منذ ساعات الصباح الأولى، هرعت مهاجرة إلى الفرن المتواضع في حيها الفقير لتنضم لقلة آخرين ينتظرون، وبرغم الانخفاض الشديد في درجات الحرارة، الحصول على بضعة أرغفة من الخبز تعوض وإن قليلاً من حاجات عائلتهم، وتقول مهاجرة آمان الله، إن لم آتي بالخبز من هنا نذهب إلى الفراش جياعاً...
منذ ساعات الصباح الأولى، هرعت مهاجرة إلى الفرن المتواضع في حيها الفقير لتنضم لقلة آخرين ينتظرون، وبرغم الانخفاض الشديد في درجات الحرارة، الحصول على بضعة أرغفة من الخبز تعوض وإن قليلاً من حاجات عائلتهم، وتقول مهاجرة آمان الله، "إن لم آتي بالخبز من هنا نذهب إلى الفراش جياعاً". بحسب فرانس برس.
تقطن مهاجرة، البالغة العشرينات من عمرها، مع زوجها المدمن على المخدرات وطفلتيها في منزل واحد مع ثلاث عائلات أخرى، وتقول "نحن أفقرهم، وليس لدي حتى فحم أو وقود في المنزل"، ومنذ أيلول/سبتمبر، أطلق أستاذ جامعي مبادرة فردية للحصول على تمويل يسمح له بتوزيع المساعدات. وضمن المبادرة نفسها، بدأ السبت حملة لتوزيع عشر أرغفة من الخبز على 75 عائلة لمدة شهر في سبع مناطق مختلفة في كابول، ووزع المتطوعون الخبز في منطقتين تعدان بين الأكثر فقراً في كابول.
تتذكر مهاجرة أياماً صعبة مرت عليها وعلى طفلتيها، وتقول "عانيت الجوع لثلاثة أيام" في أحدى المرات، مضيفة "أحياناً لا نأكل سوى الخبز والشاي"، تعتمد مهاجرة اليوم بشكل أساسي على المساعدات القليلة التي تحصل عليها وإن كانت لا تكفيها وعائلتها الصغيرة، وإن كانت تحاول بقدر المستطاع أن تهتم بطفلتيها، إلا أنها لا تقوى حتى على شراء الحليب لهما. وتقول "ساء وضعنا منذ أن أصبح زوجي مدمناً، حتى أني فكرت ببيع طفلتّي، لكني تراجعت واتكلت على الله وحده قادر على مساعدتي".
ليس لدينا ما يكفي
منذ عودة حركة طالبان إلى الحكم في منتصف آب/أغسطس، جمدت الولايات المتحدة 9,5 مليارات دولار من احتياطي المصرف المركزي الأفغاني، أي ما يعادل نصف إجمالي الناتج المحلي لأفغانستان في العام 2020.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، إذ علق كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي نشاطهما في بلد كان اقتصاده قائماً على الدعم الدولي، إذ كان يعادل 80 في المئة من الميزانية الوطنية، وعلى وقع التردي الاقتصادي وأزمة السيولة الشديدة، حذرت الأمم المتحدة من مجاعة تهدد 23 مليون أفغاني، ودعت مؤخراً إلى تحرير الأموال المجمدة.
وفيما كان الرجال والنساء ينتظرون الحصول على حصتهم من الخبز، كان الأطفال يلعبون ويتبادلون الضحكات في ما بينهم، وقفت طفلتان وضعتا الحجاب جانباً تراقبان عملية التوزيع، وقد ارتدت احداهما حذاء ممزقاً يفوق قياسه حجم رجليها الصغيرتين.
بعد انتهائه من توزيع الخبز، يقول صاحب الفرن المتواضع مكرم الدين "الناس فقدت أعمالها، ولم يعد لديها أي دخل.. وبسبب ذلك بتنا نستخدم كيساً ونصف فقط من الطحين مقارنة مع أربعة أكياس في السابق"، تقف نورية إلى جانب خمس نساء أخريات جميعهن يرتدين البرقع الأزرق، الذي تشجع حركة طالبان النساء على ارتداءه في البلاد، اعتادت نورية الحصول على مساعدات قليلة من أصدقاء زوجها المتوفي، لكن حتى هذا لم يعد ممكناً.
وتقول الوالدة لخمسة أطفال "لم يحضروا لنا مشتريات منذ شهرين، ويقولون لي إنه لم يعد لديهم أموال"، تقتصد العائلة كثيراً في أكلها، وتقول نورية "نأكل الأرز أو شوربة الجزر واللفت.. ونضع فيها قطعاً من الخبز بدلاً من اللحم"، وتضيف "لا يفهم أطفالي وضعنا الحالي، ولا أقوى أن أقول لهم أنه ليس لدينا ما يكفي لنأكل".
اضف تعليق