عقد في مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام الملتقى الفكري الاسبوعي بيوم السبت 22/8/2015، حيث تطرق موضوع البحث حول مبدأ اللاعنف والذي ادار جلسته معاون مدير مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث الاستاذ محمد علاء الصافي، طارحا ورقته النقاشية التي حملت عنوان (كفاح اللاعنف بين النظرية والتطبيق).
وقد اشار الصافي خلال ورقته البحثية الى اسلوب مبدأ اللاعنف في مكافحة الاستبداد والظلم والفساد، وماهية آليات ونتائج هذا الاسلوب وتأثيراته على الخصوم.
ولفت الصافي الى ان مفهوم كفاح اللاعنف يستخدم الكثير من الوسائل النفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية لممارسة الضغوط وتحقيق الاصلاحات، مبينا ذلك بالاضرابات والاعتصامات ومقاطعة المنتجات وعدم التعاون الاجتماعي والسياسي، التي اعتبرها جزء من الادوات التي لا تستدعي اللجوء الى العنف لتحقيق الضغوط وصنع البنية الحقيقية الواعية للاصلاح.
مشيرا الى ان احد مصاديق مبدأ كفاح اللاعنف هو التظاهر السلمي وهو ذاته الذي يحدث اليوم في العراق، حيث تخرج تظاهرات عارمة في عموم ارجاءه ضد سياسات الفشل الامني والاقتصادي والخدمي، وجاءت هذه المظاهرات مشهدا ختاميا (لنفاد الصبر) –بحسب تعبيره- والذي اكدت عليه القيادات الجماهيرية والشعبية والمرجعيات الدينية التي وقفت بالتمام والكمال مع تطلعات الشعب العراقي المظلوم".
واضاف الصافي خلال ورقته الى ان مبدأ كفاح اللاعنف مبدأ يكفل الحرية والتحرر من العبودية ويكفل حرية التعبير عن الرأي التي تعتبر منهج حياة في الاسلام.
وقد طرح الصافي سؤالا على الحاضرين الذين شاركوا في الملتقى الاسبوعي:
هل يدعم اسلوب اللاعنف مطالب المتظاهرين في الاصلاحات الحكومية؟
الدكتور علاء الحسيني باحث في مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات اوضح الى ان "ثقافة اللاعنف هي الطريق الامثل لحرية التعبير عن الرأي، ومن الضروري ان تشيع هذه الثقافة في اوساط المجتمع العراقي، وهي وسيلة ضغط على الحكام والوصول الى الغاية المنشودة لتغيير القابضين على السلطة".
واضاف الحسيني خلال مداخلته الى ان "الشعب هو المالك الحقيقي للسلطة وهو يمنح الشرعية لمن يمارس هذه السلطة، وعندما يشعر الشعب ان القابضين على السلطة قد انحرفوا عن المنحى الذي رسموه بأنفسهم من خلال البرامج الانتخابية، يبدأ الشعب بالتصويب نحو الاتجاه الصحيح وهو اما ينحى منحى القوة حسب مبدأ العنف او سلميا حسب مبدأ اللاعنف كالتظاهرات التي نشهدها اليوم المطالبة بالتغيير على كافة مفاصل الدولة".
اما الدكتور قحطان الحسيني وهو باحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية، فقد بدأ مداخلته بطرح تساؤل يستعلم فيه عن مدى قدرة واستطاعة الحكومة العراقية على ان تكيف سياستها مع التظاهرات السلمية الشعبية؟، ذاهبا الى ان الاجابة على هذا التساؤل واسعة جدا وتعتمد على مدى ثقافة الشعب وثقافة القادة والعناصر الامنية.
واشار الحسيني الى ان "التظاهرات اليوم تعمل على مبدأ كفاح اللاعنف، ولكن عدم استجابة القابضين على السلطة لمطالب الجماهير والمتظاهرين ولو بنسبة قليلة ستدفع بهذا الكفاح السلمي الى استخدام كفاح القوة ومبدأ العنف الذي لا يؤمن الا بقوة السلاح".
وكان لمدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات الاستاذ احمد جويد مداخلته التي اختلف فيها عن الرأي السابق بقوله "التظاهرات الشعبية التي تعم الشارع العراقي بدأت تخرج عن مسارها الصحيح وسلميتها والتجأت الى اتباع اسلوب العنف، وهذا ما يؤثر سلبا على سير التظاهرات والنتائج المترتبة عليها، وبالتالي سنحصد امورا ما لايحمد عقباها بسبب اتباع الاسلوب الانتهاكي والهجومي العنيف ويؤثر على المتظاهرين".
وقد ذهب الباحث في مركز الفرات للدراسات الستراتيجية حمد جاسم المسعودي برأيه الى "ان التغيير السياسي الذي حدث على مر التأريخ السياسي للدولة العراقية لم يحدث بدون استخدام العنف، لأنهم كانوا يقابلون العنف بالعنف، فبدون استخدام العنف لا نجد هناك حكومة تستجيب بسرعة الى مطالب المتظاهرين".
مضيفا بالقول "هناك بعض الاحزاب تدفع بقواعدها الشعبية من اجل احداث الاضرار في الممتلكات العامة والدفع بهم نحو استخدام العنف لضرب المتظاهرين العزل عن السلاح، وتسييس التظاهرات".
اما الكاتب والناشط المدني حيدر مرتضى بدأ مداخلته التي اوضح فيها الى ان "بعض المتظاهرين اليوم يخرجون للتظاهر من اجل الانتقام، عن طريق ابعاد مدراء ومسؤولي الدوائر الحكومية بدوافع الانتقام الشخصي او الفئوي، وزج بعض العناصر غير الكفوءة وغير المؤهلة لقيادة المناصب الحساسة بالبلد، حيث يمتلكون مؤهلات ربما كانوا قادة في تظاهرة، وهذا الواقع خطر جدا ربما يؤدي بالمجتمع العراقي الى هاوية الانحراف عن المسار الصحيح لقيادة البلد".
وفي ختام الجلسة اتفق الجميع على ضرورة السعي والتخطيط والعمل بجدية وبجهود حثيثة لصيانة حرية التعبير عن الرأي، على ان تتم مشاركة جماعات الضغط كافة في هذا المجال، ومنها منظمات المجتمع المدني، بالإضافة الى وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وماشابه، بل من المفضل ان يسعى الافراد الناجحون الى قيادة البلد، من حيث التشريع (البرلمان)، او التنفيذ (السلطة الحكومية) الى التصدي للمسؤولية، ولا تعني حرية الرأي في الاسلام ان نتعامل بسلبية مع الواقع السياسي، ثم ننكفئ ونعتزل السياسة.
اضف تعليق