لا تشبه الأمنيات التي ينتظرها اليمنيون من عام 2023 تلك التي تدور بخلد سكان البلدان الأخرى، ففي بلد يرزح منذ سنوات تحت وطأة حرب لا تلوح في الأفق نهاية لها يجتمع الناس على أمنية متواضعة ومغلّفة باليأس والإحباط لا تتعدى البقاء على قيد الحياة...
مع انتهاء عام 2022 دخل الصراع في اليمن مرحلة فارقة على المستويين الاقتصادي والمعيشي خاصة مع ارتفاع الأسعار بفعل استمرار تدهور قيمة العملة مما يدفع ملايين اليمنيين لخطر الانزلاق إلى مستويات مخيفة من نقص الغذاء إذا استمرت الأوضاع الاقتصادية في الانهيار خلال العام الجديد. بحسب رويترز.
وشهدت الشهور الأخيرة من العام الماضي تصاعدا في الحرب الاقتصادية بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا والمدعومة من السعودية من ناحية، وجماعة الحوثي المتحالفة مع إيران من ناحية أخرى، وأدت هجمات على موانئ تصدير النفط إلى تعطيل أهم مورد للإيرادات الحكومية مما يفاقم معاناة اليمنيين التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها أسوأ مأساة إنسانية في التاريخ الحديث.
ولا تشبه الأمنيات التي ينتظرها اليمنيون من عام 2023 تلك التي تدور بخلد سكان البلدان الأخرى، ففي بلد يرزح منذ سنوات تحت وطأة حرب لا تلوح في الأفق نهاية لها يجتمع الناس على أمنية متواضعة ومغلّفة باليأس والإحباط لا تتعدى البقاء على قيد الحياة خاصة أن العام المنصرم كان الأكثر قسوة عليهم اقتصاديا ومعيشيا.
وجبة واحدة
تقول ربة منزل في مدينة عدن تُدعى أم معتز (48 عاما) "لم يعد باستطاعتي أن أتدبر قوت يومي وأولادي وتراكمت علينا الديون ودخلنا عام جديد والحال كما هو عليه... متى بتفرج؟ هلكتنا إيجارات المنازل التي ندفعها بالريال السعودي بالإضافة إلى الفواتير وغيرها...تعبنا!"، وأضافت "يمر علينا اليوم ونحن نعيش على وجبة واحدة ونفكر كيف نستطيع توفير ما يسد جوعنا في اليوم التالي وربي يعلم إلى متى نصمد وما في أي أمل يبشر بخير".
وتابعت أم معتز وهي أرملة وأم لثلاثة أولاد لرويترز "نفسي أوجه سؤالا للمجلس الرئاسي والحكومة الشرعية وكل مسؤول في اليمن وخاصة في الجنوب: إلى متى سنظل نعاني الأوجاع والآلام بسبب الغلاء الفاحش. ليس عندي دخل مادي ثابت ومرت علي سنة 2022 والله بدون أن أقدر على شراء مواد غذائية مثل السابق".
وفقد الريال اليمني أكثر من ثلاثة أرباع قيمته مقابل الدولار منذ انهيار النظام الاقتصادي والمالي في البلاد قبل ثمانية أعوام مما أدى إلى ارتفاع هائل في الأسعار وسط عجز كثير من اليمنيين عن شراء غالبية السلع الأساسية وسقوط قطاعات كبيرة من السكان في براثن الفقر والجوع، وقال محمد حسين محمد (58 عاما)، وهو ضابط في شرطة عدن برتبة عقيد إن راتبه لا يغطي خمسة بالمئة من متطلبات المعيشة لأسرته المكونة من أربعة أشخاص فبعد أن كان يتقاضى راتبا يعادل 600 دولار شهريا قبل الحرب أصبح اليوم يحصل على ما يعادل 150 دولارا بسبب تدهور قيمة الريال.
وقال لرويترز بنبرة غضب "ارتفاع أسعار السلع الغذائية أفسد كل شيء وليس لدي أمل في تحسن الوضع فضلا عن العجز عن سداد إيجار المسكن الذي أقيم فيه وأسرتي بسبب ارتفاع إيجارات الشقق والبيوت بعدن لمستويات قياسية مبالغ فيها وصار ملاكها يطلبون الإيجارات بالريال السعودي".
صورة قاتمة
على الرغم من أن اتفاق الهدنة، الذي كان برعاية الأمم المتحدة واستمر من مطلع أبريل نيسان إلى الثاني من أكتوبر تشرين الأول، يعد أطول فترة هدوء نسبي شهدته البلاد فإن كل توقعات وتقارير منظمات الأمم المتحدة ترسم صورة قاتمة لوضع اليمن في 2023، وليس هناك أي بوادر على انفراجة للأزمة التي فجرتها الحرب التي تدخل في أواخر مارس آذار عامها التاسع، أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن ملايين اليمنيين يعانون تداعيات العنف والأزمة الاقتصادية وتعطل الخدمات العامة.
وأشار في تقرير حديث إلى أن الاحتياجات الإنسانية في اليمن ستظل مرتفعة خلال العام 2023 حيث سيحتاج ما يقارب 21.6 مليون شخص إلى توفير المساعدات الإنسانية وخدمات الحماية لهم أثناء العام الحالي، وأضاف أن أكثر من 80 في المئة من سكان البلاد يكافحون للحصول على الغذاء ومياه الشرب والخدمات الصحية الكافية في حين أن ما يقرب من 90 في المئة من السكان لا يحصلون على الكهرباء التي توفرها الحكومة.
ويقول عصام محمد عقلان (46 عاما) وهو موظف حكومي في صنعاء "رحل العام 2022 بمرارته وقسوته. رحل بأحلام لم تتحقق. رحل بأوجاع وجروح لم تطب.. عام قاس"، وتابع " ماذا يكون في عام مجهول العنوان والأحداث في ظل تدهور معيشي ليس له محطة توقف؟".
اضف تعليق