q
الاستبعاد الاجتماعي ويعرف بأنه حرمان الأفراد من حقوق المواطنة المتساوية على مختلف المستويات كالمشاركة في الإنتاج والاستهلاك والعمل السياسي والإدارة والتفاعل الاجتماعي والفرص التي تعزز الوصول إلى الموارد واستخدامها. ويعتمد الانغلاق على قوة جماعة واحدة على منع الجماعة الأخرى من الحصول على فرص الحياة الإيجابية، وذلك في ضوء...

عقد مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث جلسته الحوارية الشهرية تحت عنوان، (الاقصاء والتهميش او بناء المشاركة المجتمعية)، بمشاركة عدد من الباحثين، وقدم ورقة النقاش الباحث في المركز محمد علاء الصافي، جاء فيها:

الاقصاء في ابسط تعريفاته اللغوية هو الابعاد من الصف، وفي السياسة هو الاعتقاد بأن المعارضين السياسيين هم «سرطان في الجسم السياسي يجب استئصاله (إمّا عن طريق عزلهم عن عامّة الناس، من خلال الرقابة أو بالإبادة علنا) من أجل حماية نقاء الأمة والحفاظ عليها.

صاغ عالم السياسة دانييل غولدهاغين هذا المصطلح في كتابه (رغبة هتلر في الإبادة) الذي قال فيه أنَّ الألمان لم يعرفوا بفكرة المحرقة من قبل فقط بل أيدوها أيضًا بسبب أفكار (معاداة وإقصاء السامية) الفريدة لدى أصحاب الهوية الألمانية والتي تطورت خلال القرون السابقة.

في كتبه حول الموضوع ركز غولد هاغن على اثار الاقصاء وذكر انه السبب الأساسي لكل عمليات القتل الجماعي التي ارتُكبت في القرنين العشرين والحادي والعشرين.

من اشكال الاقصاء والتهميش (التمييز)، وهو التعرف على الصفات والخلافات بين الأشخاص أو الأشياء وجعل الخيارات بين الناس استنادا إلى تلك الصفات الشخصية.

وهو كل معاملة تنطوي على تمييز أحدهم عن قصد عن معاملة شخص آخر بسبب خاصية (كالتمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الدين، أو الجنس، أو الأصل، أو السن، أو الإعاقة..)، بالمقارنة مع شخص دون نفس الظروف.

وهناك أيضا الاستبعاد الاجتماعي ويعرف بأنه حرمان الأفراد من حقوق المواطنة المتساوية على مختلف المستويات كالمشاركة في الإنتاج والاستهلاك والعمل السياسي والإدارة والتفاعل الاجتماعي والفرص التي تعزز الوصول إلى الموارد واستخدامها. فالاستبعاد ما هو إلا منظومة متكاملة لبنية اجتماعية وسياسية تحدد من القائم بالاستبعاد ومن المستبعد. ومن ثم ينطوي تعريف الاستبعاد الاجتماعي على عناصر، حيث يشير إلى الأفراد والشرائح والجماعات، ويجسد الحرمان القائم في المجتمع، ويتأسس على العلاقات الاجتماعية الموجودة.

يجب الإشارة إلى أنه قبل ظهور مصطلح الاستبعاد الاجتماعي كان هناك استخدامات لمصطلحات أخرى ذات صلة به مثل مفهوم العرق والطائفة والتمييز العنصري والحقد الطبقي. في حين يستخدم مصطلح الاستبعاد الاجتماعي باعتباره محصلة نمط اجتماعي وسياسي تترابط وتتنوع بداخله الملامح والأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية تستند على إقصاء وتهميش أفراد أو جماعات بصور مختلفة.

هنالك الكثير من تمثلات الاقصاء الاجتماعي:

الاقصاء الاجتماعي المرتبط بالسياسة

تكون المشاركة الاجتماعية لتحقيق الاندماج الاجتماعي محدودة، في الوقت الذي يكون فيه الجمهور غير قادر عن التعبير عن آرائه، وهي قد ترجع إلى أسباب سياسية، مثل تقييد الحريات من جانب بعض الأنظمة الديكتاتورية، كما قد يظهر الاقصاء الاجتماعي بسبب قصور التفاعل الاجتماعي بين الأفراد مع بعضهم البعض، ويتحقق الاقصاء الاجتماعي أيضاً في بعض النظم، عندما لا يتمتع الجمهور والمواطنين بحقوقهم وكرامتهم ففي هذه الحالة لا تكون محل احترام من قبل الحكومات.

وبالتالي، فإن الاستبعاد الاجتماعي لا يقوم فقط على الحرمان المادي، وإنما يؤدي أيضًا إلى حرمان الشعوب من التعبير عن مطالبهم، حيث يفقد الجمهور القدرة على المشاركة في صنع القرارات المصيرية التي تصب في تحقيق مصلحتهم الجماعية، حيث يشعر الجمهور في هذه الحالة بالاغتراب، وهو ما يطلق عليه في بعض أدبيات السياسة، اسم الاغتراب السياسي، حيث تظهر ظاهرة الاغتراب السياسي أو الاجتماعي، في النظم التي يكون بها الاقصاء الاجتماعي موجوداً، تظهر هذه الظاهرة في جميع البلدان تقريبًا، ولكن بدرجات متفاوتة.

الاقصاء الاجتماعي الديمغرافي

هنالك نوع من الاقصاء الاجتماعي يكون على العمر أو النوع، حيث يتم في بعض الاحيان اقصاء فئة الشباب مثلاُ من المناصب السياسية، ويتم الاعتماد على كبار السن لتقلد مثل هذه المناصب، والعكس يحدث عندما تقوم بعض الحكومات بعملية الاندماج الاجتماعي، حيث تقوم الحكومات الديمقراطية مثلاً بدمج الشباب في العمل الحكومي، كما يتم اقصاء النساء من العمل الحكومي في بعض الدول، والبعض الآخر يقوم بدمج المرأة في العمل السياسي، ولا يتم استبعادهم اجتماعيا، حيث يعتمد على المرأة في مثل هذه المناصب لإثبات وجودها.

يحدث الاقصاء الاجتماعي الديني في حالات الانتماءات الدينية المتطرفة، فقد يكون مجتمع ينتمي إلى طائفة دينية معينة، ثم تتواجد اقليات تنتمي إلى طائفة دينية أخرى، ومن ثم يكون لهذه الأقليات استبعاد اجتماعي للاندماج في المجتمع، والحصول على حقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وغيرها.

هناك نوعية من الأفراد، يختلفون في قدراتهم الصحية عن باقي أفراد المجتمع الأصحاء، وهم فئة المعاقين عقليًا وجسديًا، فضلا عن وجود نوعيات أخرى من الأفراد الذين يتسمون بأنهم أشخاص لديهم ميول انتحارية، ومدمنو المخدرات، فضلاً عن وجود نوعية من الأفراد الانطوائيين بطبعهم وغير الاجتماعيين.

وقد ارتبط هذا المفهوم بالحرمان، والحرمان هنا ليس فقط حرمان الجانب المادي، ولكن الحرمان معنوي أيضاَ، حيث أدى المفهوم وتركيزه على العلاقات الاجتماعية التفاعلية، إلى تحليل أكثر عمقاً للأسباب التي تؤدي إلى حرمان بعض الفئات، من حقوقهم في المجتمع، وهو ما يعبر أكثر عن فكرة اللامساواة الاجتماعية، والمظاهر متعددة وتختلف باختلاف طبيعة البيئات والجغرافيا التي تظهر بها، والتي تولد عنها عدد كبير من مظاهر الاستبعاد الاجتماعي.

من خلال عدم مراعاة جميع الأفراد كمواطنين متساوين في القيمة، قد يظهر أن تطوير أنظمة الخدمة للمجتمعات ليس مصممًا لجميع الأشخاص الذين يعيشون هناك.

ويتسبب هذا في تمزق النسيج الاجتماعي وفي كثير من الحالات يمكن إثبات النية المتعمدة للإقصاء، والتي من خلالها يتم السعي للحفاظ على علاقة التبعية والسلطة.

الانغلاق الاجتماعي

ارتبط هذا المصطلح بكتابات ماكس فيبر، ثم اعيد احياؤه حديثا على يد عالم الاجتماع البريطاني فرانك باركين. وقد ظهر هذا المصطلح كبديل للنظريات الماركسية عن اللامساواة وكيفية ظهورها وعوامل استمرارها وتحولها.

وقد اعتبر فيبر ان الانغلاق هو احد الوسائل التي تتحرك من خلالها الطبقات التجارية والمالكة على متصل من الشرعية، وإعادة انتاج فرص حياتهم في اتجاه الطبقة الاجتماعية ومكانة الجماعة. وفيما بعد ذهب انصار هذا الاتجاه الى ان الانغلاق هو أساس كل اشكال اللامساواة، ويبدو ذلك في المكافأة المادية، وشرف المكانة، بالإضافة الى الانتماء السلالي، والطائفة، وحتى نظام المسميات في النظم الشيوعية.

وفي الاتجاه نفسه يلفت غوردن مارشال الانتباه إلى ما تقوم به جماعة من الاستبعاد الفعال لجماعة أخرى"، أما ما يسمى بالتعريف الإجرائي للاستبعاد الاجتماعي فهو ينصب على فكرة المشاركة، إذ "يعد الفرد مستبعداً اجتماعياً إذا كان لا يشارك في الأنشطة الأساسية للمجتمع الذي يعيش فيه"، ونجد بأنه تعريف قاصر عن الإحاطة بأشكال الاستبعاد وأنماطه، فعدم المشاركة قد تكون خياراً إرادياً، فماذا عن الاستبعاد القسري؟! لا سيما في المجتمعات ذات المنظومات الاستبدادية، إذ تستفيد السلطة المهيمنة عادة من تشرذم المجتمع وانقسامه إلى جماعات متفرقة لإحكام السيطرة عليه، ما يدفع جماعة السلطة إلى دعم إنتاج الأنساق الأيديولوجية المكرسة لمظاهر الاستبعاد، وذلك من خلال ترسيخ فكرة مشروعية السلطة وتبرير التسلط مقابل تهميش الآخرين الموضوعيين في عزلة اجتماعية قسرية لا تتيح لهم المشاركة الفعلية في الحياة العامة.

يمارس الانغلاق وظيفته من خلال آليتين متلازمتين هما المنع والاحتواء اللذان يمكن ان يستندا الى معايير فردية او جماعية. ويعتمد الانغلاق على قوة جماعة واحدة على منع الجماعة الأخرى من الحصول على فرص الحياة الإيجابية، وذلك في ضوء المعايير التي تسعى الجماعة الأولى لتبريرها. مثل (الحصول على مؤهلات دراسية، او عضوية حزبية، او لون البشرة، او الانتماء الديني، او الثروة، او الأصول الاجتماعية، او آداب السلوك، او نمط الحياة، او الإقليم) وإعمالها في الواقع، يسهم في تفسير حدود المساواة، واستراتيجيات الاغتصاب من قبل المستبعد، كما يسهم الى حد كبير في تفسير اشكال السيطرة والايديولوجيات المشروعة المرتبطة باللامساواة.

وتتضمن عمليات الانغلاق الاجتماعي: التهميش او الاستبعاد من ناحية، والدمج او الاندماج (الاحتواء) من ناحية أخرى.

وحيث ان الانغلاق هو حشد القوة لاستبعاد وحرمان الاخرين من الامتيازات والمكافآت، فأن دارسي عملية الانغلاق يميلون الى افتراض ان القوة تمثل في ذاتها سمة من سمات الانغلاق، ولكنهم نادرا مادرسوا المصادر التي تستمد منها تلك القوة. وهكذا فانه من المفترض ان الصفوة المتعلمة تمتلك من القوة ما يمكّنها من استبعاد غير المتعلمين اذا ما سادت استراتيجيتهم للاستبعاد.

في ورقته المعنونة (لماذا يُعد الاحتواء صوابا أخلاقيا وذكاء اقتصاديا) يكتب سري مولياني إندراواتي رئيس خبراء العمليات والمدير المنتدب في البنك الدولي، "عندما بدأت أحداث الربيع العربي في الشرق الأوسط عام 2010، رأيت تاريخ بلدي اندونيسيا يكرر نفسه. فانعدام المساواة وقلة الفرص دفعت مجتمعات بأكملها إلى الحافة، إن النمو الاقتصادي الذي لا يعود بالنفع إلا على قلة معدودة يشبه السم فهو مميت، ولكنه يقتل ببطء وفشله ما هو إلا مسألة وقت".

ولمناقشة هذا الموضوع وابعاده المختلفة تم طرح السؤالين التاليين على الحاضرين وفي المنصات الرقمية:

س1/ لماذا يؤدي الاقصاء والتهميش الى اندلاع الصراعات؟

س2/ كيف يمكن بناء المشاركة المجتمعية؟

المداخلات:

الشيخ مرتضى معاش:

الاقصاء هو فعل في استبعاد الآخر او عزله والتهميش هو ترك أو اهمال الطرف الآخر.

نلاحظ ذلك في المفهوم الاقتصادي من خلال مفهوم التنمية، التنمية جاءت في مقابل النمو الاقتصادي، النمو الاقتصادي يخدم الكبار وأصحاب الأسهم والشركات والاقطاعيات وأصحاب القدرة والسلطة، بينما التنمية هدفها فتح المجال للمهمشين بأخذ فرصهم في التعليم والعمل، غياب تكافؤ الفرص هو من اهم أسباب الاقصاء والتهميش في مجتمعنا.

العراق يعتبر من أكثر الدول تطورا في النمو الاقتصادي بحكم ارتفاع أسعار النفط عالميا لكنه من افشل الدول في مجال التنمية الاقتصادية، لماذا نجد بعض الكتل السياسية في العراق، لا تعترف بالمعارضة وتعتبر السلطة غنيمة يجب استغلالها بينما جانب المعارضة هو تهميش وابعاد عن مركز السلطة والمال.

اهم عناصر الاقصاء والتهميش هو العنف والاستبداد والإهمال والبطالة واستلاب الهوية والانعزال الفردي الذي يمارسه الانسان بحق نفسه بعزل نفسه عن مجتمعه وإلغاء دوره رغم امتلاك البعض عناصر القوة والتأثير، لذلك الاقصاء والتهميش في عصرنا يتجه نحو الفردية، وعلاج ذلك هو تعزيز الحالة الجماعية في المجتمع من خلال بناء المشاركة المجتمعية عند الأطفال ويبدأ ذلك من المدارس والاسرة وتعزيز حالة التعاون بين افراد المجتمع وعدم الركون نحو الفردية والانعزال وتحمل المسؤولية والاهتمام بالشأن العام وعدم إلغاء مكانة ودور الانسان في الحياة.

من اهم تمثلات الاقصاء والتهميش هو ما يشهده العالم اليوم من صراع الغرب مع روسيا وحدث ذلك نتيجة الاقصاء والتهميش المتعمد لروسيا من قبل الغرب الذي يمتلك المال والقوة الاقتصادية والتكنلوجيا ويريد الهيمنة على كل العالم دون ان يلتفت الى ان ذلك ممكن ان يقود الى صراع نووي يفتك بالبشرية جمعاء.

الدكتور رياض المسعودي، اكاديمي ونائب سابق في البرلمان العراقي:

هناك قصور او تعمد في معظم النشاطات الاجتماعية في العراق بالاعتماد على المصادر غير الإسلامية بتوجيه المجتمعات، نحتاج الى منهج او حلول من واقعنا الإسلامي لأن الاعتماد على تجارب واطروحات قد تكون مجهولة الهوية، لمجتمعات غير مجتمعاتنا وعادات وأفكار غير الأفكار والمتبنيات التي نمتلكها قد تفاقم مشكلاتنا وتزيد الطين بلّة، كل بيئة ومجتمع يجب أن يكون له تجربة ودراسات خاصة.

حصر إرادة الامة بفرد واحد هو ما يوصلنا الى الاقصاء والتهميش ويقودنا نحو عبادة الرموز بدل التأصيل لأفكار رشيدة والثوابت الاصيلة للأمة.

سياسات الاقصاء والتهميش في الجانب السياسي هي الأكثر تأثيرا في مجتمعنا، فرئيس الحكومة او رئيس البلد هو من يقود الجميع سواء العالم او الفيلسوف او المفكر وقد يأتي بانقلاب عسكري كما حدث في تاريخنا المعاصر ويفرض أفكاره واراءه على شعب كامل بالقوة.

سياسات الاقصار والتهميش من آثارها أن تنتج معارضة، تكون تارة ضعيفة أو صورية راضخة للسلطة أو تكون متطرفة معادية للنظام نفسه وفي كلتا الحالتين سنكون في ازمة وصراع.

هناك اقصاء وتهميش حتى لجلسات المفكرين ومراكز الأبحاث والدراسات، حيث انها تقدم الكثير من النصح والدراسات لصانع القرار ولكن نادرا ما نجد الالتفات لذلك من قبل السلطة وهذا يعتبر اقصاء وتهميش للكثير من اراء الخبراء والمختصين في مجالاتهم مما يولد انفصال تام بين السلطة والمجتمع وسبب ذلك عدم وجود قيادة رشيدة متفهمة لمبدأ المشاركة المجتمعية.

الدكتور قحطان حسين طاهر، أستاذ جامعي وباحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية:

تكثر مظاهر الاقصاء والتهميش في المجتمعات ذات الولاءات الفرعية والثانوية وتكاد تختفي في المجتمعات ذات الولاء للوطن وسيادة القانون والذي يكون هو الضابط والمتحكم بحركة الولاءات الاجتماعية.

الاقصاء والتهميش يعزز بروز شعور لدى النفس الإنسانية بأنها محرومة ومهمشة من المشاركة بإدارة الشؤون العامة وبالتالي انها تنتج حقد وكراهية تجاه الطبقة المتحكمة بالمجتمع والشؤون العامة، وقد تؤدي لاحقا الى صراعات او اضطرابات وعدم استقرار يؤثر على البلاد ويمنع التنمية والتطور.

من مساوئ أساليب الاقصاء والتهميش وعدم إدارة المجتمعات بصورة صحيحة، انه قد يعطي ذريعة للتدخلات الخارجية وهذا بالذات عانينا منه في العراق بشكل كبير، فتدخلت الدول الإقليمية ودول الجوار لأسباب وذرائع مختلفة تحت يافطة حماية مكون معين أو شريحة معينة بسبب اقصاء او تهميش حدث بشكل متعمد أو غير متعمد أحيانا، كتدخلات الدول العربية لحماية السنة في العراق أو تدخلات أمريكية لحماية مكاسب الكرد السياسية او تدخلات تركية لحماية التركمان او تدخلات إيرانية لحماية مكتسبات الشيعة السياسية وغيرها الكثير. لذا يجب على الجميع ان يؤمن بالاندماج الوطني ووضع الهويات الفرعية جانبا مع تقديم الولاء للوطن في المقدمة وبرامج الاندماج الوطني يجب ان تطبق حتى نضمن عدم العودة لسياسات الاقصاء والتهميش في العراق.

عدنان الصالحي، مدير مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية:

الاقصاء والتهميش يمارس الاقصاء بحق أخيه الانسان لذلك هو اقصاء للإنسانية اولاً، وما نراه من اقصاء وتهميش ضمن الاسرة الواحدة وفي مؤسسة ما أيا كان نوعها هو ما يفرز لاحقا اقصاء وتهميش لدى السلطة الحاكمة، فالإقصاء أساسه بيئة اجتماعية وثقافية قبل ان يتحول الى جانب الحكم والسياسة.

الدكتور منير الدعمي، نقيب الأكاديميين في محافظة كربلاء المقدسة:

الاقصاء والتهميش هو مفهوم وسلوك اجتماعي قبل ان يتحول الى جانب الحكم والسياسة، جربنا قبل عام 2003 النظام الشمولي نظام الحزب الواحد، الذي لم يترك أي صوت او رأي معارض وكنا نمني النفس بتغييرات جذرية بعد سقوط النظام الديكتاتوري لكن بكل اسف المشاركة المجتمعية شهدت عزوف كبير ويمكن قياس ذلك من نتائج المشاركة الشعبية في الانتخابات وانخفاضها بشكل مستمر وهذه لها أسباب كثيرة أهمها سوء الإدارة للحكومة ومؤسسات الدولة وعدم الاستقرار، وكل حكومة تأتي لتغير كل المسؤولين سواء كانوا جيدين أم سيئين دون ان يكون هناك مسار او منهج ثابت مما انعكس سلبا على الأداء الحكومي وحدوث صراعات وانقسامات دون ان يكون العمل والتطوير هو المعيار وانعكس بالتالي على المجتمع وفقدان ثقته بهذا المنهج والسلوك السياسي.

كذلك عندما نجد ان 80% من الشعب يقاطع الانتخابات لنفس الأسباب، لان نتائج الانتخابات مهما كانت تنتج طبقة سياسية تتفق لتشكل حكومة محاصصة ضمن نفس المنهج السابق دون الاكتراث لرأي الشارع وهذه هي اقصى سياسات الاقصاء والتهميش.

الدكتور خالد العرداوي، مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية:

هناك عدة أنواع للاقصاء والتهميش، هناك الاقصاء والتهميش المضلل (الخادع)، والاقصاء والتهميش الطبيعي والاقصاء والتهميش السياسي.

النوع الأول غير حقيقي لأنه قد يكون ناتجاً عن الحسد، بسبب خلل في القيم الاجتماعية، الله سبحانه وتعالى فضّل بعض الناس على بعض بسبب اجتهادهم وعلمهم وتضحيتهم وما يبذلون من عطاء والنصوص والامثلة على ذلك كثيرة، "قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون"، وهذا يؤكد على ان كل انسان ان يفهم دوره في الحياة فقد لا يكون ما يواجهه هو اقصاء وتهميش، فدور الاب يختلف تماما عن دور الابن في الحياة ومن الحكمة ان يأخذ الولد برأي الاب بحكم الخبرة والتجربة وفهم الحياة ولا يعتبر ذلك اقصاء وتهميش كما يتم تصويره احياناً.

التهميش الطبيعي هو تهميش غير مقصود في الغالب بل هو نتيجة طبيعية لحجم الوجود، فمثلا اقلية في مجتمع لا تتعدى 1% من غير المنطقي ان تتحكم وتفرض ما تعتقد به على الأغلبية وفي نفس الوقت على الأغلبية ان تعترف بوجود هذه الفئة.

التهميش والاقصاء السياسي هو أسوأ الأنواع لأنه يعتبر شكل من اشكال الظلم ولا يتيح للناس او للطرف الاخر ان يكون لهم دور في ممارسة حرياتهم وقرارهم وافكارهم بل هو اقصاء تام للآخر دون أي فرصة للمشاركة، اقصاء عن العمل اقصاء عن تأسيس حزب او اقصاء عن مناصب وتفضيل المصالح الحزبية على المصلحة العامة والكثير من الأمثلة، ولا يمكن تحقيق المشاركة المجتمعية دون مساواة او تكافؤ للفرص وفق نظام عادل مؤسساتي رصين.

المحامي صلاح الجشعمي، مؤسسة مصباح الحسين للإغاثة:

معظم المجتمعات البشرية فيها تباين قومي اثني او عرقي او فكري او اقتصادي لكن من اهم أسباب الاقصاء والتهميش هو الارهاب الاقتصادي لدى الافراد والجماعات، الذي قد يقودنا نحو الصراعات والأزمات، في منطقتنا عناك دول فيها اقصاء وتهميش سياسي لكن نجد ان المواطنين يتمتعون بحرية اقتصادية كبيرة وهذا الاقصاء يكون جزئيا وقد نجد ان تلك المجتمعات والأنظمة السياسية مستقرة بشكل كبير لكن لو كان هناك اقصاء سياسي واقتصادي سنجد ان تلك البلدان ستكون محطمة ومنقسمة وتملأها الصراعات والأزمات.

علاج أسباب الاقصاء والتهميش في المجتمع يبدأ من توفير العدالة الثقافية والعدالة الاقتصادية للأفراد وتوفير مبدأ تكافؤ الفرص وجميعنا شاهد ما حدث من فورة كبيرة لدى الشباب في العراق بتشرين 2019 بسبب عدم وجود عدالة اقتصادية بتوفير فرص عمل للجميع بل انها متركزة فقط لفئات معينة، كما ان تنظيم القوانين والتشريعات هي سبب مهم للحد من ظاهرة الاقصاء والتهميش في المجتمع.

الحقوقي احمد جويد، مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات:

النزاع على السلطة هو اهم أسباب منهج الاقصاء والتهميش، حيث ان الاقصاء يؤدي الى صراعات ونزاعات وعنف.

أحيانا ربما هناك اقصاء إيجابي كأن يكون بعزل مسؤول فاسد او رئيس ظالم عن منصبه أو بعزل شخص مريض عن المجتمع بهدف منع نقل العدوى للآخرين وهذا يكون اقصاء ضروري فيه منفعة عامة، ولكن في الغالب يستخدم الاقصاء في جوانبه السلبية في الاسرة والنظام السياسي.

عدم تكافؤ الفرص من خلال ابعاد اهل الخبرة والاختصاص عن مراكز المسؤولية يعد من اهم تمثلات الاقصاء والتهميش في المجتمع.

علاء الدين الكاظمي، ماجستير فكر إسلامي:

الانسان يطلق لنفسه العنان دون كبح جماح هذه النفس الامارة بالسوء، يقول الله في محكم كتابه: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا - فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا - قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا)، الجانب المادي والنجاح للإنسان الذي يسوقه النظام العالمي في الغرب حول ان الانسان ما يحدد نجاحه هو مقياس الثروة والمال والسلطة التي يمتلكها هو ما يساهم باتساع رقعة الاقصاء والتهميش وتعزيز الصراعات والأزمات في العالم والمشكلة الكبرى هو ان هذا النموذج هو ما يصدر لبلداننا وهو ما يلقى رواجا واتساعاً.

الحل في مواجهة ذلك هو ما طرحه ديننا الحنيف "احب لأخيك ما تحب لنفسك"، سحق الانا هي من سيفتح الباب للمشاركة المجتمعية الحقيقية واخذ الدور الايجابي الفعال للإنسان وتحقيق رسالته الإنسانية.

كمال علي حسين، باحث اعلامي ومدير تحرير شبكة النبأ المعلوماتية:

الصراع هو ثمرة سيئة لبذرة تنشأ من خلال الاقصاء والتهميش، سواء كان على مستوى فردي أسري مجتمعي دولي، التفاوت في مستويات الاقصاء والتهميش من مجتمع لآخر يعود لتراجع الوعي بالحقوق، تدني مستوى الثقافة، تدهور في الاخلاق وكيف يكون للإعلام دور في كل ذلك.

الاعلام اهم أسلحة عصرنا الحالي ومن يسيطر على الاعلام يستطيع ان يجعل الحق باطلا والباطل حق، وهو من يستطيع ان يعزز الاقصاء والتهميش لفئة معينة او اشخاص محددين او قومية او دين او مذهب ما ويزرع ذلك في عقول المتلقين وفق أسلوب الحرب النفسية للطرف المقابل والشواهد والامثلة على ذلك كثيرة جداً، مثل نظرة الاعلام التركي للأكراد او وسائل الاعلام الغربية للعرب والمسلمين الخ.

احد الحلول هو ان يمارس الاعلام لدوره الحقيقي، التثقيف للمجتمع والمطالبة بحقوقه لا ان يمارس سياسة التجهيل للمجتمع.

حامد الجبوري، باحث اقتصادي في مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية:

عدم المشاركة هو ما يؤدي الى الاقصاء والتهميش، هناك عدة اشكال للاقصاء:

الاقصاء الاجتماعي وعدم فتح الفضاء العام ليعبر الجميع عن رأيه ومعتقده وافكاره دون تقييد.

الاقصاء الاقتصادي يكون على شكل سيطرة الحكومة على كل مفاصل الاقتصاد دون السماح للقطاع الشعبي الخاص ان يمارس دوره وحريته في العمل والتجارة، ونجد ان الحكومة تحتكر الأرض والموارد البشرية دون ان تطورها او تستثمرها في بعض الأحيان وتساهم بتضييع الثروات والموارد دون استفادة وتطوير للناس.

الاقصاء المالي في النظام الاقتصادي حيث نجد ان مدن منتجة لا تحصل على ما تحتاج من أموال حتى تتطور وتلبي احتياجات ومتطلبات سوق العمل ومدن أخرى غير منتجة تحصل على أموال ومخصصات ضمن الموازنة العامة للدولة وحل ذلك يكمن في الفدرالية المالية بين المحافظات وتحقيق العدالة وحساب عدد السكان والناتج المحلي واستخدام إيرادات كل محافظة لتطويرها مباشرة.

واقصاء اداري يتمثل بعدم نقل الصلاحيات الإدارية من الحكومة المركزية للحكومات المحلية وجعل كل شيء وشاردة وواردة مرتبطة بالحكومة المركزية مما يساهم بإجراءات بيروقراطية تساهم بتردي واقع الخدمات العامة للمواطنين واهمال متعمد لهم ولمتطلباتهم.

الدكتور محمد مسلم الحسيني:

المشاركة المجتمعية هي خاصية وسمة من سمات المجتمعات الديمقراطية المتحضرة التي تنشأ على ثقافة "ما لها وما عليها"، وعلى ثقافة الحقوق والواجبات، وثقافة التعاون والتكامل والتفاهم والمساواة. تبنى هذه المشاركة من أجل فائدة المجتمع والوصول إلى الأهداف المرجوة من أجل النهوض بمستوى العيش للمواطن في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والأخلاقية والثقافية والنفسية والصحية والبيئية والحضارية وغيرها.

ويتم هذا من خلال إشراك أبناء المجتمع في الجهود والخطط التنموية وانجاز الأعمال والنشاطات واسداء النصائح والرؤى والتمويل والمساعدة. هنا يحصل التبادل والتفاهم والمزج بين المواهب والابداعات المحلية وبين الخبرات التقنية المتوفرة.

لكي تنجح تجربة المشاركة المجتمعية في المجتمعات فلابد أن تتجلى مجموعة من الأمور في بناء هذا المشروع ومنها:

أولا/ أن تكون المشاركة المجتمعية جوهرية حقيقية فعالة ومؤثرة ومبنية على المعلومات الموثقة وعلى التنظيم والتخطيط والأسس الصحيحة في بناء هذه المشاركة وألا تكون مشاركة صورية ظاهرية هامشية غير منتجة.

ثانياً/ أن تكون المشاركة المجتمعية مبنية على سياسة "التحلي والتخلي". أي التحلي بالوعي والمعرفة والإيمان الصادق بإنجاز هذا المشروع لأغراض مجتمعية بحتة وليس لمصالح شخصية ضيقة. أما عنصر التخلي فاعني به بث ثقافة تخلي المشارك بهذا المشروع سواء أكان في قمة هرم التنفيذ أو في قاعدته عن كل أمراض المجتمع الوخيمة التي تفشل المشاريع الخلاقة، واهمها جنون العظمة والاستخفاف برأي الآخر وحب الأنا حيث لا يرى المرء إلا نفسه فيقصي الآخر، أو تفعيل نبض التعصبية القائمة على دوافع طائفية أو عنصرية أو قبلية أو طبقية أو غيرها والتي من شأنها أن تخلق التنافر وعدم التوافق والتفاهم والتضامن والتعاون بين الأطراف المشاركة في بناء هذا المشروع الواعد.

ثالثاً/ يجب أن تحظى المشاركة المجتمعية بثقة المواطن والمجتمع من خلال خلق جو صحي لرسم الأهداف وتحقيق الأولويات على أرض الواقع، من خلال مشاركة الجمهور في الحوكمة بصنع القرار وبالتخطيط التنموي له، وبالنشاطات والمساهمات والافعال. حيث تستمر عملية تبادل وجهات النظر بين المنظر في القمة وبين أصحاب الشأن في القاعدة المتواجدين على أرض الواقع، وهذا ما يخلق فرصا للتناغم والتفاهم بين النظرية وأرض الواقع فيبعث رواسي قوية لنجاح المشروع والهدف.

الدكتور حميد مسلم الطرفي:

يكمن الإشكال السياسي منذ نشأة الخليقة في كيفية الجمع بين صفتين بشريتين أو قل غريزتين خلقتا مع البشر الأولى وتتمثل في حب الجاه والسيطرة والقيادة وحكم الآخرين، والثانية طاعة الأقوى والخضوع له وهيبته والخشية منه، وانصب جهد الفلاسفة وفقهاء القانون والسياسة على كيفية الجمع بين هاتين النزعتين لتجنيب البشرية دوامة الصراع بين الأفراد، وانتقال الطاعة عندهم من طاعة الأقوى رهباً ورغباً إلى الطاعة الرضائية وفق عقد اجتماعي بين الحاكم والمحكوم، وظهر ما يعرف بشرعية الحاكم القائمة على رضا المحكوم ومشروعية ما يقوم به كونه أي الحاكم لا يأتي بخلاف العقد المبرم بينهما.

وكان الأساس الأول في هذا العقد هو أن يكون الحاكم لا يأتي إلا باختيار المحكوم باختيار مباشر أو عبر اختيار ممثلين ليختاروا بدورهم الحاكم، فالحاكم هنا ممثلاً للشعب في قراراته وأحكامه وعلى هذا جرت اللعبة الديمقراطية (حكم الشعب) منذ قرون. ورغم كل الانتقادات الموجهة للنظام الديمقراطي إلا أنه لازال أفضل الحلول للمشاركة الشعبية في الحكم ومنع استبداد الحكام وإجبار الشعوب على الطاعة والخنوع.

لوحظ في العقود الأخيرة عدم اكتراث الشعوب بعملية المشاركة في انتخاب ممثليهم في الحكم مما أسهم في إضعاف المشاركة في الحكم فلجأت الدول الديمقراطية العريقة إلى الحث على تأسيس منظمات المجتمع المدني وفي مختلف المجالات، حقوق الانسان، حقوق الطفل، رعاية العجزة وكبار السن، الحفاظ على البيئة، مقاومة التمييز العنصري... الخ ثم بدأت الحكومات باستشارة هذه المنظمات ودعوتها للمشاركة بصياغة معظم القرارات المتعلقة بمجالات عملها، تعويضاً لضعف المشاركة الشعبية في الانتخابات.

الباحث حسن كاظم السباعي:

حينما يرى فردٌ -أو جماعة- أنه صاحب الحق المطلق وأن غيره هو الباطل الذي يجب مجابهته، فإن ذلك بطبيعة الحال سيؤدي إلى التهميش والإقصاء، وبشكل تلقائي سيؤدي ذلك إلى حدوث الصراعات في نهاية المطاف. من هنا فإنَّ المطلوب تلك النظرة النسبية في الأمور، أو لا أقل من إبداء النظرة المطلقة التي يؤمن بها الفرد لكن بلباقة واقناع لطيف واستدلال منطقي.

وهنا يبرز دور تلك النخبة التي ترى لنفسها الأهلية لكنها في نفس الوقت تتواضع أمام من هو دونها في الأهلية فتعطي الحق لغيرها في الظهور بمساواة كما تعطي ذلك لنفسها؛ "وإنا أوإياكم لعلى هدىً أو في ضلالٍ مبين".

وهذه صفة لا يلقاها إلا ذو حظ عظيم في فنون التعامل مع الغير. وبناء على هذا يمكن بناء مشاركة مجتمعية تضمن حقوق الجميع دون أي إقصاء وتهميش.

* مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث/2002–Ⓒ2023
http://shrsc.com

...................................
لمشاهدة الملخص التلفزيوني:
https://youtu.be/nfFU86ZWvP0

اضف تعليق