يقول مصريون فروا من بلادهم إلى السودان عقب إطاحة الجيش بالرئيس الإسلامي محمد مرسي، إن الأزمة الحالية التي تشهدها الخرطوم تذكرهم بأحلاهم المحطمة، يقول عبد العزيز، وهو طالب مصري يعيش في السودان منذ عام 2016 \"هم نفس الشباب الذين يحاولون أن يمارسوا نفس الفعل الثوري...

(أ ف ب) - يقول مصريون فروا من بلادهم إلى السودان عقب إطاحة الجيش بالرئيس الإسلامي محمد مرسي، إن الأزمة الحالية التي تشهدها الخرطوم تذكرهم بأحلاهم المحطمة، يقول عبد العزيز، وهو طالب مصري يعيش في السودان منذ عام 2016 "هم نفس الشباب الذين يحاولون أن يمارسوا نفس الفعل الثوري وقد قرأوا نفس الادبيات وعاشوا نفس التجارب".

وبالنسبة لعبد العزيز وغيره من المصريين الذين كانوا مقربين من جماعة الإخوان المسلمين، فإن الانتفاضة الشعبية في السودان تذكرهم بالأحداث التي شهدتها بلادهم، رغم بعض الاختلافات، فانتفاضة السودان قادتها حركات مدنية ونقابات مهنية، ودفعت الجيش إلى الاطاحة بالرئيس عمر البشير.

إما في مصر فقد قامت جماعة الاخوان المسلمين باستقطاب الحركات الشبابية التي قادت ثورة 2011، ومحمد مرسي، أول رئيس مصري منتخب ديموقراطيا، اطيح به على يد الجيش بعد احتجاجات واسعة إثر سنة في الحكم.

ومثل عبد العزيز، فقد فر العديد من أنصار جماعة الإخوان المسلمين إلى السودان بعد حملة القمع الدامية في 2013 عقب إطاحة الجيش بالرئيس الإسلامي الراحل محمد مرسي، وفر عبد العزيز، وهذا اسمه المستعار لحماية استقرار حياته الجديدة، بعد أن حُكم عليه بالسجن لمدة 15 عاماً في قضية تظاهر وأعمال شغب.

وتحدث هذا الشاب العشريني وهو يجلس مرتديا جلابية سودانية بيضاء في فناء منزله المتواضع، ويجتاح نفس الحماس الثوري السودان وأدى إلى إطاحة الجيش بالرئيس عمر البشير بعد احتجاجات حاشدة.

وتشبه الخرطوم الآن القاهرة بعد كانون الثاني/يناير 2011 عندما أُطيح بالرئيس حسني مبارك في احتجاجات شعبية، وتنتشر على الجدران نفس الكتابات "حكومة العسكر تسقط بس"، أما الرسومات التي تصور البشير فكتب تحتها الشعار الذي تردد صداه في الربيع العربي في مصر وتونس وكذلك في سوريا: "ارحل".

يقول عبد العزيز "سألني أحدهم عن موقفي وكله حماس بشأن الوضع الحاصل في السودان فضحكت وقلت أنني أرى أننا فعلنا الشيء نفسه وها نحن الآن نجلس إلى جانبكم .. لا تبالغوا في التفاؤل وكونوا واقعيين".

ملاذ

ويعود حذر عبد العزيز إلى أن اللحظات الديموقراطية في بلاده انتهت بالاطاحة بمرسي وبداية القمع ليس فقد ضد الإسلاميين بل كذلك ضد المعارضين الآخرين، وبعد اعتقاله لمدة ست سنوات في الحجز الانفرادي، توفي مرسي في قاعة المحكمة في 17 حزيران/يونيو، وصنفت جماعة الاخوان المسلمين على أنها "منظمة إرهابية" وحكم على الاف من أنصاره بالسجن سنوات مديدة وعلى بعضهم بالاعدام.

في آب/اغسطس 2013 فرقت قوات الأمن اعتصاما مؤيدا لمرسي في ساحة رابعة وسط القاهرة، وأدى ذلك إلى مقتل أكثر من 700 شخص في يوم واحد، ويرى اتش. أ. هيلرير الخبير في معهد "رويال يونايتد سيرفيسز" في لندن أن "السودان كان ملجأ آمنا في وقت ما للإسلاميين المعارضين للنظام المصري"، ونفى البشير مرارا منح بلاده اللجوء لعناصر من جماعة الإخوان المسلمين. وفي 2017 وقع السودان ومصر اتفاقية لعدم استضافة جماعات معارضة معادية لحكومتي البلدين.

حتى أن السلطات المصرية قدمت للخرطوم قائمة بأعضاء الاخوان المسلمين الذين قالت إنهم يقيمون في السودان وطالبت بترحيلهم، بحسب مصادر مقربة من القضية، وفي الحقيقة فإن النظام السوداني السابق جاء إلى السلطة بدعم من الإسلاميين وغض البصر عن وصول المعارضين المصريين.

واليوم يتخذ المجلس العسكري الحاكم في السودان مواقف متقاربة مع السعودية والإمارات ومصر، وهي الدول المعادية بشدة لجماعة الإخوان المسلمين، وقال هيلرير "النظام السوداني الجديد يعيد تشكيل الموقف الجيوسياسي".

نفس السذاجة

كل يوم تقريبا منذ أكثر من شهر، يودع عبد العزيز أحد أصدقائه المصريين المغادرين للبلاد. وقال أحمد، الطالب المصري الذي يعيش في منفاه في السودان منذ 2015، إن الشباب من حوله يغادرون البلاد وإنهم جميعاً توجهوا إلى تركيا، الداعم القوي للإسلاميين.

وأضاف "لقد غادر الجميع تقريبا ولم يبق سوى عدد قليل جدا. إنهم يرون التحول في السلطة الحاكمة في البلاد .. الخوف من المجهول يجعلهم يبحثون عن مكان أكثر أماناً"، وتم اعتقال أحمد، وهو اسم مستعار كذلك، لعدة أشهر في مصر. وحُكم عليه بالسجن 15 عاماً لمشاركته في التظاهرات المؤيدة لمرسي بعد 2013 بعد إدانته "بالتظاهر وأعمال شغب".

وقال إنه بعد تفكير، ابتعد عن فكر الإخوان المسلمين، مشيراً إلى أن الجماعة ارتكبت "أخطاء كارثية" في إدارتها للأزمة في مصر، وهرباً من ذكريات الماضي المؤلم، يتجنب أحمد التدخل في السياسة السودانية. لكن الأمر ليس سهلاً عندما تعم التظاهرات الخرطوم، يقول أحمد وهو في منتصف العشرينات إن "الناس في الشارع يشبهوننا إلى حد كبير، فلهم نفس الأحلام والطموحات ونفس المخاوف ونفس الرغبة في التغيير .. وهم أيضاً بالسذاجة نفسها".

اضف تعليق