ما بين الرباط وعمان والقدس تنقل جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المكلف بخطة السلام الإسرائيلية الفلسطينية، كوشنر يسعى ومن خلال جولته لحشد الدعم للخطة المعروفة بـ (صفقة القرن)، ولمؤتمر البحرين الذي يرفضه الفلسطينيون، المواقف العربية ازاءها لم تكن متوافقة وكذا الموقف الخليجي والدولي...
ما بين الرباط وعمان والقدس تنقل جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المكلف بخطة السلام الإسرائيلية الفلسطينية، كوشنر يسعى ومن خلال جولته لحشد الدعم للخطة المعروفة بـ (صفقة القرن)، ولمؤتمر البحرين الذي يرفضه الفلسطينيون.
المواقف العربية ازاءها لم تكن متوافقة وكذا الموقف الخليجي والدولي، الحراك الأمريكي الأخير يأتي وسط إعلان موسكو وبكين عدم مشاركتهما في مؤتمر البحرين وفي ظل فشل نتنياهو بتشكيل الإئتلاف الحكومي في إسرائيل.
كوشنر يريد انجاح ورشة العمل الاقتصادي في البحرين التي تسبق الشروع بتنفيذ صفقة القرن لاسيما وان فلسطين والاردن تعيشان حالة اقتصادية غير مريحة وبذلك لا يمكن لهما رفض تلك الاغراءات المالية المقدمة لهم عبر الاستثمارات.
الفلسطينيون يرفضون
الفلسطينيون يحثون مصر والأردن على إعادة النظر بالمشاركة في مؤتمر البحرين في حضور مؤتمر تقوده الولايات المتحدة يومي 25 و26 حزيران في البحرين وأبدوا خوفهم من أن يضعف أي معارضة عربية لخطة السلام الأمريكية المرتقبة.
فلسطين وعلى لسان صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين قالت "لم نوكل احدا للتفاوض نيابة عنا واذا اراد اي احد ان يبادل مصالح الفلسطينين بصورة خاصة فاليفعل ذلك من ماله"، فيما يقول الزعماء الفلسطينيون الذين يقاطعون الاجتماع إن الخطة التي لم تُنشر بعد لا تحقق هدفهم لإقامة دولة، ملقين بالمسؤولية على الجانب الامريكي والاسرائيلي في حدوث الازمة الاقتصادية في الضفة الغربية.
وقال إبراهيم ملحم المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية على موقع فيسبوك بعدما أعلن مسؤولون أمريكيون مشاركة القاهرة وعمان وكذلك المغرب في المؤتمر إن السلطة الفلسطينية تحث مصر والأردن على عدم حضور مؤتمر البحرين.
وحث ملحم ”جميع الدول الشقيقة والصديقة للتراجع عن المشاركة“ نظرا لما ستحمله تلك المشاركة ”من رسائل خاطئة للولايات المتحدة حول وحدة الموقف العربي من رفض صفقة القرن
وليس عباس وحده في رؤيته للخطة الأمريكية فقد رفضتها حركة حماس الإسلامية التي ترفض الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود ولم تقدم سوى موافقة مشروطة على إقامة دولة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ورفضت منظمة التحرير الفلسطينية مسعى كوشنر باعتباره محاولة لرشوة الفلسطينيين من أجل قبول الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية ومقدمة لضم حوالي نصف أراضيهم بحيث لا يتبقى لهم سوى عدد من الكانتونات هنا وهناك.
وقالت حنان عشراوي وهي من القيادات الفلسطينية المعتدلة في تغريدة على تويتر إن خطة كوشنر ومؤتمر البحرين مجرد ”صدقة لجعل بقائنا في الأسر مقبولا“.
كما عارض رجال أعمال فلسطينيون اجتماع البحرين رغم مناشدة واشنطن لهم المشاركة فيه وقالوا إنه يتعين أخذ مطالبهم السياسية في الاعتبار في أي خطة لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
الموقف العربي
العاهل الاردني يؤكد خلال لقاءه كوشنرعلى ضرورة احلال السلام بين الدولتين، جولة لكوشنر في الخليج لحشد القبول العربي بالجانب الاقتصادي منها، فيما اعرب عن استعداده للكشف عن الجزء الاول من خطة ترامب للسلام خلال مؤتمر المنامة المزمع عقده في 25 – 26 من الشهر الجاري، بينما تقول الامارات انها ستقف مع كافة الجهود الدولية الرامية لازدهار المنطقة.
وتحاول البحرين من استضافتها للورشة من جعل المشاركات العربية هي عبارة عن منصات للتعبير عن الموقف العربي بصورة عامة، وعدم المشاركة في هذه الورشة يفقد الدول العربية من القدرة على المناورة السياسية مع الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل.
وتعتبر مشاركة مصر والأردن مهمة على نحو خاص لأنهما تاريخيا طرفان رئيسيان في جهود السلام الإسرائيلية الفلسطينية وكذلك الدولتان العربيتان الوحيدتان اللتان أبرمتا معاهدة سلام مع إسرائيل.
وقال وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل على تويتر إن لبنان لن يحضر لأن ”الفلسطينيين لن يشاركوا ونفضل أن تكون لدينا فكرة واضحة عن الخطة المطروحة للسلام حيث إننا لم نستشر بشأنها ولم نبلغ بها“.
وسبق أن أكدت السعودية وقطر والإمارات حضورهما وفقا لما أعلنه مسؤول بالبيت الأبيض.
ويقول مسؤولون أردنيون إن العروض الاقتصادية للفلسطينيين لا يمكن أن تكون بديلا لحل يحقق لهم إقامة دولة وينهي الاحتلال الإسرائيلي. وقالت مصر إنها لن تقبل بأي اتفاق دبلوماسي يرفضه الفلسطينيون.
البعض يؤكد على ان جميع الدول التي ستشارك ستجامل الولايات المتحدة الامريكية ليس الا، المملكة العربية السعودية قالت ان مشاركتها في الورشة الاقتصادية تأتي استمرار لمواقف المملكة الثابتة والداعمة للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني الشقيق.
وتواجه الخطة تأجيلات محتملة بسبب التوتر السياسي في إسرائيل حيث يتعين على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خوض الانتخابات مجددا بعدما فشل في تشكيل حكومة.
إحباط فلسطيني
قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية في كلمة أمام مؤتمر لمنظمة العمل الدولية في جنيف إن السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية حولت المزارعين الفلسطينيين إلى ”عمال خانعين فحسب“ وعرقلت التنمية.
وأضاف أن ”المخرج الأساسي من الأزمة المالية وأزمة البطالة هو مخرج سياسي متعلق بمدى سيطرة الإنسان الفلسطيني على موارده ومدى قدرته على الوصول إلى مناطق التطوير المغلقة أمامه“.
واستكمل ”وكذلك لابد من رفع الحصار عن قطاع غزة وتمكين العمال من التنقل داخل سوق العمل الفلسطينية“.
وترفض القيادة الفلسطينية التعامل مع إدارة ترامب منذ اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل. ويريد الفلسطينيون أن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم في المستقبل.
رهانات فاشلة
مراهنات كوشنر سابقة لاوانها اذ لايمكن لاي عربي ان يوافق على اتمام هذه الصفقة وتصفية القضية الفلسطينية بهذه الطريقة.
من الصعوبة ان تلقى جولة كوشنر اي مساندة من النوع السياسي كونها تسعى لصفقة سلام لم ترى النور في الفترة القادمة على اقل تقدير، من المفترض ان تقوم الادارة الامريكية بأعادة تقييم خطوتها السياسية، فما هذه الجولة التي يقوم بها كوشنر الا محاولة لحشد جبهات سياسية داعمة لهذا المشروع.
في سياق متصل يترقب الطرف الامريكي جهود نتنياهو لتشكيل الحكومة الاسرائيلية وسط مخاوف من انتخابات جديدة تؤثر على الخط الزمني للصفقة.
ووصفت الولايات المتحدة المؤتمر بأنه ورشة عمل من أجل دعم الاقتصاد الفلسطيني في إطار جهود دبلوماسية أشمل يشار لها على نطاق واسع على أنها ”صفقة القرن“ التي أعلن عنها الرئيس دونالد ترامب بهدف حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
ويقول مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون إن الدعوة لم توجه رسميا لإسرائيل حتى الآن بسبب مناقشات بين واشنطن والبحرين بشأن التشكيل الملائم للوفد الإسرائيلي.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أبريل نيسان إنه يعتزم ضم المستوطنات اليهودية المقامة على أراض يأمل الفلسطينيون أن تشكل جزءا من دولة مستقلة لهم في نهاية المطاف.
وأشارت إسرائيل إلى دواع أمنية لفرض قيود على الضفة الغربية، التي تعكف على توسيع المستوطنات بها وهو ما تعتبره الأمم المتحدة والعديد من البلدان غير قانوني، وكذلك على طول حدود قطاع غزة الذي تحكمه حركة حماس.
وأوقفت واشنطن مساعداتها للفلسطينيين في مطلع العام الحالي مما يمثل ضربة أخرى للرئيس محمود عباس بعد الاعتراف الأمريكي المثير للجدل بالقدس عاصمة لإسرائيل في أواخر عام 2017 ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.
وعلى الرغم من ذلك يواصل مستشار البيت الأبيض جاريد كوشنر، صهر ترامب والمخطط الرئيسي لخطة السلام التي طال انتظارها، الترتيبات الخاصة باجتماع البحرين، حيث مع المتوقع أن يتم الكشف عن الشق الاقتصادي من خطة السلام باعتباره الخطوة الأولى منها.
ولم يكشف المسؤولون الأمريكيون عن توقيت المرحلة الثانية من مبادرتهم، التي ستشهد طرح مقترحات لحل القضايا السياسية الشائكة التي تقع في لب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وبينما تتجه إسرائيل إلى انتخابات جديدة في سبتمبر أيلول بعدما فشل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الوفاء بمهلة لتشكيل الحكومة، فمن المتوقع أن تزيد حالة عدم اليقين تلك من تأجيل الإعلان عن الخطة بالكامل.
وقال نتنياهو لراديو الجيش الإسرائيلي في أبريل نيسان إن خطوة اعتراف ترامب بسيادة إسرائيل على الجولان تظهر أن من الممكن ضم مستوطنات الضفة الغربية ”في إطار عملية تدريجية.. وأفضل أن أقوم بذلك باعتراف أمريكي.
تنديد عالمي
وتعتبر أغلب الدول المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية غير قانونية. وتعترض إسرائيل على ذلك وتتعلل بأن حقها في تلك المناطق قائم على روابط تاريخية وسياسية ودينية واحتياجات أمنية، وهو ما رفضته الامم المتحدة في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل توسعة مستوطناتها أثناء توقف عملية السلام التي تهدف إلى التوصل لحل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وبدت نظرة وزارة الخارجية الروسية للمؤتمر قاتمة في بيان أصدرته وقالت فيه إن الولايات المتحدة تسعى ”لفرض ’رؤية بديلة‘ للتسوية الفلسطينية الإسرائيلية“.
وأضافت ”رفضت القيادة الفلسطينية بصورة قاطعة المشاركة (في المؤتمر)، قائلة إن منظمة التحرير الفلسطينية لن تتنازل لأي أحد عن حقوقها في اتخاذ قرارات مصيرية لتلبية الطموحات الوطنية للفلسطينيين“.
ومن المتوقع أن يشارك في مؤتمر المنامة ما بين 300 و400 ممثل ومسؤول تنفيذي من أوروبا والشرق الأوسط وآسيا وربما بعض رجال الأعمال الفلسطينيين.
ورفضت الأمم المتحدة مشاركتها في مؤتمر البحرين لخطة السلام الأميركية بين اسرائيل والفلسطينيين.
وقال الناطق باسم الأمم المتحدة فرحان حق ردا على سؤال بشأن حضور الأمم المتحدة المؤتمر "في هذه المرحلة، لم أبلغ بحضور أي شخص" المؤتمر.
وكان الناطق صرح أولا أن منسق الأمم المتحدة للشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف دعي إلى المؤتمر الذي سيعقد في 25 و26 حزيران في المنامة، لكنه لن يحضر الاجتماع. وصحح بعد ذلك تصريحه بالتأكيد أن ملادينوف لم يدعَ إلى المؤتمر.
الحرس الثوري يوضح وجهة نظره ازاء تلك الخطة ويقول "إن خطة السلام الأمريكية التي طال انتظارها بين إسرائيل والفلسطينيين محكوم عليها بالفشل وإن حركة المقاومة الفلسطينية سترد بقوة على من اقترحوا مثل هذا الاتفاق".
وذكر في بيان نقلته وكالة تسنيم للأنباء إن الحل الوحيد للصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو ”انسحاب الصهيانة من الأراضي المحتلة وعودة اللاجئين الفلسطينيين لإجراء انتخابات حرة“.
وأشار البيان إلى أن أي خطة غير ذلك ستبوء بالفشل، مضيفا أن ”المقاتلين في حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية سيردون بقوة على من اقترحوا صفقة القرن“.
من جهته اضاف الرئيس حسن روحاني في تصريحات بثها التلفزيون الرسمي إن صفقة القرن ”ستكون في الحقيقة إفلاس القرن لمن اقترحوها“.
وخرجت مسيرات في إيران والعراق لدعم الفلسطينيين ورفض "صفقة القرن"، حيث ندد المشاركون بخطة السلام الأمريكية في الشرق الأوسط.
وتشجع خطة ترامب الدول العربية المانحة على الاستثمار في الضفة الغربية وقطاع غزة قبل التعامل مع القضايا السياسية الشائكة التي تمثل لب الصراع.
ورفض مسؤولون فلسطينيون بالفعل الخطة لاعتقادهم بأنها ستنحاز بشدة لإسرائيل. وقالت إيران إن الخطة مآلها الفشل، وأثار ترامب غضب الفلسطينيين باعترافه في 2017 بالقدس عاصمة لإسرائيل.
الواقع الجديد
قيادة فلسطينية ترى من الواضح أن إسرائيل ”تخلق واقعا جديدا على الأرض“ بمساعدة إدارة ترامب لا سيما تمهيد السبيل لضم المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية.
وقال المسؤولون الفلسطينيون والعرب الذين اطلعوا على خطة كوشنر- ترامب إن معالمها السياسية تبدو مجهضة من البداية ما لم يتم إبرام اتفاق سلام.
والشق الأساسي يتمثل في قطاع غزة حيث يعيش مليونان من الفلسطينيين محصورين في شريط صغير من الأرض بين إسرائيل ومصر، وتتجسد الفكرة بتوسعة القطاع في شمال شبه جزيرة سيناء المصرية حيث يستطيع الفلسطينيون أن يعملوا ويعيشوا تحت غطاء مصري.
وقال قيادي فلسطيني ”الخطة تتصور امتداد غزة من رفح حتى العريش وبعض مناطق سيناء. هذه المنطقة ستصبح امتدادا فلسطينيا يمكن للفلسطينيين العيش فيه“.
وأضاف أن الخطة تدعو لإقامة مشروعات كبرى مثل إنشاء مطار ومرفأ بحري ومنطقة صناعية ومحطات للكهرباء وإنها قيد البحث منذ عامين.
وفي الضفة الغربية تقضي الخطة بأن تضم إسرائيل المستوطنات الإسرائيلية وتصلها ببعضها بعضا والاستيلاء على وادي الأردن وجعله خط الحدود مع الأردن وترك مساحة تقل قليلا عن النصف للفلسطينيين ”كدولة صغرى مستقلة بذاتها في ظل شكل من أشكال الحكم الذاتي“.
أما بالنسبة للقدس فسيحصل الفلسطينيون على أحياء على مشارفها مثل أبو ديس وبيت حنينا وسلوان ”لا القدس الحقيقية (لكنهم) سيقولون لهم هذه قدسكم“ حسبما قال القيادي الفلسطيني.
قرار الزعماء الفلسطينيين القاضي بمقاطعة المؤتمر الذي سينعقد يومي 25 و26 حزيران الجاري أثار الشكوك بشأن فرص ناجحة، ويظهر عدم قناعتهم بالجهد الدبلوماسي الامريكي لتحقيق السلام المتمثل ”بصفقة القرن“، التي يرون أنها ستكون منحازة بشدة على الأرجح لصالح إسرائيل وستحرمهم من إقامة دولة خاصة بهم.
اضف تعليق