تحاول قصبة الجزائر، المنطقة التاريخية المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي منذ عام 1992، استعادة بريقها بفضل خطة حكومية لترميمها، فيما يواجه عدد من مبانيها خطر الانهيار، تمتد القصبة الشاهدة على الثورة الجزائرية، على مساحة تزيد على 105 هكتارات وتكتظ بالسكان الذين يزيد عددهم عن أربعين ألف نسمة...
تحاول قصبة الجزائر، المنطقة التاريخية المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي منذ عام 1992، استعادة بريقها بفضل خطة حكومية لترميمها، فيما يواجه عدد من مبانيها خطر الانهيار، تمتد القصبة الشاهدة على الثورة الجزائرية، على مساحة تزيد على 105 هكتارات وتكتظ بالسكان الذين يزيد عددهم عن أربعين ألف نسمة، وتقع على هضبة مطلة على خليج العاصمة، وتحيط بها أسوار قلعة عثمانية تعود للقرن السادس عشر، وهي واحدة من أجمل المواقع في البحر الأبيض المتوسط. بحسب فرانس برس.
لكن حالة مبانيها تدهورت مع مرور السنين، بسبب الزلازل والفيضانات والحرائق الناتجة عن تجهيزاتها القديمة، وأوضح مدير وكالة "أرشيماد"، المكلّفة بالدراسات ومتابعة مشروع ترميم المدينة، عيسى مصري لوكالة فرانس برس، أن "عمليات ترميم الموقع بدأت فور حصول البلاد على الاستقلال في عام 1962. كان هناك الكثير من الخطط والجهات" التي شاركت في المشاريع، وأضاف انه في كثير من الأحيان "يتم إطلاق عمليات ترميم ثم تتوقف لأسباب مالية أو فنية أو قانونية تتعلق بالعقار"، معرباً عن أسفه لعدم وجود "رؤية واضحة" على صعيد "مشروع القصبة".
ومع ذلك، أُطلقت خطة ترميم في عام 2012، بميزانية فاقت 170 مليون دولار، بهدف إعادة "المظهر الأصيل للقصبة واقتراح حلول نهائية لحماية هذا المركز التاريخي والثقافي وإبقاء جزء من سكانه في بيوتهم".
منزل جميلة بوحيرد
وقادت المشروع مديرية التجهيزات العمومية لولاية الجزائر، وقد أتاح بالفعل في السنوات الأخيرة ترميم بنايات كثيرة استعاد بعضها رونقه السابق، من بين المنشآت المرممة، دار السلطان التي تضم قصر الداي ومسجد الداي، الذي تم تزيينه بالخط العربي على الخزف التقليدي والرخام. وأعيد فتح الموقع جزئيا للزوار منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2020، كذلك أُنجزت أخيراً الأعمال على أربعة منازل، بينها منزل عائلة جميلة بوحيرد، إحدى بطلات معركة الجزائر التي جرت أساسا في القصبة وكانت حلقة رئيسية في حرب الاستقلال، هذا الحي الصغير يُعدّ موقعا تاريخيا، إذ شكّل ملجأ لشخصيات رمزية من الحرب ضد القوة الاستعمارية الفرنسية السابقة، كما سمح المشروع بترميم جامع كتشاوة الذي أُغلق في عام 2008 بعد تعرضه لأضرار بالغة جراء زلزال قوي وقع في 2003. وبعد 37 شهرا من الأشغال، أعيد فتح هذا المسجد ذي الجذور العثمانية، في نيسان/أبريل 2018، وتم تمويل المشروع كاملا من الحكومة التركية بتكلفة تقرب من سبعة ملايين دولار.
وأوضح مهدي علي باشا، وهو مدير شركة هندسة معمارية تحمل اسمه متخصصة في المواقع الأثرية، لوكالة فرانس برس أنه قبل خطة إنقاذ القصبة، بدأت السلطات بأشغال مستعجلة لـ "تدعيم المباني التي كانت مهددة بالانهيار"، وأضاف المهندس المعماري الذي أجرت وكالته دراسات ترميم المنازل الأربعة، انه "تم وضع دعامات أكثر من 300 مبنى بين عامي 2008 و2013".
جدل ومشاريع جديدة
في بعض الاحيان، يعيق ترميم الدويرات (تصغير كلمة "دار" في لغة سكان القصبة)، من السكان الذين يرفضون السماح للمهندسين أو شركات الترميم، بدخول بيوتهم، ويقول المهندس علي باشا "لا يزال السكان يمثلون عائقا. فهناك دويرات تم ترحيل سكانها وغلقها من طرف البلدية. وهنا يمكننا العمل دون مشاكل، لكن عندما تكون المنازل مأهولة، تتم الدراسة بصعوبة"، وكذلك كانت إعادة تأهيل القصبة، في نهاية 2018، في قلب جدل كبير في قطاع الهندسة المعمارية وداخل المجتمع المدني، في كل من فرنسا والجزائر، بعد قرار السلطات الجزائرية تكليف المهندس الفرنسي جان نوفيل إنجاز خطة بهدف "إحياء" هذه المنطقة التاريخية، ووضع حوالي 400 شخص، خصوصاً من المهندسين المعماريين والأكاديميين الجزائريين والفرنسيين، عريضة للطلب من جان نوفيل الانسحاب من المشروع.
وكان مقدمو العريضة قلقين بشكل خاص من أن إيكال مهندس فرنسي مهمة ترميم مدينة كانت مسرحا لمعركة الجزائر ضد المستعمر الفرنسي. وقد استُغني عن الفكرة في نهاية المطاف، ويوجد حاليا قيد التنفيذ سبعة مشاريع لترميم المباني التاريخية تقدمت فيها الأشغال بسبة 65 بالمئة، بحسب فاطمة العربي، المهندسة المعمارية في مديرية التجهيزات العمومية بولاية الجزائر في تصريحات لوكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، وأكد علي باشا ان الهدف "إحياء القصبة وإبراز قيمتها" التاريخية والثقافية والسياحية.
اضف تعليق