q
أكد التقرير أنه تم إيفاد 15 شخصا لاستهداف خاشقجي في تركيا، بينهم عناصر نخبة في فريق الحماية الشخصية لولي العهد، اي قوات التدخل السريع. عثرت الاستخبارات الأميركية على أدلة رئيسية تشير إلى تورّط الأمير محمد. ومن بين تلك الأدلة، مكالمة هاتفية للأمير محمد مع شقيقه خالد...

قال تقرير للمخابرات الأمريكية صدر يوم الجمعة إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وافق على عملية للقبض على الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي أو قتله.

وصدر التقرير ضمن ترتيبات ترمي للحد من الإضرار بالعلاقات الأمريكية السعودية.

وكان فريق من السعوديين الذين تربطهم صلات بولي العهد قد قتل خاشقجي، المقيم في الولايات المتحدة والذي نشر مقالات بصحيفة واشنطن بوست تنتقد سياسات الأمير محمد، ومزق جسده في قنصلية المملكة في اسطنبول عام 2018.

وسبق أن نفت الرياض ضلوع الأمير محمد الذي يتولى فعليا إدارة شؤون المملكة في الجريمة.

وقال مكتب مدير المخابرات الوطنية في التقرير الذي نشر على موقع الإدارة "نحن نرى أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وافق على عملية في اسطنبول بتركيا للقبض على الصحفي جمال خاشقجي أو قتله". بحسب رويترز.

وأضاف التقرير "ونحن نبني هذا التقييم على سيطرة ولي العهد على عملية صنع القرار في المملكة والضلوع المباشر لمستشار رئيسي وأفراد من فريق حماية محمد بن سلمان في العملية ودعم ولي العهد لاستخدام تدابير عنيفة لإسكات المعارضين في الخارج ومنهم خاشقجي".

وقرر الرئيس الأمريكي جو بايدن رفع السرية عن التقرير الذي رفض الرئيس السابق دونالد ترامب نشره متحديا قانونا صدر عام 2019 وذلك فيما يعكس الاستعداد الأمريكي الجديد لتحدي المملكة في قضايا من حقوق الانسان إلى الحرب في اليمن.

غير أن بايدن يخطو بحذر للحفاظ على العلاقات مع المملكة في إطار سعيه لإحياء الاتفاق النووي المبرم مع إيران ومعالجة تحديات أخرى من بينها محاربة التطرف الإسلامي وتعزيز العلاقات العربية الإسرائيلية.

وقد رتبت واشنطن سلسلة من الخطوات لتخفيف الصدمة إذ اتصل بايدن يوم الخميس بالملك سلمان بن عبد العزيز في مكالمة قال الجانبان إنها أكدت من جديد التحالف القائم منذ عشرات السنين بينهما وتعهدا بالتعاون.

غير أن إدارة بايدن تدرس إلغاء صفقات أسلحة مع السعودية تثير مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان وفي الوقت نفسه قصر المبيعات العسكرية المستقبلية على الأسلحة "الدفاعية" ريثما تعيد تقييم العلاقات مع المملكة.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية إن تركيز الولايات المتحدة ينصب على إنهاء الصراع في اليمن حتى وهي تضمن للسعودية كل ما تحتاجه للدفاع عن أراضيها.

وكشف وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن الولايات المتحدة فرضت يوم الجمعة قيودا على 76 شخصا من السعودية، قائلا إنها لن تتسامح مع تهديدات السعودية للنشطاء والمعارضين والصحفيين واعتداءاتها عليهم.

وعقب صدور تقرير المخابرات، أعلن بلنكين "حظر خاشقجي" الذي تفرضه وزارة الخارجية الأمريكية، وهي سياسة لتقييد التأشيرات "على أفراد كانوا يتصرفون باسم حكومة أجنبية ويُعتقد أنهم شاركوا بشكل مباشر في أنشطة خطيرة ضد المعارضين خارج الحدود الإقليمية".

وردد تقرير المخابرات الذي رُفعت عنه السرية صدى نسخة سرية من تقرير عن مقتل خاشقجي أطلع ترامب أعضاء الكونجرس عليه في أواخر العام 2018.

وعكس رفض ترامب مطالب أعضاء في الكونجرس وجماعات حقوقية بنشر نسخة رُفعت عنها السرية في ذلك الوقت رغبة في الحفاظ على التعاون مع الرياض وسط توترات متنامية مع إيران ولدعم مبيعات السلاح الأمريكية للمملكة.

وقد تعهدت مديرة المخابرات الوطنية الجديدة أفريل هينز التي عينها بايدن بالامتثال لقانون صدر عام 2019 يقضي بأن ينشر مكتبها في خلال 30 يوما تقريرا تنزع عنه صفة السرية عن مقتل خاشقجي.

وكان خاشقجي الصحفي السعودي البالغ من العمر 59 عاما يعيش في منفى اختياري في فرجينيا وكان يكتب مقالات في صحيفة واشنطن بوست تنتقد سياسات ولي العهد.

وقد تم استدراجه في الثاني من أكتوبر تشرين الأول إلى القنصلية السعودية في اسطنبول على وعد بالحصول على وثيقة يحتاجها لزواجه من خطيبته التركية. وهناك قتله الفريق السعودي الذي يرتبط بصلات بالأمير محمد بن سلمان ومزق جسده. ولم يُعثر على أشلاء جثته.

وفي البداية أصدرت الرياض روايات متضاربة عن اختفائه لكنها اعترفت في نهاية الأمر بمقتله في عملية قالت إن منفذيها تصرفوا من تلقاء أنفسهم وكانوا يهدفون لاعتقاله ونقله للسعودية.

وتم القبض على 21 شخصا وتم عزل خمسة مسؤولين كبار من بينهم نائب رئيس المخابرات أحمد العسيري وسعود القحطاني أحد كبار مساعدي الأمير محمد بن سلمان.

وفي يناير كانون الثاني 2019 قدمت السلطات السعودية 11 شخصا للمحاكمة في إجراءات سرية. وحُكم على خمسة منهم بالإعدام وتم تخفيف الحكم إلى السجن 20 عاما بعد أن عفت عنهم أسرة خاشقجي. وحُكم على ثلاثة آخرين بالسجن.

وحوكم العسيري لكن النيابة قالت إن المحكمة برأته "لعدم كفاية الإدلة". وتم التحقيق مع القحطاني لكن لم توجه له أي اتهامات.

وقال البيت الأبيض إن بايدن سيتواصل مع الملك سلمان فقط في إطار سعيه للحفاظ على العلاقات مع السعودية.

وسيعيد ذلك قواعد البروتوكول التي خرقها ترامب وصهره ومستشاره جاريد كوشنر اللذان كانا على اتصال مباشرة مع الأمير محمد.

وأعلن البيت الأبيض أن بايدن والعاهل السعودي شددا على التعاون الأمني بين واشنطن والرياض وقد أكد الرئيس الأميركي "التزام الولايات المتحدة دعم السعودية في الدفاع عن أراضيها في مواجهة هجمات تشنها جماعات متحالفة مع إيران".

لكن في تحوّل يخالف النهج الذي كانت تعتمده الإدارة السابقة شدد بايدن على "الأهمية التي توليها الولايات المتحدة على صعيد حقوق الإنسان ودولة القانون".

وكان خاشقجي مقيما في منفى طوعي في الولايات المتحدة حيث كان يكتب مقالات في صحيفة واشنطن بوست إلى أن قتل في 2 تشرين الأول/أكتوبر 2018.

وأخطر سفير السعودية لدى الولايات المتحدة الصحافي البالغ من العمر 59 عاما بأن يذهب إلى القنصلية السعودية في اسطنبول إذا كان يريد الحصول على وثائق لزواجه المرتقب من خطيبته التركية خديجة جنكيز.

وهناك، قتل وقطعت جثته على يد فريق أرسل من الرياض بتوجيه من كبير مساعدي الأمير محمد، سعود القحطاني. بحسب فرانس برس.

وأكد التقرير الذي نشر الجمعة أنه تم إيفاد 15 شخصا لاستهداف خاشقجي في تركيا، بينهم عناصر "نخبة في فريق الحماية الشخصية" لولي العهد، اي قوات التدخل السريع.

ووفقا للصحيفة الأميركية، عثرت الاستخبارات الأميركية على أدلة رئيسية تشير إلى تورّط الأمير محمد.

ومن بين تلك الأدلة، مكالمة هاتفية للأمير محمد مع شقيقه خالد بن سلمان السفير السعودي لدى الولايات المتحدة، وقد رصدتها وكالة الاستخبارات الأميركية.

وخلال تلك المكالمة، أمر الأمير محمد شقيقه بإخبار خاشقجي بالذهاب إلى اسطنبول للحصول على الوثائق التي يحتاج إليها لزواجه.

ومن الأدلة الأخرى مقطع فيديو سجّلته الاستخبارات التركية لجريمة القتل من داخل قنصلية اسطنبول، أوضح ما حصل وساعد في التعرف على الفاعلين وأظهر اتصالات بينهم وبين الرياض.

المحاكمة

تعتقد قلّة من المراقبين في السعودية أن الجريمة يمكن أن تكون قد نفّذت من دون علم الأمير محمد، الرجل القوي الذي سجن عددا من المنتقدين واحتجز عددا من الأمراء المسؤولين ضمن العائلة الملكية.

وتحت ضغط شديد من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، قامت الحكومة السعودية بمحاكمة بعض المشاركين في عملية قتل جمال خاشقجي.

وبرّأت المحاكمة التي أجريت خلف أبواب مغلقة المسؤولَين اللذين ينظر إليهما على أنهما العقل المدبر للجريمة: القحطاني وهو المستشار الإعلامي في الديوان الملكي ونائب رئيس الاستخبارات أحمد العسيري. وكلاهما جزء من الدائرة المقربة من الأمير محمد.

لكن، حكم على خمسة متهمين لم يتم الكشف عن أسمائهم بالإعدام وحُكم على ثلاثة آخرين بعقوبات طويلة بالسجن. وبعد تسعة أشهر، ألغت المحكمة أحكام الإعدام واستبدلتها بعقوبات تصل إلى السجن لعشرين عاما.

ووصفت منظمة العفو الدولية ومنظمة مراسلون بلا حدود القضية بأنها "محاكاة ساخرة للعدالة".

وفي 15 تشرين الثاني/نوفمبر، أعلنت واشنطن عقوبات بحق 17 سعوديا يشتبه بتورطهم في اغتيال خاشقجي من بينهم القحطاني لكنها لم تشمل العسيري.

السعودية تؤكد رفضها للتقرير

أكدت الحكومة السعودية، الجمعة، على رفضها لما ورد في تقرير الاستخبارات الأمريكية عن مقتل الإعلامي السعودي جمال خاشقجي، معتبرة أن استنتاجات التقرير "مسيئة وغير صحيحة".

وقال وزارة الخارجية السعودية، في بيان، إن "حكومة المملكة ترفض رفضاً قاطعاً ما ورد في التقرير من استنتاجات مسيئة وغير صحيحة عن قيادة المملكة، ولا يمكن قبولها بأي حال من الأحوال، كما أن التقرير تضمن جملة من المعلومات والاستنتاجات الأخرى غير الصحيحة". بحسب سي ان ان.

وأضافت الخارجية أنها "تؤكد على ما سبق أن صدر بهذا الشأن من الجهات المختصة في المملكة من أن هذه جريمة نكراء شكلت انتهاكًا صارخًا لقوانين المملكة وقيمها ارتكبتها مجموعة تجاوزت كافة الأنظمة وخالفت صلاحيات الأجهزة التي كانوا يعملون فيها، وقد تم اتخاذ جميع الإجراءات القضائية اللازمة للتحقيق معهم وتقديمهم للعدالة، حيث صدرت بحقهم أحكاماً قضائية نهائية رحبت بها أسرة خاشقجي".

واعتبرت الخارجية أنه "لمن المؤسف حقاً أن يصدر مثل هذا التقرير وما تضمنه من استنتاجات خاطئة وغير مبررة، في وقت أدانت فيه المملكة هذه الجريمة البشعة واتخذت قيادتها الخطوات اللازمة لضمان عدم تكرار مثل هذه الحادثة المؤسفة مستقبلا".

وقالت الخارجية السعودية إن "المملكة ترفض أي أمر من شأنه المساس بقيادتها وسيادتها واستقلال قضائها"، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية.

وأكدت الخارجية السعودية أن "الشراكة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، هي شراكة قوية ومتينة، ارتكزت خلال الثمانية عقود الماضية على أسس راسخة قوامها الاحترام المتبادل، وتعمل المؤسسات في البلدين على تعزيزها في مختلف المجالات، وتكثيف التنسيق والتعاون بينهما لتحقيق أمن واستقرار المنطقة والعالم"، وقالت الخارجية: "نأمل أن تستمر هذه الأسس الراسخة التي شكلت إطاراً قويًا لشراكة البلدين الاستراتيجية".

ما الرسالة التي يوجهها بايدن للسعودية

قال دينيس روس، الذي عمل على عدد من المسائل المرتبطة بالشرق الأوسط مع أكثر من إدارة أمريكية إن الرئيس جو بايدن يستخدم تقرير الإعلامي السعودي جمال خاشقجي لإرسال رسالة إلى المملكة العربية السعودية وأيضا إلى الكونغرس.

وأوضح دينيس الذي يشغل حاليا منصب مستشار بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى قائلا: "تبعث برسالة للكونغرس واعتقد أيضا أنها الأسلوب الذي تقول فيه الإدارة الأمريكية للمملكة العربية السعودية ’لن نحميك من تبعات التصرفات السيئة، وعليه من الأفضل الابتعاد عن هذه التصرفات‘".

وتابع دينيس قائلا: "أعتقد ان إدارة بايدن تريد توضيح أن الآن هو يوم جديد بعد إدارة الرئيس ترامب وأيضا إرسال رسالة إلى المملكة العربية السعودية بأن العلاقات سيتم إعادة تعييرها".

كان مصدر مقرب من الحكومة السعودية اطلع على الأمر، قال لشبكة CNN إن العاهل السعودي الاتصال الذي جرى بين الزعيمين يوم الخميس "سار على ما يرام".

الديمقراطيون يقدمون مشروع قرار للكونغرس

أعلن نائبان ديمقراطيان بالكونغرس الأمريكي، الخميس، أنهما سيقدمان مشروع قرار، الجمعة، لـ"محاسبة" السعودية على مقتل الإعلامي جمال خاشقجي و"انتهاكات أخرى" لحقوق الإنسان.

وقال النائب الديمقراطي عن ولاية ماريلاند ديفيد ترون في رسالة إلى زملائه، حصلت شبكة CNN على نسخة منها: "سنقدم قرارا يدعو إلى تخفيض كبير في المساعدة الأمريكية للسعودية إلى أن تظهر المملكة مساءلة حقيقية بشأن حقوق الإنسان وسيادة القانون والقضايا النووية".

وقال ترون إن مشروع القرار، الذي يقدمه مع النائب الديمقراطي عن ولاية فرجينيا جيري كونولي، سيدعو الحكومة الأمريكية إلى "وقف عمليات نقل الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية طالما استمرت السعودية في التملص من المسؤولية عن مقتل جمال خاشقجي وانخراطها في انتهاكات حقوق الإنسان الأخرى".

وتابع ترون بالقول في رسالته إلى زملائه لحثهم على المشاركة في رعاية مشروع القرار إنه "يسعى أيضا إلى تقليص التعاون النووي حتى توقع المملكة العربية السعودية اتفاقية لبرنامج مدني يحظر صراحة تخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية".

جمال خاشقجي من دوائر الحكم السعودي الى الانتقاد العلني

تحوّل الصحافي السعودي جمال خاشقجي الذي قتل في قنصلية بلاده في اسطنبول في عملية "أجازها" ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وفق وكالة الاستخبارات الأميركية، من مقرّب من دوائر الحكم في الرياض إلى أحد أبرز منتقدي سياساتها.

وقتل خاشقجي في تشرين الأول/أكتوبر 2018 بعد مسيرة مهنية حافلة تنقل خلالها بين الإسلام السياسي وتأييد الإخوان المسلمين، والإعلام السعودي، والقادة السعوديين، وصولا الى الكتابة في وسائل إعلام عالمية بينها صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية. بحسب فرانس برس.

وانتقل خاشقجي في 2017 للعيش في منفى اختياري في الولايات المتحدة بعدما اختلف مع الأمير محمد بن سلمان.

وبعد أن كان خاشقجي مستشارا للحكومة السعودية، أصبح من أشد المنتقدين لسياسات المملكة في وسائل إعلام غربية وعربية.

وتحدث عن حقبة سعودية جديدة من "الخوف والترهيب والاعتقالات والتشهير العلني" في مقال نُشر في "واشنطن بوست" عام 2017.

وكان كتب في صحيفة "غارديان" البريطانية قبل ذلك "يستحق ولي العهد الثناء على برنامجه الإصلاحي في الداخل. لكن في الوقت ذاته، لم يسمح (...) بأي نقاش في السعودية حول طبيعة التغييرات التي يجريها".

وتابع "يبدو أنه ينقل البلاد من التطرّف الديني التاريخي، الى تطرّفه القائل +عليكم أن تقبلوا بإصلاحاتي+".

وينتمي خاشقجي الى عائلة سعودية مرموقة من أصول تركية. وكان جدّه محمّد خاشقجي طبيبا شخصيا للملك الراحل عبد العزيز آل سعود، مؤسّس المملكة. كما أن قريبه هو تاجر الأسلحة الراحل عدنان خاشقجي.

تخرّج من جامعة ولاية إنديانا الأميركية في العام 1982، وبدأ يعمل في صحف يومية بينها "سعودي غازيت" و"الشرق الأوسط".

أُرسل لتغطية أخبار النزاع في أفغانستان، وظهر في صورة وهو يحمل سلاحاً رشاشاً مرتدياً زيّاً أفغانياً. لم يقاتل خاشقجي في النزاع، لكنه أظهر تعاطفاً مع قضية المجاهدين في الحرب إبان الثمانينات ضد الاتحاد السوفياتي التي موّلها السعوديون ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه".

أجرى خلال هذه الفترة مقابلة مع أسامة بن لادن في أفغانستان وفي السودان، ثم ابتعد عنه في التسعينات، بسبب دعوة هذا الأخير يدعو الى أعمال عنف في الغرب.

ولد خاشقجي في المدينة المنورة في 13 تشرين الأول/اكتوبر 1958.

اعتبرته السلطات السعودية تقدّميا أكثر من اللزوم، فاضطر إلى مغادرة منصبه كرئيس تحرير في صحيفة "الوطن" اليومية في العام 2003 بعد 54 يوماً فقط من بدء عمله.

تولى خاشقجي مناصب استشارية في الرياض وواشنطن، بينها لصالح الأمير تركي الفيصل الذي أدار الاستخبارات السعودية لأكثر من 20 عاماً. وعندما عُيّن الأمير تركي الفيصل سفيراً في واشنطن في 2005، رافقه خاشقجي إلى الولايات المتحدة.

في العام 2007، عاد خاشقجي إلى صحيفة "الوطن" وأمضى فيها ثلاث سنوات قبل أن يضطّر مجدداً للمغادرة بعدما اعتبرت السلطات أنّ أسلوبه التحريري "يتجاوز الحدود" المرسومة للنقاش في المجتمع السعودي، بحسب موقعه على الإنترنت.

وتقرّب خاشقجي من الملياردير الأمير الوليد بن طلال، وأطلقا معاً في المنامة عام 2015 قناة "العرب" الإخبارية التي توقفت عن العمل بعد 24 ساعة فقط إثر بثها مقابلة مع شخصية معارضة.

ترك خاشقجي السعودية في أيلول/سبتمبر 2017 بعد أشهر من تولّي الأمير محمد بن سلمان منصب ولي العهد.

وفي حينه، أوقفته جريدة "الحياة" اليومية المملوكة من الأمير السعودي خالد بن سلطان آل سعود عن الكتابة فيها، بعدما دافع في مقال عن جماعة الإخوان المسلمين.

وذكر الصحافي الراحل في تلك الفترة أنّ السلطات منعته كذلك من استخدام حسابه الخاص على "تويتر" بعدما قال إنّ على المملكة أن تخشى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وغادر خاشقجي المملكة في خضمّ موجة اعتقالات شملت مثقفين ودعاة إسلاميين وأمراء بينهم الوليد بن طلال الذي أوقف مع آخرين على خلفيّة تتهم تتعلّق بالفساد، وفقاً للسلطات.

وعبّر عن معارضته لمقاطعة قطر من السعودية وحلفائها، وانتقد الحرب في اليمن التي أشرف عليها الأمير محمد بن سلمان، وزير الدفاع.

وقام خاشقجي بزيارته المشؤومة للقنصلية في اسطنبول بهدف الحصول على الأوراق اللازمة لإتمام زواجه من خطيبته التركية خديجة جنكيز.

محمد بن سلمان بين الاصلاح والقبضة الحديدية

نفذ محمد بن سلمان الذي ذكر تقرير استخباراتي أميركي الجمعة أنه "أجاز" قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، سلسلة تغييرات اقتصادية واجتماعية ودينية غير مسبوقة في المملكة المحافظة بعد أن اصبح وليا للعهد، تلتها حملة قمع عنيفة ضد المعارضين والناشطين.

وأشرف الحاكم الفعلي للسعودية البالغ من العمر 35 عاما على أهم تحول جوهري في التاريخ الحديث للدولة الخليجية وأبعد جميع منافسيه بعدما أصبح وليًا للعهد في حزيران/يونيو 2017.

وشملت حملة القمع التي قادها منتقدين ومعارضين محتملين بينهم رجال دين ونشطاء وكذلك أمراء، وواجه عاصفة من الإدانات بعد مقتل خاشقجي داخل قنصلية المملكة في اسطنبول في تشرين الأول/أكتوبر 2018. بحسب فرانس برس.

وكان الأمير الشاب تّعهد بنقل المملكة المحافظة إلى كنف "الإسلام المعتدل"، ففتح أبواب الترفيه والسياحة وجذب مستثمرين أجانب لتنويع مصادر اقتصاد بلاده المرتهن بالنفط.

وقال في مؤتمر في الرياض في حزيران/يونيو 2017 "نريد أن نعيش حياة طبيعية، حياة تترجم ديننا السمح وعاداتنا وتقاليدنا الطيبة".

وأضاف "70 بالمئة من الشعب السعودي هم دون 30 عاما، وبكل صراحة لن نضيع 30 سنة من حياتنا في التعامل مع أي أفكار مدمرة، سوف ندمرها اليوم وفورا".

على الساحة الدولية، تصاعدت التوترات في الشرق الأوسط مع تسلمه زمام الامور ولو من خلف الستارة في الدولة الثرية التي تتنافس مع جارتها إيران على النفوذ الاقليمي منذ عقود.

ومحمد بن سلمان هو المهندس الرئيسي للحرب التي تقودها السعودية مع تحالف عسكري واسع ضد المتمردين الحوثيين في اليمن المؤيدين لإيران. وصعّد المواجهة مع طهران، وقاد مقاطعة دامت ثلاث سنوات ضد الجارة قطر.

في الداخل، أشرف الأمير على عدد كبير من إجراءات التقشف التي لا تحظى بشعبية، بعدما كان المواطنون يحصلون على مساعدات سخية وإعانات، مشيرا الى ضرورة تنويع موارد اقتصاد المملكة القائم على النفط.

ولد الأمير محمد في 31 آب/أغسطس 1985، وهو حائز إجازة في الحقوق من جامعة الملك سعود، وهو والد لابنين وابنتين.

تمكّن في 21 حزيران/يونيو 2017، بمساندة والده، من إزاحة ولي العهد ابنه عمه محمد بن نايف والحلول محله. في آذار/مارس 2020، اعتُقل بن نايف وشقيق الملك الأمير أحمد بن عبد العزيز آل سعود لاتّهامهما بتدبير انقلاب بهدف إطاحته.

جمع الأمير محمد بالفعل سلطات لم يتمتع بها الحكام السعوديون السابقون في إطار مناصب عدة مهمة بينها وزارة الدفاع ورئاسة مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة الضخم. ويقال عنه إنه يعمل 16 ساعة في اليوم.

وخلال فترة وجيزة، أصبحت لولي العهد علاقات وثيقة مع البيت الأبيض بقيادة دونالد ترامب، خصوصا مع صهر الرئيس ومستشاره جاريد كوشنر، ما ساعده على التعامل مع قضية خاشقجي.

أطلق ولي العهد برنامجا واسعا للإصلاحات الاقتصادية في بلاده، أكبر مصدّر للنفط في العالم، بعنوان "رؤية 2030"، لوقف الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات، شمل إدراج نسبة بسيطة من شركة أرامكو النفطية في البورصة.

كما ساعد على إصدار القرار التاريخي بالسماح للنساء بقيادة السيارات وحضور الفعاليات الرياضية والمهرجانات والحصول على جواز سفر من دون موافقة "ولي الأمر" أي الرجل. وعمل على تقليص نفوذ الشرطة الدينية في المملكة المحافظة، وسمح بالحفلات الموسيقية وإعادة فتح دور السينما. في الوقت ذاته، بدا واضحا أنه غير متسامح مع أي معارضة أو انتقاد لسياساته.

قبل أسابيع من السماح للمرأة بقيادة السيارة في 2018، شنّت السلطات حملة اعتقالات طالت 11 ناشطة على الأقل كن يطالبن برفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة.

وأشرف قبل ذلك على تعديل دراماتيكي شهد استبدال كبار الضباط بمن فيهم رئيس الأركان ورؤساء القوات البرية والدفاع الجوي بقادة أصغر موالين له ما زاد من نفوذه داخل القوات المسلحة.

وكتب الباحث في برنامج الشرق الأوسط في معهد كارنيغي فريدريك ويري أن محمد بن سلمان "تمكن في وقت قصير جدا من اكتساب نفوذ وسلطة استثنائيتين".

وأضاف "فرغ نفسه للانخراط في مواجهات سيئة في الخارج تضعف القوة السعودية، ما يعرض المملكة لتهديدات عسكرية أكبر ويخيف المستثمرين".

اضف تعليق