تهدد أموال روسية "قذرة" تتدفق داخل لندن، الأمن القومي ومن شأنها أن تضعف تأثير فرض عقوبات غربية على موسكو في حال غزت أوكرانيا، حسبما حذر مسؤولون ومنظمة لمكافحة الفساد، وكتب النائب المحافظ توم توغندات في صحيفة "سيتي إيه إم" الاقتصادية "بينما تستعرض موسكو قوتها في مواجهة أوكرانيا...
تهدد أموال روسية "قذرة" تتدفق داخل لندن، الأمن القومي ومن شأنها أن تضعف تأثير فرض عقوبات غربية على موسكو في حال غزت أوكرانيا، حسبما حذر مسؤولون ومنظمة لمكافحة الفساد، وكتب النائب المحافظ توم توغندات في صحيفة "سيتي إيه إم" الاقتصادية "بينما تستعرض موسكو قوتها في مواجهة أوكرانيا، ما زالت أموال روسية لا تزال تسمم شواطئنا"، والعلاقات بين روسيا ودول الغرب في أدنى مستوياتها منذ الحرب الباردة في أعقاب نشر موسكو عشرات آلاف الجنود على الحدود الأوكرانية. بحسب فرانس برس.
وأضاف توغندات رئيس اللجنة البرلمانية الخاصة للشؤون الخارجية التي تتمتع بنفوذ كبير أنه "يسهل التركيز على مئة ألف جندي روسي تم حشدهم على الحدود، لكن التهديد لا يأتي من الدبابات فقط، إنما من الأموال"، وأوضح ان "الأموال المخبأة في حسابات وممتلكات تستخدم لتقويض أمن المملكة المتحدة والشعب البريطاني"، وكان توغندات صرح الجمعة لشبكة "بي بي سي" من البوسنة إن بريطانيا تتحمل مسؤولية بشكل خاص في الأزمة الحالية المتعلقة بأوكرانيا، لدورها المحوري في غسل أموال من أنحاء العالم.
عدم استقرار
قال النائب المحافظ إن "الكثير من الأموال القذرة التي مع الأسف تسبب عدم الاستقرار - هنا في البوسنة وحتما في أوكرانيا وبالطبع في روسيا - تتدفق داخل أسواقنا في لندن". وأضاف "هذا مجال مع الأسف له علاقة بنا ولا يمكننا تجاهله"، واتُهمت السلطات البريطانية كثيرا بالتغاضي عن أموال الأثرياء القريبين من السلطة المتدفقة إلى لندن والمركز المالي ما أدى إلى إطلاق لقب "لندنغراد" عليها، يتم استثمار الكثير من الأموال وغسلها بشراء عقارات في بعض أكثر المناطق الباهظة الثمن في لندن.
وقالت منظمة الشفافية الدولية التي تكافح الفساد لوكالة فرانس برس إن روسًا متهمين بالفساد أو بعلاقات لهم مع الكرملين، يمتلكون نحو 1,5 مليار جنيه استرليني (1,8 مليار يورو، ملياري دولار) بشكل عقارات في بريطانيا، وقرابة مليار جنيه من المبالغ الإجمالية تمتلكها شركات في "ملاذات سرية" هي أيضا اراض بريطانية ما وراء البحار، وخصوصا الجزر العذراء البريطانية وجزيرة آيل أوف مان، بحسب المنظمة.
وقال مدير السياسات في الفرع البريطاني للمنظمة دنكان هيمز "ليس سرا أن بريطانيا توفر +مغسلا+ للأموال القذرة ولسمعات أولئك الأشخاص من روسيا وغيرها"، وأضاف "هذا لا يؤثر فقط على مواطني الدول التي تعيش في ظل أنظمة فاسدة، إنما يطرح أيضا مخاوف أمنية للمملكة المتحدة"، وتابع "على الحكومة أن تبادر إلى إدخال إصلاحات طال انتظارها لمنع المجرمين والفاسدين من إخفاء أموالهم المكتسبة بطريقة غير شرعية في عقارات فاخرة هنا"، مشيرا إلى أن إنكلترا لديها قوانين لتجميد مثل هذه الأصول، تحذر لجنة توغندات منذ سنوات من أن التراخي في وجه الأموال الروسية التي يتم تبييضها في لندن من خلال بنوك أو عقارات، جعلت الرئيس بوتين أكثر جرأة.
طبقة الأوليغارش
قال تقرير للجنة نشر في 2018 بعنوان "ذهب موسكو" إن أفضل طريق لكبح الأطماع الإقليمية الروسية هي وقف الكرملين عن غسل الأموال غير القانوني في المملكة المتحدة والمناطق البريطانية ما وراء البحار.
في التقرير، يرى الناشط في مجال مكافحة الفساد رومان بوريسوفيتش إن جميع "الأوليغارش" الروس ينتمون إلى "الطبقة" نفسها التي تدين بشيء ما للكرملين، ويقول "مهما بدوا مختلفين - أحدهم يمتلك نادٍ لكرة القدم، وآخر تبرع بالمال إلى أكسفورد لبناء مدرسة حكومية، وثالث سجن في روسيا لست سنوات في ظل الشيوعية، وسواه كان موظفًا حكوميًا - فجميعهم لديهم أشياء معينة مشتركة".
ويضيف "كل واحد منهم جمع المال عبر علاقة مع الحكومة الروسية وذلك الارتباط يجبرهم على القيام بكل أنواع المهام لبوتين سواء كانت خفية أو مرئية أو غير مرئية"، وستفتح اللجنة قريبا تحقيقا في غسل عالمي للاموال، حسبما أعلن متحدث لوكالة فرانس برس الجمعة، فيما قالت موسكو إن أي عقوبات على أوكرانيا تستهدف بوتين بشكل مباشر ستكون "مدمرة".
من ناحية أخرى قالت صحيفة تايمز الجمعة إن مسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية عبروا عن "الاستياء" لأن تأثير العقوبات المالية المحتملة ضد بوتين سيكون أقل بسبب تقاعس بريطانيا عن اتخاذ إجراءات بشأن استثمارات روسية مشبوهة.
عقوبات جديدة
أعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أنّ بلاده ستقترح على حلف شمال الأطلسي نشر قوّات وأسلحة وسفن حربيّة وطائرات مقاتلة في أوروبا، في إطار عمليّة انتشار عسكري "كبيرة"، ردًا على تصاعد "العداء الروسي" تجاه أوكرانيا.
وأشار مكتب رئيس الوزراء البريطاني إلى أنّ هذا الاقتراح الذي يُفترض تقديمه خلال اجتماع للقادة العسكريّين للحلف الأطلسي الأسبوع المقبل، قد يؤدّي إلى مضاعفة عديد القوّات البريطانيّة المنتشرة حاليًا في أوروبا الشرقيّة، وتوفير "أسلحة دفاعيّة" لإستونيا.
وقال جونسون في بيان مساء السبت إنّ مجموعة الإجراءات هذه "ستبعث رسالة واضحة إلى الكرملين - لن نتسامح مع نشاطهم المزعزع للاستقرار، وسنقف دائمًا إلى جانب حلفائنا في الناتو، في مواجهة العداء الروسي".
وأضاف "أصدرتُ الأمر لقوّاتنا المسلّحة بالاستعداد لنشر قوّات في أوروبا الأسبوع المقبل، لضمان قدرتنا على دعم حلفائنا في الناتو برًا وبحرًا وجوًا"، واعتبر الزعيم البريطاني أنّه إذا اختار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "إراقة الدماء والدّمار" في أوكرانيا، فسيكون ذلك "مأساة لأوروبا"، قائلا إنّ "أوكرانيا يجب أن تكون حرّة في اختيار مستقبلها".
كان جونسون الذي يتعرّض لضغوط سياسيّة منذ أسابيع في أعقاب سلسلة فضائح داخليّة، قد قال إنّه سيتحدّث إلى بوتين هاتفيًا في الأيّام المقبلة لحضّه على وقف التصعيد بشأن أوكرانيا، وبالإضافة إلى هذه المكالمة الهاتفيّة، يُجري رئيس الوزراء البريطاني جولة في المنطقة خلال الأيّام المقبلة، وبلغت العلاقات بين روسيا والغرب أدنى مستوياتها منذ الحرب الباردة، ونشرت روسيا عشرات آلاف القوّات على حدود أوكرانيا في الأشهر الأخيرة، ما أثار مخاوف من حدوث غزو. وبينما تنفي الحكومة الروسيّة أيّ خطط من هذا القبيل، فإنّها تُصرّ على الحصول على ضمانات مكتوبة في ما يتعلّق بأمن روسيا، بما في ذلك عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي.
دعم
ويُرتقب أن تُعلن لندن تشديد نظامها الخاصّ بالعقوبات، من أجل أن تتمكّن المملكة المتّحدة من استهداف مصالح استراتيجيّة وماليّة لموسكو، في ضوء اتّهامات موجّهة إليها بغضّ الطرف عن تدفّق الأموال الروسيّة على أراضيها.
في الغضون، سيتمّ إيفاد مسؤولين بريطانيّين إلى بروكسل، مقرّ قيادة الناتو، لوضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل العرض العسكري البريطاني، بعد مناقشة الوزراء يوم الاثنين للخيارات المختلفة المتاحة أيضًا. وفي اليوم التالي، يُطلع رئيس هيئة أركان الدفاع البريطاني توني راداكين، مجلس الوزراء على الوضع في أوكرانيا.
ووفقًا لمكتب جونسون، فإنّ النشر المحتمل لطائرات وسفن حربيّة ومتخصّصين عسكريّين وقوّات وأسلحة سيُقوّي دفاعات الأطلسي ويُعزّز "دعم المملكة المتحدة لشركائها"، لدى بريطانيا نحو 900 عسكري يتمركزون في إستونيا وأكثر من 100 في أوكرانيا، في إطار مهمة تدريبية بدأت في عام 2015. كما يوجد حاليا نحو 150 جنديا من وحدة مدرعات خفيفة في بولندا، وقال داونينغ ستريت إنّ حاملة الطائرات "إتش. إم. إس. برينس أوف ويلز" في منطقة القطب الشمالي، هي في حالة تأهّب "إذا ما استمرّ تصاعد التوتّر".
على الصعيد الدبلوماسي، من المقرّر أن يتوجّه وزيرا الخارجيّة والدفاع البريطانيّان ليز تراس وبن والاس إلى موسكو، لإجراء محادثات مع نظيرَيهما الروسيَين في الأيام المقبلة. وبحسب داونينغ ستريت "سيعملان على تحسين العلاقات مع الرئيس بوتين والتشجيع على التهدئة".
اضف تعليق