أوكرانيا، واحدة من أكبر مصدري الحبوب في العالم، تزود السوق العالمية عادة كل عام بحوالي 45 مليون طن من الحبوب، ولكن بعد الغزو الروسي للبلاد، تراكمت جبال الحبوب في الصوامع، فيما لم تتمكن السفن من الحصول على ممر آمن من وإلى الموانئ الأوكرانية، فيما لم تكن الطرق البرية...
منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، تضررت صادرات الحبوب من أوكرانيا، وكذلك المواد الغذائية والأسمدة من روسيا، بشكل كبير. أدى انقطاع الإمدادات إلى زيادة أسعار السلع المرتفعة أصلا وساهم في أزمة الغذاء العالمية. تم إطلاق مبادرة حبوب البحر الأسود- التي توسطت فيها الأمم المتحدة وتركيا- لإعادة ضخّ صادرات الأغذية والأسمدة الحيوية من أوكرانيا إلى بقية العالم.
فيما يلي بعض النقاط الرئيسية التي يجب فهمها عن المبادرة:
1) اتفاق لتصدير الإمدادات الحيوية مرة أخرى
أوكرانيا، واحدة من أكبر مصدري الحبوب في العالم، تزود السوق العالمية عادة كل عام بحوالي 45 مليون طن من الحبوب، ولكن بعد الغزو الروسي للبلاد، في أواخر شباط/فبراير 2022، تراكمت جبال الحبوب في الصوامع، فيما لم تتمكن السفن من الحصول على ممر آمن من وإلى الموانئ الأوكرانية، فيما لم تكن الطرق البرية قادرة على سد النقص.
وقد ساهم ذلك في ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية حول العالم. إلى جانب الزيادات في تكلفة الطاقة، تم دفع البلدان النامية إلى حافة التخلف عن سداد الديون ووجدت أعداد متزايدة من الناس نفسها على شفا المجاعة.
في 22 تموز/يوليو، وافقت الأمم المتحدة والاتحاد الروسي وتركيا وأوكرانيا على مبادرة حبوب البحر الأسود، في حفل توقيع تم في المدينة التركية في إسطنبول.
سمح الاتفاق باستئناف صادرات الحبوب والمواد الغذائية الأخرى والأسمدة، بما في ذلك الأمونيا، من أوكرانيا عبر ممر إنساني بحري آمن من ثلاثة موانئ أوكرانية رئيسية، هي: تشورنومورسك، أوديسا، ويوجني/ بيفديني، إلى بقية العالم.
ولتنفيذ الاتفاق، تم إنشاء مركز تنسيق مشترك (JCC) في إسطنبول، يضم ممثلين رفيعي المستوى من الاتحاد الروسي وتركيا وأوكرانيا والأمم المتحدة.
وفقا للإجراءات الصادرة عن مركز التنسيق المشترك، ستخضع السفن الراغبة في المشاركة في المبادرة للتفتيش قبالة إسطنبول للتأكد من خلوها من البضائع، ثم تبحر عبر الممر الإنساني البحري إلى الموانئ الأوكرانية للتحميل. تم إنشاء الممر من قبل المركز وتتم مراقبته على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع لضمان المرور الآمن للسفن. كما سيتم تفتيش السفن في رحلة العودة في منطقة التفتيش قبالة إسطنبول.
2) ملايين الأطنان من البضائع تغادر أوكرانيا
بدأت الشحنات التي تمت مراقبتها من قبل المبادرة في المغادرة الموانئ الأوكرانية الثلاثة اعتبارا من 1 آب/أغسطس. بحلول نهاية الشهر، غادرت أوكرانيا أكثر من 100 سفينة محملة بأكثر من مليون طن من الحبوب والمواد الغذائية الأخرى. بحلول منتصف أيلول/ سبتمبر، أفاد مركز التنسيق المشترك بأن حوالي ثلاثة ملايين طن قد غادرت أوكرانيا، مما يشير إلى تقدم إيجابي. ومن المأمول أن يتم تصدير ما يصل إلى خمسة ملايين طن شهريا في نهاية المطاف.
وفقا لأرقام الأمم المتحدة، 51 في المائة من البضائع حتى الآن (حتى تاريخ 14 أيلول/سبتمبر) كانت من الذرة، و25 في المائة من القمح، و11 في المائة من منتجات عباد الشمس، و6 في المائة من بذور اللفت، و5 في المائة من الشعير، و1 في المائة من فول الصويا، وواحد في المائة من المواد الغذائية الأخرى.
3) حوالي ثلث الشحنات يتجه مباشرة إلى البلدان ذات الدخل المنخفض
وصلت 25 في المائة من البضائع إلى البلدان ذات الدخل المنخفض والبلدان ذات الدخل المتوسط الأدنى. حصلت مصر على (8٪)؛ والهند وإيران (4٪ لكل منهما)؛ وبنغلاديش وكينيا والسودان (2٪ لكل منها)؛ ولبنان اليمن والصومال وجيبوتي (1٪ لكل منها)؛ وتونس (أقل من 1٪).
ويشمل ذلك السفن المستأجرة من قبل الأمم المتحدة التي تقدم المساعدات الغذائية الإنسانية - وقد اشترى برنامج الأغذية العالمي القمح إلى القرن الأفريقي واليمن. غادرت بالفعل سفينتان أمميتان مستأجرتان أوكرانيا، بينما من المتوقع أن تغادر سفينتان أخريان قريباً. اشترى برنامج الأغذية العالمي حتى الآن 120 ألف طن متري من القمح لدعم الإغاثة الإنسانية في القرن الأفريقي واليمن وأفغانستان.
رست أول سفينة مستأجرة من قبل برنامج الأغذية العالمي في جيبوتي في 30 آب/أغسطس لدعم الاستجابة للجفاف في القرن الأفريقي. أبحرت سفينة ثانية مستأجرة من قبل الأمم المتحدة، محملة بـ 37500 طن متري من القمح، في 30 آب/أغسطس ورست في تركيا في 3 أيلول/سبتمبر، حيث سيتم طحن القمح إلى الدقيق.
سيتم بعد ذلك تحميل هذا الدقيق على متن سفينة مختلفة ستتوجه إلى اليمن لدعم الاستجابة الإنسانية لبرنامج الأغذية العالمي هناك. كما ستوفر السفينتان الثالثة والرابعة، المستأجرتان من قبل برنامج الأغذية العالمي، القمح لعمليات الإغاثة.
ذهب نحو 25 في المائة من الحبوب إلى البلدان ذات الدخل المتوسط الأعلى - بما في ذلك تركيا والصين وبلغاريا؛ و50 في المائة إلى البلدان ذات الدخل المرتفع مثل إسبانيا وهولندا وإيطاليا وجمهورية كوريا ورومانيا وألمانيا وفرنسا واليونان وأيرلندا وإسرائيل.
تشير الأمم المتحدة إلى أن جميع الحبوب التي تخرج من الموانئ الأوكرانية بفضل المبادرة تفيد المحتاجين، حيث تساعد على تهدئة الأسواق، والحد من تضخم أسعار المواد الغذائية.
4) أسعار المواد الغذائية آخذة في الانخفاض
هناك مؤشرات قوية على نجاح المبادرة في تحقيق أحد أهدافها الرئيسية، وهو خفض أسعار المواد الغذائية. في مؤتمر صحفي عقد في منتصف أيلول/سبتمبر، رحبت ريبيكا غرينسبان، الأمينة العامة لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بالتجارة والتنمية (الأونكتاد)، وأمير عبد الله، منسق الأمم المتحدة لمبادرة حبوب البحر الأسود، بانخفاض الأسعار لمدة خمسة أشهر على التوالي: انخفض مؤشر أسعار المواد الغذائية بنسبة 14 في المائة تقريبا عن ذروته في آذار/مارس من هذا العام.
وأوضح السيد عبد الله أن انخفاض الأسعار يعني أن أولئك الذين كانوا يخزنون الحبوب، على أمل بيعها بربح أكبر، يقومون الآن بالبيع، مما يعني أن هناك الآن المزيد من الإمدادات الغذائية في الأسواق، مما أدى إلى مزيد من الانخفاض في الأسعار. أشارت السيدة غرينسبان، وهي أيضا منسقة فريق العمل العالمي للأمم المتحدة الذي تم تشكيله لمساعدة البلدان في التعامل مع الصدمات الاقتصادية الثلاثية التي تفاقمت بسبب آثار الحرب في أوكرانيا، إلى أن هذا يحدث فرقا كبيرا في أزمة غلاء المعيشة العالمية.
على الصعيد العالمي، يواجه حاليا 345 مليون شخص في أكثر من 80 دولة انعداما حادا في الأمن الغذائي، في حين أن ما يصل إلى 50 مليون شخص في 45 دولة معرضون لخطر المجاعة دون دعم إنساني.
في آب/أغسطس، أعلن المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، ديفيد بيزلي، أن فتح موانئ البحر الأسود "أهم شيء يمكننا القيام به الآن لمساعدة الجياع في العالم". وحذر من أنه في حين أن هذا لن يوقف الجوع في العالم من تلقاء نفسه، فإن إعادة الحبوب الأوكرانية إلى الأسواق العالمية من شأنه أن يحسن فرصة منع أزمة الغذاء العالمية من التفاقم أكثر.
5) التعاون المستمر ضروري لمواصلة النجاح
تدرك الأمم المتحدة تماما أن استمرار إبحار الشحنات بسلاسة من الموانئ الأوكرانية سيتطلب تعاونا متواصلا بين أوكرانيا وروسيا. وقد أشاد السيد عبدالله منسق مبادرة حبوب البحر الأسود، "بروح التعاون" بين أطراف المبادرة. كما أشار إلى الدور الخاص الذي تلعبه تركيا والأمم المتحدة في الحفاظ على تقدم العملية.
ولكن مع عدم وجود نهاية واضحة للحرب تلوح في الأفق، فإن المستقبل غير مؤكد.
قد يتم تمديد المبادرة الحالية إلى ما بعد الأيام الـ120 الأولية من تاريخ التوقيع الذي تم في 22 تموز/يوليو، إذا ما اختارت الأطراف ذلك.
وبدأت أفكار فريق التنسيق المشترك في إسطنبول تتحول بالفعل نحو تمديد الاتفاق. لا يزال السيد عبد الله إيجابيا، معربا عن أمله في أنه "بفضل جهود الوساطة التي تبذلها الأمم المتحدة، لن يكون الأمر حقا محل نقاش".
مبادرة لتخزين الحبوب
من جهتها أطلقت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) مشروعًا جديدًا بقيمة 40 مليون دولار أمريكي (52 مليون دولار كندي) بتمويل من كندا من أجل مواصلة التصدي لنقص تخزين الحبوب في أوكرانيا.
وستسمح المبادرة بتخزين كمية إضافية من الحبوب تبلغ 2.4 مليون طن في الفترة بين 2022-2023، إلى جانب توفير الدعم الفني والمعدات ذات الصلة. وهذا يكمّل الدعم المقدّم من حكومة اليابان مؤخرًا البالغ 17 مليون دولار أمريكي لتغطية مليون (1) طن من سعة تخزين الحبوب.
وفي هذا الموسم، ومع بدء حصاد المحاصيل الشتوية في يوليو/تموز ومحاصيل الربيع في وقت لاحق من العام، تتوقّع أوكرانيا حصاد ما يصل إلى 51.1 مليون طن من الحبوب. ومن إجمالي سعة التخزين البالغة 75 مليون طن، تعرّضت 14 في المائة من مرافق التخزين للضرر أو الدمار، و10 في المائة تقع في الأراضي التي تحتلها روسيا، وحوالي 30 في المائة لا تزال مملوءة بما يبلغ 22 مليون طن من محصول العام الماضي في انتظار التصدير - وفقًا للحكومة الأوكرانية.
ويقول السيد Rein Paulsen، مدير مكتب حالات الطوارئ والقدرة على الصمود في المنظمة، "في ظلّ تحديات التخزين غير المسبوقة هذا العام، لا بد من إيجاد حلول مبتكرة على نطاق واسع. ولهذا السبب، سيظل الطلب على دعم هذا القطاع مرتفعًا، ويُحتمل أن يستمر في عام 2023. وتستجيب المنظمة على الفور لهذا الوضع، مع قيامها في الوقت ذاته باعتماد وجهة نظر طويلة المدى والتطلّع إلى الاستثمار في حلول مستدامة تعتمد على القدرات القطاعية، وذلك بالتنسيق مع الحكومة على المستويين الوطني والمحلي."
وتهدف استراتيجية دعم تخزين الحبوب التي وُضعت مؤخرًا - وهي امتداد لخطة الاستجابة السريعة التي وضعتها المنظمة لأوكرانيا - إلى دعم وزارة السياسات الزراعية والأغذية في أوكرانيا من أجل تغطية 4.07 ملايين طن أو 25 في المائة من إجمالي عجز التخزين الوطني البالغ 16 مليون طن في الفترة 2022-2023. وتتضمن الاستراتيجية أيضًا دعم الهيئة الحكومية الأوكرانية المعنية بسلامة الأغذية وحماية المستهلك لتجهيز المنتجات الزراعية وتصديرها من أوكرانيا، وذلك من خلال تعزيز قدرة الحكومة على فحص السلع الغذائية وإصدار الشهادات اللازمة للتصدير في المرافق الحدودية.
وسيتمثل الأثر الفوري للاستراتيجية في زيادة سعة التخزين وتوافرها الفوري في وقت الحصاد الحاسم هذا بالنسبة إلى منتجي الحبوب والبذور الزيتية الأوكرانيين، بينما سيتجلّى الأثر على المدى الطويل في الحفاظ على الإمدادات الغذائية العالمية. وسيعزز هذا بدوره الأمن الغذائي، وسيحمي سبل العيش على مستوى الأسرة والمستوى الوطني في أوكرانيا، وسيضمن احتفاظ البلدان الأخرى التي تعتمد على استيراد الحبوب بإمكانية الحصول على إمدادات كافية من الحبوب، بكلفة معقولة.
ويقول السيد Pierre Vauthier، مدير مكتب المنظمة القطري في أوكرانيا، "بفضل التمويل المقدّم من وزارة الشؤون العالمية في كندا، ستقدّم المنظمة حلولًا مؤقتة وثابتة لتخزين الحبوب، بما في ذلك أكياس الحبوب المصنوعة من البوليثيلين وآلات التحميل والتفريغ ووحدات تخزين نموذجية طويلة الأجل، تستهدف المزارع الصغيرة والمتوسطة الحجم في 15 ولاية. وإضافة إلى ذلك، ستشتري المنظمة معدات مختبرية تصل قيمتها إلى مليوني (2) دولار أمريكي لدعم ستة مرافق مختبرية استراتيجية في مجال مراقبة الأمراض الحيوانية، وفقًا لقواعد التجارة الآمنة للمنظمة العالمية لصحة الحيوان."
وحتى الآن، وبتمويل إضافي من كندا، جمعت المنظمة 70.4 ملايين دولار أمريكي من أصل ما مجموعه 180.4 ملايين دولار أمريكي ضرورية في إطار خطة الاستجابة السريعة واستراتيجية دعم تخزين الحبوب. وهناك حاجة ماسة إلى 110 ملايين دولار أمريكي إضافية لدعم الأسر الضعيفة في المناطق الريفية.
تسونامي جوع تؤججه الصراعات
من جهته قدّم وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، السيد مارتن غريفيثس، إحاطته من داخل مجلس الأمن.
وذكّر الأعضاء الجالسين في القاعة أنهم طلبوا أن يتم إبلاغهم بسرعة عند حدوث خطر مجاعة ناجم عن الصراع وانعدام الأمن الغذائي على نطاق واسع.
وقال: "ذلك الخطر واقع الآن، ولذا، للأسف نحن هنا مرة أخرى اليوم."
وأشار إلى أنه في السياقات الأربعة المذكورة حدّدت التقييمات الأخيرة مئات الآلاف من الأشخاص الذين يواجهون مستويات كارثية من الجوع، أو المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي IPC5.
وأشار إلى أن المرحلة الخامسة هي المرحلة النهائية والأكثر تدميرا، مؤكدا أن هذه المعاناة واسعة النطاق تنبع من التأثير المباشر وغير المباشر للنزاع والعنف وسلوك الأطراف المتحاربة.
وشدد غريفيثس على أن نمطا مماثلا يتكرر في كل سياق.
وقال: "قُتل مدنيون أو أصيبوا بجراح. أجبرت عائلات على النزوح من الأرض التي تعتمد عليها في كسب قوتها وطعامها. أدت المتفجرات من مخلفات الحرب إلى تعطيل وصول الناس إلى الأسواق والإنتاج الزراعي وكسب الدخل."
إضافة إلى ذلك، تعرّضت البنية التحتية المدنية والمعدات الأساسية التي توفر الأمن الغذائي للناس للسرقة أو التلف أو التدمير، كما تم نهب مخزون المواد الغذائية وقُتلت المواشي.
كما أدى التدهور الاقتصادي وارتفاع الأسعار إلى جعل الغذاء الكافي بعيدا عن متناول الفئات الأكثر ضعفا.
وتابع يقول: "في الحالات القصوى، تعمدت الأطراف المتحاربة قطع الإمدادات التجارية والخدمات الأساسية التي يعتمد عليها المدنيون للبقاء على قيد الحياة. يُستخدم الجوع أحيانا كتكتيك حرب."
وأشار إلى عوامل أخرى تتسبب بالجوع، بما في ذلك الجفاف وتأثير كـوفيد-19 وارتفاع أسعار السلع العالمية، كلها تؤدي أيضا إلى تفاقم الأمن الغذائي والبؤس. والآثار الثانوية للحرب في أوكرانيا هي من محرّكات انعدام الأمن الغذائي في العديد من النزاعات المسلحة، مما يتسبب في زيادة أسعار المواد الغذائية والأسمدة ويساهم في ارتفاع أسعار الوقود.
علاوة على ذلك، تقف كل دولة من الدول المذكورة على الخطوط الأمامية من تغير المناخ.
وقدّم رئيس الخبراء الاقتصاديين في منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، ماكسيمو توريرو، إحاطته إلى مجلس الأمن عبر تقنية الفيديو، ورسم صورة قاتمة للوضع الإنساني.
وأشار إلى ما نُشر عن تحديث منتصف العام للتقرير العالمي حول أزمات الغذاء، والذي توقع أنه حتى نهاية العام، سيواجه 205 ملايين شخص أعلى ثلاث مراحل من انعدام الأمن الغذائي الحاد (المرحلة الثالثة أو أعلى IPC3+) أي في حاجة إلى مساعدة إنسانية عاجلة.
وحذر قائلا: "هذا أعلى من أي وقت مضى في سبع سنوات من تاريخ التقرير العالمي، ويمثل زيادة من 193 مليون شخص وهو ما ورد في إصدار 2022 من التقرير الذي صدر في أيار/مايو."
وحذر من أنه من المتوقع أن يواجه 970,000 شخص -وهو رقم قياسي – المرحلة الخامسة (أو ظروف شبيهة بالمجاعة) في خمس دول إذا لم يتلقوا المساعدة الإنسانية العاجلة.
وتحدث المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، ديفيد بيزلي، أيضا عبر تقنية الفيديو، وقال إنه مع بداية عام 2022، "كنا نواجه بالفعل عاصفة مثالية بسبب الصراع المتصاعد والآثار الاقتصادية المترتبة على فيروس كورونا وتغير المناخ،" والآن تضاف أوكرانيا.
وقال: "منذ بداية الصراع، قرّب ارتفاع تكاليف الغذاء والوقود والأسمدة 70 مليون شخص آخر إلى التضور جوعا. ما كان بمثابة موجة جوع، أصبح الآن تسونامي الجوع."
وأوضح أنه حاليا، في 82 دولة حيث يعمل البرنامج، يعاني ما يصل إلى 345 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد – بعبارة أخرى هؤلاء يسيرون نحو التضور جوعا.
وقال: "هذا رقم قياسي – الآن أكثر من 2.5 ضعف عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد قبل بداية الجائحة."
ومن بين الـ 345 مليون شخص، يعيش حوالي 50 مليون شخص في 45 دولة تعاني أصلا من خطر شديد – هم على بُعد خطوة واحدة من المجاعة.
وأشار إلى وجود خطر حقيقي لحدوث مجاعات متعددة هذا العام وفي عام 2023، إذا تطورت أزمة أسعار الغذاء الحالية إلى أزمة توافر الإمدادات الغذائية.
وحثّ مجلس الأمن على إظهار القيادة الإنسانية التي يحتاجها العالم الآن.
في اليمن، تسببت أكثر من سبع سنوات من النزاع المسلح في إحداث الفوضى في جميع أنحاء البلاد. يعاني حوالي 19 مليون شخص – ستة من بين كل عشرة أشخاص – من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وبحسب غريفيثس، يواجه ما يُقدّر بـ 160,000 شخص كارثة، ويعاني 538,000 طفل من سوء التغذية الحاد.
ويرى المسؤول في الفاو، السيد توريرو، أن حدّة النزاع خفّت إلى حدّ كبير بعد أن اتفقت الأطراف على هدنة اعتبارا من نيسان/أبريل، لكنّ القيود المفروضة على الحركة لا تزال تقيّد وصول المساعدات الإنسانية.
لكن يشير المسؤول في برنامج الأغذية العالمي، ديفيد بيزلي، إلى تدهور الوضع الإنساني رغم الهدنة الهشة، بسبب الآفاق الاقتصادية المتدهورة.
وقال: "أسعار الغذاء الآن 70 في المائة أعلى في شمال اليمن عمّا كانت عليه قبل عام، و40 في المائة أعلى من العام السابق في الجنوب."
ويسعى البرنامج إلى توفير الطعام إلى 18 مليون شخص في اليمن في عام 2022.
أشار المسؤول في الفاو إلى أن 7.74 مليون شخص (أي ما يقرب من ثلثي إجمالي السكان) يواجهون المرحلة الثالثة أو أسوأ من انعدام الأمن الغذائي الحاد خلال موسم العجاف.
من جانبه، قال غريفيثس إن جنوب السودان كان أحد أكثر الأماكن خطورة بالنسبة لعمال الإغاثة العام الماضي، حيث شهد 319 حادث عنف استهدف العاملين في المجال الإنساني وممتلكاتهم. وقُتل خمسة من عمال الإغاثة في عام 2021، وتوفي خمسة آخرون منذ بداية العام.
وقال المسؤول في برنامج الأغذية العالمي، ديفيد بيزلي، إن جنوب السودان يعاني الآن من أعلى مستويات الجوع الحاد منذ الاستقلال في 2011. وأكد أنه من دون حلول سياسية لإنهاء العنف، واستثمارات كبيرة في برامج الإغاثة الإنسانية، سيلقى الكثيرون مصرعهم.
قال غريفيثس في إثيوبيا، يحتاج أكثر من 13 مليون شخص إلى مساعدات غذائية منقذة للحياة في جميع أنحاء أفار وأمهرة وتيغراي. في حزيران/يونيو، كان 87 في المائة من الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع في تيغراي يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وأكثر من نصفهم يعانون بشدة.
وأفاد المسؤول في الفاو بأنه حاليا لا توجد بيانات محدّثة للأمن الغذائي لإثيوبيا، ولكن من المرجّح أن يكون الوضع قد ازداد سوءا بشكل كبير في عام 2022.
وأشار ديفيد بيزلي إلى أن التقييمات وجدت أن أزمة الجوع في تيغراي تعمّقت، حيث يعاني 5.2 مليون شخص (89 في المائة من السكان) من انعدام الأمن الغذائي. ويعاني حوالي النصف من نقص شديد في الطعام، و29 في المائة من الأطفال دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية.
في شمال شرق نيجيريا، قال المسؤول في الفاو إن التقديرات تشير إلى أن حوالي 4.14 مليون شخص يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد في ولايات أداماوا وبورنو ويوبي الشمالية الشرقية، ويتعذر الوصول إلى العديد من المناطق للحصول على المساعدة الإنسانية.
أما غريفيثس فأضاف أن 588,000 شخص واجهوا بالفعل مستويات الطوارئ بين حزيران/يونيو وآب/أغسطس، وكان يتعذر الوصول إلى ما يقرب من نصفهم من قبل الجهات الفاعلة الإنسانية بسبب انعدام الأمن.
وقال ديفيد بيزلي: "مع اقتراب موسم العجاف الحالي من نهايته، يوجد ما يُقدّر بـ 4.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي في شمال شرق البلاد، من بينهم أكثر من نصف مليون موجودون في مناطق لا يمكن الوصول إليها."
اضف تعليق