم حكمت حسينة بنغلادش منذ 2009 وفازت بولاية رابعة في انتخابات كانون الثاني/يناير التي لم تشهد منافسة حقيقية.
وتتهم منظمات حقوق الإنسان حكومتها بإساءة استخدام مؤسسات الدولة لترسيخ إمساكها بالسلطة والقضاء على المعارضة، بما في ذلك عبر القتل خارج نطاق القضاء.
وبدأت التظاهرات إثر إعادة العمل بنظام حصص خصص أكثر من نصف الوظائف الحكومة لفئات معينة من المواطنين.
وتصاعدت التظاهرات رغم إلغاء المحكمة العليا قرار تفعيل النظام.
وقدّرت صحيفة بيزنس ستاندرد أن 400 ألف متظاهر نزلوا إلى الشوارع، لكن لم يتسن التأكد من العدد.
وقال آصف محمود أحد قادة الاحتجاج الرئيسيين في حملة العصيان المدني على مستوى البلاد “حان الوقت للتظاهرة النهائية”.
خلافا للشهر الماضي، لم يتدخل رجال الشرطة والجيش في أوقات كثيرة الأحد لقمع الاحتجاجات واكتفوا بالمراقبة.
وفي توبيخ بالغ الدلالة للشيخة حسينة، طالب قائد سابق للجيش يحظى باحترام البنغلادشيين الحكومة بسحب قواتها من الشوارع والسماح بالتظاهرات.
وقال إقبال كريم بويان لصحافيين الأحد “هؤلاء المسؤولون عن دفع شعب هذا البلد إلى حالة من البؤس الشديد يجب تقديمهم إلى العدالة”.
وجذبت الحركة الاحتجاجية أشخاصا من كل أطياف المجتمع البنغلادشي وبينهم نجوم سينما وموسيقيون ومغنون.
صدمة في بنغلادش
ومع عودة خدمة الإنترنت هذا الأسبوع في بنغلادش بعد انقطاع استمر أحد عشر يومًا، اكتشف ملايين السكان بصدمة القمع الوحشي للشرطة خلال الاضطرابات الأخيرة.
وكانت الاشتباكات التي وقعت في تموز/يوليو بين طلاب معارضين لنظام الحصص الوظيفية في الخدمة المدنية والشرطة من بين الأكثر حصدا للأرواح منذ وصول رئيسة الوزراء الشيخة حسينة إلى السلطة قبل 15 عاماً.
وقالت مستشفيات لوكالة فرانس برس إن من بين الضحايا مارة وعناصر في الشرطة، لكن معظمهم قتلوا بنيران قوات الأمن.
وندّد الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ومنظمات مدافعة عن حقوق الإنسان ب”الاستخدام المفرط للقوة” ضد المتظاهرين.
وبهدف استعادة النظام، نشرت الحكومة الجيش وقطعت خدمة الإنترنت وفرضت حظر تجول.
وأفادت منظمة العفو الدولية بأن درس صور ومقاطع فيديو وروايات شهود عيان، أثبتت أن الشرطة استخدمت القوة بشكل “غير قانوني” ضد المتظاهرين مرات عدة.
من جهته، قال وزير الداخلية البنغلادشي أسد الزمان خان للصحافة الأحد إن قوات الأمن التزمت ضبط النفس لكنها “أُجبرت على إطلاق النار” للدفاع عن أبنية حكومية.
وتساءل أحد مستخدمي الإنترنت تعليقا على مقطع فيديو قصير يظهر عنصرا في الشرطة يطلق النار على شاب مصاب بجروح، بينما يحاول آخر سحبه إلى مكان آمن “كيف تقتل الشرطة إخوتنا وأخواتنا بهذه الطريقة؟”.
وتمكنت وكالة فرانس برس من إثبات أن هذا الفيديو صُوِّر في حي جاتراباري في العاصمة دكا، وحدّدت هوية ثلاثة شهود عيان أكدوا ذلك ووافقوا على الإدلاء بشهادتهم طالبين عدم كشف أسمائهم خوفًا من تعرضهم لأعمال انتقامية.
ووقعت الحادثة في 20 تموز/يوليو، في ذروة الاضطرابات، بعد ساعات من إعلان حكومة حسينة حظر التجول على مستوى البلاد ونشر الجيش لاستعادة النظام.
وأفاد شاهد بأن المصاب في الفيديو هو إمام حسين تيم البالغ 18 عاماً وبأنه نفى مشاركته في الاحتجاجات حين اقتربت منه الشرطة قبل أن يُقتل بالرصاص.
وأضاف “سقط وحاول الفرار زحفاً، وغادر رجلان آخران المكان لكن أحدهما عاد ليأخذ صديقه”.
وقال والده موينال حسين لوكالة فرانس برس إن تيم نُقل بعد ذلك إلى مستشفى في دكا حيث قضى متأثرا بجراحه بعد ساعات قليلة.
وأكد توهين الأخ الأكبر لتيم أنه “لم يكن متظاهراً حتى”. وأضاف “كان يتنزّه مع أصدقائه أثناء استراحة خلال حظر التجول”.
وحصد مقطع الفيديو الذي يظهر الاعتداء على الشاب أكثر من نصف مليون مشاهدة بعد نشره على “فيسبوك”. كما جرى تداول المقطع الذي تبلغ مدته 60 ثانية على نطاق واسع على تطبيق واتساب وشبكات تواصل اجتماعي أخرى.
وتحقّقت وكالة فرانس برس أيضًا من مقطع فيديو آخر التُقط قبل يوم في منطقة رامبورا المجاورة، يظهر الشرطة تطلق النار من مسافة قريبة على رجل لجأ إلى مبنى قيد الإنشاء.
واختبأ الرجل داخل المبنى، بحسب شهود عيان. وحصد مقطع الفيديو أكثر من مليوني مشاهدة على “فيسبوك”.
وكتب أحد المستخدمين “بكيت مرات لا تحصى وأنا أشاهده. ما زلت أبكي حاليا”. وأضاف “هذا لا يحدث في بلد حر”.
واتهمت جماعات حقوقية حكومة حسينة بتهميش أحزاب المعارضة وقمع أي احتجاج خلال فترة حكمها المستمرة منذ 15 عاما.
وتحتل بنغلادش المرتبة 165 من بين 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة العالمي للعام 2023، خلف روسيا مباشرة.
وخلال الاضطرابات الشهر الماضي، سمع العديد من سكان دكا من منازلهم أصوات إطلاق نار وانفجارات في المدينة الضخمة التي يبلغ عدد سكانها 20 مليون نسمة.
وخضع التلفزيون لرقابة شديدة ولم ينشر رد الشرطة خلال الاضطرابات، وركز بدلاً من ذلك على الحرائق المتعمدة وأعمال التخريب التي ارتكبها متظاهرون.
العصيان المدني
وكانت مجموعة “طلاب ضد التمييز” المسؤولة عن تنظيم الاحتجاجات الأولى قد حضّت البنغلادشيين على بدء حركة عدم تعاون شاملة اعتبارًا من الأحد.
وقال أحد أعضاء المجموعة آصف محمود لوكالة فرانس برس “يشمل هذا عدم دفع الضرائب وفواتير الماء والكهرباء والخدمات وإضراب موظفي الحكومة ووقف التحويلات الخارجية عبر المصارف”.
وقال زملاء محمود من قادة الطلاب أيضًا إنهم قد ينظمون مسيرات وطنية أخرى السبت.
وكتب محمود على فيسبوك “من فضلكم لا تبقوا في المنزل. انضموا إلى مسيرة الاحتجاج الأقرب إليكم”.
ويطالب الطلاب باعتذار علني من رئيسة الوزراء عن أعمال العنف التي وقعت الشهر الماضي وبإقالة العديد من وزرائها.
كما أصروا على أن تعيد الحكومة فتح المدارس والجامعات في كل أنحاء البلاد والتي أُغلقت في ذروة الاضطرابات.
لكن مسيرات الاحتجاج ذهبت أبعد من ذلك بترديد هتافات تطالب حسينة البالغة 76 عامًا بالتنحي.
وتحكم حسينة بنغلادش منذ العام 2009 وفازت في ولاية رابعة على التوالي في انتخابات كانون الثاني/يناير التي لم تشهد منافسة حقيقية.
وتتهم جماعات حقوق الإنسان حكومتها بإساءة استخدام مؤسسات الدولة لترسيخ قبضتها على السلطة والقضاء على المعارضة، بما في ذلك من خلال القتل خارج نطاق القضاء.
انطلقت التظاهرات مطلع تموز/يوليو بسبب إعادة تطبيق نظام الحصص في منح الوظائف والذي قلصته المحكمة العليا منذ ذلك الحين.
ونظرا إلى وجود حوالى 18 مليون شاب بنغلادشي عاطلين عن العمل، وفقًا لأرقام الحكومة، أثارت هذه الخطوة غضب المتخرّجين الذين يواجهون أزمة توظيف حادة.
وبقيت الاحتجاجات سلمية إلى حد كبير حتى هاجمت الشرطة وجماعات من الطلاب المؤيدين للحكومة المتظاهرين.
وفرضت الحكومة حظر تجول في كل البلاد ونشرت الجيش وحجبت شبكة الإنترنت على الأجهزة المحمولة مدة 11 يومًا لاستعادة السيطرة على الوضع.
ودانت حكومات أجنبية حملة القمع ودعا مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إلى إجراء تحقيق دولي في استخدام “القوة المفرطة والمميتة ضد المتظاهرين”.
لكن وزير الداخلية أسد الزمان خان قال لصحافيين إن قوات الأمن مارست ضبط النفس لكنها “أُجبرت على إطلاق النار” لحماية المباني الحكومية.
وقالت الأمم المتحدة الجمعة إن 32 طفلاً على الأقل كانوا بين قتلى التظاهرات.
وبعد يوم من إطلاق الشرطة سراح ستة من أبرز منظمي الاحتجاجات الأولى، حضّت مجموعة “طلاب ضد التمييز” على النزول مجددا إلى الشوارع.
وقالت المجموعة في بيان “نريد العدالة لقتلة أخواتنا وإخواننا”.
واستجاب آلاف الشباب في العاصمة دكا ومدينة شيتاغونغ الساحلية للدعوة بعد صلاة الظهر، رغم الأمطار الموسمية الغزيرة.
وهتفت الجموع خارج أكبر مسجد في البلاد في وسط دكا التي يقطنها 20 مليون شخص “لماذا إخواننا في القبور والقتلة في الخارج؟”.
وطالبت “طلاب ضد التمييز” بالإفراج عن قادتها الموقوفين الذين أخرج شرطيون بلباس مدني ثلاثة منهم بالقوة من المستشفى واحتجزوهم الأسبوع الماضي.
وقال الباحث في جامعة أوسلو مبشر حسن لوكالة فرانس برس الخميس إن إطلاق سراحهم يؤشر إلى أن الحكومة تأمل في “تهدئة التوتر” مع المحتجين.
وقال الكاتب والناشط أروب راهي لوكالة فرانس برس من أحد التجمعات في العاصمة “يجب أن ترحل. لن تتحقّق العدالة للطلاب الذين قتلوا إذا بقيت في السلطة”.
وأفاد “نتبلوكس” المتخصص لمراقبة انقطاعات الإنترنت، أن مقدمّي الخدمة قيّدوا الوصول إلى فيسبوك وواتساب وتلغرام، وكلها تطبيقات استخدمت الشهر الماضي لتنظيم الاحتجاجات.
وقال مسؤول في إحدى شركات الهاتف تحدث شرط عدم كشف اسمه “تلقينا تعليمات من السلطات بحجب فيسبوك”.
وقال دبلوماسيون إن حكومة الشيخة حسينة تواصلت مع الأمم المتحدة لمساعدتها في التحقيق الذي تجريه في الاضطرابات لكن طلبها قوبل بالرفض.
وأوضح مسؤول في الأمم المتحدة لوكالة فرانس برس طالبا عدم كشف هويته “دعت الأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق محايد ومستقل وشفاف في الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان. لكن الأمم المتحدة لا تدعم التحقيقات الوطنية بالطريقة المقترحة”.
المحاصصة الحزبية
ويفيد معارضون بأن نظام الحصص استُخدم لملء الشواغر في القطاع العام بأنصار حزب “رابطة عوامي” الحاكم.
وبحسب صحيفة ديلي ستار، تم اعتقال أكثر من 10 آلاف شخص منذ بدء أعمال العنف.
وقال المسؤول في منظمة العفو الدولية سمريتي سينغ في بيان إن “الاعتقال الجماعي والاحتجاز التعسفي للطلاب المتظاهرين يشكل حملة مطاردة تقوم بها السلطات لإسكات كل من يريدون تحديها”.
وكانت حكومة حسينة اتهمت احزاب المعارضة وبينها حزب الجماعة الاسلامية باستغلال التظاهرات للتسبب باضطرابات.
وكان وزير النقل البنغلادشي عبيد القادر قد أعلن للصحافيين أن دكا ستحظر أكبر حزب إسلامي محلي، الجماعة الإسلامية وفرعها الطلابي “شيبير”.
وقال القادر وهو أيضا الأمين العام لرابطة عوامي، الحزب الحاكم، إن ممثلي الحكومة الائتلافية في بنغلادش “قرروا بالإجماع حظر الجماعة وشيبير نظرا لأنشطتهم في السابق وحاليا” مشيرا الى ان الامر قد يصبح نافذا اعتبارا من الاربعاء.
وندد رئيس الحزب شفيق الرحمن بهذا القرار باعتباره “غير قانوني ومناهضا للدستور”.
انطلقت التظاهرات هذا الشهر احتجاجا على إعادة فرض نظام حصص يخصص أكثر من نصف الوظائف الحكومية لمجموعات معيّنة.
وبوجود حوالى 18 مليون شاب بنغلادشي خارج سوق العمل، وفق البيانات الحكومية، أثارت الخطوة حفيظة خرّيجي الجامعات الذين يواجهون أزمة توظيف حادّة.
يفيد معارضون بأن نظام الحصص استُخدم لملء الشواغر في القطاع العام بأنصار حزب “رابطة عوامي” الحاكم.
خفضت المحكمة العليا الأسبوع الماضي عدد الوظائف المخصصة للفئات المحددة لكن الخطوة لم تلبِّ مطالب المحتجين الذي يصرّون على إلغاء نظام الحصص بكامله.
سقوط من القمة في بلد أسسه والدها
كانت الشيخة حسينة، التي استقالت من منصب رئيسة وزراء بنجلادش وفرت من البلاد يوم الاثنين بعد أسابيع من الاحتجاجات، واحدة من الشخصيات المهيمنة على الساحة السياسة منذ اغتيال والدها الشيخ مجيب الرحمن، زعيم الاستقلال عن باكستان، قبل حوالي نصف قرن.
جاءت مغادرتها بعد أقل من سبعة أشهر من احتفالها بفترة ولاية رابعة على التوالي والخامسة بوجه عام من خلال الانتخابات الوطنية التي حققت فيها فوزا كاسحا في يناير كانون الثاني.
وأفادت تقارير إعلامية بأن الشيخة حسينة البالغة من العمر 76 عاما لجأت مع شقيقتها إلى الهند التي وصلت إليها على متن طائرة هليكوبتر عسكرية.
شهدت السنوات الخمس عشرة الأخيرة من حكمها عمليات اعتقال لزعماء المعارضة، وحملات على حرية التعبير وقمع للمعارضة، وجاءت استقالتها في مواجهة احتجاجات دامية قادها طلاب وسقط خلالها نحو 250 قتيل.
وتعد إراقة الدماء جزءا أصيلا في تاريخها السياسي. فلقد اغتيل والدها، الذي قاد كفاح بنجلادش من أجل الاستقلال عن باكستان في عام 1971، مع معظم أفراد عائلتها في انقلاب عسكري عام 1975. ومن حسن حظها أنها كانت تزور أوروبا في ذلك الوقت.
ولدت حسينة عام 1947 في جنوب غرب بنجلادش، باكستان الشرقية آنذاك، وكانت الأكبر بين خمسة أطفال. حصلت على شهادة في الأدب البنجالي من جامعة داكا عام 1973 واكتسبت خبرة سياسية كوسيط بين والدها وأتباعه الطلاب.
عادت إلى بنجلادش من الهند، حيث عاشت في المنفى، في عام 1981 وانتخبت رئيسة لحزب رابطة عوامي.
تعاونت حسينة لاحقا مع منافستها السياسية الشيخة خالدة ضياء، رئيسة حزب بنجلادش الوطني المنافس، لقيادة انتفاضة شعبية من أجل الديمقراطية وهي الانتفاضة التي أطاحت بالحاكم العسكري حسين محمد إرشاد من السلطة في عام 1990.
لكن التحالف مع خالدة ضياء لم يدم طويلا واستمر التنافس المرير بين المرأتين في الهيمنة على السياسة في بنجلادش لعقود من الزمان.
قادت حسينة حزب رابطة عوامي إلى الفوز لأول مرة في عام 1996، وتولت رئاسة الوزراء لولاية واحدة مدتها خمس سنوات ثم عادت إلى السلطة مجددا في عام 2009، ولم تفقدها منذ ذلك الحين.
ومع مرور الوقت، أصبح حكمها شموليا على نحو متزايد وشهد عمليات اعتقال جماعية للمعارضين السياسيين والناشطين بالإضافة إلى الاختفاء القسري والقتل خارج نطاق القضاء.
وحذرت جماعات لحقوق الإنسان من حكم الحزب الواحد لرابطة عوامي.
وفي عام 2018، سُجنت خالدة ضياء رئيسة الوزراء السابقة وأرملة ضياء الرحمن، الرئيس السابق لبنجلادش الذي اغتيل عام 1981، بتهم الفساد والتي تقول المعارضة إنها ملفقة. وجرى منعها من ممارسة أي نشاط سياسي.
ويقول حزب بنجلادش الوطني ومنظمات لحقوق الإنسان إن حكومة حسينة اعتقلت عشرة آلاف من أعضاء حزب المعارضة بتهم ملفقة في الفترة التي سبقت انتخابات يناير كانون الثاني، التي قاطعتها المعارضة.
ورفضت حسينة مطالب حزب بنجلادش الوطني لها بالاستقالة والسماح لسلطة محايدة بإدارة الانتخابات.
وتبادلت الاتهامات مع منافسيها بمحاولة إشاعة الفوضى والعنف لتعريض الديمقراطية التي لم تترسخ بعد في البلاد للخطر. ويبلغ عدد سكان بنجلادش 170 مليون نسمة.
وعلى الرغم من الانتقادات الموجهة إلى سنواتها في السلطة، فقد نُسب إلى حسينة الفضل في إنعاش الاقتصاد وازدهار صناعة الملابس الضخمة، في حين نالت إشادة دولية لإيواء مسلمي الروهينجا الفارين من الاضطهاد في ميانمار المجاورة.
لكن الاقتصاد تباطأ بشكل حاد أيضا منذ أن دفعت الحرب بين روسيا وأوكرانيا أسعار الوقود والواردات الغذائية إلى الارتفاع، مما أجبر بنجلادش على اللجوء العام الماضي إلى صندوق النقد الدولي للحصول على خطة إنقاذ بقيمة 4.7 مليار دولار.
اضف تعليق