ماذا لو استمر هذا الوباء في أوروبا لعدة أشهر فهل ستتحول الكثير من دول القارة العجوز إلى عالم ثالث جديد وتتخلى عن الكثير من قيمها الحضارية التي تفاخرت بها لعقود فهذه الأوبئة عندما تخرج عن السيطرة توجد سلوكيات وثقافة جديدة حيث يتخلى الإنسان عن الكثير من القيم الحضارية...
ماذا لو استمر هذا الوباء في أوروبا لعدة أشهر فهل ستتحول الكثير من دول القارة العجوز إلى عالم ثالث جديد وتتخلى عن الكثير من قيمها الحضارية التي تفاخرت بها لعقود فهذه الأوبئة عندما تخرج عن السيطرة توجد سلوكيات وثقافة جديدة حيث يتخلى الإنسان عن الكثير من القيم الحضارية ويتحول لهمجي يمارس النهب والبلطجة القرصنة ليعيش او هل ستجد حلول لتتجاوز هذه الازمة.
تنغلق أوروبا على نفسها لمكافحة فيروس كورونا المستجد الذي سبب عددا من الوفيات أكبر من ذاك الذي سجل في آسيا ودفع البنك المركزي الأوروبي إلى تقديم رد سريع بخطة مساعدة تبلغ قيمتها 750 مليار يورو، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى إطلاق نداء من أجل "التضامن المالي"، وإيطاليا هي البلد الأوروبي الذي يدفع الثمن الأكبر في القارة العجوز مع اقتراب حصيلة الوفيات فيه من ثلاثة آلاف شخص، بينما يبدو أن الوباء لم يبلغ بعد "ذروته".
وبعد أسبوع على بدء تطبيق إجراءات العزل العام، سجلت شبه الجزيرة وفاة 475 شخصا خلال 24 شخصا، في أخطر حصيلة تسجل في بلد واحد تجاوزت حتى الأرقام الصينية في أوج انتشار المرض في ووهان مركزها الأول، بهذه الوتيرة، يمكن أن تتقدم إيطاليا التي بلغ مجموع الوفيات فيها 2978 شخصا، على الصين (3245 وفاة) لتصبح البلد الذي سجل فيه أكبر عدد من الوفيات، ولم تعلن الصين هذه الايام عن أي إصابة منشأها محلي، في سابقة منذ بدء الوباء الذي ظهر في هذا البلد، وتحدثت السلطات عن 34 إصابة إضافية قادمة من الخارج.
ويفترض أن تعلن البرتغال فرض قيود على حرية التنقل بعد فرض حالة الطوارىء، أما بريطانيا حيث تجاوز عدد الوفيات المئة شخص، فقد أمرت بإغلاق المدارس وتقول منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) إن أكثر من 850 مليون شاب، أي نحو نصف التلاميذ والطلاب في العالم، أغلقت مدارسهم، والفيروس الذي وصفته منظمة الصحة العالمية ب"عدو الإنسانية" تسبب في وفاة أكثر من 8700 شخص في العالم بينما سجلت أكثر من 209 آلاف و500 إصابة به في 150 بلدا ومنطقة.
وأدى الوباء إلى تراجع البورصات في العالم مما دفع السلطات إلى الإفراج عن مساعدة اقتصادية بالمليارات، وفي هذا الإطار أعلن البنك المركزي الأوروبي عن تخصيص 750 مليار يورو لإعادة شراء ديون عامة وخاصة، ورحب الرئيس ماكرون بهذه الإجراءات ودعا دول الاتحاد الأوروبي إلى القيام ب"تدخلات ميزانية" وقال ماكرون "من واجبنا نحن الدول الأوروبية، أن نكون حاضرين عبر تدابير ميزانية وتضامن مالي أكبر في منطقة اليورو"، مؤكدا أن "شعوبنا واقتصاداتنا بحاجة لذلك"، من جهته، أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطة للمساعدة الاجتماعية بقيمة مئة مليار دولار للعاملين المتضررين بآثار انتشار الفيروس، بينما تستمر المفاوضات حول خطة إنعاش أكثر طموحا وقد تبلغ قيمتها 1300 مليار دولار، في استراليا خفض البنك المركزي معدل فائدته إلى مستوى تاريخي (0,25 بالمئة) ووعد بشراء الدين العام، في الواقع كان لهذه المليارات تأثير إيجابي على أسواق المال التي بدأت جلساتها بتحسن واضح بينما سجلت أسعار النفط ارتفاعا.
ايطاليا المنكوبة
مستجد ب627 شخصا في ايطاليا في الساعات الـ24 الاخيرة في عدد قياسي جديد يرفع حصيلة الوفيات الى أكثر من اربعة الاف في هذا البلد الاكثر تضررا في العالم، وفق ما اعلن الدفاع المدني، وسجلت في منطقة لومبارديا في شمال البلاد 381 وفاة اضافية (2549 وفاة اجمالا)، في كامل البلاد، تم احصاء ستة الاف اصابة جديدة وهو عدد غير مسبوق، وقال مسؤول الدفاع المدني أنجيلو بوريلي إنه تم نصب 679 خيمة حتى اليوم لاستعمالها كمراكز فرز أولي لتسهيل مهام الفرق الصحية التي تواجه صعوبات كبيرة مع عدد المرضى المتزايد.
ونقلت وكالة آغي عن مدير مستشفى سان مارتينو للأمراض المعدية في جنوى قوله إن "عدد المصابين حتى اليوم لا يمثل سوى قمة جبل الجليد نحن نواجه وباء فيروسيا لا يُظهر في أغلب الحالات أعراضا أو يظهر أعراضا محدودة"، وأضاف "هناك عدد كبير جدا من الناس الذين يتجولون ويحملون الفيروس، وهناك خطر أن ينقلوه إلى الاخرين".
وبعد صدور دعوات في لومبارديا وكذلك في روما، تدرس الحكومة اللجوء إلى نشر الجيش لتطبيق الاجراءات المقيدة للتنقل لا سيما بعد تسجيل 9500 مخالفة، وصارت بلديات عدة تستخدم الطائرات المسيرة لمراقبة تطبيق القيود على التنقلات ورصد التجمعات المخالفة، ومن المنتظر أن يضاف 13 ألف شرطي الى السبعة آلاف المنتشرين حاليا على طرقات المنطقة، وتتحدث وسائل الإعلام الإيطالية عن إصدار مرسوم حكومي يتضمن تدابير جديدة.
300 ألف مواطن أوروبي عالقون بالخارج
قال جوزيب بوريل مسؤول الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي إن ما يصل إلى 300 ألف مواطن من دول التكتل يسعون للعودة إلى أوطانهم بسبب تفشي فيروس كورونا في ظل صعوبة إعادة المواطنين من منطقتي أمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا، وقال بوريل للصحفيين عبر الهاتف "ننسق العمليات لإعادة آلاف الأوروبيين العالقين في الخارج..نتحدث عن نحو مئة ألف شخص مسجلين (لدى السفارات) لكن هناك ما يزيد كثيرا عن ذلك العدد بما قد يقترب من 300 ألف شخص" وأضاف "شيئا فشيئا.. نحاول إعادة الناس إلى أوطانهم".
ومع وجود إسبان عالقين في دول مثل بيرو، يعتمد الاتحاد الأوروبي على خطوط الطيران التجارية، التي يقلص الكثير منها عدد الرحلات بسبب الفيروس، لإعادة هؤلاء المواطنين، وقال بوريل إن مطارا في الإكوادور كان يرفض السماح لطائرات من الاتحاد الأوروبي بالهبوط لنقل الأوروبيين خوفا من أنها قد تكون حاملة للفيروس وأضاف أنه تم حل المشكلة برغم تحذيره من مخاطر مثل هذه التقارير المضللة خلال أزمة فيروس كورونا.
فرنسا وفيات متصاعدة
سجلت السلطات الصحية الفرنسية 89 حالة وفاة جديدة بسبب فيروس كورونا ليصل العدد الإجمالي إلى 264 أو ما يعادل زيادة 51 في المئة تقريبا وهي زيادة أكبر بكثير عما شهدته البلاد في الآونة الأخيرة في الوقت الذي دخلت فيه فرنسا ثاني يوم من الإغلاق التام بهدف احتواء التفشي، وقال مدير جهاز الصحة العامة جيروم سالومون خلال مؤتمر صحفي إن عدد حالات الإصابة ارتفع من 7730 حالة يوم الثلاثاء إلى 9134 حالة أي ما يعادل زيادة قدرها 18 في المئة خلال 24 ساعة، وأضاف سالومون أن 931 شخصا حالتهم خطيرة وفي حاجة إلى البقاء تحت أجهزة الإعاشة.
الباريسيون يفرون إلى الريف مع بدء الإغلاق
هرع سكان باريس إلى محطات القطارات والطرق السريعة هربا من العاصمة قبل بدء الإغلاق المفروض ظهرا للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، وتهافت من بقوا في العاصمة على المتاجر والصيدليات، رغم أنها لن تغلق في إطار القيود الصارمة على الحياة العامة التي أعلنها الرئيس إيمانويل ماكرون، وأثار خروج الباريسيين من العاصمة استياء سكان الريف الفرنسي خوفا من أن يأتي سكان المدينة بالفيروس معهم ويزيدوا من سرعة انتشاره، وقال رجل متقاعد كان يعبئ سيارته قرب مقر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) إنه ذاهب إلى منزله الريفي على مسافة مئة كيلومتر غربي باريس.
وقال الرجل الذي عرف نفسه باسم جان-إيف "أفضل أن أكون هناك عن الحبس في الشقة"، وإلى جانب فرض قيود على عبور الحدود البرية أمر ماكرون السكان بالبقاء في منازلهم اعتبارا من الساعة 11 بتوقيت جرينتش من صباح الثلاثاء وألا يخرجوا إلا لشراء المستلزمات الغذائية أو السفر أو العمل إذا اقتضت الضرورة أو لتلقي رعاية طبية، وارتفعت حالات الوفاة في فرنسا بسبب فيروس كورونا إلى 148 حالة وبلغ عدد الإصابات 6600 حالة، ومثل ما حدث في دول أوروبية أخرى منها إيطاليا وإسبانيا وألمانيا، أغلقت فرنسا المطاعم والحانات والمصانع.
وقال وزير المالية الفرنسي برونو لو مير إنه يتوقع انكماش الاقتصاد الفرنسي بنسبة واحد بالمئة في 2020، وقالت شركة إيرباص إنها ستوقف إنتاجها مؤقتا من مصانعها في فرنسا وإسبانيا. وذكرت شركة رينو لصناعة السيارات أنها ستغلق مواقعها الصناعية في فرنسا وإسبانيا لحين إشعار آخر.
بوسعنا التغلب على فيروس كورونا خلال 12 أسبوعا
قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن بريطانيا تأمل في التغلب على فيروس كورونا خلال 12 أسبوعا إذا اتبع الناس إرشادات الحكومة حتى يتراجع عدد المصابين بالفيروس بحلول نهاية يونيو حزيران، وقال خلال مؤتمر صحفي "في هذه اللحظة، المرض ينتشر بطريقة لا تستجيب فيما يبدو لمحاولات تدخلنا" وأضاف أعتقد أن مزيجا من الإجراءات التي نطلب من الناس اتباعها وإجراء فحوص بشكل أفضل وتحقيق تقدم علمي سيتيح لنا التغلب على (الفيروس) خلال الأسابيع الاثني عشر المقبلة... ليس بوسعي أن أقف هنا وأقول إن الأعداد ستتراجع بحلول نهاية يونيو هذا ممكن لكن ببساطة لا أستطيع أن أقول ذلك بيقين".
الروس يستعدون لمواجهة الأسوأ
تؤكد السلطات الروسية أن وباء كورونا المستجد "تحت السيطرة"، لكن تعامل السلطات السلبي لدى إدارة الأزمات يثير شكوك العديد من الروس الذين يستعدون للأسوأ، من كارثة تشيرنوبيل النووية عام 1986 إلى الحرائق الضخمة في عام 2010 ، يحفل التاريخ السوفييتي والروسي بفترات كان رد الفعل الأول للسلطات فيها هو إخفاء حجم الأضرار، عندما تفشى وباء كورونا المستجد، استجابت موسكو بسرعة، ففي أواخر كانون الثاني/يناير، وفي ذروة تفشي المرض في الصين، أمرت السلطات الروسية بإغلاق حدود البلدين المشتركة البالغ طولها 4200 كيلومتر ورفضت دخول المواطنين الصينيين إليها.
وحتى 6 آذار/مارس، أعلنت أكبر دولة في العالم عن تسجيل 10 حالات إصابة فقط لكن الرقم قفز مذاك وشهدت الحصيلة زيادة بشكل خاص إذ ارتفعت الأعداد على مدى 24 ساعة بنسبة 29% لتستقر عند 147 إصابة فيما أعلن عن وفاة امرأة مسنة جراء الوباء، ومع ذلك شدد فلاديمير بوتين على أنه من خلال إغلاق حدودها، تجنبت روسيا "تفشي الوباء على نطاق واسع" وقال إن الوضع تحت السيطرة.
وعدا عن الإغلاق التام للحدود الساري، تبدو إجراءات احتواء الوباء على المستوى الوطني محدودة، وفرضت العاصمة الروسية، وعدد قليل من المدن الأخرى، قيودًا على التجمعات وأغلقت المدارس والمواقع الثقافية، ولكن الوضع يسير بشكل طبيعي في سائر أنحاء البلاد، وقالت نائبة رئيس الوزراء لشؤون الصحة تاتيانا غوليكوفا إن رسالة السلطات واضحة: "لا يوجد سبب للذعر جميع الإجراءات المتخذة وقائية".
اضف تعليق